القول في تأويل قوله تعالى:
[220]
nindex.php?page=treesubj&link=28640_28723_32225_33310_33624_34091_34092_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220في الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220في الدنيا أنها فانية - والآخرة - أنها باقية، وفي أمورهما لتصلحوها ولا تتحملوا مفسداتهما، فلا تتركوا اللذائذ الباقية للذائذ الفانية.
[ ص: 556 ] nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220ويسألونك عن اليتامى أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وغيرهم، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=674410لما نزل قوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=152ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن وقوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=10إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه، فجعل يفضل له الشيء من طعامه وشرابه، فيحبس له حتى يأكله أو يفسد، فاشتد ذلك عليهم. فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220ويسألونك عن اليتامى الآية فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم. وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220قل إصلاح لهم خير أي: مداخلتهم على وجه الإصلاح لهم ولأموالهم خير من مجانبتهم. وإنما أقيم غاية المداخلة - أعني الإصلاح - مقامها، تنبيها على أن المأمور به مداخلة يكون ترتب الإصلاح عليها ظاهرا، كأنها عين الإصلاح:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وإن تخالطوهم تعاشروهم ولم تجانبوهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220فإخوانكم فهم إخوانكم في الدين - الذي هو أقوى من العلاقة النسبية. ومن حقوق الأخوة: المخالطة بالإصلاح والنفع.
قال
الأصبهاني: وإذا كان هذا في أموال اليتامى واسعا، كان في غيرهم أوسع. وهو أصل شاهد لما يفعله الرفاق في الأسفار. يخرجون النفقات بالسوية، ويتباينون في قلة المطعم وكثرته.
[ ص: 557 ] nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220والله يعلم المفسد لأموالهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220من المصلح لها، فيجازيه على حسب مداخلته، فاحذروه ولا تتحروا غير الإصلاح:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220ولو شاء الله لأعنتكم لحملكم على العنت - وهو المشقة - وأحرجكم، فلم يطلق لكم مداخلتهم، ولا يمنعه من ذلك شيء
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220إن الله عزيز أي: غالب على ما أراد:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220حكيم أي: فاعل لأفعاله حسبما تقتضيه الحكمة الداعية إلى بناء التكليف على أساس الطاقة.
هذا، وقد حمل
القاضي قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220قل إصلاح لهم خير على جهات المصالح والخيرات العائدة إلى الولي واليتيم. قال رحمه الله: هذا الكلام يجمع النظر في صلاح مصالح اليتيم بالتقويم والتأديب وغيرهما لكي ينشأ على علم وأدب وفضل، لأن هذا الصنع أعظم تأثيرا فيه من إصلاح حاله بالتجارة. ويدخل فيه أيضا إصلاح ماله كي لا تأكله النفقة من جهة التجارة. ويدخل أيضا معنى قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ومعنى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220خير يتناول حال المتكفل. أي: هذا العمل خير له من أن يكون مقصرا في حق اليتيم. ويتناول حال اليتيم أيضا. أي: هذا العمل خير لليتيم من حيث إنه يتضمن صلاح نفسه وصلاح ماله. فهذه الكلمة جامعة لجميع مصالح اليتيم والولي.
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
nindex.php?page=hadith&LINKID=655546« أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا» . وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما. وروى نحوه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا في صحيحه.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
[220]
nindex.php?page=treesubj&link=28640_28723_32225_33310_33624_34091_34092_28973nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220فِي الدُّنْيَا أَنَّهَا فَانِيَةٌ - وَالْآخِرَةِ - أَنَّهَا بَاقِيَةٌ، وَفِي أُمُورِهِمَا لِتُصْلِحُوهَا وَلَا تَتَحَمَّلُوا مُفْسِدَاتِهِمَا، فَلَا تَتْرُكُوا اللَّذَائِذَ الْبَاقِيَةَ لِلَّذَائِذِ الْفَانِيَةِ.
