الوجه الثاني : أن قوله
[1] : " ومنها
nindex.php?page=treesubj&link=28786_28778تجويز تعذيب الأنبياء وإثابة الشياطين " ، إن أراد به أنهم يقولون إن الله قادر على ذلك فهو لا ينازع في القدرة . وإن أراد أنا هل
[2] نشك : هل يفعله
[3] أو لا يفعله ؟ فمعلوم أنا لا نشك في ذلك ، بل نعلم انتفاءه ، وعلمنا بانتفائه
[4] مستلزم لانتفائه
[5] .
[ ص: 90 ] وإن أراد أن من قال إنه يفعل لا لحكمة يلزمه تجويز وقوع ذلك [ منه ]
[6] وإمكان وقوعه منه
[7] وإنه لو فعل ذلك لم يكن ظالما ، فلا ريب أن هذا قول هؤلاء . وهم يصرحون بذلك
[8] ، لكن أكثر أهل السنة لا يقولون بذلك ، بل عندهم أن الله منزه عن ذلك ومقدس عنه ، ولكن على هذا لا يلزم
[9] أن تكون الطاعة سفها ، فإنها إنما تكون سفها إذا كان وجودها كعدمها ، والمسلمون متفقون على أن وجودها نافع وعدمها مضر ، وإن كانوا متنازعين : هل يجوز أن يفعل
[10] الرب خلاف ذلك ، فإن نزاعهم في الجواز لا في الوقوع .
الْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّ قَوْلَهُ
[1] : " وَمِنْهَا
nindex.php?page=treesubj&link=28786_28778تَجْوِيزُ تَعْذِيبِ الْأَنْبِيَاءِ وَإِثَابَةِ الشَّيَاطِينِ " ، إِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ لَا يُنَازَعُ فِي الْقُدْرَةِ . وَإِنْ أَرَادَ أَنَّا هَلْ
[2] نَشُكُّ : هَلْ يَفْعَلُهُ
[3] أَوْ لَا يَفْعَلُهُ ؟ فَمَعْلُومٌ أَنَّا لَا نَشُكُّ فِي ذَلِكَ ، بَلْ نَعْلَمُ انْتِفَاءَهُ ، وَعِلْمُنَا بِانْتِفَائِهِ
[4] مُسْتَلْزِمٌ لِانْتِفَائِهِ
[5] .
[ ص: 90 ] وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ مَنْ قَالَ إِنَّهُ يَفْعَلُ لَا لِحِكْمَةٍ يَلْزَمُهُ تَجْوِيزُ وُقُوعِ ذَلِكَ [ مِنْهُ ]
[6] وَإِمْكَانُ وُقُوعِهِ مِنْهُ
[7] وَإِنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ ظَالِمًا ، فَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا قَوْلُ هَؤُلَاءِ . وَهُمْ يُصَرِّحُونَ بِذَلِكَ
[8] ، لَكِنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ السُّنَّةِ لَا يَقُولُونَ بِذَلِكَ ، بَلْ عِنْدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ وَمُقَدَّسٌ عَنْهُ ، وَلَكِنْ عَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُ
[9] أَنْ تَكُونَ الطَّاعَةُ سَفَهًا ، فَإِنَّهَا إِنَّمَا تَكُونُ سَفَهًا إِذَا كَانَ وَجُودُهَا كَعَدَمِهَا ، وَالْمُسْلِمُونَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ وُجُودَهَا نَافِعٌ وَعَدَمَهَا مُضِرٌّ ، وَإِنْ كَانُوا مُتَنَازِعِينَ : هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ
[10] الرَّبُّ خِلَافَ ذَلِكَ ، فَإِنَّ نِزَاعَهُمْ فِي الْجَوَازِ لَا فِي الْوُقُوعِ .