المسألة الثالثة : مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله أنه يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=3247صرف الصدقة إلى بعض هؤلاء الأصناف فقط ، وهو قول
عمر وحذيفة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبي العالية nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : لو نظرت إلى أهل بيت من المسلمين فقراء متعففين فحبوتهم بها كان أحب إلي ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : لا بد من صرفها إلى الأصناف الثمانية ، وهو قول
عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز ، واحتج بأنه تعالى ذكر هذه القسمة في نص الكتاب . ثم أكدها بقوله :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60فريضة من الله ) قال : ولا بد في كل صنف من ثلاثة ؛ لأن أقل الجمع ثلاثة ؛ فإن دفع سهم الفقراء إلى فقيرين ضمن نصيب الثالث ، وهو ثلث سهم الفقراء . قال : ولا بد من التسوية في أنصباء هذه الأصناف الثمانية ، مثل أنك إن وجدت خمسة أصناف ولزمك أن تتصدق بعشرة
[ ص: 85 ] دراهم ، جعلت العشرة خمسة أسهم ، كل سهم درهمان ، ولا يجوز التفاضل ، ثم يلزمك أن تدفع إلى كل صنف درهمين وأقل عددهم ثلاثة ، ولا يلزمك التسوية بينهم ، فلك أن تعطي فقيرا درهما وفقيرا خمسة أسداس درهم وفقيرا سدس درهم ، هذه
nindex.php?page=treesubj&link=3247صفة قسمة الصدقات على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله . قال المصنف الداعي إلى الله رضي الله عنه : الآية لا دلالة فيها على قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله ؛ لأنه تعالى جعل الصدقات لهؤلاء الأصناف الثمانية ، وذلك لا يقتضي في صدقة زيد بعينه أن تكون لجملة هؤلاء الثمانية . والدليل عليه العقل والنقل .
أما النقل : فقوله تعالى :(
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ) [ الأنفال : 41 ] الآية ، فأثبت خمس الغنيمة لهؤلاء الطوائف الخمس ، ثم لم يقل أحد : إن كل شيء يغنم بعينه فإنه يجب تفرقته على هذه الطوائف ، بل اتفقوا على أن المراد إثبات مجموع الغنيمة لهؤلاء الأصناف ، فأما أن يكون كل جزء من أجزاء الغنيمة موزعا على كل هؤلاء فلا ، فكذا ههنا مجموع الصدقات تكون لمجموع هذه الأصناف الثمانية . فأما أن يقال : إن صدقة زيد بعينها يجب توزيعها على هذه الأصناف الثمانية ، فاللفظ لا يدل عليه البتة .
وأما العقل : فهو أن الحكم الثابت في مجموع لا يوجب ثبوته في كل جزء من أجزاء ذلك المجموع ، ولا يلزم أن لا يبقى فرق بين الكل وبين الجزء . فثبت بما ذكرنا أن لفظ الآية لا دلالة فيه على ما ذكره ، والذي يدل على صحة قولنا وجوه :
الأول : أن الرجل الذي لا يملك إلا عشرين دينارا لما وجب عليه إخراج نصف دينار ، فلو كلفناه أن نجعله على أربعة وعشرين قسما لصار كل واحد من تلك الأقسام حقيرا صغيرا غير منتفع به في مهم معتبر . الثاني : أن هذا التوقيف لو كان معتبرا لكان أولى الناس برعايته أكابر الصحابة ، ولو كان الأمر كذلك لوصل هذا الخبر إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، وإلى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وحذيفة وسائر الأكابر ، ولو كان كذلك لما خالفوا فيه ، وحيث خالفوا فيه علمنا أنه غير معتبر . الثالث : وهو أن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله له اختلاف رأي في جواز
nindex.php?page=treesubj&link=3255_3257نقل الصدقات ؛ أما لم يقل أحد بوجوب نقل الصدقات ، فالإنسان إذا كان في بعض القرى ولا يكون هناك مكاتب ، ولا مجاهد غاز ، ولا عامل ، ولا أحد من المؤلفة ، ولا يمر به أحد من الغرباء ، واتفق أنه لم يحضر في تلك القرية من كان مديونا فكيف تكليفه ؟ فإن قلنا : وجب عليه أن يسافر بما وجب عليه من الزكاة إلى بلد يجد هذه الأصناف فيه ، فذاك قول لم يقل به أحد ، وإذا أسقطنا عنه ذلك فحينئذ يصح قولنا ، فهذا ما نقوله في هذا الباب . والله أعلم .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=3247صَرْفُ الصَّدَقَةِ إِلَى بَعْضِ هَؤُلَاءِ الْأَصْنَافِ فَقَطْ ، وَهُوَ قَوْلُ
عُمَرَ وَحُذَيْفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=11873وَأَبِي الْعَالِيَةِ nindex.php?page=showalam&ids=12354وَالنَّخَعِيِّ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ : لَوْ نَظَرْتُ إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فُقَرَاءَ مُتَعَفِّفِينَ فَحَبَوْتُهُمْ بِهَا كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : لَا بُدَّ مِنْ صَرْفِهَا إِلَى الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ ، وَهُوَ قَوْلُ
عِكْرِمَةَ nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=16673وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ هَذِهِ الْقِسْمَةَ فِي نَصِّ الْكِتَابِ . ثُمَّ أَكَّدَهَا بِقَوْلِهِ :(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ) قَالَ : وَلَا بُدَّ فِي كُلِّ صِنْفٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ ؛ فَإِنْ دَفَعَ سَهْمَ الْفُقَرَاءِ إِلَى فَقِيرَيْنِ ضَمِنَ نَصِيبَ الثَّالِثِ ، وَهُوَ ثُلُثُ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ . قَالَ : وَلَا بُدَّ مِنَ التَّسْوِيَةِ فِي أَنْصِبَاءِ هَذِهِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ ، مِثْلُ أَنَّكَ إِنْ وَجَدْتَ خَمْسَةَ أَصْنَافٍ وَلَزِمَكَ أَنْ تَتَصَدَّقَ بِعَشَرَةِ
[ ص: 85 ] دَرَاهِمَ ، جُعِلَتِ الْعَشَرَةُ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ ، كُلُّ سَهْمٍ دِرْهَمَانِ ، وَلَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ ، ثُمَّ يَلْزَمُكَ أَنْ تَدْفَعَ إِلَى كُلِّ صِنْفٍ دِرْهَمَيْنِ وَأَقَلُّ عَدَدِهِمْ ثَلَاثَةٌ ، وَلَا يَلْزَمُكَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ ، فَلَكَ أَنْ تُعْطِيَ فَقِيرًا دِرْهَمًا وَفَقِيرًا خَمْسَةَ أَسْدَاسِ دِرْهَمٍ وَفَقِيرًا سُدُسَ دِرْهَمٍ ، هَذِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=3247صِفَةُ قِسْمَةِ الصَّدَقَاتِ عَلَى مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ . قَالَ الْمُصَنِّفُ الدَّاعِي إِلَى اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : الْآيَةُ لَا دَلَالَةَ فِيهَا عَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الصَّدَقَاتِ لِهَؤُلَاءِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ ، وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي فِي صَدَقَةِ زَيْدٍ بِعَيْنِهِ أَنْ تَكُونَ لِجُمْلَةِ هَؤُلَاءِ الثَّمَانِيَةِ . وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ الْعَقْلُ وَالنَّقْلُ .
أَمَّا النَّقْلُ : فَقَوْلُهُ تَعَالَى :(
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ) [ الْأَنْفَالِ : 41 ] الْآيَةَ ، فَأَثْبَتَ خُمُسَ الْغَنِيمَةِ لِهَؤُلَاءِ الطَّوَائِفِ الْخَمْسِ ، ثُمَّ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ : إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُغْنَمُ بِعَيْنِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَفْرِقَتُهُ عَلَى هَذِهِ الطَّوَائِفِ ، بَلِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إِثْبَاتُ مَجْمُوعِ الْغَنِيمَةِ لِهَؤُلَاءِ الْأَصْنَافِ ، فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ كُلُّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْغَنِيمَةِ مُوَزَّعًا عَلَى كُلِّ هَؤُلَاءِ فَلَا ، فَكَذَا هَهُنَا مَجْمُوعُ الصَّدَقَاتِ تَكُونُ لِمَجْمُوعِ هَذِهِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ . فَأَمَّا أَنْ يُقَالَ : إِنَّ صَدَقَةَ زَيْدٍ بِعَيْنِهَا يَجِبُ تَوْزِيعُهَا عَلَى هَذِهِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ ، فَاللَّفْظُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْبَتَّةَ .
وَأَمَّا الْعَقْلُ : فَهُوَ أَنَّ الْحُكْمَ الثَّابِتَ فِي مَجْمُوعٍ لَا يُوجَبُ ثُبُوتُهُ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ ذَلِكَ الْمَجْمُوعِ ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَبْقَى فَرْقٌ بَيْنَ الْكُلِّ وَبَيْنَ الْجُزْءِ . فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ لَفْظَ الْآيَةِ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا وُجُوهٌ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي لَا يَمْلِكُ إِلَّا عِشْرِينَ دِينَارًا لَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ نِصْفُ دِينَارٍ ، فَلَوْ كَلَّفْنَاهُ أَنْ نَجْعَلَهُ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ قِسْمًا لَصَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَقْسَامِ حَقِيرًا صَغِيرًا غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ فِي مُهِمٍّ مُعْتَبَرٍ . الثَّانِي : أَنَّ هَذَا التَّوْقِيفَ لَوْ كَانَ مُعْتَبَرًا لَكَانَ أَوْلَى النَّاسِ بِرِعَايَتِهِ أَكَابِرُ الصَّحَابَةِ ، وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَوَصَلَ هَذَا الْخَبَرُ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَإِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ،
وَحُذَيْفَةَ وَسَائِرِ الْأَكَابِرِ ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا خَالَفُوا فِيهِ ، وَحَيْثُ خَالَفُوا فِيهِ عَلِمْنَا أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ . الثَّالِثُ : وَهُوَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَهُ اخْتِلَافُ رَأْيٍ فِي جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=3255_3257نَقْلِ الصَّدَقَاتِ ؛ أَمَّا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِ نَقْلِ الصَّدَقَاتِ ، فَالْإِنْسَانُ إِذَا كَانَ فِي بَعْضِ الْقُرَى وَلَا يَكُونُ هُنَاكَ مُكَاتَبٌ ، وَلَا مُجَاهِدٌ غَازٍ ، وَلَا عَامِلٌ ، وَلَا أَحَدٌ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ ، وَلَا يَمُرُّ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْغُرَبَاءِ ، وَاتَّفَقَ أَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ مَنْ كَانَ مَدْيُونًا فَكَيْفَ تَكْلِيفُهُ ؟ فَإِنْ قُلْنَا : وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُسَافِرَ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنَ الزَّكَاةِ إِلَى بَلَدٍ يَجِدُ هَذِهِ الْأَصْنَافَ فِيهِ ، فَذَاكَ قَوْلٌ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ ، وَإِذَا أَسْقَطْنَا عَنْهُ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَصِحُّ قَوْلُنَا ، فَهَذَا مَا نَقُولُهُ فِي هَذَا الْبَابِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .