279 - مسألة :
وأما من
nindex.php?page=treesubj&link=20015_1423_1418تعمد ترك الصلاة حتى خرج وقتها فهذا لا يقدر على قضائها أبدا ، فليكثر من فعل الخير وصلاة التطوع ; ليثقل ميزانه يوم القيامة ; وليتب وليستغفر الله عز وجل .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : يقضيها بعد خروج الوقت ، حتى أن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبا حنيفة قالا : من تعمد ترك صلاة أو صلوات فإنه يصليها قبل التي حضر وقتها - إن كانت التي تعمد تركها خمس صلوات فأقل - سواء خرج وقت الحاضرة أو لم يخرج ; فإن كانت أكثر من خمس صلوات بدأ بالحاضرة .
برهان صحة قولنا قول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=4فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون } وقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=59فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا } فلو كان العامد لترك الصلاة مدركا لها بعد خروج وقتها لما كان له الويل ، ولا لقي الغي ; كما لا ويل ، ولا غي ; لمن أخرها إلى آخر وقتها الذي يكون مدركا لها .
وأيضا فإن الله تعالى جعل لكل صلاة فرض وقتا محدود الطرفين ، يدخل في حين محدود ; ويبطل في وقت محدود ، فلا فرق بين من صلاها قبل وقتها وبين من صلاها بعد وقتها ; لأن كليهما صلى في غير الوقت ; وليس هذا قياسا لأحدهما على الآخر ، بل هما سواء في تعدي حدود الله تعالى ، وقد قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه } .
وأيضا فإن القضاء إيجاب شرع ، والشرع لا يجوز لغير الله تعالى على لسان رسوله .
فنسأل من أوجب على العامد قضاء ما تعمد تركه من الصلاة : أخبرنا عن هذه الصلاة التي تأمره بفعلها ، أهي التي أمره الله تعالى بها ؟ أم هي غيرها ؟ فإن قالوا : هي هي ; قلنا لهم : فالعامد ; لتركها ليس عاصيا ; لأنه قد فعل ما أمره الله تعالى ، ولا إثم
[ ص: 11 ] على قولكم ، ولا ملامة على من تعمد ترك الصلاة حتى يخرج وقتها ، وهذا لا يقوله مسلم .
وإن قالوا : ليست هي التي أمره الله تعالى بها ، قلنا صدقتم ; وفي هذا كفاية إذ أقروا بأنهم أمروه بما لم يأمره به الله تعالى .
ثم نسألهم عمن تعمد ترك الصلاة إلى بعد الوقت : أطاعة هي أم معصية ؟ فإن قالوا : طاعة ، خالفوا إجماع أهل الإسلام كلهم المتيقن ، وخالفوا القرآن والسنن الثابتة : وإن قالوا : هو معصية صدقوا ، ومن الباطل أن تنوب المعصية عن الطاعة .
وأيضا فإن الله تعالى قد حد أوقات الصلاة على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وجعل لكل وقت صلاة منها أولا ليس ما قبله وقتا لتأديتها ، وآخرا ليس ما بعده وقتا ; لتأديتها ، هذا ما لا خلاف فيه من أحد من الأمة ; فلو جاز أداؤها بعد الوقت لما كان لتحديده عليه السلام آخر وقتها معنى ; ولكان لغوا من الكلام وحاشا لله من هذا .
وأيضا فإن كل عمل علق بوقت محدود فإنه لا يصح في غير وقته ، ولو صح في غير ذلك الوقت لما كان ذلك الوقت وقتا له ، وهذا بين ، وبالله تعالى التوفيق .
ونسألهم : لم أجزتم الصلاة ، بعد الوقت ، ولم تجيزوها قبله ؟ فإن ادعوا الإجماع كذبوا ; لأن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري يجيزان الصلاة قبل الوقت ، لا سيما والحنفيون والشافعيون والمالكيون يجيزون الزكاة قبل الوقت ، ويدعون أن قتال
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر ; لأهل الردة ، إنما كان قياسا للزكاة على الصلاة ، وأنه قال : لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، وهم قد فرقوا ههنا بين حكم الزكاة والصلاة فليعجب المتعجبون ، وإن ادعوا فرقا من جهة نص أو نظر لم يجدوه .
فإن قالوا : فإنكم تجيزون الناسي والنائم والسكران على قضائها أبدا .
وهذا خلاف قولكم بالوقت ؟ قلنا : لا بل وقت الصلاة للناسي والسكران والنائم ممتد غير منقض .
وبرهان ذلك أنهم ليسوا عصاة في تأخيرها إلى أي وقت صلوها فيه ، وكل أمر الله عز وجل فإنه منقسم على ثلاثة أوجه لا رابع لها إما أمر غير معلق بوقت ; فهذا يجزئ أبدا متى أدي ، كالجهاد والعمرة وصدقة التطوع والدعاء وغير ذلك ، فهذا يجزئ متى أدي ; والمسارعة إليه أفضل ; لقول الله عز وجل : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133وسارعوا [ ص: 12 ] إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها } ، وإما أمر معلق بوقت محدود الأول غير محدود الآخر كالزكاة ونحوها ، فهذا لا يجزئ قبل وقته ، ولا يسقط بعد وجوبه أبدا ; لأنه لا آخر لوقته ، والمبادرة إليه أفضل ; لما ذكرنا .
وإما أمر معلق بوقت محدود أوله وآخره فهذا لا يجزئ قبل وقته ، ولا بعد وقته ; ويجزئ في جميع وقته في أوله وآخره ووسطه كالصلاة والحج وصوم رمضان ونحو ذلك .
ونقول لمن خالفنا : قد وافقتمونا على أن الحج لا يجزئ في غير وقته ، وأن الصوم لا يجزئ في غير النهار ; فمن أين أجزتم ذلك في الصلاة ؟ وكل ذلك ذو وقت محدود أوله وآخره ؟ وهذا ما لا انفكاك منه .
فإن قالوا قسنا العامد على الناسي .
قلنا القياس كله باطل ; ثم لو كان القياس حقا لكان هذا منه عين الباطل ; لأن القياس عند القائلين به إنما هو قياس الشيء على نظيره ، لا على ضده ، وهذا ما لا خلاف فيه بين أحد من أهل القياس ، وقد وافقهم من لا يقول بالقياس ، على أنه لا يجوز قياس الشيء على ضده ، فصار إجماعا متيقنا وباطلا لا شك فيه .
والعمد ضد النسيان ، والمعصية ضد الطاعة ، بل قياس ذلك على ما ذكرنا من الحج ; لو كان القياس حقا ، لا سيما ، والحنفيون والمالكيون لا يقيسون الحالف عامدا ; للكذب على الحالف فيحنث غير عامد للكذب في وجوب الكفارة ، بل يسقطون الكفارة عن العامد ، ويوجبونها على غير العامد ، ولا يقيسون قاتل العمد على قاتل الخطأ في وجوب الكفارة عليه ، بل يسقطونها عن قاتل العمد ، ولا يرون قضاء الصلاة على المرتد ; فهذا تناقض لا خفاء به ، وتحكم بالدعوى وبالله تعالى التوفيق .
ولو كان القضاء واجبا على العامد ; لترك الصلاة حتى يخرج وقتها لما أغفل الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ذلك ، ولا نسياه ، ولا تعمدا إعناتنا بترك بيانه {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=64وما كان ربك نسيا } وكل شريعة لم يأت بها القرآن ، ولا السنة فهي باطل .
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36862من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله } فصح أن ما فات فلا سبيل إلى إدراكه ، ولو أدرك أو أمكن أن يدرك ; لما فات ، كما لا تفوت المنسية أبدا ، وهذا لا إشكال فيه ، والأمة أيضا كلها مجمعة على القول والحكم بأن الصلاة قد فاتت إذا خرج وقتها ، فصح فوتها بإجماع متيقن ، ولو أمكن قضاؤها وتأديتها لكان القول بأنها فاتت كذبا وباطلا .
فثبت يقينا أنه لا يمكن القضاء فيها أبدا .
[ ص: 13 ] وممن قال بقولنا في هذا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وابنه
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص nindex.php?page=showalam&ids=123وسليمان nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود والقاسم بن محمد بن أبي بكر ،
وبديل العقيلي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972ومحمد بن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=17098ومطرف بن عبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز وغيرهم .
فروينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17392يعلى بن عطاء عن
عبد الله بن حراش قال : رأى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رجلا يقرأ صحيفة ، فقال له : يا هذا القارئ ; إنه لا صلاة ; لمن لم يصل الصلاة لوقتها ، فصل ثم اقرأ ما بدا لك .
وروينا من طريق
إبراهيم بن المنذر الحزامي عن عمه
الضحاك بن عثمان أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قال في خطبته
بالجابية : ألا ، وإن الصلاة لها وقت شرطه الله لا تصلح إلا به .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى عن
nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن الجعد قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=123سليمان - هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصلاة مكيال ; فمن وفى وفي له ; ومن طفف فقد علمتم ما قيل في المطففين .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : من أخر الصلاة عن وقتها فقد طفف ، ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم بن أبي النجود عن
مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه قال في قول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=5الذين هم عن صلاتهم ساهون } قال : السهو الترك عن الوقت .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : لو أجزأت عنده بعد الوقت لما كان له الويل عن شيء قد أداه .
وبه إلى
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن
المسعودي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14939القاسم هو ابن عبد الرحمن -
nindex.php?page=showalam&ids=14112والحسن هو ابن سعد - قيل
nindex.php?page=showalam&ids=10لعبد الله بن مسعود {
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=23الذين هم على صلاتهم دائمون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=34والذين هم على صلاتهم يحافظون } فقال : ذلك على مواقيتها . قالوا : ما كنا نرى ذلك إلا على تركها ، قال تركها هو الكفر .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى : حدثنا
عبد الأعلى حدثنا
سعيد بن أبي عروبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة قال : ذكر لنا أن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود كان يقول : إن للصلاة وقتا كوقت الحج ; فصلوا الصلاة ; لميقاتها .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد عن
[ ص: 14 ] يحيى بن عتيق قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين يقول : إن للصلاة وقتا واحدا ، فإن الذي يصلي قبل الوقت مثل الذي يصلي بعد الوقت .
ومن طريق
سحنون عن
ابن القاسم أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أن
القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق حين كانت
بنو أمية يؤخرون الصلاة ، أنه كان يصلي في بيته ، ثم يأتي المسجد يصلي معهم ، فكلم في ذلك ، فقال أصلي مرتين أحب إلي من أن لا أصلي شيئا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : فهذا يوضح أن الصلاة الأولى كانت فرضه والأخرى تطوع ، فهما صلاتان صحيحتان ، وإن الصلاة بعد الوقت ليست صلاة أصلا ، ولا هي شيء .
وعن
أسد بن موسى بن مروان بن معاوية الفزاري : أن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز قال : سمعت الله تعالى ذكر أقواما فعابهم فقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=59أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا } ولم تكن إضاعتهم إياها ، أن تركوها ; ولو تركوها لكانوا بتركها كفارا ، ولكن أخروها عن وقتها .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
بديل العقيلي قال : بلغني أن العبد إذا صلى الصلاة ; لوقتها صعدت ولها نور ساطع في السماء ، وقالت : حفظتني حفظك الله ، وإذا صلاها لغير وقتها طويت كما يطوى الثوب الخلق فضرب بها وجهه .
ومن العجب أن بعضهم قال : معنى قول
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : لا صلاة لمن لم يصل الصلاة لوقتها أي لا صلاة كاملة ; وكذلك قال آخرون في قوله عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47852لا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود } وفي قوله عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30880لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : فيقال ; لهؤلاء : ما حملكم على ما ادعيتم ؟ فإن قالوا : هو معهود كلام
العرب ; قلنا : ما هو كذلك ; بل معهود كلام
العرب الذي لا يجوز غيره - أن " لا " للنفي والتبرئة جملة إلا أن يأتي دليل من نص آخر أو ضرورة حس على خلاف ذلك ، ثم هبكم أنه كما قلتم ; فإن ذلك حجة لنا ، وهو قولنا ; لأن كل صلاة لم تكمل ولم تتم فهي باطل كلها ، بلا خلاف منا ومنكم .
فإن قالوا : إنما هذا فيما نقص من فرائضها ; قلنا : نعم ; والوقت من فرائض الصلاة بإجماع منا ومنكم ومن كل مسلم فهي صلاة تعمد ترك فريضة من فرائضها .
[ ص: 15 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : ما نعلم ; لمن ذكرنا من الصحابة رضي الله عنهم مخالفا منهم ، وهم يشنعون بخلاف الصاحب إذا وافق أهواءهم ، وقد جاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=38وعبد الرحمن بن عوف nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ بن جبل nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم أن من ترك صلاة فرض واحدة متعمدا حتى يخرج وقتها فهو كافر مرتد .
وهؤلاء الحنفيون والمالكيون لا يرون على المرتد قضاء ما خرج وقته .
فهؤلاء من الصحابة رضي الله عنهم أيضا لا يرون على من تعمد ترك الصلاة حتى خرج وقتها قضاء .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وما جعل الله تعالى عذرا لمن خوطب بالصلاة في تأخيرها عن وقتها بوجه من الوجوه ، لا في حال المطاعنة والقتال والخوف وشدة المرض والسفر .
وقال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك } ، وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=239فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } ولم يفسح الله تعالى ، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم في تركها عن وقتها حتى صلاها بطائفتين وجوه إحدى الطائفتين إلى غير القبلة ، على ما نذكر في صلاة الخوف إن شاء الله عز وجل .
ولم يفسح تعالى في تأخيرها عن وقتها للمريض المدنف ، بل أمر إن عجز عن الصلاة قائما أنه يصلي قاعدا فإن عجز عن القعود فعلى جنب ; وبالتيمم إن عجز عن الماء ، وبغير تيمم إن عجز عن التراب فمن أين أجاز من أجاز تعمد تركها حتى يخرج وقتها ؟ ثم أمره بأن يصليها بعد الوقت ، وأخبره بأنها تجزئه كذلك ; من غير قرآن ، ولا سنة ، لا صحيحة ، ولا سقيمة ، ولا قول لصاحب ، ولا قياس .
وقد أقدم بعضهم فذكر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47853صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق الظهر والعصر بعد غروب الشمس } ، ثم أشار إلى أنه عليه السلام تركها متعمدا ذاكرا لها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وهذا كفر مجرد ممن أجاز ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ; لأنهم مقرون معنا بلا خلاف من أحدهم ، ولا من أحد من الأمة - في أن من تعمد ترك صلاة فرض ذاكرا لها حتى يخرج وقتها ، فإنه فاسق مجرح الشهادة ، مستحق ; للضرب والنكال ، ومن أوجب شيئا من النكال على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو وصفه وقطع عليه بالفسق أو بجرحه في شهادته ، فهو كافر مشرك مرتد
كاليهود والنصارى ; حلال الدم والمال ; بلا خلاف من أحد من المسلمين .
وذكر بعضهم قول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=14وأقم الصلاة لذكري } وقوله عليه السلام :
[ ص: 16 ] {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47854خمس صلوات كتبهن الله تعالى } وقال قد صح وجوب الصلاة ، فلا يجوز سقوطها إلا ببرهان نص أو إجماع .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي ، وهذا قول صحيح ، وقد صح البرهان بأن {
رسول الله صلى الله عليه وسلم أوجب كل صلاة في وقت محدود أوله وآخره } ، ولم يوجبها عليه السلام لا قبل ذلك الوقت ، ولا بعده ، فمن أخذ بعموم هذه الآية وهذا الخبر لزمه إقامة الصلاة قبل الوقت وبعده ، وهذا خلاف لتوقيت النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة بوقتها .
وموه بعضهم بحديث رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ; إنهم اشتدت الحرب غداة فتح
تستر فلم يصلوا إلا بعد طلوع الشمس ; وهذا خبر لا يصح ; لأنه إنما رواه
مكحول : أن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك قال :
ومكحول لم يدرك
nindex.php?page=showalam&ids=9أنسا ; ثم لو صح فإنه ليس فيه أنهم تركوها عارفين بخروج وقتها ، بل كانوا ناسين لها بلا شك ، لا يجوز أن يظن بفاضل من عرض المسلمين غير هذا ، فكيف بصاحب من الصحابة رضي الله عنهم ، ولو كانوا ذاكرين لها لصلوها صلاة الخوف كما أمروا ، أو رجالا وركبانا كما ألزمهم الله تعالى ; لا يجوز غير هذا ، فلاح يقينا كذب من ظن غير هذا ، وبالله التوفيق .
279 - مَسْأَلَةٌ :
وَأَمَّا مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=20015_1423_1418تَعَمَّدَ تَرْكَ الصَّلَاةِ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا فَهَذَا لَا يَقْدِرُ عَلَى قَضَائِهَا أَبَدًا ، فَلْيُكْثِرْ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ وَصَلَاةِ التَّطَوُّعِ ; لِيُثْقِلَ مِيزَانَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ; وَلْيَتُبْ وَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ : يَقْضِيهَا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ ، حَتَّى أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكًا nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبَا حَنِيفَةَ قَالَا : مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ صَلَاةٍ أَوْ صَلَوَاتٍ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا قَبْلَ الَّتِي حَضَرَ وَقْتُهَا - إنْ كَانَتْ الَّتِي تَعَمَّدَ تَرْكَهَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فَأَقَلَّ - سَوَاءٌ خَرَجَ وَقْتُ الْحَاضِرَةِ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ ; فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ صَلَوَاتٍ بَدَأَ بِالْحَاضِرَةِ .
بُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=4فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ } وقَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=59فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } فَلَوْ كَانَ الْعَامِدُ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ مُدْرِكًا لَهَا بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا لَمَا كَانَ لَهُ الْوَيْلُ ، وَلَا لَقِيَ الْغَيَّ ; كَمَا لَا وَيْلَ ، وَلَا غَيَّ ; لِمَنْ أَخَّرَهَا إلَى آخَرِ وَقْتِهَا الَّذِي يَكُونُ مُدْرِكًا لَهَا .
وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لِكُلِّ صَلَاةِ فَرْضٍ وَقْتًا مَحْدُودَ الطَّرَفَيْنِ ، يَدْخُلُ فِي حِينٍ مَحْدُودٍ ; وَيَبْطُلُ فِي وَقْتٍ مَحْدُودٍ ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ صَلَّاهَا قَبْلَ وَقْتِهَا وَبَيْنَ مَنْ صَلَّاهَا بَعْدَ وَقْتِهَا ; لِأَنَّ كِلَيْهِمَا صَلَّى فِي غَيْرِ الْوَقْتِ ; وَلَيْسَ هَذَا قِيَاسًا لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ ، بَلْ هُمَا سَوَاءٌ فِي تَعَدِّي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ } .
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْقَضَاءَ إيجَابُ شَرْعٍ ، وَالشَّرْعُ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ .
فَنَسْأَلُ مَنْ أَوْجَبَ عَلَى الْعَامِدِ قَضَاءَ مَا تَعَمَّدَ تَرْكَهُ مِنْ الصَّلَاةِ : أَخْبِرْنَا عَنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ الَّتِي تَأْمُرُهُ بِفِعْلِهَا ، أَهِيَ الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا ؟ أَمْ هِيَ غَيْرُهَا ؟ فَإِنْ قَالُوا : هِيَ هِيَ ; قُلْنَا لَهُمْ : فَالْعَامِدُ ; لِتَرْكِهَا لَيْسَ عَاصِيًا ; لِأَنَّهُ قَدْ فَعَلَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَلَا إثْمَ
[ ص: 11 ] عَلَى قَوْلِكُمْ ، وَلَا مَلَامَةَ عَلَى مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الصَّلَاةِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ .
وَإِنْ قَالُوا : لَيْسَتْ هِيَ الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا ، قُلْنَا صَدَقْتُمْ ; وَفِي هَذَا كِفَايَةٌ إذْ أَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ أَمَرُوهُ بِمَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى .
ثُمَّ نَسْأَلُهُمْ عَمَّنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الصَّلَاةِ إلَى بَعْدِ الْوَقْتِ : أَطَاعَةٌ هِيَ أَمْ مَعْصِيَةٌ ؟ فَإِنْ قَالُوا : طَاعَةٌ ، خَالَفُوا إجْمَاعَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ كُلِّهِمْ الْمُتَيَقَّنَ ، وَخَالَفُوا الْقُرْآنَ وَالسُّنَنَ الثَّابِتَةَ : وَإِنْ قَالُوا : هُوَ مَعْصِيَةٌ صَدَقُوا ، وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ تَنُوبَ الْمَعْصِيَةُ عَنْ الطَّاعَةِ .
وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَدَّ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ لِكُلِّ وَقْتِ صَلَاةٍ مِنْهَا أَوَّلًا لَيْسَ مَا قَبْلَهُ وَقْتًا لِتَأْدِيَتِهَا ، وَآخِرًا لَيْسَ مَا بَعْدَهُ وَقْتًا ; لِتَأْدِيَتِهَا ، هَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ ; فَلَوْ جَازَ أَدَاؤُهَا بَعْدَ الْوَقْتِ لَمَا كَانَ لِتَحْدِيدِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ آخِرَ وَقْتِهَا مَعْنًى ; وَلَكَانَ لَغْوًا مِنْ الْكَلَامِ وَحَاشَا لِلَّهِ مِنْ هَذَا .
