الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي خوف وتشاؤم عند الإقدام على أي أمر، فما علاج ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خيرًا على هذه الخدمة.

أنا صاحب الاستشارة رقم (198774)، أردت فقط أن أضيف أمرًا آخر، وهو أنني قد ذكرت في استشارتي السابقة المشاكل الصحية التي بدأت منذ سنة، غير أن معاناتي مع المشاكل والصعوبات وقلة التوفيق تمتد لسنوات.

مع العلم أنني محافظ على صلواتي، ووالداي راضيان عني -والحمد لله-، وأعتبر ما أمرّ به ابتلاءً من الله، فأصبر أحيانًا وأضعف أحيانًا أخرى، وهو ما أظنه قد أدى إلى تلك المشاكل الصحية التي ذكرتها سابقًا.

2- أصبحت أعاني من الخوف والتشاؤم من الإقدام على أي أمر، وتراودني مخاوف من أن يصيبني مكروه، كأن يُصيبني مرض مثلاً، سأضرب لكم مثالًا: أنا أجيد السباحة منذ سنوات، لكن في الصيف الماضي والذي سبقه، أصبحت أخاف من السباحة في أعماق البحر، وأكتفي بالسباحة عند الشاطئ، وقد جرّبت الدخول مسافة 15 مترًا داخل البحر، فأصابني الذعر، وعدت سريعًا إلى الشاطئ، بل وكدت أن أغرق، فهل هذا يغيّر من الخطة العلاجية التي وصفتُموها لي؟

3- قبل أن أقرأ جوابكم السابق، أعطاني صديق صيدلاني دواء Zolosyr (سيرترالين)، وقد بدأت في استخدامه منذ أربعة أيام بجرعة 50 ملغ، وأظن أنني بدأت أشعر بتحسن نفسي -بفضل الله-، مع وجود بعض الأرق.

وسؤالي هو: هل أُكمل علبة الدواء ثم أنتقل إلى الوصفة التي ذكرتموها، أم أستمر على هذا العلاج؟ وما هي المدة التي تنصحون بها؟

4- أتناول أيضًا دواء الفيناسترايد لعلاج تساقط الشعر، فهل يتعارض هذا الدواء مع وصفتكم؟

وأخيرًا: أرجو أن تعذروني على طول رسالتي، وجزاكم الله كل خير على هذه الخدمة الطيبة، وأسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فأشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، وهذا دليل على ثقتك في هذا الموقع، نسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعًا لما فيه الخير، وأن ينفع بنا جميعًا.

فأعتقد أنه من المعلوم أن الإنسان المؤمن قد يبتلى، ومثل هذه الابتلاءات فيما يخص الصحة النفسية أعتقد أنها من صغائر الأمور.

أنا لا أريد أبدًا أن أقلل من أهمية ما تشعر به من توجس وقلق وخوف نفسي، ولكني أقول لك في نهاية الأمر: إنها مهما شكلت لك من إزعاج وضعف نفسي، إلا أنها لا تساوي شيئًا بالمقارنة مع ما يعانيه الكثير من الناس من أمراض عقلية وذهانية، وأمراض نفسية أخرى، وبالطبع أمراض عضوية أيضًا.

ويا أخي الكريم: الصبر مطلوب، وهو دائمًا زاد المؤمن، والإنسان يجب أن لا يُضعف نفسه وقناعاته الإيمانية أمام مثل هذه الاختبارات.

محافظتك على الصلاة في وقتها هذا -إن شاء الله- في ميزان حسناتك، كما أن اكتسابك بر والديك لا شك أنه من أعظم ما يمكن أن يقوم به الإنسان في هذه الدنيا.

فاسأل الله تعالى أن يتقبل منك أعمالك أولًا، وأن يجعلها ذخرًا لك، حتى وإن لم ترفع عنك هذا الابتلاء، فأنت -بإذن الله تعالى- سوف تجدها في صحائف حسناتك، ونسأل الله تعالى القبول.

بالنسبة لما أضفته في هذه الرسالة من تخوف وتشاؤم، هذا بالطبع كله مرتبط بالقلق، والمزاج الاكتئابي والكدر والشعور بالسوداوية حتى وإن كانت مؤقتة، تؤدي بالطبع إلى التشاؤم، وتؤدي إلى خلل كبير في الصحة النفسية.

أما بالنسبة لتخوفك واهتزاز ثقتك في ما يخص السباحة، فأعتقد أن هذا أيضًا نوع من القلق الوسواسي.

فإذا حالتك كلها تدور حول القلق الاكتئابي، لما يتضمنه من شيء بسيط من الوساوس والمخاوف، وأنا حقيقة أدعوك لأن تبني صورة إيجابية عن نفسك، أن تفكر في إنجازاتك حتى وإن كانت بسيطة، ولكن بالتأمل فيها وبتعظيمها وتجسيمها سوف تجد أن الفكر السلبي بدأ في الانحسار -إن شاء الله تعالى-.

حقيقة إدارة الوقت بصورة طيبة وفاعلة وجد أيضًا أنه يُحسن كثيرًا من الصحة النفسية لدى الإنسان، ومن هذا المنطلق أقول لك: كن حريصًا في أن تدير وقتك بصورة جيدة، أكثر من مناشطك الاجتماعية والتواصل وتطوير المهارات، والحرص في العمل، والترويح عن النفس بما هو مشروع ومباح، ولا شك أن الرياضة يجب أن تأخذ أيضًا حيزًا من وقتك.

بالنسبة للعلاج الدوائي: -فالحمد لله تعالى- الدواء الذي نصحك به هذا الأخ الصيدلاني دواء جيد، ودواء ممتاز جدًا جدًا، والسيرترالين هو من الأدوية المضادة للقلق والاكتئاب والوساوس والمخاوف، فهذا الأخ -جزاه الله خيرًا-…أحسن وأتقن في نصيحته، وأنا أريدك الآن أن تتغاضى تمامًا عن الدواء الذي وصفته لك وهو السبرالكس، وتنتظم في تناول السيرترالين، والجرعة المطلوبة هي 50 مليجرامًا، أي حبة واحدة يوميًا، أريدك أن تستمر عليها لمدة شهر، وبعد ذلك ترفع الجرعة إلى حبتين في اليوم، أي 100 مليجرام، وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة في مثل هذه الحالات.

استمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى حبة واحدة لمدة ستة أشهر أخرى، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر.

كما تلاحظ اتخذنا المنهج التدرجي وهو أن تبدأ بجرعة البداية، ثم بعد ذلك الجرعة العلاجية، ثم بعد ذلك جرعة الوقاية، والتوقف عن الدواء بالتدرج.

لا بد أن أشير أن جرعة 100 مليجرام ، أي حبتين في اليوم ، وهي جرعة متوسطة، والجرعة القصوى لهذا الدواء هي أربع حبات في اليوم، أي 200 مليجرام، ولا أعتقد أنك في حاجة لهذه الجرعة.

لا شك أن شعورك بالتحسن هو بشارة كبيرة، نسأل الله تعالى أن يديم عليك الصحة والعافية، وأقول لك بالنسبة للدواء الذي تستعمله لتساقط الشعر وهو (الفيناسترايد)، هذا لا يتناقض مطلقًا مع عقار سيرترالين.

أما الدواء الآخر الذي وصفته لك في الاستشارة السابقة وهو سلبرايد، أرجو أن تستمر عليه كدواء مدعم، وسوف تجد فيه -إن شاء الله- خيرًا كثيرًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً