سورة القيامة
ويقال لها سورة لا أقسم وهي مكية من غير حكاية خلاف ولا استثناء واختلف في عدد آيها ففي الكوفي أربعون وفي غيره تسع وثلاثون ، والخلاف في
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=16لتعجل به [القيامة: 16] ولما قال سبحانه وتعالى في آخر المدثر
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=53كلا بل لا يخافون الآخرة [المدثر: 53] بعد ذكر الجنة والنار وكان عدم خوفهم إياها لإنكارهم البعث ذكر جلا وعلا في هذه السورة الدليل عليه بأتم وجه ووصف يوم القيامة وأهواله وأحواله ثم ذكر ما قبل ذلك من خروج الروح من البدن ثم ما قبل من مبدأ الخلق على عكس الترتيب الواقعي فقال عز من قائل عظيم:
بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=33062_29046nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=1لا أقسم بيوم القيامة إدخال لا النافية صورة على فعل القسم مستفيض في كلامهم وأشعارهم قال
امرؤ القيس :
لا وأبيك ابنة العامري لا يدعي القوم أني أفر
وقول
غوية بن سلمى يرثي:
ألا نادت أمامة باحتمال لتحزنني فلا بك ما أبالي
وملخص ما ذهب إليه
جار الله في ذلك أن لا هذه إذا وقعت في خلال الكلام كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=65فلا وربك لا يؤمنون [النساء: 65] فهي صلة
[ ص: 136 ] تزاد لتأكيد القسم مثلها في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=29لئلا يعلم [الحديد: 29] لتأكيد العلم وأنها إذا وقعت ابتداء كما في هذه السورة وسورة البلد فهي للنفي لأن الصلة إنما تكون في وسطالكلام ووجهه أن إنشاء القسم يتضمن الإخبار عن تعظيم المقسم به فهو نفي لذلك الخبر الضمني على سبيل الكناية، والمراد أنه لا يعظم بالقسم لأنه في نفسه عظيم أقسم به أولا ويترقى من هذا التعظيم إلى تأكيد المقسم عليه إذ المبالغة في تعظيم المقسم به تتضمن المبالغة فيه فما يختلج في بعض الخواطر من أنه يلزم أن يكون على هذا إخبارا لا إنشاء فلا يستحق جوابا، وأن المعنى على تعظيم المقسم عليه لا المقسم به مدفوع، ووراء ذلك أقوال فقيل إنها لنفي الإقسام لوضوح الأمر .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : لنفي كلام معهود قبل القسم ورده فكأنهم هنا أنكروا البعث فقيل لا ، أي الأمر كذلك ثم قيل
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=1أقسم بيوم القيامة وقدح
الإمام فيه بإعادة حرف النفي بعد وقيل إنها ليس لا وإنما اللام أشبعت فتحتها فظهر من ذلك ألف والأصل «لأقسم» كما قرأ به
قنبل وروي عن
البزي nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن وهي لام الابتداء عند بعض والأصل «لأنا أقسم» وحذف المبتدأ للعلم به ولام التأكيد دخلت على الفعل المضارع كما في إن ربك ليحكم بينهم [النحل: 124] والأصل إني لأقسم عند بعض، ولام القسم ولم يصحبها نون التوكيد لعدم لزوم ذلك وإنما هو أغلبي على ما حكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه مع الاعتماد على المعنى عند آخرين .
وقال الجمهور: إنها صلة واختاره
جار الله في المفصل وما ذكر من الاختصاص غير مسلم لأن الزيادة إذا ثبتت في القسم فلا فرق بين أول الكلام وأوسطه لا أنه مسلم لكن القرآن في حكم سورة واحدة متصل بعضه ببعض لأن كونه كذلك بالنسبة إلى التناقض ونحوه لا بالنسبة إلى مثل هذا الحكم ثم فهم ما ذكره في توجيه النفي من اللفظ بعيد وحال سائر الأقوال غير خفي وقد مر بعض الكلام في ذلك فتذكر .
سُورَةُ الْقِيامَةِ
وَيُقَالُ لَهَا سُورَةُ لَا أُقْسِمُ وَهِيَ مَكِّيَّةٌ مِنْ غَيْرِ حِكَايَةِ خِلَافٍ وَلَا اسْتِثْنَاءٍ وَاخْتُلِفَ فِي عَدَدِ آيِهَا فَفِي الْكُوفِيِّ أَرْبَعُونَ وَفِي غَيْرِهِ تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ ، وَالْخِلَافُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=16لِتَعْجَلَ بِهِ [الْقِيَامَةِ: 16] وَلَمَّا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي آخِرِ الْمُدَّثِّرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=53كَلا بَلْ لا يَخَافُونَ الآخِرَةَ [الْمُدَّثِّرِ: 53] بَعْدَ ذِكْرِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَكَانَ عَدَمُ خَوْفِهِمْ إِيَّاهَا لِإِنْكَارِهِمُ الْبَعْثَ ذَكَرَ جَلَا وَعَلَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ الدَّلِيلَ عَلَيْهِ بِأَتَمِّ وَجْهٍ وَوَصَفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْوَالَهُ وَأَحْوَالَهُ ثُمَّ ذَكَرَ مَا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ خُرُوجِ الرُّوحِ مِنَ الْبَدَنِ ثُمَّ مَا قَبْلُ مِنْ مَبْدَأِ الْخَلْقِ عَلَى عَكْسِ التَّرْتِيبِ الْوَاقِعِيِّ فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ عَظِيمٍ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=33062_29046nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=1لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ إِدْخَالُ لَا النَّافِيَةِ صُورَةٌ عَلَى فِعْلِ الْقَسَمِ مُسْتَفِيضٌ فِي كَلَامِهِمْ وَأَشْعَارِهِمْ قَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ :
لَا وَأَبِيكِ ابْنَةَ الْعَامِرِي لَا يَدَّعِي الْقَوْمُ أَنِّي أَفِرُّ
وَقَوْلِ
غَوِيَّةَ بْنِ سَلْمَى يَرْثِي:
أَلَا نَادَتْ أُمَامَةُ بِاحْتِمَالِ لِتُحْزِنَنِي فَلَا بِكِ مَا أُبَالِي
وَمُلَخَّصُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ
جَارُ اللَّهِ فِي ذَلِكَ أَنَّ لَا هَذِهِ إِذَا وَقَعَتْ فِي خِلَالِ الْكَلَامِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=65فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ [النِّسَاءِ: 65] فَهِيَ صِلَةٌ
[ ص: 136 ] تُزَادُ لِتَأْكِيدِ الْقَسَمِ مِثْلُهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=29لِئَلا يَعْلَمَ [الْحَدِيدِ: 29] لِتَأْكِيدِ الْعِلْمِ وَأَنَّهَا إِذَا وَقَعَتِ ابْتِدَاءً كَمَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَسُورَةِ الْبَلَدِ فَهِيَ لِلنَّفْيِ لِأَنَّ الصِّلَةَ إِنَّمَا تَكُونُ فِي وَسَطِالْكَلَامِ وَوَجْهُهُ أَنَّ إِنْشَاءَ الْقَسَمِ يَتَضَمَّنُ الْإِخْبَارَ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُقْسَمِ بِهِ فَهُوَ نَفْيٌ لِذَلِكَ الْخَبَرِ الضِّمْنِيِّ عَلَى سَبِيلِ الْكِنَايَةِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُعَظَّمُ بِالْقَسَمِ لِأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ عَظِيمٌ أَقْسَمَ بِهِ أَوَّلًا وَيَتَرَقَّى مِنْ هَذَا التَّعْظِيمِ إِلَى تَأْكِيدِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ إِذِ الْمُبَالَغَةُ فِي تَعْظِيمِ الْمُقْسَمِ بِهِ تَتَضَمَّنُ الْمُبَالَغَةَ فِيهِ فَمَا يَخْتَلِجُ فِي بَعْضِ الْخَوَاطِرِ مِنْ أَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذَا إِخْبَارًا لَا إِنْشَاءً فَلَا يَسْتَحِقُّ جَوَابًا، وَأَنَّ الْمَعْنَى عَلَى تَعْظِيمِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ لَا الْمَقْسَمِ بِهِ مَدْفُوعٌ، وَوَرَاءَ ذَلِكَ أَقْوَالٌ فَقِيلَ إِنَّهَا لِنَفْيِ الْإِقْسَامِ لِوُضُوحِ الْأَمْرِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الْفَرَّاءُ : لِنَفِي كَلَامٍ مَعْهُودٍ قَبْلَ الْقَسَمِ وَرَدَّهُ فَكَأَنَّهُمْ هُنَا أَنْكَرُوا الْبَعْثَ فَقِيلَ لَا ، أَيِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ثُمَّ قِيلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=1أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَقَدَحَ
الْإِمَامُ فِيهِ بِإِعَادَةِ حَرْفِ النَّفْيِ بَعْدَ وَقِيلَ إِنَّهَا لَيْسَ لَا وَإِنَّمَا اللَّامُ أُشْبِعَتْ فَتْحَتُهَا فَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَلْفٌ وَالْأَصْلُ «لَأُقْسِمُ» كَمَا قَرَأَ بِهِ
قُنْبُلٌ وَرُوِيَ عَنِ
الْبَزِّيِّ nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنِ وَهِيَ لَامُ الِابْتِدَاءِ عِنْدَ بَعْضٍ وَالْأَصْلُ «لَأَنَا أُقْسِمُ» وَحَذْفُ الْمُبْتَدَأِ لِلْعِلْمِ بِهِ وَلَامُ التَّأْكِيدِ دَخَلَتْ عَلَى الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ كَمَا فِي إِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ [النَّحْلِ: 124] وَالْأَصْلُ إِنِّي لَأُقْسِمُ عِنْدَ بَعْضٍ، وَلَامُ الْقَسَمِ وَلَمْ يَصْحَبْهَا نُونُ التَّوْكِيدِ لِعَدَمِ لُزُومِ ذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ أَغْلَبِيٌّ عَلَى مَا حُكِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ مَعَ الِاعْتِمَادِ عَلَى الْمَعْنَى عِنْدَ آخَرِينَ .
وَقَالَ الْجُمْهُورُ: إِنَّهَا صِلَةٌ وَاخْتَارَهُ
جَارُ اللَّهِ فِي الْمُفَصَّلِ وَمَا ذَكَرَ مِنَ الِاخْتِصَاصِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ إِذَا ثَبَتَتْ فِي الْقَسَمِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَوَّلِ الْكَلَامِ وَأَوْسَطِهِ لَا أَنَّهُ مُسَلَّمٌ لَكِنَّ الْقُرْآنَ فِي حُكْمِ سُورَةٍ وَاحِدَةٍ مُتَّصِلٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ لِأَنَّ كَوْنَهُ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى التَّنَاقُضِ وَنَحْوِهِ لَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مِثْلِ هَذَا الْحُكْمِ ثُمَّ فَهِمَ مَا ذَكَرَهُ فِي تَوْجِيهِ النَّفِيِ مِنَ اللَّفْظِ بِعِيدٌ وَحَالُ سَائِرِ الْأَقْوَالِ غَيْرُ خَفِيٍّ وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ فَتَذَّكَّرْ .