nindex.php?page=treesubj&link=18467_28739_28911_29786_31011_32109_32238_32410_34091_34230_34236_34513_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب nindex.php?page=treesubj&link=19881_28723_29693_30454_32063_32484_34513_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=8ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب
(7) يخبر تعالى عن عظمته وكمال قيوميته، أنه هو الذي تفرد بإنزال هذا الكتاب العظيم، الذي لم يوجد- ولن يوجد- له نظير أو مقارب في هدايته وبلاغته وإعجازه وإصلاحه للخلق، وأن هذا الكتاب يحتوي على المحكم الواضح المعاني البين، الذي لا يشتبه بغيره، ومنه آيات متشابهات، تحتمل بعض المعاني، ولا يتعين منها واحد من الاحتمالين بمجردها، حتى تضم إلى المحكم.
فالذين في قلوبهم مرض وزيغ وانحراف، لسوء قصدهم، يتبعون المتشابه منه، فيستدلون به على مقالاتهم الباطلة وآرائهم الزائفة، طلبا للفتنة وتحريفا لكتابه وتأويلا له على مشاربهم ومذاهبهم ليضلوا ويضلوا.
وأما أهل العلم الراسخون فيه، الذين وصل العلم واليقين إلى أفئدتهم، فأثمر لهم العمل والمعارف- فيعلمون أن القرآن كله من عند الله، وأن كله حق، محكمه ومتشابهه، وأن الحق لا يتناقض ولا يختلف، فلعلمهم أن المحكمات، معناها في غاية الصراحة والبيان، يردون إليها المشتبه، الذي تحصل فيه الحيرة لناقص العلم وناقص المعرفة، فيردون المتشابه إلى المحكم، فيعود كله محكما، ويقولون:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر للأمور النافعة والعلوم الصائبة
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7إلا أولو الألباب ، أي: أهل العقول الرزينة، ففي هذا دليل على أن هذا من علامة أولي الألباب، وأن اتباع المتشابه من أوصاف أهل الآراء السقيمة والعقول الواهية والقصود السيئة.
وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7وما يعلم تأويله إلا الله إن أريد بالتأويل معرفة عاقبة الأمور، وما تنتهي وتؤول إليه، تعين الوقوف على "إلا الله" حيث هو تعالى المتفرد بالتأويل
[ ص: 209 ] بهذا المعنى، وإن أريد بالتأويل: معنى التفسير ومعرفة معنى الكلام، كان العطف أولى ، فيكون هذا مدحا للراسخين في العلم، أنهم يعلمون كيف ينزلون نصوص الكتاب والسنة، محكمها ومتشابهها، ولما كان المقام مقام انقسام إلى منحرفين ومستقيمين، دعوا الله تعالى أن يثبتهم على الإيمان، فقالوا:
(8)
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=8ربنا لا تزغ قلوبنا أي: لا تملها عن الحق إلى الباطل،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=8بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة تصلح بها أحوالنا
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=8إنك أنت الوهاب أي: كثير الفضل والهبات، وذلك أن الله تعالى ذكر عن الراسخين أنهم يسألونه أن لا يزيغ قلوبهم بعد إذ هداهم، وقد أخبر في آيات أخر الأسباب التي بها تزيغ قلوب أهل الانحراف، وأن ذلك بسبب كسبهم، كقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=127ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=110ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ، فالعبد إذا تولى عن ربه ووالى عدوه، ورأى الحق، فصدف عنه، ورأى الباطل فاختاره، ولاه الله ما تولى لنفسه، وأزاغ قلبه، عقوبة له على زيغه، وما ظلمه الله ولكنه ظلم نفسه، فلا يلم إلا نفسه الأمارة بالسوء، والله أعلم.
nindex.php?page=treesubj&link=18467_28739_28911_29786_31011_32109_32238_32410_34091_34230_34236_34513_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ nindex.php?page=treesubj&link=19881_28723_29693_30454_32063_32484_34513_28974nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=8رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ
(7) يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ عَظَمَتِهِ وَكَمَالِ قَيُّومِيَّتِهِ، أَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَفَرَّدَ بِإِنْزَالِ هَذَا الْكِتَابِ الْعَظِيمِ، الَّذِي لَمْ يُوجَدْ- وَلَنْ يُوجَدَ- لَهُ نَظِيرٌ أَوْ مُقَارِبٌ فِي هِدَايَتِهِ وَبَلَاغَتِهِ وَإِعْجَازِهِ وَإِصْلَاحِهِ لِلْخَلْقِ، وَأَنَّ هَذَا الْكِتَابَ يَحْتَوِي عَلَى الْمُحْكَمِ الْوَاضِحِ الْمَعَانِي الْبَيِّنِ، الَّذِي لَا يَشْتَبِهُ بِغَيْرِهِ، وَمِنْهُ آيَاتٌ مُتَشَابِهَاتٌ، تَحْتَمِلُ بَعْضَ الْمَعَانِي، وَلَا يَتَعَيَّنُ مِنْهَا وَاحِدٌ مِنَ الِاحْتِمَالَيْنِ بِمُجَرَّدِهَا، حَتَّى تُضَمَّ إِلَى الْمُحْكَمِ.
فَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مُرْضٌ وَزَيْغٌ وَانْحِرَافٌ، لِسُوءِ قَصْدِهِمْ، يَتَّبِعُونَ الْمُتَشَابِهَ مِنْهُ، فَيَسْتَدِلُّونَ بِهِ عَلَى مَقَالَاتِهِمُ الْبَاطِلَةِ وَآرَائِهِمُ الزَّائِفَةِ، طَلَبًا لِلْفِتْنَةِ وَتَحْرِيفًا لِكِتَابِهِ وَتَأْوِيلًا لَهُ عَلَى مَشَارِبِهِمْ وَمَذَاهِبِهِمْ لِيَضِلُّوا وَيُضِلُّوا.
وَأَمَّا أَهْلُ الْعِلْمِ الرَّاسِخُونَ فِيهِ، الَّذِينَ وَصَلَ الْعِلْمُ وَالْيَقِينُ إِلَى أَفْئِدَتِهِمْ، فَأَثْمَرَ لَهُمُ الْعَمَلَ وَالْمَعَارِفَ- فَيَعْلَمُونَ أَنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَأَنَّ كُلَّهُ حَقٌّ، مُحْكَمُهُ وَمُتَشَابِهُهُ، وَأَنَّ الْحَقَّ لَا يَتَنَاقَضُ وَلَا يَخْتَلِفُ، فَلِعِلْمِهِمْ أَنَّ الْمُحْكَمَاتِ، مَعْنَاهَا فِي غَايَةِ الصَّرَاحَةِ وَالْبَيَانِ، يَرُدُّونَ إِلَيْهَا الْمُشْتَبَهَ، الَّذِي تَحْصُلُ فِيهِ الْحَيْرَةُ لِنَاقِصِ الْعِلْمِ وَنَاقِصِ الْمَعْرِفَةِ، فَيَرُدُّونَ الْمُتَشَابِهَ إِلَى الْمُحْكَمِ، فَيَعُودُ كُلُّهُ مُحْكَمًا، وَيَقُولُونَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ لِلْأُمُورِ النَّافِعَةِ وَالْعُلُومِ الصَّائِبَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7إِلا أُولُو الأَلْبَابِ ، أَيْ: أَهْلُ الْعُقُولِ الرَّزِينَةِ، فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَذَا مِنْ عَلَامَةِ أُولِي الْأَلْبَابِ، وَأَنَّ اتِّبَاعَ الْمُتَشَابِهِ مِنْ أَوْصَافِ أَهْلِ الْآرَاءِ السَّقِيمَةِ وَالْعُقُولِ الْوَاهِيَةِ وَالْقُصُودِ السَّيِّئَةِ.
وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ إِنْ أُرِيدَ بِالتَّأْوِيلِ مَعْرِفَةَ عَاقِبَةِ الْأُمُورِ، وَمَا تَنْتَهِي وَتَؤُولُ إِلَيْهِ، تَعَيَّنَ الْوُقُوفُ عَلَى "إِلَّا اللَّهُ" حَيْثُ هُوَ تَعَالَى الْمُتَفَرِّدُ بِالتَّأْوِيلِ
[ ص: 209 ] بِهَذَا الْمَعْنَى، وَإِنْ أُرِيدَ بِالتَّأْوِيلِ: مَعْنَى التَّفْسِيرِ وَمَعْرِفَةَ مَعْنَى الْكَلَامِ، كَانَ الْعَطْفُ أَوْلَى ، فَيَكُونُ هَذَا مَدْحًا لِلرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ، أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ كَيْفَ يُنْزِلُونَ نُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، مُحْكَمَهَا وَمُتَشَابِهَهَا، وَلَمَّا كَانَ الْمَقَامُ مَقَامَ انْقِسَامٍ إِلَى مُنْحَرِفِينَ وَمُسْتَقِيمِينَ، دَعَوُا اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُثَبِّتَهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ، فَقَالُوا:
(8)
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=8رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا أَيْ: لَا تُمِلْهَا عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=8بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً تُصْلِحُ بِهَا أَحْوَالَنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=8إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ أَيْ: كَثِيرُ الْفَضْلِ وَالْهِبَاتِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ عَنِ الرَّاسِخِينَ أَنَّهُمْ يَسْأَلُونَهُ أَنْ لَا يُزِيغَ قُلُوبَهُمْ بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ، وَقَدْ أَخْبَرَ فِي آيَاتٍ أُخَرَ الْأَسْبَابَ الَّتِي بِهَا تَزِيغُ قُلُوبُ أَهْلِ الِانْحِرَافِ، وَأَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ كَسْبِهِمْ، كَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=5فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=127ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=110وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ، فَالْعَبْدُ إِذَا تَوَلَّى عَنْ رَبِّهِ وَوَالَى عَدُوَّهُ، وَرَأَى الْحَقَّ، فَصَدَفَ عَنْهُ، وَرَأَى الْبَاطِلَ فَاخْتَارَهُ، وَلَّاهُ اللَّهُ مَا تَوَلَّى لِنَفْسِهِ، وَأَزَاغَ قَلْبَهُ، عُقُوبَةً لَهُ عَلَى زَيْغِهِ، وَمَا ظَلَمَهُ اللَّهُ وَلَكِنَّهُ ظَلَمَ نَفْسَهُ، فَلَا يَلُمْ إِلَّا نَفْسَهُ الْأَمَّارَةَ بِالسُّوءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.