وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمر أصحابه أن لا يحملوا حتى يأمرهم ، وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025851إن اكتنفكم القوم فانضحوهم عنكم بالنبل . ونزل في العريش ومعه أبو بكر وهو يدعو ويقول : اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض ، اللهم أنجز لي ما وعدتني ، ولم يزل حتى سقط رداؤه ، فوضعه عليه أبو بكر ، ثم قال له : كفاك مناشدتك ربك ، فإنه سينجز لك ما وعدك . وأغفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العريش إغفاءة ، وانتبه ثم قال : يا أبا بكر ، أتاك نصر الله ، هذا جبرائيل آخذ بعنان فرسه يقوده على ثناياه النقع ، وأنزل الله : nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=9إذ تستغيثون ربكم الآية .
وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول : nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=45سيهزم الجمع ويولون الدبر ، وحرض المسلمين ، وقال : والذي نفس محمد بيده ، لا يقاتلهم اليوم رجل ، فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة . فقال
عمير بن الحمام الأنصاري وبيده تمرات يأكلهن : بخ
[ ص: 21 ] بخ ! ما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء ! ثم ألقى التمرات من يده وقاتل حتى قتل . ورمي
مهجع ، مولى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، بسهم فقتل ، فكان أول قتيل . ثم رمي
حارثة بن سراقة الأنصاري فقتل ، وقاتل
nindex.php?page=showalam&ids=179عوف بن عفراء حتى قتل ، واقتتل الناس قتالا شديدا . فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حفنة من التراب ورمى بها
قريشا وقال : شاهت الوجوه . وقال لأصحابه : شدوا عليهم ، فكانت الهزيمة ، فقتل الله من قتل من المشركين ، وأسر من أسر منهم .
ولما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العريش
nindex.php?page=showalam&ids=307وسعد بن معاذ قائم على باب العريش متوشحا بالسيف في نفر من
الأنصار يحرسون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخافون عليه كرة العدو ، فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وجه
nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ الكراهية لما يصنع الناس من الأسر ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
لكأنك تكره ذلك يا سعد ؟ قال : أجل يا رسول الله ، أول وقعة أوقعها الله بالمشركين كان الإثخان أحب إلي من استبقاء الرجال .
وكان أول من لقي
أبا جهل nindex.php?page=showalam&ids=151معاذ بن عمرو بن الجموح ،
وقريش محيطة به يقولون : لا يخلص إلى
أبي الحكم . قال
معاذ : فجعلته من شأني ، فلما أمكنني حملت عليه ، فضربته ضربة أطنت قدمه بنصف ساقه ، وضربني ابنه
عكرمة فطرح يدي من عاتقي ، فتعلقت بجلدة من جثتي ، فقاتلت عامة يومي وإني لأسحبها خلفي ، فلما آذتني جعلت عليها رجلي ، ثم تمطيت حتى طرحتها .
وعاش
معاذ إلى زمان
عثمان - رضي الله عنه - .
ثم مر
nindex.php?page=treesubj&link=30762بأبي جهل nindex.php?page=showalam&ids=8135معوذ بن عفراء فضربه حتى أثبته ، وتركه وبه رمق ، ثم مر به
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025853وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يلتمس في القتلى ، فوجده بآخر رمق ، قال : فوضعت رجلي على عنقه ، ثم قلت : هل أخزاك الله يا عدو الله ؟ قال : وبماذا أخزاني ؟ أعمد من رجل قتلتموه ، أخبرني لمن الدائرة ؟ قلت : لله ولرسوله . فقال له أبو جهل : لقد ارتقيت - يا رويعي الغنم - مرتقى صعبا ! قال : فقلت : إني قاتلك . قال : ما أنت بأول عبد قتل سيده ، أما إن أشد شيء لقيته اليوم قتلك إياي ، وألا قتلني رجل من المطيبين [ ص: 22 ] الأحلاف . فضربه عبد الله ، فوقع رأسه بين رجليه ، فحمله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسجد شكرا لله .
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف قد غنم أدراعا ، فمر
بأمية بن خلف وابنه
علي ، فقالا له : نحن خير لك من هذه الأدراع . فطرح الأدراع وأخذ بيده وبيد ابنه ومشى بهما ، فقال له
أمية : من الرجل المعلم بريشة نعامة في صدره ؟ قال :
nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة بن عبد المطلب . قال
أمية : هو الذي فعل بنا الأفاعيل .
ورأى
بلال أمية ، وكان يعذبه
بمكة ، فيخرج به إلى رمضاء
مكة ، فيضجعه على ظهره ، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ، ويقول : لا تزال هكذا حتى تفارق دين
محمد ، فيقول بلال : أحد أحد ، فلما رآه بلال قال :
أمية ! رأس الكفر ! لا نجوت إن نجا ! ثم صرخ : يا أنصار الله ، رأس الكفر رأس الكفر
أمية بن خلف ، لا نجوت إن نجا ! فأحاط بهم المسلمون ، وقتل
أمية وابنه
علي ، وكان
عبد الرحمن يقول : رحم الله
بلالا ، ذهبت أدراعي وفجعني بأسيري .
وقتل
حنظلة بن أبي سفيان بن حرب ، قتله
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب .
ولما انهزم المشركون أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا يقتل
أبو البختري بن هشام ؛ لأنه كان أكف القوم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو
بمكة ، وكان ممن اهتم في نقض الصحيفة ، فلقيه
المجذر بن ذياد البلوي حليف الأنصار ومعه زميل له ، فقال له : إن رسول الله قد نهى عن قتلك . فقال وزميلي ؟ فقال
المجذر : لا والله . قال : إذا والله لأموتن أنا وهو ، ولا تتحدث نساء
قريش أني تركت زميلي حرصا على الحياة . فقتله ، ثم أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخبره .
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025854وجيء بالعباس ، أسره nindex.php?page=showalam&ids=6أبو اليسر ، وكان مجموعا ، وكان العباس جسيما ، فقيل لأبي اليسر : كيف أسرته ؟ قال : أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ذلك ، بهيئة كذا وكذا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : لقد أعانك عليه ملك كريم .
ولما أمسى العباس مأسورا بات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساهرا أول ليلة ، فقال له أصحابه : يا رسول الله ، ما لك لا تنام ؟ فقال : سمعت [ ص: 23 ] تضور العباس في وثاقه ، فمنع مني النوم . فقاموا إليه فأطلقوه ، فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه يومئذ : قد عرفت nindex.php?page=treesubj&link=30771رجالا من بني هاشم وغيرهم أخرجوا كرها ، فمن لقي منكم أحدا من بني هاشم فلا يقتله ، ومن لقي nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بن عبد المطلب فلا يقتله ؛ فإنه أخرج كرها . فقال nindex.php?page=showalam&ids=266أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة : أنقتل أبناءنا وآباءنا وإخواننا ونترك العباس ؟ والله لئن لقيته لألحمنه بالسيف . فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لعمر : يا أبا حفص ، أما تسمع قول أبي حذيفة ؟ أيضرب وجه عم رسول الله بالسيف ؟ فقال أبو حذيفة : لا أزال خائفا من تلك الكلمة ، ولا يكفرها عني إلا الشهادة . فقتل يوم اليمامة شهيدا . وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأصحابه : قد رأيت جبرائيل وعلى ثناياه النقع .
فقال رجل من بني غفار : أقبلت أنا وابن عم لي ، فصعدنا جبلا يشرف بنا على بدر ونحن مشركان ، ننظر لمن تكون الدائرة فننتهب ، فدنت منا سحابة ، فسمعت فيها حمحمة الخيل ، وسمعت قائلا يقول : أقدم حيزوم ، قال : فأما ابن عمي فمات مكانه ، وأما أنا فكدت أهلك فتماسكت .
وقال
أبو داود المازني : إني لأتبع رجلا من المشركين لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل سيفي إليه ، فعرفت أنه قتله غيري .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=3753سهل بن حنيف : كان أحدنا يشير بسيفه إلى المشرك فيقع رأسه عن جسده قبل أن يصل إليه السيف .
فلما هزم الله المشركين ، وقتل منهم من قتل ، وأسر من أسر ،
nindex.php?page=treesubj&link=30779أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تطرح القتلى في القليب ، فطرحوا فيه إلا أمية بن خلف ؛ فإنه انتفخ في درعه فملأها ، فذهبوا به ليخرجوه فتقطع ، وطرحوا عليه من التراب والحجارة ما غيبه ، ولما ألقوا في القليب وقف عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025858يا أهل القليب ، بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم ! كذبتموني وصدقني الناس ! ثم قال : يا عتبة ، يا شيبة ، يا أمية بن خلف ، يا أبا جهل بن هشام - وعدد من كان في القليب - هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا ؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقا . فقال له أصحابه : أتكلم قوما موتى ؟ فقال : ما أنتم بأسمع [ ص: 24 ] لما أقول منهم ، ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني .
ولما قال - صلى الله عليه وسلم - لأهل القليب ما قال رأى في وجه nindex.php?page=showalam&ids=266أبي حذيفة بن عتبة الكراهية وقد تغير ، فقال : لعلك قد دخلك من شأن أبيك شيء ؟ قال : لا والله يا رسول الله ، ما شككت في أبي وفي مصرعه ، ولكنه كان له عقل وحلم وفضل ، فكنت أرجو له الإسلام ، فلما رأيت ما مات عليه من الكفر أحزنني ذلك ، فدعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخير .
وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ لَا يَحْمِلُوا حَتَّى يَأْمُرَهُمْ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025851إِنِ اكْتَنَفَكُمُ الْقَوْمُ فَانْضَحُوهُمْ عَنْكُمْ بِالنَّبْلِ . وَنَزَلَ فِي الْعَرِيشِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ يَدْعُو وَيَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ ، اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي ، وَلَمْ يَزَلْ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ ، فَوَضَعَهُ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ . وَأَغْفَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعَرِيشِ إِغْفَاءَةً ، وَانْتَبَهَ ثُمَّ قَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ ، أَتَاكَ نَصْرُ اللَّهِ ، هَذَا جَبْرَائِيلُ آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ يَقُودُهُ عَلَى ثَنَايَاهُ النَّقْعُ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=9إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ الْآيَةَ .
وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَقُولُ : nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=45سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ، وَحَرَّضَ الْمُسْلِمِينَ ، وَقَالَ : وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَا يُقَاتِلُهُمُ الْيَوْمَ رَجُلٌ ، فَيُقْتَلُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ . فَقَالَ
عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ وَبِيَدِهِ تَمَرَاتٌ يَأْكُلُهُنَّ : بَخٍ
[ ص: 21 ] بَخٍ ! مَا بَيْنِي وَبَيْنَ أَنْ أَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا أَنْ يَقْتُلَنِي هَؤُلَاءِ ! ثُمَّ أَلْقَى التَّمَرَاتِ مِنْ يَدِهِ وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ . وَرُمِيَ
مِهْجَعٌ ، مَوْلَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، بِسَهْمٍ فَقُتِلَ ، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ . ثُمَّ رُمِيَ
حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ الْأَنْصَارِيُّ فَقُتِلَ ، وَقَاتَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=179عَوْفُ بْنُ عَفْرَاءَ حَتَّى قُتِلَ ، وَاقْتَتَلَ النَّاسُ قِتَالًا شَدِيدًا . فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَفْنَةً مِنَ التُّرَابِ وَرَمَى بِهَا
قُرَيْشًا وَقَالَ : شَاهَتِ الْوُجُوهُ . وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ : شُدُّوا عَلَيْهِمْ ، فَكَانَتِ الْهَزِيمَةُ ، فَقَتَلَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، وَأُسِرَ مَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ .
وَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعَرِيشِ
nindex.php?page=showalam&ids=307وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ قَائِمٌ عَلَى بَابِ الْعَرِيشِ مُتَوَشِّحًا بِالسَّيْفِ فِي نَفَرٍ مِنَ
الْأَنْصَارِ يَحْرُسُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخَافُونَ عَلَيْهِ كَرَّةَ الْعَدُوِّ ، فَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي وَجْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ الْكَرَاهِيَةَ لِمَا يَصْنَعُ النَّاسُ مِنَ الْأَسْرِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
لَكَأَنَّكَ تَكْرَهُ ذَلِكَ يَا سَعْدُ ؟ قَالَ : أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَوَّلُ وَقْعَةٍ أَوْقَعَهَا اللَّهُ بِالْمُشْرِكِينَ كَانَ الْإِثْخَانُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنِ اسْتِبْقَاءِ الرِّجَالِ .
وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيَ
أَبَا جَهْلٍ nindex.php?page=showalam&ids=151مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ ،
وَقُرَيْشٌ مُحِيطَةٌ بِهِ يَقُولُونَ : لَا يُخْلَصُ إِلَى
أَبِي الْحَكَمِ . قَالَ
مُعَاذٌ : فَجَعَلْتُهُ مِنْ شَأْنِي ، فَلَمَّا أَمْكَنَنِي حَمَلْتُ عَلَيْهِ ، فَضَرَبْتُهُ ضَرْبَةً أَطَنَّتْ قَدَمَهُ بِنِصْفِ سَاقِهِ ، وَضَرَبَنِي ابْنُهُ
عِكْرِمَةُ فَطَرَحَ يَدِي مِنْ عَاتِقِي ، فَتَعَلَّقَتْ بِجِلْدَةٍ مِنْ جُثَّتِي ، فَقَاتَلْتُ عَامَّةَ يَوْمِي وَإِنِّي لَأَسْحَبُهَا خَلْفِي ، فَلَمَّا آذَتْنِي جَعَلْتُ عَلَيْهَا رِجْلِي ، ثُمَّ تَمَطَّيْتُ حَتَّى طَرَحْتُهَا .
وَعَاشَ
مُعَاذٌ إِلَى زَمَانِ
عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - .
ثُمَّ مَرَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30762بِأَبِي جَهْلٍ nindex.php?page=showalam&ids=8135مُعَوِّذُ بْنُ عَفْرَاءَ فَضَرَبَهُ حَتَّى أَثْبَتَهُ ، وَتَرَكَهُ وَبِهِ رَمَقٌ ، ثُمَّ مَرَّ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025853وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُلْتَمَسَ فِي الْقَتْلَى ، فَوَجَدَهُ بِآخِرِ رَمَقٍ ، قَالَ : فَوَضَعْتُ رِجْلِي عَلَى عُنُقِهِ ، ثُمَّ قُلْتُ : هَلْ أَخْزَاكَ اللَّهُ يَا عَدُوَّ اللَّهِ ؟ قَالَ : وَبِمَاذَا أَخْزَانِي ؟ أَعْمَدُ مِنْ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ ، أَخْبِرْنِي لِمَنِ الدَّائِرَةُ ؟ قُلْتُ : لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ . فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ : لَقَدِ ارْتَقَيْتَ - يَا رُوَيْعِيَ الْغَنَمِ - مُرْتَقًى صَعْبًا ! قَالَ : فَقُلْتُ : إِنِّي قَاتِلُكَ . قَالَ : مَا أَنْتَ بِأَوَّلِ عَبْدٍ قَتَلَ سَيِّدَهُ ، أَمَا إِنَّ أَشَدَّ شَيْءٍ لَقِيتُهُ الْيَوْمَ قَتْلُكَ إِيَّايَ ، وَأَلَّا قَتَلَنِي رَجُلٌ مِنَ الْمُطَيَّبِينَ [ ص: 22 ] الْأَحْلَافِ . فَضَرَبَهُ عَبْدُ اللَّهِ ، فَوَقَعَ رَأْسُهُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ ، فَحَمَلَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَجَدَ شُكْرًا لِلَّهِ .
وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=38عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَدْ غَنِمَ أَدْرَاعًا ، فَمَرَّ
بِأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَابْنِهِ
عَلِيٍّ ، فَقَالَا لَهُ : نَحْنُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ هَذِهِ الْأَدْرَاعِ . فَطَرَحَ الْأَدْرَاعَ وَأَخَذَ بِيَدِهِ وَبِيَدِ ابْنِهِ وَمَشَى بِهِمَا ، فَقَالَ لَهُ
أُمَيَّةُ : مَنِ الرَّجُلُ الْمُعَلَّمُ بِرِيشَةِ نَعَامَةٍ فِي صَدْرِهِ ؟ قَالَ :
nindex.php?page=showalam&ids=135حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ . قَالَ
أُمَيَّةُ : هُوَ الَّذِي فَعَلَ بِنَا الْأَفَاعِيلَ .
وَرَأَى
بِلَالٌ أُمَيَّةَ ، وَكَانَ يُعَذِّبُهُ
بِمَكَّةَ ، فَيَخْرُجُ بِهِ إِلَى رَمْضَاءِ
مَكَّةَ ، فَيُضْجِعُهُ عَلَى ظَهْرِهِ ، ثُمَّ يَأْمُرُ بِالصَّخْرَةِ الْعَظِيمَةِ فَتُوضَعُ عَلَى صَدْرِهِ ، وَيَقُولُ : لَا تَزَالُ هَكَذَا حَتَّى تُفَارِقَ دِينَ
مُحَمَّدٍ ، فَيَقُولُ بِلَالٌ : أَحَدٌ أَحَدٌ ، فَلَمَّا رَآهُ بِلَالٌ قَالَ :
أُمَيَّةُ ! رَأْسُ الْكُفْرِ ! لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا ! ثُمَّ صَرَخَ : يَا أَنْصَارَ اللَّهِ ، رَأْسُ الْكُفْرِ رَأْسُ الْكُفْرِ
أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ ، لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا ! فَأَحَاطَ بِهِمُ الْمُسْلِمُونَ ، وَقُتِلَ
أُمَيَّةُ وَابْنُهُ
عَلِيٍّ ، وَكَانَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَقُولُ : رَحِمَ اللَّهُ
بِلَالًا ، ذَهَبَتْ أَدْرَاعِي وَفَجَّعَنِي بِأَسِيرِيَّ .
وَقُتِلَ
حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ ، قَتَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ .
وَلَمَّا انْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا يُقْتَلَ
أَبُو الْبَخْتَرِيِّ بْنُ هِشَامٍ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَكَفَّ الْقَوْمِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ
بِمَكَّةَ ، وَكَانَ مِمَّنِ اهْتَمَّ فِي نَقْضِ الصَّحِيفَةِ ، فَلَقِيَهُ
الْمُجَذَّرُ بْنُ ذِيَادٍ الْبَلَوِيُّ حَلِيفُ الْأَنْصَارِ وَمَعَهُ زَمِيلٌ لَهُ ، فَقَالَ لَهُ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ نَهَى عَنْ قَتْلِكَ . فَقَالَ وَزَمِيلِي ؟ فَقَالَ
الْمُجَذَّرُ : لَا وَاللَّهِ . قَالَ : إِذًا وَاللَّهِ لَأَمُوتَنَّ أَنَا وَهُوَ ، وَلَا تَتَحَدَّثُ نِسَاءُ
قُرَيْشٍ أَنِّي تَرَكْتُ زَمِيلِي حِرْصًا عَلَى الْحَيَاةِ . فَقَتَلَهُ ، ثُمَّ أَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَبَرِهِ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025854وَجِيءَ بِالْعَبَّاسِ ، أَسَرَهُ nindex.php?page=showalam&ids=6أَبُو الْيَسَرِ ، وَكَانَ مَجْمُوعًا ، وَكَانَ الْعَبَّاسُ جَسِيمًا ، فَقِيلَ لِأَبِي الْيَسَرِ : كَيْفَ أَسَرْتَهُ ؟ قَالَ : أَعَانَنِي عَلَيْهِ رَجُلٌ مَا رَأَيْتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ ، بِهَيْئَةِ كَذَا وَكَذَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَقَدْ أَعَانَكَ عَلَيْهِ مَلَكٌ كَرِيمٌ .
وَلَمَّا أَمْسَى الْعَبَّاسُ مَأْسُورًا بَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاهِرًا أَوَّلَ لَيْلَةٍ ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا لَكَ لَا تَنَامُ ؟ فَقَالَ : سَمِعْتُ [ ص: 23 ] تَضَوُّرَ الْعَبَّاسِ فِي وَثَاقِهِ ، فَمَنَعَ مِنِّي النَّوْمَ . فَقَامُوا إِلَيْهِ فَأَطْلَقُوهُ ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَصْحَابِهِ يَوْمَئِذٍ : قَدْ عَرَفْتُ nindex.php?page=treesubj&link=30771رِجَالًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَغَيْرِهِمْ أُخْرِجُوا كُرْهًا ، فَمَنْ لَقِيَ مِنْكُمْ أَحَدًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَلَا يَقْتُلْهُ ، وَمَنْ لَقِيَ nindex.php?page=showalam&ids=18الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَا يَقْتُلْهُ ؛ فَإِنَّهُ أُخْرِجَ كُرْهًا . فَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=266أَبُو حُذَيْفَةَ بْنُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ : أَنَقْتُلُ أَبْنَاءَنَا وَآبَاءَنَا وَإِخْوَانَنَا وَنَتْرُكُ الْعَبَّاسَ ؟ وَاللَّهِ لَئِنْ لَقِيتُهُ لَأُلْحِمَنَّهُ بِالسَّيْفِ . فَبَلَغَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لِعُمَرَ : يَا أَبَا حَفْصٍ ، أَمَا تَسْمَعُ قَوْلَ أَبِي حُذَيْفَةَ ؟ أَيُضْرَبُ وَجْهُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ بِالسَّيْفِ ؟ فَقَالَ أَبُو حُذَيْفَةَ : لَا أَزَالُ خَائِفًا مِنْ تِلْكَ الْكَلِمَةِ ، وَلَا يُكَفِّرُهَا عَنِّي إِلَّا الشَّهَادَةُ . فَقُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ شَهِيدًا . وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَصْحَابِهِ : قَدْ رَأَيْتُ جَبْرَائِيلَ وَعَلَى ثَنَايَاهُ النَّقْعُ .
فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ : أَقْبَلْتُ أَنَا وَابْنُ عَمٍّ لِي ، فَصَعِدْنَا جَبَلًا يُشْرِفُ بِنَا عَلَى بَدْرٍ وَنَحْنُ مُشْرِكَانِ ، نَنْظُرُ لِمَنْ تَكُونُ الدَّائِرَةُ فَنَنْتَهِبُ ، فَدَنَتْ مِنَّا سَحَابَةٌ ، فَسَمِعْتُ فِيهَا حَمْحَمَةَ الْخَيْلِ ، وَسَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ : أَقْدِمْ حَيْزُومُ ، قَالَ : فَأَمَّا ابْنُ عَمِّي فَمَاتَ مَكَانَهُ ، وَأَمَّا أَنَا فَكِدْتُ أَهْلِكُ فَتَمَاسَكْتُ .
وَقَالَ
أَبُو دَاوُدَ الْمَازِنِيُّ : إِنِّي لَأَتْبَعُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ لِأَضْرِبَهُ إِذْ وَقَعَ رَأْسُهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ سَيْفِي إِلَيْهِ ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ قَتَلَهُ غَيْرِي .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=3753سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ : كَانَ أَحَدُنَا يُشِيرُ بِسَيْفِهِ إِلَى الْمُشْرِكِ فَيَقَعُ رَأْسُهُ عَنْ جَسَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ السَّيْفُ .
فَلَمَّا هَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ مَنْ قَتَلَ ، وَأَسَرَ مَنْ أَسَرَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=30779أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُطْرَحَ الْقَتْلَى فِي الْقَلِيبِ ، فَطُرِحُوا فِيهِ إِلَّا أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ ؛ فَإِنَّهُ انْتَفَخَ فِي دِرْعِهِ فَمَلَأَهَا ، فَذَهَبُوا بِهِ لِيُخْرِجُوهُ فَتَقَطَّعَ ، وَطَرَحُوا عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ وَالْحِجَارَةِ مَا غَيَّبَهُ ، وَلَمَّا أُلْقُوا فِي الْقَلِيبِ وَقَفَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025858يَا أَهْلَ الْقَلِيبِ ، بِئْسَ عَشِيرَةُ النَّبِيِّ كُنْتُمْ لِنَبِيِّكُمْ ! كَذَّبْتُمُونِي وَصَدَّقَنِي النَّاسُ ! ثُمَّ قَالَ : يَا عُتْبَةُ ، يَا شَيْبَةُ ، يَا أُمَيَّةُ بْنَ خَلَفٍ ، يَا أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ - وَعَدَّدَ مَنْ كَانَ فِي الْقَلِيبِ - هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا ؟ فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا . فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ : أَتُكَلِّمُ قَوْمًا مَوْتَى ؟ فَقَالَ : مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ [ ص: 24 ] لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُجِيبُونِي .
وَلَمَّا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَهْلِ الْقَلِيبِ مَا قَالَ رَأَى فِي وَجْهِ nindex.php?page=showalam&ids=266أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ الْكَرَاهِيَةَ وَقَدْ تَغَيَّرَ ، فَقَالَ : لَعَلَّكَ قَدْ دَخْلَكَ مِنْ شَأْنِ أَبِيكَ شَيْءٌ ؟ قَالَ : لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا شَكَكْتُ فِي أَبِي وَفِي مَصْرَعِهِ ، وَلَكِنَّهُ كَانَ لَهُ عَقْلٌ وَحِلْمٌ وَفَضْلٌ ، فَكُنْتُ أَرْجُو لَهُ الْإِسْلَامَ ، فَلَمَّا رَأَيْتُ مَا مَاتَ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ أَحْزَنَنِي ذَلِكَ ، فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْرٍ .