(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=22قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) .
[ ص: 157 ] ثم أخبر الله تعالى عنهم أنهم
nindex.php?page=treesubj&link=28976_34077_31926 ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=22قالوا ياموسى إن فيها قوما جبارين ) وفي تفسير الجبارين وجهان :
الأول : الجبار فعال من جبره على الأمر بمعنى أجبره عليه ، وهو العاتي الذي يجبر الناس على ما يريد ، وهذا هو اختيار
الفراء والزجاج . قال
الفراء : لم أسمع فعالا من أفعل إلا في حرفين وهما : جبار من أجبر ، ودراك من أدرك .
والثاني : أنه مأخوذ من قولهم نخلة جبارة إذا كانت طويلة مرتفعة لا تصل الأيدي إليها ، ويقال : رجل جبار إذا كان طويلا عظيما قويا ، تشبيها بالجبار من النخل ، والقوم كانوا في غاية القوة وعظم الأجسام بحيث كانت أيدي قوم موسى ما كانت تصل إليهم ، فسموهم جبارين لهذا المعنى .
ثم قال القوم :
nindex.php?page=treesubj&link=28976_31926 ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=22وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون ) وإنما قالوا هذا على سبيل الاستبعاد كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=40ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ) ( الأعراف : 40 ) .
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين )
وفيه مسائل :
المسألة الأولى : هذان الرجلان هما
يوشع بن نون ،
وكالب بن يوفنا ، وكانا من الذين يخافون الله وأنعم الله عليهما بالهداية والثقة بعون الله تعالى والاعتماد على نصرة الله .
قال
القفال : ويجوز أن يكون التقدير : قال رجلان من الذين يخافهم
بنو إسرائيل وهم الجبارون ، وهما رجلان منهم أنعم الله عليهما بالإيمان فآمنا ، وقالا هذا القول
لقوم موسى تشجيعا لهم على قتالهم ، وقراءة من قرأ ( يخافون ) بالضم شاهدة لهذا الوجه .
المسألة الثانية : في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23أنعم الله عليهما ) وجهان :
الأول : أنه صفة لقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23رجلان ) .
والثاني : أنه اعتراض وقع في البين يؤكد ما هو المقصود من الكلام .
المسألة الثالثة : قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23ادخلوا عليهم الباب ) مبالغة في الوعد بالنصر والظفر ، كأنه قال : متى دخلتم باب بلدهم انهزموا ولا يبقى منهم نافخ نار ولا ساكن دار ، فلا تخافوهم . والله أعلم .
المسألة الرابعة : إنما جزم هذان الرجلان في قولهما : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23فإذا دخلتموه فإنكم غالبون ) لأنهما كانا جازمين بنبوة
موسى عليه السلام ، فلما أخبرهم
موسى عليه السلام بأن الله قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=21ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ) ( المائدة : 21 ) لا جرم قطعا بأن النصرة لهم والغلبة حاصلة في جانبهم ، ولذلك ختموا كلامهم بقولهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) يعني لما وعدكم الله تعالى النصر فلا ينبغي أن تصيروا خائفين من شدة قوتهم وعظم أجسامهم ، بل توكلوا على الله في حصول هذا النصر لكم إن كنتم مؤمنين مقرين بوجود الإله القادر ومؤمنين بصحة نبوة
موسى عليه السلام .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=22قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) .
[ ص: 157 ] ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=28976_34077_31926 ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=22قَالُوا يَامُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ ) وَفِي تَفْسِيرِ الْجَبَّارِينَ وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : الْجَبَّارُ فَعَّالٌ مِنْ جَبَرَهُ عَلَى الْأَمْرِ بِمَعْنَى أَجْبَرَهُ عَلَيْهِ ، وَهُوَ الْعَاتِي الَّذِي يُجْبِرُ النَّاسَ عَلَى مَا يُرِيدُ ، وَهَذَا هُوَ اخْتِيَارُ
الْفَرَّاءِ وَالزَّجَّاجِ . قَالَ
الْفَرَّاءُ : لَمْ أَسْمَعْ فَعَّالًا مِنْ أَفْعَلَ إِلَّا فِي حَرْفَيْنِ وَهُمَا : جَبَّارٌ مِنْ أَجْبَرَ ، وَدَرَّاكٌ مِنْ أَدْرَكَ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ نَخْلَةٌ جَبَّارَةٌ إِذَا كَانَتْ طَوِيلَةً مُرْتَفِعَةً لَا تَصِلُ الْأَيْدِي إِلَيْهَا ، وَيُقَالُ : رَجُلٌ جَبَّارٌ إِذَا كَانَ طَوِيلًا عَظِيمًا قَوِيًّا ، تَشْبِيهًا بِالْجَبَّارِ مِنَ النَّخْلِ ، وَالْقَوْمُ كَانُوا فِي غَايَةِ الْقُوَّةِ وَعِظَمِ الْأَجْسَامِ بِحَيْثُ كَانَتْ أَيْدِي قَوْمِ مُوسَى مَا كَانَتْ تَصِلُ إِلَيْهِمْ ، فَسَمَّوْهُمْ جَبَّارِينَ لِهَذَا الْمَعْنَى .
ثُمَّ قَالَ الْقَوْمُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28976_31926 ( nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=22وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ ) وَإِنَّمَا قَالُوا هَذَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِبْعَادِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=40وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ) ( الْأَعْرَافِ : 40 ) .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ )
وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : هَذَانِ الرَّجُلَانِ هُمَا
يُوشَعُ بْنُ نُونٍ ،
وَكَالِبُ بْنُ يُوفِنَا ، وَكَانَا مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ اللَّهَ وَأَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا بِالْهِدَايَةِ وَالثِّقَةِ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَالِاعْتِمَادِ عَلَى نُصْرَةِ اللَّهِ .
قَالَ
الْقَفَّالُ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ : قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُهُمْ
بَنُو إِسْرَائِيلَ وَهُمُ الْجَبَّارُونَ ، وَهُمَا رَجُلَانِ مِنْهُمْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا بِالْإِيمَانِ فَآمَنَا ، وَقَالَا هَذَا الْقَوْلَ
لِقَوْمِ مُوسَى تَشْجِيعًا لَهُمْ عَلَى قِتَالِهِمْ ، وَقِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ ( يُخَافُونَ ) بِالضَّمِّ شَاهِدَةٌ لِهَذَا الْوَجْهِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ) وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23رَجُلَانِ ) .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ اعْتِرَاضٌ وَقَعَ فِي الْبَيْنِ يُؤَكِّدُ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْكَلَامِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ ) مُبَالَغَةٌ فِي الْوَعْدِ بِالنَّصْرِ وَالظَّفَرِ ، كَأَنَّهُ قَالَ : مَتَى دَخَلْتُمْ بَابَ بَلَدِهِمُ انْهَزَمُوا وَلَا يَبْقَى مِنْهُمْ نَافِخُ نَارٍ وَلَا سَاكِنُ دَارٍ ، فَلَا تَخَافُوهُمْ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : إِنَّمَا جَزَمَ هَذَانِ الرَّجُلَانِ فِي قَوْلِهِمَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ) لِأَنَّهُمَا كَانَا جَازِمَيْنِ بِنُبُوَّةِ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَلَمَّا أَخْبَرَهُمْ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَنَّ اللَّهَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=21ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ) ( الْمَائِدَةِ : 21 ) لَا جَرَمَ قَطَعَا بِأَنَّ النُّصْرَةَ لَهُمْ وَالْغَلَبَةَ حَاصِلَةٌ فِي جَانِبِهِمْ ، وَلِذَلِكَ خَتَمُوا كَلَامَهُمْ بِقَوْلِهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=23وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) يَعْنِي لَمَّا وَعَدَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى النَّصْرَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَصِيرُوا خَائِفِينَ مِنْ شِدَّةِ قُوَّتِهِمْ وَعِظَمِ أَجْسَامِهِمْ ، بَلْ تَوَكَّلُوا عَلَى اللَّهِ فِي حُصُولِ هَذَا النَّصْرِ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ مُقِرِّينَ بِوُجُودِ الْإِلَهِ الْقَادِرِ وَمُؤْمِنِينَ بِصِحَّةِ نُبُوَّةِ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ .