القول في تأويل قوله تعالى:
[ 5 - 11 ]
nindex.php?page=treesubj&link=19863_2649_30483_34358_34359_29063nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=5فأما من أعطى واتقى nindex.php?page=treesubj&link=29680_30179_30384_30483_29063nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=6وصدق بالحسنى nindex.php?page=treesubj&link=29680_30454_29063nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=7فسنيسره لليسرى nindex.php?page=treesubj&link=18896_2650_34292_29063nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=8وأما من بخل واستغنى nindex.php?page=treesubj&link=28760_30384_30549_29063nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=9وكذب بالحسنى nindex.php?page=treesubj&link=30454_30525_29063nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=10فسنيسره للعسرى nindex.php?page=treesubj&link=30311_30351_29063nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=11وما يغني عنه ماله إذا تردى
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=5فأما من أعطى واتقى تفصيل لتلك المساعي الشتى، وتبيين لمآلها ما تقدم.
[ ص: 6176 ] قال
الرازي: وفي "أعطى" وجهان:
أحدهما: أن يكون المراد إنفاق المال في جميع وجوه الخير من عتق الرقاب، وفك الأسارى وتقوية المسلمين على عدوهم، كما كان يفعله
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر ، سواء كان ذلك واجبا أو نفلا وإطلاق هذا كالإطلاق في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=3ومما رزقناهم ينفقون فإن المراد منه كل ما كان إنفاقا في سبيل الله، سواء كان واجبا أو نفلا. وقد مدح الله قوما فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا وقال في آخر هذه السورة
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=17وسيجنبها الأتقى nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=18الذي يؤتي ماله يتزكى الآية.
وثانيهما: أن قوله: "أعطى" يتناول إعطاء حقوق المال، وإعطاء حقوق النفس في طاعة الله تعالى. يقال: فلان أعطى الطاعة وأعطى السعة. انتهى.
إلا أن الأول هو المناسب للإعطاء; لأن المعروف فيه تعلقه بالمال خصوصا وقد وقع في مقابلة ذكر البخل والمال
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=5واتقى أي: ربه فاجتنب محارمه.
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=6وصدق بالحسنى أي: بالمثوبة الحسنى. قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : أي: صدق بموعود الله الحسن. وهو بمعنى قول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : إنها الجنة كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=23ومن يقترف حسنة نـزد له فيها حسنا فسمى
nindex.php?page=treesubj&link=28847مضاعفة الأجر حسنى. وقال
القاشاني: أي: صدق بالفضيلة الحسنى التي هي مرتبة الكمال بالإيمان العلمي، إذ لو لم يتيقن بوجود كمال كامل لم يمكنه الترقي.
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=7فسنيسره لليسرى أي: فسنهيئه ونوفقه للطريقة اليسرى، التي هي السلوك في طريق الحق، لقوة يقينه.
قال
الشهاب: ولما كانت مؤدية إلى اليسر، وهو الأمر السهل الذي يستريح به الناس وصفت بأنها يسرى، على أنه استعارة مصرحة أو مجاز مرسل أو تجوز في الإسناد.
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=8وأما من بخل أي: بالنفقة في سبيل الله، ومنع ما
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب الله له من فضله من صرفه في الوجوه التي أمر الله بصرفه فيها
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=8واستغنى أي: عن ربه فلم يرغب إليه بالعمل له
[ ص: 6177 ] بطاعته بالزيادة فيما خوله، أو استغنى بماله عن كسب الفضيلة، وعمه به عن الحق.
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=9وكذب بالحسنى أي: بوجود المثوبة للحسنى لمن آمن بالحق، لاستغنائه بالحياة الدنيا واحتجابه بها عن عالم الآخرة.
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=10فسنيسره للعسرى أي: للطريقة العسرى المؤدية إلى الشقاء الأبدي.
قال
الإمام: الخطة العسرى هي الخطة التي يحط فيها الإنسان من نفسه، ويغض من حقها وينزل بها إلى حضيض البهيمية، ويغمسها في أوحال الخطيئة. وهي أعسر الخطتين على الإنسان، لأنه لا يجد معينا عليها، لا من فطرته ولا من الناس.
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=11وما يغني عنه ماله إذا تردى أي: وما يفيده ماله الذي تعب في تحصيله، وأفنى عمره في حفظه وبطر الحق لأجله، إذا هلك، من قولهم: (تردى من الجبل وفي الهوة)، وفي التعبير به إشارة إلى أنه بما قدمه من أعماله الخبيثة، هو المهلك والموقع لنفسه. وهو الحافر على حتفه بظلفه. و "ما" نافية أو استفهامية في معنى الإنكار. وقوله:
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
[ 5 - 11 ]
nindex.php?page=treesubj&link=19863_2649_30483_34358_34359_29063nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=5فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى nindex.php?page=treesubj&link=29680_30179_30384_30483_29063nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=6وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى nindex.php?page=treesubj&link=29680_30454_29063nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=7فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى nindex.php?page=treesubj&link=18896_2650_34292_29063nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=8وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى nindex.php?page=treesubj&link=28760_30384_30549_29063nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=9وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى nindex.php?page=treesubj&link=30454_30525_29063nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=10فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى nindex.php?page=treesubj&link=30311_30351_29063nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=11وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=5فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى تَفْصِيلٌ لِتِلْكَ الْمَسَاعِي الشَّتَّى، وَتَبْيِينٌ لِمَآلِهَا مَا تَقَدَّمَ.
[ ص: 6176 ] قَالَ
الرَّازِيُّ: وَفِي "أَعْطَى" وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ إِنْفَاقَ الْمَالِ فِي جَمِيعِ وُجُوهِ الْخَيْرِ مِنْ عِتْقِ الرِّقَابِ، وَفَكِّ الْأَسَارَى وَتَقْوِيَةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى عَدُوِّهِمْ، كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا أَوْ نَفْلًا وَإِطْلَاقُ هَذَا كَالْإِطْلَاقِ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=3وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَإِنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ كُلُّ مَا كَانَ إِنْفَاقًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا أَوْ نَفْلًا. وَقَدْ مَدَحَ اللَّهُ قَوْمًا فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=8وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا وَقَالَ فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=17وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=18الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى الْآيَةَ.
وَثَانِيهِمَا: أَنَّ قَوْلَهُ: "أَعْطَى" يَتَنَاوَلُ إِعْطَاءَ حُقُوقِ الْمَالِ، وَإِعْطَاءَ حُقُوقِ النَّفْسِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى. يُقَالُ: فُلَانٌ أَعْطَى الطَّاعَةَ وَأَعْطَى السِّعَةَ. انْتَهَى.
إِلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْإِعْطَاءِ; لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ فِيهِ تَعَلُّقُهُ بِالْمَالِ خُصُوصًا وَقَدْ وَقَعَ فِي مُقَابَلَةِ ذِكْرِ الْبُخْلِ وَالْمَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=5وَاتَّقَى أَيْ: رَبَّهُ فَاجْتَنَبَ مَحَارِمَهُ.
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=6وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى أَيْ: بِالْمَثُوبَةِ الْحُسْنَى. قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ : أَيْ: صَدَّقَ بِمَوْعُودِ اللَّهِ الْحَسَنِ. وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ : إِنَّهَا الْجَنَّةُ كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=23وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَـزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا فَسَمَّى
nindex.php?page=treesubj&link=28847مُضَاعَفَةَ الْأَجْرِ حُسْنَى. وَقَالَ
الْقَاشَانِيُّ: أَيْ: صَدَّقَ بِالْفَضِيلَةِ الْحُسْنَى الَّتِي هِيَ مَرْتَبَةُ الْكَمَالِ بِالْإِيمَانِ الْعِلْمِيِّ، إِذْ لَوْ لَمْ يَتَيَقَّنْ بِوُجُودِ كَمَالٍ كَامِلٍ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّرَقِّي.
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=7فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى أَيْ: فَسَنُهَيِّئُهُ وَنُوَفِّقُهُ لِلطَّرِيقَةِ الْيُسْرَى، الَّتِي هِيَ السُّلُوكُ فِي طَرِيقِ الْحَقِّ، لِقُوَّةِ يَقِينِهِ.
قَالَ
الشِّهَابُ: وَلَمَّا كَانَتْ مُؤَدِّيَةً إِلَى الْيُسْرِ، وَهُوَ الْأَمْرُ السَّهْلُ الَّذِي يَسْتَرِيحُ بِهِ النَّاسُ وُصِفَتْ بِأَنَّهَا يُسْرَى، عَلَى أَنَّهُ اسْتِعَارَةٌ مُصَرِّحَةٌ أَوْ مَجَازٌ مُرْسَلٌ أَوْ تَجَوُّزٌ فِي الْإِسْنَادِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=8وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ أَيْ: بِالنَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَنْعِ مَا
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهَبَ اللَّهُ لَهُ مِنْ فَضْلِهِ مِنْ صَرْفِهِ فِي الْوُجُوهِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِصَرْفِهِ فِيهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=8وَاسْتَغْنَى أَيْ: عَنْ رَبِّهِ فَلَمْ يَرْغَبْ إِلَيْهِ بِالْعَمَلِ لَهُ
[ ص: 6177 ] بِطَاعَتِهِ بِالزِّيَادَةِ فِيمَا خَوَّلَهُ، أَوِ اسْتَغْنَى بِمَالِهِ عَنْ كَسْبِ الْفَضِيلَةِ، وَعَمِهَ بِهِ عَنِ الْحَقِّ.
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=9وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى أَيْ: بِوُجُودِ الْمَثُوبَةِ لِلْحُسْنَى لِمَنْ آمَنَ بِالْحَقِّ، لِاسْتِغْنَائِهِ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاحْتِجَابِهِ بِهَا عَنْ عَالَمِ الْآخِرَةِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=10فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى أَيْ: لِلطَّرِيقَةِ الْعُسْرَى الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى الشَّقَاءِ الْأَبَدِيِّ.
قَالَ
الْإِمَامُ: الْخُطَّةُ الْعُسْرَى هِيَ الْخُطَّةُ الَّتِي يَحُطُّ فِيهَا الْإِنْسَانُ مِنْ نَفْسِهِ، وَيَغُضُّ مِنْ حَقِّهَا وَيَنْزِلُ بِهَا إِلَى حَضِيضِ الْبَهِيمِيَّةِ، وَيَغْمِسُهَا فِي أَوْحَالِ الْخَطِيئَةِ. وَهِيَ أَعْسَرُ الْخُطَّتَيْنِ عَلَى الْإِنْسَانِ، لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ مُعِينًا عَلَيْهَا، لَا مِنْ فِطْرَتِهِ وَلَا مِنَ النَّاسِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=92&ayano=11وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى أَيْ: وَمَا يُفِيدُهُ مَالُهُ الَّذِي تَعِبَ فِي تَحْصِيلِهِ، وَأَفْنَى عُمْرَهُ فِي حِفْظِهِ وَبَطِرَ الْحَقَّ لِأَجْلِهِ، إِذَا هَلَكَ، مِنْ قَوْلِهِمْ: (تَرَدَّى مِنَ الْجَبَلِ وَفِي الْهُوَّةِ)، وَفِي التَّعْبِيرِ بِهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ بِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَعْمَالِهِ الْخَبِيثَةِ، هُوَ الْمُهْلِكُ وَالْمُوقِعُ لِنَفْسِهِ. وَهُوَ الْحَافِرُ عَلَى حَتْفِهِ بِظِلْفِهِ. وَ "مَا" نَافِيَةٌ أَوِ اسْتِفْهَامِيَّةٌ فِي مَعْنَى الْإِنْكَارِ. وَقَوْلُهُ: