[ ص: 122 ] فصل قال الرافضي
[1] : " البرهان التاسع : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61nindex.php?page=treesubj&link=31309_28833فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) [ سورة آل عمران : 61 ] . نقل الجمهور كافة أن " أبناءنا " إشارة إلى
nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن nindex.php?page=showalam&ids=17والحسين ، و " نساءنا " إشارة إلى
nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة . و " أنفسنا " إشارة إلى
nindex.php?page=showalam&ids=8علي [2] . وهذه الآية دليل
[3] على ثبوت الإمامة
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي لأنه تعالى \ قد جعل نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والاتحاد محال ، فيبقى المراد بالمساواة له الولاية
[4] . وأيضا لو كان غير هؤلاء مساويا لهم وأفضل
[5] منهم في استجابة الدعاء لأمره تعالى بأخذهم معه لأنه في موضع الحاجة ، وإذا كانوا هم الأفضل تعينت الإمامة فيهم
[6] . وهل تخفى دلالة هذه الآية على المطلوب إلا [ على ]
[7] من استحوذ الشيطان عليه ، وأخذ بمجامع
[ ص: 123 ] قلبه ، وحببت إليه الدنيا
[8] التي لا ينالها إلا بمنع أهل الحق من
[9] حقهم ؟ " . والجواب أن يقال : " أما أخذه
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا [
nindex.php?page=showalam&ids=129وفاطمة ]
[10] nindex.php?page=showalam&ids=35والحسن nindex.php?page=showalam&ids=17والحسين في المباهلة فحديث صحيح ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص . قال في حديث طويل
[11] :
nindex.php?page=hadith&LINKID=665295 " لما نزلت هذه الآية : ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ) [ سورة آل عمران : 61 ] [12] دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=showalam&ids=8عليا nindex.php?page=showalam&ids=129وفاطمة وحسنا nindex.php?page=showalam&ids=17وحسينا فقال : " اللهم هؤلاء أهلي " . ولكن لا دلالة في ذلك على الإمامة ولا على الأفضلية . وقوله : " قد جعله الله نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والاتحاد محال ، فبقى المساواة له
[13] ، وله الولاية العامة ، فكذا المساوية "
[14] . قلنا : لا نسلم أنه لم يبق إلا المساواة ، ولا دليل على ذلك ، بل حمله على ذلك ممتنع ، لأن أحدا لا يساوي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا [15] ولا غيره
[ ص: 124 ] وهذا اللفظ في لغة العرب لا يقتضي المساواة . قال تعالى في قصة الإفك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=12لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا ) [ سورة النور : 12 ] ، ولم يوجب ذلك أن يكون المؤمنون والمؤمنات متساوين . وقد قال الله تعالى في قصة
بني إسرائيل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=54فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم ) [ سورة البقرة : 54 ] ، أي : يقتل بعضكم بعضا ، ولم يوجب ذلك أن يكونوا متساوين ، ولا أن يكون من عبد العجل مساويا لمن لم يعبده . وكذلك قد قيل في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29ولا تقتلوا أنفسكم ) [ سورة النساء : 29 ] أي : لا يقتل بعضكم بعضا ، وإن كانوا غير متساوين . وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=11ولا تلمزوا أنفسكم ) [ سورة الحجرات : 11 ] : أي لا يلمز بعضكم بعضا ; فيطعن عليه ويعيبه . وهذا نهي لجميع المؤمنين ، أن لا يفعل بعضهم ببعض هذا الطعن والعيب ، مع أنهم غير متساوين لا في الأحكام ، ولا في الفضيلة ولا الظالم كالمظلوم ، ولا الإمام كالمأموم . ومن هذا الباب قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=85ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم ) [ سورة البقرة : 85 ] : أي يقتل بعضكم بعضا . وإذا كان اللفظ في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61وأنفسنا وأنفسكم ) كاللفظ في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=11ولا تلمزوا أنفسكم ) [ سورة الحجرات : 11 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=12لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا ) [ سورة النور : 12 ] ونحو ذلك ، مع أن التساوي هنا ليس بواجب بل ممتنع ، فكذلك هناك وأشد . بل هذا اللفظ يدل على المجانسة والمشابهة . والتجانس والمشابهة يكون بالاشتراك
[ ص: 125 ] في [ بعض الأمور ، كالاشتراك في ] الإيمان
[16] ، فالمؤمنون إخوة في الإيمان ، وهو المراد بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=12لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا ) [ سورة النور : 12 ] ، وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=11ولا تلمزوا أنفسكم ) [ سورة الحجرات : 11 ] . وقد يكون بالاشتراك في الدين ، وإن كان فيهم المنافق ، كاشتراك المسلمين في الإسلام الظاهر ، وإن كان مع ذلك الاشتراك في النسب فهو أوكد . وقوم
موسى كانوا أنفسنا
[17] بهذا الاعتبار . قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ) [ سورة آل عمران : 61 ] أي رجالنا ورجالكم ، أي الرجال الذين هم من جنسنا في الدين والنسب ، والرجال الذين هم من جنسكم . أو المراد
[18] التجانس في القرابة فقط ; لأنه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم ) فذكر الأولاد وذكر [ النساء ]
[19] والرجال ، فعلم أنه أراد الأقربين إلينا من الذكور والإناث ، من الأولاد والعصبة . ولهذا دعا
nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن nindex.php?page=showalam&ids=17والحسين من الأبناء ، ودعا
nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة من النساء ، ودعا
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا من رجاله
[20] ، ولم يكن عنده أحد أقرب إليه نسبا من هؤلاء ، وهم الذين أدار عليهم الكساء . والمباهلة إنما تحصل بالأقربين إليه ، وإلا فلو باهلهم بالأبعدين في
[ ص: 126 ] النسب ، وإن كانوا أفضل عند الله ، لم يحصل المقصود ; فإن المراد أنهم يدعون الأقربين ، كما يدعو هو
[21] الأقرب إليه . والنفوس تحنو على أقاربها ما لا تحنو على غيرهم ، وكانوا يعلمون أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ويعلمون أنهم إن باهلوه نزلت البهلة عليهم وعلى أقاربهم ، واجتمع خوفهم
[22] على أنفسهم وعلى أقاربهم ، فكان ذلك أبلغ في امتناعهم ، وإلا فالإنسان قد يختار أن يهلك ويحيا ابنه ، والشيخ الكبير قد يختار الموت إذا بقي أقاربه في نعمة ومال . وهذا موجود كثير . فطلب منهم المباهلة بالأبناء والنساء والرجال والأقربين من الجانبين ، فلهذا دعا هؤلاء . وآية المباهلة نزلت سنة عشر ; لما قدم وفد
نجران ، ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بقي من أعمامه إلا
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=18والعباس لم يكن من السابقين الأولين ، ولا كان له به اختصاص
nindex.php?page=showalam&ids=8كعلي . وأما بنو عمه فلم يكن فيهم مثل
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، وكان
جعفر قد قتل قبل ذلك . فإن المباهلة كانت لما قدم وفد
نجران سنة تسع أو عشر ،
وجعفر قتل
بمؤتة سنة ثمان ، فتعين
nindex.php?page=showalam&ids=8علي - رضي الله عنه - . وكونه تعين للمباهلة ; إذ ليس في الأقارب من يقوم مقامه ، لا يوجب أن يكون مساويا للنبي - صلى الله عليه وسلم - في شيء من الأشياء ، بل ولا أن يكون
[23] أفضل من سائر الصحابة مطلقا ، بل له بالمباهلة نوع فضيلة ،
[ ص: 127 ] وهي مشتركة بينه وبين
nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة nindex.php?page=showalam&ids=35وحسن nindex.php?page=showalam&ids=17وحسين ، ليست من خصائص الإمامة ، فإن خصائص
nindex.php?page=treesubj&link=7641الإمامة لا تثبت للنساء ، ولا يقتضي أن يكون من باهل به أفضل من جميع الصحابة ، كما لم يوجب أن تكون
nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة nindex.php?page=showalam&ids=35وحسن nindex.php?page=showalam&ids=17وحسين أفضل من جميع الصحابة .
[ ص: 122 ] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ
[1] : " الْبُرْهَانُ التَّاسِعُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61nindex.php?page=treesubj&link=31309_28833فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) [ سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ : 61 ] . نَقَلَ الْجُمْهُورُ كَافَّةً أَنَّ " أَبْنَاءَنَا " إِشَارَةٌ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=35الْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=17وَالْحُسَيْنِ ، وَ " نِسَاءَنَا " إِشَارَةٌ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=129فَاطِمَةَ . وَ " أَنْفُسَنَا " إِشَارَةٌ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ [2] . وَهَذِهِ الْآيَةُ دَلِيلٌ
[3] عَلَى ثُبُوتِ الْإِمَامَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيٍّ لِأَنَّهُ تَعَالَى \ قَدْ جَعَلَ نَفْسَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَالِاتِّحَادُ مُحَالٌ ، فَيَبْقَى الْمُرَادُ بِالْمُسَاوَاةِ لَهُ الْوِلَايَةُ
[4] . وَأَيْضًا لَوْ كَانَ غَيْرُ هَؤُلَاءِ مُسَاوِيًا لَهُمْ وَأَفْضَلَ
[5] مِنْهُمْ فِي اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ لِأَمْرِهِ تَعَالَى بِأَخْذِهِمْ مَعَهُ لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ ، وَإِذَا كَانُوا هُمُ الْأَفْضَلُ تَعَيَّنَتِ الْإِمَامَةُ فِيهِمْ
[6] . وَهَلْ تَخْفَى دَلَالَةُ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى الْمَطْلُوبِ إِلَّا [ عَلَى ]
[7] مَنِ اسْتَحْوَذَ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ ، وَأَخَذَ بِمَجَامِعِ
[ ص: 123 ] قَلْبِهِ ، وَحُبِّبَتْ إِلَيْهِ الدُّنْيَا
[8] الَّتِي لَا يَنَالُهَا إِلَّا بِمَنْعِ أَهْلِ الْحَقِّ مِنْ
[9] حَقِّهِمْ ؟ " . وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ : " أَمَّا أَخْذُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا [
nindex.php?page=showalam&ids=129وَفَاطِمَةَ ]
[10] nindex.php?page=showalam&ids=35وَالْحَسَنَ nindex.php?page=showalam&ids=17وَالْحُسَيْنَ فِي الْمُبَاهَلَةِ فَحَدِيثٌ صَحِيحٌ ، رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ . قَالَ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ
[11] :
nindex.php?page=hadith&LINKID=665295 " لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ) [ سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ : 61 ] [12] دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا nindex.php?page=showalam&ids=129وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا nindex.php?page=showalam&ids=17وَحُسَيْنًا فَقَالَ : " اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي " . وَلَكِنْ لَا دَلَالَةَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْإِمَامَةِ وَلَا عَلَى الْأَفْضَلِيَّةِ . وَقَوْلُهُ : " قَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ نَفْسَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَالِاتِّحَادُ مُحَالٌ ، فَبَقَى الْمُسَاوَاةُ لَهُ
[13] ، وَلَهُ الْوِلَايَةُ الْعَامَّةُ ، فَكَذَا الْمُسَاوِيَةُ "
[14] . قُلْنَا : لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ إِلَّا الْمُسَاوَاةُ ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ ، بَلْ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ مُمْتَنِعٌ ، لِأَنَّ أَحَدًا لَا يُسَاوِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : لَا
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا [15] وَلَا غَيْرَهُ
[ ص: 124 ] وَهَذَا اللَّفْظُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ لَا يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ . قَالَ تَعَالَى فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=12لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا ) [ سُورَةُ النُّورِ : 12 ] ، وَلَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ مُتَسَاوِينَ . وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=54فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ ) [ سُورَةُ الْبَقَرَةِ : 54 ] ، أَيْ : يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ، وَلَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونُوا مُتَسَاوِينَ ، وَلَا أَنْ يَكُونَ مَنْ عَبَدَ الْعِجْلَ مُسَاوِيًا لِمَنْ لَمْ يَعْبُدْهُ . وَكَذَلِكَ قَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) [ سُورَةُ النِّسَاءِ : 29 ] أَيْ : لَا يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ، وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مُتَسَاوِينَ . وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=11وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ ) [ سُورَةُ الْحُجُرَاتِ : 11 ] : أَيْ لَا يَلْمِزُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ; فَيَطْعَنُ عَلَيْهِ وَيَعِيبُهُ . وَهَذَا نَهْيٌ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ ، أَنْ لَا يَفْعَلَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضِ هَذَا الطَّعْنَ وَالْعَيْبَ ، مَعَ أَنَّهُمْ غَيْرُ مُتَسَاوِينَ لَا فِي الْأَحْكَامِ ، وَلَا فِي الْفَضِيلَةِ وَلَا الظَّالِمُ كَالْمَظْلُومِ ، وَلَا الْإِمَامُ كَالْمَأْمُومِ . وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=85ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ ) [ سُورَةُ الْبَقَرَةِ : 85 ] : أَيْ يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا . وَإِذَا كَانَ اللَّفْظُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ) كَاللَّفْظِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=11وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ ) [ سُورَةُ الْحُجُرَاتِ : 11 ] ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=12لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا ) [ سُورَةُ النُّورِ : 12 ] وَنَحْوَ ذَلِكَ ، مَعَ أَنَّ التَّسَاوِيَ هُنَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ بَلْ مُمْتَنِعٍ ، فَكَذَلِكَ هُنَاكَ وَأَشَدُّ . بَلْ هَذَا اللَّفْظُ يَدُلُّ عَلَى الْمُجَانَسَةِ وَالْمُشَابَهَةِ . وَالتَّجَانُسُ وَالْمُشَابَهَةُ يَكُونُ بِالِاشْتِرَاكِ
[ ص: 125 ] فِي [ بَعْضِ الْأُمُورِ ، كَالِاشْتِرَاكِ فِي ] الْإِيمَانِ
[16] ، فَالْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فِي الْإِيمَانِ ، وَهْوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=12لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا ) [ سُورَةُ النُّورِ : 12 ] ، وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=11وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ ) [ سُورَةُ الْحُجُرَاتِ : 11 ] . وَقَدْ يَكُونُ بِالِاشْتِرَاكِ فِي الدِّينِ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمُ الْمُنَافِقُ ، كَاشْتِرَاكِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْإِسْلَامِ الظَّاهِرِ ، وَإِنْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ الِاشْتِرَاكُ فِي النَّسَبِ فَهُوَ أَوْكَدُ . وَقَوْمُ
مُوسَى كَانُوا أَنْفُسَنَا
[17] بِهَذَا الِاعْتِبَارِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ) [ سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ : 61 ] أَيْ رِجَالَنَا وَرِجَالَكُمْ ، أَيِ الرِّجَالُ الَّذِينَ هُمْ مِنْ جِنْسِنَا فِي الدِّينِ وَالنَّسَبِ ، وَالرِّجَالُ الَّذِينَ هُمْ مِنْ جِنْسِكُمْ . أَوِ الْمُرَادُ
[18] التَّجَانُسُ فِي الْقَرَابَةِ فَقَطْ ; لِأَنَّهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ ) فَذَكَرَ الْأَوْلَادَ وَذَكَرَ [ النِّسَاءَ ]
[19] وَالرِّجَالَ ، فَعُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ الْأَقْرَبِينَ إِلَيْنَا مِنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ ، مِنَ الْأَوْلَادِ وَالْعَصَبَةِ . وَلِهَذَا دَعَا
