باب الكسوة
( قال ) : رضي الله تعالى عنه
nindex.php?page=treesubj&link=16556والكسوة ثوب لكل مسكين إزار أو رداء أو قميص أو قباء أو كساء ، هكذا نقل عن
الزهري في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89 : أو كسوتهم } . أنه الإزار فصاعدا من ثوب تام لكل مسكين ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنه قال : لكل مسكين ثوب ويعطي في الكسوة القباء ، والذي روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري أنه كان يعطي في كفارة اليمين لكل مسكين ثوبين ، فإنما يقصد التبرع بأحدهما ، فأما الواحد يتأدى به الواجب هكذا نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد رحمه الله قال : أدناه ثوب لكل مسكين ، وأعلاه ما شئت وهكذا ; لأن الكسوة ما يكون المرء به مكتسيا ، وبالثوب الواحد يكون مكتسيا حتى يجوز له أن يصلي في ثوب واحد ، وإذا كان في ثوب واحد فالناس يسمونه مكتسيا لا عاريا والمراد بالإزار الكبير الذي هو كالرداء ، فأما الصغير الذي لا يتم به ستر العورة لا يجزي ، ولو كسا كل مسكين سراويل ، ذكر في النوادر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله تعالى أنه يجزئه ; لأنه يكون به مكتسيا شرعا حتى تجوز صلاته فيه ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا يجزئه من الكسوة ; لأن لابس السراويل وحده يسمى عريانا لا مكتسيا ، إلا أن تبلغ قيمته الطعام ، فحينئذ يجزئه من الطعام إذا نواه ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=16556أعطى كل مسكين نصف ثوب لم يجزه من الكسوة ; لأن الاكتساء به لا يحصل ، ولكنه يجزي من الطعام إذا كان نصف ثوب يساوي نصف صاع من حنطة ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=16558كسا كل مسكين قلنسوة ، أو أعطاه نعلين أو خفين لا يجزيه من الكسوة ; لأن الاكتساء به لا يحصل ، وإن أعطى كل واحد منهم عمامة فإن كان ذلك يبلغ قميصا أو رداء أجزأه ، وإلا لم يجزه من الكسوة ; لأن العمامة كسوة
[ ص: 154 ] الرأس كالقلنسوة ، ولكن يجزيه من الطعام إذا كانت قيمته تساوي قيمة الطعام .
ولو
nindex.php?page=treesubj&link=16558_2981_16556أعطى عشرة مساكين ثوبا بينهم ، وهو ثوب كثير القيمة ، يصيب كل مسكين أكثر من قيمة ثوب لم يجزه من الكسوة ; لأنه لا يكتسي به كل واحد منهم ، ولكن يجزيه من الطعام قال : ألا ترى أنه لو أعطى كل مسكين ربع صاع حنطة ، وذلك يساوي صاعا من تمر لم يجز عنه من الطعام ، ولو كان هذا المد من الحنطة يساوي ثوبا كان يجزئ من الكسوة دون الطعام ، وهذا تفسير لما أبهمه قبل هذا من أنه لا يجوز إقامة الطعام مقام الكسوة ، وتبين بهذا أن المراد هناك التمكين دون التمليك ، ولو أعطى مسكينا واحدا عشرة أثواب في مرة واحدة لم يجزه كما في الطعام ، وإن أعطاه في كل يوم ثوبا حتى استكمل عشرة أثواب في عشرة أيام أجزأه كما في الطعام . ( فإن قيل ) : الحاجة إلى الطعام تتجدد بتجدد الأيام ، والحاجة إلى الكسوة لا تتجدد بتجدد الأيام ، وإنما تتجدد في كل ستة أشهر أو نحو ذلك . ( قلنا ) : نعم الحاجة إلى الملبوس كذلك ، ولكنا أقمنا التمليك مقامه في باب الكسوة ، والتمليك يتحقق في كل يوم ، وإذا أقام الشيء مقام غيره يسقط اعتبار حقيقة نفسه ; وهذا لأن الحاجة إلى الملك لا نهاية لها ، إلا أنا لا نجوز أداء الكل دفعة واحدة للتنصيص على تفريق الأفعال ، وذلك بتفريق الأيام في حق الواحد ، وقد يحصل أيضا بتفرق الدفعات في يوم واحد ، إلا أنه ليس لذلك حد معلوم ، فقدرنا بالأيام ، وجعلنا تجدد الأيام في حق الواحد كتجدد الحاجة تيسيرا .
