[ ص: 100 ] ومن تدبر حال
اليهود والنصارى مع المسلمين ، وجد
اليهود والنصارى متقابلين هؤلاء في طرف ضلال ، وهؤلاء في طرف يقابله ، والمسلمون هم الوسط .
وذلك في التوحيد ، والأنبياء ، والشرائع ، والحلال والحرام والأخلاق وغير ذلك .
nindex.php?page=treesubj&link=29434فاليهود يشبهون الخالق بالمخلوق في صفات النقص المختصة بالمخلوق التي يجب تنزيه الرب سبحانه عنها كقول من قال منهم : إنه فقير ، وإنه بخيل ، وإنه تعب لما خلق السماوات والأرض ،
والنصارى يشبهون المخلوق بالخالق في صفات الكمال المختصة بالخالق التي ليس له فيها مثل ، كقولهم إن
المسيح هو الله ، وابن الله .
وكل من القولين يستلزم الآخر .
nindex.php?page=treesubj&link=29434والنصارى أيضا يصفون اللاهوت بصفات النقص التي يجب تنزيه الرب عنها ، ويسبون الله سبا ما سبه إياه أحد من البشر ، كما كان
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل يقول : لا ترحموهم فإنهم قد سبوا الله سبة ما سبه
[ ص: 101 ] إياها أحد من البشر .
nindex.php?page=treesubj&link=29434واليهود تزعم أن الله يمتنع منه أن ينسخ ما شرعه ، كما يمتنع ما لا يدخل في القدرة أو ينافي العلم والحكمة .
nindex.php?page=treesubj&link=29434والنصارى يجوزون لأكابرهم أن ينسخوا شرع الله الذي بعث به رسله ، فيحللوا ما حرم ، كما حللوا الخنزير ، وغيره من الخبائث ، بل لم يحرموا شيئا ، ويحرمون ما حلل ، كما يحرمون في رهبانيتهم التي ابتدعوها ، وحرموا فيها من الطيبات ما أحله الله ، ويسقطون ما أوجب كما أسقطوا الختان وغيره ، وأسقطوا أنواع الطهارة من الغسل ، وإزالة النجاسة وغير ذلك .
ويوجبون ما أسقط ، كما أوجبوا من القوانين ما لم يوجبه الله وأنبياؤه .
nindex.php?page=treesubj&link=29625_28644والمسلمون وصفوا الرب بما يستحقه من صفات الكمال ، ونزهوه عن النقص ، وأن يكون له مثل ، فوصفوه بما وصف به نفسه ، وبما وصفته به رسله من غير تحريف ولا تعطيل ، ومن غير تكييف ولا تمثيل ، مع
[ ص: 102 ] علمهم أنه ليس كمثله شيء لا في ذاته ، ولا في صفاته ، ولا في أفعاله .
وقالوا : ألا له الخلق والأمر ، فكما لا يخلق غيره لا يأمر غيره ، بل الدين كله له ، هو المعبود المطاع الذي لا يستحق العبادة إلا هو ، ولا طاعة لأحد إلا طاعته ، وهو ينسخ ما ينسخه من شرعه ، وليس لغيره أن ينسخ شرعه .
nindex.php?page=treesubj&link=29434
واليهود بالغوا في اجتناب النجاسات ، وتحريم الطيبات ، والنصارى استحلوا الخبائث ، وملابسة النجاسات ، والمسلمون أحل الله لهم الطيبات خلافا لليهود ، وحرم عليهم الخبائث ، خلافا للنصارى . واليهود يبالغون في طهارة أبدانهم مع خبث قلوبهم
والنصارى يدعون أنهم يطهرون قلوبهم مع نجاسة أبدانهم ، والمسلمون يطهرون أبدانهم وقلوبهم جميعا .
والنصارى لهم عبادات وأخلاق ، بلا علم ومعرفة ولا ذكاء ،
واليهود لهم ذكاء وعلم ومعرفة بلا عبادات ولا أخلاق حسنة .
nindex.php?page=treesubj&link=28644_28643_28639والمسلمون جمعوا بين العلم النافع ، والعمل الصالح ، بين الزكا والذكاء ، فإن الله أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ، فالهدى
[ ص: 103 ] يتضمن العلم النافع ، ودين الحق يتضمن العمل الصالح ليظهره على الدين كله ، والظهور يكون بالعلم واللسان ليبين أنه حق وهدى ، ويكون باليد والسلاح ليكون منصورا مؤيدا ، والله أظهره هذا الظهور فهم أهل الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، غير المغضوب عليهم الذين يعرفون الحق ، ولا يعملون به ،
كاليهود ، ولا الضالين الذين يعملون ويعبدون ويزهدون بلا علم
كالنصارى .
واليهود قتلوا النبيين ، والذين يأمرون بالقسط من الناس ،
والنصارى اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله
والمسيح ابن مريم .
والمسلمون اعتدلوا فآمنوا بالله وملائكته وكتبه ، ورسله ، ولم يفرقوا بين أحد من رسله وآمنوا بجميع النبيين ، وبكل كتاب أنزله الله فلم يكذبوا الأنبياء ولا سبوهم ولا غلوا فيهم ولا عبدوهم ، وكذلك أهل العلم والدين لا يبخسونهم حقهم ولا غلوا فيهم .
واليهود يغضبون لأنفسهم وينتقمون ،
والنصارى لا يغضبون لربهم ولا ينتقمون .
والمسلمون المعتدلون المتبعون لنبيهم يغضبون لربهم ويعفون عن حظوظهم كما في الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - أنها
[ ص: 104 ] قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=703751nindex.php?page=treesubj&link=30961_18761_30977_30995ما ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده خادما له ، ولا امرأة ولا شيئا قط ، إلا أن يجاهد في سبيل الله ، ولا نيل منه شيء قط فانتقم لنفسه ، إلا أن تنتهك محارم الله فينتقم لله .
وفي الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك - رضي الله عنه - ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=661277خدمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر سنين ، فما قال لي : أف قط ، وما قال لي لشيء فعلته : لم فعلته ؟ ولا لشيء لم أفعله : لم لم تفعله ؟ وكان بعض أهله إذا عاتبني على شيء يقول :
" دعوه فلو قضي شيء لكان " .
[ ص: 105 ] هذا في حق نفسه ، وأما في حدود الله ، ففي الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653216 ( أن قريشا أهمهم شأن المخزومية التي سرقت ، فقالوا : من يكلم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ( فقالوا من يجترئ عليه إلا nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) فكلمه فيها nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة ، فقال : يا nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة ، أتشفع في حد من حدود الله ، إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدود ، والذي نفسي بيده لو أن nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) .
وقد وصف الله أمة
محمد - صلى الله عليه وسلم - بأنهم أنفع الأمم للخلق ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=110كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون .
[ ص: 106 ] nindex.php?page=treesubj&link=24661ففي أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - من الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر الذي فيه صلاح العباد في المعاش والمعاد ما لم يوجد مثله في الأمتين .
[ ص: 100 ] وَمَنْ تَدَبَّرَ حَالَ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مَعَ الْمُسْلِمِينَ ، وَجَدَ
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مُتَقَابِلِينَ هَؤُلَاءِ فِي طَرَفِ ضَلَالٍ ، وَهَؤُلَاءِ فِي طَرَفٍ يُقَابِلُهُ ، وَالْمُسْلِمُونَ هُمُ الْوَسَطُ .
وَذَلِكَ فِي التَّوْحِيدِ ، وَالْأَنْبِيَاءِ ، وَالشَّرَائِعِ ، وَالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْأَخْلَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .
nindex.php?page=treesubj&link=29434فَالْيَهُودُ يُشَبِّهُونَ الْخَالِقَ بِالْمَخْلُوقِ فِي صِفَاتِ النَّقْصِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْمَخْلُوقِ الَّتِي يَجِبُ تَنْزِيهُ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ عَنْهَا كَقَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ : إِنَّهُ فَقِيرٌ ، وَإِنَّهُ بَخِيلٌ ، وَإِنَّهُ تَعِبَ لَمَّا خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ،
وَالنَّصَارَى يُشَبِّهُونَ الْمَخْلُوقَ بِالْخَالِقِ فِي صِفَاتِ الْكَمَالِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْخَالِقِ الَّتِي لَيْسَ لَهُ فِيهَا مِثْلٌ ، كَقَوْلِهِمْ إِنَّ
الْمَسِيحَ هُوَ اللَّهُ ، وَابْنُ اللَّهِ .
وَكُلٌّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ يَسْتَلْزِمُ الْآخَرَ .
nindex.php?page=treesubj&link=29434وَالنَّصَارَى أَيْضًا يَصِفُونَ اللَّاهُوتَ بِصِفَاتِ النَّقْصِ الَّتِي يَجِبُ تَنْزِيهُ الرَّبِّ عَنْهَا ، وَيَسُبُّونَ اللَّهَ سَبًّا مَا سَبَّهُ إِيَّاهُ أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ ، كَمَا كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَقُولُ : لَا تَرْحَمُوهُمْ فَإِنَّهُمْ قَدْ سَبُّوا اللَّهَ سُبَّةً مَا سَبَّهُ
[ ص: 101 ] إِيَّاهَا أَحَدٌ مِنَ الْبَشَرِ .
nindex.php?page=treesubj&link=29434وَالْيَهُودُ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ يَمْتَنِعُ مِنْهُ أَنْ يَنْسَخَ مَا شَرَعَهُ ، كَمَا يَمْتَنِعُ مَا لَا يَدْخُلُ فِي الْقُدْرَةِ أَوْ يُنَافِي الْعِلْمَ وَالْحِكْمَةَ .
nindex.php?page=treesubj&link=29434وَالنَّصَارَى يُجَوِّزُونَ لِأَكَابِرِهِمْ أَنْ يَنْسَخُوا شَرْعَ اللَّهِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ رُسُلَهُ ، فَيُحَلِّلُوا مَا حَرَّمَ ، كَمَا حَلَّلُوا الْخِنْزِيرَ ، وَغَيْرَهُ مِنَ الْخَبَائِثِ ، بَلْ لَمْ يُحَرِّمُوا شَيْئًا ، وَيُحَرِّمُونَ مَا حَلَّلَ ، كَمَا يُحَرِّمُونَ فِي رَهْبَانِيَّتِهِمُ الَّتِي ابْتَدَعُوهَا ، وَحَرَّمُوا فِيهَا مِنَ الطَّيِّبَاتِ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ ، وَيُسْقِطُونَ مَا أَوْجَبَ كَمَا أَسْقَطُوا الْخِتَانَ وَغَيْرَهُ ، وَأَسْقَطُوا أَنْوَاعَ الطَّهَارَةِ مِنَ الْغُسْلِ ، وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .
وَيُوجِبُونَ مَا أَسْقَطَ ، كَمَا أَوْجَبُوا مِنَ الْقَوَانِينِ مَا لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ وَأَنْبِيَاؤُهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=29625_28644وَالْمُسْلِمُونَ وَصَفُوا الرَّبَّ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ ، وَنَزَّهُوهُ عَنِ النَّقْصِ ، وَأَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلٌ ، فَوَصَفُوهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ ، وَبِمَا وَصَفَتْهُ بِهِ رُسُلُهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ ، وَمِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ ، مَعَ
[ ص: 102 ] عِلْمِهِمْ أَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لَا فِي ذَاتِهِ ، وَلَا فِي صِفَاتِهِ ، وَلَا فِي أَفْعَالِهِ .
وَقَالُوا : أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ، فَكَمَا لَا يَخْلُقُ غَيْرُهُ لَا يَأْمُرُ غَيْرُهُ ، بَلِ الدِّينُ كُلُّهُ لَهُ ، هُوَ الْمَعْبُودُ الْمُطَاعُ الَّذِي لَا يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ إِلَّا هُوَ ، وَلَا طَاعَةَ لِأَحَدٍ إِلَّا طَاعَتُهُ ، وَهُوَ يَنْسَخُ مَا يَنْسَخُهُ مِنْ شَرْعِهِ ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَنْسَخَ شَرْعَهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=29434
وَالْيَهُودُ بَالَغُوا فِي اجْتِنَابِ النَّجَاسَاتِ ، وَتَحْرِيمِ الطَّيِّبَاتِ ، وَالنَّصَارَى اسْتَحَلُّوا الْخَبَائِثَ ، وَمُلَابَسَةَ النَّجَاسَاتِ ، وَالْمُسْلِمُونَ أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ خِلَافًا لِلْيَهُودِ ، وَحَرَّمَ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ، خِلَافًا لِلنَّصَارَى . وَالْيَهُودُ يُبَالِغُونَ فِي طَهَارَةِ أَبْدَانِهِمْ مَعَ خُبْثِ قُلُوبِهِمْ
وَالنَّصَارَى يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يُطَهِّرُونَ قُلُوبَهُمْ مَعَ نَجَاسَةِ أَبْدَانِهِمْ ، وَالْمُسْلِمُونَ يُطَهِّرُونَ أَبْدَانَهُمْ وَقُلُوبَهُمْ جَمِيعًا .
وَالنَّصَارَى لَهُمْ عِبَادَاتٌ وَأَخْلَاقٌ ، بِلَا عِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ وَلَا ذَكَاءٍ ،
وَالْيَهُودُ لَهُمْ ذَكَاءٌ وَعِلْمٌ وَمَعْرِفَةٌ بِلَا عِبَادَاتٍ وَلَا أَخْلَاقٍ حَسَنَةٍ .
nindex.php?page=treesubj&link=28644_28643_28639وَالْمُسْلِمُونَ جَمَعُوا بَيْنَ الْعِلْمِ النَّافِعِ ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ ، بَيْنَ الزَّكَا وَالذَّكَاءِ ، فَإِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ ، فَالْهُدَى
[ ص: 103 ] يَتَضَمَّنُ الْعِلْمَ النَّافِعَ ، وَدِينُ الْحَقِّ يَتَضَمَّنُ الْعَمَلَ الصَّالِحَ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ، وَالظُّهُورُ يَكُونُ بِالْعِلْمِ وَاللِّسَانِ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ حَقٌّ وَهُدًى ، وَيَكُونُ بِالْيَدِ وَالسِّلَاحِ لِيَكُونَ مَنْصُورًا مُؤَيَّدًا ، وَاللَّهُ أَظْهَرُهُ هَذَا الظُّهُورَ فَهُمْ أَهْلُ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ ، صِرَاطِ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ، غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمُ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ الْحَقَّ ، وَلَا يَعْمَلُونَ بِهِ ،
كَالْيَهُودِ ، وَلَا الضَّالِّينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ وَيَعْبُدُونَ وَيَزْهَدُونَ بِلَا عِلْمٍ
كَالنَّصَارَى .
وَالْيَهُودُ قَتَلُوا النَّبِيِّينَ ، وَالَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ ،
وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ
وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ .
وَالْمُسْلِمُونَ اعْتَدَلُوا فَآمَنُوا بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ ، وَرُسُلِهِ ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَآمَنُوا بِجَمِيعِ النَّبِيِّينَ ، وَبِكُلِّ كِتَابٍ أَنْزَلَهُ اللَّهُ فَلَمْ يُكَذِّبُوا الْأَنْبِيَاءَ وَلَا سَبُّوهُمْ وَلَا غَلَوْا فِيهِمْ وَلَا عَبَدُوهُمْ ، وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَالدِّينِ لَا يَبْخَسُونَهُمْ حَقَّهُمْ وَلَا غَلَوْا فِيهِمْ .
وَالْيَهُودُ يَغْضَبُونَ لِأَنْفُسِهِمْ وَيَنْتَقِمُونَ ،
وَالنَّصَارَى لَا يَغْضَبُونَ لِرَبِّهِمْ وَلَا يَنْتَقِمُونَ .
وَالْمُسْلِمُونَ الْمُعْتَدِلُونَ الْمُتَّبِعُونَ لِنَبِيِّهِمْ يَغْضَبُونَ لِرَبِّهِمْ وَيَعْفُونَ عَنْ حُظُوظِهِمْ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا
[ ص: 104 ] قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=703751nindex.php?page=treesubj&link=30961_18761_30977_30995مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ خَادِمًا لَهُ ، وَلَا امْرَأَةً وَلَا شَيْئًا قَطُّ ، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَلَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَانْتَقَمَ لِنَفْسِهِ ، إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ مَحَارِمُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=661277خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَشْرَ سِنِينَ ، فَمَا قَالَ لِي : أُفٍّ قَطُّ ، وَمَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ فَعَلْتُهُ : لِمَ فَعَلْتَهُ ؟ وَلَا لِشَيْءٍ لَمْ أَفْعَلْهُ : لِمَ لَمْ تَفْعَلْهُ ؟ وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِهِ إِذَا عَاتَبَنِي عَلَى شَيْءٍ يَقُولُ :
" دَعُوهُ فَلَوْ قُضِيَ شَيْءٌ لَكَانَ " .
[ ص: 105 ] هَذَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ ، وَأَمَّا فِي حُدُودِ اللَّهِ ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653216 ( أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ ، فَقَالُوا : مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، ( فَقَالُوا مَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا nindex.php?page=showalam&ids=111أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ) فَكَلَّمَهُ فِيهَا nindex.php?page=showalam&ids=111أُسَامَةُ ، فَقَالَ : يَا nindex.php?page=showalam&ids=111أُسَامَةُ ، أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ، إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحُدُودَ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=129فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا ) .
وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ أُمَّةَ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُمْ أَنْفَعُ الْأُمَمِ لِلْخَلْقِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=110كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ .
[ ص: 106 ] nindex.php?page=treesubj&link=24661فَفِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ الَّذِي فِيهِ صَلَاحُ الْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ مَا لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ فِي الْأُمَّتَيْنِ .