ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33799_33800ظفر قرواش صاحب الموصل بالغز
قد ذكرنا انحدار
قرواش إلى السن ومراسلته سائر أصحاب الأطراف في طلب النجدة منهم ، فأما الملك
جلال الدولة فلم ينجده لزوال طاعته عن جنده
الأتراك أما
nindex.php?page=showalam&ids=15861دبيس بن مزيد فسار إليه ، واجتمعت عليه عقيل كافة ، وأتته أمداد
أبي الشوك وابن ورام ، وغيرهما ، فلم يدركوا الوقعة ، فإن
قرواشا لما اجتمعت
عقيل ودبيس عنده سار إلى
الموصل .
وبلغ الخبر إلى
الغز فتأخروا إلى
تلعفر ،
وبومارية وتلك النواحي ، وراسلوا
الغز الذين كانوا
بديار بكر ، ومقدمهم
ناصغلي وبوقا ، وطلب منهم المساعدة على العرب ، فساروا إليهم .
وسمع
قرواش بوصولهم فلم يعلم أصحابه لئلا يفشلوا ويجبنوا ، وسار حتى نزل على
العجاج ، وسارت
الغز فنزلوا برأس الأيل من الفرج ، وبينهما نحو فرسخين ، وقد طمع
الغز في العرب ، فتقدموا حتى شارفوا حلل العرب ، ووقعت الحرب في العشرين من شهر رمضان من أول النهار ، فاستظهرت
الغز ، وانهزمت العرب حتى صار القتال عند حللهم ، ونساؤهم يشاهدن القتال ، فلم يزل الظفر
للغز إلى الظهر ، ثم أنزل الله نصره على العرب وانهزمت
الغز ، وأخذهم السيف وتفرقوا وكثر القتل فيهم ، فقتل ثلاثة من مقدميهم ، وملك العرب حلل
الغز وخركاهاتهم ، وغنموا أموالهم ، فعمتهم الغنيمة ، وأدركهم الليل فحجز بينهم .
وسير
قرواش رءوس كثير من القتلى في سفينة إلى
بغداذ . فلما قاربتها أخذها
[ ص: 726 ] الأتراك ودفنوها ، ولم يتركوها تصل أنفة وحمية للجنس ، وكفى الله أهل
الموصل شرهم ، وتبعهم
قرواش إلى
نصيبين ، وعاد عنهم فقصدوا
ديار بكر فنهبوها ، ثم مالوا على
الأرمن والروم فنهبوهم ثم قصدوا بلاد
أذربيجان ، وكتب
قرواش إلى الأطراف يبشر بالظفر بهم ، وكتب إلى
ابن ربيب الدولة ، صاحب
أرمية ، يذكر له أنه قتل منهم ثلاثة آلاف رجل فقال للرسول : هذا عجب ! فإن القوم لما اجتازوا ببلادي أقمت على قنطرة لا بد لهم من عبورها من عدهم ، فكانوا نيفا وثلاثين ألفا مع لفيفهم ، فلما عادوا بعد هزيمتهم لم يبلغوا خمسة آلاف رجل ، فإما أن يكونوا قتلوا أو هلكوا . ومدح الشعراء
قرواشا بهذا الفتح ، وممن مدحه
ابن شبل بقصيدة منها :
بأبي الذي أرست نزار بيتها في شامخ من عزه المتخير
وهي طويلة . هذه أخبار
الغز العراقيين ، وإنما أوردناها متتابعة لأن دولتهم لم تطل حتى نذكر حوادثها في السنين وإنما كانت سحابة صيف تقشعت عن قريب .
وأما
السلجوقية فنحن نذكر حوادثهم في السنين ونذكر ابتداء أمرهم سنة اثنتين وثلاثين [ وأربعمائة ] إن شاء الله تعالى .
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33799_33800ظَفْرِ قِرْوَاشٍ صَاحِبِ الْمَوْصِلِ بِالْغُزِّ
قَدْ ذَكَرْنَا انْحِدَارَ
قِرْوَاشٍ إِلَى السِّنِّ وَمُرَاسَلَتَهُ سَائِرَ أَصْحَابِ الْأَطْرَافِ فِي طَلَبِ النَّجْدَةِ مِنْهُمْ ، فَأَمَّا الْمَلِكُ
جَلَالُ الدَّوْلَةِ فَلَمْ يُنْجِدْهُ لِزَوَالِ طَاعَتِهِ عَنْ جُنْدِهِ
الْأَتْرَاكِ أَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=15861دُبَيْسُ بْنُ مَزْيَدٍ فَسَارَ إِلَيْهِ ، وَاجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ عُقَيْلٌ كَافَّةً ، وَأَتَتْهُ أَمْدَادُ
أَبِي الشَّوْكِ وَابْنِ وَرَّامٍ ، وَغَيْرِهِمَا ، فَلَمْ يُدْرِكُوا الْوَقْعَةَ ، فَإِنَّ
قِرْوَاشًا لَمَّا اجْتَمَعَتْ
عُقَيْلٌ وَدُبْيَسٌ عِنْدَهُ سَارَ إِلَى
الْمَوْصِلِ .
وَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى
الْغُزِّ فَتَأَخَّرُوا إِلَى
تَلَعْفَرَ ،
وَبُومَارِيَةَ وَتِلْكَ النَّوَاحِي ، وَرَاسَلُوا
الْغُزَّ الَّذِينَ كَانُوا
بِدِيَارِ بَكْرٍ ، وَمُقَدَّمُهُمْ
نَاصُغْلِي وَبُوقَا ، وَطَلَبَ مِنْهُمُ الْمُسَاعَدَةَ عَلَى الْعَرَبِ ، فَسَارُوا إِلَيْهِمْ .
وَسَمِعَ
قِرْوَاشٌ بِوُصُولِهِمْ فَلَمْ يُعْلِمْ أَصْحَابَهُ لِئَلَّا يَفْشَلُوا وَيَجْبُنُوا ، وَسَارَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى
الْعَجَاجِ ، وَسَارَتِ
الْغُزُّ فَنَزَلُوا بِرَأْسِ الْأَيَّلِ مِنَ الْفَرْجِ ، وَبَيْنَهُمَا نَحْوُ فَرْسَخَيْنِ ، وَقَدْ طَمِعَ
الْغُزُّ فِي الْعَرَبِ ، فَتَقَدَّمُوا حَتَّى شَارَفُوا حُلَلَ الْعَرَبِ ، وَوَقَعَتِ الْحَرْبُ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ ، فَاسْتَظْهَرَتِ
الْغُزُّ ، وَانْهَزَمَتِ الْعَرَبُ حَتَّى صَارَ الْقِتَالُ عِنْدَ حُلَلِهِمْ ، وَنِسَاؤُهُمْ يُشَاهِدْنَ الْقِتَالَ ، فَلَمْ يَزَلِ الظَّفَرُ
لِلْغُزِّ إِلَى الظُّهْرِ ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ نَصْرَهُ عَلَى الْعَرَبِ وَانْهَزَمَتِ
الْغُزُّ ، وَأَخَذَهُمُ السَّيْفُ وَتَفَرَّقُوا وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِيهِمْ ، فَقُتِلَ ثَلَاثَةٌ مِنْ مُقَدَّمِيهِمْ ، وَمَلَكَ الْعَرَبُ حُلَلَ
الْغُزِّ وَخَرْكَاهَاتِهِمْ ، وَغَنِمُوا أَمْوَالَهُمْ ، فَعَمَّتْهُمُ الْغَنِيمَةُ ، وَأَدْرَكَهُمُ اللَّيْلُ فَحَجَزَ بَيْنَهُمْ .
وَسَيَّرَ
قِرْوَاشٌ رُءُوسَ كَثِيرٍ مِنَ الْقَتْلَى فِي سَفِينَةٍ إِلَى
بَغْدَاذَ . فَلَمَّا قَارَبَتْهَا أَخَذَهَا
[ ص: 726 ] الْأَتْرَاكُ وَدَفَنُوهَا ، وَلَمْ يَتْرُكُوهَا تَصِلُ أَنَفَةً وَحَمِيَّةً لِلْجِنْسِ ، وَكَفَى اللَّهُ أَهْلَ
الْمَوْصِلِ شَرَّهُمْ ، وَتَبِعَهُمْ
قِرْوَاشٌ إِلَى
نَصِيبِينَ ، وَعَادَ عَنْهُمْ فَقَصَدُوا
دِيَارَ بَكْرٍ فَنَهَبُوهَا ، ثُمَّ مَالُوا عَلَى
الْأَرْمَنِ وَالرُّومِ فَنَهَبُوهُمْ ثُمَّ قَصَدُوا بِلَادَ
أَذْرَبِيجَانَ ، وَكَتَبَ
قِرْوَاشٌ إِلَى الْأَطْرَافِ يُبَشِّرُ بِالظَّفَرِ بِهِمْ ، وَكَتَبَ إِلَى
ابْنِ رَبِيبِ الدَّوْلَةِ ، صَاحِبِ
أُرْمِيَةَ ، يَذْكُرُ لَهُ أَنَّهُ قَتَلَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ آلَافِ رَجُلٍ فَقَالَ لِلرَّسُولِ : هَذَا عَجَبٌ ! فَإِنَّ الْقَوْمَ لَمَّا اجْتَازُوا بِبِلَادِي أَقَمْتُ عَلَى قَنْطَرَةٍ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ عُبُورِهَا مِنْ عَدِّهِمْ ، فَكَانُوا نَيِّفًا وَثَلَاثِينَ أَلْفًا مَعَ لِفِيفِهِمْ ، فَلَمَّا عَادُوا بَعْدَ هَزِيمَتِهِمْ لَمْ يَبْلُغُوا خَمْسَةَ آلَافِ رَجُلٍ ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونُوا قُتِلُوا أَوْ هَلَكُوا . وَمَدَحَ الشُّعَرَاءُ
قِرْوَاشًا بِهَذَا الْفَتْحِ ، وَمِمَّنْ مَدَحَهُ
ابْنُ شِبْلٍ بِقَصِيدَةٍ مِنْهَا :
بِأَبِي الَّذِي أَرْسَتْ نِزَارٌ بَيْتَهَا فِي شَامِخٍ مِنْ عِزِّهِ الْمُتَخَيَّرِ
وَهِيَ طَوِيلَةٌ . هَذِهِ أَخْبَارُ
الْغُزِّ الْعِرَاقِيِّينَ ، وَإِنَّمَا أَوْرَدْنَاهَا مُتَتَابِعَةً لِأَنَّ دَوْلَتَهُمْ لَمْ تَطُلْ حَتَّى نَذْكُرَ حَوَادِثَهَا فِي السِّنِينَ وَإِنَّمَا كَانَتْ سَحَابَةَ صَيْفٍ تَقَشَّعَتْ عَنْ قَرِيبٍ .
وَأَمَّا
السَّلْجُوقِيَّةُ فَنَحْنُ نَذْكُرُ حَوَادِثَهُمْ فِي السِّنِينَ وَنَذْكُرُ ابْتِدَاءَ أَمْرِهِمْ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ [ وَأَرْبَعِمِائَةٍ ] إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .