القول في تأويل قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=1830_28640_28790_30532_30539_32857_34487_34491_842_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا [102]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وإذا كنت فيهم أي: مع أصحابك شهيدا وأنتم تخافون العدو
[ ص: 1517 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فأقمت لهم الصلاة أي: أردت أن تقيم بهم الصلاة بالجماعة التي لوفور أجرها يتحمل مشاقها
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فلتقم طائفة منهم معك في الصلاة، أي: بعد أن جعلتم طائفتين، ولتقف الطائفة الأخرى بإزاء العدو ليحرسوكم منهم، وإنما لم يصرح به لظهوره.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وليأخذوا أي: الطائفة التي قامت معك
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102أسلحتهم معهم؛ لأنه أقرب للاحتياط
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فإذا سجدوا أي: القائمون معك سجدتي الركعة الأولى وأتموا الركعة، فارقوك وأتموا صلاتهم، وتقوم إلى الثانية منتظرا، فإذا فرغوا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فليكونوا من ورائكم أي: فلينصرفوا إلى مقابلة العدو للحراسة.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا وهي الطائفة الواقعة تجاه العدو
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فليصلوا ركعتهم الأولى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102معك وأنت في الثانية، فإذا جلست منتظرا قاموا إلى ثانيتهم وأتموها ثم جلسوا ليسلموا معك، ولم يبين في الآية الكريمة حال الركعة الرابعة الباقية لكل من الطائفتين؛ اكتفاء ببيانه - صلى الله عليه وسلم - لهم، كما يأتي.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وليأخذوا حذرهم أي: تيقظهم؛ لأن العدو يتوهمون في الأولى كون المسلمين قائمين في الحرب، فإذا قاموا إلى الثانية ظهر لهم أنهم في الصلاة فههنا ينتهزون الفرصة في الهجوم عليهم، فلذا خص هذا الموضع بزيادة تحذير فقال: (وليأخذوا حذرهم) وجعله كالآلة، فأمر بأخذه وعطف عليه
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وأسلحتهم قال
nindex.php?page=showalam&ids=15466الواحدي: فيه رخصة للخائف في الصلاة بأن يجعل بعض فكره في غير الصلاة.
قال
أبو السعود : وتكليف كل من الطائفتين بما ذكر؛ لما أن الاشتغال بالصلاة مظنة لإلقاء السلاح والإعراض عن غيرها، ومئنة لهجوم العدو، كما ينطق به قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102ود الذين كفروا أي: تمنوا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102لو تغفلون عن أسلحتكم فتضعونها
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وأمتعتكم أي: حوائجكم التي بها بلاغكم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فيميلون عليكم ميلة واحدة أي: يحملون حملة واحدة فيقتلوكم، فهذا علة الأمر بأخذ السلاح، والأمر بذلك للوجوب؛ لقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102ولا جناح عليكم أي: لا حرج ولا إثم عليكم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102إن كان بكم أذى من مطر يثقل معه حمل السلاح
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102أو كنتم مرضى يثقل
[ ص: 1518 ] عليكم حمله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102أن تضعوا أسلحتكم
أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال: نزلت:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى في
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف كان جريحا، ثم أمروا مع ذلك بالتيقظ والاحتياط، فقيل:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وخذوا حذركم لئلا يهجم عليكم العدو غيلة.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا أي: يهانون به، ويقال: شديدا.
قال
أبو السعود : هذا تعليل الأمر بأخذ الحذر، أي: أعد لهم عذابا مهينا بأن يخذلهم وينصركم عليهم، فاهتموا بأموركم ولا تهملوا في مباشرة الأسباب كي يحل بهم عذابه بأيديكم.
وقيل: لما كان الأمر بالحذر من العدو موهما لتوقع غلبته واعتزازه نفي ذلك الإيهام بأن الله تعالى ينصرهم ويهين عدوهم لتقوى قلوبهم.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=1830_28640_28790_30532_30539_32857_34487_34491_842_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا [102]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ أَيْ: مَعَ أَصْحَابِكَ شَهِيدًا وَأَنْتُمْ تَخَافُونَ الْعَدُوَّ
[ ص: 1517 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ أَيْ: أَرَدْتَ أَنْ تُقِيمَ بِهِمُ الصَّلَاةَ بِالْجَمَاعَةِ الَّتِي لِوُفُورِ أَجْرِهَا يُتَحَمَّلُ مَشَاقُّهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ فِي الصَّلَاةِ، أَيْ: بَعْدَ أَنْ جُعِلْتُمْ طَائِفَتَيْنِ، وَلْتَقِفِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ لِيَحْرُسُوكُمْ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ لِظُهُورِهِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وَلْيَأْخُذُوا أَيِ: الطَّائِفَةُ الَّتِي قَامَتْ مَعَكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102أَسْلِحَتَهُمْ مَعَهُمْ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلِاحْتِيَاطِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فَإِذَا سَجَدُوا أَيِ: الْقَائِمُونَ مَعَكَ سَجْدَتَيِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَأَتَمُّوا الرَّكْعَةَ، فَارَقُوكَ وَأَتَمُّوا صَلَاتَهُمْ، وَتَقُومُ إِلَى الثَّانِيَةِ مُنْتَظِرًا، فَإِذَا فَرَغُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ أَيْ: فَلْيَنْصَرِفُوا إِلَى مُقَابَلَةِ الْعَدُوِّ لِلْحِرَاسَةِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا وَهِيَ الطَّائِفَةُ الْوَاقِعَةُ تُجَاهَ الْعَدُوِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فَلْيُصَلُّوا رَكْعَتَهُمُ الْأُولَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102مَعَكَ وَأَنْتَ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِذَا جَلَسْتَ مُنْتَظِرًا قَامُوا إِلَى ثَانِيَتِهِمْ وَأَتَمُّوهَا ثُمَّ جَلَسُوا لِيُسَلِّمُوا مَعَكَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ حَالَ الرَّكْعَةِ الرَّابِعَةِ الْبَاقِيَةِ لِكُلٍّ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ؛ اكْتِفَاءً بِبَيَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمْ، كَمَا يَأْتِي.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ أَيْ: تَيَقُّظَهُمْ؛ لِأَنَّ الْعَدُوَّ يَتَوَهَّمُونَ فِي الْأُولَى كَوْنَ الْمُسْلِمِينَ قَائِمِينَ فِي الْحَرْبِ، فَإِذَا قَامُوا إِلَى الثَّانِيَةِ ظَهَرَ لَهُمْ أَنَّهُمْ فِي الصَّلَاةِ فَهَهُنَا يَنْتَهِزُونَ الْفُرْصَةَ فِي الْهُجُومِ عَلَيْهِمْ، فَلِذَا خَصَّ هَذَا الْمَوْضِعَ بِزِيَادَةِ تَحْذِيرٍ فَقَالَ: (وَلِيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ) وَجَعَلَهُ كَالْآلَةِ، فَأَمَرَ بِأَخْذِهِ وَعَطَفَ عَلَيْهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وَأَسْلِحَتَهُمْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15466الْوَاحِدِيُّ: فِيهِ رُخْصَةٌ لِلْخَائِفِ فِي الصَّلَاةِ بِأَنْ يَجْعَلَ بَعْضَ فِكْرِهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ.
قَالَ
أَبُو السُّعُودِ : وَتَكْلِيفُ كُلٍّ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ بِمَا ذُكِرَ؛ لِمَا أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالصَّلَاةِ مَظِنَّةٌ لِإِلْقَاءِ السِّلَاحِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْ غَيْرِهَا، وَمَئِنَّةٌ لِهُجُومِ الْعَدُوِّ، كَمَا يَنْطِقُ بِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَيْ: تَمَنَّوْا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ فَتَضَعُونَهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وَأَمْتِعَتِكُمْ أَيْ: حَوَائِجِكُمُ الَّتِي بِهَا بَلَاغُكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً أَيْ: يَحْمِلُونَ حَمْلَةً وَاحِدَةً فَيَقْتُلُوكُمْ، فَهَذَا عِلَّةُ الْأَمْرِ بِأَخْذِ السِّلَاحِ، وَالْأَمْرُ بِذَلِكَ لِلْوُجُوبِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَيْ: لَا حَرَجَ وَلَا إِثْمَ عَلَيْكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ يَثْقُلُ مَعَهُ حَمْلُ السِّلَاحِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى يَثْقُلُ
[ ص: 1518 ] عَلَيْكُمْ حَمْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ
أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى فِي
nindex.php?page=showalam&ids=38عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ كَانَ جَرِيحًا، ثُمَّ أُمِرُوا مَعَ ذَلِكَ بِالتَّيَقُّظِ وَالِاحْتِيَاطِ، فَقِيلَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وَخُذُوا حِذْرَكُمْ لِئَلَّا يَهْجُمَ عَلَيْكُمُ الْعَدُوُّ غِيلَةً.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا أَيْ: يُهَانُونَ بِهِ، وَيُقَالُ: شَدِيدًا.
قَالَ
أَبُو السُّعُودِ : هَذَا تَعْلِيلُ الْأَمْرِ بِأَخْذِ الْحَذَرِ، أَيْ: أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا بِأَنْ يَخْذُلَهُمْ وَيَنْصُرَكُمْ عَلَيْهِمْ، فَاهْتَمُّوا بِأُمُورِكُمْ وَلَا تُهْمِلُوا فِي مُبَاشَرَةِ الْأَسْبَابِ كَيْ يَحِلَّ بِهِمْ عَذَابُهُ بِأَيْدِيكُمْ.
وَقِيلَ: لَمَّا كَانَ الْأَمْرُ بِالْحَذَرِ مِنَ الْعَدُوِّ مُوهِمًا لِتَوَقُّعِ غَلَبَتِهِ وَاعْتِزَازِهِ نُفِيَ ذَلِكَ الْإِيهَامُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَنْصُرُهُمْ وَيُهِينُ عَدُوَّهَمْ لِتَقْوَى قُلُوبِهِمْ.