[ ص: 498 ] قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=19731_34101_34131_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=56قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا nindex.php?page=treesubj&link=19995_19999_29693_34085_34143_34144_34513_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=57أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا nindex.php?page=treesubj&link=30451_30452_30525_31749_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=58وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا nindex.php?page=treesubj&link=28752_31788_31846_32445_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا
الذين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم في هذه الآية ليسوا عبدة الأصنام، وإنما هم عبدة من يعقل، واختلف في ذلك -فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما: هي في عبدة العزير والمسيح وأمه ونحوهم، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا: هي في عبدة الشمس والقمر والكواكب وعزيز والمسيح وأمه ونحوهم، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود : هي في عبدة الملائكة، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أيضا: هي في عبدة شياطين كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم أولئك الشياطين، و بقي عبدتهم يعبدونهم، فنزلت الآية في ذلك].
فمعنى الآية: قل لهؤلاء الكفرة: ادعوا عند الشدائد والضر هؤلاء المعبودين، فإنهم لا يملكون كشفه ولا تحويله عنكم، ثم أخبرهم -على قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة :
[ ص: 499 ] "تدعون" بالتاء-، أو أخبر النبي صلى الله عليه وسلم -على قراءة الجمهور: "يدعون" بالياء من تحت- أن هؤلاء المعبودين يطلبون التقرب إلى الله والتزلف إليه، وأن هذه حقيقة حالهم، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : "إلى ربك". والضمير في "ربهم" للمتبعين أو للجميع.
nindex.php?page=treesubj&link=28705و"الوسيلة" هي القربة وسبب الوصول إلى البغية ، وتوسل الرجل إذا طلب الدنو والنيل لأمر ما، وقال عنترة:
إن الرجال لهم إليك وسيلة
ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=657585 "من سأل الله لي الوسيلة... الحديث" . و"أيهم" ابتداء، و"أقرب" خبره، و"أولئك" يراد به المعبودون. وهو ابتداء خبره "يبتغون" والضمير في "يدعون" للكفار، وفي "يبتغون" للمعبودين، والتقدير: نظرهم ووكدهم أيهم أقرب، وهذا كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حديث الراية
بخيبر: "فبات الناس يدوكون أيهم يعطاها"، أي: يتبارون في طلب القرب، وطفف
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج في هذا الموضع فتأمله.
[ ص: 500 ] وقال ابن فورك، وغيره: إن الكلام من قوله تبارك وتعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=57أولئك الذين يدعون راجع إلى النبيين المتقدم ذكرهم، و "يدعون" -على هذا- من الدعاء بمعنى الطلبة إلى الله تعالى، والضمائر لهم في "يدعون" وفي "يبتغون". وباقي الآية بين.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=58وإن من قرية الآية. أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه
nindex.php?page=treesubj&link=30525ليس مدينة من المدن إلا هي هالكة قبل يوم القيامة بالموت والفناء، هذا مع السلامة وأخذها جزءا، أو هي معذبة مأخوذة مرة واحدة، فهذا عموم في كل مدينة، و"من" لبيان الجنس، وقيل: المراد الخصوص، [والتقدير] وإن من قرية ظالمة. وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=15426النقاش أنه وجد في كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك بن مزاحم في تفسير هذه الآية استقراء البلاد المعروفة اليوم، وذكر لهلاك كل قطر منها صفة، ثم ذكر نحو ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه، فذكر فيه أن هلاك
الأندلس وخرابها يكون بسنابك الخيل واختلاف الجيوش فيها، وتركت سائرها لعدم الصحة في ذلك، والمعلوم أن كل قرية تهلك إما من جهة القحوط والخسف غرقا، وإما من جهة الفتن، أو منهما، وصور ذلك كثيرة لا يعلمها إلا الله تعالى، فأما ما هلك بالفتنة فمن ظلم ولا بد، إما في كفر أو معاص أو تقصير في دفاع، وأما القحط فيصيب الله به من يشاء وكذلك الخسف. وقوله تعالى: "مهلكوها" الضمير لها وفي ضمن ذلك الأهل. وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=58أو معذبوها هو على حذف مضاف، فإنه لا يعذب
[ ص: 501 ] إلا الأهل. وقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=58في الكتاب يريد: في سابق القضاء وما خطه القلم في اللوح المحفوظ. و "المسطور": المكتوب أسطارا.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59وما منعنا أن نرسل بالآيات الآية. هذه العبارة في "منعنا" هي على ظاهر ما تفهم
العرب ، فسمى سبق قضائه بتكذيب من كذب وتعذيبه منعا. و"أن" الأولى في موضع نصب، والثانية في موضع رفع، والتقدير: وما منعنا الإرسال إلا التكذيب.
وسبب هذه الآية أن
قريشا اقترحوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم
الصفا ذهبا، واقترح بعضهم أن يزيل عنهم الجبال حتى يزرعوا الأرض، فأوحى الله تعالى إلى
محمد صلى الله عليه وسلم: إن شئت أن أفعل ذلك لهم، فإن تأخروا عن الإيمان عاجلتهم العقوبة، وإن شئت استأنيت بهم، عسى أن أجتبي منهم مؤمنين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بل تستأني بهم يا رب"، فأخبر الله تعالى في هذه الآية أنه لم يمنعه من إرسال الآيات المقترحة إلا الاستيناء; إذ أنه قد سلفت عادته بمعاجلة الأمم الذين جاءتهم الآية المقترحة فلم يؤمنوا. قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : أخبر تعالى أن موعد كفار هذه الأمة الساعة، لقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=46بل الساعة موعدهم ، فهذه الآية تنظر إلى ذلك.
ثم ذكر الله تعالى أمر ثمود احتجاجا إن قال منهم قائل: نحن كنا نؤمن لو جاءتنا آية اقترحناها ولا نكفر بوجه، فذكر الله تعالى
ثمود، بمعنى: لا تأمنون أن تظلموا بالآية كما ظلمت ثمود بالناقة. وقرأ الجمهور: "ثمود" بغير تنوين، قال
هارون: أهل
الكوفة ينونون (ثمودا) في كل وجه، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11971أبو حاتم : لا تنون العامة والعلماء بالقراءات "ثمود" في وجه من الوجوه، وفي أربعة مواطن ألف مكتوبة، ونحن نقرؤها بغير ألف.
وقوله تعالى: "مبصرة" على جهة النسب، أي: معها إبصار، كما قال سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=12وجعلنا آية النهار مبصرة ، أي: معها إبصار ممن ينظر، وهذا عبارة عن بيان أمرها ووضوح إعجازها. وقرأ قوم: "مبصرة" بضم الميم وفتح الصاد، حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ، ومعناه: متبينة، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : "مبصرة" بفتح الميم والصاد، وهي مفعلة من البصر، ومنه قوله
عنترة: [ ص: 502 ] والكفر مخبثة لنفس المنعم
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59فظلموا بها ، أي: وضعوا الفعل غير موضعه، أي: بعقرها، وقيل: بالكفر في أمرها. ثم أخبر تعالى أنه إنما يرسل بالآيات غير المقترحة تخويفا للعباد، وهي آيات معها إمهال لا معاجلة فمن ذلك الكسوف والرعد والزلزلة وقوس قزح وغير ذلك. قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : والموت الذريع، وروي أن
الكوفة رجفت في مدة
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود فقال: أيها الناس، إن ربكم يستعتبكم فأعتبوه، ومن هذا
nindex.php?page=hadith&LINKID=650988قول النبي صلى الله عليه وسلم في الكسوف: "فافزعوا إلى الصلاة" الحديث، وآيات الله المعتبر بها ثلاثة أقسام: فقسم عام في كل شيء; إذ حيثما وضعت نظرك وجدت آية، وهنا فكرة العلماء، وقسم معتاد غبا كالرعد والكسوف ونحوه، وهنا فكرة الجهلة فقط، وقسم خارق للعادة، وقد انقضى بانقضاء النبوة، وإنما يعتبر به توهما لما سلف منه.
[ ص: 498 ] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=19731_34101_34131_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=56قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلا nindex.php?page=treesubj&link=19995_19999_29693_34085_34143_34144_34513_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=57أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا nindex.php?page=treesubj&link=30451_30452_30525_31749_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=58وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا nindex.php?page=treesubj&link=28752_31788_31846_32445_28988nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا
الَّذِينَ أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَيْسُوا عَبَدَةَ الْأَصْنَامِ، وَإِنَّمَا هُمْ عَبَدَةُ مَنْ يَعْقِلُ، وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ -فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: هِيَ فِي عَبَدَةِ الْعُزَيْرِ وَالْمَسِيحِ وَأَمِّهِ وَنَحْوَهُمْ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا: هِيَ فِي عَبَدَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ وَعُزَيْزِ وَالْمَسِيحِ وَأُمِّهِ وَنَحْوَهُمْ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا،
nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ : هِيَ فِي عَبَدَةِ الْمَلَائِكَةِ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ أَيْضًا: هِيَ فِي عَبَدَةِ شَيَاطِينَ كَانُوا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمَ أُولَئِكَ الشَّيَاطِينُ، و بَقِيَ عَبَدَتُهُمْ يَعْبُدُونَهُمْ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ فِي ذَلِكَ].
فَمَعْنَى الْآيَةِ: قُلْ لِهَؤُلَاءِ الْكَفَرَةِ: ادْعُوَا عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالضُّرِّ هَؤُلَاءِ الْمَعْبُودِينَ، فَإِنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ كَشْفَهُ وَلَا تَحْوِيلَهُ عَنْكُمْ، ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ -عَلَى قِرَاءَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةَ :
[ ص: 499 ] "تَدْعُونَ" بِالتَّاءِ-، أَوْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ: "يَدَّعُونَ" بِالْيَاءِ مِنْ تَحْتٍ- أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمَعْبُودِينَ يَطْلُبُونَ التَّقَرُّبَ إِلَى اللَّهِ وَالتَّزَلُّفَ إِلَيْهِ، وَأَنَّ هَذِهِ حَقِيقَةَ حَالِهِمْ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ : "إِلَى رَبِّكَ". وَالضَّمِيرُ فِي "رَبِّهِمُ" لِلْمُتَّبَعِينَ أَوْ لِلْجَمِيعِ.
nindex.php?page=treesubj&link=28705وَ"الْوَسِيلَةُ" هِيَ الْقُرْبَةُ وَسَبَبُ الْوُصُولِ إِلَى الْبُغْيَةِ ، وَتَوَسُّلُ الرَّجُلِ إِذَا طُلِبَ الدُّنُوِّ وَالنَّيْلَ لِأَمْرٍ مَا، وَقَالَ عَنْتَرَةُ:
إِنَّ الرِّجَالَ لَهُمْ إِلَيْكَ وَسِيلَةٌ
وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=657585 "مَنْ سَأَلَ اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ... الْحَدِيثُ" . وَ"أَيُّهُمُ" ابْتِدَاءٌ، وَ"أَقْرَبُ" خَبَرُهُ، وَ"أُولَئِكَ" يُرَادُ بِهِ الْمَعْبُودُونَ. وَهُوَ ابْتِدَاءٌ خَبَرُهُ "يَبْتَغُونَ" وَالضَّمِيرُ فِي "يَدْعُونَ" لِلْكُفَّارِ، وَفِي "يَبْتَغُونَ" لِلْمَعْبُودِينَ، وَالتَّقْدِيرُ: نَظَرُهُمْ وَوَكْدُهُمْ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ، وَهَذَا كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَدِيثِ الرَّايَةِ
بِخَيْبَرٍ: "فَبَاتَ النَّاسُ يُدُوكُونَ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا"، أَيْ: يَتَبَارَوْنَ فِي طَلَبِ الْقُرْبِ، وَطَفَّفَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَتَأَمَّلْهُ.
[ ص: 500 ] وَقَالَ ابْنُ فَوْرِكِ، وَغَيْرُهُ: إِنَّ الْكَلَامَ مِنْ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=57أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَاجِعٌ إِلَى النَّبِيِّينَ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُمْ، وَ "يَدْعُونَ" -عَلَى هَذَا- مِنَ الدُّعَاءِ بِمَعْنَى الطَّلَبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالضَّمَائِرُ لَهُمْ فِي "يَدْعُونَ" وَفِي "يَبْتَغُونَ". وَبَاقِي الْآيَةِ بَيِّنٌ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=58وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ الْآيَةُ. أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=30525لَيْسَ مَدِينَةٌ مِنَ الْمُدُنِ إِلَّا هِيَ هَالِكَةٌ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ بِالْمَوْتِ وَالْفَنَاءِ، هَذَا مَعَ السَّلَامَةِ وَأَخَذَهَا جُزْءًا، أَوْ هِيَ مُعَذَّبَةٌ مَأْخُوذَةٌ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَهَذَا عُمُومٌ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ، وَ"مِنْ" لِبَيَانِ الْجِنْسِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ الْخُصُوصُ، [وَالتَّقْدِيرُ] وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ ظَالِمَةٍ. وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=15426النَّقَّاشُ أَنَّهُ وُجِدَ فِي كِتَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ اسْتِقْرَاءُ الْبِلَادِ الْمَعْرُوفَةِ الْيَوْمَ، وَذَكَرَ لِهَلَاكِ كُلِّ قُطْرٍ مِنْهَا صِفَةً، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ ذَلِكَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبِ بْنِ مُنَبَّهَ، فَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ هَلَاكَ
الْأَنْدَلُسِ وَخَرَابَهَا يَكُونُ بِسَنَابِكِ الْخَيْلِ وَاخْتِلَافِ الْجُيُوشِ فِيهَا، وَتَرَكَتْ سَائِرَهَا لِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ، وَالْمَعْلُومُ أَنَّ كُلَّ قَرْيَةٍ تَهْلَكُ إِمَّا مِنْ جِهَةِ الْقُحُوطِ وَالْخَسْفِ غَرَقًا، وَإِمَّا مِنْ جِهَةِ الْفِتَنِ، أَوْ مِنْهُمَا، وَصِوَرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، فَأَمَّا مَا هَلَكَ بِالْفِتْنَةِ فَمِنْ ظُلْمٍ وَلَا بُدَّ، إِمَّا فِي كُفْرٍ أَوْ مَعَاصٍ أَوْ تَقْصِيرٍ فِي دِفَاعٍ، وَأَمَّا الْقَحْطُ فَيُصِيبُ اللَّهُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَكَذَلِكَ الْخَسْفُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: "مُهْلِكُوهَا" الضَّمِيرُ لَهَا وَفِي ضِمْنِ ذَلِكَ الْأَهْلُ. وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=58أَوْ مُعَذِّبُوهَا هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، فَإِنَّهُ لَا يُعَذِّبُ
[ ص: 501 ] إِلَّا الْأَهْلُ. وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=58فِي الْكِتَابِ يُرِيدُ: فِي سَابِقِ الْقَضَاءِ وَمَا خَطَّهُ الْقَلَمُ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ. وَ "الْمَسْطُورُ": الْمَكْتُوبُ أَسْطَارًا.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ الْآيَةُ. هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِي "مَنْعِنَا" هِيَ عَلَى ظَاهِرِ مَا تَفْهَمُ
الْعَرَبُ ، فَسَمَّى سَبْقَ قَضَائِهِ بِتَكْذِيبِ مَنْ كَذَّبَ وَتَعْذِيبِهِ مَنْعًا. وَ"أَنِ" الْأُولَى فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، وَالثَّانِيَةُ فِي مَوْضِعِ رَفْعِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَمَا مَنَعْنَا الْإِرْسَالَ إِلَّا التَّكْذِيبُ.
وَسَبَبُ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ
قُرَيْشًا اقْتَرَحُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُجْعَلَ لَهُمُ
الصَّفَا ذَهَبَا، وَاقْتَرَحَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُزِيلَ عَنْهُمُ الْجِبَالَ حَتَّى يَزْرَعُوا الْأَرْضَ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ شِئْتَ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ لَهُمْ، فَإِنْ تَأَخَّرُوا عَنِ الْإِيمَانِ عَاجَلَتْهُمُ الْعُقُوبَةُ، وَإِنْ شِئْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِهِمْ، عَسَى أَنْ أَجْتَبِيَ مِنْهُمْ مُؤْمِنِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَلْ تَسْتَأْنِي بِهِمْ يَا رَبُّ"، فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ إِرْسَالِ الْآيَاتِ الْمُقْتَرَحَةِ إِلَّا الْاسْتِينَاءُ; إِذْ أَنَّهُ قَدْ سَلَفَتْ عَادَتُهُ بِمُعَاجَلَةِ الْأُمَمِ الَّذِينَ جَاءَتْهُمُ الْآيَةُ الْمُقْتَرَحَةُ فَلَمْ يُؤْمِنُوا. قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ مَوْعِدَ كَفَّارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ السَّاعَةُ، لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=46بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ ، فَهَذِهِ الْآيَةُ تَنْظُرُ إِلَى ذَلِكَ.
ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَمْرَ ثَمُودَ احْتِجَاجًا إِنَّ قَالَ مِنْهُمْ قَائِلٌ: نَحْنُ كُنَّا نُؤْمِنُ لَوْ جَاءَتْنَا آيَةٌ اقْتَرَحْنَاهَا وَلَا نَكْفُرُ بِوَجْهٍ، فَذِكْرَ اللَّهُ تَعَالَى
ثَمُودَ، بِمَعْنَى: لَا تَأْمَنُونَ أَنْ تَظْلِمُوا بِالْآيَةِ كَمَا ظَلَمَتْ ثَمُودُ بِالنَّاقَةِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: "ثَمُودَ" بِغَيْرِ تَنْوِينٍ، قَالَ
هَارُونُ: أَهْلُ
الْكُوفَةِ يُنَوِّنُونَ (ثَمُودًا) فِي كُلِّ وَجْهٍ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11971أَبُو حَاتِمٍ : لَا تُنَوِّنُ الْعَامَّةُ وَالْعُلَمَاءُ بِالْقِرَاءَاتِ "ثَمُودَ" فِي وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَفِي أَرْبَعَةُ مُوَاطِنَ أَلِفٌ مَكْتُوبَةٌ، وَنَحْنُ نَقْرَؤُهَا بِغَيْرِ أَلِفٍ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: "مُبْصِرَةً" عَلَى جِهَةِ النَّسَبِ، أَيْ: مَعَهَا إِبْصَارٌ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=12وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً ، أَيْ: مَعَهَا إِبْصَارٌ مِمَّنْ يَنْظُرُ، وَهَذَا عِبَارَةٌ عَنْ بَيَانِ أَمْرِهَا وَوُضُوحِ إِعْجَازِهَا. وَقَرَأَ قَوْمٌ: "مُبْصَرَةً" بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الصَّادِ، حَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ ، وَمَعْنَاهُ: مُتَبَيَِّنَةً، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ : "مَبْصَرَةٌ" بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالصَّادِ، وَهِيَ مَفْعَلَةٌ مِنَ الْبَصَرِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ
عَنْتَرَةَ: [ ص: 502 ] وَالْكُفْرُ مَخْبَثَةٌ لِنَفْسِ الْمُنْعِمِ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=59فَظَلَمُوا بِهَا ، أَيْ: وَضَعُوا الْفِعْلَ غَيْرَ مَوْضِعِهِ، أَيْ: بِعَقْرِهَا، وَقِيلَ: بِالْكُفْرِ فِي أَمْرِهَا. ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ إِنَّمَا يُرْسِلُ بِالْآيَاتِ غَيْرِ الْمُقْتَرَحَةِ تَخْوِيفًا لِلْعِبَادِ، وَهِيَ آيَاتٌ مَعَهَا إِمْهَالٌ لَا مُعَاجَلَةٌ فَمِنْ ذَلِكَ الْكُسُوفُ وَالرَّعْدُ وَالزَّلْزَلَةُ وَقَوْسُ قُزَحٍ وَغَيْرُ ذَلِكَ. قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ : وَالْمَوْتُ الذَّرِيعُ، وَرُوِيَ أَنَّ
الْكُوفَةَ رَجَفَتْ فِي مُدَّةِ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَبَّكُمْ يَسْتَعْتِبُكُمْ فَأَعْتِبُوهُ، وَمِنْ هَذَا
nindex.php?page=hadith&LINKID=650988قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكُسُوفِ: "فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ" الْحَدِيثُ، وَآيَاتُ اللَّهِ الْمُعْتَبَرُ بِهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: فَقِسْمٌ عَامٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ; إِذْ حَيْثُمَا وَضَعْتَ نَظَرَكَ وَجَدْتَ آيَةً، وَهُنَا فِكْرَةُ الْعُلَمَاءِ، وَقِسْمٌ مُعْتَادٌ غِبًّا كَالرَّعْدِ وَالْكُسُوفِ وَنَحْوَهُ، وَهُنَا فِكْرَةُ الْجَهَلَةِ فَقَطْ، وَقِسْمٌ خَارِقٌ لِلْعَادَةِ، وَقَدِ انْقَضَى بِانْقِضَاءِ النُّبُوَّةِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ بِهِ تَوَهَّمَا لِمَا سَلَفَ مِنْهُ.