( 8262 ) مسألة ، قال : ( ويكون كاتبه عدلا ، وكذلك قاسمه ) وجملته أنه يستحب
nindex.php?page=treesubj&link=15165_15166_15163للحاكم أن يتخذ كاتبا ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم استكتب
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ، وغيره ، ولأن الحاكم تكثر أشغاله ونظره ، فلا يمكنه أن يتولى الكتابة بنفسه ، وإن أمكنه تولي الكتابة بنفسه ، جاز ، والاستنابة فيه أولى .
ولا يجوز أن يستنيب في ذلك إلا عدلا ; لأن الكتابة موضع أمانة . ويستحب أن يكون فقيها ; ليعرف مواقع الألفاظ التي تتعلق بها الأحكام ، ويفرق بين الجائز والواجب ، وينبغي أن يكون وافر العقل ، ورعا ، نزها ; لئلا يستمال بالطمع ، ويكون مسلما ; لأن الله - تعالى قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا } ويروى أن
أبا موسى قدم على
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه ومعه كاتب نصراني ، فأحضر
أبو موسى شيئا من مكتوباته عند
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، فاستحسنه ، وقال : قل لكاتبك يجيء ، فيقرأ كتابه . قال : إنه لا يدخل المسجد . قال : ولم ؟ قال : إنه نصراني . فانتهره
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، وقال : لا تأتمنوهم ، وقد خونهم الله تعالى ، ولا تقربوهم ، وقد أبعدهم الله - تعالى ، ولا تعزوهم ، وقد أذلهم الله تعالى . ولأن الإسلام من شروط العدالة ، والعدالة شرط .
، وقال أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : في
nindex.php?page=treesubj&link=15165اشتراط عدالته وإسلامه وجهان ; أحدهما ، تشترط ; لما ذكرنا . والثاني ، لا تشترط ; لأن ما يكتبه لا بد من وقوف القاضي عليه ، فتؤمن الخيانة فيه . ويستحب أن يكون جيد الخط ; لأنه أكمل .
وأن يكون حرا ; ليخرج من الخلاف . وإن كان عبدا ، جاز ; لأن شهادة العبد جائزة . ويكون القاسم على الصفة التي ذكرنا في الكاتب ، ولا بد من كونه حاسبا ; لأنه عمله ، وبه يقسم ، فهو كالحظ للكاتب والفقه للحاكم .
ويستحب للحاكم أن يجلس كاتبه بين يديه ; ليشاهد ما يكتبه ، ويشافهه بما يملي عليه ،
[ ص: 115 ] وإن قعد ناحية ، جاز ; لأن المقصود يحصل ، فإن ما يكتبه يعرض على الحاكم ، فيستبرئه .
( 8262 ) مَسْأَلَةٌ ، قَالَ : ( وَيَكُونُ كَاتِبُهُ عَدْلًا ، وَكَذَلِكَ قَاسِمُهُ ) وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ
nindex.php?page=treesubj&link=15165_15166_15163لِلْحَاكِمِ أَنْ يَتَّخِذَ كَاتِبًا ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْتَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=47زِيدَ بْنَ ثَابِتٍ ، وَغَيْرَهُ ، وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ تَكْثُرُ أَشْغَالُهُ وَنَظَرُهُ ، فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَوَلَّى الْكِتَابَةَ بِنَفْسِهِ ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ تَوَلِّي الْكِتَابَةِ بِنَفْسِهِ ، جَازَ ، وَالِاسْتِنَابَةُ فِيهِ أَوْلَى .
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَنِيبَ فِي ذَلِكَ إلَّا عَدْلًا ; لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مَوْضِعُ أَمَانَةٍ . وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا ; لِيَعْرِفَ مَوَاقِعَ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَا الْأَحْكَامُ ، وَيُفَرِّقَ بَيْنَ الْجَائِزِ وَالْوَاجِبِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَافِرَ الْعَقْلِ ، وَرِعًا ، نَزِهًا ; لِئَلَّا يُسْتَمَالَ بِالطَّمَعِ ، وَيَكُونَ مُسْلِمًا ; لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا } وَيُرْوَى أَنَّ
أَبَا مُوسَى قَدِمَ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَعَهُ كَاتِبٌ نَصْرَانِيٌّ ، فَأَحْضَرَ
أَبُو مُوسَى شَيْئًا مِنْ مَكْتُوبَاتِهِ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ ، فَاسْتَحْسَنَهُ ، وَقَالَ : قُلْ لِكَاتِبِك يَجِيءُ ، فَيَقْرَأُ كِتَابَهُ . قَالَ : إنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ . قَالَ : وَلِمَ ؟ قَالَ : إنَّهُ نَصْرَانِيٌّ . فَانْتَهَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ ، وَقَالَ : لَا تَأْتَمِنُوهُمْ ، وَقَدْ خَوَّنَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى ، وَلَا تُقَرِّبُوهُمْ ، وَقَدْ أَبْعَدَهُمْ اللَّهُ - تَعَالَى ، وَلَا تُعِزُّوهُمْ ، وَقَدْ أَذَلَّهُمْ اللَّهُ تَعَالَى . وَلِأَنَّ الْإِسْلَامَ مِنْ شُرُوطِ الْعَدَالَةِ ، وَالْعَدَالَةُ شَرْطٌ .
، وَقَالَ أَصْحَابُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=15165اشْتِرَاطِ عَدَالَتِهِ وَإِسْلَامِهِ وَجْهَانِ ; أَحَدُهُمَا ، تُشْتَرَطُ ; لِمَا ذَكَرْنَا . وَالثَّانِي ، لَا تُشْتَرَطُ ; لِأَنَّ مَا يَكْتُبُهُ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوفِ الْقَاضِي عَلَيْهِ ، فَتُؤْمَنُ الْخِيَانَةُ فِيهِ . وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ جَيِّدَ الْخَطِّ ; لِأَنَّهُ أَكْمَلُ .
وَأَنْ يَكُونَ حُرًّا ; لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ . وَإِنْ كَانَ عَبْدًا ، جَازَ ; لِأَنَّ شَهَادَةَ الْعَبْدِ جَائِزَةٌ . وَيَكُونَ الْقَاسِمُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا فِي الْكَاتِبِ ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ حَاسِبًا ; لِأَنَّهُ عَمَلُهُ ، وَبِهِ يَقْسِمُ ، فَهُوَ كَالْحَظِّ لِلْكَاتِبِ وَالْفِقْهِ لِلْحَاكِمِ .
وَيُسْتَحَبُّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُجْلِسَ كَاتِبَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ; لِيُشَاهِدَ مَا يَكْتُبُهُ ، وَيُشَافِهَهُ بِمَا يُمْلِي عَلَيْهِ ،
[ ص: 115 ] وَإِنْ قَعَدَ نَاحِيَةً ، جَازَ ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ ، فَإِنَّ مَا يَكْتُبُهُ يُعْرَضُ عَلَى الْحَاكِمِ ، فَيَسْتَبْرِئُهُ .