[ ص: 488 ] قوله عز وجل:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار وصية من الله والله عليم حليم nindex.php?page=treesubj&link=28328_30386_30387_30415_32210_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=13تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم nindex.php?page=treesubj&link=30431_30437_30525_30532_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=14ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين .
"غير مضار" نصب على الحال، والعامل "يوصى"، و "وصية" نصب على المصدر في موضع الحال، والعامل "يوصيكم"، وقيل: هو نصب على الخروج من قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12فلكل واحد منهما السدس أو من قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12فهم شركاء في الثلث ، ويصح أن يعمل "مضار" في "وصية"، والمعنى أن يقع الضرر بها وبسببها فأوقع عليها تجوزا. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن بن أبي الحسن: "غير مضار وصية" بالإضافة، كما تقول: شجاع حرب، ومدره حرب، وبضة المتجرد، في قول طرفة بن العبد، والمعنى على ما ذكرناه من التجوز في اللفظ لصحة المعنى.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: nindex.php?page=hadith&LINKID=914326الضرار في الوصية من الكبائر، رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"من ضار في وصية ألقاه الله تعالى في واد في جهنم".
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
ووجوه المضارة كثيرة لا تنحصر، وكلها ممنوعة: يقر بحق ليس عليه، ويوصي بأكثر من ثلثه، أو لوارثه، أو بالثلث فرارا عن وارث محتاج، وغير ذلك، ومشهور مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وابن القاسم أن الموصي لا يعد فعله مضارة ما دام في الثلث، فإن ضار الورثة في ثلثه مضى ذلك، وفي المذهب قوله: إن المضارة ترد وإن كانت في الثلث، إذا علمت بإقرار أو قرينة، ويؤيد هذا قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=182فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم ...الآية.
[ ص: 489 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=13تلك حدود الله ... الآية. "تلك" إشارة إلى القسمة المتقدمة في المواريث، والحد: الحجز المانع لأمر ما أن يدخل على غيره أو يدخل عليه غيره، ومن هذا قولهم للبواب: حداد لأنه يمنع، ومنه إحداد المرأة وهو امتناعها عن الزينة، هذا هو الحد في هذه الآية.
وقوله: "من تحتها" يريد من تحت بنائها وأشجارها الذي من أجله سميت جنة، لأن أنهار الجنة إنما هي على وجه أرضها في غير أخاديد.
وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري: إن الحدود عند
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي هنا شروط الله، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: طاعة الله، وعند بعضهم: سنة الله، وعند بعضهم: فرائض الله، وهذا كله معنى واحد وعبارة مختلفة. و"خالدين" قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: هي حالة على التقدير، أي: مقدرين خالدين فيها، وجمع "خالدين" على معنى "من" بعد أن تقدم الإفراد مراعاة للفظ "من"، وعكس هذا لا يجوز.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=14ومن يعص الله ورسوله ... الآية، قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر: "ندخله" بنون العظمة، وقرأ الباقون: "يدخله" بالياء فيهما جميعا، وهذه آيتا وعد ووعيد، وتقدم الإيجاز في ذلك، ورجى الله تعالى على التزام هذه الحدود في قسمة الميراث، وتوعد على العصيان فيها بحسب إنكار
العرب لهذه القسمة، وقد كلم فيها النبي صلى الله عليه وسلم
عيينة بن حصن وغيره. .
[ ص: 488 ] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةٍ مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ nindex.php?page=treesubj&link=28328_30386_30387_30415_32210_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=13تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهِ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ nindex.php?page=treesubj&link=30431_30437_30525_30532_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=14وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ .
"غَيْرَ مُضَارٍّ" نُصِبَ عَلَى الْحَالِ، وَالْعَامِلُ "يُوصَى"، وَ "وَصِيَّةً" نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَالْعَامِلُ "يُوصِيكُمُ"، وَقِيلَ: هُوَ نَصْبٌ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ أَوْ مِنْ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ، وَيَصِحُّ أَنْ يَعْمَلَ "مُضَارٍّ" فِي "وَصِيَّةً"، وَالْمَعْنَى أَنْ يَقَعَ الضَّرَرُ بِهَا وَبِسَبَبِهَا فَأُوقِعَ عَلَيْهَا تَجَوُّزًا. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ: "غَيْرَ مُضَارِّ وَصِيَّةٍ" بِالْإِضَافَةِ، كَمَا تَقُولُ: شُجَاعُ حَرْبٍ، وَمِدْرَهُ حَرْبٍ، وَبَضَّةُ الْمُتَجَرِّدِ، فِي قَوْلِ طَرَفَةَ بْنِ الْعَبْدِ، وَالْمَعْنَى عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ التَّجَوُّزِ فِي اللَّفْظِ لِصِحَّةِ الْمَعْنَى.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ: nindex.php?page=hadith&LINKID=914326الضِّرَارُ فِي الْوَصِيَّةِ مِنَ الْكَبَائِرِ، رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
"مَنْ ضَارَّ فِي وَصِيَّةٍ أَلْقَاهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي وَادٍ فِي جَهَنَّمَ".
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَوُجُوهُ الْمُضَارَّةِ كَثِيرَةٌ لَا تَنْحَصِرُ، وَكُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ: يُقِرُّ بِحَقٍّ لَيْسَ عَلَيْهِ، وَيُوصِي بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ، أَوْ لِوَارِثِهِ، أَوْ بِالثُّلُثِ فِرَارًا عَنْ وَارِثٍ مُحْتَاجٍ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُوصِيَ لَا يُعَدُّ فِعْلُهُ مُضَارَّةً مَا دَامَ فِي الثُّلُثِ، فَإِنْ ضَارَّ الْوَرَثَةَ فِي ثُلُثِهِ مَضَى ذَلِكَ، وَفِي الْمَذْهَبِ قَوْلُهُ: إِنَّ الْمُضَارَّةَ تُرَدُّ وَإِنْ كَانَتْ فِي الثُّلُثِ، إِذَا عُلِمَتْ بِإِقْرَارٍ أَوْ قَرِينَةٍ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=182فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ ...الْآيَةُ.
[ ص: 489 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=13تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ... الْآيَةُ. "تِلْكَ" إِشَارَةٌ إِلَى الْقِسْمَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْمَوَارِيثِ، وَالْحَدُّ: الْحَجْزُ الْمَانِعُ لِأَمْرٍ مَا أَنْ يَدْخُلَ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُمْ لِلْبَوَّابِ: حَدَّادٌ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ، وَمِنْهُ إِحْدَادُ الْمَرْأَةِ وَهُوَ امْتِنَاعُهَا عَنِ الزِّينَةِ، هَذَا هُوَ الْحَدُّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ.
وَقَوْلُهُ: "مِنْ تَحْتِهَا" يُرِيدُ مِنْ تَحْتِ بِنَائِهَا وَأَشْجَارِهَا الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ سُمِّيَتْ جَنَّةً، لِأَنَّ أَنْهَارَ الْجَنَّةِ إِنَّمَا هِيَ عَلَى وَجْهِ أَرْضِهَا فِي غَيْرِ أَخَادِيدَ.
وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ: إِنَّ الْحُدُودَ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ هُنَا شُرُوطُ اللَّهِ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ: طَاعَةُ اللَّهِ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ: سُنَّةُ اللَّهِ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ: فَرَائِضُ اللَّهِ، وَهَذَا كُلُّهُ مَعْنَىً وَاحِدٌ وَعِبَارَةٌ مُخْتَلِفَةٌ. وَ"خَالِدِينَ" قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ: هِيَ حَالَةٌ عَلَى التَّقْدِيرِ، أَيْ: مُقَدَّرِينَ خَالِدِينَ فِيهَا، وَجُمِعَ "خَالِدِينَ" عَلَى مَعْنَى "مَنْ" بَعْدَ أَنْ تَقَدَّمَ الْإِفْرَادُ مُرَاعَاةً لِلَفْظِ "مَنْ"، وَعَكْسُ هَذَا لَا يَجُوزُ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=14وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ... الْآيَةُ، قَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نَافِعٌ nindex.php?page=showalam&ids=16447وَابْنُ عَامِرٍ: "نُدْخِلُهُ" بِنُونِ الْعَظَمَةِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: "يُدْخِلُهُ" بِالْيَاءِ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَهَذِهِ آيَتَا وَعْدٍ وَوَعِيدٍ، وَتَقَدَّمَ الْإِيجَازُ فِي ذَلِكَ، وَرَجَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْتِزَامِ هَذِهِ الْحُدُودِ فِي قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ، وَتَوَعَّدَ عَلَى الْعِصْيَانِ فِيهَا بِحَسَبِ إِنْكَارِ
الْعَرَبِ لِهَذِهِ الْقِسْمَةِ، وَقَدْ كَلَّمَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ وَغَيْرَهُ. .