أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18قائما بالقسط ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18قائما بالقسط ) منتصب ، وفيه وجوه :
الوجه الأول : نصب على الحال ، ثم فيه وجوه : أحدها : التقدير : شهد الله قائما بالقسط . وثانيها : يجوز أن يكون حالا من هو تقديره : لا إله إلا هو قائما بالقسط ، ويسمى هذا حالا مؤكدة كقولك : أتانا عبد الله شجاعا ، وكقولك : لا رجل إلا عبد الله شجاعا .
الوجه الثاني : أن يكون صفة المنفي ، كأنه قيل : لا إله قائما بالقسط إلا هو ، وهذا غير بعيد لأنهم يفصلون بين الصفة والموصوف .
والوجه الثالث : أن يكون نصبا على المدح .
فإن قيل : أليس من حق المدح أن يكون معرفة ، كقولك ، الحمد لله الحميد .
قلنا : وقد جاء نكرة أيضا ، وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه :
ويأوي إلى نسوة عطل وشعثا مراضع مثل السعالي
المسألة الثانية : قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18قائما بالقسط ) فيه وجهان :
الأول : أنه حال من المؤمنين والتقدير : وأولو العلم حال كون كل واحد منهم قائما بالقسط في أداء هذه الشهادة .
والثاني : وهو قول جمهور المفسرين أنه حال من (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18شهد الله ) .
المسألة الثالثة : معنى كونه (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18قائما بالقسط ) قائما بالعدل ، كما يقال : فلان قائم بالتدبير ، أي يجريه على الاستقامة .
واعلم أن هذا العدل منه ما هو متصل بباب الدنيا ، ومنه ما هو متصل بباب الدين ، أما المتصل بالدين فانظر أولا في
nindex.php?page=treesubj&link=28659كيفية خلقة أعضاء الإنسان ، حتى تعرف عدل الله تعالى فيها ، ثم انظر إلى اختلاف
nindex.php?page=treesubj&link=28659_19782_19789أحوال الخلق في الحسن والقبح ، والغنى والفقر والصحة والسقم ، وطول العمر وقصره واللذة والآلام ، واقطع بأن كل ذلك عدل من الله وحكمة وصواب ، ثم انظر في كيفية خلقه العناصر وأجرام الأفلاك ، وتقدير كل واحد منها بقدر معين وخاصية معينة ، واقطع بأن كل ذلك حكمة وصواب ، أما ما يتصل بأمر الدين ، فانظر إلى اختلاف الخلق في العلم والجهل ، والفطانة والبلادة ، والهداية والغواية ، واقطع بأن كل ذلك عدل وقسط . ولقد خاض صاحب الكشاف هاهنا في التعصب للاعتزال وزعم أن الآية دالة على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28640الإسلام هو العدل والتوحيد ، وكان ذلك المسكين بعيدا عن معرفة هذه الأشياء إلا أنه فضولي كثير الخوض فيما لا يعرف ، وزعم أن الآية دلت على أن من أجاز الرؤية ، أو ذهب إلى الجبر لم يكن على دين الله الذي هو الإسلام ، والعجب أن أكابر
المعتزلة وعظماءهم أفنوا أعمارهم في طلب الدليل على أنه لو كان مرئيا لكان جسما ، وما وجدوا فيه سوى الرجوع إلى الشاهد من غير جامع عقلي قاطع ، فهذا المسكين الذي ما شم رائحة العلم من أين وجد ذلك !
[ ص: 180 ] وأما حديث الجبر فالخوض فيه من ذلك المسكين خوض فيما لا يعنيه ، لأنه لما اعترف بأن الله تعالى عالم بجميع الجزئيات ، واعترف بأن
nindex.php?page=treesubj&link=28781العبد لا يمكنه أن يقلب علم الله جهلا ، فقد اعترف بهذا الجبر ، فمن أين هو والخوض في أمثال هذه المباحث ! .
ثم قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18لا إله إلا هو ) والفائدة في إعادته وجوه : الأول : أن تقدير الآية : شهد الله أنه لا إله إلا هو ، وإذا شهد بذلك فقد صح أنه لا إله إلا هو ، ونظيره قول من يقول : الدليل دل على وحدانية الله تعالى ، ومتى كان كذلك صح القول بوحدانية الله تعالى . الثاني : أنه تعالى لما أخبر أن الله شهد أنه لا إله إلا هو وشهدت الملائكة وأولو العلم بذلك صار التقدير ، كأنه قال : يا أمة
محمد فقولوا أنتم على وفق شهادة الله وشهادة الملائكة وأولي العلم (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18لا إله إلا هو ) فكان الغرض من الإعادة الأمر بذكر هذه الكلمة على وفق تلك الشهادات . الثالث : فائدة هذا التكرير الإعلام بأن المسلم يجب أن يكون أبدا في تكرير هذه الكلمة فإن أشرف كلمة يذكرها الإنسان هي هذه الكلمة ، فإذا كان في أكثر الأوقات مشتغلا بذكرها وبتكريرها كان مشتغلا بأعظم أنواع العبادات ، فكان الغرض من التكرير في هذه الآية حث العباد على تكريرها . الرابع : ذكر قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18لا إله إلا هو ) أولا : ليعلم أنه لا تحق العبادة إلا لله تعالى ، وذكرها ثانيا : ليعلم أنه
nindex.php?page=treesubj&link=30364القائم بالقسط لا يجور ولا يظلم .
أما قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=29448العزيز الحكيم ) فالعزيز إشارة إلى كمال القدرة ، والحكيم إشارة إلى كمال العلم ، وهما الصفتان اللتان يمتنع حصول الإلهية إلا معهما ; لأن كونه قائما بالقسط لا يتم إلا إذا كان عالما بمقادير الحاجات ، وكان قادرا على تحصيل المهمات ، وقدم العزيز على الحكيم في الذكر ، لأن العلم بكونه تعالى قادرا متقدم على العلم بكونه عالما في طريق المعرفة الاستدلالية ، فلما كان مقدما في المعرفة الاستدلالية ، وكان هذا الخطاب مع المستدلين ، لا جرم قدم تعالى ذكر العزيز على الحكيم .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18قَائِمًا بِالْقِسْطِ ) فَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18قَائِمًا بِالْقِسْطِ ) مُنْتَصِبٌ ، وَفِيهِ وُجُوهٌ :
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ : نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ ، ثُمَّ فِيهِ وُجُوهٌ : أَحَدُهَا : التَّقْدِيرُ : شَهِدَ اللَّهُ قَائِمًا بِالْقِسْطِ . وَثَانِيهَا : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ هُوَ تَقْدِيرُهُ : لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ، وَيُسَمَّى هَذَا حَالًا مُؤَكِّدَةً كَقَوْلِكَ : أَتَانَا عَبْدُ اللَّهِ شُجَاعًا ، وَكَقَوْلِكَ : لَا رَجُلَ إِلَّا عَبْدَ اللَّهِ شُجَاعًا .
الْوَجْهُ الثَّانِي : أَنْ يَكُونَ صِفَةَ الْمَنْفِيِّ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : لَا إِلَهَ قَائِمًا بِالْقِسْطِ إِلَّا هُوَ ، وَهَذَا غَيْرُ بَعِيدٍ لِأَنَّهُمْ يَفْصِلُونَ بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ .
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ : أَنْ يَكُونَ نَصْبًا عَلَى الْمَدْحِ .
فَإِنْ قِيلَ : أَلَيْسَ مِنْ حَقِّ الْمَدْحِ أَنْ يَكُونَ مَعْرِفَةً ، كَقَوْلِكَ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الْحَمِيدِ .
قُلْنَا : وَقَدْ جَاءَ نَكِرَةً أَيْضًا ، وَأَنْشَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ :
وَيَأْوِي إِلَى نِسْوَةٍ عُطَّلٍ وَشُعْثًا مَرَاضِعَ مِثْلَ السَّعَالِي
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18قَائِمًا بِالْقِسْطِ ) فِيهِ وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ حَالٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالتَّقْدِيرُ : وَأُولُو الْعِلْمِ حَالٌ كَوْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَائِمًا بِالْقِسْطِ فِي أَدَاءِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ .
وَالثَّانِي : وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهُ حَالٌ مِنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18شَهِدَ اللَّهُ ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : مَعْنَى كَوْنِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18قَائِمًا بِالْقِسْطِ ) قَائِمًا بِالْعَدْلِ ، كَمَا يُقَالُ : فُلَانٌ قَائِمٌ بِالتَّدْبِيرِ ، أَيْ يُجْرِيهِ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْعَدْلَ مِنْهُ مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِبَابِ الدُّنْيَا ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِبَابِ الدِّينِ ، أَمَّا الْمُتَّصِلُ بِالدِّينِ فَانْظُرْ أَوَّلًا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28659كَيْفِيَّةِ خِلْقَةِ أَعْضَاءِ الْإِنْسَانِ ، حَتَّى تَعْرِفَ عَدْلَ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا ، ثُمَّ انْظُرْ إِلَى اخْتِلَافِ
nindex.php?page=treesubj&link=28659_19782_19789أَحْوَالِ الْخَلْقِ فِي الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ ، وَالْغِنَى وَالْفَقْرِ وَالصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ ، وَطُولِ الْعُمُرِ وَقِصَرِهِ وَاللَّذَّةِ وَالْآلَامِ ، وَاقْطَعْ بِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ عَدْلٌ مِنَ اللَّهِ وَحِكْمَةٌ وَصَوَابٌ ، ثُمَّ انْظُرْ فِي كَيْفِيَّةِ خَلْقِهِ الْعَنَاصِرَ وَأَجْرَامَ الْأَفْلَاكِ ، وَتَقْدِيرِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ وَخَاصِّيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ ، وَاقْطَعْ بِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ حِكْمَةٌ وَصَوَابٌ ، أَمَّا مَا يَتَّصِلُ بِأَمْرِ الدِّينِ ، فَانْظُرْ إِلَى اخْتِلَافِ الْخَلْقِ فِي الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ ، وَالْفَطَانَةِ وَالْبَلَادَةِ ، وَالْهِدَايَةِ وَالْغَوَايَةِ ، وَاقْطَعْ بِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ عَدْلٌ وَقِسْطٌ . وَلَقَدْ خَاضَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ هَاهُنَا فِي التَّعَصُّبِ لِلِاعْتِزَالِ وَزَعَمَ أَنَّ الْآيَةَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28640الْإِسْلَامَ هُوَ الْعَدْلُ وَالتَّوْحِيدُ ، وَكَانَ ذَلِكَ الْمِسْكِينُ بَعِيدًا عَنْ مَعْرِفَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إِلَّا أَنَّهُ فُضُولِيٌّ كَثِيرُ الْخَوْضِ فِيمَا لَا يَعْرِفُ ، وَزَعَمَ أَنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ مَنْ أَجَازَ الرُّؤْيَةَ ، أَوْ ذَهَبَ إِلَى الْجَبْرِ لَمْ يَكُنْ عَلَى دِينِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ الْإِسْلَامُ ، وَالْعَجَبُ أَنَّ أَكَابِرَ
الْمُعْتَزِلَةِ وَعُظَمَاءَهُمْ أَفْنَوْا أَعْمَارَهُمْ فِي طَلَبِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَرْئِيًّا لَكَانَ جِسْمًا ، وَمَا وَجَدُوا فِيهِ سِوَى الرُّجُوعِ إِلَى الشَّاهِدِ مِنْ غَيْرِ جَامِعٍ عَقْلِيٍّ قَاطِعٍ ، فَهَذَا الْمِسْكِينُ الَّذِي مَا شَمَّ رَائِحَةَ الْعِلْمِ مِنْ أَيْنَ وَجَدَ ذَلِكَ !
[ ص: 180 ] وَأَمَّا حَدِيثُ الْجَبْرِ فَالْخَوْضُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْمِسْكِينِ خَوْضٌ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ ، لِأَنَّهُ لَمَّا اعْتَرَفَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالِمٌ بِجَمِيعِ الْجُزْئِيَّاتِ ، وَاعْتَرَفَ بِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28781الْعَبْدَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْلِبَ عِلْمَ اللَّهِ جَهْلًا ، فَقَدِ اعْتَرَفَ بِهَذَا الْجَبْرِ ، فَمِنْ أَيْنَ هُوَ وَالْخَوْضُ فِي أَمْثَالِ هَذِهِ الْمَبَاحِثِ ! .
ثُمَّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ) وَالْفَائِدَةُ فِي إِعَادَتِهِ وُجُوهٌ : الْأَوَّلُ : أَنَّ تَقْدِيرَ الْآيَةِ : شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، وَإِذَا شَهِدَ بِذَلِكَ فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ : الدَّلِيلُ دَلَّ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَمَتَى كَانَ كَذَلِكَ صَحَّ الْقَوْلُ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى . الثَّانِي : أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ شَهِدَ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَشَهِدَتِ الْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ بِذَلِكَ صَارَ التَّقْدِيرُ ، كَأَنَّهُ قَالَ : يَا أُمَّةَ
مُحَمَّدٍ فَقُولُوا أَنْتُمْ عَلَى وَفْقِ شَهَادَةِ اللَّهِ وَشَهَادَةِ الْمَلَائِكَةِ وَأُولِي الْعِلْمِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ) فَكَانَ الْغَرَضُ مِنَ الْإِعَادَةِ الْأَمْرَ بِذِكْرِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ عَلَى وَفْقِ تِلْكَ الشَّهَادَاتِ . الثَّالِثُ : فَائِدَةُ هَذَا التَّكْرِيرِ الْإِعْلَامُ بِأَنَّ الْمُسْلِمَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَبَدًا فِي تَكْرِيرِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فَإِنَّ أَشْرَفَ كَلِمَةٍ يَذْكُرُهَا الْإِنْسَانُ هِيَ هَذِهِ الْكَلِمَةُ ، فَإِذَا كَانَ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ مُشْتَغِلًا بِذِكْرِهَا وَبِتَكْرِيرِهَا كَانَ مُشْتَغِلًا بِأَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ ، فَكَانَ الْغَرَضُ مِنَ التَّكْرِيرِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ حَثُّ الْعِبَادِ عَلَى تَكْرِيرِهَا . الرَّابِعُ : ذَكَرَ قَوْلَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ) أَوَّلًا : لِيُعْلِمَ أَنَّهُ لَا تَحِقُّ الْعِبَادَةُ إِلَّا لِلَّهِ تَعَالَى ، وَذَكَرَهَا ثَانِيًا : لِيُعْلِمَ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=30364الْقَائِمُ بِالْقِسْطِ لَا يَجُورُ وَلَا يَظْلِمُ .
أَمَّا قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=29448الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) فَالْعَزِيزُ إِشَارَةٌ إِلَى كَمَالِ الْقُدْرَةِ ، وَالْحَكِيمُ إِشَارَةٌ إِلَى كَمَالِ الْعِلْمِ ، وَهُمَا الصِّفَتَانِ اللَّتَانِ يَمْتَنِعُ حُصُولُ الْإِلَهِيَّةِ إِلَّا مَعَهُمَا ; لِأَنَّ كَوْنَهُ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا يَتِمُّ إِلَّا إِذَا كَانَ عَالِمًا بِمَقَادِيرِ الْحَاجَاتِ ، وَكَانَ قَادِرًا عَلَى تَحْصِيلِ الْمُهِمَّاتِ ، وَقَدَّمَ الْعَزِيزَ عَلَى الْحَكِيمِ فِي الذِّكْرِ ، لِأَنَّ الْعِلْمَ بِكَوْنِهِ تَعَالَى قَادِرًا مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ عَالِمًا فِي طَرِيقِ الْمَعْرِفَةِ الِاسْتِدْلَالِيَّةِ ، فَلَمَّا كَانَ مُقَدَّمًا فِي الْمَعْرِفَةِ الِاسْتِدْلَالِيَّةِ ، وَكَانَ هَذَا الْخِطَابُ مَعَ الْمُسْتَدِلِّينَ ، لَا جَرَمَ قَدَّمَ تَعَالَى ذِكْرَ الْعَزِيزِ عَلَى الْحَكِيمِ .