1413 - مسألة : فإن
nindex.php?page=treesubj&link=4466_27258بيع شيء من الغائبات بغير صفة ولم يكن مما عرفه البائع لا برؤية ولا بصفة من يصدق ممن رأى ما باعه ولا مما عرفه للمشتري برؤية ، أو بصفة من يصدق ، فالبيع فاسد مفسوخ أبدا ، لا خيار في جوازه أصلا .
ويجوز ابتياع المرء ما وصفه له البائع صدقه - أو لم يصدقه .
[ ص: 222 ] ويجوز بيع المرء ما وصفه له المشتري - صدقه أو لم يصدقه - فإن وجد المبيع بتلك الصفة ، فالمبيع لازم ، وإن وجد بخلافها ، فالمبيع باطل ولا بد .
وأجاز الحنفيون بيع العين المجهولة غير الموصوفة ، وجعلوا فيها خيار الرؤية ، كما ذكرنا - وقولنا في أنه لا يجوز إلا بمعرفة وصفه : هو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في بعض ذلك ، أو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15858أبي سليمان ، وغيرهما .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : واحتج الحنفيون لقولهم بالخبر الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50551نهى عن بيع الحب قبل أن يشتد } ، قالوا : ففي هذا إباحة بيعه بعد اشتداده وهو في أكمامه بعد لم يره أحد ولا تدرى صفته .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وهذا مما موهوا به وأوهموا أنه حجة لهم ، وليس كذلك ; لأنه ليس في هذا الخبر إلا النهي عن بيعه قبل اشتداده فقط ، وليس فيه إباحة بيعه بعد اشتداده ، ولا المنع من ذلك ؟ فاعجبوا لجرأة هؤلاء القوم على الله تعالى بالباطل ; إذ احتجوا بهذا الخبر ما ليس فيه منه شيء ، وخالفوه فيما جاء فيه نص ، فهم يجيزون بيع الحب قبل أن يشتد على شرط القطع ، فيا لضلال هذه الطريقة قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وعجب آخر - : أنهم كذبوا في هذا الخبر فأقحموا فيه ما ليس فيه منه نص ولا أثر من إباحة بيع الحب بعد أن يشتد ، ثم لم يقنعوا بهذه الطامة حتى أوجبوا بهذا الخبر ما ليس فيه له ذكر ولا إشارة إليه بوجه من الوجوه : من بيع الغائبات التي لا تعرف صفاتها ، ولا عرفها البائع ، ولا المشتري ، ولا وصفها لهما أحد ، ثم لم يلبثوا أن نقضوا ذلك ككرة الطرف فحرموا بيع لحم الكبش قبل ذبحه ، والنوى دون التمر قبل أكله ، وبيع الزيت في الزيتون قبل عصره ، وبيع الألبان في الضروع - واحتجوا في ذلك بأنه كله مجهول لا تدرى صفته ، وهذا موق وتلاعب بالدين - ونعوذ بالله من مثله .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : ونحن نجيز
nindex.php?page=treesubj&link=24533بيع الحب بعد اشتداده كما هو في أكمامه بأكمامه ،
nindex.php?page=treesubj&link=4459وبيع الكبش حيا ومذبوحا كله لحمه مع جلده ،
nindex.php?page=treesubj&link=4740وبيع الشاة بما في ضرعها من اللبن ،
nindex.php?page=treesubj&link=4570_4444_4459وبيع [ ص: 223 ] النوى مع التمر ; لأنه كله ظاهر مرئي - ولا يحل بيعه دون أكمامه ; لأنه مجهول لا يدري أحد صفته ، ولا بيع اللحم دون الجلد ، ولا النوى دون التمر ، ولا اللبن دون الشاة كذلك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ولا يخلو بيع كل ذلك قبل ظهوره من أن يكون إخراجه مشترطا على البائع ، أو على المشتري ، أو عليهما ، أو على غيرهما ، أو لا على أحد ، فإن كان مشترطا على البائع ، أو على المشتري : فهو بيع بثمن مجهول وإجارة بثمن مجهول - وهذا باطل ; لأن البيع لا يحل - بنص القرآن - إلا بالتراضي ، والتراضي بضرورة الحس لا يمكن أن يكون إلا بمعلوم لا بمجهول ، فكذلك إن كان مشترطا عليهما ، أو على غيرهما .
وأيضا : فإن كل ذلك شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل ، فإن لم يشترط على أحد فهو أكل مال بالباطل حقا ; لأنه لا يصل إلى أخذ ما اشتراه ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : والبرهان على بطلان بيع ما لم يعرف برؤية ولا بصفة : صحة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38746نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر } وهذا عين الغرر ; لأنه لا يدري ما اشترى أو باع .
وقول الله ; تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } . ولا يمكن أصلا وقوع التراضي على ما لا يدرى قدره ولا صفاته ، وإنما فرقنا بين صفة البائع للمشتري ، أو المشتري للبائع - صدق أحدهما الآخر أو لم يصدقه - فأجزنا البيع بذلك وبين صفة غيرهما ، فلم يجزه إلا ممن يصدقه الموصوف له ، فلأن صفة البائع للمشتري ، أو صفة المشتري للبائع عليها وقع البيع ، وبها تراضيا ، فإن وجد المبيع كذلك علمنا أن البيع وقع صحيحا على حق وعلى ما يصح به التراضي وإلا فلا .
وأما إذا وصفه لهما غيرهما ممن لا يصدقه الموصوف له فإن البيع ههنا لم يقع على صفة أصلا ، فوقع العقد على مجهول من أحدهما أو من كليهما - وهذا حرام لا يحل . فإن وصفه من صدقه الموصوف له ، فالتصديق يوجب العلم ، فإنما اشترى ما علم ، أو باع البائع ما علم ، فالعقد صحيح ، والتراضي صحيح .
فإن وجد المبيع كذلك علم أن البيع انعقد على صحة ، وإن وجد بخلاف ذلك
[ ص: 224 ] علم أن البيع لم ينعقد على صحة ، كما لو وجده قد استحال عما عرفه عليه ولا فرق - وبالله تعالى التوفيق .
1413 - مَسْأَلَةٌ : فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=4466_27258بِيعَ شَيْءٌ مِنْ الْغَائِبَاتِ بِغَيْرِ صِفَةٍ وَلَمْ يَكُنْ مِمَّا عَرَفَهُ الْبَائِعُ لَا بِرُؤْيَةٍ وَلَا بِصِفَةِ مَنْ يُصَدَّقُ مِمَّنْ رَأَى مَا بَاعَهُ وَلَا مِمَّا عَرَّفَهُ لِلْمُشْتَرِي بِرُؤْيَةٍ ، أَوْ بِصِفَةِ مَنْ يُصَدَّقُ ، فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ مَفْسُوخٌ أَبَدًا ، لَا خِيَارَ فِي جَوَازِهِ أَصْلًا .
وَيَجُوزُ ابْتِيَاعُ الْمَرْءِ مَا وَصَفَهُ لَهُ الْبَائِعُ صَدَّقَهُ - أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ .
[ ص: 222 ] وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَرْءِ مَا وَصَفَهُ لَهُ الْمُشْتَرِي - صَدَّقَهُ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ - فَإِنْ وَجَدَ الْمَبِيعَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ ، فَالْمَبِيعُ لَازِمٌ ، وَإِنْ وَجَدَ بِخِلَافِهَا ، فَالْمَبِيعُ بَاطِلٌ وَلَا بُدَّ .
وَأَجَازَ الْحَنَفِيُّونَ بَيْعَ الْعَيْنِ الْمَجْهُولَةِ غَيْرِ الْمَوْصُوفَةِ ، وَجَعَلُوا فِيهَا خِيَارَ الرُّؤْيَةِ ، كَمَا ذَكَرْنَا - وَقَوْلُنَا فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِمَعْرِفَةِ وَصْفِهِ : هُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ فِي بَعْضِ ذَلِكَ ، أَوْ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15858أَبِي سُلَيْمَانَ ، وَغَيْرِهِمَا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : وَاحْتَجَّ الْحَنَفِيُّونَ لِقَوْلِهِمْ بِالْخَبَرِ الثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50551نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَبِّ قَبْلَ أَنْ يَشْتَدَّ } ، قَالُوا : فَفِي هَذَا إبَاحَةُ بَيْعِهِ بَعْدَ اشْتِدَادِهِ وَهُوَ فِي أَكْمَامِهِ بَعْدُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ وَلَا تُدْرَى صِفَتُهُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ : وَهَذَا مِمَّا مَوَّهُوا بِهِ وَأَوْهَمُوا أَنَّهُ حُجَّةٌ لَهُمْ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ إلَّا النَّهْيُ عَنْ بَيْعِهِ قَبْلَ اشْتِدَادِهِ فَقَطْ ، وَلَيْسَ فِيهِ إبَاحَةُ بَيْعِهِ بَعْدَ اشْتِدَادِهِ ، وَلَا الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ ؟ فَاعْجَبُوا لِجُرْأَةِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالْبَاطِلِ ; إذْ احْتَجُّوا بِهَذَا الْخَبَرِ مَا لَيْسَ فِيهِ مِنْهُ شَيْءٌ ، وَخَالَفُوهُ فِيمَا جَاءَ فِيهِ نَصٌّ ، فَهُمْ يُجِيزُونَ بَيْعَ الْحَبِّ قَبْلَ أَنْ يَشْتَدَّ عَلَى شَرْطِ الْقَطْعِ ، فَيَا لَضَلَالِ هَذِهِ الطَّرِيقَةُ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : وَعَجَبٌ آخَرُ - : أَنَّهُمْ كَذَبُوا فِي هَذَا الْخَبَرِ فَأَقْحَمُوا فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ مِنْهُ نَصٌّ وَلَا أَثَرٌ مِنْ إبَاحَةِ بَيْعِ الْحَبِّ بَعْدَ أَنْ يَشْتَدَّ ، ثُمَّ لَمْ يَقْنَعُوا بِهَذِهِ الطَّامَّةِ حَتَّى أَوْجَبُوا بِهَذَا الْخَبَرِ مَا لَيْسَ فِيهِ لَهُ ذِكْرٌ وَلَا إشَارَةٌ إلَيْهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ : مِنْ بَيْعِ الْغَائِبَاتِ الَّتِي لَا تُعْرَفُ صِفَاتُهَا ، وَلَا عَرَفَهَا الْبَائِعُ ، وَلَا الْمُشْتَرِي ، وَلَا وَصَفَهَا لَهُمَا أَحَدٌ ، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثُوا أَنْ نَقَضُوا ذَلِكَ كَكَرَّةِ الطَّرْفِ فَحَرَّمُوا بَيْعَ لَحْمِ الْكَبْشِ قَبْلَ ذَبْحِهِ ، وَالنَّوَى دُونَ التَّمْرِ قَبْلَ أَكْلِهِ ، وَبَيْعَ الزَّيْتِ فِي الزَّيْتُونِ قَبْلَ عَصْرِهِ ، وَبَيْعَ الْأَلْبَانِ فِي الضُّرُوعِ - وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ كُلُّهُ مَجْهُولٌ لَا تُدْرَى صِفَتُهُ ، وَهَذَا مُوقٍ وَتَلَاعُبٍ بِالدِّينِ - وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ مِثْلِهِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ : وَنَحْنُ نُجِيزُ
nindex.php?page=treesubj&link=24533بَيْعَ الْحَبِّ بَعْدَ اشْتِدَادِهِ كَمَا هُوَ فِي أَكْمَامِهِ بِأَكْمَامِهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=4459وَبَيْعَ الْكَبْشِ حَيًّا وَمَذْبُوحًا كُلِّهِ لَحْمِهِ مَعَ جِلْدِهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=4740وَبَيْعَ الشَّاةِ بِمَا فِي ضَرْعِهَا مِنْ اللَّبَنِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=4570_4444_4459وَبَيْعَ [ ص: 223 ] النَّوَى مَعَ التَّمْرِ ; لِأَنَّهُ كُلَّهُ ظَاهِرٌ مَرْئِيٌّ - وَلَا يَحِلُّ بَيْعُهُ دُونَ أَكْمَامِهِ ; لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ لَا يَدْرِي أَحَدٌ صِفَتَهُ ، وَلَا بَيْعُ اللَّحْمِ دُونَ الْجِلْدِ ، وَلَا النَّوَى دُونَ التَّمْرِ ، وَلَا اللَّبَنِ دُونَ الشَّاةِ كَذَلِكَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : وَلَا يَخْلُو بَيْعُ كُلِّ ذَلِكَ قَبْلَ ظُهُورِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ إخْرَاجُهُ مُشْتَرَطًا عَلَى الْبَائِعِ ، أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي ، أَوْ عَلَيْهِمَا ، أَوْ عَلَى غَيْرِهِمَا ، أَوْ لَا عَلَى أَحَدٍ ، فَإِنْ كَانَ مُشْتَرَطًا عَلَى الْبَائِعِ ، أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي : فَهُوَ بَيْعٌ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَإِجَارَةٌ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ - وَهَذَا بَاطِلٌ ; لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَحِلُّ - بِنَصِّ الْقُرْآنِ - إلَّا بِالتَّرَاضِي ، وَالتَّرَاضِي بِضَرُورَةِ الْحِسِّ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ إلَّا بِمَعْلُومٍ لَا بِمَجْهُولٍ ، فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مُشْتَرَطًا عَلَيْهِمَا ، أَوْ عَلَى غَيْرِهِمَا .