وإن
nindex.php?page=treesubj&link=26645أعطى عشرة مساكين عبدا أو دابة قيمته تبلغ عشرة أثواب أجزأه من الكسوة باعتبار القيمة ، كما لو أدى الدراهم ، وإن لم تبلغ قيمته عشرة أثواب ، وبلغت قيمة الطعام أجزأه من الطعام ; لأن مقصوده معلوم ، وهو سقوط الواجب به عنه ، فيحصل مقصوده بالطريق الممكن ، ولو أقام رجل البينة عليه أنه ملكه ، وأخذه ، فعليه استقبال التكفير ; لأن المؤدى استحق من يد المسكين ، فكأنه لم يصل إليه ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=16553_26397كسا عن رجل بأمره عشرة مساكين أجزأ عنه ، وإن لم يعط عنه ثمنا ; لأن فعل الغير ينتقل إليه بأمره كفعله بنفسه ، والمسكين يصير قابضا له أولا ، ثم لنفسه وقد بينا في الطعام مثله في الظهار ، ولو كساهم بغير أمره ، ورضي به لم يجز عنه ، لأن الصدقة قد تمت من جهة المؤدي ، فلا يتصور وقوعها عن غيره بعد ذلك ، وإن رضي به ولو أعطى عن كفارة أيمانه في أكفان الموتى ، أو في بناء مسجد ، أو في قضاء دين ميت ، أو في عتق رقبة لم يجز عنه ; لأن الواجب إنما يتأدى بالتمليك إلى الفقير لا يحصل بهذا ، وقد بينا مثله في الزكاة أنه
[ ص: 155 ] لا يجزئه . ( فإن قيل ) في باب الكفارة : التمليك غير محتاج إليه عندكم حتى يتأدى بالتمكين من الطعام بخلاف الزكاة . ( قلنا ) : لا يعتبر التمليك عن وجود ما هو المنصوص عليه ، وهو فعل الإطعام ، وهذا لا يوجد في هذه المواضع فلا بد من اعتبار التمليك ، وذلك لا يحصل بتكفين الميت وبناء المسجد ، وإن أعطى منها ابن السبيل منقطعا به أجزأه ; لأنه محل لصرف الزكاة إليه وقد بينا أن مصرف الكفارة من هو مصرف الزكاة .
بَابُ الْكِسْوَةِ
( قَالَ ) : رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ
nindex.php?page=treesubj&link=16556وَالْكِسْوَةُ ثَوْبٌ لِكُلِّ مِسْكِينٍ إزَارٌ أَوْ رِدَاءٌ أَوْ قَمِيصٌ أَوْ قَبَاءٌ أَوْ كِسَاءٌ ، هَكَذَا نُقِلَ عَنْ
الزُّهْرِيِّ فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89 : أَوْ كِسْوَتُهُمْ } . أَنَّهُ الْإِزَارُ فَصَاعِدًا مِنْ ثَوْبٍ تَامٍّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : لِكُلِّ مِسْكِينٍ ثَوْبٌ وَيُعْطِي فِي الْكِسْوَةِ الْقَبَاءَ ، وَاَلَّذِي رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=110أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُعْطِي فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ ثَوْبَيْنِ ، فَإِنَّمَا يَقْصِدُ التَّبَرُّعَ بِأَحَدِهِمَا ، فَأَمَّا الْوَاحِدُ يَتَأَدَّى بِهِ الْوَاجِبُ هَكَذَا نُقِلَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ : أَدْنَاهُ ثَوْبٌ لِكُلِّ مِسْكِينٍ ، وَأَعْلَاهُ مَا شِئْت وَهَكَذَا ; لِأَنَّ الْكِسْوَةَ مَا يَكُونُ الْمَرْءُ بِهِ مُكْتَسِيًا ، وَبِالثَّوْبِ الْوَاحِدِ يَكُونُ مُكْتَسِيًا حَتَّى يَجُوزَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ، وَإِذَا كَانَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ فَالنَّاسُ يُسَمُّونَهُ مُكْتَسِيًا لَا عَارِيًّا وَالْمُرَادُ بِالْإِزَارِ الْكَبِيرِ الَّذِي هُوَ كَالرِّدَاءِ ، فَأَمَّا الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يَتِمُّ بِهِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ لَا يُجْزِي ، وَلَوْ كَسَا كُلَّ مِسْكِينٍ سَرَاوِيلَ ، ذُكِرَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يُجْزِئُهُ ; لِأَنَّهُ يَكُونُ بِهِ مُكْتَسِيًا شَرْعًا حَتَّى تَجُوزَ صَلَاتُهُ فِيهِ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ مِنْ الْكِسْوَةِ ; لِأَنَّ لَابِسَ السَّرَاوِيلِ وَحْدَهُ يُسَمَّى عُرْيَانًا لَا مُكْتَسِيًا ، إلَّا أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهُ الطَّعَامَ ، فَحِينَئِذٍ يُجْزِئُهُ مِنْ الطَّعَامِ إذَا نَوَاهُ ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=16556أَعْطَى كُلَّ مِسْكِينٍ نِصْفَ ثَوْبٍ لَمْ يُجْزِهِ مِنْ الْكِسْوَةِ ; لِأَنَّ الِاكْتِسَاءَ بِهِ لَا يَحْصُلُ ، وَلَكِنَّهُ يُجْزِي مِنْ الطَّعَامِ إذَا كَانَ نِصْفُ ثَوْبٍ يُسَاوِي نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=16558كَسَا كُلَّ مِسْكِينٍ قَلَنْسُوَةً ، أَوْ أَعْطَاهُ نَعْلَيْنِ أَوْ خُفَّيْنِ لَا يُجْزِيهِ مِنْ الْكِسْوَةِ ; لِأَنَّ الِاكْتِسَاءَ بِهِ لَا يَحْصُلُ ، وَإِنْ أَعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عِمَامَةً فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يَبْلُغُ قَمِيصًا أَوْ رِدَاءً أَجْزَأَهُ ، وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ مِنْ الْكِسْوَةِ ; لِأَنَّ الْعِمَامَةَ كِسْوَةُ
[ ص: 154 ] الرَّأْسِ كَالْقَلَنْسُوَةِ ، وَلَكِنْ يُجْزِيهِ مِنْ الطَّعَامِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ تُسَاوِي قِيمَةَ الطَّعَامِ .
وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=16558_2981_16556أَعْطَى عَشَرَةَ مَسَاكِينَ ثَوْبًا بَيْنَهُمْ ، وَهُوَ ثَوْبٌ كَثِيرُ الْقِيمَةِ ، يُصِيبُ كُلُّ مِسْكِينٍ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ ثَوْبٍ لَمْ يُجْزِهِ مِنْ الْكِسْوَةِ ; لِأَنَّهُ لَا يَكْتَسِي بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ، وَلَكِنْ يُجْزِيهِ مِنْ الطَّعَامِ قَالَ : أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَعْطَى كُلَّ مِسْكِينٍ رُبْعَ صَاعِ حِنْطَةٍ ، وَذَلِكَ يُسَاوِي صَاعًا مِنْ تَمْرٍ لَمْ يُجْزِ عَنْهُ مِنْ الطَّعَامِ ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْمُدُّ مِنْ الْحِنْطَةِ يُسَاوِي ثَوْبًا كَانَ يُجْزِئُ مِنْ الْكِسْوَةِ دُونَ الطَّعَامِ ، وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِمَا أَبْهَمَهُ قَبْلَ هَذَا مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إقَامَةُ الطَّعَامِ مَقَامَ الْكِسْوَةِ ، وَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ الْمُرَادَ هُنَاكَ التَّمْكِينُ دُونَ التَّمْلِيكِ ، وَلَوْ أَعْطَى مِسْكِينًا وَاحِدًا عَشَرَةَ أَثْوَابٍ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يُجْزِهِ كَمَا فِي الطَّعَامِ ، وَإِنْ أَعْطَاهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَوْبًا حَتَّى اسْتَكْمَلَ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ فِي عَشْرَةِ أَيَّامٍ أَجْزَأَهُ كَمَا فِي الطَّعَامِ . ( فَإِنْ قِيلَ ) : الْحَاجَةُ إلَى الطَّعَامِ تَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الْأَيَّامِ ، وَالْحَاجَةُ إلَى الْكِسْوَةِ لَا تَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الْأَيَّامِ ، وَإِنَّمَا تَتَجَدَّدُ فِي كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ . ( قُلْنَا ) : نَعَمْ الْحَاجَةُ إلَى الْمَلْبُوسِ كَذَلِكَ ، وَلَكِنَّا أَقَمْنَا التَّمْلِيكَ مَقَامَهُ فِي بَابِ الْكِسْوَةِ ، وَالتَّمْلِيكُ يَتَحَقَّقُ فِي كُلِّ يَوْمٍ ، وَإِذَا أَقَامَ الشَّيْءَ مَقَامَ غَيْرِهِ يَسْقُطُ اعْتِبَارُ حَقِيقَةِ نَفْسِهِ ; وَهَذَا لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْمِلْكِ لَا نِهَايَةَ لَهَا ، إلَّا أَنَّا لَا نُجَوِّزُ أَدَاءَ الْكُلِّ دَفْعَةً وَاحِدَةً لِلتَّنْصِيصِ عَلَى تَفْرِيقِ الْأَفْعَالِ ، وَذَلِكَ بِتَفْرِيقِ الْأَيَّامِ فِي حَقِّ الْوَاحِدِ ، وَقَدْ يَحْصُلُ أَيْضًا بِتَفَرُّقِ الدَّفَعَاتِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ، إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ مَعْلُومٌ ، فَقَدَّرْنَا بِالْأَيَّامِ ، وَجَعَلْنَا تَجَدُّدَ الْأَيَّامِ فِي حَقِّ الْوَاحِدِ كَتَجَدُّدِ الْحَاجَةِ تَيْسِيرًا .
وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=26645أَعْطَى عَشَرَةَ مَسَاكِينَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً قِيمَتُهُ تَبْلُغُ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ أَجْزَأَهُ مِنْ الْكِسْوَةِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ ، كَمَا لَوْ أَدَّى الدَّرَاهِمَ ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ ، وَبَلَغَتْ قِيمَةَ الطَّعَامِ أَجْزَأَهُ مِنْ الطَّعَامِ ; لِأَنَّ مَقْصُودَهُ مَعْلُومٌ ، وَهُوَ سُقُوطُ الْوَاجِبِ بِهِ عَنْهُ ، فَيَحْصُلُ مَقْصُودُهُ بِالطَّرِيقِ الْمُمْكِنِ ، وَلَوْ أَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ ، وَأَخَذَهُ ، فَعَلَيْهِ اسْتِقْبَالُ التَّكْفِيرِ ; لِأَنَّ الْمُؤَدَّى اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمِسْكِينِ ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=16553_26397كَسَا عَنْ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ أَجْزَأَ عَنْهُ ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِ عَنْهُ ثَمَنًا ; لِأَنَّ فِعْلَ الْغَيْرِ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ بِأَمْرِهِ كَفِعْلِهِ بِنَفْسِهِ ، وَالْمِسْكِينُ يَصِيرُ قَابِضًا لَهُ أَوَّلًا ، ثُمَّ لِنَفْسِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا فِي الطَّعَامِ مِثْلَهُ فِي الظِّهَارِ ، وَلَوْ كَسَاهُمْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ، وَرَضِيَ بِهِ لَمْ يُجْزِ عَنْهُ ، لِأَنَّ الصَّدَقَةَ قَدْ تَمَّتْ مِنْ جِهَةِ الْمُؤَدِّي ، فَلَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهَا عَنْ غَيْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَإِنْ رَضِيَ بِهِ وَلَوْ أَعْطَى عَنْ كَفَّارَةِ أَيْمَانِهِ فِي أَكْفَانِ الْمَوْتَى ، أَوْ فِي بِنَاءِ مَسْجِدٍ ، أَوْ فِي قَضَاءِ دَيْنِ مَيِّتٍ ، أَوْ فِي عِتْقِ رَقَبَةٍ لَمْ يُجْزِ عَنْهُ ; لِأَنَّ الْوَاجِبَ إنَّمَا يَتَأَدَّى بِالتَّمْلِيكِ إلَى الْفَقِيرِ لَا يَحْصُلُ بِهَذَا ، وَقَدْ بَيَّنَّا مِثْلَهُ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهُ
[ ص: 155 ] لَا يُجْزِئُهُ . ( فَإِنْ قِيلَ ) فِي بَابِ الْكَفَّارَةِ : التَّمْلِيكُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ عِنْدَكُمْ حَتَّى يَتَأَدَّى بِالتَّمْكِينِ مِنْ الطَّعَامِ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ . ( قُلْنَا ) : لَا يُعْتَبَرُ التَّمْلِيكُ عَنْ وُجُودِ مَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ ، وَهُوَ فِعْلُ الْإِطْعَامِ ، وَهَذَا لَا يُوجَدُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ التَّمْلِيكِ ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِتَكْفِينِ الْمَيِّتِ وَبِنَاءِ الْمَسْجِدِ ، وَإِنْ أَعْطَى مِنْهَا ابْنَ السَّبِيلِ مُنْقَطِعًا بِهِ أَجْزَأَهُ ; لِأَنَّهُ مَحَلٌّ لِصَرْفِ الزَّكَاةِ إلَيْهِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَصْرِفَ الْكَفَّارَةِ مَنْ هُوَ مَصْرِفُ الزَّكَاةِ .