nindex.php?page=treesubj&link=28659_32414_32445_29007nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71أولم يروا الهمزة للإنكار والتعجيب، والواو للعطف على جملة منفية مقدرة مستتبعة للمعطوف أي ألم يتفكروا أو ألم يلاحظوا أو ألم يعلموا علما يقينيا مشابها للمعاينة. زعم بعضهم أن هذا عطف على قوله تعالى:" ألم يروا كم أهلكنا " إلخ والأول للحث على التوحيد بالتحذير من النقم وهذا بالتذكير بالنعم المشار إليها بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71أنا خلقنا لهم أي لأجلهم وانتفاعهم
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71مما عملت أيدينا أي مما تولينا إحداثه بالذات من غير مدخل لغيرنا فيه لا خلقا ولا كسبا.
والكلام استعارة تمثيلية فيما ذكر، وجوز أن يكون قد كني عن الإيجاد بعمل الأيدي فيمن له ذلك ثم بعد الشيوع أريد به ما أريد مجازا متفرعا على الكناية، وقال بعضهم: المراد بالعمل الإحداث وبالأيدي القدرة مجازا، وأوثرت صيغة التعظيم، والأيدي مجموعة تعظيما لشأن الأثر، وإنه أمر عجيب وصنع غريب وليس بذاك، وقيل: الأيدي مجاز عن الملائكة المأمورين بمباشرة الأعمال حسبما يريده - عز وجل - في عالم الكون والفساد كملائكة التصوير وملائكة نفخ الأرواح في الأبدان بعد إكمال تصويرها ونحوهم، ولا يخفى ما فيه.
ونحوه ما قيل: الأيدي مجاز عن الأسماء فإن كل أثر في العالم بواسطة اسم خاص من أسمائه عز وجل.
وأنت تعلم أن الآية من المتشابه عند السلف وهم لا يجعلون اليد مضافة إليه تعالى بمعنى القدرة أفردت- كـ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=10يد الله فوق أيديهم - أو ثنيت - كـ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75خلقت بيدي - أو جمعت كما هنا؛ بل يثبتون اليد له - عز وجل - كما أثبتها لنفسه مع التنزيه الناطق به قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11ليس كمثله شيء وارتضاه كثير ممن وفقه الله تعالى من الخلق، ولا أرى الطاعنين عليهم إلا جهلة
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71أنعاما مفعول
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71خلقنا وأخر عن الجارين المتعلقين به؛ اعتناء بالمقدم، وتشويقا إلى المؤخر، وجمعا بينه وبين ما يتعلق به من أحكامه المتفرعة عليه، والمراد بالأنعام الأزواج الثمانية وخصها بالذكر لما فيها من بدائع الفطرة وكثرة المنافع، وهذا كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=17أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت .
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71فهم لها مالكون أي متملكون لها بتمليكنا إياها لهم، والفاء قيل للتفريع على مقدر أي خلقنا لهم أنعاما وملكناها لهم فهم بسبب ذلك مالكون لها، وقيل للتفريع على خلقها لهم وفيه خفاء. وجوز أن يكون الملك بمعنى القدرة والقهر من ملكت العجين إذا أجدت عجنه، ومنه قول
الربيع بن منيع الفزاري وقد سئل عن حاله بعد إذ كبر:
أصبحت لا أحمل السلاح ولا أملك رأس البعير إن نفرا
[ ص: 51 ] والأول أظهر ليكون ما بعد تأسيسا لا تأكيدا، وأيا ما كان فـ "لها" متعلق بـ "مالكون" واللام مقوية للعمل وقدم لرعاية الفواصل مع الاهتمام، وإيثار الجملة الاسمية للدلالة على استقرار مالكيتهم لها واستمرارها.
nindex.php?page=treesubj&link=28659_32414_32445_29007nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71أَوَلَمْ يَرَوْا الْهَمْزَةُ لِلْإِنْكَارِ وَالتَّعْجِيبِ، وَالْوَاوُ لِلْعَطْفِ عَلَى جُمْلَةٍ مَنْفِيَّةٍ مُقَدَّرَةٍ مُسْتَتْبَعَةٍ لِلْمَعْطُوفِ أَيْ أَلَمْ يَتَفَكَّرُوا أَوْ أَلَمْ يُلَاحِظُوا أَوْ أَلَمْ يَعْلَمُوا عِلْمًا يَقِينِيًّا مُشَابِهًا لِلْمُعَايَنَةِ. زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى:" ألم يروا كم أهلكنا " إِلَخْ وَالْأَوَّلُ لِلْحَثِّ عَلَى التَّوْحِيدِ بِالتَّحْذِيرِ مِنَ النِّقَمِ وَهَذَا بِالتَّذْكِيرِ بِالنِّعَمِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ أَيْ لِأَجْلِهِمْ وَانْتِفَاعِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَيْ مِمَّا تَوَلَّيْنَا إِحْدَاثَهُ بِالذَّاتِ مِنْ غَيْرِ مَدْخَلٍ لِغَيْرِنَا فِيهِ لَا خَلْقًا وَلَا كَسْبًا.
وَالْكَلَامُ اسْتِعَارَةٌ تَمْثِيلِيَّةٌ فِيمَا ذُكِرَ، وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ قَدْ كُنِّيَ عَنِ الْإِيجَادِ بِعَمَلِ الْأَيْدِي فِيمَنْ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ بَعْدَ الشُّيُوعِ أُرِيدَ بِهِ مَا أُرِيدُ مَجَازًا مُتَفَرِّعًا عَلَى الْكِنَايَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِالْعَمَلِ الْإِحْدَاثُ وَبِالْأَيْدِي الْقُدْرَةُ مَجَازًا، وَأُوثِرَتْ صِيغَةُ التَّعْظِيمِ، وَالْأَيْدِي مَجْمُوعَةٌ تَعْظِيمًا لِشَأْنِ الْأَثَرِ، وَإِنَّهُ أَمْرٌ عَجِيبٌ وَصُنْعٌ غَرِيبٌ وَلَيْسَ بِذَاكَ، وَقِيلَ: الْأَيْدِي مَجَازٌ عَنِ الْمَلَائِكَةِ الْمَأْمُورِينَ بِمُبَاشَرَةِ الْأَعْمَالِ حَسْبَمَا يُرِيدُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي عَالَمِ الْكَوْنِ وَالْفَسَادِ كَمَلَائِكَةِ التَّصْوِيرِ وَمَلَائِكَةِ نَفْخِ الْأَرْوَاحِ فِي الْأَبْدَانِ بَعْدَ إِكْمَالِ تَصْوِيرِهَا وَنَحْوِهِمْ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ.
وَنَحْوُهُ مَا قِيلَ: الْأَيْدِي مَجَازٌ عَنِ الْأَسْمَاءِ فَإِنَّ كُلَّ أَثَرٍ فِي الْعَالَمِ بِوَاسِطَةِ اسْمٍ خَاصٍّ مِنْ أَسْمَائِهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ الْآيَةَ مِنَ الْمُتَشَابِهِ عِنْدَ السَّلَفِ وَهُمْ لَا يَجْعَلُونَ الْيَدَ مُضَافَةً إِلَيْهِ تَعَالَى بِمَعْنَى الْقُدْرَةِ أُفْرِدَتْ- كَـ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=10يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ - أَوْ ثُنِّيَتْ - كَـ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=75خَلَقْتُ بِيَدَيَّ - أَوْ جُمِعَتْ كَمَا هُنَا؛ بَلْ يُثْبِتُونَ الْيَدَ لَهُ - عَزَّ وَجَلَّ - كَمَا أَثْبَتَهَا لِنَفْسِهِ مَعَ التَّنْزِيهِ النَّاطِقِ بِهِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَارْتَضَاهُ كَثِيرٌ مِمَّنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْخَلْقِ، وَلَا أَرَى الطَّاعِنِينَ عَلَيْهِمْ إِلَّا جَهَلَةً
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71أَنْعَامًا مَفْعُولُ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71خَلَقْنَا وَأُخِّرَ عَنِ الْجَارَّيْنِ الْمُتَعَلِّقَيْنِ بِهِ؛ اعْتِنَاءً بِالْمُقَدَّمِ، وَتَشْوِيقًا إِلَى الْمُؤَخَّرِ، وَجَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ أَحْكَامِهِ الْمُتَفَرِّعَةِ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَنْعَامِ الْأَزْوَاجُ الثَّمَانِيَةُ وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِمَا فِيهَا مِنْ بَدَائِعِ الْفِطْرَةِ وَكَثْرَةِ الْمَنَافِعِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=17أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=71فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ أَيْ مُتَمَلِّكُونَ لَهَا بِتَمْلِيكِنَا إِيَّاهَا لَهُمْ، وَالْفَاءُ قِيلَ لِلتَّفْرِيعِ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ خَلَقْنَا لَهُمْ أَنْعَامًا وَمَلَّكْنَاهَا لَهُمْ فَهُمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَالِكُونَ لَهَا، وَقِيلَ لِلتَّفْرِيعِ عَلَى خَلْقِهَا لَهُمْ وَفِيهِ خَفَاءٌ. وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ الْمُلْكُ بِمَعْنَى الْقُدْرَةِ وَالْقَهْرِ مَنْ مَلَكْتُ الْعَجِينَ إِذَا أَجَدْتَ عَجْنَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ
الرَّبِيعِ بْنِ مَنِيعٍ الْفَزَارِيَّ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ حَالِهِ بَعْدَ إِذْ كَبُرَ:
أَصْبَحْتُ لَا أَحْمِلُ السِّلَاحَ وَلَا أَمْلِكَ رَأْسَ الْبَعِيرِ إِنْ نَفَرَا
[ ص: 51 ] وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِيَكُونَ مَا بَعْدُ تَأْسِيسًا لَا تَأْكِيدًا، وَأَيًّا مَا كَانَ فَـ "لَهَا" مُتَعَلِّقٌ بِـ "مَالِكُونَ" وَاللَّامُ مُقَوِّيَةٌ لِلْعَمَلِ وَقُدِّمَ لِرِعَايَةِ الْفَوَاصِلِ مَعَ الِاهْتِمَامِ، وَإِيثَارُ الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى اسْتِقْرَارِ مَالِكِيَّتِهِمْ لَهَا وَاسْتِمْرَارِهَا.