وَأَيْضًا : فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَى أَحَدٍ فَهُوَ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ حَقًّا ; لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى أَخْذِ مَا اشْتَرَاهُ ؟ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ : وَالْبُرْهَانُ عَلَى بُطْلَانِ بَيْعِ مَا لَمْ يُعْرَفْ بِرُؤْيَةٍ وَلَا بِصِفَةٍ : صِحَّةُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38746نَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ } وَهَذَا عَيْنُ الْغَرَرِ ; لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا اشْتَرَى أَوْ بَاعَ .
وَقَوْلُ اللَّهِ ; تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29إلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } . وَلَا يُمْكِنُ أَصْلًا وُقُوعُ التَّرَاضِي عَلَى مَا لَا يُدْرَى قَدْرُهُ وَلَا صِفَاتُهُ ، وَإِنَّمَا فَرَّقْنَا بَيْنَ صِفَةِ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي ، أَوْ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ - صَدَّقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ - فَأَجَزْنَا الْبَيْعَ بِذَلِكَ وَبَيْنَ صِفَةِ غَيْرِهِمَا ، فَلَمْ يُجِزْهُ إلَّا مِمَّنْ يُصَدِّقُهُ الْمَوْصُوفُ لَهُ ، فَلِأَنَّ صِفَةَ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي ، أَوْ صِفَةَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ عَلَيْهَا وَقَعَ الْبَيْعُ ، وَبِهَا تَرَاضَيَا ، فَإِنْ وَجَدَ الْمَبِيعَ كَذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ صَحِيحًا عَلَى حَقٍّ وَعَلَى مَا يَصِحُّ بِهِ التَّرَاضِي وَإِلَّا فَلَا .
وَأَمَّا إذَا وَصَفَهُ لَهُمَا غَيْرُهُمَا مِمَّنْ لَا يُصَدِّقُهُ الْمَوْصُوفُ لَهُ فَإِنَّ الْبَيْعَ هَهُنَا لَمْ يَقَعْ عَلَى صِفَةٍ أَصْلًا ، فَوَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى مَجْهُولٍ مِنْ أَحَدِهِمَا أَوْ مِنْ كِلَيْهِمَا - وَهَذَا حَرَامٌ لَا يَحِلُّ . فَإِنْ وَصَفَهُ مَنْ صَدَّقَهُ الْمَوْصُوفُ لَهُ ، فَالتَّصْدِيقُ يُوجِبُ الْعِلْمَ ، فَإِنَّمَا اشْتَرَى مَا عَلِمَ ، أَوْ بَاعَ الْبَائِعُ مَا عَلِمَ ، فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ ، وَالتَّرَاضِي صَحِيحٌ .
فَإِنْ وَجَدَ الْمَبِيعَ كَذَلِكَ عَلِمَ أَنَّ الْبَيْعَ انْعَقَدَ عَلَى صِحَّةٍ ، وَإِنْ وَجَدَ بِخِلَافِ ذَلِكَ
[ ص: 224 ] عَلِمَ أَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَى صِحَّةٍ ، كَمَا لَوْ وَجَدَهُ قَدْ اسْتَحَالَ عَمَّا عَرَفَهُ عَلَيْهِ وَلَا فَرْقَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .