قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=24اذهب إلى فرعون إنه طغى قال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا [ ص: 112 ] nindex.php?page=treesubj&link=28991قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=24اذهب إلى فرعون إنه طغى لما آنسه بالعصا واليد ، وأراه ما يدل على أنه رسول ، أمره بالذهاب إلى
فرعون ، وأن يدعوه . وطغى معناه عصى وتكبر وكفر وتجبر وجاوز الحد .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25قال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي طلب الإعانة لتبليغ الرسالة . ويقال : إن الله أعلمه بأنه ربط على قلب
فرعون وأنه لا يؤمن ؛ فقال
موسى : يا رب فكيف تأمرني أن آتيه وقد ربطت على قلبه ؛ فأتاه ملك من خزان الريح فقال : يا
موسى انطلق إلى ما أمرك الله به . فقال
موسى عند ذلك :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=25رب اشرح لي صدري أي وسعه ونوره بالإيمان والنبوة .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=26ويسر لي أمري أي سهل علي ما أمرتني به من تبليغ الرسالة إلى
فرعون .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=27واحلل عقدة من لساني يعني العجمة التي كانت فيه من جمرة النار التي أطفأها في فيه وهو طفل . قال
ابن عباس : كانت في لسانه رتة . وذلك أنه كان في حجر
فرعون ذات يوم وهو طفل فلطمه لطمة ، وأخذ بلحيته فنتفها فقال
فرعون لآسية : هذا عدوي فهات الذباحين . فقالت
آسية : على رسلك فإنه صبي لا يفرق بين الأشياء . ثم أتت بطستين فجعلت في أحدهما جمرا وفي الآخر جوهرا فأخذ
جبريل بيد
موسى فوضعها على النار حتى رفع جمرة ووضعها في فيه على لسانه ، فكانت تلك الرتة وروي أن يده احترقت وأن
فرعون اجتهد في علاجها فلم تبرأ . ولما دعاه قال أي رب تدعوني ؟ قال : إلى الذي أبرأ يدي وقد عجزت عنها . وعن بعضهم : إنما لم تبرأ يده لئلا يدخلها مع
فرعون في قصعة واحدة فتنعقد بينهما حرمة المؤاكلة . ثم اختلف هل زالت تلك الرتة ؛ فقيل : زالت بدليل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=36قد أوتيت سؤلك يا موسى وقيل : لم تزل كلها ؛ بدليل قوله حكاية عن
فرعون :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=52ولا يكاد يبين . ولأنه لم يقل : احلل كل لساني ، فدل على أنه بقي في لسانه شيء من الاستمساك . وقيل : زالت بالكلية بدليل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=36أوتيت سؤلك وإنما قال
فرعون :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=52ولا يكاد يبين لأنه عرف منه تلك العقدة في التربية ، وما ثبت عنده أن الآفة زالت .
قلت : وهذا فيه نظر ؛ لأنه لو كان ذلك لما قال
فرعون :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=52ولا يكاد يبين حين كلمه
موسى بلسان ذلق فصيح . والله أعلم . وقيل : إن تلك العقدة حدثت بلسانه عند مناجاة ربه ، حتى لا يكلم غيره إلا بإذنه .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=28يفقهوا قولي أي يعلموا ما أقوله لهم ويفهموه . والفقه في كلام العرب الفهم . قال أعرابي
لعيسى بن عمر : شهدت عليك بالفقه . تقول منه : فقه الرجل بالكسر . وفلان لا يفقه ولا ينقه . وأفقهتك الشيء ثم خص به علم الشريعة ، والعالم به فقيه .
[ ص: 113 ] وقد فقه بالضم فقاهة وفقهه الله وتفقه إذا تعاطى ذلك . وفاقهته إذا باحثته في العلم ؛ قاله
الجوهري . والوزير المؤازر كالأكيل للمؤاكل ؛ لأنه يحمل عن السلطان وزره أي ثقله . في كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد : سمعت عمتي تقول قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832119من ولي منكم عملا فأراد الله به خيرا جعل له وزيرا صالحا إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه . ومن هذا المعنى قوله - عليه الصلاة والسلام - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832120ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه ، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه فالمعصوم من عصمه الله رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
فسأل
موسى الله تعالى أن يجعل له وزيرا ، إلا أنه لم يرد أن يكون مقصورا على الوزارة حتى لا يكون شريكا له في النبوة ، ولولا ذلك لجاز أن يستوزره من غير مسألة . وعين فقال : هارون وانتصب على البدل من قوله : وزيرا . ويكون منصوبا ب ( اجعل ) على التقديم والتأخير والتقدير : واجعل لي
هارون أخي وزيرا . وكان
هارون أكبر من
موسى بسنة ، وقيل : بثلاث .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=31اشدد به أزري أي ظهري والأزر الظهر من موضع الحقوين ، ومعناه تقوى به نفسي ؛ والأزر القوة وآزره قواه . ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29فآزره فاستغلظ وقال
أبو طالب :
أليس أبونا هاشم شد أزره وأوصى بنيه بالطعان وبالضرب
وقيل : الأزر العون ، أي يكون عونا يستقيم به أمري . قال الشاعر :
شددت به أزري وأيقنت أنه أخو الفقر من ضاقت عليه مذاهبه
وكان
هارون أكثر لحما من
موسى ، وأتم طولا ، وأبيض جسما ، وأفصح لسانا . ومات قبل
موسى بثلاث سنين وكان في جبهة
هارون شامة ، وعلى أرنبة أنف
موسى شامة ، وعلى طرف لسانه شامة ، ولم تكن على أحد قبله ولا تكون على أحد بعده ، وقيل : إنها كانت سبب العقدة التي في لسانه . والله أعلم .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=32وأشركه في أمري أي في النبوة وتبليغ الرسالة . قال المفسرون : كان
هارون يومئذ
بمصر ، فأمر الله
موسى أن يأتي هو
هارون ، وأوحى إلى
هارون وهو
بمصر أن يتلقى
موسى ، فتلقاه إلى مرحلة وأخبره بما أوحي إليه ؛ فقال له
موسى : إن الله
[ ص: 114 ] أمرني أن آتي
فرعون فسألت ربي أن يجعلك معي رسولا . وقرأ العامة ( أخي اشدد ) بوصل الألف ( وأشركه ) بفتح الهمزة على الدعاء ، أي اشدد يا رب أزري وأشركه معي في أمري . وقرأ
ابن عامر ويحيى بن الحارث وأبو حيوة والحسن وعبد الله بن أبي إسحاق ( أشدد ) بقطع الألف ( وأشركه ) أي أنا يا رب في أمري . قال
النحاس : جعلوا الفعلين في موضع جزم جوابا لقوله : اجعل لي وزيرا وهذه القراءة شاذة بعيدة ؛ لأن جواب مثل هذا إنما يتخرج بمعنى الشرط والمجازاة ؛ فيكون المعنى : إن تجعل لي وزيرا من أهلي أشدد به أزري ، وأشركه في أمري . وأمره النبوة والرسالة ، وليس هذا إليه - صلى الله عليه وسلم - فيخبر به ، إنما سأل الله - عز وجل - أن يشركه معه في النبوة . وفتح الياء من أخي
ابن كثير وأبو عمر .
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=33كي نسبحك كثيرا قيل : معنى نسبحك نصلي لك . ويحتمل أن يكون التسبيح باللسان . أي ننزهك عما لا يليق بجلالك . وكثيرا نعت لمصدر محذوف . ويجوز أن يكون نعتا لوقت . والإدغام حسن . وكذا
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=34ونذكرك كثيرا nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=35إنك كنت بنا بصيرا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : البصير المبصر ، والبصير العالم بخفيات الأمور ، فالمعنى ؛ أي عالما بنا ، ومدركا لنا في صغرنا فأحسنت إلينا ، فأحسن إلينا كذلك يا رب .