وَأَيْضًا فَإِنَّ كُلَّ عَمَلٍ عُلِّقَ بِوَقْتٍ مَحْدُودٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ ، وَلَوْ صَحَّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمَا كَانَ ذَلِكَ الْوَقْتُ وَقْتًا لَهُ ، وَهَذَا بَيِّنٌ ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
وَنَسْأَلُهُمْ : لِمَ أَجَزْتُمْ الصَّلَاةَ ، بَعْدَ الْوَقْتِ ، وَلَمْ تُجِيزُوهَا قَبْلَهُ ؟ فَإِنْ ادَّعُوا الْإِجْمَاعَ كَذَبُوا ; لِأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ يُجِيزَانِ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْوَقْتِ ، لَا سِيَّمَا وَالْحَنَفِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّونَ وَالْمَالِكِيُّونَ يُجِيزُونَ الزَّكَاةَ قَبْلَ الْوَقْتِ ، وَيَدَّعُونَ أَنَّ قِتَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ ; لِأَهْلِ الرِّدَّةِ ، إنَّمَا كَانَ قِيَاسًا لِلزَّكَاةِ عَلَى الصَّلَاةِ ، وَأَنَّهُ قَالَ : لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ ، وَهُمْ قَدْ فَرَّقُوا هَهُنَا بَيْنَ حُكْمِ الزَّكَاةِ وَالصَّلَاةِ فَلْيَعْجَبْ الْمُتَعَجِّبُونَ ، وَإِنْ ادَّعُوا فَرْقًا مِنْ جِهَةِ نَصٍّ أَوْ نَظَرٍ لَمْ يَجِدُوهُ .
فَإِنْ قَالُوا : فَإِنَّكُمْ تُجِيزُونَ النَّاسِيَ وَالنَّائِمَ وَالسَّكْرَانَ عَلَى قَضَائِهَا أَبَدًا .
وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِكُمْ بِالْوَقْتِ ؟ قُلْنَا : لَا بَلْ وَقْتُ الصَّلَاةِ لِلنَّاسِي وَالسَّكْرَانِ وَالنَّائِمِ مُمْتَدٌّ غَيْرُ مُنْقَضٍ .
وَبُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَيْسُوا عُصَاةً فِي تَأْخِيرِهَا إلَى أَيِّ وَقْتٍ صَلُّوهَا فِيهِ ، وَكُلُّ أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنَّهُ مُنْقَسِمٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ لَا رَابِعَ لَهَا إمَّا أَمْرٌ غَيْرُ مُعَلَّقٍ بِوَقْتٍ ; فَهَذَا يُجْزِئُ أَبَدًا مَتَى أُدِّيَ ، كَالْجِهَادِ وَالْعُمْرَةِ وَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَالدُّعَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، فَهَذَا يُجْزِئُ مَتَى أُدِّيَ ; وَالْمُسَارَعَةُ إلَيْهِ أَفْضَلُ ; لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133وَسَارِعُوا [ ص: 12 ] إلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا } ، وَإِمَّا أَمْرٌ مُعَلَّقٌ بِوَقْتٍ مَحْدُودِ الْأَوَّلِ غَيْرُ مَحْدُودِ الْآخِرِ كَالزَّكَاةِ وَنَحْوِهَا ، فَهَذَا لَا يُجْزِئُ قَبْلَ وَقْتِهِ ، وَلَا يَسْقُطُ بَعْدَ وُجُوبِهِ أَبَدًا ; لِأَنَّهُ لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ ، وَالْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ أَفْضَلُ ; لِمَا ذَكَرْنَا .
وَإِمَّا أَمْرٌ مُعَلَّقٌ بِوَقْتٍ مَحْدُودٍ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ فَهَذَا لَا يُجْزِئُ قَبْلَ وَقْتِهِ ، وَلَا بَعْدَ وَقْتِهِ ; وَيُجْزِئُ فِي جَمِيعِ وَقْتِهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ وَوَسَطِهِ كَالصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
وَنَقُولُ لِمَنْ خَالَفَنَا : قَدْ وَافَقْتُمُونَا عَلَى أَنَّ الْحَجَّ لَا يُجْزِئُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ ، وَأَنَّ الصَّوْمَ لَا يُجْزِئُ فِي غَيْرِ النَّهَارِ ; فَمِنْ أَيْنَ أَجَزْتُمْ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ ؟ وَكُلُّ ذَلِكَ ذُو وَقْتٍ مَحْدُودٍ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ ؟ وَهَذَا مَا لَا انْفِكَاكَ مِنْهُ .
فَإِنْ قَالُوا قِسْنَا الْعَامِدَ عَلَى النَّاسِي .
قُلْنَا الْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ ; ثُمَّ لَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا لَكَانَ هَذَا مِنْهُ عَيْنَ الْبَاطِلِ ; لِأَنَّ الْقِيَاسَ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ إنَّمَا هُوَ قِيَاسُ الشَّيْءِ عَلَى نَظِيرِهِ ، لَا عَلَى ضِدِّهِ ، وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقِيَاسِ ، وَقَدْ وَافَقَهُمْ مَنْ لَا يَقُولُ بِالْقِيَاسِ ، عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قِيَاسُ الشَّيْءِ عَلَى ضِدِّهِ ، فَصَارَ إجْمَاعًا مُتَيَقَّنًا وَبَاطِلًا لَا شَكَّ فِيهِ .
وَالْعَمْدُ ضِدُّ النِّسْيَانِ ، وَالْمَعْصِيَةُ ضِدُّ الطَّاعَةِ ، بَلْ قِيَاسُ ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْحَجِّ ; لَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا ، لَا سِيَّمَا ، وَالْحَنَفِيُّونَ وَالْمَالِكِيُّونَ لَا يَقِيسُونَ الْحَالِفَ عَامِدًا ; لِلْكَذِبِ عَلَى الْحَالِفِ فَيَحْنَثُ غَيْرُ عَامِدٍ لِلْكَذِبِ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ ، بَلْ يُسْقِطُونَ الْكَفَّارَةَ عَنْ الْعَامِدِ ، وَيُوجِبُونَهَا عَلَى غَيْرِ الْعَامِدِ ، وَلَا يَقِيسُونَ قَاتِلَ الْعَمْدِ عَلَى قَاتِلِ الْخَطَأِ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ ، بَلْ يُسْقِطُونَهَا عَنْ قَاتِلِ الْعَمْدِ ، وَلَا يَرُونَ قَضَاءَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُرْتَدِّ ; فَهَذَا تَنَاقُضٌ لَا خَفَاءَ بِهِ ، وَتَحَكُّمٌ بِالدَّعْوَى وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
وَلَوْ كَانَ الْقَضَاءُ وَاجِبًا عَلَى الْعَامِدِ ; لِتَرْكِ الصَّلَاةِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا لَمَا أَغْفَلَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ ، وَلَا نَسِيَاهُ ، وَلَا تَعَمَّدَا إعْنَاتَنَا بِتَرْكِ بَيَانِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=64وَمَا كَانَ رَبُّك نَسِيًّا } وَكُلُّ شَرِيعَةٍ لَمْ يَأْتِ بِهَا الْقُرْآنُ ، وَلَا السُّنَّةُ فَهِيَ بَاطِلٌ .
وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36862مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ } فَصَحَّ أَنَّ مَا فَاتَ فَلَا سَبِيلَ إلَى إدْرَاكِهِ ، وَلَوْ أُدْرِكَ أَوْ أَمْكَنَ أَنْ يُدْرِكَ ; لَمَا فَاتَ ، كَمَا لَا تَفُوتُ الْمَنْسِيَّةُ أَبَدًا ، وَهَذَا لَا إشْكَالَ فِيهِ ، وَالْأُمَّةُ أَيْضًا كُلُّهَا مُجْمِعَةٌ عَلَى الْقَوْلِ وَالْحُكْمِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ قَدْ فَاتَتْ إذَا خَرَجَ وَقْتُهَا ، فَصَحَّ فَوْتُهَا بِإِجْمَاعٍ مُتَيَقَّنٍ ، وَلَوْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهَا وَتَأْدِيَتُهَا لَكَانَ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا فَاتَتْ كَذِبًا وَبَاطِلًا .
فَثَبَتَ يَقِينًا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْقَضَاءُ فِيهَا أَبَدًا .
[ ص: 13 ] وَمِمَّنْ قَالَ بِقَوْلِنَا فِي هَذَا
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12عَبْدُ اللَّهِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=37وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ nindex.php?page=showalam&ids=123وَسُلَيْمَانُ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ،
وَبَدِيلٌ الْعُقَيْلِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ nindex.php?page=showalam&ids=17098وَمُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16673وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرُهُمْ .
فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=16102شُعْبَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17392يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حِرَاشٍ قَالَ : رَأَى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ رَجُلًا يَقْرَأُ صَحِيفَةً ، فَقَالَ لَهُ : يَا هَذَا الْقَارِئُ ; إنَّهُ لَا صَلَاةَ ; لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا ، فَصَلِّ ثُمَّ اقْرَأْ مَا بَدَا لَك .
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ
إبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيِّ عَنْ عَمِّهِ
الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ
بِالْجَابِيَةِ : أَلَا ، وَإِنَّ الصَّلَاةَ لَهَا وَقْتٌ شَرَطَهُ اللَّهُ لَا تَصْلُحُ إلَّا بِهِ .
وَمِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=12166مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16349عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12179أَبِي نَضْرَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15957سَالِمِ بْنِ الْجَعْدِ قَالَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=123سُلَيْمَانُ - هُوَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الصَّلَاةُ مِكْيَالٌ ; فَمَنْ وَفَّى وُفِّيَ لَهُ ; وَمَنْ طَفَّفَ فَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا قِيلَ فِي الْمُطَفِّفِينَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ : مَنْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا فَقَدْ طَفَّفَ ، وَمِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ عَنْ
مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=107&ayano=5الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ } قَالَ : السَّهْوُ التَّرْكُ عَنْ الْوَقْتِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ : لَوْ أَجْزَأَتْ عِنْدَهُ بَعْدَ الْوَقْتِ لَمَا كَانَ لَهُ الْوَيْلُ عَنْ شَيْءٍ قَدْ أَدَّاهُ .
وَبِهِ إلَى
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٍ عَنْ
الْمَسْعُودِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14939الْقَاسِمِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -
nindex.php?page=showalam&ids=14112وَالْحَسَنُ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ - قِيلَ
nindex.php?page=showalam&ids=10لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ {
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=23الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=34وَاَلَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ } فَقَالَ : ذَلِكَ عَلَى مَوَاقِيتِهَا . قَالُوا : مَا كُنَّا نَرَى ذَلِكَ إلَّا عَلَى تَرْكِهَا ، قَالَ تَرْكُهَا هُوَ الْكُفْرُ .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12166مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى : حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا
سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ : إنَّ لِلصَّلَاةِ وَقْتًا كَوَقْتِ الْحَجِّ ; فَصَلُّوا الصَّلَاةَ ; لِمِيقَاتِهَا .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12166مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16349عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15743حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ
[ ص: 14 ] يَحْيَى بْنُ عَتِيقٍ قَالَ : سَمِعْت
nindex.php?page=showalam&ids=16972مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يَقُولُ : إنَّ لِلصَّلَاةِ وَقْتًا وَاحِدًا ، فَإِنَّ الَّذِي يُصَلِّي قَبْلَ الْوَقْتِ مِثْلُ الَّذِي يُصَلِّي بَعْدَ الْوَقْتِ .
وَمِنْ طَرِيقِ
سَحْنُونَ عَنْ
ابْنِ الْقَاسِمِ أَخْبَرَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ أَنَّ
الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقَ حِينَ كَانَتْ
بَنُو أُمَيَّةَ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ ، أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ ، ثُمَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ يُصَلِّي مَعَهُمْ ، فَكُلِّمَ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ أُصَلِّي مَرَّتَيْنِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ لَا أُصَلِّيَ شَيْئًا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ : فَهَذَا يُوَضِّحُ أَنَّ الصَّلَاةَ الْأُولَى كَانَتْ فَرْضَهُ وَالْأُخْرَى تَطَوُّعٌ ، فَهُمَا صَلَاتَانِ صَحِيحَتَانِ ، وَإِنَّ الصَّلَاةَ بَعْدَ الْوَقْتِ لَيْسَتْ صَلَاةً أَصْلًا ، وَلَا هِيَ شَيْءٌ .
وَعَنْ
أَسَدِ بْنِ مُوسَى بْنِ مَرْوَانِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيِّ : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ : سَمِعْت اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ أَقْوَامًا فَعَابَهُمْ فَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=59أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } وَلَمْ تَكُنْ إضَاعَتُهُمْ إيَّاهَا ، أَنْ تَرَكُوهَا ; وَلَوْ تَرَكُوهَا لَكَانُوا بِتَرْكِهَا كُفَّارًا ، وَلَكِنْ أَخَّرُوهَا عَنْ وَقْتِهَا .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17124مَعْمَرٍ عَنْ
بُدَيْلِ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا صَلَّى الصَّلَاةَ ; لِوَقْتِهَا صَعِدَتْ وَلَهَا نُورٌ سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ ، وَقَالَتْ : حَفِظْتَنِي حَفِظَك اللَّهُ ، وَإِذَا صَلَّاهَا لِغَيْرِ وَقْتِهَا طُوِيَتْ كَمَا يُطْوَى الثَّوْبُ الْخَلَقُ فَضُرِبَ بِهَا وَجْهُهُ .
وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ : مَعْنَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ : لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا أَيْ لَا صَلَاةَ كَامِلَةً ; وَكَذَلِكَ قَالَ آخَرُونَ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47852لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ } وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30880لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ } .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ : فَيُقَالُ ; لِهَؤُلَاءِ : مَا حَمَلَكُمْ عَلَى مَا ادَّعَيْتُمْ ؟ فَإِنْ قَالُوا : هُوَ مَعْهُودُ كَلَامِ
الْعَرَبِ ; قُلْنَا : مَا هُوَ كَذَلِكَ ; بَلْ مَعْهُودُ كَلَامِ
الْعَرَبِ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ - أَنَّ " لَا " لِلنَّفْيِ وَالتَّبْرِئَةِ جُمْلَةً إلَّا أَنْ يَأْتِيَ دَلِيلٌ مِنْ نَصٍّ آخَرَ أَوْ ضَرُورَةُ حِسٍّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ ، ثُمَّ هَبْكُمْ أَنَّهُ كَمَا قُلْتُمْ ; فَإِنَّ ذَلِكَ حُجَّةٌ لَنَا ، وَهُوَ قَوْلُنَا ; لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ لَمْ تَكْمُلْ وَلَمْ تَتِمَّ فَهِيَ بَاطِلٌ كُلُّهَا ، بِلَا خِلَافٍ مِنَّا وَمِنْكُمْ .
فَإِنْ قَالُوا : إنَّمَا هَذَا فِيمَا نَقَصَ مِنْ فَرَائِضِهَا ; قُلْنَا : نَعَمْ ; وَالْوَقْتُ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ بِإِجْمَاعٍ مِنَّا وَمِنْكُمْ وَمِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ فَهِيَ صَلَاةٌ تَعَمَّدَ تَرْكَ فَرِيضَةٍ مِنْ فَرَائِضِهَا .
[ ص: 15 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ : مَا نَعْلَمُ ; لِمَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مُخَالِفًا مِنْهُمْ ، وَهُمْ يُشَنِّعُونَ بِخِلَافِ الصَّاحِبِ إذَا وَافَقَ أَهْوَاءَهُمْ ، وَقَدْ جَاءَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=38وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ nindex.php?page=showalam&ids=32وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ nindex.php?page=showalam&ids=3وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ مَنْ تَرَكَ صَلَاةَ فَرْضٍ وَاحِدَةٍ مُتَعَمِّدًا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ .
وَهَؤُلَاءِ الْحَنَفِيُّونَ وَالْمَالِكِيُّونَ لَا يَرَوْنَ عَلَى الْمُرْتَدِّ قَضَاءَ مَا خَرَجَ وَقْتُهُ .
فَهَؤُلَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَيْضًا لَا يَرَوْنَ عَلَى مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الصَّلَاةِ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا قَضَاءً .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ : وَمَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى عُذْرًا لِمَنْ خُوطِبَ بِالصَّلَاةِ فِي تَأْخِيرِهَا عَنْ وَقْتِهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ ، لَا فِي حَالِ الْمُطَاعَنَةِ وَالْقِتَالِ وَالْخَوْفِ وَشِدَّةِ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ .
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ } ، وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=239فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا } وَلَمْ يَفْسَحْ اللَّهُ تَعَالَى ، وَلَا رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَرْكِهَا عَنْ وَقْتِهَا حَتَّى صَلَّاهَا بِطَائِفَتَيْنِ وُجُوهُ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ ، عَلَى مَا نَذْكُرُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ .
وَلَمْ يَفْسَحْ تَعَالَى فِي تَأْخِيرِهَا عَنْ وَقْتِهَا لِلْمَرِيضِ الْمُدْنَفِ ، بَلْ أُمِرَ إنْ عَجَزَ عَنْ الصَّلَاةِ قَائِمًا أَنَّهُ يُصَلِّي قَاعِدًا فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْقُعُودِ فَعَلَى جَنْبٍ ; وَبِالتَّيَمُّمِ إنْ عَجَزَ عَنْ الْمَاءِ ، وَبِغَيْرِ تَيَمُّمٍ إنْ عَجَزَ عَنْ التُّرَابِ فَمِنْ أَيْنَ أَجَازَ مَنْ أَجَازَ تَعَمُّدَ تَرْكِهَا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا ؟ ثُمَّ أَمَرَهُ بِأَنْ يُصَلِّيَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ ، وَأَخْبَرَهُ بِأَنَّهَا تُجْزِئُهُ كَذَلِكَ ; مِنْ غَيْرِ قُرْآنٍ ، وَلَا سُنَّةٍ ، لَا صَحِيحَةٍ ، وَلَا سَقِيمَةٍ ، وَلَا قَوْلٍ لِصَاحِبٍ ، وَلَا قِيَاسٍ .
وَقَدْ أَقْدَمَ بَعْضُهُمْ فَذَكَرَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47853صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ } ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا ذَاكِرًا لَهَا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ : وَهَذَا كُفْرٌ مُجَرَّدٌ مِمَّنْ أَجَازَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; لِأَنَّهُمْ مُقِرُّونَ مَعَنَا بِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدِهِمْ ، وَلَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ - فِي أَنَّ مَنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ صَلَاةِ فَرْضٍ ذَاكِرًا لَهَا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا ، فَإِنَّهُ فَاسِقٌ مُجَرَّحُ الشَّهَادَةِ ، مُسْتَحِقٌّ ; لِلضَّرْبِ وَالنَّكَالِ ، وَمَنْ أَوْجَبَ شَيْئًا مِنْ النَّكَالِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ وَصَفَهُ وَقَطَعَ عَلَيْهِ بِالْفِسْقِ أَوْ بِجَرْحِهِ فِي شَهَادَتِهِ ، فَهُوَ كَافِرٌ مُشْرِكٌ مُرْتَدٌّ
كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ; حَلَالُ الدَّمِ وَالْمَالِ ; بِلَا خِلَافٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ .
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=14وَأَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي } وَقَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
[ ص: 16 ] {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47854خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى } وَقَالَ قَدْ صَحَّ وُجُوبُ الصَّلَاةِ ، فَلَا يَجُوزُ سُقُوطُهَا إلَّا بِبُرْهَانِ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ ، وَهَذَا قَوْلٌ صَحِيحٌ ، وَقَدْ صَحَّ الْبُرْهَانُ بِأَنَّ {
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْجَبَ كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتٍ مَحْدُودٍ أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ } ، وَلَمْ يُوجِبْهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ ، وَلَا بَعْدَهُ ، فَمَنْ أَخَذَ بِعُمُومِ هَذِهِ الْآيَةِ وَهَذَا الْخَبَرِ لَزِمَهُ إقَامَةُ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ ، وَهَذَا خِلَافٌ لِتَوْقِيتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ بِوَقْتِهَا .
وَمَوَّهَ بَعْضُهُمْ بِحَدِيثٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ ; إنَّهُمْ اشْتَدَّتْ الْحَرْبُ غَدَاةَ فَتْحِ
تُسْتَرَ فَلَمْ يُصَلُّوا إلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ; وَهَذَا خَبَرٌ لَا يَصِحُّ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا رَوَاهُ
مَكْحُولٌ : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ :
وَمَكْحُولٌ لَمْ يُدْرِكْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسًا ; ثُمَّ لَوْ صَحَّ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُمْ تَرَكُوهَا عَارِفِينَ بِخُرُوجِ وَقْتِهَا ، بَلْ كَانُوا نَاسِينَ لَهَا بِلَا شَكٍّ ، لَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِفَاضِلٍ مِنْ عَرْضِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرُ هَذَا ، فَكَيْفَ بِصَاحِبٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَلَوْ كَانُوا ذَاكِرِينَ لَهَا لَصَلَّوْهَا صَلَاةَ الْخَوْفِ كَمَا أُمِرُوا ، أَوْ رِجَالًا وَرُكْبَانًا كَمَا أَلْزَمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى ; لَا يَجُوزُ غَيْرُ هَذَا ، فَلَاحَ يَقِينًا كَذِبُ مَنْ ظَنَّ غَيْرَ هَذَا ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ .