( حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد ) : بالتصغير . ( قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16577عفان بن مسلم ، أخبرنا ) : وفي نسخة " أنبأنا " . (
عبد الله بن حسان ) : بتشديد السين منصرفا وغير منصرف . ( العنبري عن جدتيه
دحيبة ) : بدال وحاء مهملتين . (
وعليبة ) :
[ ص: 145 ] بالتصغير فيهما . ( عن
قيلة ) : بفتح فسكون . ( بنت مخرمة ) : بسكون المعجمة بين فتحات ، قال
ميرك : هكذا وقع في نسخ الشمائل ، وهو خطأ ، والصواب عن جدتيه
دحيبة وصفية ، أي بفتح فكسر ، بنتي
عليبة ، هكذا ذكره المؤلف على الصواب في جامعه .
وعليبة هو ابن حرملة بن عبد الله بن إياس ،
فعليبة أبوهما كما صرح به
ابن عبد الله وابن منده وابن سعد في الطبقات ، وهما جدتا
عبد الله بن حسان ، إحداهما من قبل الأب والثانية من طرف الأم ; لما وقع الزواج بين ابن الخالة وبنت الخالة ، وهما ترويان عن جدة أبيهما
قيلة بنت مخرمة ، قال المؤلف في جامعه :
وقيلة جدة أبيهما أم أمه ، وكانت ربتهما ، وكانت من الصحابيات ، انتهى . وبهذا ظهر بطلان ما قاله
ابن حجر من أنه اعترض ، أي في تهذيب الكمال بأن صواب هاتين
دحيبة وصفية بنتا
عليبة ، ويرد بأن هذا لا ينافي أن
دحيبة جدته وأن أمها
عليبة جدته ، وأنه رواه عنها فصح ما قاله
الترمذي ، وكون
دحيبة لها أخت اسمها
صفية ليس الكلام فيه بوجه ، انتهى كلامه . ( قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10344987رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وعليه أسمال مليتين ) : بالإضافة البيانية من قبيل جرد قطيفة ، والأسمال بالسين المهملة جمع سمل بتحريكهما ، وهو الثوب الخلق ، يقال : ثوب أسمال كما يقال : رمح أقصاد ، وبرمة أعشار ، والقصد الرمح وهو أحد ما جاء على بناء الجمع ، وبرمة أعشار إذا انكسرت قطعا ، وقلب أعشار جاء على بناء الجمع أيضا ، ويقال : ثوب أخلاق إذا كانت الخلوقة فيه كله . والملية بتشديد الياء تصغير الملاءة بالضم والمد ، لكن بعد حذف الألف ، وهي الإزار على ما في النهاية ، وفي الصحاح هي الريطة أي الملحفة ، وفي القاموس هي كل ثوب لم يضم بعضه لبعض بخيط بل كله نسج واحد . والمراد بالأسمال ما فوق الواحد ليطابق التثنية . ( كانتا بزعفران ) : أي مصبوغتين به ، وأما قول الحنفي : أي مخلوطتين ففيه تسامح لا يخفى . ( وقد نفضته ) : بالفاء أي الأسمال أو كل واحدة من المليتين لون الزعفران ولم يبق أثر منه ، وفي بعض النسخ : نفضتا على صيغة المجهول أي المليتان أو الأسمال والتثنية للميل إلى المعنى ، وفي نسخة بصيغة التثنية للمعلوم ، قال
ميرك : كذا وقع في أصل سماعنا بصيغة التثنية فعلا ماضيا معروفا ، وكذا عند المؤلف في جامعه ، والفاعل المليتان أي نفضت المليتان لون الزعفران الذي صبغتا به ، وحذف المفعول كثير ، ومنه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=41أهذا الذي بعث الله رسولا ) أي بعثه الله ، والأصل في النفض التحريك ، فإسناد النفض إلى الملية مجازي ، ويجوز أن يكون من قولهم نفض الثوب نفضا فهو نافض أي ذهب بعض لونه من الحمرة والصفرة ، كما قاله صاحب الصحاح فلا يحتاج إلى ارتكاب حذف المفعول
[ ص: 146 ] وإليه يومئ كلام صاحب النهاية
والمزي في تهذيب الكمال ، حيث قال صاحب النهاية : أي نصل لون صبغها ولم يبق منه إلا الأثر . وقال
المزي : إنما جمعت الأسمال وثنيت الملاءتين لأنها أرادت أنهما كانتا قد انقطعتا حتى صارتا قطعا ونفضتا أي ذهب لونه منهما إلا اليسير بطول لبسهما واستعمالهما ، لكن يؤيد حذف المفعول ما وقع في بعض النسخ : وقد نفضته ، انتهى . ولا ينافي ما تقرر من إيثاره صلى الله عليه وسلم بذاذة الهيئة ورثاثة اللبسة ، وتبعه على ذلك السلف وجمهور الصوفية ، وأما ما اختاره جماعة من القادة النقشبندية والسادة الشاذلية من لبس الثياب السنية واستعمال المراكب البهية ; لأن السلف لما رأوا أهل اللهو يتفاخرون بالزينة والملابس أظهروا لهم برثاثة ملابسهم حقارة ما حقره الحق مما عظمه الغافلون ، والآن قد قست القلوب ونسي ذلك المعنى واتخذ الغافلون رثاثة الهيئة حيلة على جلب الدنيا ووسيلة إلى حب أهلها فانعكس الأمر وصار مخالفهم في ذلك لله متبعا لرسوله وللسلف ، ومن ثمة قال العارف بالله تعالى
أبو الحسن الشاذلي قدس الله سره لذي رثاثة أنكر عليه جمال هيئته : يا هذا هيئتي هذه تقول الحمد لله وهيئتك هذه تقول أعطوني من دنياكم شيئا لله . وأما النقشبندية فعمدة غرضهم التستر بحالهم والتباعد عن الرياء والسمعة في أفعالهم هذه وقد قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=32قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ) ولهذا ثبت أنه صلى الله عليه وسلم لبس أيضا من الثياب الفاخرة وأكل من اللذيذات الطيبة الطاهرة ، وإنما اختار البذاذة وظهور الفاقة في أحواله تواضعا لله تعالى ونظرا إلى أن هذا الطريق أسلم بالنسبة إلى كل فريق ، وصح أنه صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10343347إن الله جميل يحب الجمال " وفي رواية : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10344988نظيف يحب النظافة " . وروى أصحاب السنن :
أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا وعليه أطمار ، وفي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10344990ثوب دون ، فقال له : " هل لك من مال ؟ " فقال : نعم ، فقال : " من أي المال ؟ " قال : من كل ما آتى الله من الإبل والشياه ، فقال : " فكثر نعمته وكرامته عليك " أي فأظهر أثر نعمته بالحمد والشكر بلسان القال والحال ليكون سببا للمزيد في الاستقبال والمآل ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وأما بنعمة ربك فحدث ) ، وفي السنن أيضا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10344991إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده " . أي لإنبائه عن الجمال الباطن وهو الشكر على النعمة ، وهاهنا مزلقة لقوم ومصعدة لآخرين في الفعل والترك ; حيث لا بد للسالك فيهما من تصحيح النية وإخلاص تلك الطوية فلا يلبس بافتخار ولا يترك بخلا واحتقارا ، فإنه ورد في الحديث "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10344871البذاذة من الإيمان " وكان صلى الله عليه وسلم يتجمل للوفود ، وفي الحقيقة لا اعتبار بالجمال الظاهري كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=4وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم ) ، ولكن الغالب أن الظاهر عنوان الباطن والمدار على طهارة القلوب ومعرفة علام الغيوب ; ولذا ورد : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10344992إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " . ولا ينافي لبسه لهذين ما مر من صحة نهيه صلى الله عليه وسلم عن لبس المزعفر ، كذا ذكره
ابن حجر من غير تعليل ، فظاهر كلامه أنه لما أنه لبس بعد نفض الزعفران ، وفيه نظر ويمكن أن يكون قبل النهي ، ويدل عليه ما في القصة الطويلة أنها كانت أول الإسلام . ( وفي الحديث قصة طويلة ) : وقال
ابن حجر : وتركها لعدم
[ ص: 147 ] مناسبتها لما هو فيه ، وهي ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني بسند لا بأس به أن رجلا جاء فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10344993السلام عليك يا رسول ، فقال : " وعليك السلام ورحمة الله وبركاته " وعليه أسمال مليتين قد كانتا بزعفران فنفضتا ، وبيده عسيب نخلة ، قاعد القرفصاء ، قال : فلما رأيته أرعدت من الفرق ، فنظر إلي فقال : " وعليك السكينة " ، فذهب عني ما أجد من الروع ، انتهى كلامه . وكأنه ما اطلع على القصة بطولها الذي هو سبب لتركها ، وهو ما ذكره
ميرك حيث قال : رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في معجمه الكبير من طريق
حفص بن عمر أبي عمر الجويني ، وهو من رجال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري قال : حدثنا
عبد الله بن حسان العنبري ، حدثتني جدتاي
صفية ودحيبة بنتا
عليبة أن قيلة بنت مخرمة حدثتهما أنها كانت تحت حبيب بن أزهر أخي بني خباب ، فولدت له النساء ، ثم توفي ، فانتزع بناتها منها أيوب بن أزهر عمهن ، فخرجت تبتغي الصحابة ، أي المصاحبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول الإسلام ، إلى آخر الحديث . وتركته لأن النسخة كانت سقيمة ومصحفة ومحرفة جدا بحيث ما كان يفهم المقصود منه مع طوله ، فإنه قريب من ورقتين مع شرح غريب ما اشتمل عليه بطريق الاختصار في أربعة أوراق .
( حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ) : بِالتَّصْغِيرِ . ( قَالَ : أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16577عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ، أَخْبَرَنَا ) : وَفِي نُسْخَةٍ " أَنْبَأَنَا " . (
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَّانٍ ) : بِتَشْدِيدِ السِّينِ مُنْصَرِفًا وَغَيْرِ مُنْصَرِفٍ . ( الْعَنْبَرِيُّ عَنْ جَدَّتَيْهِ
دُحَيْبَةَ ) : بِدَالٍ وَحَاءٍ مُهْمَلَتَيْنِ . (
وَعُلَيْبَةَ ) :
[ ص: 145 ] بِالتَّصْغِيرِ فِيهِمَا . ( عَنْ
قَيْلَةَ ) : بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ . ( بِنْتِ مَخْرَمَةَ ) : بِسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ بَيْنَ فَتَحَاتٍ ، قَالَ
مِيرَكُ : هَكَذَا وَقَعَ فِي نُسَخِ الشَّمَائِلِ ، وَهُوَ خَطَأٌ ، وَالصَّوَابُ عَنْ جَدَّتَيْهِ
دُحَيْبَةَ وَصَفِيَّةَ ، أَيْ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ ، بِنْتَيْ
عُلَيْبَةَ ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلَّفُ عَلَى الصَّوَابِ فِي جَامِعِهِ .
وَعُلَيْبَةُ هُوَ ابْنُ حَرْمَلَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِيَاسٍ ،
فَعُلَيْبَةُ أَبُوهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ
ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنُ مَنْدَهْ وَابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ ، وَهُمَا جَدَّتَا
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَّانَ ، إِحْدَاهُمَا مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالثَّانِيَةُ مِنْ طَرَفِ الْأُمِّ ; لَمَّا وَقَعَ الزَّوَاجُ بَيْنَ ابْنِ الْخَالَةِ وَبِنْتِ الْخَالَةِ ، وَهُمَا تَرْوِيَانِ عَنْ جَدَّةِ أَبِيهِمَا
قَيْلَةَ بِنْتِ مَخْرَمَةَ ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي جَامِعِهِ :
وَقَيْلَةُ جَدَّةُ أَبِيهِمَا أُمِّ أُمِّهِ ، وَكَانَتْ رَبَّتْهُمَا ، وَكَانَتْ مِنَ الصَّحَابِيَّاتِ ، انْتَهَى . وَبِهَذَا ظَهَرَ بُطْلَانُ مَا قَالَهُ
ابْنُ حَجَرٍ مِنْ أَنَّهُ اعْتَرَضَ ، أَيْ فِي تَهْذِيبِ الْكَمَالِ بِأَنَّ صَوَابَ هَاتَيْنِ
دُحَيْبَةُ وَصْفِيَّةُ بِنْتَا
عُلَيْبَةَ ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ
دُحَيْبَةَ جَدَّتُهُ وَأَنَّ أُمَّهَا
عُلَيْبَةَ جَدَّتُهُ ، وَأَنَّهُ رَوَاهُ عَنْهَا فَصَحَّ مَا قَالَهُ
التِّرْمِذِيُّ ، وَكَوْنُ
دُحَيْبَةَ لَهَا أُخْتٌ اسْمُهَا
صَفِيَّةَ لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ بِوَجْهٍ ، انْتَهَى كَلَامُهُ . ( قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10344987رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ أَسْمَالُ مُلَيَّتَيْنِ ) : بِالْإِضَافَةِ الْبَيَانِيَّةِ مِنْ قَبِيلِ جَرْدِ قَطِيفَةٍ ، وَالْأَسْمَالُ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ سَمَلٍ بِتَحْرِيكِهِمَا ، وَهُوَ الثَّوْبُ الْخَلَقُ ، يُقَالُ : ثَوْبُ أَسْمَالٍ كَمَا يُقَالُ : رُمْحُ أَقْصَادٍ ، وَبُرْمَةُ أَعْشَارٍ ، وَالْقَصْدُ الرُّمْحُ وَهُوَ أَحَدُ مَا جَاءَ عَلَى بِنَاءِ الْجَمْعِ ، وَبُرْمَةُ أَعْشَارٍ إِذَا انْكَسَرَتْ قِطَعًا ، وَقَلْبُ أَعْشَارٍ جَاءَ عَلَى بِنَاءِ الْجَمْعِ أَيْضًا ، وَيُقَالُ : ثَوْبُ أَخْلَاقٍ إِذَا كَانَتِ الْخُلُوقَةُ فِيهِ كُلِّهِ . وَالْمُلَيَّةُ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ تَصْغِيرُ الْمُلَاءَةِ بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ ، لَكِنْ بَعْدَ حَذْفِ الْأَلِفِ ، وَهِيَ الْإِزَارُ عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ ، وَفِي الصِّحَاحِ هِيَ الرَّيْطَةُ أَيِ الْمِلْحَفَةُ ، وَفِي الْقَامُوسِ هِيَ كُلُّ ثَوْبٍ لَمْ يُضَمَّ بَعْضُهُ لِبَعْضٍ بِخَيْطٍ بَلْ كُلُّهُ نَسْجٌ وَاحِدٌ . وَالْمُرَادُ بِالْأَسْمَالِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ لِيُطَابِقَ التَّثْنِيَةَ . ( كَانَتَا بِزَعْفَرَانَ ) : أَيْ مَصْبُوغَتَيْنِ بِهِ ، وَأَمَّا قَوْلُ الْحَنَفِيِّ : أَيْ مَخْلُوطَتَيْنِ فَفِيهِ تَسَامُحٌ لَا يَخْفَى . ( وَقَدْ نَفَضَتْهُ ) : بِالْفَاءِ أَيِ الْأَسْمَالُ أَوْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْمُلَيَّتَيْنِ لَوْنُ الزَّعْفَرَانِ وَلَمْ يَبْقَ أَثَرٌ مِنْهُ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ : نُفِضِتَا عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيِ الْمُلَيَّتَانِ أَوِ الْأَسْمَالُ وَالتَّثْنِيَةُ لِلْمَيْلِ إِلَى الْمَعْنَى ، وَفِي نُسْخَةٍ بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ لِلْمَعْلُومِ ، قَالَ
مِيرَكُ : كَذَا وَقَعَ فِي أَصْلِ سَمَاعِنَا بِصِيغَةِ التَّثْنِيَةِ فِعْلًا مَاضِيًا مَعْرُوفًا ، وَكَذَا عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ فِي جَامِعِهِ ، وَالْفَاعِلُ الْمُلَيَّتَانِ أَيْ نُفِضَتِ الْمُلَّيْتَانِ لَوْنُ الزَّعْفَرَانِ الَّذِي صُبِغَتَا بِهِ ، وَحَذْفُ الْمَفْعُولِ كَثِيرٌ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=41أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا ) أَيْ بَعْثَهُ اللَّهُ ، وَالْأَصْلُ فِي النَّفْضِ التَّحْرِيكُ ، فَإِسْنَادُ النَّفْضِ إِلَى الْمُلَيَّةِ مَجَازِيٌّ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ نَفَضَ الثَّوْبُ نَفَضًا فَهُوَ نَافِضٌ أَيْ ذَهَبَ بَعْضُ لَوْنِهِ مِنَ الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ ، كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الصِّحَاحِ فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى ارْتِكَابِ حَذْفِ الْمَفْعُولِ
[ ص: 146 ] وَإِلَيْهِ يَوْمِئُ كَلَامُ صَاحِبِ النِّهَايَةِ
وَالْمِزِّيُّ فِي تَهْذِيبِ الْكَمَالِ ، حَيْثُ قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ : أَيْ نَصَلَ لَوْنُ صَبْغِهَا وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلَّا الْأَثَرُ . وَقَالَ
الْمِزِّيُّ : إِنَّمَا جُمِعَتِ الْأَسْمَالُ وَثُنِّيَتٍ الْمُلَاءَتَيْنِ لِأَنَّهَا أَرَادَتْ أَنَّهُمَا كَانَتَا قَدِ انْقَطَعَتَا حَتَّى صَارَتَا قِطَعًا وَنَفَضَتَا أَيْ ذَهَبَ لَوْنُهُ مِنْهُمَا إِلَّا الْيَسِيرَ بِطُولِ لُبْسِهِمَا وَاسْتِعْمَالِهِمَا ، لَكِنْ يُؤَيِّدُ حَذْفَ الْمَفْعُولِ مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ : وَقَدْ نَفَضَتْهُ ، انْتَهَى . وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مِنْ إِيثَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَذَاذَةَ الْهَيْئَةِ وَرَثَاثَةَ اللُّبْسَةِ ، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ السَّلَفُ وَجُمْهُورُ الصُّوفِيَّةِ ، وَأَمَّا مَا اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقَادَةِ النَّقْشَبَنْدِيَّةِ وَالسَّادَةِ الشَّاذِلِيَّةِ مِنْ لُبْسِ الثِّيَابِ السَّنِيَّةِ وَاسْتِعْمَالِ الْمَرَاكِبِ الْبَهِيَّةِ ; لِأَنَّ السَّلَفَ لَمَّا رَأَوْا أَهْلَ اللَّهْوِ يَتَفَاخَرُونَ بِالزِّينَةِ وَالْمَلَابِسِ أَظْهَرُوا لَهُمْ بِرَثَاثَةِ مَلَابِسِهِمْ حَقَارَةَ مَا حَقَّرَهُ الْحَقُّ مِمَّا عَظَّمَهُ الْغَافِلُونَ ، وَالْآنَ قَدْ قَسَتِ الْقُلُوبُ وَنُسِيَ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَاتَّخَذَ الْغَافِلُونَ رَثَاثَةَ الْهَيْئَةِ حِيلَةً عَلَى جَلْبِ الدُّنْيَا وَوَسِيلَةً إِلَى حُبِّ أَهْلِهَا فَانْعَكَسَ الْأَمْرُ وَصَارَ مُخَالِفُهُمْ فِي ذَلِكَ لِلَّهِ مُتَّبِعًا لِرَسُولِهِ وَلِلسَّلَفِ ، وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ الْعَارِفُ بِاللَّهِ تَعَالَى
