nindex.php?page=treesubj&link=32404_32688_28994nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14ثم خلقنا النطفة علقة أي دما جامدا وذلك بإفاضة أعراض الدم عليها
[ ص: 14 ] فتصيرها دما بحسب الوصف، وهذا من باب الحركة في الكيف
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فخلقنا العلقة مضغة أي قطعة لحم بقدر ما يمضغ لا استبانة ولا تمايز فيها، وهذا التصيير على ما قيل بحسب الذات كتصيير الماء حجرا وبالعكس، وحقيقته إزالة الصورة الأولى عن المادة وإفاضة صورة أخرى عليها وهو من باب الكون والفساد ولا يخلو ذلك من الحركة في الكيفية الاستعدادية فإن استعداد الماء مثلا للصورة الأولى الفاسدة يأخذ في الانتقاص واستعداده للصورة الثانية الكائنة يأخذ في الاشتداد ولا يزال الأول ينقص والثاني يشتد إلى أن تنتهي المادة إلى حيث تزول عنها الصورة الأولى فتحدث فيها الثانية دفعة فتتوارد هذه الاستعدادات التي هي من مقولة الكيف على موضوع واحد
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فخلقنا المضغة غالبها ومعظمها أو كلها
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14عظاما صغارا وعظاما حسبما تقتضيه الحكمة وذلك التصيير بالتصليب لما يراد جعله عظاما من المضغة وهذا أيضا تصيير بحسب الوصف فيكون من الباب الأول.
وفي كلام العلامة
nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي إشارة ما إلى مجموع ما ذكرنا وهو يستلزم القول بأن النطفة والعلقة متحدان في الحقيقة وإنما الاختلاف بالأعراض كالحمرة والبياض مثلا وكذا المضغة والعظام متحدان في الحقيقة وإنما الاختلاف بنحو الرخاوة والصلابة وأن العلقة والمضغة مختلفان في الحقيقة كما أنهما مختلفان بالأعراض.
والظاهر أنه تتعاقب في جميع هذه الأطوار على مادة واحدة صور حسب تعاقب الاستعدادات إلى أن تنتهي إلى الصورة الإنسانية، ونحن نقول به إلى أن يقوم الدليل على خلافه فتدبر
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فكسونا العظام المعهودة
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14لحما أي جعلنا ساترا لكل منها كاللباس، وذلك اللحم يحتمل أن يكون من لحم المضغة بأن لم تجعل كلها عظاما بل بعضها ويبقى البعض فيمد على العظام حتى يسترها، ويحتمل أن يكون لحما آخر خلقه الله تعالى على العظام من دم في الرحم.
وجمع ( العظام ) دون غيرها مما في الأطوار لأنها متغايرة هيئة وصلابة بخلاف غيرها ألا ترى عظم الساق وعظم الأصابع وأطراف الأضلاع، وعدة العظام مطلقا على ما قيل مائتان وثمانية وأربعون عظما وهي عدة رحم بالجمل الكبير، وجعل بعضهم هذه عدة أجزاء الإنسان والله تعالى أعلم.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابن عامر nindex.php?page=showalam&ids=11948وأبو بكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم وأبان والمفضل nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة وهارون والجعفي ويونس عن
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي رضي الله تعالى عنهما بإفراد ( العظام ) في الموضعين اكتفاء باسم الجنس الصادق على القليل والكثير مع عدم اللبس كما في قوله: «كلوا في بعض بطنكم تعفوا» . واختصاص مثل ذلك بالضرورة على ما نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه لا يخلو عن نظر، وفي الإفراد هنا مشاكلة لما ذكر قبل في الأطوار كما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني .
وقرأ
السلمي nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد وابن محيصن بإفراد الأول وجمع الثاني.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12004أبو رجاء وإبراهيم بن أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد أيضا بجمع الأول وإفراد الثاني
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14ثم أنشأناه خلقا آخر مباينا للخلق الأول مباينة ما أبعدها حيث جعل حيوانا ناطقا سميعا بصيرا وأودع كل عضو منه وكل جزء عجائب وغرائب لا تدرك بوصف ولا تبلغ بشرح، ومن هنا قيل:
وتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
[ ص: 15 ] وقيل الخلق الآخر الروح والمراد بها النفس الناطقة. والمعنى أنشأنا له أو فيه خلقا آخر، والمتبادر من إنشاء الروح خلقها وظاهر العطف بثم يقتضي حدوث البدن وهو قول أكثر الإسلاميين وإليه ذهب
أرسطو، وقيل إنشاؤها نفخها في البدن وهو عند بعض عبارة عن جعلها متعلقة به، وعند أكثر المسلمين جعلها سارية فيه، وإذا أريد بالروح الروح الحيوانية فلا كلام في حدوثها بعد البدن وسريانها فيه، وقيل: الخلق الآخر القوى الحساسة، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك ويكاد يضحك منه فيما أخرجه عنه
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد : الخلق الآخر الأسنان والشعر فقيل له: أليس يولد وعلى رأسه الشعر؟ فقال: فأين العانة والإبط، وما أشرنا إليه من كون
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14ثم للترتيب الزماني هو ما يقتضيه أكثر استعمالاتها، ويجوز أن تكون للترتيب الرتبي فإن الخلق الثاني أعظم من الأول ورتبته أعلى وجاءت المعطوفات الأول بعضها بثم وبعضها بالفاء ولم يجئ جميعها بثم أو بالفاء مع صحة ذلك في مثلها للإشارة إلى تفاوت الاستحالات فالمعطوف بثم مستبعد حصوله مما قبله فجعل الاستبعاد عقلا أو رتبة بمنزلة التراخي والبعد الحسي لأن حصول النطفة من أجزاء ترابية غريب جدا وكذا جعل النطفة البيضاء السيالة دما أحمر جامدا بخلاف جعل الدم لحما مشابها له في اللون والصورة وكذا تصليب المضغة حتى تصير عظما وكذا مد لحمها عليه ليستره كذا قيل ولا يخلو عن قيل وقال.
واستدل الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14ثم أنشأناه إلخ على أن من
nindex.php?page=treesubj&link=10678_10689غصب بيضة فأفرخت عنده لزمه ضمان البيضة لا الفرخ لأنه خلق آخر، قال في الكشف: وفي هذا الاستدلال نظر على أصل مخالفيه لأن مباينته للأول لا تخرجه عن ملكه عندهم، وقال صاحب التقريب: إن تضمينه للفرخ لكونه جزءا من المغضوب لا لكونه عينه أو مسمى باسمه، وفي هذا بحث وفي المسألة خلاف كثير وكلام طويل يطلب من كتب الفروع المبسوطة.
وقال الإمام: قالوا في الآية دلالة على بطلان قول النظام: إن الإنسان هو الروح لا البدن فإنه تعالى بين فيها أن الإنسان مركب من هذه الأشياء، وعلى بطلان قول الفلاسفة: إن الإنسان لا ينقسم وإنه ليس بجسم وكأنهم أرادوا أن الإنسان هو النفس الناطقة والروح الأمرية المجردة فإنها التي ليست بجسم عندهم ولا تقبل الانقسام بوجه وليست داخل البدن ولا خارجه
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فتبارك الله فتعالى وتقدس شأنه سبحانه في علمه الشامل وقدرته الباهرة، (وتبارك) فعل ماض لا يتصرف والأكثر إسناده إلى غير مؤنث، والالتفات إلى الاسم الجليل لتربية المهابة وإدخال الروعة والإشعار بأن ما ذكر من الأفاعيل العجيبة من أحكام الألوهية وللإيذان بأن حق كل من سمع ما فصل من آثار قدرته عز وجل أو لاحظه أن يسارع إلى التكلم به إجلالا وإعظاما لشؤونه جل وعلا
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14أحسن الخالقين نعت للاسم الجليل، وإضافة أفعل التفضيل محضة فتفيده تعريفا إذا أضيف إلى معرفة على الأصح.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء : لا يجوز أن يكون نعتا لأنه نكرة وإن أضيف لأن المضاف إليه عوض عن- من- وهكذا جميع باب أفعل منك وجعله بدلا وهو يقل في المشتقات أو خبر مبتدأ مقدر أي هو أحسن الخالقين والأصل عدم التقدير، وتميز أفعل محذوف لدلالة الخالقين عليه أي أحسن الخالقين خلقا فالحسن للخلق قيل: نظيره
قوله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=937489«إن الله تعالى جميل يحب الجمال»
أي جميل فعله فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فانقلب مرفوعا فاستتر، والخلق بمعنى التقدير وهو وصف يطلق على غيره تعالى كما في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=110وإذ [ ص: 16 ] تخلق من الطين كهيئة الطير [المائدة: 110] وقول
زهير :
ولأنت تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري
وفي معنى ذلك تفسيره بالصنع كما فعل
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية ، ولا يصح تفسيره بالإيجاد عندنا إذ لا خالق بذلك المعنى غيره تعالى إلا أن يكون على الفرض والتقدير.
والمعتزلة يفسرونه بذلك لقولهم بأن العبد خالق لأفعاله وموجد لها استقلالا فالخالق الموجد متعدد عندهم، وقد تكفلت الكتب الكلامية بردهم.
ومعنى حسن خلقه تعالى إتقانه وإحكامه، ويجوز أن يراد بالحسن مقابل القبح وكل شيء منه عز شأنه حسن لا يتصف بالقبح أصلا من حيث إنه منه فلا دليل فيه
للمعتزلة بأنه تعالى لا يخلق الكفر والمعاصي كما لا يخفى.
روي
أن عبد الله بن سعيد بن أبي سرح كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأملى عليه صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=12ولقد خلقنا الإنسان حتى إذا بلغ عليه الصلاة والسلام nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14ثم أنشأناه خلقا آخر نطق عبد الله بقوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فتبارك الله إلخ قبل إملائه فقال له عليه الصلاة والسلام: هكذا نزلت فقال عبد الله : إن كان محمد نبيا يوحى إليه فأنا نبي يوحى إلي فارتد
ولحق بمكة كافرا ثم أسلم قبل وفاته عليه الصلاة والسلام وحسن إسلامه، وقيل: مات كافرا، وطعن بعضهم في صحة هذه الرواية بأن السورة مكية وارتداده
بالمدينة كما تقتضيه الرواية، وأجيب بأنه يمكن الجمع بأن تكون الآية نازلة
بمكة واستكتبها صلى الله عليه وسلم إياه
بالمدينة فكان ما كان أو يلتزم كون الآية مدنية لهذا الخبر، وقوله: إن السورة مكية باعتبار الأكثر وعلى هذا يكون اقتصار
الجلال السيوطي على استثناء قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=64حتى إذا أخذنا مترفيهم إلى قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=77مبلسون قصورا فتذكر. وتروى هذه الموافقة عن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل .
أخرج
ابن راهويه nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في الأوسط
nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه nindex.php?page=hadith&LINKID=910876عن nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه قال: أملى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=12ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين إلى قوله: nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14خلقا آخر فقال nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فتبارك الله أحسن الخالقين فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ : مم ضحكت يا رسول الله؟ قال: «بها ختمت» ورويت أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه
، أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ،
nindex.php?page=showalam&ids=12181وأبو نعيم في فضائل الصحابة
nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: لما نزلت
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=12ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين إلى آخر الآية قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فتبارك الله أحسن الخالقين فنزلت كما قال. وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر ، وجماعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه كان يفتخر بذلك ويذكر أنها إحدى موافقاته الأربع لربه عز وجل، ثم إن ذلك من حسن نظم القرآن الكريم حيث تدل صدور كثير من آياته على إعجازها، وقد مدحت بعض الأشعار بذلك فقيل:
قصائد إن تكن تتلى على ملإ صدورها علمت منها قوافيها
لا يقال: فقد تكلم البشر ابتداء بمثل نظم القرآن الكريم وذلك قادح في إعجازه لما أن الخارج عن قدرة البشر على الصحيح ما كان مقدار أقصر سورة منه على أن إعجاز هذه الآية الكريمة منوط بما قبلها كما تعرب عنه الفاء فإنها اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبله .
nindex.php?page=treesubj&link=32404_32688_28994nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً أَيْ دَمًا جَامِدًا وَذَلِكَ بِإِفَاضَةِ أَعْرَاضِ الدَّمِ عَلَيْهَا
[ ص: 14 ] فَتَصِيرُهَا دَمًا بِحَسْبِ الْوَصْفِ، وَهَذَا مِنْ بَابِ الْحَرَكَةِ فِي الْكَيْفِ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً أَيْ قِطْعَةِ لَحْمٍ بِقَدْرِ مَا يَمْضُغُ لَا اسْتِبَانَةَ وَلَا تَمَايُزَ فِيهَا، وَهَذَا التَّصْيِيرُ عَلَى مَا قِيلَ بِحَسْبِ الذَّاتِ كَتَصْيِيرِ الْمَاءِ حَجَرًا وَبِالْعَكْسِ، وَحَقِيقَتُهُ إِزَالَةُ الصُّورَةِ الْأُولَى عَنِ الْمَادَّةِ وَإِفَاضَةُ صُورَةٍ أُخْرَى عَلَيْهَا وَهُوَ مِنْ بَابِ الْكَوْنِ وَالْفَسَادِ وَلَا يَخْلُو ذَلِكَ مِنَ الْحَرَكَةِ فِي الْكَيْفِيَّةِ الِاسْتِعْدَادِيَّةِ فَإِنَّ اسْتِعْدَادَ الْمَاءِ مَثَلًا لِلصُّورَةِ الْأُولَى الْفَاسِدَةِ يَأْخُذُ فِي الِانْتِقَاصِ وَاسْتِعْدَادِهِ لِلصُّورَةِ الثَّانِيَةِ الْكَائِنَةِ يَأْخُذُ فِي الِاشْتِدَادِ وَلَا يَزَالُ الْأَوَّلُ يَنْقُصُ وَالثَّانِي يَشْتَدُّ إِلَى أَنَّ تَنْتَهِيَ الْمَادَّةُ إِلَى حَيْثُ تَزُولُ عَنْهَا الصُّورَةُ الْأُولَى فَتَحْدُثُ فِيهَا الثَّانِيَةُ دُفْعَةً فَتَتَوَارَدُ هَذِهِ الِاسْتِعْدَادَاتُ الَّتِي هِيَ مِنْ مَقُولَةِ الْكَيْفِ عَلَى مَوْضُوعٍ وَاحِدٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ غَالِبَهَا وَمُعْظَمَهَا أَوْ كُلَّهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14عِظَامًا صِغَارًا وَعِظَامًا حَسْبَمَا تَقْتَضِيهِ الْحِكْمَةُ وَذَلِكَ التَّصْيِيرُ بِالتَّصْلِيبِ لِمَا يُرَادُ جَعْلُهُ عِظَامًا مِنَ الْمُضْغَةِ وَهَذَا أَيْضًا تَصْيِيرٌ بِحَسْبِ الْوَصْفِ فَيَكُونُ مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ.
وَفِي كَلَامُ الْعَلَّامَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=13926الْبَيْضَاوِيِّ إِشَارَةٌ مَا إِلَى مَجْمُوعِ مَا ذَكَرْنَا وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ الْقَوْلَ بِأَنَّ النُّطْفَةَ وَالْعَلَقَةَ مُتَّحِدَانِ فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ بِالْأَعْرَاضِ كَالْحُمْرَةِ وَالْبَيَاضِ مَثَلًا وَكَذَا الْمُضْغَةُ وَالْعِظَامُ مُتَّحِدَانِ فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ بِنَحْوِ الرَّخَاوَةِ وَالصَّلَابَةِ وَأَنَّ الْعَلَقَةَ وَالْمُضْغَةَ مُخْتَلِفَانِ فِي الْحَقِيقَةِ كَمَا أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ بِالْأَعْرَاضِ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَتَعَاقَبُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَطْوَارِ عَلَى مَادَّةٍ وَاحِدَةٍ صُوَرٌ حَسَبِ تَعَاقُبِ الِاسْتِعْدَادَاتِ إِلَى أَنْ تَنْتَهِيَ إِلَى الصُّورَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ إِلَى أَنْ يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى خِلَافِهِ فَتَدَبَّرَ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ الْمَعْهُودَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14لَحْمًا أَيْ جَعَلْنَا سَاتِرًا لِكُلٍّ مِنْهَا كَاللِّبَاسِ، وَذَلِكَ اللَّحْمُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ لَحْمُ الْمُضْغَةِ بِأَنْ لَمْ تُجْعَلْ كُلُّهَا عِظَامًا بَلْ بَعْضُهَا وَيَبْقَى الْبَعْضُ فَيَمُدُّ عَلَى الْعِظَامِ حَتَّى يَسْتُرَهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَحْمًا آخَرَ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعِظَامِ مِنْ دَمٍ فِي الرَّحِمِ.
وَجَمَعَ ( الْعِظَامَ ) دُونَ غَيْرِهَا مِمَّا فِي الْأَطْوَارِ لِأَنَّهَا مُتَغَايِرَةُ هَيْئَةٍ وَصَلَابَةٍ بِخِلَافِ غَيْرِهَا أَلَا تَرَى عَظْمَ السَّاقِ وَعَظْمَ الْأَصَابِعِ وَأَطْرَافَ الْأَضْلَاعِ، وَعِدَّةَ الْعِظَامِ مُطْلَقًا عَلَى مَا قِيلَ مِائَتَانِ وَثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ عَظْمًا وَهِيَ عِدَّةُ رَحِمٍ بِالْجَمَلِ الْكَبِيرِ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ عِدَّةَ أَجْزَاءِ الْإِنْسَانِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابْنُ عَامِرٍ nindex.php?page=showalam&ids=11948وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٍ وَأَبَانَ وَالْمُفَضَّلِ nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةَ وَهَارُونَ وَالْجَعْفِيِّ وَيُونُسَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أَبِي عَمْرٍو nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا بِإِفْرَادِ ( الْعِظَامَ ) فِي الْمَوْضِعَيْنِ اكْتِفَاءً بِاسْمِ الْجِنْسِ الصَّادِقِ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مَعَ عَدَمُ اللَّبْسِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: «كُلُوا فِي بَعْضِ بَطْنِكُمْ تَعْفُوا» . وَاخْتِصَاصُ مِثْلِ ذَلِكَ بِالضَّرُورَةِ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهَ لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ، وَفِي الْإِفْرَادِ هُنَا مُشَاكَلَةٌ لِمَا ذُكِرَ قَبْلُ فِي الْأَطْوَارِ كَمَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابْنُ جِنِّيٍّ .
وَقَرَأَ
السِّلْمِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةُ أَيْضًا
nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ بِإِفْرَادِ الْأَوَّلِ وَجَمْعِ الثَّانِي.
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12004أَبُو رَجَاءَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ أَيْضًا بِجَمْعِ الْأَوَّلِ وَإِفْرَادِ الثَّانِي
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ مُبَايِنًا لِلْخَلْقِ الْأَوَّلِ مُبَايَنَةً مَا أَبْعَدَهَا حَيْثُ جَعَلَ حَيَوَانًا نَاطِقًا سَمِيعًا بَصِيرًا وَأَوْدَعَ كُلَّ عُضْوٍ مِنْهُ وَكُلَّ جُزْءٍ عَجَائِبَ وَغَرَائِبَ لَا تُدْرَكُ بِوَصْفٍ وَلَا تُبْلَغُ بِشَرْحٍ، وَمِنْ هُنَا قِيلَ:
وَتَزْعُمُ أَنَّكَ جِرْمٌ صَغِيرٌ وَفِيكَ انْطَوَى الْعَالِمُ الْأَكْبَرُ
[ ص: 15 ] وَقِيلَ الْخَلْقُ الْآخَرُ الرُّوحُ وَالْمُرَادُ بِهَا النَّفْسُ النَّاطِقَةُ. وَالْمَعْنَى أَنْشَأْنَا لَهُ أَوْ فِيهِ خَلْقًا آخَرَ، وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ إِنْشَاءِ الرُّوحِ خَلَقَهَا وَظَاهِرُ الْعَطْفِ بِثُمَّ يَقْتَضِي حُدُوثَ الْبَدَنِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْإِسْلَامِيِّينَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ
أَرِسْطُو، وَقِيلَ إِنْشَاؤُهَا نَفْخُهَا فِي الْبَدَنِ وَهُوَ عِنْدُ بَعْضٍ عِبَارَةٌ عَنْ جَعْلِهَا مُتَعَلِّقَةٍ بِهِ، وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ جَعَلَهَا سَارِيَةً فِيهِ، وَإِذَا أُرِيدَ بِالرُّوحِ الرُّوحَ الْحَيَوَانِيَّةَ فَلَا كَلَامَ فِي حُدُوثِهَا بَعْدَ الْبَدَنِ وَسَرَيَانِهَا فِيهِ، وَقِيلَ: الْخَلْقُ الْآخَرُ الْقُوَى الْحَسَّاسَةُ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضَّحَّاكُ وَيَكَادُ يَضْحَكُ مِنْهُ فِيمَا أَخْرَجَهُ عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ : الْخَلْقُ الْآخَرُ الْأَسْنَانُ وَالشَّعْرُ فَقِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ يُولَدُ وَعَلَى رَأْسِهِ الشَّعْرُ؟ فَقَالَ: فَأَيْنَ الْعَانَةُ وَالْإِبِطُ، وَمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ مِنْ كَوْنِ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14ثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ الزَّمَانِيِّ هُوَ مَا يَقْتَضِيهِ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالَاتِهَا، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّرْتِيبِ الرَّتْبِيِّ فَإِنَّ الْخَلْقَ الثَّانِيَ أَعْظَمُ مِنَ الْأَوَّلِ وَرُتْبَتُهُ أَعْلَى وَجَاءَتِ الْمَعْطُوفَاتُ الْأَوَّلُ بَعْضُهَا بِثُمَّ وَبَعْضُهَا بِالْفَاءِ وَلَمْ يَجِئْ جَمِيعُهَا بِثُمَّ أَوْ بِالْفَاءِ مَعَ صِحَّةِ ذَلِكَ فِي مِثْلِهَا لِلْإِشَارَةِ إِلَى تَفَاوُتِ الِاسْتِحَالَاتِ فَالْمَعْطُوفُ بِثُمَّ مُسْتَبْعَدٌ حُصُولُهُ مِمَّا قَبْلَهُ فَجَعَلَ الِاسْتِبْعَادَ عَقْلًا أَوْ رُتْبَةً بِمَنْزِلَةِ التَّرَاخِي وَالْبُعْدِ الْحِسِّيِّ لِأَنَّ حُصُولَ النُّطْفَةِ مِنْ أَجْزَاءٍ تُرَابِيَّةٍ غَرِيبٌ جِدًّا وَكَذَا جَعَلَ النُّطْفَةَ الْبَيْضَاءَ السَّيَّالَةَ دَمًا أَحْمَرَ جَامِدًا بِخِلَافِ جَعْلِ الدَّمِ لَحْمًا مُشَابِهًا لَهُ فِي اللَّوْنِ وَالصُّورَةِ وَكَذَا تَصْلِيبُ الْمُضْغَةِ حَتَّى تَصِيرَ عَظْمًا وَكَذَا مَدَّ لَحْمِهَا عَلَيْهِ لِيَسْتُرَهُ كَذَا قِيلَ وَلَا يَخْلُو عَنْ قِيلٍ وَقَالَ.
وَاسْتَدَلَّ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ إِلَخْ عَلَى أَنَّ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=10678_10689غَصْبِ بَيْضَةٍ فَأَفْرَخَتْ عِنْدَهُ لَزِمَهُ ضَمَانُ الْبَيْضَةِ لَا الْفَرْخُ لِأَنَّهُ خَلْقٌ آخَرُ، قَالَ فِي الْكَشْفِ: وَفِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ نَظَرٌ عَلَى أَصْلِ مُخَالِفِيهِ لِأَنَّ مُبَايَنَتَهُ لِلْأَوَّلِ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ مُلْكِهِ عِنْدَهُمْ، وَقَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ: إِنَّ تَضْمِينَهُ لِلْفَرْخِ لِكَوْنِهِ جُزْءًا مِنَ الْمَغْضُوبِ لَا لِكَوْنِهِ عَيْنَهُ أَوْ مُسَمًّى بِاسْمِهِ، وَفِي هَذَا بَحْثٌ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ كَثِيرٌ وَكَلَامٌ طَوِيلٌ يُطْلَبُ مِنْ كُتُبِ الْفُرُوعِ الْمَبْسُوطَةِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ: قَالُوا فِي الْآيَةِ دَلَالَةً عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ النِّظَامِ: إِنَّ الْإِنْسَانَ هُوَ الرُّوحُ لَا الْبَدَنُ فَإِنَّهُ تَعَالَى بَيَّنَ فِيهَا أَنَّ الْإِنْسَانَ مُرَكَّبٌ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، وَعَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ الْفَلَاسِفَةِ: إِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَنْقَسِمُ وَإِنَّهُ لَيْسَ بِجِسْمٍ وَكَأَنَّهُمْ أَرَادُوا أَنَّ الْإِنْسَانَ هُوَ النَّفْسُ النَّاطِقَةُ وَالرُّوحُ الْأَمْرِيَّةُ الْمُجَرَّدَةُ فَإِنَّهَا الَّتِي لَيْسَتْ بِجِسْمٍ عِنْدَهُمْ وَلَا تَقْبَلُ الِانْقِسَامَ بِوَجْهٍ وَلَيْسَتْ دَاخِلَ الْبَدَنِ وَلَا خَارِجَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فَتَبَارَكَ اللَّهُ فَتَعَالَى وَتَقَدَّسَ شَأْنُهُ سُبْحَانَهُ فِي عِلْمِهِ الشَّامِلِ وَقُدْرَتِهِ الْبَاهِرَةِ، (وَتَبَارَكَ) فِعْلٌ مَاضٍ لَا يَتَصَرَّفُ وَالْأَكْثَرُ إِسْنَادُهُ إِلَى غَيْرِ مُؤَنَّثٍ، وَالِالْتِفَاتُ إِلَى الِاسْمِ الْجَلِيلِ لِتَرْبِيَةِ الْمَهَابَةِ وَإِدْخَالِ الرَّوْعَةِ وَالْإِشْعَارِ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ مِنَ الْأَفَاعِيلِ الْعَجِيبَةِ مِنْ أَحْكَامُ الْأُلُوهِيَّةِ وَلِلْإِيذَانِ بِأَنَّ حَقَّ كُلِّ مَنْ سَمِعَ مَا فُصِّلَ مِنْ آثَارِ قُدْرَتِهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ لَاحَظَهُ أَنْ يُسَارِعَ إِلَى التَّكَلُّمِ بِهِ إِجْلَالًا وَإِعْظَامًا لِشُؤُونِهِ جَلَّ وَعَلَا
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ نَعْتٌ لِلِاسْمِ الْجَلِيلِ، وَإِضَافَةُ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ مَحْضَةٌ فَتُفِيدُهُ تَعْرِيفًا إِذَا أُضِيفَ إِلَى مَعْرِفَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبُو الْبَقَاءِ : لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ وَإِنْ أُضِيفَ لِأَنَّ الْمُضَافَ إِلَيْهِ عِوَضٌ عَنْ- مِنْ- وَهَكَذَا جَمِيعُ بَابِ أَفْعَلَ مِنْكَ وَجَعَلَهُ بَدَلًا وَهُوَ يَقِلُّ فِي الْمُشْتَقَّاتِ أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مُقَدَّرٍ أَيْ هُوَ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّقْدِيرِ، وَتُمَيَّزُ أَفْعَلُ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ الْخَالِقِينَ عَلَيْهِ أَيْ أَحْسَنِ الْخَالِقِينَ خَلْقًا فَالْحُسْنُ لِلْخَلْقِ قِيلَ: نَظِيرُهُ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=937489«إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ»
أَيْ جَمِيلٌ فِعْلُهُ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَقَامَهُ فَانْقَلَبَ مَرْفُوعًا فَاسْتَتَرَ، وَالْخَلْقُ بِمَعْنَى التَّقْدِيرِ وَهُوَ وَصْفٌ يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِهِ تَعَالَى كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=110وَإِذْ [ ص: 16 ] تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ [الْمَائِدَةُ: 110] وَقَوْلُ
زُهَيْرٍ :
وَلَأَنْتَ تَفِرِّي مَا خَلَقَتْ وَبَعْضُ الْقَوْمِ يَخْلُقُ ثُمَّ لَا يَفْرِي
وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ تَفْسِيرُهُ بِالصُّنْعِ كَمَا فَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابْنُ عَطِيَّةَ ، وَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُهُ بِالْإِيجَادِ عِنْدَنَا إِذْ لَا خَالِقَ بِذَلِكَ الْمَعْنَى غَيْرُهُ تَعَالَى إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ.
وَالْمُعْتَزِلَةُ يُفَسِّرُونَهُ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِمْ بِأَنَّ الْعَبْدَ خَالِقٌ لِأَفْعَالِهِ وَمُوجِدٌ لَهَا اسْتِقْلَالًا فَالْخَالِقُ الْمُوجِدُ مُتَعَدِّدٌ عِنْدَهُمْ، وَقَدْ تَكَفَّلَتِ الْكُتُبُ الْكَلَامِيَّةُ بِرَدِّهِمْ.
وَمَعْنَى حُسْنِ خَلْقِهِ تَعَالَى إِتْقَانُهُ وَإِحْكَامُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْحُسْنِ مُقَابِلَ الْقُبْحِ وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ عَزَّ شَأْنُهُ حَسَنٌ لَا يَتَّصِفُ بِالْقُبْحِ أَصْلًا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ مِنْهُ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ
لِلْمُعْتَزِلَةِ بِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يَخْلُقُ الْكُفْرَ وَالْمَعَاصِيَ كَمَا لَا يَخْفَى.
رُوِيَ
أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ كَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمْلَى عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=12وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ حَتَّى إِذَا بَلَغَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ نَطَقَ عَبْدُ اللَّهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فَتَبَارَكَ اللَّهُ إِلَخْ قَبْلَ إِمْلَائِهِ فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: هَكَذَا نَزَلَتْ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ نَبِيًّا يُوحَى إِلَيْهِ فَأَنَا نَبِيٌّ يُوحَى إِلَيَّ فَارْتَدَّ
وَلَحِقَ بِمَكَّةَ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ وَفَاتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَقِيلَ: مَاتَ كَافِرًا، وَطَعَنَ بَعْضُهُمْ فِي صِحَّةِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِأَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ وَارْتِدَادَهُ
بِالْمَدِينَةِ كَمَا تَقْتَضِيهِ الرِّوَايَةُ، وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ تَكُونَ الْآيَةُ نَازِلَةً
بِمَكَّةَ وَاسْتَكْتَبَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ
بِالْمَدِينَةِ فَكَانَ مَا كَانَ أَوْ يَلْتَزِمُ كَوْنُ الْآيَةِ مَدَنِيَّةً لِهَذَا الْخَبَرِ، وَقَوْلُهُ: إِنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ بِاعْتِبَارِ الْأَكْثَرِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ اقْتِصَارُ
الْجَلَالِ السُّيُوطِيِّ عَلَى اسْتِثْنَاءِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=64حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ إِلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=77مُبْلِسُونَ قُصُورًا فَتَذَكَّرْ. وَتُرْوَى هَذِهِ الْمُوَافَقَةُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ .
أَخْرَجَ
ابْنُ رَاهَوَيْهٍ nindex.php?page=showalam&ids=12918وَابْنُ الْمُنْذِرِ nindex.php?page=showalam&ids=11970وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ
nindex.php?page=showalam&ids=13508وَابْنُ مَرْدُويَهٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=910876عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: أَمْلَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=12وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ إِلَى قَوْلِهِ: nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14خَلْقًا آخَرَ فَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذٌ : مِمَّ ضَحِكْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «بِهَا خَتَمْتُ» وَرُوِيَتْ أَيْضًا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
، أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12181وَأَبُو نَعِيمٍ فِي فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=13508وَابْنُ مَرْدُويَهٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=12وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ إِلَى آخِرِ الْآيَةِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ فَنَزَلَتْ كَمَا قَالَ. وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ ، وَجَمَاعَةٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَانَ يَفْتَخِرُ بِذَلِكَ وَيَذْكُرُ أَنَّهَا إِحْدَى مُوَافِقَاتِهِ الْأَرْبَعِ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ حُسْنِ نَظْمُ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ حَيْثُ تَدُلُّ صُدُورُ كَثِيرٍ مِنْ آيَاتِهِ عَلَى إِعْجَازِهَا، وَقَدْ مَدَحْتُ بَعْضَ الْأَشْعَارِ بِذَلِكَ فَقِيلَ:
قَصَائِدُ إِنْ تَكُنْ تُتْلَى عَلَى مَلَإِ صُدُورِهَا عَلِمَتْ مِنْهَا قَوَافِيهَا
لَا يُقَالُ: فَقَدْ تَكَلَّمَ الْبَشَرُ ابْتِدَاءً بِمِثْلِ نَظْمُ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَذَلِكَ قَادِحٌ فِي إِعْجَازِهِ لِمَا أَنَّ الْخَارِجَ عَنْ قُدْرَةِ الْبَشَرِ عَلَى الصَّحِيحِ مَا كَانَ مِقْدَارَ أَقْصَرِ سُورَةٍ مِنْهُ عَلَى أَنَّ إِعْجَازَ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ مَنُوطٌ بِمَا قَبْلَهَا كَمَا تُعْرِبُ عَنْهُ الْفَاءُ فَإِنَّهَا اعْتِرَاضٌ تَذْيِيلِيٌّ مُقَرِّرٌ لِمَضْمُونِ مَا قَبْلَهُ .