nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8جزاؤهم بمقابلة ما لهم من الإيمان والطاعات
nindex.php?page=treesubj&link=19624_19995_29680_30384_30386_30387_34135_34513_29069nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا تقدمت نظائره. وفي تقديم مدحهم بخير البرية وذكر الجزاء المؤذن يكون ما منح في مقابلة ما وصفوا به وبيان كونه من عنده تعالى والتعرض لعنوان الربوبية المنبئة عن التربية والتبليغ إلى الكمال مع الإضافة إلى ضميرهم وجمع الجنات وتقييدها بالإضافة وبما يزيدها نعيما، وتأكيد الخلود بالأبد من الدلالة على غاية حسن حالهم ما لا يخفى.
والظاهر أن جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7هم خير البرية خبر اسم الإشارة، وكذا ما بعد، وزعم بعض الأجلة أن الأنسب بالعديل السابق أن تجعل معترضة ويكون الخبر ما بعدها وفيه نظر. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8رضي الله عنهم استئناف نحوي وإخبار عما تفضل عز وجل به زيادة على ما ذكر من أجزية أعمالهم، ويجوز أن يكون بيانيا جوابا لمن يقول: ألهم فوق ذلك أمر آخر، وجوز أن يكون خبرا بعد خبر أو حالا بتقدير قد أو بدونه، وجوز أن يكون دعاء لهم من ربهم وهو مجاز عن الإيجاد مع زيادة التكريم وهو خلاف الظاهر ويبعده عطف قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8ورضوا عنه عليه وعلل رضاهم بأنهم بلغوا من المطالب قاصيتها ومن المآرب ناصيتها، وأتيح لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8ذلك أي ما ذكره من الجزاء والرضوان
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8لمن خشي ربه فإن
nindex.php?page=treesubj&link=19666الخشية ملاك السعادة الحقيقية والفوز بالمراتب العلية؛ إذ لولاها لم تترك المناهي والمعاصي ولا استعد ليوم يؤخذ فيه بالأقدام والنواصي. وفيه إشارة إلى
nindex.php?page=treesubj&link=30503_29680_29674_28653_28783أن مجرد الإيمان والعمل الصالح ليس موصلا إلى أقصى المراتب ورضوان من الله أكبر، بل الموصل له خشية الله تعالى و
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=28إنما يخشى الله من عباده العلماء ولذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14021الجنيد قدس سره: الرضا على قدر قوة العلم والرسوخ في المعرفة، وقال
عصام الدين: الأظهر أن ذلك إشارة إلى ما يترتب عليه الجزاء والرضوان من الإيمان والعمل الصالح، وتعقب بأن فيه غفلة عما ذكر وعن أنه لا يكون حينئذ
[ ص: 207 ] لقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8ذلك إلخ كبير فائدة والتعرض لعنوان الربوبية المعربة عن المالكية والتربية للإشعار بعلة الخشية والتحذير من الاغترار بالتربية. واستدل بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إن الذين آمنوا إلخ على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28809البشر أفضل من الملك لظهور أن المراد بالذين آمنوا المؤمنون من البشر، وفي الآثار ما يدل على ذلك.
أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا:
«أتعجبون لمنزلة الملائكة من الله تعالى، والذي نفسي بيده لمنزلة العبد المؤمن عند الله تعالى يوم القيامة أعظم من منزلة الملك؛ واقرؤوا إن شئتم: nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت: قلت: يا رسول الله، من أكرم الخلق على الله تعالى؟ قال: «يا nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، أما تقرئين: nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ».
وأنت تعلم أن هذا ظاهر في أن المراد بالبرية الخليقة مطلقا ليتم الاستدلال، ثم إنه يحتاج أيضا إلى إدخال الأنبياء عليهم السلام في عموم الذين آمنوا وعملوا الصالحات بأن لا يراد بهم قوم بخصوصهم؛ إذ لو لم يدخلوا لزم تفضيل عوام البشر أي الذين ليسوا بأنبياء منهم على خواص الملائكة أعني رسلهم عليهم السلام، وذلك مما لم يذهب إليه أحد من أهل السنة بل هم يكفرون من يقول به فليتفطن.
والإمام قد ضعف الاستدلال في تفسيره بما لا يخلو عن بحث، ولعل الأبعد عن القيل والقال جعل الحصر إضافيا بالنسبة إلى ما يزعمه أهل الكتاب والمشركون قالا أو حالا من أنهم هم خير البرية وكذا يجعل الحصر السابق بالنسبة إلى ما يزعمونه من أن المؤمنين هم شر البرية، وصحة ما سبق من الآثار في حيز المنع. ثم الظاهر أن المراد ب ( الذين آمنوا ) إلخ مقابل ( الذين كفروا ) والأقوم من الذين أنصفوا بما في حيز الصلة بخصوصهم، وزعم بعضهم أنهم مخصوصون.
فقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه قال: قال لي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: «ألم تسمع قول الله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ؟ هم أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض، إذا جثت الأمم للحساب يدعون غرا محجلين». وروى نحوه الإمامية عن
يزيد بن شراحيل الأنصاري كاتب الأمير كرم الله تعالى وجهه.
وفيه أنه عليه الصلاة والسلام قال ذلك له عند الوفاة ورأسه الشريف على صدره رضي الله تعالى عنه.
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه أيضا
عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية: nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إن الذين آمنوا إلخ قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي رضي الله تعالى عنه وكرم وجهه: «هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين».
وذلك ظاهر في التخصيص وكذا ما ذكره
الطبرسي الإمامي في مجمع البيان عن
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل بن سليمان عن
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال في الآية: نزلت في nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه وأهل بيته. وهذا إن سلمت صحته لا محذور فيه؛ إذ لا يستدعي التخصيص بل الدخول في العموم وهم بلا شبهة داخلون فيه دخولا أوليا، وأما ما تقدم فلا تسلم صحته فإنه يلزم عليه أن يكون
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه خيرا من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، والإمامية وإن قالوا إنه رضي الله تعالى عنه خير من الأنبياء حتى أولي العزم عليهم السلام ومن الملائكة حتى المقربين عليهم السلام لا يقولون بخيريته من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فإن قالوا بأن البرية على ذلك مخصوصة بمن عداه عليه الصلاة والسلام للدليل الدال على أنه صلى الله تعالى عليه وسلم خير منه كرم الله تعالى وجهه قيل: إنها مخصوصة أيضا بمن عدا الأنبياء والملائكة ومن قال من أهل السنة بخيريته للدليل الدال على خيريتهم. وبالجملة لا ينبغي أن يرتاب في عدم تخصيص الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالأمير كرم الله تعالى وجهه وشيعته ولا به رضي الله تعالى عنه وأهل بيته وإن دون إثبات صحة تلك الأخبار خرط القتاد. والله تعالى أعلم.
ثم إن الروايات في أن هذه السورة قد نسخ منها كثير -كثيرة؛ منها أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وصححه عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=701102«إن الله تعالى أمرني أن أقرأ عليك [ ص: 208 ] القرآن». فقرأ عليه الصلاة والسلام: nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب فقرأ فيها: «ولو أن ابن آدم سأل واديا من مال فأعطيه يسأل ثانيا، ولو سأل ثانيا فأعطيه يسأل ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب، وإن الدين عند الله الحنيفية غير المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية، ومن يفعل ذلك فلن يكفره».
وفي بعض الآثار
أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أقرأه هكذا: «ما كان الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة، رسول من الله يتلو صحفا مطهرة، فيها كتب قيمة، إن أقوم الدين الحنيفية، مسلمة غير مشركة ولا يهودية ولا نصرانية، ومن يعمل صالحا فلن يكفره، وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة، إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وفارقوا الكتاب لما جاءهم أولئك عند الله شر البرية ما كان الناس إلا أمة واحدة ثم أرسل الله النبيين مبشرين ومنذرين يأمرون الناس يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويعبدون الله وحده أولئك عند الله خير البرية، جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه».
أخرج ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي رضي الله تعالى عنه وهو مخالف لما صح عنه فلا يعول عليه كما لا يخفى على العارف بعلم الحديث.
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8جَزَاؤُهُمْ بِمُقَابَلَةِ مَا لَهُمْ مِنَ الْإِيمَانِ وَالطَّاعَاتِ
nindex.php?page=treesubj&link=19624_19995_29680_30384_30386_30387_34135_34513_29069nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا تَقَدَّمَتْ نَظَائِرُهُ. وَفِي تَقْدِيمِ مَدْحِهِمْ بِخَيْرِ الْبَرِيَّةِ وَذِكْرِ الْجَزَاءِ الْمُؤْذِنِ يَكُونُ مَا مُنِحَ فِي مُقَابَلَةِ مَا وُصِفُوا بِهِ وَبَيَانِ كَوْنِهِ مِنْ عِنْدِهِ تَعَالَى وَالتَّعَرُّضِ لِعُنْوَانِ الرُّبُوبِيَّةِ الْمُنْبِئَةِ عَنِ التَّرْبِيَةِ وَالتَّبْلِيغِ إِلَى الْكَمَالِ مَعَ الْإِضَافَةِ إِلَى ضَمِيرِهِمْ وَجَمْعِ الْجَنَّاتِ وَتَقْيِيدِهَا بِالْإِضَافَةِ وَبِمَا يَزِيدُهَا نَعِيمًا، وَتَأْكِيدِ الْخُلُودِ بِالْأَبَدِ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى غَايَةِ حُسْنِ حَالِهِمْ مَا لَا يُخْفَى.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ جُمْلَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ خَبَرُ اسْمِ الْإِشَارَةِ، وَكَذَا مَا بَعْدُ، وَزَعَمَ بَعْضُ الْأَجِلَّةِ أَنَّ الْأَنْسَبَ بِالْعَدِيلِ السَّابِقِ أَنْ تُجْعَلَ مُعْتَرِضَةً وَيَكُونُ الْخَبَرُ مَا بَعْدَهَا وَفِيهِ نَظَرٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ اسْتِئْنَافٌ نَحْوِيٌّ وَإِخْبَارٌ عَمَّا تَفَضَّلَ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ زِيَادَةً عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ أَجِزْيَةِ أَعْمَالِهِمْ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيَانِيًّا جَوَابًا لِمَنْ يَقُولُ: أَلَهُمْ فَوْقَ ذَلِكَ أَمْرٌ آخَرُ، وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ أَوْ حَالًا بِتَقْدِيرِ قَدْ أَوْ بِدُونِهِ، وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ دُعَاءً لَهُمْ مِنْ رَبِّهِمْ وَهُوَ مَجَازٌ عَنِ الْإِيجَادِ مَعَ زِيَادَةِ التَّكْرِيمِ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَيُبْعِدُهُ عَطْفُ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8وَرَضُوا عَنْهُ عَلَيْهِ وَعُلِّلَ رِضَاهُمْ بِأَنَّهُمْ بَلَغُوا مِنَ الْمَطَالِبِ قَاصِيَتَهَا وَمِنَ الْمَآرِبِ نَاصِيَتَهَا، وَأُتِيحَ لَهُمْ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ.
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8ذَلِكَ أَيْ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْجَزَاءِ وَالرِّضْوَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19666الْخَشْيَةَ مِلَاكُ السَّعَادَةِ الْحَقِيقِيَّةِ وَالْفَوْزِ بِالْمَرَاتِبِ الْعَلِيَّةِ؛ إِذْ لَوْلَاهَا لَمْ تُتْرَكِ الْمَنَاهِي وَالْمَعَاصِي وَلَا اسْتُعِدَّ لِيَوْمٍ يُؤْخَذُ فِيهِ بِالْأَقْدَامِ وَالنَّوَاصِي. وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=30503_29680_29674_28653_28783أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ لَيْسَ مُوَصِّلًا إِلَى أَقْصَى الْمَرَاتِبِ وَرِضْوَانٍ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرَ، بَلِ الْمُوَصِّلُ لَهُ خَشْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=28إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ وَلِذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14021الْجُنَيْدُ قُدِّسَ سِرُّهُ: الرِّضَا عَلَى قَدْرِ قُوَّةِ الْعِلْمِ وَالرُّسُوخِ فِي الْمَعْرِفَةِ، وَقَالَ
عِصَامُ الدِّينِ: الْأَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَالرِّضْوَانُ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ فِيهِ غَفْلَةً عَمَّا ذُكِرَ وَعَنْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حِينَئِذٍ
[ ص: 207 ] لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=8ذَلِكَ إِلَخْ كَبِيرُ فَائِدَةٍ وَالتَّعَرُّضُ لِعُنْوَانِ الرُّبُوبِيَّةِ الْمُعْرِبَةِ عَنِ الْمَالِكِيَّةِ وَالتَّرْبِيَةِ لِلْإِشْعَارِ بِعِلَّةِ الْخَشْيَةِ وَالتَّحْذِيرِ مِنَ الِاغْتِرَارِ بِالتَّرْبِيَةِ. وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَخْ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28809الْبَشَرَ أَفْضَلُ مِنَ الْمَلَكِ لِظُهُورِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالَّذِينِ آمَنُوا الْمُؤْمِنُونَ مِنَ الْبَشَرِ، وَفِي الْآثَارِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.
أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا:
«أَتَعْجَبُونَ لِمَنْزِلَةِ الْمَلَائِكَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَمَنْزِلَةُ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمُ مِنْ مَنْزِلَةِ الْمَلَكِ؛ وَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى؟ قَالَ: «يَا nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةُ، أَمَا تَقْرَئِينَ: nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ».
وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَرِيَّةِ الْخَلِيقَةُ مُطْلَقًا لِيَتِمَّ الِاسْتِدْلَالُ، ثُمَّ إِنَّهُ يَحْتَاجُ أَيْضًا إِلَى إِدْخَالِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فِي عُمُومِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِأَنْ لَا يُرَادَ بِهِمْ قَوْمٌ بِخُصُوصِهِمْ؛ إِذْ لَوْ لَمْ يَدْخُلُوا لَزِمَ تَفْضِيلُ عَوَامِّ الْبَشَرِ أَيِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ مِنْهُمْ عَلَى خَوَاصِّ الْمَلَائِكَةِ أَعْنِي رُسُلَهُمْ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَذْهَبْ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ بَلْ هُمْ يُكَفِّرُونَ مَنْ يَقُولُ بِهِ فَلْيُتَفَطَّنْ.
وَالْإِمَامُ قَدْ ضَعَّفَ الِاسْتِدْلَالَ فِي تَفْسِيرِهِ بِمَا لَا يَخْلُو عَنْ بَحْثٍ، وَلَعَلَّ الْأَبْعَدَ عَنِ الْقِيلِ وَالْقَالِ جَعْلُ الْحَصْرِ إِضَافِيًّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَزْعُمُهُ أَهْلُ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكُونَ قَالًا أَوْ حَالًا مِنْ أَنَّهُمْ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ وَكَذَا يُجْعَلُ الْحَصْرُ السَّابِقُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَزْعُمُونَهُ مِنْ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ، وَصِحَّةُ مَا سَبَقَ مِنَ الْآثَارِ فِي حَيِّزِ الْمَنْعِ. ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِ ( الَّذِينَ آمَنُوا ) إِلَخْ مُقَابِلُ ( الَّذِينَ كَفَرُوا ) وَالْأَقْوَمُ مِنَ الَّذِينَ أَنْصَفُوا بِمَا فِي حَيِّزِ الصِّلَةِ بِخُصُوصِهِمْ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُمْ مَخْصُوصُونَ.
فَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ؟ هُمْ أَنْتَ وَشِيعَتُكَ وَمَوْعِدِي وَمَوْعِدُكُمُ الْحَوْضُ، إِذَا جَثَتِ الْأُمَمُ لِلْحِسَابِ يُدْعَوْنَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ». وَرَوَى نَحْوَهُ الْإِمَامِيَّةُ عَنْ
يَزِيدَ بْنِ شَرَاحِيلَ الْأَنْصَارِيِّ كَاتِبِ الْأَمِيرِ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ.
وَفِيهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ ذَلِكَ لَهُ عِنْدَ الْوَفَاةِ وَرَأْسُهُ الشَّرِيفُ عَلَى صَدْرِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ.
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابْنُ مَرْدَوَيْهِ أَيْضًا
عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=7إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَخْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَكَرَّمَ وَجْهَهُ: «هُوَ أَنْتَ وَشِيعَتُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَاضِينَ مَرْضِيِّينَ».
وَذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي التَّخْصِيصِ وَكَذَا مَا ذَكَرَهُ
الطَّبَرْسِيُّ الْإِمَامِيُّ فِي مَجْمَعِ الْبَيَانِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17131مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضَّحَّاكِ عَنِ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْآيَةِ: نَزَلَتْ فِي nindex.php?page=showalam&ids=8عَلَيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ وَأَهْلِ بَيْتِهِ. وَهَذَا إِنْ سُلِّمَتْ صِحَّتُهُ لَا مَحْذُورَ فِيهِ؛ إِذْ لَا يَسْتَدْعِي التَّخْصِيصَ بَلِ الدُّخُولَ فِي الْعُمُومِ وَهُمْ بَلَا شُبْهَةٍ دَاخِلُونَ فِيهِ دُخُولًا أَوَّلِيًّا، وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ فَلَا تُسَلَّمُ صِحَّتُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ خَيْرًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْإِمَامِيَّةُ وَإِنْ قَالُوا إِنَّهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ خَيْرٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ حَتَّى أُولِي الْعَزْمِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَمِنَ الْمَلَائِكَةِ حَتَّى الْمُقَرَّبِينَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ لَا يَقُولُونَ بِخَيْرِيَّتِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ قَالُوا بِأَنَّ الْبَرِيَّةَ عَلَى ذَلِكَ مَخْصُوصَةٌ بِمَنْ عَدَاهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِلدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرٌ مِنْهُ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ قِيلَ: إِنَّهَا مَخْصُوصَةٌ أَيْضًا بِمَنْ عَدَا الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ وَمَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ بِخَيْرِيَّتِهِ لِلدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى خَيْرِيَّتِهِمْ. وَبِالْجُمْلَةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْتَابَ فِي عَدَمِ تَخْصِيصِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ بِالْأَمِيرِ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ وَشِيعَتِهِ وَلَا بِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَإِنَّ دُونَ إِثْبَاتِ صِحَّةِ تِلْكَ الْأَخْبَارِ خَرْطَ الْقَتَادِ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ثُمَّ إِنَّ الرِّوَايَاتِ فِي أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ قَدْ نُسِخَ مِنْهَا كَثِيرٌ -كَثِيرَةٌ؛ مِنْهَا أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14070وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=701102«إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ [ ص: 208 ] الْقُرْآنَ». فَقَرَأَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: nindex.php?page=tafseer&surano=98&ayano=1لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَرَأَ فِيهَا: «وَلَوْ أَنَّ ابْنَ آدَمَ سَأَلَ وَادِيًا مَنْ مَالٍ فَأُعْطِيَهُ يَسْأَلُ ثَانِيًا، وَلَوْ سَأَلَ ثَانِيًا فَأُعْطِيَهُ يَسْأَلُ ثَالِثًا، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ، وَإِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْحَنِيفِيَّةُ غَيْرُ الْمُشْرِكَةِ وَلَا الْيَهُودِيَّةِ وَلَا النَّصْرَانِيَّةِ، وَمَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَلَنْ يُكْفَرَهُ».
وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَأَهُ هَكَذَا: «مَا كَانَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ، رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً، فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ، إِنَّ أَقْوَمَ الدِّينِ الْحَنِيفِيَّةُ، مُسْلِمَةٌ غَيْرُ مُشْرِكَةٍ وَلَا يَهُودِيَّةٍ وَلَا نَصْرَانِيَّةٍ، وَمَنْ يَعْمَلْ صَالِحًا فَلَنْ يُكْفَرَهُ، وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَفَارَقُوا الْكِتَابَ لَمَّا جَاءَهُمْ أُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ شَرُّ الْبَرِيَّةِ مَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ أَرْسَلَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ يَأْمُرُونَ النَّاسَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيَعْبُدُونَ اللَّهَ وَحْدَهُ أُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ».
أَخْرَجَ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا صَحَّ عَنْهُ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْعَارِفِ بِعِلْمِ الْحَدِيثِ.