أَبُو الْحَسَنِ الشَّاذُلِيُّ قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ لِذِي رَثَاثَةٍ أَنْكَرَ عَلَيْهِ جَمَالَ هَيْئَتِهِ : يَا هَذَا هَيْئَتِي هَذِهِ تَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَهَيْئَتُكَ هَذِهِ تَقُولُ أَعْطُونِي مِنْ دُنْيَاكُمْ شَيْئًا لِلَّهِ . وَأَمَّا النَّقْشَبَنْدِيَّةُ فَعُمْدَةُ غَرَضِهِمُ التَّسَتُّرُ بِحَالِهِمْ وَالتَّبَاعُدُ عَنِ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ فِي أَفْعَالِهِمْ هَذِهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=32قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ) وَلِهَذَا ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ أَيْضًا مِنَ الثِّيَابِ الْفَاخِرَةِ وَأَكَلَ مِنَ اللَّذِيذَاتِ الطَّيِّبَةِ الطَّاهِرَةِ ، وَإِنَّمَا اخْتَارَ الْبَذَاذَةَ وَظُهُورَ الْفَاقَةِ فِي أَحْوَالِهِ تَوَاضُعًا لِلَّهِ تَعَالَى وَنَظَرًا إِلَى أَنَّ هَذَا الطَّرِيقَ أَسْلَمَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كُلِّ فَرِيقٍ ، وَصَحَّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10343347إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ " وَفِي رِوَايَةٍ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10344988نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ " . وَرَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ :
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا وَعَلَيْهِ أَطْمَارٌ ، وَفِي رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيِّ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10344990ثَوْبٌ دُونٌ ، فَقَالَ لَهُ : " هَلْ لَكَ مِنْ مَالٍ ؟ " فَقَالَ : نَعَمُ ، فَقَالَ : " مِنْ أَيِ الْمَالِ ؟ " قَالَ : مِنْ كُلِّ مَا آتَى اللَّهُ مِنَ الْإِبِلِ وَالشِّيَاهِ ، فَقَالَ : " فَكَثِّرْ نِعْمَتَهُ وَكَرَامَتَهُ عَلَيْكَ " أَيْ فَأَظْهِرْ أَثَرَ نِعْمَتِهِ بِالْحَمْدِ وَالشُّكْرِ بِلِسَانِ الْقَالِ وَالْحَالِ لِيَكُونَ سَبَبًا لِلْمَزِيدِ فِي الِاسْتِقْبَالِ وَالْمَآلِ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=11وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) ، وَفِي السُّنَنِ أَيْضًا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10344991إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ " . أَيْ لِإِنْبَائِهِ عَنِ الْجَمَالِ الْبَاطِنِ وَهُوَ الشُّكْرُ عَلَى النِّعْمَةِ ، وَهَاهُنَا مَزْلَقَةٌ لِقَوْمٍ وَمَصْعَدَةٌ لِآخَرِينَ فِي الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ ; حَيْثُ لَا بُدَّ لِلسَّالِكِ فِيهِمَا مِنْ تَصْحِيحِ النِّيَّةِ وَإِخْلَاصِ تِلْكَ الطَّوِيَّةِ فَلَا يَلْبَسُ بِافْتِخَارٍ وَلَا يَتْرُكُ بُخْلًا وَاحْتِقَارًا ، فَإِنَّهُ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10344871الْبَذَاذَةُ مِنَ الْإِيمَانِ " وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَجَمَّلُ لِلْوُفُودِ ، وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا اعْتِبَارَ بِالْجَمَالِ الظَّاهِرِيِّ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=4وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ) ، وَلَكِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الظَّاهِرَ عُنْوَانُ الْبَاطِنِ وَالْمَدَارُ عَلَى طَهَارَةِ الْقُلُوبِ وَمَعْرِفَةِ عَلَّامِ الْغُيُوبِ ; وَلِذَا وَرَدَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10344992إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ " . وَلَا يُنَافِي لُبْسُهُ لِهَذَيْنَ مَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسِ الْمُزَعْفَرِ ، كَذَا ذَكَرَهُ
ابْنُ حَجَرٍ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيلٍ ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لِمَا أَنَّهُ لَبِسَ بَعْدِ نَفْضِ الزَّعْفَرَانِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ النَّهْيِ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْقِصَّةِ الطَّوِيلَةِ أَنَّهَا كَانَتْ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ . ( وَفِي الْحَدِيثِ قِصَّةٌ طَوِيلَةٌ ) : وَقَالَ
ابْنُ حَجَرٍ : وَتَرْكُهَا لِعَدَمِ
[ ص: 147 ] مُنَاسَبَتِهَا لِمَا هُوَ فِيهِ ، وَهِيَ مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ لَا بَأْسَ بِهِ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10344993السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ ، فَقَالَ : " وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ " وَعَلَيْهِ أَسْمَالُ مُلَيَّتَيْنِ قَدْ كَانَتَا بِزَعْفَرَانٍ فَنَفَضَتَا ، وَبِيَدِهِ عَسِيبُ نَخْلَةِ ، قَاعِدٌ الْقُرْفُصَاءَ ، قَالَ : فَلَمَّا رَأَيْتُهُ أَرْعَدْتُ مِنَ الْفَرَقِ ، فَنَظَرَ إِلَيَّ فَقَالَ : " وَعَلَيْكَ السَّكِينَةُ " ، فَذَهَبَ عَنِّي مَا أَجِدُ مِنَ الرَّوْعِ ، انْتَهَى كَلَامُهُ . وَكَأَنَّهُ مَا اطَّلَعَ عَلَى الْقِصَّةِ بِطُولِهَا الَّذِي هُوَ سَبَبٌ لِتَرْكِهَا ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ
مِيرَكُ حَيْثُ قَالَ : رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ مِنْ طَرِيقِ
حَفْصِ بْنِ عُمَرَ أَبِي عُمَرَ الْجُوَيْنِيِّ ، وَهُوَ مِنْ رِجَالِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَّانَ الْعَنْبَرِيُّ ، حَدَّثَتْنِي جَدَّتَايَ
صَفِيَّةٌ وَدُحَيْبَةُ بِنْتَا
عُلَيْبَةَ أَنَّ قَيْلَةَ بِنْتَ مَخْرَمَةَ حَدَّثَتْهُمَا أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ حَبِيبِ بْنِ أَزْهَرَ أَخِي بَنِي خَبَّابٍ ، فَوَلَدَتْ لَهُ النِّسَاءَ ، ثُمَّ تُوُفِّيَ ، فَانْتَزَعَ بَنَاتِهَا مِنْهَا أَيُّوبُ بْنُ أَزْهَرَ عَمُّهُنَّ ، فَخَرَجَتْ تَبْتَغِي الصَّحَابَةَ ، أَيِ الْمُصَاحَبَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ، إِلَى آخَرِ الْحَدِيثِ . وَتَرَكْتُهُ لِأَنَّ النُّسْخَةَ كَانَتْ سَقِيمَةً وَمُصَحَّفَةً وَمُحَرَّفَةً جِدًّا بِحَيْثُ مَا كَانَ يُفْهَمُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ مَعَ طُولِهِ ، فَإِنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ وَرَقَتَيْنِ مَعَ شَرْحِ غَرِيبِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الِاخْتِصَارِ فِي أَرْبَعَةِ أَوْرَاقٍ .