[ ص: 556 ] nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14070وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمْ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=674410لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=152وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=10إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا انْطَلَقَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ يَتِيمٌ فَعَزَلَ طَعَامَهُ مِنْ طَعَامِهِ وَشَرَابَهُ مِنْ شَرَابِهِ، فَجَعَلَ يُفَضَّلُ لَهُ الشَّيْءُ مِنْ طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ، فَيُحْبَسُ لَهُ حَتَّى يَأْكُلَهُ أَوْ يَفْسَدَ، فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ. فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى الْآيَةَ فَخَلَطُوا طَعَامَهُمْ بِطَعَامِهِمْ وَشَرَابَهُمْ بِشَرَابِهِمْ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ أَيْ: مُدَاخَلَتُهُمْ عَلَى وَجْهِ الْإِصْلَاحِ لَهُمْ وَلِأَمْوَالِهِمْ خَيْرٌ مِنْ مُجَانَبَتِهِمْ. وَإِنَّمَا أُقِيمَ غَايَةُ الْمُدَاخَلَةِ - أَعْنِي الْإِصْلَاحَ - مَقَامَهَا، تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ مُدَاخَلَةٌ يَكُونُ تَرَتُّبُ الْإِصْلَاحِ عَلَيْهَا ظَاهِرًا، كَأَنَّهَا عَيْنُ الْإِصْلَاحِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ تُعَاشِرُوهُمْ وَلَمْ تُجَانِبُوهُمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220فَإِخْوَانُكُمْ فَهُمْ إِخْوَانِكُمْ فِي الدِّينِ - الَّذِي هُوَ أَقْوَى مِنَ الْعَلَاقَةِ النِّسْبِيَّةِ. وَمِنْ حُقُوقِ الْأُخُوَّةِ: الْمُخَالَطَةُ بِالْإِصْلَاحِ وَالنَّفْعِ.
قَالَ
الْأَصْبِهَانِيُّ: وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَاسِعًا، كَانَ فِي غَيْرِهِمْ أَوْسَعَ. وَهُوَ أَصْلٌ شَاهِدٌ لِمَا يَفْعَلُهُ الرِّفَاقُ فِي الْأَسْفَارِ. يُخْرِجُونَ النَّفَقَاتِ بِالسَّوِيَّةِ، وَيَتَبَايَنُونَ فِي قِلَّةِ الْمَطْعَمِ وَكَثْرَتِهِ.
[ ص: 557 ] nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ لِأَمْوَالِهِمْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220مِنَ الْمُصْلِحِ لَهَا، فَيُجَازِيهِ عَلَى حَسَبِ مُدَاخَلَتِهِ، فَاحْذَرُوهُ وَلَا تَتَحَرَّوْا غَيْرَ الْإِصْلَاحِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ لَحَمَلَكُمْ عَلَى الْعَنَتِ - وَهُوَ الْمَشَقَّةُ - وَأَحْرَجَكُمْ، فَلَمْ يُطْلِقْ لَكُمْ مُدَاخَلَتَهُمْ، وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ أَيْ: غَالِبٌ عَلَى مَا أَرَادَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220حَكِيمٌ أَيْ: فَاعِلٌ لِأَفْعَالِهِ حَسْبَمَا تَقْتَضِيهِ الْحِكْمَةُ الدَّاعِيَةُ إِلَى بِنَاءِ التَّكْلِيفِ عَلَى أَسَاسِ الطَّاقَةِ.
هَذَا، وَقَدْ حَمَلَ
الْقَاضِي قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ عَلَى جِهَاتِ الْمَصَالِحِ وَالْخَيْرَاتِ الْعَائِدَةِ إِلَى الْوَلِيِّ وَالْيَتِيمِ. قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ: هَذَا الْكَلَامُ يَجْمَعُ النَّظَرَ فِي صَلَاحِ مَصَالِحِ الْيَتِيمِ بِالتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ وَغَيْرِهِمَا لِكَيْ يَنْشَأَ عَلَى عِلْمٍ وَأَدَبٍ وَفَضْلٍ، لِأَنَّ هَذَا الصُّنْعَ أَعْظَمُ تَأْثِيرًا فِيهِ مِنْ إِصْلَاحِ حَالِهِ بِالتِّجَارَةِ. وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا إِصْلَاحُ مَالِهِ كَيْ لَا تَأْكُلَهُ النَّفَقَةُ مِنْ جِهَةِ التِّجَارَةِ. وَيَدْخُلُ أَيْضًا مَعْنَى قَوْلِهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220خَيْرٌ يَتَنَاوَلُ حَالَ الْمُتَكَفِّلِ. أَيْ: هَذَا الْعَمَلُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُقَصِّرًا فِي حَقِّ الْيَتِيمِ. وَيَتَنَاوَلُ حَالَ الْيَتِيمِ أَيْضًا. أَيْ: هَذَا الْعَمَلُ خَيْرٌ لِلْيَتِيمِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَتَضَمَّنُ صَلَاحَ نَفْسِهِ وَصَلَاحَ مَالِهِ. فَهَذِهِ الْكَلِمَةُ جَامِعَةٌ لِجَمِيعِ مَصَالِحِ الْيَتِيمِ وَالْوَلِيِّ.
وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=31سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=655546« أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا» . وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا. وَرَوَى نَحْوَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ أَيْضًا فِي صَحِيحِهِ.