nindex.php?page=treesubj&link=18467_31956_31971_33144_33147_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=15ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين nindex.php?page=treesubj&link=31971_31972_32445_33147_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=16وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين nindex.php?page=treesubj&link=31971_31972_34107_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=17وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون nindex.php?page=treesubj&link=31971_31972_32445_34245_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=18حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون nindex.php?page=treesubj&link=31971_32063_32456_33147_33177_34513_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=19فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين nindex.php?page=treesubj&link=31972_34240_34445_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=20وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين nindex.php?page=treesubj&link=31971_31972_33528_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=21لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين nindex.php?page=treesubj&link=31972_34453_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=22فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين nindex.php?page=treesubj&link=31972_32006_34453_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=23إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم nindex.php?page=treesubj&link=30549_30554_34106_34111_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=24وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون nindex.php?page=treesubj&link=1886_1900_28662_31970_34091_34189_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=25ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون nindex.php?page=treesubj&link=28639_28657_28662_34189_34513_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=26الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم nindex.php?page=treesubj&link=33528_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=27قال سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين nindex.php?page=treesubj&link=31969_32022_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=28اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون nindex.php?page=treesubj&link=31969_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=29قالت يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم nindex.php?page=treesubj&link=28723_28971_31969_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=30إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم nindex.php?page=treesubj&link=28639_31969_31970_34189_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=31ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين nindex.php?page=treesubj&link=33532_34486_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=32قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون nindex.php?page=treesubj&link=33532_34486_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=33قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين nindex.php?page=treesubj&link=31969_32516_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=34قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون nindex.php?page=treesubj&link=31969_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=35وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون nindex.php?page=treesubj&link=28752_31969_31971_31972_33537_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=36فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون nindex.php?page=treesubj&link=28752_31969_31972_34190_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=37ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون nindex.php?page=treesubj&link=31969_31972_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=38قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين nindex.php?page=treesubj&link=31969_31972_34107_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=39قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين nindex.php?page=treesubj&link=18467_19605_28723_30489_31969_34149_34308_34336_34513_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=40قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم nindex.php?page=treesubj&link=31969_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=41قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون nindex.php?page=treesubj&link=31969_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين nindex.php?page=treesubj&link=31969_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=43وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين nindex.php?page=treesubj&link=28639_28657_31969_31970_31972_34189_34513_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=44قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين [ ص: 1244 ] (15) يذكر في هذا القرآن وينوه بمنته على
داود وسليمان ابنه بالعلم الواسع الكثير؛ بدليل التنكير؛ كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=78وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=79ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما الآية.
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=15وقالا شاكرين لربهما منته الكبرى بتعليمهما:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=15الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين فحمدا الله على جعلهما من المؤمنين أهل السعادة، وأنهما كانا من خواصهم.
ولا شك أن المؤمنين أربع درجات: الصالحون، ثم فوقهم الشهداء، ثم فوقهم الصديقون، ثم فوقهم الأنبياء،
وداود وسليمان من خواص الرسل وإن كانوا دون درجة أولي العزم الخمسة، لكنهم من جملة الرسل الفضلاء الكرام، الذين نوه الله بذكرهم ومدحهم في كتابه مدحا عظيما، فحمدوا الله على بلوغ هذه المنزلة، وهذا عنوان سعادة العبد: أن يكون شاكرا لله على نعمه الدينية والدنيوية، وأن يرى جميع النعم من ربه، فلا يفخر بها ولا يعجب بها، بل يرى أنها تستحق عليه شكرا كثيرا.
[ ص: 1245 ] (6) فلما مدحهما مشتركين خص
سليمان بما خصه به؛ لكون الله أعطاه ملكا عظيما، وصار له من الماجريات ما لم يكن لأبيه - صلى الله عليهما وسلم - فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=16وورث سليمان داود ؛ أي: ورث علمه ونبوته فانضم علم أبيه إلى علمه، فلعله تعلم من أبيه ما عنده من العلم مع ما كان عليه من العلم وقت أبيه، كما تقدم من قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=79ففهمناها سليمان ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=16وقال شكرا لله وتبجحا بإحسانه وتحدثا بنعمته:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=16يا أيها الناس علمنا منطق الطير فكان عليه الصلاة والسلام يفقه ما تقول وتتكلم به، كما راجع الهدهد وراجعه، وكما فهم قول النملة للنمل كما يأتي، وهذا لم يكن لأحد غير
سليمان عليه الصلاة والسلام،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=16وأوتينا من كل شيء أي: أعطانا الله من النعم ومن أسباب الملك ومن السلطنة والقهر ما لم يؤته أحدا من الآدميين، ولهذا دعا ربه فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=35وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي فسخر الله له الشياطين، يعملون له كل ما شاء من الأعمال التي يعجز عنها غيرهم، وسخر له الريح غدوها شهر ورواحها شهر،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=16إن هذا الذي أعطانا الله وفضلنا واختصنا به
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=16لهو الفضل المبين الواضح الجلي، فاعترف أكمل اعتراف بنعمة الله تعالى.
(17)
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=17وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون أي: جمع له جنوده الكثيرة الهائلة المتنوعة من بني
آدم، ومن الجن والشياطين، ومن الطيور
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=17فهم يوزعون ، يدبرون، ويرد أولهم على آخرهم، وينظمون غاية التنظيم في سيرهم ونزولهم وحلهم وترحالهم، قد استعد لذلك وأعد له عدته، وكل هذه الجنود مؤتمرة بأمره لا تقدر على عصيانه، ولا تتمرد عنه، قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=39هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك أي: أعط بغير حساب. (18) فسار بهذه الجنود الضخمة في بعض أسفاره
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=18حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة منبهة لرفقتها وبني جنسها:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=18يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون فنصحت هذه النملة وأسمعت النمل، إما بنفسها، ويكون الله قد أعطى النمل أسماعا خارقة للعادة؛ لأن التنبيه للنمل الذي قد ملأ الوادي بصوت نملة واحدة من أعجب العجائب، وإما بأنها أخبرت من حولها من النمل ثم سرى الخبر من بعضهن لبعض، حتى بلغ الجميع، وأمرتهن بالحذر والطريق في ذلك، وهو دخول مساكنهن.
وعرفت حالة
سليمان وجنوده وعظمة سلطانه، واعتذرت عنهم أنهم إن حطموكم فليس عن قصد منهم ولا شعور. (19) فسمع
سليمان - عليه الصلاة والسلام - قولها وفهمه،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=19فتبسم ضاحكا من قولها ؛ إعجابا منه بفصاحتها ونصحها وحسن تعبيرها، وهذا
nindex.php?page=treesubj&link=30981_30173_31972حال الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - الأدب الكامل، والتعجب في موضعه، وأن لا يبلغ بهم الضحك إلا إلى التبسم، كما كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - جل ضحكه التبسم، فإن القهقهة تدل على خفة العقل وسوء الأدب، وعدم التبسم والعجب مما يتعجب منه يدل على شراسة الخلق والجبروت، والرسل منزهون عن ذلك.
وقال شاكرا لله الذي أوصله إلى هذه الحال:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=19رب أوزعني أي: ألهمني ووفقني
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=19أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي فإن النعمة على الوالدين نعمة على الولد، فسأل ربه التوفيق للقيام بشكر نعمته الدينية والدنيوية عليه وعلى والديه،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=19وأن أعمل صالحا ترضاه أي: ووفقني أن أعمل صالحا ترضاه؛ لكونه موافقا لأمرك مخلصا فيه، سالما من المفسدات والمنقصات،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=19وأدخلني برحمتك التي منها الجنة
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=19في جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=19عبادك الصالحين فإن
nindex.php?page=treesubj&link=19962الرحمة مجعولة للصالحين على اختلاف درجاتهم ومنازلهم، فهذا نموذج ذكره الله من حالة
سليمان عند سماع خطاب النملة ونداءها.
(20) ثم ذكر نموذجا آخر من مخاطبته للطير فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=20وتفقد الطير دل هذا على كمال عزمه وحزمه وحسن تنظيمه لجنوده وتدبيره بنفسه للأمور الصغار والكبار، حتى إنه لم يهمل هذا الأمر، وهو تفقد الطيور، والنظر هل هي موجودة كلها أم مفقود منها شيء؟ وهذا هو المعنى للآية. ولم يصنع شيئا من قال: إنه تفقد الطير لينظر أين الهدهد منها ليدله على بعد الماء وقربه، كما زعموا عن الهدهد أنه يبصر الماء تحت الأرض الكثيفة، فإن هذا القول لا يدل عليه دليل، بل الدليل العقلي واللفظي دال على بطلانه: أما العقلي فإنه قد عرف بالعادة والتجارب والمشاهدات أن هذه الحيوانات كلها ليس منها شيء يبصر هذا البصر الخارق للعادة، وينظر الماء تحت الأرض الكثيفة، ولو كان كذلك لذكره الله؛ لأنه من أكبر الآيات.
وأما الدليل اللفظي: فلو أريد هذا المعنى لقال: "وطلب الهدهد لينظر له الماء فلما فقده قال ما قال" أو: "ففتش عن الهدهد" أو: "بحث عنه" ونحو ذلك من العبارات، وإنما تفقد الطير؛ لينظر الحاضر منها والغائب، ولزومها للمراكز والمواضع التي عينها لها، وأيضا: فإن
سليمان - عليه
[ ص: 1247 ] السلام - لا يحتاج ولا يضطر إلى الماء بحيث يحتاج لهندسة الهدهد، فإن عنده من الشياطين والعفاريت ما يحفرون له الماء، ولو بلغ في العمق ما بلغ، وسخر الله له الريح غدوها شهر ورواحها شهر، فكيف - مع ذلك- يحتاج إلى الهدهد؟!
وهذه التفاسير التي توجد وتشتهر بها أقوال لا يعرف غيرها تنقل هذه الأقوال عن بني إسرائيل مجردة، ويغفل الناقل عن مناقضتها للمعاني الصحيحة وتطبيقها على الأقوال، ثم لا تزال تتناقل وينقلها المتأخر مسلما للمتقدم حتى يظن أنها الحق، فيقع من الأقوال الردية في التفاسير ما يقع، واللبيب الفطن يعرف أن هذا القرآن الكريم العربي المبين الذي خاطب الله به الخلق كلهم عالمهم وجاهلهم، وأمرهم بالتفكر في معانيه، وتطبيقها على ألفاظه العربية المعروفة المعاني، التي لا تجهلها العرب العرباء، وإذا وجد أقوالا منقولة عن غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ردها إلى هذا الأصل، فإن وافقته قبلها؛ لكون اللفظ دالا عليها، وإن خالفته لفظا ومعنى أو لفظا أو معنى ردها وجزم ببطلانها؛ لأن عنده أصلا معلوما مناقضا لها، وهو ما يعرفه من معنى الكلام ودلالته.
والشاهد أن تفقد
سليمان - عليه السلام - للطير، وفقده الهدهد يدل على كمال حزمه وتدبيره للملك بنفسه وكمال فطنته حتى فقد هذا الطائر الصغير
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=20فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين أي: هل عدم رؤيتي إياه لقلة فطنتي به لكونه خفيا بين هذه الأمم الكثيرة؟ أم على بابها بأن كان غائبا من غير إذني ولا أمري؟!
(21) فحينئذ تغيظ عليه وتوعده فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=21لأعذبنه عذابا شديدا دون القتل،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=21أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين أي: حجة واضحة على تخلفه، وهذا من كمال ورعه وإنصافه أنه لم يقسم على مجرد عقوبته بالعذاب أو القتل؛ لأن ذلك لا يكون إلا من ذنب، وغيبته قد تحتمل أنها لعذر واضح فلذلك استثناه لورعه وفطنته.
(22)
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=22فمكث غير بعيد ثم جاء، وهذا يدل على هيبة جنوده منه وشدة ائتمارهم لأمره، حتى إن هذا الهدهد الذي خلفه العذر الواضح لم يقدر على التخلف زمنا كثيرا،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=22فقال لسليمان:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=22أحطت بما لم تحط به أي: عندي من العلم علم ما أحطت به على علمك الواسع وعلو درجتك فيه،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=22وجئتك من سبإ القبيلة المعروفة في
اليمن nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=22بنبإ يقين أي: خبر متيقن.
(23) ثم فسر هذا النبأ فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=23إني وجدت امرأة تملكهم أي: تملك قبيلة
[ ص: 1248 ] سبأ، وهي امرأة
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=23وأوتيت من كل شيء يؤتاه الملوك من الأموال والسلاح والجنود والحصون والقلاع ونحو ذلك،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=23ولها عرش عظيم أي: كرسي ملكها الذي تجلس عليه عرش هائل، وعظم العروش تدل على عظمة المملكة وقوة السلطان وكثرة رجال الشورى.
(24)
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=24وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله أي: هم مشركون يعبدون الشمس.
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=24وزين لهم الشيطان أعمالهم فرأوا ما عليه هو الحق،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=24فهم لا يهتدون لأن الذي يرى أن الذي عليه حق لا مطمع في هدايته حتى تتغير عقيدته.
(25) ثم قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=25ألا أي: هلا
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=25يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض أي: يعلم الخفي الخبيء في أقطار السماوات وأنحاء الأرض، من صغار المخلوقات وبذور النباتات وخفايا الصدور، ويخرج خبء الأرض والسماء بإنزال المطر وإنبات النباتات، ويخرج خبء الأرض عند النفخ في الصور وإخراج الأموات من الأرض ليجازيهم بأعمالهم
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=25ويعلم ما تخفون وما تعلنون .
(26)
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=26الله لا إله إلا هو أي:
nindex.php?page=treesubj&link=28663لا تنبغي العبادة والإنابة والذل والحب إلا له؛ لأنه المألوه لما له من الصفات الكاملة والنعم الموجبة لذلك nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=26رب العرش العظيم الذي هو سقف المخلوقات ووسع الأرض والسماوات، فهذا الملك عظيم السلطان كبير الشأن، هو الذي يذل له ويخضع ويسجد له ويركع. (27 - 28) فسلم الهدهد حين ألقى إليه هذا النبأ العظيم وتعجب سليمان كيف خفي عليه، وقال مثبتا لكمال عقله ورزانته:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=27سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=28اذهب بكتابي هذا وسيأتي نصه
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=28فألقه إليهم ثم تول عنهم أي: استأخر غير بعيد
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=28فانظر ماذا يرجعون إليك وما يتراجعون به
(29 - 31) فذهب به، فألقاه عليها، فقالت لقومها:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=29إني ألقي إلي كتاب كريم أي: جليل المقدار من أكبر ملوك الأرض، ثم بينت مضمونه فقالت:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=30إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=31ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين أي: لا تكونوا فوقي، بل اخضعوا تحت سلطاني، وانقادوا لأوامري، وأقبلوا إلي مسلمين، وهذا في غاية الوجازة مع البيان التام؛ فإنه تضمن نهيه عن
[ ص: 1249 ] العلو عليه والبقاء على حالهم التي هم عليها، والانقياد لأمره، والدخول تحت طاعته، ومجيئهم إليه، ودعوتهم إلى الإسلام، وفيه
nindex.php?page=treesubj&link=28971استحباب ابتداء الكتب بالبسملة كاملة، وتقديم الاسم في أول عنوان الكتاب. (32 - 33) فمن حزمها وعقلها أن جمعت كبار دولتها ورجال مملكتها وقالت:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=32يا أيها الملأ أفتوني في أمري أي: أخبروني ماذا نجيبه به؟! وهل ندخل تحت طاعته وننقاد؟! أم ماذا نفعل؟!
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=32ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون أي: ما كنت مستبدة بأمر دون رأيكم ومشورتكم،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=33قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد أي: إن رددت عليه قوله ولم تدخلي في طاعته فإنا أقوياء على القتال، فكأنهم مالوا إلى هذا الرأي الذي لو تم لكان فيه دمارهم، ولكنهم أيضا لم يستقروا عليه بل قالوا:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=33والأمر إليك أي: الرأي ما رأيت؛ لعلمهم بعقلها وحزمها ونصحها لهم
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=33فانظري نظر فكر وتدبر
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=33ماذا تأمرين .
(34 - 35) فقالت لهم -مقنعة لهم عن رأيهم ومبينة سوء مغبة القتال-:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=34إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها قتلا وأسرا ونهبا لأموالها، وتخريبا لديارها،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=34وجعلوا أعزة أهلها أذلة أي: جعلوا الرؤساء السادة أشراف الناس من الأرذلين، أي: فهذا رأي غير سديد، وأيضا فلست بمطيعة له قبل الاختبار وإرسال من يكشف عن أحواله ويتدبرها، وحينئذ نكون على بصيرة من أمرنا.
فقالت:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=35وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون منه؛ هل يستمر على رأيه وقوله؟ أم تخدعه الهدية وتبدل فكرته، وكيف أحواله وجنوده؟! (36) فأرسلت إليه بهدية مع رسل من عقلاء قومها وذوي الرأي منهم،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=36فلما جاء سليمان أي: جاءه الرسل بالهدية
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=36قال منكرا عليهم ومتغيظا على عدم إجابتهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=36أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم فليست تقع عندي موقعا ولا أفرح بها، قد أغناني الله عنها وأكثر علي النعم،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=36بل أنتم بهديتكم تفرحون لحبكم للدنيا وقلة ما بأيديكم بالنسبة لما أعطاني الله.
(37) ثم أوصى الرسول من غير كتاب؛ لما رأى من عقله وأنه سينقل كلامه على وجهه، فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=37ارجع إليهم أي: بهديتك
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=37فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم أي: لا طاقة لهم
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=37بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون فرجع إليهم
[ ص: 1250 ] وأبلغهم ما قال
سليمان، وتجهزوا للمسير إلى
سليمان. (38 - 40) وعلم
سليمان أنهم لا بد أن يسيروا إليه، فقال لمن حضره من الجن والإنس:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=38أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين أي: لأجل أن نتصرف فيه قبل أن يسلموا فتكون أموالهم محترمة،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=39قال عفريت من الجن والعفريت: هو القوي النشيط جدا:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=39أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين والظاهر أن
سليمان إذ ذاك في
الشام، فيكون بينه وبين
سبأ نحو مسيرة أربعة أشهر، شهران ذهابا وشهران إيابا، ومع ذلك يقول هذا العفريت: أنا ألتزم بالمجيء به على كبره وثقله وبعده قبل أن تقوم من مجلسك الذي أنت فيه، والمعتاد من المجالس الطويلة أن تكون معظم الضحى، نحو ثلث يوم، هذا نهاية المعتاد، وقد يكون دون ذلك أو أكثر، وهذا الملك العظيم الذي عند آحاد رعيته هذه القوة والقدرة. وأبلغ من ذلك أن
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=40قال الذي عنده علم من الكتاب قال المفسرون: هو رجل عالم صالح عند
سليمان، يقال له:
"آصف بن برخيا" كان يعرف اسم الله الأعظم، الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=40أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك بأن يدعو الله بذلك الاسم، فيحضر حالا، وأنه دعا الله فحضر، فالله أعلم، هل هذا المراد أم أن عنده علما من الكتاب يقتدر به على جلب البعيد وتحصيل الشديد؟!
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=40فلما رآه سليمان
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=40مستقرا عنده حمد الله تعالى على أقداره وملكه وتيسير الأمور له و
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=40قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر أي: ليختبرني بذلك، فلم يغتر - عليه السلام - بملكه وسلطانه وقدرته كما هو دأب الملوك الجاهلين، بل علم أن ذلك اختبار من ربه، فخاف أن لا يقوم بشكر هذه النعمة، ثم بين أن هذا
nindex.php?page=treesubj&link=19607_19614الشكر لا ينتفع الله به، وإنما يرجع نفعه إلى صاحبه فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=40ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم غني عن أعماله، كريم كثير الخير، يعم به الشاكر والكافر، إلا أن شكر نعمه داع للمزيد منها، وكفرها داع لزوالها. (41) ثم قال لمن عنده:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=41نكروا لها عرشها أي: غيروه بزيادة ونقص ونحو ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=41ننظر مختبرين لعقلها
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=41أتهتدي للصواب، ويكون عندها
[ ص: 1251 ] ذكاء وفطنة تليق بملكها
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=41أم تكون من الذين لا يهتدون .
(42)
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42فلما جاءت قادمة على سليمان، عرض عليها عرشها، وكان عهدها به قد خلفته في بلدها، و
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42قيل لها
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42أهكذا عرشك أي: أنه استقر عندنا أن لك عرشا عظيما فهل هو كهذا العرش الذي أحضرناه لك؟
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42قالت كأنه هو وهذا من ذكائها وفطنتها لم تقل: "هو" لوجود التغيير فيه والتنكير ولم تنف أنه هو؛ لأنها عرفته، فأتت بلفظ محتمل للأمرين، صادق على الحالين. فقال سليمان متعجبا من هدايتها وعقلها وشاكرا لله أن أعطاه أعظم منها:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42وأوتينا العلم من قبلها أي: الهداية والعقل والحزم من قبل هذه الملكة،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42وكنا مسلمين وهي الهداية النافعة الأصلية.
ويحتمل أن هذا من قول ملكة
سبأ: "وأوتينا العلم عن ملك
سليمان وسلطانه وزيادة اقتداره من قبل هذه الحالة التي رأينا فيها قدرته على إحضار العرش من المسافة البعيدة، فأذعنا له وجئنا مسلمين له خاضعين لسلطانه".
(43) قال الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=43وصدها ما كانت تعبد من دون الله أي: عن الإسلام، وإلا فلها من الذكاء والفطنة ما به تعرف الحق من الباطل، ولكن العقائد الباطلة تذهب بصيرة القلب،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=43إنها كانت من قوم كافرين فاستمرت على دينهم، وانفراد الواحد عن أهل الدين والعادة المستمرة بأمر يراه بعقله من ضلالهم وخطئهم من أندر ما يكون، فلهذا لا يستغرب بقاؤها على الكفر، ثم إن
سليمان أراد أن ترى من سلطانه ما يبهر العقول، فأمرها أن تدخل الصرح، وهو المجلس المرتفع المتسع، وكان مجلسا من قوارير تجري تحته الأنهار،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=44قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة ماء؛ لأن القوارير شفافة، يرى الماء الذي تحتها كأنه بذاته يجري ليس دونه شيء،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=44وكشفت عن ساقيها للخياضة، وهذا أيضا من عقلها وأدبها، فإنها لم تمتنع من الدخول للمحل الذي أمرت بدخوله؛ لعلمها أنها لم تستدع إلا للإكرام، وأن ملك
سليمان وتنظيمه قد بناه على الحكمة، ولم يكن في قلبها أدنى شك من حالة السوء بعدما رأت ما رأت.
فلما استعدت للخوض قيل لها:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=44إنه صرح ممرد أي: مملس
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=44من قوارير فلا حاجة منك لكشف الساقين، فحينئذ لما وصلت إلى
سليمان وشاهدت ما
[ ص: 1252 ] شاهدت، وعلمت نبوته ورسالته تابت ورجعت عن كفرها، و
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=44قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين .
فهذا ما قصه الله علينا من قصة ملكة
سبأ، وما جرى لها مع
سليمان، وما عدا ذلك من الفروع المولدة والقصص الإسرائيلية فإنه لا يتعلق بالتفسير لكلام الله، وهو من الأمور التي يقف الجزم بها على الدليل المعلوم عن المعصوم، والمنقولات في هذا الباب كلها أو أكثرها ليس كذلك، فالحزم كل الحزم الإعراض عنها وعدم إدخالها في التفاسير، والله أعلم.
nindex.php?page=treesubj&link=18467_31956_31971_33144_33147_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=15وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=treesubj&link=31971_31972_32445_33147_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=16وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ nindex.php?page=treesubj&link=31971_31972_34107_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=17وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ nindex.php?page=treesubj&link=31971_31972_32445_34245_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=18حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ nindex.php?page=treesubj&link=31971_32063_32456_33147_33177_34513_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=19فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ nindex.php?page=treesubj&link=31972_34240_34445_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=20وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ nindex.php?page=treesubj&link=31971_31972_33528_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=21لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ nindex.php?page=treesubj&link=31972_34453_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=22فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ nindex.php?page=treesubj&link=31972_32006_34453_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=23إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ nindex.php?page=treesubj&link=30549_30554_34106_34111_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=24وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ nindex.php?page=treesubj&link=1886_1900_28662_31970_34091_34189_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=25أَلا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ nindex.php?page=treesubj&link=28639_28657_28662_34189_34513_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=26اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ nindex.php?page=treesubj&link=33528_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=27قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ nindex.php?page=treesubj&link=31969_32022_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=28اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ nindex.php?page=treesubj&link=31969_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=29قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ nindex.php?page=treesubj&link=28723_28971_31969_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=30إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ nindex.php?page=treesubj&link=28639_31969_31970_34189_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=31أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ nindex.php?page=treesubj&link=33532_34486_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=32قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ nindex.php?page=treesubj&link=33532_34486_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=33قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ nindex.php?page=treesubj&link=31969_32516_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=34قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ nindex.php?page=treesubj&link=31969_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=35وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ nindex.php?page=treesubj&link=28752_31969_31971_31972_33537_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=36فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ nindex.php?page=treesubj&link=28752_31969_31972_34190_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=37ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ nindex.php?page=treesubj&link=31969_31972_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=38قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ nindex.php?page=treesubj&link=31969_31972_34107_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=39قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ nindex.php?page=treesubj&link=18467_19605_28723_30489_31969_34149_34308_34336_34513_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=40قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ nindex.php?page=treesubj&link=31969_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=41قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ nindex.php?page=treesubj&link=31969_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ nindex.php?page=treesubj&link=31969_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=43وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ nindex.php?page=treesubj&link=28639_28657_31969_31970_31972_34189_34513_28998nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=44قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [ ص: 1244 ] (15) يَذْكُرُ فِي هَذَا الْقُرْآنِ وَيُنَوِّهُ بِمِنَّتِهِ عَلَى
دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ ابْنِهِ بِالْعِلْمِ الْوَاسِعِ الْكَثِيرِ؛ بِدَلِيلِ التَّنْكِيرِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=78وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=79فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا الْآيَةَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=15وَقَالا شَاكِرِينَ لِرَبِّهِمَا مِنَّتَهُ الْكُبْرَى بِتَعْلِيمِهِمَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=15الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فَحَمِدَا اللَّهَ عَلَى جَعْلِهِمَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَنَّهُمَا كَانَا مِنْ خَوَاصِّهِمْ.
وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرْبَعُ دَرَجَاتٍ: الصَّالِحُونَ، ثُمَّ فَوْقَهُمُ الشُّهَدَاءُ، ثُمَّ فَوْقَهُمُ الصِّدِّيقُونَ، ثُمَّ فَوْقَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ،
وَدَاوُدُ وَسُلَيْمَانُ مِنْ خَوَاصِّ الرُّسُلِ وَإِنْ كَانُوا دُونَ دَرَجَةِ أُولِي الْعَزْمِ الْخَمْسَةِ، لَكِنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الرُّسُلِ الْفُضَلَاءِ الْكِرَامِ، الَّذِينَ نَوَّهَ اللَّهُ بِذِكْرِهِمْ وَمَدْحِهِمْ فِي كِتَابِهِ مَدْحًا عَظِيمًا، فَحَمِدُوا اللَّهَ عَلَى بُلُوغِ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ، وَهَذَا عُنْوَانُ سَعَادَةِ الْعَبْدِ: أَنْ يَكُونَ شَاكِرًا لِلَّهِ عَلَى نِعَمِهِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ، وَأَنْ يَرَى جَمِيعَ النِّعَمِ مِنْ رَبِّهِ، فَلَا يَفْخَرُ بِهَا وَلَا يُعْجَبُ بِهَا، بَلْ يَرَى أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شُكْرًا كَثِيرًا.
[ ص: 1245 ] (6) فَلَمَّا مَدَحَهُمَا مُشْتَرَكَيْنِ خَصَّ
سُلَيْمَانَ بِمَا خَصَّهُ بِهِ؛ لِكَوْنِ اللَّهِ أَعْطَاهُ مُلْكًا عَظِيمًا، وَصَارَ لَهُ مِنَ الْمَاجْرِيَاتُ مَا لَمْ يَكُنْ لِأَبِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ - فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=16وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ ؛ أَيْ: وَرِثَ عِلْمَهُ وَنُبُوَّتَهُ فَانْضَمَّ عِلْمُ أَبِيهِ إِلَى عِلْمِهِ، فَلَعَلَّهُ تَعَلَّمَ مِنْ أَبِيهِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ مَعَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْعِلْمِ وَقْتَ أَبِيهِ، كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=79فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=16وَقَالَ شُكْرًا لِلَّهِ وَتَبَجُّحًا بِإِحْسَانِهِ وَتَحَدُّثًا بِنِعْمَتِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=16يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ فَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَفْقَهُ مَا تَقُولُ وَتَتَكَلَّمُ بِهِ، كَمَا رَاجَعَ الْهُدْهُدَ وَرَاجَعَهُ، وَكَمَا فَهِمَ قَوْلَ النَّمْلَةِ لِلنَّمْلِ كَمَا يَأْتِي، وَهَذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ غَيْرِ
سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=16وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَيْ: أَعْطَانَا اللَّهُ مِنَ النِّعَمِ وَمِنْ أَسْبَابِ الْمُلْكِ وَمِنَ السَّلْطَنَةِ وَالْقَهْرِ مَا لَمْ يُؤْتِهِ أَحَدًا مِنَ الْآدَمِيِّينَ، وَلِهَذَا دَعَا رَبَّهُ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=35وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي فَسَخَّرَ اللَّهُ لَهُ الشَّيَاطِينَ، يَعْمَلُونَ لَهُ كُلَّ مَا شَاءَ مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي يَعْجِزُ عَنْهَا غَيْرُهُمْ، وَسَخَّرَ لَهُ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=16إِنَّ هَذَا الَّذِي أَعْطَانَا اللَّهُ وَفَضَّلَنَا وَاخْتَصَّنَا بِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=16لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ الْوَاضِحُ الْجَلِيُّ، فَاعْتَرَفَ أَكْمَلَ اعْتِرَافٍ بِنِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
(17)
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=17وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ أَيْ: جُمِعَ لَهُ جُنُودُهُ الْكَثِيرَةُ الْهَائِلَةُ الْمُتَنَوِّعَةُ مِنْ بَنِي
آدَمَ، وَمِنَ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ، وَمِنَ الطُّيُورِ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=17فَهُمْ يُوزَعُونَ ، يُدَبَّرُونَ، وَيَرِدُ أَوَّلُهُمْ عَلَى آخِرِهِمْ، وَيُنَظَّمُونَ غَايَةَ التَّنْظِيمِ فِي سَيْرِهِمْ وَنُزُولِهِمْ وَحَلِّهِمْ وَتَرْحَالِهِمْ، قَدِ اسْتَعَدَّ لِذَلِكَ وَأَعَدَّ لَهُ عُدَّتَهُ، وَكُلُّ هَذِهِ الْجُنُودِ مُؤْتَمِرَةٌ بِأَمْرِهِ لَا تَقْدِرُ عَلَى عِصْيَانِهِ، وَلَا تَتَمَرَّدُ عَنْهُ، قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=39هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ أَيْ: أَعْطِ بِغَيْرِ حِسَابٍ. (18) فَسَارَ بِهَذِهِ الْجُنُودِ الضَّخْمَةِ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=18حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ مُنَبِّهَةٌ لِرُفْقَتِهَا وَبَنِي جِنْسِهَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=18يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ فَنَصَحَتْ هَذِهِ النَّمْلَةُ وَأَسْمَعَتِ النَّمْلَ، إِمَّا بِنَفْسِهَا، وَيَكُونُ اللَّهُ قَدْ أَعْطَى النَّمْلَ أَسْمَاعًا خَارِقَةً لِلْعَادَةِ؛ لِأَنَّ التَّنْبِيهَ لِلنَّمْلِ الَّذِي قَدْ مَلَأَ الْوَادِيَ بِصَوْتِ نَمْلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ أَعْجَبِ الْعَجَائِبِ، وَإِمَّا بِأَنَّهَا أَخْبَرَتْ مَنْ حَوْلَهَا مِنَ النَّمْلِ ثُمَّ سَرَى الْخَبَرُ مِنْ بَعْضِهِنَّ لِبَعْضٍ، حَتَّى بَلَغَ الْجَمِيعَ، وَأَمَرَتْهُنَّ بِالْحَذَرِ وَالطَّرِيقِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ دُخُولُ مَسَاكِنِهِنَّ.
وَعَرَفَتْ حَالَةَ
سُلَيْمَانَ وَجُنُودِهِ وَعَظْمَةَ سُلْطَانِهِ، وَاعْتَذَرَتْ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ إِنْ حَطَّمُوكُمْ فَلَيْسَ عَنْ قَصْدٍ مِنْهُمْ وَلَا شُعُورٍ. (19) فَسَمِعَ
سُلَيْمَانُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَوْلَهَا وَفَهِمَهُ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=19فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا ؛ إِعْجَابًا مِنْهُ بِفَصَاحَتِهَا وَنُصْحِهَا وَحُسْنِ تَعْبِيرِهَا، وَهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=30981_30173_31972حَالُ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الْأَدَبُ الْكَامِلُ، وَالتَّعَجُّبُ فِي مَوْضِعِهِ، وَأَنْ لَا يَبْلُغَ بِهِمُ الضَّحِكُ إِلَّا إِلَى التَّبَسُّمِ، كَمَا كَانَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جُلُّ ضَحِكِهِ التَّبَسُّمُ، فَإِنَّ الْقَهْقَهَةَ تَدُلُّ عَلَى خِفَّةِ الْعَقْلِ وَسُوءِ الْأَدَبِ، وَعَدَمَ التَّبَسُّمِ وَالْعَجَبِ مِمَّا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى شَرَاسَةِ الْخُلُقِ وَالْجَبَرُوتِ، وَالرُّسُلُ مُنَزَّهُونَ عَنْ ذَلِكَ.
وَقَالَ شَاكِرًا لِلَّهِ الَّذِي أَوْصَلَهُ إِلَى هَذِهِ الْحَالِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=19رَبِّ أَوْزِعْنِي أَيْ: أَلْهِمْنِي وَوَفِّقْنِي
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=19أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ فَإِنَّ النِّعْمَةَ عَلَى الْوَالِدَيْنِ نِعْمَةٌ عَلَى الْوَلَدِ، فَسَأَلَ رَبَّهُ التَّوْفِيقَ لِلْقِيَامِ بِشُكْرِ نِعْمَتِهِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ عَلَيْهِ وَعَلَى وَالِدَيْهِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=19وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ أَيْ: وَوَفِّقْنِي أَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ؛ لِكَوْنِهِ مُوَافِقًا لِأَمْرِكَ مُخْلَصًا فِيهِ، سَالِمًا مِنَ الْمُفْسِدَاتِ وَالْمُنْقِصَاتِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=19وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ الَّتِي مِنْهَا الْجَنَّةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=19فِي جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=19عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19962الرَّحْمَةَ مَجْعُولَةً لِلصَّالِحِينَ عَلَى اخْتِلَافِ دَرَجَاتِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ، فَهَذَا نَمُوذَجٌ ذَكَرَهُ اللَّهُ مِنْ حَالَةِ
سُلَيْمَانَ عِنْدَ سَمَاعِ خِطَابِ النَّمْلَةِ وَنِدَاءِهَا.
(20) ثُمَّ ذَكَرَ نَمُوذَجًا آخَرَ مِنْ مُخَاطَبَتِهِ لِلطَّيْرِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=20وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ دَلَّ هَذَا عَلَى كَمَالِ عَزْمِهِ وَحَزْمِهِ وَحُسْنِ تَنْظِيمِهِ لِجُنُودِهِ وَتَدْبِيرِهِ بِنَفْسِهِ لِلْأُمُورِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ، حَتَّى إِنَّهُ لَمْ يُهْمِلْ هَذَا الْأَمْرَ، وَهُوَ تَفَقُّدُ الطُّيُورُ، وَالنَّظَرُ هَلْ هِيَ مَوْجُودَةٌ كُلُّهَا أَمْ مَفْقُودٌ مِنْهَا شَيْءٌ؟ وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى لِلْآيَةِ. وَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا مَنْ قَالَ: إِنَّهُ تَفَقَّدَ الطَّيْرَ لِيَنْظُرَ أَيْنَ الْهُدْهُدُ مِنْهَا لِيَدُلَّهُ عَلَى بُعْدِ الْمَاءِ وَقُرْبِهِ، كَمَا زَعَمُوا عَنِ الْهُدْهُدِ أَنَّهُ يُبْصِرُ الْمَاءَ تَحْتَ الْأَرْضِ الْكَثِيفَةِ، فَإِنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ، بَلِ الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ وَاللَّفْظِيُّ دَالٌّ عَلَى بُطْلَانِهِ: أَمَّا الْعَقْلِيُّ فَإِنَّهُ قَدْ عُرِفَ بِالْعَادَةِ وَالتَّجَارِبِ وَالْمُشَاهَدَاتِ أَنَّ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ كُلَّهَا لَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ يُبْصِرُ هَذَا الْبَصَرَ الْخَارِقَ لِلْعَادَةِ، وَيَنْظُرُ الْمَاءَ تَحْتَ الْأَرْضِ الْكَثِيفَةِ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَذَكَرَهُ اللَّهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْبَرِ الْآيَاتِ.
وَأَمَّا الدَّلِيلُ اللَّفْظِيُّ: فَلَوْ أُرِيدَ هَذَا الْمَعْنَى لَقَالَ: "وَطَلَبَ الْهُدْهُدَ لِيَنْظُرَ لَهُ الْمَاءَ فَلَمَّا فَقَدَهُ قَالَ مَا قَالَ" أَوْ: "فَفَتَّشَ عَنِ الْهُدْهُدِ" أَوْ: "بَحَثَ عَنْهُ" وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْعِبَارَاتِ، وَإِنَّمَا تَفَقَّدَ الطَّيْرَ؛ لِيَنْظُرَ الْحَاضِرَ مِنْهَا وَالْغَائِبَ، وَلُزُومَهَا لِلْمَرَاكِزِ وَالْمَوَاضِعِ الَّتِي عَيَّنَهَا لَهَا، وَأَيْضًا: فَإِنَّ
سُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ
[ ص: 1247 ] السَّلَامُ - لَا يَحْتَاجُ وَلَا يَضْطَرُّ إِلَى الْمَاءِ بِحَيْثُ يَحْتَاجُ لِهَنْدَسَةِ الْهُدْهُدِ، فَإِنَّ عِنْدَهُ مِنَ الشَّيَاطِينِ وَالْعَفَارِيتِ مَا يَحْفِرُونَ لَهُ الْمَاءَ، وَلَوْ بَلَغَ فِي الْعُمْقِ مَا بَلَغَ، وَسَخَّرَ اللَّهُ لَهُ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ، فَكَيْفَ - مَعَ ذَلِكَ- يَحْتَاجُ إِلَى الْهُدْهُدِ؟!
وَهَذِهِ التَّفَاسِيرُ الَّتِي تُوجَدُ وَتَشْتَهِرُ بِهَا أَقْوَالٌ لَا يُعْرَفُ غَيْرُهَا تُنْقَلُ هَذِهِ الْأَقْوَالُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُجَرَّدَةً، وَيَغْفُلُ النَّاقِلُ عَنْ مُنَاقَضَتِهَا لِلْمَعَانِي الصَّحِيحَةِ وَتَطْبِيقِهَا عَلَى الْأَقْوَالِ، ثُمَّ لَا تَزَالُ تَتَنَاقَلُ وَيَنْقُلُهَا الْمُتَأَخِّرُ مُسَلِّمًا لِلْمُتَقَدِّمِ حَتَّى يُظَنَّ أَنَّهَا الْحَقُّ، فَيَقَعُ مِنَ الْأَقْوَالِ الرَّدِيَّةِ فِي التَّفَاسِيرِ مَا يَقَعُ، وَاللَّبِيبُ الْفَطِنُ يَعْرِفُ أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ الْعَرَبِيَّ الْمُبِينَ الَّذِي خَاطَبَ اللَّهُ بِهِ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ عَالِمَهُمْ وَجَاهِلَهُمْ، وَأَمَرَهُمْ بِالتَّفَكُّرِ فِي مَعَانِيهِ، وَتَطْبِيقِهَا عَلَى أَلْفَاظِهِ الْعَرَبِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ الْمَعَانِي، الَّتِي لَا تَجْهَلُهَا الْعَرَبُ الْعَرْبَاءُ، وَإِذَا وَجَدَ أَقْوَالًا مَنْقُولَةً عَنْ غَيْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّهَا إِلَى هَذَا الْأَصْلِ، فَإِنْ وَافَقَتْهُ قَبِلَهَا؛ لِكَوْنِ اللَّفْظِ دَالًّا عَلَيْهَا، وَإِنْ خَالَفَتْهُ لَفْظًا وَمَعْنًى أَوْ لَفَظًا أَوْ مَعْنًى رَدَّهَا وَجَزَمَ بِبُطْلَانِهَا؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ أَصْلًا مَعْلُومًا مُنَاقِضًا لَهَا، وَهُوَ مَا يَعْرِفُهُ مِنْ مَعْنَى الْكَلَامِ وَدَلَالَتِهِ.
وَالشَّاهِدُ أَنَّ تَفَقُّدَ
سُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلطَّيْرِ، وَفَقَدَهُ الْهُدْهُدَ يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ حَزْمِهِ وَتَدْبِيرِهِ لِلْمُلْكِ بِنَفْسِهِ وَكَمَالِ فِطْنَتِهِ حَتَّى فَقَدَ هَذَا الطَّائِرَ الصَّغِيرَ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=20فَقَالَ مَا لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ أَيْ: هَلْ عَدَمُ رُؤْيَتِي إِيَّاهُ لِقِلَّةِ فِطْنَتِي بِهِ لِكَوْنِهِ خَفِيًّا بَيْنَ هَذِهِ الْأُمَمِ الْكَثِيرَةِ؟ أَمْ عَلَى بَابِهَا بِأَنْ كَانَ غَائِبًا مِنْ غَيْرِ إِذْنِي وَلَا أَمْرِي؟!
(21) فَحِينَئِذٍ تَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَتَوَعَّدَهُ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=21لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا دُونَ الْقَتْلِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=21أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ أَيْ: حُجَّةٍ وَاضِحَةٍ عَلَى تَخَلُّفِهِ، وَهَذَا مِنْ كَمَالِ وَرَعِهِ وَإِنْصَافِهِ أَنَّهُ لَمْ يُقْسِمْ عَلَى مُجَرَّدِ عُقُوبَتِهِ بِالْعَذَابِ أَوِ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ ذَنْبٍ، وَغَيْبَتُهُ قَدْ تُحْتَمَلُ أَنَّهَا لِعُذْرٍ وَاضِحٍ فَلِذَلِكَ اسْتَثْنَاهُ لِوَرَعِهِ وَفِطْنَتِهِ.
(22)
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=22فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ جَاءَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى هَيْبَةِ جُنُودِهِ مِنْهُ وَشِدَّةِ ائْتِمَارِهِمْ لِأَمْرِهِ، حَتَّى إِنَّ هَذَا الْهُدْهُدَ الَّذِي خَلَّفَهُ الْعُذْرُ الْوَاضِحُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى التَّخَلُّفِ زَمَنًا كَثِيرًا،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=22فَقَالَ لِسُلَيْمَانَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=22أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ أَيْ: عِنْدِي مِنَ الْعِلْمِ عِلْمٌ مَا أَحَطْتَ بِهِ عَلَى عِلْمِكَ الْوَاسِعِ وَعُلُوِّ دَرَجَتِكَ فِيهِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=22وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ الْقَبِيلَةِ الْمَعْرُوفَةِ فِي
الْيَمَنِ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=22بِنَبَإٍ يَقِينٍ أَيْ: خَبَرٍ مُتَيَقَّنٍ.
(23) ثُمَّ فَسَّرَ هَذَا النَّبَأَ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=23إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ أَيْ: تَمْلِكُ قَبِيلَةَ
[ ص: 1248 ] سَبَأٍ، وَهِيَ امْرَأَةٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=23وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْتَاهُ الْمُلُوكُ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالسِّلَاحِ وَالْجُنُودِ وَالْحُصُونِ وَالْقِلَاعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=23وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ أَيْ: كُرْسِيُّ مُلْكِهَا الَّذِي تَجْلِسُ عَلَيْهِ عَرْشٌ هَائِلٌ، وَعِظَمُ الْعُرُوشِ تَدُلُّ عَلَى عَظَمَةِ الْمَمْلَكَةِ وَقُوَّةِ السُّلْطَانِ وَكَثْرَةِ رِجَالِ الشُّورَى.
(24)
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=24وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَيْ: هُمْ مُشْرِكُونَ يَعْبُدُونَ الشَّمْسَ.
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=24وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَرَأَوْا مَا عَلَيْهِ هُوَ الْحَقَّ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=24فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ لِأَنَّ الَّذِي يَرَى أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ حَقٌّ لَا مَطْمَعَ فِي هِدَايَتِهِ حَتَّى تَتَغَيَّرَ عَقِيدَتُهُ.
(25) ثُمَّ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=25أَلا أَيْ: هَلَّا
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=25يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَيْ: يَعْلَمُ الْخَفِيَّ الْخَبِيءَ فِي أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَأَنْحَاءِ الْأَرْضِ، مِنْ صِغَارِ الْمَخْلُوقَاتِ وَبُذُورِ النَّبَاتَاتِ وَخَفَايَا الصُّدُورِ، وَيُخْرِجُ خَبْءَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ بِإِنْزَالِ الْمَطَرِ وَإِنْبَاتِ النَّبَاتَاتِ، وَيُخْرِجُ خَبْءَ الْأَرْضِ عِنْدَ النَّفْخِ فِي الصُّورِ وَإِخْرَاجِ الْأَمْوَاتِ مِنَ الْأَرْضِ لِيُجَازِيَهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=25وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ .
(26)
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=26اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ أَيْ:
nindex.php?page=treesubj&link=28663لَا تَنْبُغِي الْعِبَادَةُ وَالْإِنَابَةُ وَالذُّلُّ وَالْحُبُّ إِلَّا لَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَأْلُوهُ لِمَا لَهُ مِنَ الصِّفَاتِ الْكَامِلَةِ وَالنِّعَمِ الْمُوجِبَةِ لِذَلِكَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=26رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُوَ سَقْفُ الْمَخْلُوقَاتِ وَوَسِعَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ، فَهَذَا الْمَلِكُ عَظِيمُ السُّلْطَانِ كَبِيرُ الشَّأْنِ، هُوَ الَّذِي يُذَلُّ لَهُ وَيُخْضَعُ وَيُسْجَدُ لَهُ وَيُرْكَعُ. (27 - 28) فَسَلِمَ الْهُدْهُدُ حِينَ أَلْقَى إِلَيْهِ هَذَا النَّبَأَ الْعَظِيمَ وَتَعَجَّبَ سُلَيْمَانُ كَيْفَ خَفِيَ عَلَيْهِ، وَقَالَ مُثْبِتًا لِكَمَالِ عَقْلِهِ وَرَزَانَتِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=27سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=28اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا وَسَيَأْتِي نَصُّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=28فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ أَيِ: اسْتَأْخِرْ غَيْرَ بَعِيدٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=28فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ إِلَيْكَ وَمَا يَتَرَاجَعُونَ بِهِ
(29 - 31) فَذَهَبَ بِهِ، فَأَلْقَاهُ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ لِقَوْمِهَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=29إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ أَيْ: جَلِيلُ الْمِقْدَارِ مِنْ أَكْبَرِ مُلُوكِ الْأَرْضِ، ثُمَّ بَيَّنَتْ مَضْمُونَهُ فَقَالَتْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=30إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=31أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ أَيْ: لَا تَكُونُوا فَوْقِي، بَلِ اخْضَعُوا تَحْتَ سُلْطَانِي، وَانْقَادُوا لِأَوَامِرِي، وَأَقْبَلُوا إِلَيَّ مُسْلِمِينَ، وَهَذَا فِي غَايَةِ الْوَجَازَةِ مَعَ الْبَيَانِ التَّامِّ؛ فَإِنَّهُ تَضَمَّنَ نَهْيَهُ عَنِ
[ ص: 1249 ] الْعُلُوِّ عَلَيْهِ وَالْبَقَاءِ عَلَى حَالِهِمُ الَّتِي هُمْ عَلَيْهَا، وَالِانْقِيَادَ لِأَمْرِهِ، وَالدُّخُولَ تَحْتَ طَاعَتِهِ، وَمَجِيئَهُمْ إِلَيْهِ، وَدَعْوَتَهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَفِيهِ
nindex.php?page=treesubj&link=28971اسْتِحْبَابُ ابْتِدَاءِ الْكُتُبِ بِالْبَسْمَلَةِ كَامِلَةً، وَتَقْدِيمُ الِاسْمِ فِي أَوَّلِ عُنْوَانِ الْكِتَابِ. (32 - 33) فَمِنْ حَزْمِهَا وَعَقْلِهَا أَنْ جَمَعَتْ كِبَارَ دَوْلَتِهَا وَرِجَالَ مَمْلَكَتِهَا وَقَالَتْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=32يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي أَيْ: أَخْبِرُونِي مَاذَا نُجِيبُهُ بِهِ؟! وَهَلْ نَدْخُلُ تَحْتَ طَاعَتِهِ وَنَنْقَادُ؟! أَمْ مَاذَا نَفْعَلُ؟!
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=32مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ أَيْ: مَا كُنْتُ مُسْتَبِدَّةً بِأَمْرٍ دُونَ رَأْيِكُمْ وَمَشُورَتِكُمْ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=33قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ أَيْ: إِنْ رَدَدْتِ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَلَمْ تَدْخُلِي فِي طَاعَتِهِ فَإِنَّا أَقْوِيَاءُ عَلَى الْقِتَالِ، فَكَأَنَّهُمْ مَالُوا إِلَى هَذَا الرَّأْيِ الَّذِي لَوْ تَمَّ لَكَانَ فِيهِ دَمَارُهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ أَيْضًا لَمْ يَسْتَقِرُّوا عَلَيْهِ بَلْ قَالُوا:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=33وَالأَمْرُ إِلَيْكِ أَيِ: الرَّأْيُ مَا رَأَيْتِ؛ لِعِلْمِهِمْ بِعَقْلِهَا وَحَزْمِهَا وَنُصْحِهَا لَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=33فَانْظُرِي نَظَرَ فِكْرٍ وَتَدَبُّرٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=33مَاذَا تَأْمُرِينَ .
(34 - 35) فَقَالَتْ لَهُمْ -مُقْنِعَةً لَهُمْ عَنْ رَأْيِهِمْ وَمُبَيِّنَةً سُوءَ مَغَبَّةِ الْقِتَالِ-:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=34إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا قَتْلًا وَأَسْرًا وَنَهْبًا لِأَمْوَالِهَا، وَتَخْرِيبًا لِدِيَارِهَا،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=34وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً أَيْ: جَعَلُوا الرُّؤَسَاءَ السَّادَةَ أَشْرَافَ النَّاسِ مِنَ الْأَرْذَلِينَ، أَيْ: فَهَذَا رَأْيٌ غَيْرُ سَدِيدٍ، وَأَيْضًا فَلَسْتُ بِمُطِيعَةٍ لَهُ قَبْلَ الِاخْتِبَارِ وَإِرْسَالِ مَنْ يَكْشِفُ عَنْ أَحْوَالِهِ وَيَتَدَبَّرُهَا، وَحِينَئِذٍ نَكُونُ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِنَا.
فَقَالَتْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=35وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ مِنْهُ؛ هَلْ يَسْتَمِرُّ عَلَى رَأْيِهِ وَقَوْلِهِ؟ أَمْ تَخْدَعُهُ الْهَدِيَّةُ وَتُبَدِّلُ فِكْرَتَهُ، وَكَيْفَ أَحْوَالُهُ وَجُنُودُهُ؟! (36) فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِهَدِيَّةٍ مَعَ رُسُلٍ مِنْ عُقَلَاءِ قَوْمِهَا وَذَوِي الرَّأْيِ مِنْهُمْ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=36فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ أَيْ: جَاءَهُ الرُّسُلُ بِالْهَدِيَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=36قَالَ مُنْكِرًا عَلَيْهِمْ وَمُتَغَيِّظًا عَلَى عَدَمِ إِجَابَتِهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=36أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ فَلَيْسَتْ تَقَعُ عِنْدِي مَوْقِعًا وَلَا أَفْرَحُ بِهَا، قَدْ أَغْنَانِي اللَّهُ عَنْهَا وَأَكْثَرَ عَلَيَّ النِّعَمَ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=36بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ لِحُبِّكُمْ لِلدُّنْيَا وَقِلَّةِ مَا بِأَيْدِيكُمْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا أَعْطَانِي اللَّهُ.
(37) ثُمَّ أَوْصَى الرَّسُولَ مِنْ غَيْرِ كِتَابٍ؛ لِمَا رَأَى مِنْ عَقْلِهِ وَأَنَّهُ سَيَنْقُلُ كَلَامَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=37ارْجِعْ إِلَيْهِمْ أَيْ: بِهَدِيَّتِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=37فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ أَيْ: لَا طَاقَةَ لَهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=37بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ
[ ص: 1250 ] وَأَبْلَغَهُمْ مَا قَالَ
سُلَيْمَانُ، وَتَجَهَّزُوا لِلْمَسِيرِ إِلَى
سُلَيْمَانَ. (38 - 40) وَعَلِمَ
سُلَيْمَانُ أَنَّهُمْ لَا بُدَّ أَنْ يَسِيرُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ لِمَنْ حَضَرَهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=38أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ أَيْ: لِأَجْلِ أَنْ نَتَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا فَتَكُونَ أَمْوَالُهُمْ مُحْتَرَمَةً،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=39قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ وَالْعِفْرِيتُ: هُوَ الْقَوِيُّ النَّشِيطُ جِدًّا:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=39أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ
سُلَيْمَانَ إِذْ ذَاكَ فِي
الشَّامِ، فَيَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
سَبَأٍ نَحْوُ مَسِيرَةِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، شَهْرَانِ ذَهَابًا وَشَهْرَانِ إِيَابًا، وَمَعَ ذَلِكَ يَقُولُ هَذَا الْعِفْرِيتُ: أَنَا أَلْتَزِمُ بِالْمَجِيءِ بِهِ عَلَى كِبْرِهِ وَثِقَلِهِ وَبُعْدِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَجْلِسِكَ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ، وَالْمُعْتَادُ مِنَ الْمَجَالِسِ الطَّوِيلَةِ أَنَّ تَكُونَ مُعْظَمَ الضُّحَى، نَحْوَ ثُلُثِ يَوْمٍ، هَذَا نِهَايَةُ الْمُعْتَادِ، وَقَدْ يَكُونُ دُونَ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُ، وَهَذَا الْمَلِكُ الْعَظِيمُ الَّذِي عِنْدَ آحَادِ رَعِيَّتِهِ هَذِهِ الْقُوَّةُ وَالْقُدْرَةُ. وَأَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=40قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هُوَ رَجُلٌ عَالِمٌ صَالِحٌ عِنْدَ
سُلَيْمَانَ، يُقَالُ لَهُ:
"آصِفُ بْنُ بَرَخْيَا" كَانَ يَعْرِفُ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمَ، الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=40أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ بِأَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ بِذَلِكَ الِاسْمِ، فَيَحْضُرَ حَالًا، وَأَنَّهُ دَعَا اللَّهَ فَحَضَرَ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ، هَلْ هَذَا الْمُرَادُ أَمْ أَنَّ عِنْدَهُ عِلْمًا مِنَ الْكِتَابِ يَقْتَدِرُ بِهِ عَلَى جَلْبِ الْبَعِيدِ وَتَحْصِيلِ الشَّدِيدِ؟!
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=40فَلَمَّا رَآهُ سُلَيْمَانُ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=40مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ حَمِدَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَقْدَارِهِ وَمُلْكِهِ وَتَيْسِيرِ الْأُمُورِ لَهُ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=40قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ أَيْ: لِيَخْتَبِرَنِي بِذَلِكَ، فَلَمْ يَغْتَرَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِمُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ وَقُدْرَتِهِ كَمَا هُوَ دَأْبُ الْمُلُوكِ الْجَاهِلِينَ، بَلْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ اخْتِبَارٌ مِنْ رَبِّهِ، فَخَافَ أَنْ لَا يَقُومَ بِشُكْرِ هَذِهِ النِّعْمَةِ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=19607_19614الشُّكْرَ لَا يَنْتَفِعُ اللَّهُ بِهِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ نَفْعُهُ إِلَى صَاحِبِهِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=40وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ غَنِيٌّ عَنْ أَعْمَالِهِ، كَرِيمٌ كَثِيرُ الْخَيْرِ، يَعُمُّ بِهِ الشَّاكِرَ وَالْكَافِرَ، إِلَّا أَنَّ شُكْرَ نِعَمِهِ دَاعٍ لِلْمَزِيدِ مِنْهَا، وَكُفْرَهَا دَاعٍ لِزَوَالِهَا. (41) ثُمَّ قَالَ لِمَنْ عِنْدَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=41نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا أَيْ: غَيِّرُوهُ بِزِيَادَةٍ وَنَقْصٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=41نَنْظُرْ مُخْتَبِرِينَ لِعَقْلِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=41أَتَهْتَدِي لِلصَّوَابِ، وَيَكُونُ عِنْدَهَا
[ ص: 1251 ] ذَكَاءٌ وَفِطْنَةٌ تَلِيقُ بِمُلْكِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=41أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ .
(42)
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42فَلَمَّا جَاءَتْ قَادِمَةً عَلَى سُلَيْمَانَ، عَرَضَ عَلَيْهَا عَرْشَهَا، وَكَانَ عَهْدُهَا بِهِ قَدْ خَلَّفَتْهُ فِي بَلَدِهَا، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42قِيلَ لَهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42أَهَكَذَا عَرْشُكِ أَيْ: أَنَّهُ اسْتَقَرَّ عِنْدَنَا أَنَّ لَكِ عَرْشًا عَظِيمًا فَهَلْ هُوَ كَهَذَا الْعَرْشِ الَّذِي أَحْضَرْنَاهُ لَكِ؟
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَهَذَا مِنْ ذَكَائِهَا وَفِطْنَتِهَا لَمْ تَقُلْ: "هُوَ" لِوُجُودِ التَّغْيِيرِ فِيهِ وَالتَّنْكِيرِ وَلَمْ تَنْفِ أَنَّهُ هُوَ؛ لِأَنَّهَا عَرَفَتْهُ، فَأَتَتْ بِلَفْظٍ مُحْتَمِلٍ لِلْأَمْرَيْنِ، صَادِقٍ عَلَى الْحَالَيْنِ. فَقَالَ سُلَيْمَانُ مُتَعَجِّبًا مِنْ هِدَايَتِهَا وَعَقْلِهَا وَشَاكِرًا لِلَّهِ أَنْ أَعْطَاهُ أَعْظَمَ مِنْهَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا أَيِ: الْهِدَايَةَ وَالْعَقْلَ وَالْحَزْمَ مِنْ قَبْلِ هَذِهِ الْمَلِكَةِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=42وَكُنَّا مُسْلِمِينَ وَهِيَ الْهِدَايَةُ النَّافِعَةُ الْأَصْلِيَّةُ.
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذَا مِنْ قَوْلِ مَلِكَةِ
سَبَأٍ: "وَأُوتِينَا الْعِلْمَ عَنْ مُلْكِ
سُلَيْمَانَ وَسُلْطَانِهِ وَزِيَادَةِ اقْتِدَارِهِ مِنْ قَبْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ الَّتِي رَأَيْنَا فِيهَا قُدْرَتَهُ عَلَى إِحْضَارِ الْعَرْشِ مِنَ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ، فَأَذْعَنَّا لَهُ وَجِئْنَا مُسْلِمِينَ لَهُ خَاضِعِينَ لِسُلْطَانِهِ".
(43) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=43وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَيْ: عَنِ الْإِسْلَامِ، وَإِلَّا فَلَهَا مِنَ الذَّكَاءِ وَالْفِطْنَةِ مَا بِهِ تَعْرِفُ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ، وَلَكِنَّ الْعَقَائِدَ الْبَاطِلَةَ تُذْهِبُ بَصِيرَةَ الْقَلْبِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=43إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ فَاسْتَمَرَّتْ عَلَى دِينِهِمْ، وَانْفِرَادُ الْوَاحِدِ عَنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْعَادَةِ الْمُسْتَمِرَّةِ بِأَمْرٍ يَرَاهُ بِعَقْلِهِ مِنْ ضَلَالِهِمْ وَخَطَئِهِمْ مِنْ أَنْدَرِ مَا يَكُونُ، فَلِهَذَا لَا يُسْتَغْرَبُ بَقَاؤُهَا عَلَى الْكُفْرِ، ثُمَّ إِنَّ
سُلَيْمَانَ أَرَادَ أَنْ تَرَى مِنْ سُلْطَانِهِ مَا يُبْهِرُ الْعُقُولَ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَدْخُلَ الصَّرْحَ، وَهُوَ الْمَجْلِسُ الْمُرْتَفِعُ الْمُتَّسِعُ، وَكَانَ مَجْلِسًا مِنْ قَوَارِيرَ تَجْرِي تَحْتَهُ الْأَنْهَارُ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=44قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً مَاءً؛ لِأَنَّ الْقَوَارِيرَ شَفَّافَةٌ، يُرَى الْمَاءُ الَّذِي تَحْتَهَا كَأَنَّهُ بِذَاتِهِ يَجْرِي لَيْسَ دُونَهُ شَيْءٌ،
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=44وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا لِلْخِيَاضَةِ، وَهَذَا أَيْضًا مِنْ عَقْلِهَا وَأَدَبِهَا، فَإِنَّهَا لَمْ تَمْتَنِعْ مِنَ الدُّخُولِ لِلْمَحَلِّ الَّذِي أُمِرَتْ بِدُخُولِهِ؛ لِعِلْمِهَا أَنَّهَا لَمْ تُسْتَدْعَ إِلَّا لِلْإِكْرَامِ، وَأَنَّ مُلْكَ
سُلَيْمَانَ وَتَنْظِيمَهُ قَدْ بَنَاهُ عَلَى الْحِكْمَةِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي قَلْبِهَا أَدْنَى شَكٍّ مِنْ حَالَةِ السُّوءِ بَعْدَمَا رَأَتْ مَا رَأَتْ.
فَلَمَّا اسْتَعَدَّتْ لِلْخَوْضِ قِيلَ لَهَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=44إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ أَيْ: مُمَلَّسٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=44مِنْ قَوَارِيرَ فَلَا حَاجَةَ مِنْكِ لِكَشْفِ السَّاقَيْنِ، فَحِينَئِذٍ لَمَّا وَصَلَتْ إِلَى
سُلَيْمَانَ وَشَاهَدَتْ مَا
[ ص: 1252 ] شَاهَدَتْ، وَعَلِمَتْ نَبُّوتَهُ وَرِسَالَتَهُ تَابَتْ وَرَجَعَتْ عَنْ كُفْرِهَا، و
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=44قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
فَهَذَا مَا قَصَّهُ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ قِصَّةِ مَلِكَةِ
سَبَأٍ، وَمَا جَرَى لَهَا مَعَ
سُلَيْمَانَ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنَ الْفُرُوعِ الْمُوَلَّدَةِ وَالْقَصَصِ الْإِسْرَائِيلِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّفْسِيرِ لِكَلَامِ اللَّهِ، وَهُوَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي يَقِفُ الْجَزْمُ بِهَا عَلَى الدَّلِيلِ الْمَعْلُومِ عَنِ الْمَعْصُومِ، وَالْمَنْقُولَاتُ فِي هَذَا الْبَابِ كُلُّهَا أَوْ أَكْثَرُهَا لَيْسَ كَذَلِكَ، فَالْحَزْمُ كُلُّ الْحَزْمِ الْإِعْرَاضُ عَنْهَا وَعَدَمُ إِدْخَالِهَا فِي التَّفَاسِيرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.