الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحاول استجلاب الاهتمام عبر إيذاء نفسي، فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة بعمر 19 عاماً، أشعر بالوحدة الشديدة، وأرغب في أن أتألم بأي طريقة مهما كانت منذ كنت صغيرة، ولكن زاد الموضوع عندما كبرت، إذ أنني أرغب في أن تأتي لي أمراض القلب، أو أُضرب بالرصاص، أو أُطعن بالسكين! وهذا الشعور أصبح كأنه رغبة جامحة جداً في هذه الأشياء.

علماً بأنني الفتاة الكبرى والوحيدة بين ولدين، أشعر أن أهلي يكرهونني ويعاملون إخوتي أحسن مني، فأشعر أني عندما يحدث هذا سيهتمون بي! وأشعر أنهم يتحكمون في حياتي! بقي أن يقولوا متى أتنفس ومتى أنام!

أشعر أنني سجينة وأن الوحدة تقتلني، حتى صديقاتي أشعر أنهن يتعرفن إليّ لمصلحتهن فقط لا غير، حتى وصل بي الأمر في التفكير في الهروب أو الانتحار، ولا أعلم ماذا أفعل؟ فقد فقدت كل رغبتي في الحياة، وأحس بخنقة كبيرة كادت تقتلني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هذه المشاعر -مشاعر تحطيم الذات-، وكذلك اضطراب الهدف والهوية، والشعور بعدم الارتياح حيال الآخرين، وكذلك محاولة شد انتباههم، والتفكير في الهروب، والمشاعر الانتحارية؛ تدل على أن لديك مشكلة في الشخصية، فهذه هي معظم السمات التي نشاهدها في ما يعرف بالشخصية الحدّية، والشخصية الحدية من اضطرابات الشخصية لا نقول النادرة، ولكن حقيقة دار حولها الكثير جدّاً من النقاش العلمي والبحثي، وفي الآونة الأخيرة أخذت اهتماماً أكثر؛ لأنها تكثر وسط الفتيات من الذكور.

هذه الحالة تتطلب علاجاً نفسياً متواصلا؛ لذا أنصحك بأن تتواصلي مع أخصائي نفسي - وليس طبيباً نفسياً –؛ لأن هذه الجلسات النفسية من خلالها يتم اكتشاف أطوار الذات أكثر، ومن خلال العلاج التساندي والعلاج الاستبصاري، وكذلك العلاج المعرفي بأنواعه المختلفة؛ إن شاء الله تتغير وتتبدل هذه الأفكار لديك، والتغير بالطبع يأتي بالتدريج.

أنا من ناحيتي الآن أقول لك: إن هذه الأفكار يجب أن تقومي باستبدالها بأفكار مخالفة ومضادة لها، الإنسان هو انفعالات وأفكار وأفعال، والأفعال دائماً تكون نتاج الانفعالات، والأفكار تكون هي التي تؤدي دائماً إلى الانفعالات، وتغيير الأفكار نحو فكر إيجابي سيؤدي إلى انفعالات إيجابية، ومن ثم تكون هنالك أفعال إيجابية.

الذي أرجوه منك هو أن تضعي صورة أفضل عن نفسك، وعليك بالصحبة والرفقة الطيبة، فالإنسان في مثل حالتك، يحتاج لأن يقتدي بمن هم على دراية وعلم ودين، وتوازن معرفي ووجداني، فأنصحك بذلك كثيراً؛ لأن النموذج الإيجابي مطلوب في الحياة، والاقتداء به يفيد من أجل توازن الشخصية.

انظري أيضاً إلى ما هو إيجابي عن نفسك، فأنت ذكرت سلبيات كثيرة، وهذه هي مشكلة الشخصية الحدّية، دائماً يكون التركيز على ما هو سلبي.

انظري إلى ما هو إيجابي، وسوف تجدين أن هناك إيجابيات لم تقومي باستكشافها، وحاولي بعد ذلك أن تضخمي من هذه الأفكار والصور الإيجابية، وأن تزيدي عليها، وهذا سوف يساعدك كثيراً -بإذن الله-.

فكرة الهروب والانتحار -إن شاء الله- لن تلجئي إلى ذلك أبداً، وهي أفكار حقيقة سخيفة وبغيضة، فانظري إليها من هذا المنحى، فأنت والحمد لله لديك أشياء طيبة في حياتك، وأنت من هذه الأمة الإسلامية العظيمة، وأنت صغيرة في السن، فما الذي يجعلك تفكرين بهذا التفكير.

لا بد أن يكون هناك نقاش مع الذات، لا بد أن يكون هنالك حوار مع الذات، والإنسان يستطيع أن يعدل من نفسه، ويستطيع أن يروضها إذا نظر إلى الأمور بمنظار أكثر إيجابية.

هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وأقول لك: أنت محتاجة للتواصل مع أخصائية نفسية، وحبذا لو كان تخصصها في العلاج السلوكي المعرفي، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً