[ ص: 260 ] وقال شيخ الإسلام رحمه الله فصل قد ذم الله تعالى في القرآن
nindex.php?page=treesubj&link=22312_28750من عدل عن اتباع الرسل إلى ما نشأ عليه من دين آبائه وهذا هو
nindex.php?page=treesubj&link=22312التقليد الذي حرمه الله ورسوله وهو : أن يتبع غير الرسول فيما خالف فيه الرسول وهذا حرام باتفاق المسلمين على كل أحد ; فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق والرسول طاعته فرض على كل أحد من الخاصة والعامة في كل وقت وكل مكان ; في سره وعلانيته وفي جميع أحواله .
وهذا من الإيمان قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=562&ayano=4فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2866&ayano=24إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3602&ayano=33وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2878&ayano=24فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=327&ayano=3قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } .
وقد أوجب الله
nindex.php?page=treesubj&link=28750طاعة الرسول على جميع الناس في قريب من أربعين موضعا من القرآن وطاعته طاعة الله : وهي : عبادة الله وحده لا شريك له وذلك هو دين الله وهو الإسلام وكل من أمر الله بطاعته من عالم وأمير ووالد وزوج ; فلأن طاعته طاعة لله . وإلا فإذا أمر بخلاف طاعة الله فإنه لا طاعة له وقد يأمر الوالد والزوج بمباح فيطاع وكذلك الأمير إذا أمر عالما يعلم أنه معصية لله والعالم إذا أفتى المستفتي بما لم يعلم المستفتي أنه مخالف لأمر الله فلا يكون المطيع لهؤلاء عاصيا وأما إذا علم أنه مخالف لأمر الله فطاعته في ذلك معصية لله ; ولهذا نقل غير واحد الإجماع على أنه
nindex.php?page=treesubj&link=22311لا يجوز للعالم أن يقلد غيره إذا كان قد اجتهد واستدل وتبين له الحق الذي جاء به الرسول ; فهنا لا يجوز له تقليد من قال خلاف ذلك بلا نزاع ولكن هل يجوز مع قدرته على الاستدلال أنه يقلد ؟ هذا فيه قولان : فمذهب
الشافعي وأحمد وغيرهما لا يجوز . وحكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن جوازه والمسألة معروفة وحكى بعض الناس ذلك عن
أحمد [ ص: 262 ] ولم يعرف هذا الناقل قول
أحمد كما هو مذكور في غير هذا الموضع .
nindex.php?page=treesubj&link=22311وتقليد العاجز عن الاستدلال للعالم يجوز عند الجمهور وفي صفة من يجوز له التقليد تفصيل ونزاع ليس هذا موضعه .
والمقصود هنا أن التقليد المحرم بالنص والإجماع : أن يعارض قول الله ورسوله بما يخالف ذلك كائنا من كان المخالف لذلك . قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2907&ayano=25ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2908&ayano=25يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2909&ayano=25لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2910&ayano=25وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3632&ayano=33يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3634&ayano=33والعنهم لعنا كبيرا } .
وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=175&ayano=2إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=180&ayano=2ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون } فذكر براءة المتبوعين من أتباعهم في خلاف طاعة الله ذكر هذا بعد قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=172&ayano=2وإلهكم إله واحد } فالإله الواحد هو المعبود والمطاع فمن أطاع
[ ص: 263 ] متبوعا في خلاف ذلك فله نصيب من هذا الذم قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3514&ayano=31ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3515&ayano=31وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي } .
ثم خاطب الناس بأكل ما في الأرض حلالا طيبا وأن لا يتبعوا خطوات الشيطان في خلاف ذلك ; فإنه إنما يأمر بالسوء والفحشاء وأن يقولوا على الله ما لا يعلمون فيقولوا : هذا حرام وهذا حلال أو غير ذلك مما يقولونه على الله في الأمور الخبرية والعملية بلا علم كما قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2033&ayano=16ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام } .
ثم إن هؤلاء الذين يقولون على الله بغير علم إذا قيل لهم : {
nindex.php?page=tafseer&surano=179&ayano=2اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا } فليس عندهم علم ; بل عندهم اتباع سلفهم وهو الذي اعتادوه وتربوا عليه .
ثم خاطب المؤمنين خصوصا فقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=181&ayano=2يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون } {
nindex.php?page=tafseer&surano=182&ayano=2إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله } فأمرهم بأكل الطيبات مما رزقهم لأنهم هم المقصودون بالرزق ولم يشترط الحل هنا
[ ص: 264 ] لأنه إنما حرم ما ذكر فما سواه حلال لهم والناس إنما أمرهم بأكل ما في الأرض حلالا طيبا وهو إنما أحل للمؤمنين والكفار لم يحل لهم شيئا فالحل مشروط بالإيمان ومن لم يستعن برزقه على عبادته لم يحل له شيئا وإن كان أيضا لم يحرمه فلا يقال : إن الله أحله لهم ولا حرمه وإنما حرم على الذين هادوا ما ذكره في سورة الأنعام .
ولهذا أنكر في سورة الأنعام وغيرها على من حرم ما لم يحرمه كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=938&ayano=6قل آلذكرين حرم أم الأنثيين } ثم قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=941&ayano=6وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر } ثم قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=946&ayano=6قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم } الآيات . وقال في سورة النحل : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2035&ayano=16وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل } الآية وأخبر أنه حرم ذلك ببغيهم فقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=657&ayano=4فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم } وقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=941&ayano=6ذلك جزيناهم ببغيهم } .
وهذا كله يدل على أصح قولي العلماء وهو : أن هذا التحريم باق عليهم بعد مبعث
محمد لا يزول إلا بمتابعته ; لأنه تحريم عقوبة على ظلمهم وبغيهم ; وهذا لم يزل بل زاد وتغلظ فكانوا أحق بالعقوبة .
وأيضا فإن الله تعالى أخبر بهذا التحريم بعد مبعث
محمد صلى الله عليه وسلم ليبين أنه لم يحرم إلا هذا وهذا ; فلو كان ذلك التحريم قد زال لم يستثنه .
[ ص: 265 ] وأيضا فإن التحريم لا يزول إلا بتحليل منه وهو إنما أحل أكل الطيبات للمؤمنين بقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=767&ayano=5ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } الآية وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=675&ayano=5أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=678&ayano=5يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات } إلى قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=679&ayano=5وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم } وهذا خطاب للمؤمنين ولهذا قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=679&ayano=5وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } ثم قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=679&ayano=5وطعامكم حل لهم } فلو كان ما أحل لنا حلا لهم لم يحتج إلى هذا وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=679&ayano=5وطعامكم حل لهم } لا يدخل فيه ما حرم عليهم كما أن قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=679&ayano=5وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم } لا يدخل فيه ما حرم علينا مما يستحلونه هم كصيد الحرم وما أهل به لغير الله .
وهل يدخل في طعامهم الذي أحل لنا ما حرم عليهم ولم يحرم علينا . مثل ما إذا ذكوا الإبل ؟ ؟ هذا فيه نزاع معروف فالمشهور من مذهب
مالك - وهو أحد القولين في مذهب
أحمد - تحريمه . ومذهب
أبي حنيفة والشافعي والقول الآخر في مذهب
أحمد : حله .
وهل العلة أنهم لم يقصدوا ذكاته ; أو العلة أنه ليس من طعامهم ؟ فيه نزاع .
[ ص: 266 ] وإذا ذبحوا للمسلم : فهل هو كما إذا ذبحوا لأنفسهم ؟ فيه نزاع .
وفي جواز ذبحهم النسك إذا كانوا ممن يحل ذبحهم قولان هما روايتان عن
أحمد فالمنع مذهب
مالك والجواز مذهب
أبي حنيفة والشافعي فإذا كان الذابح يهوديا صار في الذبح علتان وليس هذا موضع هذه المسائل .
ثم إنه سبحانه لما ذكر حال من يقول على الله بلا علم بل تقليدا لسلفه ذكر حال من يكتم ما أنزل الله من البينات والهدى من بعد ما بينه للناس في الكتاب فقال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=183&ayano=2إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم } فهذا حال من كتم علم الرسول وذاك حال من عدل عنها إلى خلافها والعادل عنها إلى خلافها يدخل فيه من قلد أحدا من الأولين والآخرين فيما يعلم أنه خلاف قول الرسول سواء كان صاحبا أو تابعا أو أحد الفقهاء المشهورين الأربعة أو غيرهم .
وأما من ظن أن الذين قلدهم موافقون للرسول فيها قالوه فإن كان قد سلك في ذلك طريقا علميا فهو مجتهد له حكم أمثاله وإن كان متكلما بلا علم فهو من المذمومين .
[ ص: 260 ] وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَصْل قَدْ ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ
nindex.php?page=treesubj&link=22312_28750مَنْ عَدَلَ عَنْ اتِّبَاعِ الرُّسُلِ إلَى مَا نَشَأَ عَلَيْهِ مِنْ دِينِ آبَائِهِ وَهَذَا هُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=22312التَّقْلِيدُ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَهُوَ : أَنْ يَتَّبِعَ غَيْرَ الرَّسُولِ فِيمَا خَالَفَ فِيهِ الرَّسُولَ وَهَذَا حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ ; فَإِنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ وَالرَّسُولُ طَاعَتُهُ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِنْ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَكُلِّ مَكَانٍ ; فِي سِرِّهِ وَعَلَانِيَتِهِ وَفِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ .
وَهَذَا مِنْ الْإِيمَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=562&ayano=4فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2866&ayano=24إنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إذَا دُعُوا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3602&ayano=33وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2878&ayano=24فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=327&ayano=3قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ } .
وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28750طَاعَةَ الرَّسُولِ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ فِي قَرِيبٍ مِنْ أَرْبَعِينَ مَوْضِعًا مِنْ الْقُرْآنِ وَطَاعَتُهُ طَاعَةُ اللَّهِ : وَهِيَ : عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَذَلِكَ هُوَ دِينُ اللَّهِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ وَكُلُّ مَنْ أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَتِهِ مِنْ عَالِمٍ وَأَمِيرٍ وَوَالِدٍ وَزَوْجٍ ; فَلِأَنَّ طَاعَتَهُ طَاعَةٌ لِلَّهِ . وَإِلَّا فَإِذَا أَمَرَ بِخِلَافِ طَاعَةِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا طَاعَةَ لَهُ وَقَدْ يَأْمُرُ الْوَالِدُ وَالزَّوْجُ بِمُبَاحٍ فَيُطَاعَ وَكَذَلِكَ الْأَمِيرُ إذَا أَمَرَ عَالِمًا يَعْلَمُ أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ لِلَّهِ وَالْعَالِمُ إذَا أَفْتَى الْمُسْتَفْتِيَ بِمَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُسْتَفْتِي أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِأَمْرِ اللَّهِ فَلَا يَكُونُ الْمُطِيعُ لِهَؤُلَاءِ عَاصِيًا وَأَمَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِأَمْرِ اللَّهِ فَطَاعَتُهُ فِي ذَلِكَ مَعْصِيَةٌ لِلَّهِ ; وَلِهَذَا نَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=22311لَا يَجُوزُ لِلْعَالِمِ أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَهُ إذَا كَانَ قَدْ اجْتَهَدَ وَاسْتَدَلَّ وَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ; فَهُنَا لَا يَجُوزُ لَهُ تَقْلِيدُ مَنْ قَالَ خِلَافَ ذَلِكَ بِلَا نِزَاعٍ وَلَكِنْ هَلْ يَجُوزُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ أَنَّهُ يُقَلِّدُ ؟ هَذَا فِيهِ قَوْلَانِ : فَمَذْهَبُ
الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا لَا يَجُوزُ . وَحُكِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ جَوَازُهُ وَالْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ وَحَكَى بَعْضُ النَّاسِ ذَلِكَ عَنْ
أَحْمَد [ ص: 262 ] وَلَمْ يَعْرِفْ هَذَا النَّاقِلُ قَوْلَ
أَحْمَد كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ .
nindex.php?page=treesubj&link=22311وَتَقْلِيدُ الْعَاجِزِ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ لِلْعَالِمِ يَجُوزُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَفِي صِفَةِ مَنْ يَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ تَفْصِيلٌ وَنِزَاعٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ .
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ التَّقْلِيدَ الْمُحَرَّمَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ : أَنْ يُعَارِضَ قَوْلَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِمَا يُخَالِفُ ذَلِكَ كَائِنًا مَنْ كَانَ الْمُخَالِفُ لِذَلِكَ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2907&ayano=25وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2908&ayano=25يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2909&ayano=25لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2910&ayano=25وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3632&ayano=33يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3634&ayano=33وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا } .
وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=175&ayano=2إذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=180&ayano=2وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ } فَذَكَرَ بَرَاءَةَ الْمَتْبُوعِينَ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ فِي خِلَافِ طَاعَةِ اللَّهِ ذَكَرَ هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=172&ayano=2وَإِلَهُكُمْ إلَهٌ وَاحِدٌ } فَالْإِلَهُ الْوَاحِدُ هُوَ الْمَعْبُودُ وَالْمُطَاعُ فَمَنْ أَطَاعَ
[ ص: 263 ] مَتْبُوعًا فِي خِلَافِ ذَلِكَ فَلَهُ نَصِيبٌ مِنْ هَذَا الذَّمِّ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3514&ayano=31وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3515&ayano=31وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إلَيَّ } .
ثُمَّ خَاطَبَ النَّاسَ بِأَكْلِ مَا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَأَنْ لَا يَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فِي خِلَافِ ذَلِكَ ; فَإِنَّهُ إنَّمَا يَأْمُرُ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ فَيَقُولُوا : هَذَا حَرَامٌ وَهَذَا حَلَالٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَقُولُونَهُ عَلَى اللَّهِ فِي الْأُمُورِ الْخَبَرِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ بِلَا عِلْمٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2033&ayano=16وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ } .
ثُمَّ إنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ إذَا قِيلَ لَهُمْ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=179&ayano=2اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا } فَلَيْسَ عِنْدَهُمْ عِلْمٌ ; بَلْ عِنْدَهُمْ اتِّبَاعُ سَلَفِهِمْ وَهُوَ الَّذِي اعْتَادُوهُ وَتَرَبَّوْا عَلَيْهِ .
ثُمَّ خَاطَبَ الْمُؤْمِنِينَ خُصُوصًا فَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=181&ayano=2يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=182&ayano=2إنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ } فَأَمَرَهُمْ بِأَكْلِ الطَّيِّبَاتِ مِمَّا رَزَقَهُمْ لِأَنَّهُمْ هُمْ الْمَقْصُودُونَ بِالرِّزْقِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْحَلَّ هُنَا
[ ص: 264 ] لِأَنَّهُ إنَّمَا حَرَّمَ مَا ذَكَرَ فَمَا سِوَاهُ حَلَالٌ لَهُمْ وَالنَّاسُ إنَّمَا أَمَرَهُمْ بِأَكْلِ مَا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَهُوَ إنَّمَا أَحَلَّ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارُ لَمْ يُحِلَّ لَهُمْ شَيْئًا فَالْحِلُّ مَشْرُوطٌ بِالْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَعِنْ بِرِزْقِهِ عَلَى عِبَادَتِهِ لَمْ يُحِلَّ لَهُ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ أَيْضًا لَمْ يُحَرِّمْهُ فَلَا يُقَالُ : إنَّ اللَّهَ أَحَلَّهُ لَهُمْ وَلَا حَرَّمَهُ وَإِنَّمَا حَرَّمَ عَلَى الَّذِينَ هَادُوا مَا ذَكَرَهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ .
وَلِهَذَا أَنْكَرَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ وَغَيْرِهَا عَلَى مَنْ حَرَّمَ مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=938&ayano=6قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ } ثُمَّ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=941&ayano=6وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=946&ayano=6قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ } الْآيَاتِ . وَقَالَ فِي سُورَةِ النَّحْلِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2035&ayano=16وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ } الْآيَةَ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ حَرَّمَ ذَلِكَ بِبَغْيِهِمْ فَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=657&ayano=4فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ } وَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=941&ayano=6ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ } .
وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ : أَنَّ هَذَا التَّحْرِيمَ بَاقٍ عَلَيْهِمْ بَعْدَ مَبْعَثِ
مُحَمَّدٍ لَا يَزُولُ إلَّا بِمُتَابَعَتِهِ ; لِأَنَّهُ تَحْرِيمُ عُقُوبَةٍ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَبَغْيِهِمْ ; وَهَذَا لَمْ يُزَلْ بَلْ زَادَ وتغلظ فَكَانُوا أَحَقَّ بِالْعُقُوبَةِ .
وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ بِهَذَا التَّحْرِيمِ بَعْدَ مَبْعَثِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ لَمْ يُحَرِّمْ إلَّا هَذَا وَهَذَا ; فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ التَّحْرِيمُ قَدْ زَالَ لَمْ يَسْتَثْنِهِ .
[ ص: 265 ] وَأَيْضًا فَإِنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَزُولُ إلَّا بِتَحْلِيلٍ مِنْهُ وَهُوَ إنَّمَا أَحَلَّ أَكْلَ الطَّيِّبَاتِ لِلْمُؤْمِنِينَ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=767&ayano=5لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا } الْآيَةَ وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=675&ayano=5أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=678&ayano=5يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ } إلَى قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=679&ayano=5وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ } وَهَذَا خِطَابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلِهَذَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=679&ayano=5وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ } ثُمَّ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=679&ayano=5وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ } فَلَوْ كَانَ مَا أُحِلَّ لَنَا حِلًّا لَهُمْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى هَذَا وَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=679&ayano=5وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ } لَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=679&ayano=5وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ } لَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا حُرِّمَ عَلَيْنَا مِمَّا يَسْتَحِلُّونَهُ هُمْ كَصَيْدِ الْحَرَمِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ .
وَهَلْ يَدْخُلُ فِي طَعَامِهِمْ الَّذِي أُحِلَّ لَنَا مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُحَرِّمْ عَلَيْنَا . مِثْلَ مَا إذَا ذَكَّوْا الْإِبِلَ ؟ ؟ هَذَا فِيهِ نِزَاعٌ مَعْرُوفٌ فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ
مَالِكٍ - وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ
أَحْمَد - تَحْرِيمُهُ . وَمَذْهَبُ
أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ فِي مَذْهَبِ
أَحْمَد : حِلُّهُ .
وَهَلْ الْعِلَّةُ أَنَّهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا ذَكَاتَهُ ; أَوْ الْعِلَّةُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِهِمْ ؟ فِيهِ نِزَاعٌ .
[ ص: 266 ] وَإِذَا ذَبَحُوا لِلْمُسْلِمِ : فَهَلْ هُوَ كَمَا إذَا ذَبَحُوا لِأَنْفُسِهِمْ ؟ فِيهِ نِزَاعٌ .
وَفِي جَوَازِ ذَبْحِهِمْ النُّسُكَ إذَا كَانُوا مِمَّنْ يَحِلُّ ذَبْحُهُمْ قَوْلَانِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ
أَحْمَد فَالْمَنْعُ مَذْهَبُ
مَالِكٍ وَالْجَوَازُ مَذْهَبُ
أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ فَإِذَا كَانَ الذَّابِحُ يَهُودِيًّا صَارَ فِي الذَّبْحِ عِلَّتَانِ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ .
ثُمَّ إنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمَّا ذَكَرَ حَالَ مَنْ يَقُولُ عَلَى اللَّهِ بِلَا عِلْمٍ بَلْ تَقْلِيدًا لِسَلَفِهِ ذَكَرَ حَالَ مَنْ يَكْتُمُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ فَقَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=183&ayano=2إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } فَهَذَا حَالُ مَنْ كَتَمَ عِلْمَ الرَّسُولِ وَذَاكَ حَالُ مَنْ عَدَلَ عَنْهَا إلَى خِلَافِهَا وَالْعَادِلُ عَنْهَا إلَى خِلَافِهَا يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ قَلَّدَ أَحَدًا مِنْ الْأَوَّلِينَ والآخرين فِيمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ الرَّسُولِ سَوَاءٌ كَانَ صَاحِبًا أَوْ تَابِعًا أَوْ أَحَدَ الْفُقَهَاءِ الْمَشْهُورِينَ الْأَرْبَعَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ .
وَأَمَّا مَنْ ظَنَّ أَنَّ الَّذِينَ قَلَّدَهُمْ مُوَافِقُونَ لِلرَّسُولِ فِيهَا قَالُوهُ فَإِنْ كَانَ قَدْ سَلَكَ فِي ذَلِكَ طَرِيقًا عِلْمِيًّا فَهُوَ مُجْتَهِدٌ لَهُ حُكْمُ أَمْثَالِهِ وَإِنْ كَانَ مُتَكَلِّمًا بِلَا عِلْمٍ فَهُوَ مِنْ الْمَذْمُومِينَ .