nindex.php?page=treesubj&link=29443والتعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية النبوية الإلهية هو سبيل أهل السنة والجماعة .
والمعطلة يعرضون عما قاله الشارع من الأسماء والصفات ، ولا يتدبرون معانيها ، ويجعلون ما ابتدعوه من المعاني
[ ص: 71 ] والألفاظ هو المحكم الذي يجب اعتقاده واعتماده . وأما أهل الحق والسنة والإيمان فيجعلون ما قاله الله ورسوله هو الحق الذي يجب اعتقاده واعتماده . والذي قاله هؤلاء إما أن يعرضوا عنه إعراضا جميلا ، أو يبينوا حاله تفصيلا ، ويحكم عليه بالكتاب والسنة ، لا يحكم به على الكتاب والسنة .
والمقصود : أن غالب عقائدهم السلوب ، ليس بكذا ، ليس بكذا ، وأما الإثبات فهو قليل ، وهي أنه عالم قادر حي ، وأكثر النفي المذكور ليس متلقى عن الكتاب والسنة ، ولا عن الطرق العقلية التي سلكها غيرهم من مثبتة الصفات ، فإن الله تعالى قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ( الشورى : 11 ) . ففي هذا الإثبات ما يقرر معنى النفي . ففهم أن المراد إنفراده سبحانه بصفات الكمال ، فهو سبحانه وتعالى موصوف بما وصف به نفسه ، ووصفه به رسله ، ليس كمثله شيء في صفاته ولا في أسمائه ولا في أفعاله ، مما أخبرنا به من صفاته ، وله صفات لم يطلع عليها أحد من خلقه ، كما قال رسوله الصادق صلى الله عليه وسلم في دعاء الكرب :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964187اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي . [ ص: 72 ] وسيأتي التنبيه على فساد طريقتهم في الصفات إن شاء الله تعالى .
وليس قول الشيخ رحمه الله تعالى : ولا شيء يعجزه من النفي المذموم ، فإن الله تعالى قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=44وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا ( فاطر : 44 ) ، فنبه سبحانه وتعالى في آخر الآية على دليل انتفاء العجز ، وهو كمال العلم والقدرة ، فإن العجز إنما ينشا إما من الضعف عن القيام بما يريده الفاعل ، وإما من عدم علمه به ، والله تعالى لا يعزب عنه مثقال ذرة ، وهو على كل شيء قدير ، وقد علم ببدائه العقول والفطر كمال قدرته وعلمه ، فانتفى العجز ، لما بينه وبين القدرة من التضاد ، ولأن العاجز لا يصلح أن يكون إلها ، تعالى الله عن ذكر ذلك علوا كبيرا .
nindex.php?page=treesubj&link=29443وَالتَّعْبِيرُ عَنِ الْحَقِّ بِالْأَلْفَاظِ الشَّرْعِيَّةِ النَّبَوِيَّةِ الْإِلَهِيَّةِ هُوَ سَبِيلُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ .
وَالْمُعَطِّلَةُ يُعْرِضُونَ عَمَّا قَالَهُ الشَّارِعُ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ ، وَلَا يَتَدَبَّرُونَ مَعَانِيَهَا ، وَيَجْعَلُونَ مَا ابْتَدَعُوهُ مِنَ الْمَعَانِي
[ ص: 71 ] وَالْأَلْفَاظِ هُوَ الْمُحْكَمَ الَّذِي يَجِبُ اعْتِقَادُهُ وَاعْتِمَادُهُ . وَأَمَّا أَهْلُ الْحَقِّ وَالسُّنَّةِ وَالْإِيمَانِ فَيَجْعَلُونَ مَا قَالَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ هُوَ الْحَقَّ الَّذِي يَجِبُ اعْتِقَادُهُ وَاعْتِمَادُهُ . وَالَّذِي قَالَهُ هَؤُلَاءِ إِمَّا أَنْ يُعْرِضُوا عَنْهُ إِعْرَاضًا جَمِيلًا ، أَوْ يُبَيِّنُوا حَالَهُ تَفْصِيلًا ، وَيُحْكَمَ عَلَيْهِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، لَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ .
وَالْمَقْصُودُ : أَنَّ غَالِبَ عَقَائِدِهِمُ السُّلُوبُ ، لَيْسَ بِكَذَا ، لَيْسَ بِكَذَا ، وَأَمَّا الْإِثْبَاتُ فَهُوَ قَلِيلٌ ، وَهِيَ أَنَّهُ عَالِمٌ قَادِرٌ حَيٌّ ، وَأَكْثَرُ النَّفْيِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ مُتَلَقًّى عَنِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَلَا عَنِ الطُّرُقِ الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي سَلَكَهَا غَيْرُهُمْ مِنْ مُثْبِتَةِ الصِّفَاتِ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ( الشُّورَى : 11 ) . فَفِي هَذَا الْإِثْبَاتِ مَا يُقَرِّرُ مَعْنَى النَّفْيِ . فَفُهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ إِنْفِرَادُهُ سُبْحَانَهُ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَوْصُوفٌ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ ، وَوَصَفَهُ بِهِ رُسُلُهُ ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَسْمَائِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ ، مِمَّا أَخْبَرَنَا بِهِ مِنْ صِفَاتِهِ ، وَلَهُ صِفَاتٌ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ ، كَمَا قَالَ رَسُولُهُ الصَّادِقُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُعَاءِ الْكَرْبِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964187اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، أَوِ اسْتَأْثَرَتْ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجَلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي وَغَمِّي . [ ص: 72 ] وَسَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَى فَسَادِ طَرِيقَتِهِمْ فِي الصِّفَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَلَيْسَ قَوْلُ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : وَلَا شَيْءَ يُعْجِزُهُ مِنَ النَّفْيِ الْمَذْمُومِ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=44وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا ( فَاطِرٍ : 44 ) ، فَنَبَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي آخِرِ الْآيَةِ عَلَى دَلِيلِ انْتِفَاءِ الْعَجْزِ ، وَهُوَ كَمَالُ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ ، فَإِنَّ الْعَجْزَ إِنَّمَا يَنْشَا إِمَّا مِنَ الضَّعْفِ عَنِ الْقِيَامِ بِمَا يُرِيدُهُ الْفَاعِلُ ، وَإِمَّا مِنْ عَدَمِ عِلْمِهِ بِهِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَقَدْ عُلِمَ بِبَدَائِهِ الْعُقُولِ وَالْفِطَرِ كَمَالُ قُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ ، فَانْتَفَى الْعَجْزُ ، لِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُدْرَةِ مِنَ التَّضَادِّ ، وَلِأَنَّ الْعَاجِزَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إِلَهًا ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذِكْرِ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا .