وأما قوله : " إنه يفعل الظلم والعبث "
[1] .
فليس في أهل الإسلام من يقول : إن الله يفعل ما هو ظلم
[2] منه ولا عبث منه . تعالى الله عن ذلك .
[ ص: 456 ] بل الذين يقولون : إنه خالق كل شيء [ من أهل السنة
والشيعة ]
[3] .
يقولون : إنه
nindex.php?page=treesubj&link=28785خلق أفعال عباده ، فإنها من جملة الأشياء ، ومن المخلوقات ما هو مضر لبعض الناس ، ومن ذلك الأفعال
[4] التي هي ظلم من فاعلها وإن لم تكن ظلما من خالقها ، كما أنه إذا خلق فعل العبد الذي هو صوم لم يكن هو صائما ، وإذا خلق فعله الذي هو طواف لم يكن هو طائفا ، وإذا خلق فعله الذي هو ركوع وسجود لم يكن هو راكعا ولا ساجدا
[5] ، وإذا خلق جوعه وعطشه لم يكن جائعا ولا عطشانا ؛ فالله تعالى إذا خلق في محل صفة أو فعلا لم يتصف هو بتلك الصفة ولا ذلك الفعل ، إذ لو كان كذلك لاتصف بكل ما خلقه من الأعراض .
ولكن هذا الموضع زلت فيه
الجهمية من
المعتزلة ، ومن اتبعهم من
الشيعة الذين يقولون : ليس لله كلام إلا ما خلقه في غيره ، وليس له فعل إلا ما كان منفصلا عنه ، فلا
[6] يقوم به عندهم لا فعل ولا قول ، وجعلوا
[7] كلامه الذي يكلم
[8] به ملائكته وعباده ، والذي كلم به
موسى ، والذي أنزله على عباده ، هو ما خلقه في غيره .
فيقال لهم
[9] : الصفة إذا قامت بمحل عاد حكمها على ذلك المحل
[ ص: 457 ] لا على غيره
[10] فإذا خلق حركة في محل كان ذلك المحل هو المتحرك بها لم يكن المتحرك بها هو الخالق لها . وكذلك إذا خلق لونا أو ريحا أو علما أو قدرة في محل ، كان ذلك المحل هو المتلون بذلك اللون ، المتروح بتلك الريح ، العالم بذلك العلم ، القادر بتلك القدرة . فكذلك إذا خلق كلاما في محل ، كان ذلك المحل
[11] هو المتكلم بذلك الكلام ، وكان ذلك الكلام كلاما لذلك المحل لا لخالقه ، فيكون الكلام الذي سمعه
موسى وهو قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=14إنني أنا الله [ سورة طه : 14 ] كلام الشجرة لا كلام الله ، لو كان ذلك مخلوقا .
واحتجت
المعتزلة وأتباعهم
الشيعة [12] على ذلك بالأفعال ، فقالت : كما أنه عادل محسن بعدل وإحسان يقوم بغيره ، فكذلك هو متكلم بكلام يقوم بغيره . وكان هذا حجة على من سلم الأفعال لهم كالأشعري ونحوه ، فإنه ليس عنده فعل يقوم به ، بل يقول : الخلق هو المخلوق لا غيره ، وهو قول طائفة من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وهو أول قولي
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبي يعلى .
لكن
nindex.php?page=treesubj&link=28785جمهور الناس يقولون : الخلق غير المخلوق ، وهذا مذهب الحنفية ، وهو الذي
[13] ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13889البغوي [14] \ 248 . عن أهل السنة ، والذي ذكره
[15] [ ص: 458 ] أبو بكر الكلاباذي عن الصوفية في كتاب التعرف لمذهب أهل التصوف
[16] ، وهو قول أئمة أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد كأبي بكر عبد العزيز ،
وابن حامد ،
وابن شاقلا [17] ، وغيرهم
[18] ، [ وهو ] آخر قولي
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي [ أبي يعلى ]
[19] ، واختيار أكثر
[20] أصحابه كأبي الحسين ابنه
[21] وغير هؤلاء ، وإنما اختار القول الآخر
[22] طائفة منهم كابن عقيل ونحوه .
ولما كان هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري [ ونحوه ]
[23] ، وهو مع سائر أهل السنة
[ ص: 459 ] يقولون : إن الله خالق أفعال العباد ، لزمه أن يقول : إن أفعال العباد فعل لله تعالى
[24] ، إذ كان فعله عنده هو مفعوله
[25] ، فجعل أفعال العباد فعلا لله ، ولم يقل : هي فعلهم - في المشهور عنه - إلا على وجه المجاز ، بل قال : هي كسبهم . وفسر الكسب بأنه ما يحصل
[26] في محل القدرة المحدثة مقرونا به . ووافقه على ذلك [ طائفة من الفقهاء ]
[27] من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد .
وأكثر الناس طعنوا في هذا الكلام ، وقالوا : عجائب الكلام ثلاثة : طفرة النظام ، وأحوال
أبي هاشم ، وكسب
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري . وأنشد في ذلك :
مما يقال ولا حقيقة تحته معقولة تدنو إلى الأفهام
الكسب عند
nindex.php?page=showalam&ids=13711الأشعري والحال عند
البهشمي [28] وطفرة النظام
[29] .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=28785سائر أهل السنة فيقولون : [ إن ] [30] أفعال العباد فعل لهم حقيقة ، وهو أحد القولين للأشعري . ويقول جمهورهم الذين
[31] يفرقون بين
[ ص: 460 ] الخلق والمخلوق : إنها مخلوقة لله ومفعولة له ، ليست هي نفس فعله وخلقه الذي هو صفته القائمة به .
فهذه الشناعات التي يذكرها هؤلاء لا تتوجه على قول جمهور أهل السنة ، وإنما ترد على طائفة من المثبتة
nindex.php?page=showalam&ids=13711كالأشعري وغيره .
nindex.php?page=treesubj&link=33677_34084فقوله عن أهل السنة : إنهم يقولون : إنه يفعل الظلم والعبث ، إن أراد ما هو منه ظلم وعبث فهذا [ منه ] [32] فرية عليهم [33] وإن قاله بطريق الإلزام فهم لا يسلمون له أنه ظلم ، ولهم في تفسير الظلم نزاع قد
[34] تقدم تفسيره . وإن أراد ما هو ظلم وعبث من العبد ، فهذا لا محذور في كون
[35] الله يخلقه ، وجمهورهم لا يقولون : إن هذا الظلم والعبث فعل الله
[36] ، بل يقولون : إنه فعل العبد لكنه مخلوق لله ، كما أن قدرة العبد وسمعه وبصره مخلوق لله تعالى ، وليس هو سمع الحق ولا بصره ولا قدرته .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : " إِنَّهُ يَفْعَلُ الظُّلْمَ وَالْعَبَثَ "
[1] .
فَلَيْسَ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ مَنْ يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا هُوَ ظُلْمٌ
[2] مِنْهُ وَلَا عَبَثٌ مِنْهُ . تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ .
[ ص: 456 ] بَلِ الَّذِينَ يَقُولُونَ : إِنَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ
وَالشِّيعَةِ ]
[3] .
يَقُولُونَ : إِنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28785خَلَقَ أَفْعَالَ عِبَادِهِ ، فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْأَشْيَاءِ ، وَمِنَ الْمَخْلُوقَاتِ مَا هُوَ مُضِرٌّ لِبَعْضِ النَّاسِ ، وَمِنْ ذَلِكَ الْأَفْعَالُ
[4] الَّتِي هِيَ ظُلْمٌ مِنْ فَاعِلِهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ظُلْمًا مِنْ خَالِقِهَا ، كَمَا أَنَّهُ إِذَا خَلَقَ فِعْلَ الْعَبْدِ الَّذِي هُوَ صَوْمٌ لَمْ يَكُنْ هُوَ صَائِمًا ، وَإِذَا خَلَقَ فِعْلَهُ الَّذِي هُوَ طَوَافٌ لَمْ يَكُنْ هُوَ طَائِفًا ، وَإِذَا خَلَقَ فِعْلَهُ الَّذِي هُوَ رُكُوعٌ وَسُجُودٌ لَمْ يَكُنْ هُوَ رَاكِعًا وَلَا سَاجِدًا
[5] ، وَإِذَا خَلَقَ جُوعَهُ وَعَطَشَهُ لَمْ يَكُنْ جَائِعًا وَلَا عَطْشَانًا ؛ فَاللَّهُ تَعَالَى إِذَا خَلَقَ فِي مَحَلٍّ صِفَةً أَوْ فِعْلًا لَمْ يَتَّصِفْ هُوَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ وَلَا ذَلِكَ الْفِعْلِ ، إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَاتَّصَفَ بِكُلِّ مَا خَلَقَهُ مِنَ الْأَعْرَاضِ .
وَلَكِنَّ هَذَا الْمَوْضِعَ زَلَّتْ فِيهِ
الْجَهْمِيَّةُ مِنَ
الْمُعْتَزِلَةِ ، وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنَ
الشِّيعَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ : لَيْسَ لِلَّهِ كَلَامٌ إِلَّا مَا خَلَقَهُ فِي غَيْرِهِ ، وَلَيْسَ لَهُ فِعْلٌ إِلَّا مَا كَانَ مُنْفَصِلًا عَنْهُ ، فَلَا
[6] يَقُومُ بِهِ عِنْدَهُمْ لَا فِعْلٌ وَلَا قَوْلٌ ، وَجَعَلُوا
[7] كَلَامَهُ الَّذِي يُكَلِّمُ
[8] بِهِ مَلَائِكَتَهُ وَعِبَادَهُ ، وَالَّذِي كَلَّمَ بِهِ
مُوسَى ، وَالَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى عِبَادِهِ ، هُوَ مَا خَلَقَهُ فِي غَيْرِهِ .
فَيُقَالُ لَهُمْ
[9] : الصِّفَةُ إِذَا قَامَتْ بِمَحَلٍّ عَادَ حُكْمُهَا عَلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ
[ ص: 457 ] لَا عَلَى غَيْرِهِ
[10] فَإِذَا خَلَقَ حَرَكَةً فِي مَحَلٍّ كَانَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ هُوَ الْمُتَحَرِّكُ بِهَا لَمْ يَكُنِ الْمُتَحَرِّكُ بِهَا هُوَ الْخَالِقُ لَهَا . وَكَذَلِكَ إِذَا خَلَقَ لَوْنًا أَوْ رِيحًا أَوْ عِلْمًا أَوْ قُدْرَةً فِي مَحَلٍّ ، كَانَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ هُوَ الْمُتَلَوِّنُ بِذَلِكَ اللَّوْنِ ، الْمُتَرَوِّحُ بِتِلْكَ الرِّيحِ ، الْعَالِمُ بِذَلِكَ الْعِلْمِ ، الْقَادِرُ بِتِلْكَ الْقُدْرَةِ . فَكَذَلِكَ إِذَا خَلَقَ كَلَامًا فِي مَحَلٍّ ، كَانَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ
[11] هُوَ الْمُتَكَلِّمُ بِذَلِكَ الْكَلَامِ ، وَكَانَ ذَلِكَ الْكَلَامُ كَلَامًا لِذَلِكَ الْمَحَلِّ لَا لِخَالِقِهِ ، فَيَكُونُ الْكَلَامُ الَّذِي سَمِعَهُ
مُوسَى وَهُوَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=14إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ [ سُورَةُ طه : 14 ] كَلَامَ الشَّجَرَةِ لَا كَلَامَ اللَّهِ ، لَوْ كَانَ ذَلِكَ مَخْلُوقًا .
وَاحْتَجَّتِ
الْمُعْتَزِلَةُ وَأَتْبَاعُهُمُ
الشِّيعَةُ [12] عَلَى ذَلِكَ بِالْأَفْعَالِ ، فَقَالَتْ : كَمَا أَنَّهُ عَادِلٌ مُحْسِنٌ بِعَدْلٍ وَإِحْسَانٍ يَقُومُ بِغَيْرِهِ ، فَكَذَلِكَ هُوَ مُتَكَلِّمٌ بِكَلَامٍ يَقُومُ بِغَيْرِهِ . وَكَانَ هَذَا حُجَّةً عَلَى مَنْ سَلَّمَ الْأَفْعَالَ لَهُمْ كَالْأَشْعَرِيِّ وَنَحْوِهِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ فِعْلٌ يَقُومُ بِهِ ، بَلْ يَقُولُ : الْخَلْقُ هُوَ الْمَخْلُوقُ لَا غَيْرُهُ ، وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدَ ، وَهُوَ أَوَّلُ قَوْلَيِ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى .
لَكِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28785جُمْهُورَ النَّاسِ يَقُولُونَ : الْخَلْقُ غَيْرُ الْمَخْلُوقِ ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ ، وَهُوَ الَّذِي
[13] ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13889الْبَغَوِيُّ [14] \ 248 . عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ
[15] [ ص: 458 ] أَبُو بَكْرٍ الْكَلَابَاذِيُّ عَنِ الصُّوفِيَّةِ فِي كِتَابِ التَّعَرُّفِ لِمَذْهَبِ أَهْلِ التَّصَوُّفِ
[16] ، وَهُوَ قَوْلُ أَئِمَّةِ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ كَأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ ،
وَابْنِ حَامِدٍ ،
وَابْنِ شَاقْلَا [17] ، وَغَيْرِهِمْ
[18] ، [ وَهُوَ ] آخِرُ قَوْلَيِ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي [ أَبِي يَعْلَى ]
[19] ، وَاخْتِيَارُ أَكْثَرِ
[20] أَصْحَابِهِ كَأَبِي الْحُسَيْنِ ابْنِهِ
[21] وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ ، وَإِنَّمَا اخْتَارَ الْقَوْلَ الْآخَرَ
[22] طَائِفَةٌ مِنْهُمْ كَابْنِ عَقِيلٍ وَنَحْوِهِ .
وَلَمَّا كَانَ هَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13711الْأَشْعَرِيِّ [ وَنَحْوِهِ ]
[23] ، وَهُوَ مَعَ سَائِرِ أَهْلِ السُّنَّةِ
[ ص: 459 ] يَقُولُونَ : إِنَّ اللَّهَ خَالِقُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ ، لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ : إِنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ فِعْلٌ لِلَّهِ تَعَالَى
[24] ، إِذْ كَانَ فِعْلُهُ عِنْدَهُ هُوَ مَفْعُولُهُ
[25] ، فَجَعَلَ أَفْعَالَ الْعِبَادِ فِعْلًا لِلَّهِ ، وَلَمْ يَقُلْ : هِيَ فِعْلُهُمْ - فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ - إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ ، بَلْ قَالَ : هِيَ كَسْبُهُمْ . وَفَسَّرَ الْكَسْبَ بِأَنَّهُ مَا يَحْصُلُ
[26] فِي مَحَلِّ الْقُدْرَةِ الْمُحْدِثَةِ مَقْرُونًا بِهِ . وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ [ طَائِفَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ ]
[27] مِنْ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدَ .
وَأَكْثَرُ النَّاسِ طَعَنُوا فِي هَذَا الْكَلَامِ ، وَقَالُوا : عَجَائِبُ الْكَلَامِ ثَلَاثَةٌ : طَفْرَةُ النَّظَّامِ ، وَأَحْوَالُ
أَبِي هَاشِمٍ ، وَكَسْبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13711الْأَشْعَرِيِّ . وَأُنْشِدَ فِي ذَلِكَ :
مِمَّا يُقَالُ وَلَا حَقِيقَةَ تَحْتَهُ مَعْقُولَةٌ تَدْنُو إِلَى الْأَفْهَامِ
الْكَسْبُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13711الْأَشْعَرِي وَالْحَالُ عِنْدَ
الْبَهْشَمِي [28] وَطَفْرَةُ النَّظَّامِ
[29] .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=28785سَائِرُ أَهْلِ السُّنَّةِ فَيَقُولُونَ : [ إِنَّ ] [30] أَفْعَالَ الْعِبَادِ فِعْلٌ لَهُمْ حَقِيقَةً ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ لِلْأَشْعَرِيِّ . وَيَقُولُ جُمْهُورُهُمُ الَّذِينَ
[31] يُفَرِّقُونَ بَيْنَ
[ ص: 460 ] الْخَلْقِ وَالْمَخْلُوقِ : إِنَّهَا مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ وَمُفْعُولَةٌ لَهُ ، لَيْسَتْ هِيَ نَفْسُ فِعْلِهِ وَخَلْقِهِ الَّذِي هُوَ صِفَتُهُ الْقَائِمَةُ بِهِ .
فَهَذِهِ الشَّنَاعَاتُ الَّتِي يَذْكُرُهَا هَؤُلَاءِ لَا تَتَوَجَّهُ عَلَى قَوْلِ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَإِنَّمَا تُرَدُّ عَلَى طَائِفَةٍ مِنَ الْمُثْبِتَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=13711كَالْأَشْعَرِيِّ وَغَيْرِهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=33677_34084فَقَوْلُهُ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ : إِنَّهُمْ يَقُولُونَ : إِنَّهُ يَفْعَلُ الظُّلْمَ وَالْعَبَثَ ، إِنْ أَرَادَ مَا هُوَ مِنْهُ ظُلْمٌ وَعَبَثٌ فَهَذَا [ مِنْهُ ] [32] فِرْيَةٌ عَلَيْهِمْ [33] وَإِنْ قَالَهُ بِطَرِيقِ الْإِلْزَامِ فَهُمْ لَا يُسَلِّمُونَ لَهُ أَنَّهُ ظُلْمٌ ، وَلَهُمْ فِي تَفْسِيرِ الظُّلْمِ نِزَاعٌ قَدْ
[34] تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ . وَإِنْ أَرَادَ مَا هُوَ ظُلْمٌ وَعَبَثٌ مِنَ الْعَبْدِ ، فَهَذَا لَا مَحْذُورَ فِي كَوْنِ
[35] اللَّهِ يَخْلُقُهُ ، وَجُمْهُورُهُمْ لَا يَقُولُونَ : إِنَّ هَذَا الظُّلْمَ وَالْعَبَثَ فِعْلُ اللَّهُ
[36] ، بَلْ يَقُولُونَ : إِنَّهُ فِعْلُ الْعَبْدِ لَكِنَّهُ مَخْلُوقٌ لِلَّهِ ، كَمَا أَنَّ قُدْرَةَ الْعَبْدِ وَسَمْعَهُ وَبَصَرَهُ مَخْلُوقٌ لِلَّهِ تَعَالَى ، وَلَيْسَ هُوَ سَمْعَ الْحَقِّ وَلَا بَصَرَهُ وَلَا قُدْرَتَهُ .