أشعر بالنفور من هيئة وشخصية خاطبي، فبم تنصحونني؟
2025-10-15 00:44:50 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
تمت خطبتي منذ شهرين تقريبًا، إلا إنني أشعر بتذبذب دائمًا تجاه خاطبي منذ بداية الاستخارة، وبعد الجلسة الأولى للتعارف، كنت أفكر كثيرًا، وينتابني ضيق شديد عندما أراه أو أرى والده، ثم قررت أن أقابله مرةً ثانيةً، وقد شعرت في هذه المرة بالقبول، وأني في غاية السعادة، وحددنا موعد الخطبة.
ولما بدأ يحادثني كنت متقبلةً له في البداية، ثم اختلف الوضع بعد ذلك، وبدأت أشعر بالضيق منه، ومن كلامه، وطريقة حديثه، حتى إنني بكيت أكثر من مرة بسبب الضيق والنفور منه، وكانت لا تظهر عليّ علامات السعادة قبل الخطبة.
في يوم الخطبة ذهبنا للتصوير، وعندما نظرت إليه وإلى طريقة لباسه وهيئته شعرت بالخنقة والنفور، وكنت في قرارة نفسي أريد إنهاء الخطبة والانفصال عنه بعد أن تنتهي حفلة الخطبة، ولكن أثناء حفل الخطبة شعرت بالسعادة، وفرحت بالأجواء السعيدة، وحاولت أن أتقبله نوعًا ما، وهدأت قليلاً.
إلا إنني بعد ذلك أكون أحيانًا مرتاحةً وسعيدةً، وأحيانًا أخرى مخنوقة، وغير سعيدة، ولست قادرةً على تقبل ذلك الشخص، وأتضايق من كثرة اتصالاته، وتقربه الزائد لي، وكلامه الغزلي الحلو، وفي عدة مرات كنت أتضايق من وجودي معه، وأتمنى أن تنتهي الزيارة، ولكن بعض الزيارات الأخرى كانت مقبولةً، وأكون سعيدةً، إلا أن غالب الوقت أشعر بالخنقة، وللأسف الشديد كنت أنظر للآخرين، وأبحث عما ينقصه دائمًا، وحتى في يوم حفلة الخطبة، والفترات التي تلتها، كنت كلما خرجت من المنزل لا أشعر بأنه كاف، وأنه ليس الشخص الذي أتمناه لا شكلاً، ولا هيئةً، ولا شخصيةً، إلا إني في بعض الأحيان كانت تعجبني قيمه، وأفكاره، واهتمامه، وكرمه، وحنيته، ولكن في أحيان أخرى أشعر بالنقص فيه.
في آخر مرة زارنا فيها أحسست بنفور من هيئته، ولبسه، وحذائه، وكنت لا أرغب بالنظر إليه، ولا التحدث معه، وكان ينتابني الغضب من كلامه.
في بعض الأحيان أشعر بأنه ضعيف الشخصية، وأنه غير واثق من نفسه وهو معي، ولكن لست واثقةً من ذلك، قد تكون هواجس ليس إلا، فأنا بين نارين، هو شخص على أصعدة كثيرة مناسب دينًا، وخلقًا، وكرمًا، وعائلته طيبة، والجزء الآخر أني أشعر معه بالنفور في أوقات أخرى، وأتمنى لو أن شخصًا آخر مكانه يلامس قلبي من ناحية اللبس، والهيئة، والأسلوب والهدوء.
شكرًا لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لكِ الاهتمام والتواصل والسؤال، ونسأل الله أن يُؤلّف القلوب، وأن يُصلح الأحوال.
أرجو أن تعلمي أن الفتاة لن تجد في هذه الدنيا شابًّا بلا نقائص، كما أن الشاب لا يمكن أن يجد فتاةً بلا عيوب؛ فنحن بشر، والنقص يطاردنا جميعًا، ولذلك قال النبي ﷺ: «لَا يَفْرِكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَة (أي لا يبغضها)، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِي مِنْهَا آخَر»، وكذلك الأمر: "لا تفركْ مؤمنةٌ مؤمنًا، إن كرهتْ منه خُلقًا، رضيتْ منه آخر"، وجاء في القاعدة الشرعية: «إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمَلَ الْخَبَثِ»، والأمر أيضًا كما أشار إليه الشاعر:
مَن ذَا الَّذِي تُرْضَى سَجَايَاهُ كُلُّهَا *** كَفَى بالْمَرْءِ نُبلًا أَنْ تُعدَّ مَعَايِبُه
فإذا كان الشاب صاحب دين وأخلاق، ومن أسرة كريمة، وهو كريم، فأرجو ألَّا تُفرّطي فيه، وتعوذي بالله من شيطان لا يريد لنا الخير؛ فإن الشيطان يحزن لزواجنا، ويحزن للحلال، ويسعى لخراب البيوت؛ لأنه إذا تزوج الناس وسلكوا سبل العفاف، فقد سُدّت أبواب عظيمة أمام عدوُّنا الشيطان.
ولقد ورد «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً، أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ، (أنتَ أنتَ) وَيَلْتَزِمهُ».
والأمر كما قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: «إن الحب من الرحمن، وإن البغض من الشيطان، يريد أن يُبغِّض لكم ما أحلّ الله لكم». يُبغِّض الشيطان الحلال، ويفتح للإنسان أبواب الحرام من أجل أن يشتهي الحرام الذي لا يرضي الملك العلّام سبحانه وتعالى، ولذلك تعوذي بالله من هذه الوساوس، واحرصي على قراءة أذكار الصباح والمساء، ولا مانع من أن تُعرضي نفسك على من يؤدِّي الرقية الشرعية وفق القواعد المرعية، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على تجاوز هذه الصعاب.
إذا كانت اللحظات الأولى من العلاقة جميلة، فالبناء يكون عليها، وليس على الصعود والهبوط العاطفي الذي للشيطان فيه دور كبير.
نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُعينك على الخير، ونتمنى أيضًا ألَّا تُظهري هذه المشاعر السلبية أمامه، ولا تنخدعي بالآخرين؛ فإنك قد عرفت عنه الكثير، ولا تعرفين عن الآخرين إلَّا ما ظهر، وكثير من الشباب قد يلفت النظر بهندامه وهيئته، لكن {إِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ}.
فالعِبرة ليست بالمظاهر وجمال الأشكال؛ لأن عمره محدود، ولكن جمال الروح بلا حدود.
أنت أشرت إلى أن هذا الشاب يتميّز بهذا الجانب (وأسرته) بكرمه وحنيّته، واهتمامه، إلى غير ذلك من هذه الأمور، ونسأل الله أن يُعينكم على تجاوز الصعاب.
ونتمنى أن تُكثري من ذكر الله -تبارك وتعالى-، وعليه أيضًا أن يُكثر من ذكر الله -تبارك وتعالى-، ولا مانع أيضًا من أن يقرأ على نفسه الرقية الشرعية، وأن تقرؤوا أذكار الصباح والمساء، ونسأل الله أن يؤلّف القلوب، وأن يغفر الزلات والذنوب.
وكوني واثقةً من أن مثل هذا الشاب الذي جاء من الباب، وهو صاحب دين وأخلاق، ما ينبغي أن نفرّط فيه بسهولة، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.
والله الموفق.