nindex.php?page=showalam&ids=35الْحَسَنَ nindex.php?page=showalam&ids=17وَالْحُسَيْنَ مِنَ الْأَبْنَاءِ ، وَدَعَا
nindex.php?page=showalam&ids=129فَاطِمَةَ مِنَ النِّسَاءِ ، وَدَعَا
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا مِنْ رِجَالِهِ
[20] ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَحَدٌ أَقْرَبُ إِلَيْهِ نَسَبًا مِنْ هَؤُلَاءِ ، وَهُمُ الَّذِينَ أَدَارَ عَلَيْهِمُ الْكِسَاءَ . وَالْمُبَاهَلَةُ إِنَّمَا تَحْصُلُ بِالْأَقْرَبِينَ إِلَيْهِ ، وَإِلَّا فَلَوْ بَاهَلَهُمْ بِالْأَبْعَدِينَ فِي
[ ص: 126 ] النَّسَبِ ، وَإِنْ كَانُوا أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ ، لَمْ يَحْصُلِ الْمَقْصُودُ ; فَإِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَ الْأَقْرَبِينَ ، كَمَا يَدْعُو هُوَ
[21] الْأَقْرَبَ إِلَيْهِ . وَالنُّفُوسُ تَحْنُو عَلَى أَقَارِبِهَا مَا لَا تَحْنُو عَلَى غَيْرِهِمْ ، وَكَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ إِنْ بَاهَلُوهُ نَزَلَتِ الْبَهْلَةُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَقَارِبِهِمْ ، وَاجْتَمَعَ خَوْفُهُمْ
[22] عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى أَقَارِبِهِمْ ، فَكَانَ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي امْتِنَاعِهِمْ ، وَإِلَّا فَالْإِنْسَانُ قَدْ يَخْتَارُ أَنْ يَهْلَكَ وَيَحْيَا ابْنُهُ ، وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ قَدْ يَخْتَارُ الْمَوْتَ إِذَا بَقِيَ أَقَارِبُهُ فِي نِعْمَةٍ وَمَالٍ . وَهَذَا مَوْجُودٌ كَثِيرٌ . فَطَلَبَ مِنْهُمُ الْمُبَاهَلَةَ بِالْأَبْنَاءِ وَالنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ وَالْأَقْرَبِينَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ ، فَلِهَذَا دَعَا هَؤُلَاءِ . وَآيَةُ الْمُبَاهَلَةِ نَزَلَتْ سَنَةَ عَشْرٍ ; لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ
نَجْرَانَ ، وَلَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ بَقِيَ مِنْ أَعْمَامِهِ إِلَّا
nindex.php?page=showalam&ids=18الْعَبَّاسُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=18وَالْعَبَّاسُ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ ، وَلَا كَانَ لَهُ بِهِ اخْتِصَاصٌ
nindex.php?page=showalam&ids=8كَعَلِيٍّ . وَأَمَّا بَنُو عَمِّهِ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مِثْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، وَكَانَ
جَعْفَرُ قَدْ قُتِلَ قَبْلَ ذَلِكَ . فَإِنَّ الْمُبَاهَلَةَ كَانَتْ لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ
نَجْرَانَ سَنَةَ تِسْعٍ أَوْ عَشْرٍ ،
وَجَعْفَرُ قُتِلَ
بِمُؤْتَةَ سَنَةَ ثَمَانٍ ، فَتَعَيَّنَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - . وَكَوْنُهُ تَعَيَّنَ لِلْمُبَاهَلَةِ ; إِذْ لَيْسَ فِي الْأَقَارِبِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ ، لَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ ، بَلْ وَلَا أَنْ يَكُونَ
[23] أَفْضَلَ مِنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ مُطْلَقًا ، بَلْ لَهُ بِالْمُبَاهَلَةِ نَوْعُ فَضِيلَةٍ ،
[ ص: 127 ] وَهِيَ مُشْتَرِكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
nindex.php?page=showalam&ids=129فَاطِمَةَ nindex.php?page=showalam&ids=35وَحَسَنٍ nindex.php?page=showalam&ids=17وَحُسَيْنٍ ، لَيْسَتْ مِنْ خَصَائِصِ الْإِمَامَةِ ، فَإِنَّ خَصَائِصَ
nindex.php?page=treesubj&link=7641الْإِمَامَةِ لَا تَثْبُتُ لِلنِّسَاءِ ، وَلَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَنْ بَاهَلَ بِهِ أَفْضَلَ مِنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ ، كَمَا لَمْ يُوجِبْ أَنْ تَكُونَ
nindex.php?page=showalam&ids=129فَاطِمَةُ nindex.php?page=showalam&ids=35وَحَسَنٌ nindex.php?page=showalam&ids=17وَحُسَيْنٌ أَفْضَلَ مِنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ .