(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101nindex.php?page=treesubj&link=28973_29778_29434_31931_32423_32424ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون )
اعلم أن معنى كون الرسول مصدقا لما معهم هو أنه كان معترفا بنبوة
موسى عليه السلام وبصحة التوراة أو مصدقا لما معهم من حيث إن
nindex.php?page=treesubj&link=29629_30589التوراة بشرت بمقدم محمد صلى الله عليه وسلم فإذا أتى
محمد كان مجرد مجيئه مصدقا للتوراة .
[ ص: 184 ] أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101نبذ فريق ) فهو مثل لتركهم وإعراضهم عنه بمثل ما يرمى به وراء الظهر استغناء عنه وقلة التفات إليه .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101من الذين أوتوا الكتاب ) ففيه قولان :
أحدهما : أن المراد ممن أوتي علم الكتاب من يدرسه ويحفظه ، قال هذا القائل : الدليل عليه أنه تعالى وصف هذا الفريق بالعلم عند قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101لا يعلمون ) .
الثاني : المراد من يدعي التمسك بالكتاب سواء علمه أو لم يعلمه ، وهذا كوصف المسلمين بأنهم من أهل القرآن لا يراد بذلك من يختص بمعرفة علومه ، بل المراد من يؤمن به ويتمسك بموجبه .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101كتاب الله وراء ظهورهم ) فقيل : إنه التوراة ، وقيل : إنه القرآن ، وهذا هو الأقرب لوجهين :
الأول : أن النبذ لا يعقل إلا فيما تمسكوا به أولا وأما إذا لم يلتفتوا إليه لا يقال إنهم نبذوه .
الثاني : أنه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب ) ولو كان المراد به القرآن لم يكن لتخصيص الفريق معنى لأن جميعهم لا يصدقون بالقرآن ، فإن قيل : كيف يصح نبذهم التوراة وهم يتمسكون به ؟ قلنا : إذا كان يدل على نبوة
محمد عليه الصلاة والسلام لما فيه من النعت والصفة وفيه وجوب الإيمان ثم عدلوا عنه كانوا نابذين للتوراة .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101كأنهم لا يعلمون ) فدلالة على أنهم نبذوه عن علم ومعرفة لأنه لا يقال ذلك إلا فيمن يعلم ، فدلت الآية من هذه الجهة على أن هذا الفريق كانوا عالمين بصحة نبوته إلا أنهم جحدوا ما يعلمون ، وقد ثبت أن الجمع العظيم لا يصح الجحد عليهم فوجب القطع بأن أولئك الجاحدين كانوا في القلة بحيث تجوز المكابرة عليهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101nindex.php?page=treesubj&link=28973_29778_29434_31931_32423_32424وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ )
اعْلَمْ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِ الرَّسُولِ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ هُوَ أَنَّهُ كَانَ مُعْتَرِفًا بِنُبُوَّةِ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَبِصِحَّةِ التَّوْرَاةِ أَوْ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ مِنْ حَيْثُ إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29629_30589التَّوْرَاةَ بَشَّرَتْ بِمَقْدِمِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا أَتَى
مُحَمَّدٌ كَانَ مُجَرَّدُ مَجِيئِهِ مُصَدِّقًا لِلتَّوْرَاةِ .
[ ص: 184 ] أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101نَبَذَ فَرِيقٌ ) فَهُوَ مَثَلٌ لِتَرْكِهِمْ وَإِعْرَاضِهِمْ عَنْهُ بِمِثْلِ مَا يُرْمَى بِهِ وَرَاءَ الظَّهْرِ اسْتِغْنَاءً عَنْهُ وَقِلَّةَ الْتِفَاتٍ إِلَيْهِ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ) فَفِيهِ قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْمُرَادَ مِمَّنْ أُوتِيَ عِلْمَ الْكِتَابِ مَنْ يَدْرُسُهُ وَيَحْفَظُهُ ، قَالَ هَذَا الْقَائِلُ : الدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ هَذَا الْفَرِيقَ بِالْعِلْمِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101لَا يَعْلَمُونَ ) .
الثَّانِي : الْمُرَادُ مَنْ يَدَّعِي التَّمَسُّكَ بِالْكِتَابِ سَوَاءٌ عَلِمَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ ، وَهَذَا كَوَصْفِ الْمُسْلِمِينَ بِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ لَا يُرَادُ بِذَلِكَ مَنْ يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَةِ عُلُومِهِ ، بَلِ الْمُرَادُ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَيَتَمَسَّكُ بِمُوجَبِهِ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ ) فَقِيلَ : إِنَّهُ التَّوْرَاةُ ، وَقِيلَ : إِنَّهُ الْقُرْآنُ ، وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ لِوَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ النَّبْذَ لَا يُعْقَلُ إِلَّا فِيمَا تَمَسَّكُوا بِهِ أَوَّلًا وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ لَا يُقَالُ إِنَّهُمْ نَبَذُوهُ .
الثَّانِي : أَنَّهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ) وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْقُرْآنُ لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِ الْفَرِيقِ مَعْنًى لِأَنَّ جَمِيعَهُمْ لَا يُصَدِّقُونَ بِالْقُرْآنِ ، فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ يَصِحُّ نَبْذُهُمُ التَّوْرَاةَ وَهُمْ يَتَمَسَّكُونَ بِهِ ؟ قُلْنَا : إِذَا كَانَ يَدُلُّ عَلَى نُبُوَّةِ
مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِمَا فِيهِ مِنَ النَّعْتِ وَالصِّفَةِ وَفِيهِ وُجُوبُ الْإِيمَانِ ثُمَّ عَدَلُوا عَنْهُ كَانُوا نَابِذِينَ لِلتَّوْرَاةِ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) فَدَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ نَبَذُوهُ عَنْ عِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ ذَلِكَ إِلَّا فِيمَنْ يَعْلَمُ ، فَدَلَّتِ الْآيَةُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْفَرِيقَ كَانُوا عَالِمِينَ بِصِحَّةِ نُبُوَّتِهِ إِلَّا أَنَّهُمْ جَحَدُوا مَا يَعْلَمُونَ ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْجَمْعَ الْعَظِيمَ لَا يَصِحُّ الْجَحْدُ عَلَيْهِمْ فَوَجَبَ الْقَطْعُ بِأَنَّ أُولَئِكَ الْجَاحِدِينَ كَانُوا فِي الْقِلَّةِ بِحَيْثُ تَجُوزُ الْمُكَابَرَةُ عَلَيْهِمْ .