المسألة الثانية والعشرون :
nindex.php?page=treesubj&link=21250_21252_21253التخصيص بالكتاب العزيز وبالسنة المطهرة ، والتخصيص لهما
ذهب الجمهور إلى جواز تخصيص الكتاب بالكتاب .
وذهب بعض
الظاهرية إلى عدم جوازه ، وتمسكوا بأن التخصيص بيان للمراد باللفظ ، ولا يكون إلا بالسنة ، لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44لتبين للناس ما نزل إليهم .
يجاب عنه : بأن كونه صلى الله عليه وآله وسلم مبينا ، لا يستلزم أن لا يحصل بيان الكتاب بالكتاب ، وقد وقع ذلك ، والوقوع دليل الجواز ، فإن قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء يعم الحوامل وغيرهن ، فخص أولات الأحمال بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=4وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ، وخص منه أيضا المطلقة قبل الدخول بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=49فما لكم عليهن من عدة تعتدونها وهكذا قد خصص عموم قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=234والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا بقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=4وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومثل هذا كثير في الكتاب العزيز .
وأيضا ذلك الدليل الذي ذكروه معارض بما هو أوضح منه دلالة ، وهو قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=89ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء ، وقد جعل
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب في مختصر
[ ص: 448 ] المنتهى الخلاف في هذه المسألة
لأبي حنيفة ، والقاضي
nindex.php?page=showalam&ids=12604أبي بكر الباقلاني ،
وإمام الحرمين الجويني ، وحكى عنهم أن الخاص إن كان متأخرا ، وإلا فالعام ناسخ ، وهذه مسألة أخرى سيأتي الكلام فيها ، ولا اختصاص لها بتخصيص الكتاب بالكتاب .
تخصيص الكتاب بالسنة
وكما يجوز تخصيص الكتاب بالكتاب ، فكذلك يجوز تخصيص السنة المتواترة بالكتاب ، عند جمهور أهل العلم .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل روايتان .
وعن بعض أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي المنع ، قال
ابن برهان : وهو قول بعض المتكلمين .
قال
مكحول ،
ويحيى بن كثير : السنة تقضي على الكتاب ، والكتاب لا يقضي على السنة .
ولا وجه للمنع ، فإن استدلوا بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44لتبين للناس ما نزل إليهم فقد عرفت عدم دلالته على المطلوب مع كونه معارضا بما هو أوضح دلالة منه كما تقدم .
تخصيص الكتاب بالسنة المتواترة
ويجوز تخصيص عموم الكتاب بالسنة المتواترة إجماعا ، كذا قال :
الأستاذ أبو منصور ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14552الآمدي : لا أعرف فيه خلافا ، وقال الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد الإسفراييني : لا خلاف في ذلك ، إلا ما يحكى عن
داود في إحدى الروايتين قال
nindex.php?page=showalam&ids=13459ابن كج : لا شك في الجواز ; لأن الخبر المتواتر يوجب العلم ، كما أن ظاهر الكتاب يوجبه .
وألحق الأستاذ
أبو منصور بالمتواتر الأخبار التي يقطع بصحتها .
[ ص: 449 ] nindex.php?page=treesubj&link=21251تخصيص السنة المتواترة بالمتواترة
ويجوز تخصيص السنة المتواترة بالسنة المتواترة ، وهو مجمع عليه ، إلا أنه حكى الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=11976أبو حامد الإسفراييني عن
داود أنهما يتعارضان ، ولا يبنى أحدهما على الآخر ، ولا وجه لذلك .
تخصيص الكتاب بخبر الواحد
واختلفوا في جواز
nindex.php?page=treesubj&link=21257تخصيص الكتاب العزيز بخبر الواحد .
فذهب الجمهور إلى جوازه مطلقا ، وذهب بعض
الحنابلة إلى المنع مطلقا ، وحكاه
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في المنخول عن
المعتزلة ، ونقله
ابن برهان عن طائفة من المتكلمين ، والفقهاء ، ونقله
nindex.php?page=showalam&ids=12855أبو الحسين بن القطان عن طائفة من
أهل العراق .
وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16739عيسى بن أبان إلى الجواز إذا كان العام قد خص من قبل بدليل قطعي ، متصلا كان أو منفصلا ، كذا حكاه صاحب المحصول ،
وابن الحاجب في مختصر المنتهى عنه .
وقد سبق إلى حكاية ذلك عنه
nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين الجويني في التلخيص ، وحكى غير هؤلاء عنه أنه يجوز تخصيص العام بالخبر الأحادي إذا كان قد دخله التخصيص ، من غير تقييد لذلك بكون المخصص الأول قطعيا .
وذهب
الكرخي إلى الجواز إذا كان العام قد خص من قبل بدليل منفصل ، سواء كان قطعيا أو ظنيا ، وإن خص بدليل متصل أو لم يخص أصلا لم يجز .
وذهب
القاضي أبو بكر إلى الوقف ، وحكي عنه أنه قال : يجوز التعبد بوروده ، ويجوز أن يرد ، لكنه لم يقع .
وحكي عنه أيضا أنه لم يرد ، بل ورد المنع ، ولكن الذي اختاره لنفسه هو الوقف ، كما حكى ذلك عنه
الرازي في المحصول .
واستدل في المحصول على ما ذهب إليه الجمهور بأن العموم وخبر الواحد دليلان متعارضان ، وخبر الواحد أخص من العموم ، فوجب تقديمه على العموم .
[ ص: 450 ] واحتج
ابن السمعاني على الجواز بإجماع الصحابة فإنهم خصوا قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم الله في أولادكم بقوله صلى الله عليه وآله وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=10338109إنا معشر الأنبياء لا نورث ، وخصوا التوارث بالمسلمين عملا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=10338110لا يرث المسلم الكافر ، وخصوا قوله اقتلوا المشركين بخبر
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف في
المجوس ، وغير ذلك كثير .
وأيضا يدل على جواز التخصيص ، دلالة بينة واضحة ما وقع من أوامر الله عز وجل باتباع نبيه صلى الله عليه وآله وسلم من غير تقييد ، فإذا جاء عنه الدليل كان اتباعه واجبا ، وإذا عارضه عموم قرآني كان سلوك طريقة الجمع ببناء العام على الخاص متحتما ، ودلالة العام على أفراده ظنية لا قطعية ، فلا وجه لمنع تخصيصه بالأخبار الصحيحة الآحادية .
وقد استدل المانعون مطلقا بما ثبت عن
عمر رضي الله عنه في قصة
فاطمة بنت قيس حيث لم يجعل لها سكنى ولا نفقة ، كما في حديثها الصحيح ، فقال
عمر [ ص: 451 ] " كيف نترك كتاب ربنا لقول امرأة ؟ " يعني قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6أسكنوهن .
وأجيب عن ذلك : بأنه إنما قال هذه المقالة لتردده في صحة الحديث ، لا لرده تخصيص عموم الكتاب بالسنة الآحادية ، فإنه لم يقل كيف نخصص عموم كتاب ربنا بخبر آحادي ، بل قال : كيف نترك كتاب ربنا لقول امرأة ؟
ويؤيد ذلك ما في صحيح
مسلم وغيره بلفظ ( قال
عمر : لا نترك كتاب الله وسنة نبينا لقول امرأة ، لعلها حفظت أو نسيت ) .
فأفاد هذا أن
عمر رضي الله عنه إنما تردد في كونها حفظت أو نسيت ، ولو علم بأنها حفظت ذلك ، وأدته كما سمعته لم يتردد في العمل بما روته .
قال
ابن السمعاني : إن محل الخلاف في أخبار الآحاد التي لم تجمع الأمة على العمل بها .
أما ما أجمعوا عليه كقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10338111لا ميراث لقاتل ، و
nindex.php?page=hadith&LINKID=10338112لا وصية لوارث فيجوز تخصيص العموم به قطعا ، ويصير ذلك كالتخصيص بالمتواتر ; لانعقاد الإجماع على حكمها ، ولا يضر عدم انعقاده على روايتها .
[ ص: 452 ] nindex.php?page=treesubj&link=27855تخصيص القرآن بالقراءة الشاذة
تخصيص المتواتر من السنة بالآحاد
وكما يجوز تخصيص عموم القرآن بخبر الآحاد ، كذلك يجوز تخصيص العموم المتواتر من السنة بأخبار الآحاد ، ويجري فيه الخلاف السابق في تخصيص عموم القرآن السابق ، كما صرح القاضي أبو بكر الباقلاني وإمام الحرمين الجويني وغيرهما ، وكما يجوز تخصيص عموم القرآن بخبر الآحاد كذلك يجوز تخصيصه بالقراءة الشاذة عند من نزلها منزلة الخبر الآحادي .
وقد سبق الكلام في القراءات في مباحث الكتاب .
وهكذا يجوز التخصيص لعموم الكتاب وعموم المتواتر من السنة ، بما ثبت من فعله صلى الله عليه وآله وسلم ، إذا لم يدل دليل على اختصاصه به ، كما يجوز بالقول .
nindex.php?page=treesubj&link=21270تخصيص الكتاب والسنة المتواترة بفعل النبي وبتقريره
وهكذا يجوز التخصيص بتقريره صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد تقدم البحث في فعله صلى الله عليه وآله وسلم ، وفي تقريره في مقصد السنة ، بما يغني عن الإعادة .
[ ص: 453 ] nindex.php?page=treesubj&link=21236_21237التخصيص بموافق العام وبعطف الخاص على العام
وأما التخصيص بموافق العام ، فقد سبق الكلام عليه في باب العموم ، وكذلك سبق الكلام على العام إذا عطف عليه ما يقتضي الخصوص ، وعلى العام الوارد على سبب خاص ، فهذه المباحث لها تعلق بالعام ، وتعلق بالخاص .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ :
nindex.php?page=treesubj&link=21250_21252_21253التَّخْصِيصُ بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَبِالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ ، وَالتَّخْصِيصُ لَهُمَا
ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى جَوَازِ تَخْصِيصِ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ .
وَذَهَبَ بَعْضُ
الظَّاهِرِيَّةِ إِلَى عَدَمِ جَوَازِهِ ، وَتَمَسَّكُوا بِأَنَّ التَّخْصِيصَ بَيَانٌ لِلْمُرَادِ بِاللَّفْظِ ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا بِالسُّنَّةِ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ .
يُجَابُ عَنْهُ : بِأَنَّ كَوْنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مُبَيِّنًا ، لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ لَا يَحْصُلَ بَيَانُ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ ، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ ، وَالْوُقُوعُ دَلِيلُ الْجَوَازِ ، فَإِنَّ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=228وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ يَعُمُّ الْحَوَامِلَ وَغَيْرَهُنَّ ، فَخَصَّ أُولَاتِ الْأَحْمَالِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=4وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ، وَخَصَّ مِنْهُ أَيْضًا الْمُطَلَّقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=49فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا وَهَكَذَا قَدْ خَصَّصَ عُمُومَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=234وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=4وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ .
وَأَيْضًا ذَلِكَ الدَّلِيلُ الَّذِي ذَكَرُوهُ مُعَارَضٌ بِمَا هُوَ أَوْضَحُ مِنْهُ دَلَالَةً ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=89وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ، وَقَدْ جَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِ
[ ص: 448 ] الْمُنْتَهَى الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
لِأَبِي حَنِيفَةَ ، وَالْقَاضِي
nindex.php?page=showalam&ids=12604أَبِي بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيِّ ،
وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ الْجُوَيْنِيِّ ، وَحَكَى عَنْهُمْ أَنَّ الْخَاصَّ إِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا ، وَإِلَّا فَالْعَامُّ نَاسِخٌ ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى سَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهَا ، وَلَا اخْتِصَاصَ لَهَا بِتَخْصِيصِ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ .
تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ
وَكَمَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ ، فَكَذَلِكَ يَجُوزُ تَخْصِيصُ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِالْكِتَابِ ، عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رِوَايَتَانِ .
وَعَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ الْمَنْعُ ، قَالَ
ابْنُ بُرْهَانٍ : وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ .
قَالَ
مَكْحُولٌ ،
وَيَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ : السُّنَّةُ تَقْضِي عَلَى الْكِتَابِ ، وَالْكِتَابُ لَا يَقْضِي عَلَى السُّنَّةِ .
وَلَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ ، فَإِنِ اسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=44لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ فَقَدْ عَرَفْتَ عَدَمَ دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ مَعَ كَوْنِهِ مُعَارَضًا بِمَا هُوَ أَوْضَحُ دَلَالَةً مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ .
تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ
وَيَجُوزُ تَخْصِيصُ عُمُومِ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ إِجْمَاعًا ، كَذَا قَالَ :
الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14552الْآمِدِيُّ : لَا أَعْرِفُ فِيهِ خِلَافًا ، وَقَالَ الشَّيْخُ
nindex.php?page=showalam&ids=11976أَبُو حَامِدِ الْإِسْفَرَايِينِيُّ : لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ ، إِلَّا مَا يُحْكَى عَنْ
دَاوُدَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13459ابْنُ كَجٍّ : لَا شَكَّ فِي الْجَوَازِ ; لِأَنَّ الْخَبَرَ الْمُتَوَاتِرَ يُوجِبُ الْعِلْمَ ، كَمَا أَنَّ ظَاهِرَ الْكِتَابِ يُوجِبُهُ .
وَأَلْحَقَ الْأُسْتَاذُ
أَبُو مَنْصُورٍ بِالْمُتَوَاتِرِ الْأَخْبَارَ الَّتِي يُقْطَعُ بِصِحَّتِهَا .
[ ص: 449 ] nindex.php?page=treesubj&link=21251تَخْصِيصُ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِالْمُتَوَاتِرَةِ
وَيَجُوزُ تَخْصِيصُ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ ، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ ، إِلَّا أَنَّهُ حَكَى الشَّيْخُ
nindex.php?page=showalam&ids=11976أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ عَنْ
دَاوُدَ أَنَّهُمَا يَتَعَارَضَانِ ، وَلَا يُبْنَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ ، وَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ .
تَخْصِيصُ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ
وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=21257تَخْصِيصِ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ .
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى جَوَازِهِ مُطْلَقًا ، وَذَهَبَ بَعْضُ
الْحَنَابِلَةِ إِلَى الْمَنْعِ مُطْلَقًا ، وَحَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ عَنِ
الْمُعْتَزِلَةِ ، وَنَقَلَهُ
ابْنُ بُرْهَانٍ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ ، وَالْفُقَهَاءِ ، وَنَقَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12855أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ
أَهْلِ الْعِرَاقِ .
وَذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=16739عِيسَى بْنُ أَبَانٍ إِلَى الْجَوَازِ إِذَا كَانَ الْعَامُّ قَدْ خُصَّ مِنْ قَبْلُ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ ، مُتَّصِلًا كَانَ أَوْ مُنْفَصِلًا ، كَذَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْمَحْصُولِ ،
وَابْنُ الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِ الْمُنْتَهَى عَنْهُ .
وَقَدْ سَبَقَ إِلَى حِكَايَةِ ذَلِكَ عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12441إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْجُوَيْنِيُّ فِي التَّلْخِيصِ ، وَحَكَى غَيْرُ هَؤُلَاءِ عَنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْعَامِّ بِالْخَبَرِ الْأُحَادِيِّ إِذَا كَانَ قَدْ دَخَلَهُ التَّخْصِيصُ ، مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ لِذَلِكَ بِكَوْنِ الْمُخَصِّصِ الْأَوَّلِ قَطْعِيًّا .
وَذَهَبَ
الْكَرْخِيُّ إِلَى الْجَوَازِ إِذَا كَانَ الْعَامُّ قَدْ خُصَّ مِنْ قَبْلُ بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ ، سَوَاءً كَانَ قَطْعِيًّا أَوْ ظَنِّيًّا ، وَإِنْ خُصَّ بِدَلِيلٍ مُتَّصِلٍ أَوْ لَمْ يُخَصَّ أَصْلًا لَمْ يَجُزْ .
وَذَهَبَ
الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ إِلَى الْوَقْفِ ، وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : يَجُوزُ التَّعَبُّدُ بِوُرُودِهِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَدَّ ، لَكِنَّهُ لَمْ يَقَعْ .
وَحُكِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ ، بَلْ وَرَدَ الْمَنْعُ ، وَلَكِنَّ الَّذِي اخْتَارَهُ لِنَفْسِهِ هُوَ الْوَقْفُ ، كَمَا حَكَى ذَلِكَ عَنْهُ
الرَّازِيُّ فِي الْمَحْصُولِ .
وَاسْتَدَلَّ فِي الْمَحْصُولِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ الْعُمُومَ وَخَبَرَ الْوَاحِدِ دَلِيلَانِ مُتَعَارِضَانِ ، وَخَبَرُ الْوَاحِدِ أَخَصُّ مِنَ الْعُمُومِ ، فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْعُمُومِ .
[ ص: 450 ] وَاحْتَجَّ
ابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَلَى الْجَوَازِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُمْ خَصُّوا قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10338109إِنَّا مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ ، وَخَصُّوا التَّوَارُثَ بِالْمُسْلِمِينَ عَمَلًا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10338110لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ ، وَخَصُّوا قَوْلَهُ اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ بِخَبَرِ
nindex.php?page=showalam&ids=38عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي
الْمَجُوسِ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ كَثِيرٌ .
وَأَيْضًا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّخْصِيصِ ، دَلَالَةً بَيِّنَةً وَاضِحَةً مَا وَقَعَ مِنْ أَوَامِرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِاتِّبَاعِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ ، فَإِذَا جَاءَ عَنْهُ الدَّلِيلُ كَانَ اتِّبَاعُهُ وَاجِبًا ، وَإِذَا عَارَضَهُ عُمُومٌ قُرْآنِيٌّ كَانَ سُلُوكُ طَرِيقَةِ الْجَمْعِ بِبِنَاءِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ مُتَحَتِّمًا ، وَدَلَالَةُ الْعَامِّ عَلَى أَفْرَادِهِ ظَنِّيَّةً لَا قَطْعِيَّةً ، فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِ تَخْصِيصِهِ بِالْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الْآحَادِيَّةِ .
وَقَدِ اسْتَدَلَّ الْمَانِعُونَ مُطْلَقًا بِمَا ثَبَتَ عَنْ
عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قِصَّةِ
فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ حَيْثُ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً ، كَمَا فِي حَدِيثِهَا الصَّحِيحِ ، فَقَالَ
عُمَرُ [ ص: 451 ] " كَيْفَ نَتْرُكُ كِتَابَ رَبِّنَا لِقَوْلِ امْرَأَةٍ ؟ " يَعْنِي قَوْلَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6أَسْكِنُوهُنَّ .
وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ : بِأَنَّهُ إِنَّمَا قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ لِتَرَدُّدِهِ فِي صِحَّةِ الْحَدِيثِ ، لَا لِرَدِّهِ تَخْصِيصَ عُمُومِ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ الْآحَادِيَّةِ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ كَيْفَ نُخَصِّصُ عُمُومَ كِتَابِ رَبِّنَا بِخَبَرٍ آحَادِيٍّ ، بَلْ قَالَ : كَيْفَ نَتْرُكُ كِتَابَ رَبِّنَا لِقَوْلِ امْرَأَةٍ ؟
وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ بِلَفْظِ ( قَالَ
عُمَرُ : لَا نَتْرُكُ كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا لِقَوْلِ امْرَأَةٍ ، لَعَلَّهَا حَفِظَتْ أَوْ نَسِيَتْ ) .
فَأَفَادَ هَذَا أَنَّ
عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنَّمَا تَرَدَّدَ فِي كَوْنِهَا حَفِظَتْ أَوْ نَسِيَتْ ، وَلَوْ عَلِمَ بِأَنَّهَا حَفِظَتْ ذَلِكَ ، وَأَدَّتْهُ كَمَا سَمِعَتْهُ لَمْ يَتَرَدَّدْ فِي الْعَمَلِ بِمَا رَوَتْهُ .
قَالَ
ابْنُ السَّمْعَانِيِّ : إِنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي أَخْبَارِ الْآحَادِ الَّتِي لَمْ تُجْمِعِ الْأُمَّةُ عَلَى الْعَمَلِ بِهَا .
أَمَّا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10338111لَا مِيرَاثَ لِقَاتِلٍ ، وَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10338112لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ فَيَجُوزُ تَخْصِيصُ الْعُمُومِ بِهِ قَطْعًا ، وَيَصِيرُ ذَلِكَ كَالتَّخْصِيصِ بِالْمُتَوَاتِرِ ; لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى حُكْمِهَا ، وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ انْعِقَادِهِ عَلَى رِوَايَتِهَا .
[ ص: 452 ] nindex.php?page=treesubj&link=27855تَخْصِيصُ الْقُرْآنِ بِالْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ
تَخْصِيصُ الْمُتَوَاتِرِ مِنَ السُّنَّةِ بِالْآحَادِ
وَكَمَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ عُمُومِ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْآحَادِ ، كَذَلِكَ يَجُوزُ تَخْصِيصُ الْعُمُومِ الْمُتَوَاتِرِ مِنَ السُّنَّةِ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ ، وَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي تَخْصِيصِ عُمُومِ الْقُرْآنِ السَّابِقِ ، كَمَا صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْجُوَيْنِيُّ وَغَيْرُهُمَا ، وَكَمَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ عُمُومِ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْآحَادِ كَذَلِكَ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ بِالْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ عِنْدَ مَنْ نَزَّلَهَا مَنْزِلَةَ الْخَبَرِ الْآحَادِيِّ .
وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ فِي الْقِرَاءَاتِ فِي مَبَاحِثِ الْكِتَابِ .
وَهَكَذَا يَجُوزُ التَّخْصِيصُ لِعُمُومِ الْكِتَابِ وَعُمُومِ الْمُتَوَاتِرِ مِنَ السُّنَّةِ ، بِمَا ثَبَتَ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، إِذَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِهِ ، كَمَا يَجُوزُ بِالْقَوْلِ .
nindex.php?page=treesubj&link=21270تَخْصِيصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ بِفِعْلِ النَّبِيِّ وَبِتَقْرِيرِهِ
وَهَكَذَا يَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِتَقْرِيرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، وَفِي تَقْرِيرِهِ فِي مَقْصِدِ السُّنَّةِ ، بِمَا يُغْنِي عَنِ الْإِعَادَةِ .
[ ص: 453 ] nindex.php?page=treesubj&link=21236_21237التَّخْصِيصُ بِمُوَافِقِ الْعَامِّ وَبِعَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ
وَأَمَّا التَّخْصِيصُ بِمُوَافِقِ الْعَامِّ ، فَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ الْعُمُومِ ، وَكَذَلِكَ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى الْعَامِّ إِذَا عُطِفَ عَلَيْهِ مَا يَقْتَضِي الْخُصُوصَ ، وَعَلَى الْعَامِّ الْوَارِدِ عَلَى سَبَبٍ خَاصٍّ ، فَهَذِهِ الْمَبَاحِثُ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالْعَامِّ ، وَتَعَلُّقٌ بِالْخَاصِّ .