[ ص: 1788 ] بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء السادس
nindex.php?page=treesubj&link=32268_28861_28883سورة المائدة
سميت بها لأن قصتها أعجب ما ذكر فيها. لاشتمالها على آيات كثيرة ولطف عظيم على من آمن. وعنف شديد على من كفر. فهو أعظم دواعي قبول التكاليف، المفيدة عقدة المحبة من الاتصال الإيماني بين الله وبين عبيده. أفاده
المهايمي.
وهذه السورة مدنية. وآياتها مائة وعشرون.
قال
الشهاب الخفاجي: السورة مدنية، إلا قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3اليوم أكملت لكم دينكم إلخ، فإنها نزلت
بمكة. انتهى.
أقول: في كلامه نظران:
الأول: - إن هذا بناء على أن المكي ما نزل
بمكة ولو بعد الهجرة. والمدني ما نزل
بالمدينة، وهو اصطلاح لبعض السلف. ولكن الأشهر كما في (الإتقان) أن المكي ما نزل قبل الهجرة. والمدني ما نزل بعدها، سواء نزل
بمكة أم
بالمدينة، عام الفتح أو عام حجة الوداع، أم بسفر من الأسفار.
الثاني - بقي عليه، لو مشى على ذاك الاصطلاح آيات آخر.
قال
السيوطي في (الإتقان): في (النوع الثاني معرفة الحضري والسفري) للسفري أمثلة.
منها: أول المائدة. أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في (شعب الإيمان) عن
nindex.php?page=showalam&ids=10382أسماء بنت يزيد أنها نزلت
بمنى. وأخرج في (الدلائل) عن
أم عمرو، عن عمها أنها نزلت في مسير له، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب قال: نزلت سورة المائدة في حجة الوداع، فيما بين
مكة والمدينة. [ ص: 1789 ] ومنها:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3اليوم أكملت لكم دينكم في الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر:
أنها نزلت عشية
عرفة، يوم الجمعة، عام حجة الوداع، وله طرق كثيرة. لكن أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13508ابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري، أنها نزلت يوم
غدير خم. وأخرج مثله من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة، وفيه: إنه اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، مرجعه من حجة الوداع، وكلاهما لا يصح.
ومنها: آية التيمم فيها. في الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أنها نزلت بالبيداء وهم داخلون
المدينة. [ ص: 1790 ] ومنها:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=11يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم الآية. نزلت
ببطن نخل.
ومنها:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=67والله يعصمك من الناس نزلت في ذات الرقاع. انتهى.
وسيأتي إن شاء الله تعالى بسط هذه الروايات، عند هذه الآيات.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير: روى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=hadith&LINKID=707139عن nindex.php?page=showalam&ids=10382أسماء بنت يزيد قالت: إني لآخذة بزمام العضباء - ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم - إذ نزلت عليه المائدة كلها. فكادت من ثقلها تدق عضد الناقة.
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=687199أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المائدة وهو راكب على راحلته، لم تستطع أن تحمله، فنزل عنها. تفرد به
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد.
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم عن
nindex.php?page=showalam&ids=15622جبير بن نفير قال: حججت فدخلت على
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة فقالت لي: يا
جبير! تقرأ المائدة؟ فقلت: نعم. فقالت: أما إنها آخر سورة نزلت. فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه، وما وجدتم فيها من حرام فحرموه، ثم قال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
[ ص: 1791 ] بسم الله الرحمن الرحيم
القول في تأويل قوله تعالى:
[1]
nindex.php?page=treesubj&link=17047_25507_29723_30945_32445_34089_34383_3441_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود روى
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم; أن رجلا أتى
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود فقال: اعهد إلي! فقال: إذا سمعت الله يقول: يا أيها الذين آمنوا فأرعها سمعك، فإنه خير يأمر به، أو شر ينهى عنه.
و (الوفاء) ضد الغدر، كما في "القاموس" وقال غيره: هو ملازمة طريق المواساة ومحافظة عهود الخلطاء. يقال: وفى بالعهد وأوفى به.
قال
ناصر الدين في "الانتصاف": ورد في الكتاب العزيز: وفى بالتضعيف في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=37وإبراهيم الذي وفى ورد: أوفى كثيرا. ومنه: أوفوا العقود. وأما: (وفى) ثلاثيا، فلم يرد إلا في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111ومن أوفى بعهده من الله لأنه بنى أفعل التفضيل من: (وفى) إذ لا يبنى إلا من ثلاثي.
[ ص: 1792 ] و (العقود) جمع عقد؛ وهو العهد الموثق. شبه بعقد الحبل ونحوه، وهي عقود الله التي عقدها على عباده وألزمها إياهم من مواجب التكليف.
قال
علي بن طلحة: قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: يعني بالعهود ما أحل الله وما حرم، وما فرض، وما حد في القرآن كله، ولا تغدروا ولا تنكثوا. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم: العقود ستة: عهد الله، وعقد الحلف، وعقد الشركة، وعقد البيع، وعقد النكاح، وعقد اليمين. قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري: والظاهر أنها عقود الله عليهم في دينه، من تحليل حلاله وتحريم حرامه. وأنه كلام قديم مجملا. ثم عقب بالتفصيل. وهو قوله: أحلت لكم بهيمة الأنعام البهيمة ما لا عقل له مطلقا، من ذوات الأرواح أو ذوات الأربع.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب: خص في المتعارف بما عدا السباع والطير، وإضافتها للأنعام، للبيان كثوب الخز. وإفرادها لإرادة الجنس. أي: أحل لكم أكل البهيمة من الأنعام. جمع (نعم) محركة وقد تسكن عينه. هي الإبل والبقر والشاء والمعز: إلا ما يتلى يعني: رخصت لكم الأنعام كلها. إلا ما حرم عليكم في هذه السورة، وهي الميتة والدم ولحم الخنزير وغير ذلك.
وذلك أنهم كانوا يحرمون السائبة والبحيرة.
فأخبر الله تعالى أنهما حلالان، إلا ما بين في هذه السورة، ثم قال: غير محلي الصيد وأنتم حرم يعني: أحلت لكم هذه الأشياء. من غير أن تستحلوا الصيد وأنتم محرمون. ف: (غير) نصب على الحالية من ضمير (لكم). قال في "العناية": ولا يرد ما قيل: إنه يلزم تقيد إحلال بهيمة الأنعام بحال انتفاء حل الصيد وهم حرم. وهي قد أحلت لهم مطلقا. ولا يظهر له فائدة، إلا إذا عنى بالبهيمة الظباء وحمر الوحش وبقره، لأنه – مع عدم اطراد اعتبار المفهوم - يعلم منه غيره بالطريق الأولى. لأنها إذا أحلت في عدم الإحلال لغيرها، وهم محرمون لدفع الحرج عنهم، فكيف في غير هذه الحال؟ فيكون بيانا لإنعام الله عليهم بما رخص لهم من ذلك.
وبيانا لأنهم في غنية عن الصيد وانتهاك حرمة الحرم. وفي "الإكليل": في الآية تحريم
nindex.php?page=treesubj&link=25507_3441الصيد في الإحرام والحرم. لأن: (حرما) بمعنى محرمين، ويقال: أحرم أي: بحج وعمرة. وأحرم: دخل في الحرم. انتهى.
[ ص: 1793 ] قال بعض
الزيدية: والمراد بالصيد المحرم على المحرم. هو صيد البر. لقوله في هذه السورة:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما هذا إذا جعل (حرم) جمع (محرم) وهو الفاعل للإحرام، وإن جعل للداخل في
الحرم، استوى تحريم البحري والبري. وذلك حيث يكون في الحرم نهر فيه صيد فيحرم، لقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97ومن دخله كان آمنا لأنه يقال لمن دخل
الحرم، أنه محرم. كما يقال: أعرق وأنجد: إذا دخل
العراق ونجدا. ويكون التحريم في
مكة وحرم المدينة؛ لما ورد من الأخبار في النهي عن
nindex.php?page=treesubj&link=30684صيد المدينة وأخذ شجرها. نحو:
المدينة حرم من
عير إلى
ثور. انتهى.
إن الله يحكم ما يريد من تحليل وتحريم. وهو الحكيم في جميع ما يأمر به وينهى عنه.
[ ص: 1788 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْجُزْءُ السَّادِسُ
nindex.php?page=treesubj&link=32268_28861_28883سُورَةُ الْمَائِدَةِ
سُمِّيَتْ بِهَا لِأَنَّ قِصَّتَهَا أَعْجَبُ مَا ذُكِرَ فِيهَا. لِاشْتِمَالِهَا عَلَى آيَاتٍ كَثِيرَةٍ وَلُطْفٍ عَظِيمٍ عَلَى مَنْ آمَنَ. وَعُنْفٍ شَدِيدٍ عَلَى مَنْ كَفَرَ. فَهُوَ أَعْظَمُ دَوَاعِي قَبُولِ التَّكَالِيفِ، الْمُفِيدَةِ عُقْدَةَ الْمَحَبَّةِ مِنَ الِاتِّصَالِ الْإِيمَانِيِّ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ عَبِيدِهِ. أَفَادَهُ
الْمَهَايِمِيُّ.
وَهَذِهِ السُّورَةُ مَدَنِيَّةٌ. وَآيَاتُهَا مِائَةٌ وَعِشْرُونَ.
قَالَ
الشِّهَابُ الْخَفَاجِيُّ: السُّورَةُ مَدَنِيَّةٌ، إِلَّا قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ إِلَخْ، فَإِنَّهَا نَزَلَتْ
بِمَكَّةَ. انْتَهَى.
أَقُولُ: فِي كَلَامِهِ نَظَرَانِ:
الْأَوَّلُ: - إِنَّ هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَكِّيَّ مَا نَزَلَ
بِمَكَّةَ وَلَوْ بَعْدَ الْهِجْرَةِ. وَالْمَدَنِيَّ مَا نَزَلَ
بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ اصْطِلَاحٌ لِبَعْضِ السَّلَفِ. وَلَكِنَّ الْأَشْهَرَ كَمَا فِي (الْإِتْقَانِ) أَنَّ الْمَكِّيَّ مَا نَزَلَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ. وَالْمَدَنِيَّ مَا نَزَلَ بَعْدَهَا، سَوَاءٌ نَزَلَ
بِمَكَّةَ أَمْ
بِالْمَدِينَةِ، عَامَ الْفَتْحِ أَوْ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، أَمْ بِسَفَرٍ مِنَ الْأَسْفَارِ.
الثَّانِي - بَقِيَ عَلَيْهِ، لَوْ مَشَى عَلَى ذَاكَ الِاصْطِلَاحِ آيَاتٌ آخَرُ.
قَالَ
السُّيُوطِيُّ فِي (الْإِتْقَانِ): فِي (النَّوْعِ الثَّانِي مَعْرِفَةُ الْحَضَرِيِّ وَالسَّفَرِيِّ) لِلسَّفَرِيِّ أَمْثِلَةٌ.
مِنْهَا: أَوَّلُ الْمَائِدَةِ. أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ فِي (شُعَبِ الْإِيمَانِ) عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10382أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ أَنَّهَا نَزَلَتْ
بِمِنًى. وَأَخْرَجَ فِي (الدَّلَائِلِ) عَنْ
أُمِّ عَمْرٍو، عَنْ عَمِّهَا أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مَسِيرٍ لَهُ، وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12074أَبُو عُبَيْدٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: نَزَلَتْ سُورَةُ الْمَائِدَةِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فِيمَا بَيْنَ
مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ. [ ص: 1789 ] وَمِنْهَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ:
أَنَّهَا نَزَلَتْ عَشِيَّةَ
عَرَفَةَ، يَوْمَ الْجُمْعَةِ، عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَلَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ. لَكِنْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13508ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهَا نَزَلَتْ يَوْمَ
غَدِيرِ خُمٍّ. وَأَخْرَجَ مِثْلَهُ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِيهِ: إِنَّهُ الْيَوْمُ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، مَرْجِعَهُ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ.
وَمِنْهَا: آيَةُ التَّيَمُّمِ فِيهَا. فِي الصَّحِيحِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِالْبَيْدَاءِ وَهُمْ دَاخِلُونَ
الْمَدِينَةَ. [ ص: 1790 ] وَمِنْهَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=11يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ الْآيَةَ. نَزَلَتْ
بِبَطْنِ نَخْلٍ.
وَمِنْهَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=67وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ نَزَلَتْ فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ. انْتَهَى.
وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بَسْطُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ، عِنْدَ هَذِهِ الْآيَاتِ.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنُ كَثِيرٍ: رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ nindex.php?page=hadith&LINKID=707139عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=10382أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ: إِنِّي لَآخِذَةٌ بِزِمَامِ الْعَضْبَاءِ - نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ الْمَائِدَةُ كُلُّهَا. فَكَادَتْ مِنْ ثِقَلِهَا تَدُقُّ عَضُدَ النَّاقَةِ.
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=687199أُنْزِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُورَةُ الْمَائِدَةِ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ، لَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَحْمِلَهُ، فَنَزَلَ عَنْهَا. تَفَرَّدَ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ.
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14070الْحَاكِمُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15622جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: حَجَجْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ فَقَالَتْ لِي: يَا
جُبَيْرُ! تَقْرَأُ الْمَائِدَةَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَتْ: أَمَا إِنَّهَا آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ. فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهَا مِنْ حَلَالٍ فَاسْتَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهَا مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، ثُمَّ قَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.
[ ص: 1791 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
[1]
nindex.php?page=treesubj&link=17047_25507_29723_30945_32445_34089_34383_3441_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ; أَنَّ رَجُلًا أَتَى
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ: اعْهَدْ إِلَيَّ! فَقَالَ: إِذَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فَأَرْعِهَا سَمْعَكَ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ يَأْمُرُ بِهِ، أَوْ شَرٌّ يَنْهَى عَنْهُ.
وَ (الْوَفَاءُ) ضِدُّ الْغَدْرِ، كَمَا فِي "الْقَامُوسِ" وَقَالَ غَيْرُهُ: هُوَ مُلَازَمَةُ طَرِيقِ الْمُوَاسَاةِ وَمُحَافَظَةُ عُهُودِ الْخُلَطَاءِ. يُقَالُ: وَفَى بِالْعَهْدِ وَأَوْفَى بِهِ.
قَالَ
نَاصِرُ الدِّينِ فِي "الِانْتِصَافِ": وَرَدَ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ: وَفَّى بِالتَّضْعِيفِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=37وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى وَرَدَ: أَوْفَى كَثِيرًا. وَمِنْهُ: أَوْفُوا الْعُقُودَ. وَأَمَّا: (وَفَى) ثُلَاثِيًّا، فَلَمْ يَرِدْ إِلَّا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ لِأَنَّهُ بَنَى أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ مِنْ: (وَفَى) إِذْ لَا يُبْنَى إِلَّا مِنْ ثَلَاثِيٍّ.
[ ص: 1792 ] وَ (الْعُقُودُ) جَمْعُ عَقْدٍ؛ وَهُوَ الْعَهْدُ الْمُوَثَّقُ. شُبِّهَ بِعَقْدِ الْحَبْلِ وَنَحْوِهِ، وَهِيَ عُقُودُ اللَّهِ الَّتِي عَقَدَهَا عَلَى عِبَادِهِ وَأَلْزَمَهَا إِيَّاهُمْ مِنْ مَوَاجِبِ التَّكْلِيفِ.
قَالَ
عَلِيُّ بْنُ طَلْحَةَ: قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي بِالْعُهُودِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَمَا حَرَّمَ، وَمَا فَرَضَ، وَمَا حَدَّ فِي الْقُرْآنِ كُلِّهِ، وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَنْكُثُوا. وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: الْعُقُودُ سِتَّةٌ: عَهْدُ اللَّهِ، وَعَقْدُ الْحِلْفِ، وَعَقْدُ الشَّرِكَةِ، وَعَقْدُ الْبَيْعِ، وَعَقْدُ النِّكَاحِ، وَعَقْدُ الْيَمِينِ. قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا عُقُودُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي دِينِهِ، مِنْ تَحْلِيلِ حَلَالِهِ وَتَحْرِيمِ حَرَامِهِ. وَأَنَّهُ كَلَامٌ قَدِيمٌ مُجْمَلًا. ثُمَّ عُقِّبَ بِالتَّفْصِيلِ. وَهُوَ قَوْلُهُ: أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ الْبَهِيمَةُ مَا لَا عَقْلَ لَهُ مُطْلَقًا، مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ أَوْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14343الرَّاغِبُ: خَصَّ فِي الْمُتَعَارَفِ بِمَا عَدَا السِّبَاعَ وَالطَّيْرَ، وَإِضَافَتُهَا لِلْأَنْعَامِ، لِلْبَيَانِ كَثَوْبِ الْخَزِّ. وَإِفْرَادُهَا لِإِرَادَةِ الْجِنْسِ. أَيْ: أُحِلَّ لَكُمْ أَكْلُ الْبَهِيمَةِ مِنَ الْأَنْعَامِ. جَمْعُ (نَعَمٍ) مُحَرَّكَةً وَقَدْ تُسَكَّنُ عَيْنُهُ. هِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالشَّاءُ وَالْمَعِزُ: إِلَّا مَا يُتْلَى يَعْنِي: رُخِّصَتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ كُلُّهَا. إِلَّا مَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَهِيَ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَغَيْرُ ذَلِكَ.
وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُحَرِّمُونَ السَّائِبَةَ وَالْبَحِيرَةَ.
فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمَا حَلَالَانِ، إِلَّا مَا بُيِّنَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، ثُمَّ قَالَ: غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ يَعْنِي: أُحِلَّتْ لَكُمْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ. مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْتَحِلُّوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ مُحْرِمُونَ. فَ: (غَيْرَ) نُصِبَ عَلَى الْحَالِيَّةِ مِنْ ضَمِيرِ (لَكُمْ). قَالَ فِي "الْعِنَايَةِ": وَلَا يَرِدُ مَا قِيلَ: إِنَّهُ يَلْزَمُ تَقَيُّدُ إِحْلَالِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ بِحَالِ انْتِفَاءِ حِلِّ الصَّيْدِ وَهُمْ حُرُمٌ. وَهِيَ قَدْ أُحِلَّتْ لَهُمْ مُطْلَقًا. وَلَا يَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ، إِلَّا إِذَا عَنَى بِالْبَهِيمَةِ الظِّبَاءَ وَحُمُرَ الْوَحْشِ وَبَقَرَهُ، لِأَنَّهُ – مَعَ عَدَمِ اطِّرَادِ اعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ - يُعْلَمُ مِنْهُ غَيْرُهُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى. لِأَنَّهَا إِذَا أُحِلَّتْ فِي عَدَمِ الْإِحْلَالِ لِغَيْرِهَا، وَهُمْ مُحْرِمُونَ لِدَفْعِ الْحَرَجِ عَنْهُمْ، فَكَيْفَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالِ؟ فَيَكُونُ بَيَانًا لِإِنْعَامِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِمَا رَخَّصَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ.
وَبَيَانًا لِأَنَّهُمْ فِي غُنْيَةٍ عَنِ الصَّيْدِ وَانْتِهَاكِ حُرْمَةِ الْحَرَمِ. وَفِي "الْإِكْلِيلِ": فِي الْآيَةِ تَحْرِيمُ
nindex.php?page=treesubj&link=25507_3441الصَّيْدِ فِي الْإِحْرَامِ وَالْحَرَمِ. لِأَنَّ: (حُرُمًا) بِمَعْنَى مُحْرِمِينَ، وَيُقَالُ: أَحْرَمَ أَيْ: بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ. وَأَحْرَمَ: دَخَلَ فِي الْحَرَمِ. انْتَهَى.
[ ص: 1793 ] قَالَ بَعْضُ
الزَّيْدِيَّةِ: وَالْمُرَادُ بِالصَّيْدِ الْمُحَرَّمِ عَلَى الْمُحْرِمِ. هُوَ صَيْدُ الْبَرِّ. لِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=96أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا هَذَا إِذَا جُعِلَ (حُرُمٌ) جَمْعَ (مُحْرِمٍ) وَهُوَ الْفَاعِلُ لِلْإِحْرَامِ، وَإِنْ جُعِلَ لِلدَّاخِلِ فِي
الْحَرَمِ، اسْتَوَى تَحْرِيمُ الْبَحْرِيِّ وَالْبَرِّيِّ. وَذَلِكَ حَيْثُ يَكُونُ فِي الْحَرَمِ نَهْرٌ فِيهِ صَيْدٌ فَيَحْرُمُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا لِأَنَّهُ يُقَالُ لِمَنْ دَخَلَ
الْحَرَمَ، أَنَّهُ مُحْرِمٌ. كَمَا يُقَالُ: أَعْرَقَ وَأَنْجَدَ: إِذَا دَخَلَ
الْعِرَاقَ وَنَجْدًا. وَيَكُونُ التَّحْرِيمُ فِي
مَكَّةَ وَحَرَمِ الْمَدِينَةِ؛ لِمَا وَرَدَ مِنَ الْأَخْبَارِ فِي النَّهْيِ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=30684صَيْدِ الْمَدِينَةِ وَأَخْذِ شَجَرِهَا. نَحْوَ:
الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ
عَيْرٍ إِلَى
ثَوْرٍ. انْتَهَى.
إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ مِنْ تَحْلِيلٍ وَتَحْرِيمٍ. وَهُوَ الْحَكِيمُ فِي جَمِيعِ مَا يَأْمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ.