الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تبت من علاقتي بشاب وأخشى أن يهددني بصوري، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البداية، أود أن أشكركم على هذا الموقع، وعلى مجهودكم في الرد على جميع الأسئلة، أما بعد:

أنا فتاة في سن المراهقة، وقد ارتكبت العديد من الذنوب، ثم تبت إلى الله، وعزمت النية على ألا أكرر هذه الأفعال مرة أخرى، لكنني تحدثت مع الشباب، وأرسلت لأحدهم بعض الصور غير اللائقة، وقد قام هذا الشاب بالتحدث عني مع فتيات أخريات، وأخبرهن بما فعلت.

كل هذا حدث قبل نحو شهرين، وبعد هذا الموقف، قمت بحذف رقمه، وأقلعت عن جميع الذنوب التي كنت أفعلها، إلا القليل منها (نسألكم الدعاء) والآن، لا أتحدث مع أي شاب، لكنني أخاف يوميًا أن يقوم هذا الشاب بإخبار أحد أو بمحاولة التواصل معي، فأنا أخشى أن يعرف أحد من أهلي، وأخاف أن يهددني أو يفضحني.

في كل ليلة، أصلي قيام الليل، وأدعو الله أن يغفر لي، وأن يسترني فوق الأرض وتحت الأرض، ويوم العرض عليه، لكن هذا الخوف ما زال يسيطر على قلبي من وقت لآخر.

أنا الآن في الصف الثالث الثانوي، وهذه سنة مصيرية، وأرغب في الحصول على مجموع عالٍ، لكن هذه الأفكار كثيرًا ما تعيقني عن المذاكرة، فبماذا تنصحونني أن أفعل؟

أعتذر عن الإطالة، لكنني أبحث عن نصيحة من أشخاص أهل للثقة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ بنتَنا العزيزة في استشارات إسلام ويب.

أولًا: نهنِّئكِ بفضل الله تعالى عليكِ، وتوفيقِه لكِ بالتوبة والرجوع إليه، وهذا فضلٌ عظيم، ونسأل الله تعالى أن يُثبِّتكِ على ذلك، ومن شُكر هذه النعمة الجليلة -أيّتها البنت العزيزة- أن تثبتي عليها، وتأخذي بالأسباب التي تُعينك على ذلك، ومن أهم هذه الأسباب: الرفقة الصالحة، حاولي التعرّف إلى الفتيات الطيبات والنساء الصالحات، وانتفعي بالتواصل معهنَّ فيما يُفيدك في دينك ويُقوّي إيمانك.

ونحن نبشِّرك -ابنتنا الكريمة- بأن الله -سبحانه وتعالى- الذي سترَكِ وغطّى عن أهلك ما قمتِ به، الذي سترك في حال معصيتك؛ الظنُّ الجميل به -سبحانه وتعالى- أنه لن يفضحكِ بعد التوبة، فأنتِ الآن في حالٍ أدعى إلى ستر الله تعالى عليكِ ودفاعه عنك، فإن الله يدافع عن الذين آمنوا، قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الحج: 38].

فأبشري بفضل الله تعالى، واستُري على نفسك، ولا تُحدّثي أحدًا بذنبك، فإن الله تعالى سِتّيرٌ يحبّ السِّتر، وقد أمرنا النبي ﷺ أن نستر على أنفسنا إذا فعلنا معصية، فقال عليه الصلاة والسلام: «فمَن أَصَابَ مِنْ هَذِهِ القاذورات شيئًا، فليستتر»، وهذا من رحمته -سبحانه وتعالى- بنا، وحبِّه الستر علينا، فاستُري على نفسك، ولا تقلقي بشأن الماضي، فإن هذا الماضي سيدفع الله تعالى عنكِ شرَّه.

وهذا الشاب قد أحسنتِ حين قطعتِ التواصل معه، كغيره من الشباب، وقلبُه بيد الله تعالى، فالله تعالى قدير على أن يصرف قلبه عن إرادة الانتقام منكِ أو إرادة تشويه سمعتك، فأحسني ظنَّكِ بالله، وداومي على طاعته وذكره، واسأليه -سبحانه وتعالى- أن يستر عليك، وقد وفقت للجوء إلى الله -سبحانه وتعالى- وطلبه أن يستر عليك، فاستمري على ما أنت عليه، وكوني على ثقة من أن الله -سبحانه وتعالى- سيدافع عنك ويستر عليك.

وعلى فرض أنّ وقع هذا الشاب فيما تخشينه وتخافينه؛ فإن الاعتذار عن ذلك سهلٌ يسير، بأن تُنكري أنت بأن هذه الصور لكِ، وتدّعي أنّه مرتكب لما لا يجوز له، وتقصدين بذلك أنه لَفّق الصور، أو نحو ذلك من المعاذير التي تحتمل الصدق والكذب.

فالخلاصة أنه لا ينبغي لكِ أبدًا أن تسمحي لهذه الأفكار أن تسيطر عليكِ، وأن تجعلي خوفك من أن يفضحك هذا الشاب عائقًا لكِ عن مواصلة حياتك وتحقيق مصالحك.

احرصي على ما ينفعكِ في دراستك، ونسأل الله تعالى أن يوفقك لذلك، واجعلي هذا الماضي وراء ظهرك، وأقبلي على حياتك وطاعة ربك، مستبشرةً بفضل الله تعالى، مؤمّلةً نَصْره وسَتره، ولن يُخيب -سبحانه وتعالى- ظنَّك هذا، فقد قال سبحانه في الحديث القدسي: «أنا عند ظنِّ عبدي بي»، فَظُنِّي بالله تعالى ظنًّا جميلًا.

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يدفع عنكِ كل مكروه، وأن يُوفِّقكِ لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً