nindex.php?page=treesubj&link=28976_28723_32204_32672_34091_34370_3679nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=97جعل الله الكعبة البيت الحرام، قياما للناس، والشهر الحرام، والهدي والقلائد. ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=98اعلموا أن الله شديد العقاب، وأن الله غفور رحيم nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=99ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون . .
لقد جعل الله هذه الحرمات تشمل الإنسان والطير والحيوان والحشرات بالأمن في البيت الحرام . وفي فترة الإحرام بالنسبة للمحرم حتى وهو لم يبلغ الحرم . كما جعل الأشهر الحرم الأربعة التي لا يجوز فيها القتل ولا القتال وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ثم رجب . . ولقد ألقى الله في قلوب
العرب - حتى في جاهليتهم - حرمة هذه الأشهر . فكانوا لا يروعون فيها نفسا ، ولا يطلبون فيها دما ، ولا يتوقعون فيها ثأرا ، حتى كان الرجل يلقى قاتل أبيه وابنه وأخيه فلا يؤذيه ، فكانت مجالا آمنا للسياحة والضرب في الأرض وابتغاء الرزق . . جعلها الله كذلك لأنه أراد
للكعبة - بيت الله الحرام - أن تكون مثابة أمن وسلام . تقيم الناس وتقيهم الخوف والفزع . كذلك جعل الأشهر الحرم لتكون منطقة أمن في الزمان
كالكعبة منطقة أمن في المكان . ثم مد رواق الأمن خارج منطقة الزمان والمكان ، فجعله حقا للهدي - وهو النعم - الذي يطلق ليبلغ
الكعبة في الحج والعمرة ; فلا يمسه أحد في الطريق بسوء . كما جعله لمن يتقلد من شجر الحرم ، معلنا احتماءه
بالبيت العتيق .
لقد جعل الله هذه الحرمات منذ بناء هذا البيت على أيدي
إبراهيم وإسماعيل ; وجعله مثابة للناس وأمنا ، حتى لقد امتن الله به على المشركين أنفسهم ; إذ كان بيت الله بينهم مثابة لهم وأمنا ، والناس من حولهم يتخطفون ، وهم فيه وبه آمنون ، ثم هم - بعد ذلك - لا يشكرون الله ; ولا يفردونه بالعبادة في بيت التوحيد ; ويقولون للرسول - صلى الله عليه وسلم - إذ يدعوهم إلى التوحيد : إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا. فحكى الله قولهم هذا وجبههم بحقيقة الأمن والمخافة :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=57وقالوا: إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا. أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا؟ ولكن أكثرهم لا يعلمون .
وفي الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=38828قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة : "إن هذا البلد حرام ، لا يعضد شجره ، ولا يختلى خلاه ، ولا ينفر صيده ، ولا تلتقط لقطته إلا لمعرف .
ولم يستثن من الأحياء مما يجوز قتله في الحرم وللمحرم إلا الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها في الصحيحين :
nindex.php?page=hadith&LINKID=704991أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل خمس فواسق في الحل والحرم : الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور . .
وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - زيادة الحية .
كذلك حرمت
المدينة لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=8علي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=656258المدينة حرم ما بين عير إلى ثور " . . وفي الصحيحين من حديث
عباد بن تميم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
[ ص: 983 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=696696إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها ، وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة .
وبعد ، فإنها ليست منطقة الأمان في الزمان والمكان وحدهما . وليس رواق الأمن الذي يشمل الحيوان والإنسان وحدهما . . إنما هي كذلك منطقة الأمان في الضمير البشري . . ذلك المصطرع المترامي الأطراف في أغوار النفس البشرية . . هذا المصطرع الذي يثور ويفور فيطغى بشواظه وبدخانه على المكان والزمان ، وعلى الإنسان والحيوان ! . . إنها منطقة السلام والسماحة في ذلك المصطرع ، حتى ليتحرج المحرم أن يمد يده إلى الطير والحيوان . وهما - في غير هذه المنطقة - حل للإنسان . ولكنهما هنا في المثابة الآمنة . في الفترة الآمنة . في النفس الآمنة . . إنها منطقة المرانة والتدريب للنفس البشرية لتصفو وترق وترف فتتصل بالملأ الأعلى ; وتتهيأ للتعامل مع الملأ الأعلى . .
ألا ما أحوج البشرية المفزعة الوجلة ، المتطاحنة المتصارعة . . إلى منطقة الأمان ، التي جعلها الله للناس في هذا الدين ، وبينها للناس في هذا القرآن !
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=97ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض، وأن الله بكل شيء عليم . .
تعقيب عجيب في هذا الموضع ; ولكنه مفهوم ! إن الله يشرع هذه الشريعة ، ويقيم هذه المثابة ، ليعلم الناس أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم . . ليعلموا أنه يعلم طبائع البشر وحاجاتهم ومكنونات نفوسهم وهتاف أرواحهم . وأنه يقرر شرائعه لتلبية الطبائع والحاجات ، والاستجابة للأشواق والمكنونات . . فإذا أحست قلوب الناس رحمة الله في شريعته ; وتذوقت جمال هذا التطابق بينها وبين فطرتهم العميقة علموا أن الله يعلم ما في السماوات والأرض وأن الله بكل شيء عليم .
إن هذا الدين عجيب في توافيه الكامل مع ضرورات الفطرة البشرية وأشواقها جميعا ; وفي تلبيته لحاجات الحياة البشرية جميعا . . إن تصميمه يطابق تصميمها وتكوينه يطابق تكوينها . وحين ينشرح صدر لهذا الدين فإنه يجد فيه من الجمال والتجاوب والأنس والراحة ما لا يعرفه إلا من ذاق !
وينتهي الحديث عن الحلال والحرام في الحل والإحرام بالتحذير صراحة من العقاب مع الإطماع في المغفرة والرحمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=98اعلموا أن الله شديد العقاب، وأن الله غفور رحيم . .
ومع التحذير إيحاء وإلقاء للتبعة على المخالف الذي لا يثوب :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=99ما على الرسول إلا البلاغ، والله يعلم ما تبدون وما تكتمون . .
nindex.php?page=treesubj&link=28976_28723_32204_32672_34091_34370_3679nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=97جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ، قِيَامًا لِلنَّاسِ، وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ، وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ. ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=98اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ، وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=99مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ . .
لَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْحُرُمَاتِ تَشْمَلُ الْإِنْسَانَ وَالطَّيْرَ وَالْحَيَوَانَ وَالْحَشَرَاتِ بِالْأَمْنِ فِي الْبَيْتِ الْحَرَامِ . وَفِي فَتْرَةِ الْإِحْرَامِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْرِمِ حَتَّى وَهُوَ لَمْ يَبْلُغِ الْحَرَمَ . كَمَا جَعَلَ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ الْأَرْبَعَةَ الَّتِي لَا يَجُوزُ فِيهَا الْقَتْلُ وَلَا الْقِتَالُ وَهِيَ ذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ ثُمَّ رَجَبٌ . . وَلَقَدْ أَلْقَى اللَّهُ فِي قُلُوبِ
الْعَرَبِ - حَتَّى فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ - حُرْمَةَ هَذِهِ الْأَشْهُرِ . فَكَانُوا لَا يُرَوِّعُونَ فِيهَا نَفْسًا ، وَلَا يَطْلُبُونَ فِيهَا دَمًا ، وَلَا يَتَوَقَّعُونَ فِيهَا ثَأْرًا ، حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى قَاتِلَ أَبِيهِ وَابْنِهِ وَأَخِيهِ فَلَا يُؤْذِيهِ ، فَكَانَتْ مَجَالًا آمِنًا لِلسِّيَاحَةِ وَالضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ وَابْتِغَاءِ الرِّزْقِ . . جَعَلَهَا اللَّهُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَرَادَ
لِلْكَعْبَةِ - بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ - أَنْ تَكُونَ مَثَابَةَ أَمْنٍ وَسَلَامٍ . تُقِيمُ النَّاسَ وَتَقِيهِمُ الْخَوْفَ وَالْفَزَعَ . كَذَلِكَ جَعَلَ الْأَشْهُرَ الْحُرُمَ لِتَكُونَ مِنْطَقَةَ أَمْنٍ فِي الزَّمَانِ
كَالْكَعْبَةِ مِنْطَقَةِ أَمْنٍ فِي الْمَكَانِ . ثُمَّ مَدَّ رِوَاقَ الْأَمْنِ خَارِجَ مِنْطَقَةِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ ، فَجَعَلَهُ حَقًّا لِلْهَدْيِ - وَهُوَ النِّعَمُ - الَّذِي يُطْلَقُ لِيَبْلُغَ
الْكَعْبَةَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ; فَلَا يَمَسُّهُ أَحَدٌ فِي الطَّرِيقِ بِسُوءٍ . كَمَا جَعَلَهُ لِمَنْ يَتَقَلَّدُ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ ، مُعْلِنًا احْتِمَاءَهُ
بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ .
لَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْحُرُمَاتِ مُنْذُ بِنَاءِ هَذَا الْبَيْتِ عَلَى أَيْدِي
إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ; وَجَعَلَهُ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا ، حَتَّى لَقَدِ امْتَنَّ اللَّهُ بِهِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ أَنْفُسِهِمْ ; إِذْ كَانَ بَيْتُ اللَّهِ بَيْنَهُمْ مَثَابَةً لَهُمْ وَأَمْنًا ، وَالنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ يُتَخَطَّفُونَ ، وَهُمْ فِيهِ وَبِهِ آمِنُونَ ، ثُمَّ هُمْ - بَعْدَ ذَلِكَ - لَا يَشْكُرُونَ اللَّهَ ; وَلَا يُفْرِدُونَهُ بِالْعِبَادَةِ فِي بَيْتِ التَّوْحِيدِ ; وَيَقُولُونَ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذْ يَدْعُوهُمْ إِلَى التَّوْحِيدِ : إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا. فَحَكَى اللَّهُ قَوْلَهُمْ هَذَا وَجَبَهَهُمْ بِحَقِيقَةِ الْأَمْنِ وَالْمَخَافَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=57وَقَالُوا: إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا. أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا؟ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=38828قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ : "إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَامٌ ، لَا يُعْضَدُ شَجَرُهُ ، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ ، وَلَا يُنْفَرُ صَيْدُهُ ، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهُ إِلَّا لِمُعَرِّفٍ .
وَلَمْ يُسْتَثْنَ مِنَ الْأَحْيَاءِ مِمَّا يَجُوزُ قَتْلُهُ فِي الْحَرَمِ وَلِلْمُحْرِمِ إِلَّا الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ لِحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=704991أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلِ خَمْسِ فَوَاسِقَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ : الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ . .
وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - زِيَادَةٌ الْحَيَّةُ .
كَذَلِكَ حُرِّمَتِ
الْمَدِينَةُ لِحَدِيثٍ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=656258الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ " . . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ
عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
[ ص: 983 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=696696إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لَهَا ، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ .
وَبَعْدُ ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْطَقَةُ الْأَمَانِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَحْدَهُمَا . وَلَيْسَ رِوَاقُ الْأَمْنِ الَّذِي يَشْمَلُ الْحَيَوَانَ وَالْإِنْسَانَ وَحْدَهُمَا . . إِنَّمَا هِيَ كَذَلِكَ مِنْطَقَةُ الْأَمَانِ فِي الضَّمِيرِ الْبَشَرِيِّ . . ذَلِكَ الْمُصْطَرَعُ الْمُتَرَامِي الْأَطْرَافِ فِي أَغْوَارِ النَّفْسِ الْبَشَرِيَّةِ . . هَذَا الْمُصْطَرَعُ الَّذِي يَثُورُ وَيَفُورُ فَيَطْغَى بِشُوَاظِهِ وَبِدُخَانِهِ عَلَى الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ ، وَعَلَى الْإِنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ ! . . إِنَّهَا مِنْطَقَةُ السَّلَامِ وَالسَّمَاحَةِ فِي ذَلِكَ الْمُصْطَرَعِ ، حَتَّى لَيَتَحَرَّجُ الْمُحْرِمُ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ إِلَى الطَّيْرِ وَالْحَيَوَانِ . وَهُمَا - فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمِنْطَقَةِ - حِلٌّ لِلْإِنْسَانِ . وَلَكِنَّهُمَا هُنَا فِي الْمَثَابَةِ الْآمِنَةِ . فِي الْفَتْرَةِ الْآمِنَةِ . فِي النَّفْسِ الْآمِنَةِ . . إِنَّهَا مِنْطَقَةُ الْمَرَانَةِ وَالتَّدْرِيبِ لِلنَّفْسِ الْبَشَرِيَّةِ لِتَصْفُوَ وَتَرِقَّ وَتَرِفَّ فَتَتَّصِلَ بِالْمَلَأِ الْأَعْلَى ; وَتَتَهَيَّأَ لِلتَّعَامُلِ مَعَ الْمَلَأِ الْأَعْلَى . .
أَلَا مَا أَحْوَجَ الْبَشَرِيَّةَ الْمُفْزَعَةَ الْوَجِلَةَ ، الْمُتَطَاحِنَةَ الْمُتَصَارِعَةَ . . إِلَى مِنْطَقَةِ الْأَمَانِ ، الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ لِلنَّاسِ فِي هَذَا الدِّينِ ، وَبَيَّنَهَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ !
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=97ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ، وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ . .
تَعْقِيبٌ عَجِيبٌ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ; وَلَكِنَّهُ مَفْهُومٌ ! إِنَّ اللَّهَ يُشَرِّعُ هَذِهِ الشَّرِيعَةَ ، وَيُقِيمُ هَذِهِ الْمَثَابَةَ ، لِيُعْلِمَ النَّاسَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ . . لِيَعْلَمُوا أَنَّهُ يَعْلَمُ طَبَائِعَ الْبَشَرِ وَحَاجَاتِهِمْ وَمَكْنُونَاتِ نُفُوسِهِمْ وَهُتَافَ أَرْوَاحِهِمْ . وَأَنَّهُ يُقَرِّرُ شَرَائِعَهُ لِتَلْبِيَةِ الطَّبَائِعِ وَالْحَاجَاتِ ، وَالِاسْتِجَابَةِ لِلْأَشْوَاقِ وَالْمَكْنُونَاتِ . . فَإِذَا أَحَسَّتْ قُلُوبُ النَّاسِ رَحْمَةَ اللَّهِ فِي شَرِيعَتِهِ ; وَتَذَوَّقَتْ جَمَالَ هَذَا التَّطَابُقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ فِطْرَتِهِمُ الْعَمِيقَةِ عَلِمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ .
إِنَّ هَذَا الدِّينَ عَجِيبٌ فِي تُوَافِيهِ الْكَامِلِ مَعَ ضَرُورَاتِ الْفِطْرَةِ الْبَشَرِيَّةِ وَأَشْوَاقِهَا جَمِيعًا ; وَفِي تَلْبِيَتِهِ لِحَاجَاتِ الْحَيَاةِ الْبَشَرِيَّةِ جَمِيعًا . . إِنَّ تَصْمِيمَهُ يُطَابِقُ تَصْمِيمَهَا وَتَكْوِينَهُ يُطَابِقُ تَكْوِينَهَا . وَحِينَ يَنْشَرِحُ صَدْرٌ لِهَذَا الدِّينِ فَإِنَّهُ يَجِدُ فِيهِ مِنَ الْجَمَالِ وَالتَّجَاوُبِ وَالْأُنْسِ وَالرَّاحَةِ مَا لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا مَنْ ذَاقَ !
وَيَنْتَهِي الْحَدِيثُ عَنِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ فِي الْحِلِّ وَالْإِحْرَامِ بِالتَّحْذِيرِ صَرَاحَةً مِنَ الْعِقَابِ مَعَ الْإِطْمَاعِ فِي الْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=98اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ، وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ . .
وَمَعَ التَّحْذِيرِ إِيحَاءٌ وَإِلْقَاءٌ لِلتَّبِعَةِ عَلَى الْمُخَالِفِ الَّذِي لَا يَثُوبُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=99مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ . .