[ ص: 217 ] سورة النحل قال شيخ الإسلام رحمه الله فصل
nindex.php?page=treesubj&link=28987_17602اللباس له منفعتان : إحداهما : الزينة بستر السوأة .
والثانية : الوقاية لما يضر من حر أو برد أو عدو .
فذكر اللباس في ( سورة الأعراف لفائدة الزينة وهي المعتبرة في الصلاة والطواف كما دل عليه قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=992&ayano=7خذوا زينتكم عند كل مسجد } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=987&ayano=7يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=993&ayano=7قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق } ردا على ما كانوا عليه في الجاهلية من تحريم الطواف في الثياب الذي قدم بها غير الحمس ومن أكل ما سلوه من الأدهان .
[ ص: 218 ] وذكره في النحل لفائدة الوقاية في
nindex.php?page=treesubj&link=28987قوله : { nindex.php?page=tafseer&surano=1998&ayano=16وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون } ولما كانت هذه الفائدة حيوانية طبيعية لا قوام للإنسان إلا بها جعلها من النعم ولما كانت تلك فائدة كمالية قرنها بالأمر الشرعي وتلك الفائدة من باب جلب المنفعة بالتزين وهذه من باب دفع المضرة فالناس إلى هذه أحوج .
فأما قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1998&ayano=16سرابيل تقيكم الحر } ولم يذكر " البرد " فقد قيل لأن التنزيل كان بالأرض الحارة فهم يتخوفونه وقيل : حذف الآخر للعلم به ويقال هذا من باب التنبيه ; فإنه إذا امتن عليهم بما يقي الحر فالامتنان بما يقي البرد أعظم ; لأن الحر أذى ; والبرد بؤس والبرد الشديد يقتل والحر قل أن يقع فيه هكذا فإن باب التنبيه والقياس كما يكون في خطاب الأحكام يكون في خطاب الآلاء وخطاب الوعد والوعيد كما قلته في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1325&ayano=9لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا } مثله من يقول لا تنفروا في البرد فإن جهنم أشد زمهريرا " ومن اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار " فالوحل والثلج أعظم ونحو ذلك .
وفي الآية شرع لباس جنن الحرب ; ولهذا قرن من قرن باب اللباس والتحلي بالصلاة لأن للحرب لباسا مختصا مع اللباس المشترك وطابق قولهم اللباس والتحلي قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3728&ayano=22يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير } . وأحسن من هذا أنه قد تقدم ذكر وقاية البرد في أول السورة بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1922&ayano=16والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون } فيقال لم فرق هذا ؟ فيقال والله أعلم : المذكور في أول السورة النعم الضرورية التي لا يقومون بدونها : من الأكل وشرب الماء القراح ودفع البرد والركوب الذي لا بد منه في النقلة وفي آخرها ذكر كمال النعم : من الأشربة الطيبة والسكون في البيوت وبيوت الأدم والاستظلال بالظلال ودفع الحر والبأس بالسرابيل فإن هذا يستغنى عنه في الجملة . ففي الأول الأصول وفي الآخر الكمال ; ولهذا قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1998&ayano=16كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون } .
و ( أيضا : فالمساكن لها منفعتان : إحداهما السكون فيها لأجل الاستتار فهي كلباس الزينة من هذا الوجه . والثاني : وقاية الأذى من الشمس والمطر والريح ونحو ذلك فجمع الله الامتنان بهذين فقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1997&ayano=16والله جعل لكم من بيوتكم سكنا } هذه بيوت المدر {
nindex.php?page=tafseer&surano=1997&ayano=16وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم } هذه بيوت العمود {
nindex.php?page=tafseer&surano=1997&ayano=16ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين } يدخل فيه أهبة البيت من البسط والأوعية والأغطية ونحوها وقال {
nindex.php?page=tafseer&surano=1997&ayano=16من بيوتكم سكنا } ولم يقل من المدر بيوتا كما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1997&ayano=16من جلود الأنعام بيوتا } لأن السكن بيان منفعة البيت فبه تظهر النعمة واتخاذ
[ ص: 220 ] البيوت من المدر معتاد فالنعمة بظهور أثرها ; بخلاف الأنعام فإن الهداية إلى اتخاذ البيوت من جلودها أظهر من الهداية إلى نفس اتخاذ البيوت .
وأما فائدة الوقاية فقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1998&ayano=16والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا } فالظلال يعم جميع ما يظل من العرش والفساطيط والسقوف مما يصطنعه الآدميون وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1998&ayano=16من الجبال أكنانا } لأن الجبل يكن الإنسان من فوقه ويمينه ويساره وأسفل منه ليس مقصوده الاستظلال ; بخلاف الظلال فإن مقصودها الاستظلال ; ولهذا قرن بهذه ما في السرابيل من منفعة الوقاية فجمع في هذه الآية بين وقاية اللباس المنتقل مع البدن ووقاية الظلال الثابتة على الأرض ; ولهذا كانوا في الجاهلية يسوون بينهما في حق المحرم فكما نهى عن تغطية الرأس نهوه عن الدخول تحت سقف حتى أنزل الله {
nindex.php?page=tafseer&surano=198&ayano=2وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها } . وجاز
nindex.php?page=treesubj&link=3482للمحرم أن يستظل بالثابت من الخيام والشجر وأما الشيء المنتقل معه المتصل كالمحمل ففيه ما فيه لتردده بين السرابيل وبين المستقر من الظلال والأكنة .
كما أنه قبل هذه الآيات ذكر أصناف الأشربة من اللبن والخمر والعسل وذكر في أول السورة المراكب والأطعمة وهذه مجامع المطاعم والمشارب والملابس والمساكن والمراكب .
[ ص: 217 ] سُورَةُ النَّحْلِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَصْلٌ
nindex.php?page=treesubj&link=28987_17602اللِّبَاسُ لَهُ مَنْفَعَتَانِ : إحْدَاهُمَا : الزِّينَةُ بِسَتْرِ السَّوْأَةِ .
وَالثَّانِيَةُ : الْوِقَايَةُ لِمَا يَضُرُّ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ عَدُوٍّ .
فَذَكَرَ اللِّبَاسَ فِي ( سُورَةِ الْأَعْرَافِ لِفَائِدَةِ الزِّينَةِ وَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=992&ayano=7خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=987&ayano=7يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=993&ayano=7قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ } رَدًّا عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ تَحْرِيمِ الطَّوَافِ فِي الثِّيَابِ الَّذِي قَدِمَ بِهَا غَيْرُ الْحُمْسِ وَمِنْ أَكْلِ مَا سَلَّوْهُ مِنْ الْأَدْهَانِ .
[ ص: 218 ] وَذَكَرَهُ فِي النَّحْلِ لِفَائِدَةِ الْوِقَايَةِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28987قَوْلِهِ : { nindex.php?page=tafseer&surano=1998&ayano=16وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ } وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْفَائِدَةُ حَيَوَانِيَّةً طَبِيعِيَّةً لَا قِوَامَ لِلْإِنْسَانِ إلَّا بِهَا جَعَلَهَا مِنْ النِّعَمِ وَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ فَائِدَةً كَمَالِيَّةً قَرَنَهَا بِالْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ وَتِلْكَ الْفَائِدَةُ مِنْ بَابِ جَلْبِ الْمَنْفَعَةِ بِالتَّزَيُّنِ وَهَذِهِ مِنْ بَابِ دَفْعِ الْمَضَرَّةِ فَالنَّاسُ إلَى هَذِهِ أَحْوَجُ .
فَأَمَّا قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1998&ayano=16سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ } وَلَمْ يَذْكُرْ " الْبَرْدَ " فَقَدْ قِيلَ لِأَنَّ التَّنْزِيلَ كَانَ بِالْأَرْضِ الْحَارَّةِ فَهُمْ يَتَخَوَّفُونَهُ وَقِيلَ : حُذِفَ الْآخَرُ لِلْعِلْمِ بِهِ وَيُقَالُ هَذَا مِنْ بَابِ التَّنْبِيهِ ; فَإِنَّهُ إذَا امْتَنَّ عَلَيْهِمْ بِمَا يَقِي الْحَرَّ فَالِامْتِنَانُ بِمَا يَقِي الْبَرْدَ أَعْظَمُ ; لِأَنَّ الْحَرَّ أَذًى ; وَالْبَرْدَ بُؤْسٌ وَالْبَرْدُ الشَّدِيدُ يَقْتُلُ وَالْحَرُّ قَلَّ أَنْ يَقَعَ فِيهِ هَكَذَا فَإِنَّ بَابَ التَّنْبِيهِ وَالْقِيَاسِ كَمَا يَكُونُ فِي خِطَابِ الْأَحْكَامِ يَكُونُ فِي خِطَابِ الْآلَاءِ وَخِطَابِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ كَمَا قُلْته فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1325&ayano=9لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا } مِثْلُهُ مَنْ يَقُولُ لَا تَنْفِرُوا فِي الْبَرْدِ فَإِنَّ جَهَنَّمَ أَشَدُّ زَمْهَرِيرًا " وَمَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُمَا اللَّهُ عَلَى النَّارِ " فَالْوَحْلُ وَالثَّلْجُ أَعْظَمُ وَنَحْوُ ذَلِكَ .
وَفِي الْآيَةِ شَرَعَ لِبَاسَ جُنَنِ الْحَرْبِ ; وَلِهَذَا قَرَنَ مَنْ قَرَنَ بَابَ اللِّبَاسِ وَالتَّحَلِّي بِالصَّلَاةِ لِأَنَّ لِلْحَرْبِ لِبَاسًا مُخْتَصًّا مَعَ اللِّبَاسِ الْمُشْتَرَكِ وَطَابَقَ قَوْلُهُمْ اللِّبَاسُ وَالتَّحَلِّي قَوْلَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3728&ayano=22يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } . وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ وِقَايَةِ الْبَرْدِ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1922&ayano=16وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } فَيُقَالُ لِمَ فَرَّقَ هَذَا ؟ فَيُقَالُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ : الْمَذْكُورُ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ النِّعَمُ الضَّرُورِيَّةُ الَّتِي لَا يَقُومُونَ بِدُونِهَا : مِنْ الْأَكْلِ وَشُرْبِ الْمَاءِ الْقَرَاحِ وَدَفْعِ الْبَرْدِ وَالرُّكُوبِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ فِي النُّقْلَةِ وَفِي آخِرِهَا ذَكَرَ كَمَالَ النِّعَمِ : مِنْ الْأَشْرِبَةِ الطَّيِّبَةِ وَالسُّكُونِ فِي الْبُيُوتِ وَبُيُوتِ الْأُدْمِ وَالِاسْتِظْلَالِ بِالظِّلَالِ وَدَفْعِ الْحَرِّ وَالْبَأْسِ بِالسَّرَابِيلِ فَإِنَّ هَذَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ . فَفِي الْأَوَّلِ الْأُصُولُ وَفِي الْآخَرِ الْكَمَالُ ; وَلِهَذَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1998&ayano=16كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ } .
و ( أَيْضًا : فَالْمَسَاكِنُ لَهَا مَنْفَعَتَانِ : إحْدَاهُمَا السُّكُونُ فِيهَا لِأَجْلِ الِاسْتِتَارِ فَهِيَ كَلِبَاسِ الزِّينَةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ . وَالثَّانِي : وِقَايَةُ الْأَذَى مِنْ الشَّمْسِ وَالْمَطَرِ وَالرِّيحِ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَجَمَعَ اللَّهُ الِامْتِنَانَ بِهَذَيْنِ فَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1997&ayano=16وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا } هَذِهِ بُيُوتُ الْمَدَرِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=1997&ayano=16وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إقَامَتِكُمْ } هَذِهِ بُيُوتُ الْعَمُودِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=1997&ayano=16وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إلَى حِينٍ } يَدْخُلُ فِيهِ أُهْبَةُ الْبَيْتِ مِنْ الْبُسُطِ وَالْأَوْعِيَةِ وَالْأَغْطِيَةِ وَنَحْوِهَا وَقَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=1997&ayano=16مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا } وَلَمْ يَقُلْ مِنْ الْمَدَرِ بُيُوتًا كَمَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1997&ayano=16مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا } لِأَنَّ السَّكَنَ بَيَانُ مَنْفَعَةِ الْبَيْتِ فَبِهِ تَظْهَرُ النِّعْمَةُ وَاِتِّخَاذُ
[ ص: 220 ] الْبُيُوتِ مِنْ الْمَدَرِ مُعْتَادٌ فَالنِّعْمَةُ بِظُهُورِ أَثَرِهَا ; بِخِلَافِ الْأَنْعَامِ فَإِنَّ الْهِدَايَةَ إلَى اتِّخَاذِ الْبُيُوتِ مِنْ جُلُودِهَا أَظْهَرُ مِنْ الْهِدَايَةِ إلَى نَفْسِ اتِّخَاذِ الْبُيُوتِ .
وَأَمَّا فَائِدَةُ الْوِقَايَةِ فَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1998&ayano=16وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا } فَالظِّلَالُ يَعُمُّ جَمِيعَ مَا يَظِلُّ مِنْ الْعَرْشِ وَالْفَسَاطِيطِ وَالسُّقُوفِ مِمَّا يَصْطَنِعُهُ الْآدَمِيُّونَ وَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1998&ayano=16مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا } لِأَنَّ الْجَبَلَ يَكِنُّ الْإِنْسَانَ مِنْ فَوْقِهِ وَيَمِينِهِ وَيَسَارِهِ وَأَسْفَلِ مِنْهُ لَيْسَ مَقْصُودُهُ الِاسْتِظْلَالَ ; بِخِلَافِ الظِّلَالِ فَإِنَّ مَقْصُودَهَا الِاسْتِظْلَالُ ; وَلِهَذَا قَرَنَ بِهَذِهِ مَا فِي السَّرَابِيلِ مِنْ مَنْفَعَةِ الْوِقَايَةِ فَجَمَعَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بَيْنَ وِقَايَةِ اللِّبَاسِ الْمُنْتَقِلِ مَعَ الْبَدَنِ وَوِقَايَةِ الظِّلَالِ الثَّابِتَةِ عَلَى الْأَرْضِ ; وَلِهَذَا كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُسَوُّونَ بَيْنَهُمَا فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ فَكَمَا نَهَى عَنْ تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ نَهَوْهُ عَنْ الدُّخُولِ تَحْتَ سَقْفٍ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=198&ayano=2وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا } . وَجَازَ
nindex.php?page=treesubj&link=3482لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَسْتَظِلَّ بِالثَّابِتِ مِنْ الْخِيَامِ وَالشَّجَرِ وَأَمَّا الشَّيْءُ الْمُنْتَقِلُ مَعَهُ الْمُتَّصِلُ كَالْمَحْمَلِ فَفِيهِ مَا فِيهِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّرَابِيلِ وَبَيْنَ الْمُسْتَقِرِّ مِنْ الظِّلَالِ وَالْأَكِنَّةِ .
كَمَا أَنَّهُ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَاتِ ذَكَرَ أَصْنَافَ الْأَشْرِبَةِ مِنْ اللَّبَنِ وَالْخَمْرِ وَالْعَسَلِ وَذَكَرَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ الْمَرَاكِبَ وَالْأَطْعِمَةَ وَهَذِهِ مَجَامِعُ الْمَطَاعِمِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَلَابِسِ وَالْمَسَاكِنِ وَالْمَرَاكِبِ .