الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كلما تركت عقار الباروكستين عادت الوساوس الشهوانية!

السؤال

السلام عليكم.

أنا أعاني من الرهاب الاجتماعي، وأستعمل باروكستين، وقد نفعني جدًا في طرد الوساوس الشهوانية -أي التفكير الكثير في الشهوة-، مشكلتي عندما أترك العلاج مهما كان الاستمرار عليه لفترة طويلة أرجع إلى التفكير في الشهوة، وللأسف حتى الشهوة المحرمة -أي ممارسة الجنس المحرمة-، فما العلاج؟

حيث إني في فترة العلاج أشعر بأني شخص سوي ومتزن فيما يخص الشهوة الجنسية، ولكن بمجرد أن أترك العلاج أرجع كما كنت، وقد آلمني ذلك كثيرًا، فهل يوجد علاج يعالج هذه الأفكار والوساوس بشكل نهائي؟ وما هي طريقة العلاج؟

جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي: العلاج الدوائي لا بد أن يستصحب بتطبيقات سلوكية، نعم، وأهم هذه التطبيقات السلوكية هي ثلاث خطوات يمكن للإنسان أن يطبقها لوحده:

الخطوة الأولى: أن تُحدِّد هذه الشهوة مثلاً، ثم بعد ذلك تُحقرها تحقيرًا قويًا، هذا التمرين نسميه بـ (التحقير)، تخاطب هذه الشهوة كأنها مُجَسَّدة أمامك قائلًا: "أنت شهوة حقيرة، أنت شيء حرام، أنا أكرم من ذلك، وأنقى من ذلك، أنا لن آتي بشهوتي إلَّا في الحلال"، وهكذا، هذه مخاطبة ذاتية.

بعد ذلك تنتقل إلى التمرين الثاني، والذي نسميه بـ (صرف الانتباه)، ائتِ بهذه الفكرة عن الشهوة مثلًا، تخيلها دون الاسترسال فيها، ثم بعد ذلك تأتي بفكرة مخالفة لها، فكرة جميلة، مثلًا فكِّر في أي شيء جميل، في أمنية، في عمل رائع قمت به، تصور نفسك أنك في الحج مثلاً واقفاً بعرفات، أو أنك تطوف بالبيت، وتسعى بين الصفا والمروة، هذه الأفكار الإيجابية والقوية والمحببة إلى النفس سوف تزيح فكرة الشهوة؛ هذا هو الهدف من هذا التمرين، نسميه (صرف الانتباه).

التمرين الثالث يسمى بـ (التنفير)، وهو تمرين رائع جدًا، هذا التمرين يقوم على أساس المبدأ السلوكي، وهو أن علماء النفس والسلوك وجدوا أن الأشياء المتضادة لا تلتقي أبدًا في حيز فكري وجداني معرفي واحد؛ أي لا نستطيع أن نجمع بين الأشياء المخالفة لبعضها البعض، ولتطبيق هذا التمرين أخي الكريم:

اجلس أمام الطاولة، واستجلب هذه الفكرة عن الشهوة دون تحليلها والاسترسال فيها، وفجأة قم بالضرب على يدك بقوة وشدة على سطح الطاولة، حتى تحس بألم شديد؛ الهدف هو أن تربط بين هذا الألم والشهوة، أو التفكير في الشهوة، وتكرر هذا التمرين مثلاً 20 مرة: التفكير في الشهوة تتبعها ضربة قوية، وهكذا.

وهذا التمرين يمكن أن تطبقه من خلال الإتيان بمنفرات أخرى، مثلاً: تصور أنك واقف، واحترقت أمامك طائرة، وفي نفس الوقت تأتي بالفكرة الوسواسية، أو تقوم بشمِّ رائحة كريهة منفّرة للنفس، ثم تقوم بربطها مع الفكرة الوسواسية.

إذًا: هذه ثلاثة تمارين مهمة، وأريدك أن تطبقها الآن لمدة شهر دون أن تستعمل (الباروكستين - Paroxetine)، درب نفسك على هذه التمارين، وهي تمارين مفيدة، ويجب أن تمارسها وأنت جالس في مكان هادئ، وتُخصِّص وقتًا لها لا يقل عن 20 دقيقة إلى 30 دقيقة، وتسميها جلستك العلاجية.

هذه أشياء ضرورية بجانب ذلك، وهي أن تجعل حياتك مفعمةً بالإيجابيات:
• أحسن إدارة وقتك، ولا تترك مجالاً للفراغ الزمني أو الذهني.
• قم بواجباتك الاجتماعية والدينية على أفضل ما يكون.
• طور نفسك من الناحية المهنية.
• مارس الرياضة، مثل رياضة المشي؛ فهي مفيدة جدًا.

ولا مانع -أخي الكريم- من أن تستعمل الباروكستين بجرعة تصل حتى (40 ملغ)، وهذا بعد انقضاء شهر وأنت تمارس العلاجات السلوكية، وبعد أن تبدأ الدواء أيضًا يجب أن تستمر في العلاجات السلوكية.

الباروكستين (40 ملغ)، وتضيف له (أريبيبرازول - Aripiprazole) بجرعة (5 ملغ)، هذا دواء داعم ممتاز جدًّا، وتستمر على هذه الجرعة لمدة أربعة أشهر مثلًا، ثم بعد ذلك خفض الباروكستين إلى (30 ملغ) لمدة ثلاثة أشهر، ثم استمر عليه بجرعة حبة واحدة –أي 10 ملغ- يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة -10 ملغ- يوميًا لمدة شهرين، ثم 10 ملغ يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.

أمَّا بالنسبة للأريبيبرازول: فيمكنك أن تتوقف عن تناوله بعد ستة أشهر من بداية العلاج.

هذه هي الخطة الصحيحة، والتي أسأل الله تعالى أن ينفعك بها، وأشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً