nindex.php?page=treesubj&link=19893_28723_30614_34091_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112فاستقم السين والتاء للطلب، أي: اطلب إقامة الدين، وحفظ جوارحك الظاهرة والباطنة في دائرة القيام به، وإدراك غاياته ومراميه، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112كما أمرت الكاف للتشبيه والمعنى اجعل أعمالك ومرامي نفسك وقلبك كما أمرت، أي: كما أنزل الله تعالى، وبني للمفعول لأن الفاعل معلوم حاضر في الذهن دائما، ولأن الاستقامة توجب اتباع الأوامر في ذاتها
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112ومن تاب معك فقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112ومن تاب معك معطوفة على الضمير في استقم، وإنما جاز النطق على الضمير المستتر في الخطاب من غير أن يؤكد بالضمير البارز للفصل بين المعطوف والمعطوف عليه، وهو بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112كما أمرت فيكون عدم إبراز ضمير الخطاب مناسبا للنسق.
وإن الاستقامة هي غاية الكمال الديني; لأنها القصد إلى الهدف الأسمى، ولأنها روح الإسلام وغايته، وقد قال بعض
الصوفية: إن الاستقامة هي مطلب
[ ص: 3762 ] الصوفي الأمين على حقوق الإيمان، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في صحيحه عن
سفيان بن عبد الله الثقفي، قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=695714قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك قال " قل آمنت بالله ثم استقم " ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس أنه قال لمن استوصاه: " عليك بتقوى الله والاستقامة ".
ولقد قال تعالى: في بيان الاستقامة إن أعلى درجات الإيمان:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=30إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنـزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون إلى آخر الآيات.
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112ومن تاب معك أي: الذين معك من المسلمين، وعبر عنهم بأنهم تابوا للإشارة إلى أن إسلامهم لا يكون كاملا إلا إذا كانوا مع الله تعالى، وإلى أن الإسلام توبة عن الشرك، وأن الشرك انحراف في النفس، وتركه رجوع إلى الله تعالى.
وإن الاستقامة تهذيب روحي، واتجاه نفسي، وقد نهى عما يؤدي إلى الانحراف عن الاتجاه المستقيم
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112ولا تطغوا فيه، إن النفس تنحرف عن الجادة والطريق الأقوم بالطغيان، وهو مجاوزة الحد، ومجاوزة الحد قسمان:
القسم الأول: التشدد في الدين الذي يؤدي إلى إرهاق النفس، وإن إرهاقها يؤدي إلى التقصير، ولذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاعتدال، فقد قال عليه الصلاة والسلام:
nindex.php?page=hadith&LINKID=671209 " لن يشاد أحد هذا الدين إلا غلبه، ولكن سددوا وقاربوا "، وقال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=655983أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل .
والقسم الثاني من الطغيان: الظلم ومجاوزة الحد مع غيره، وإن هذا المعنى مناسب للآية بعد ذلك. ولقد بين الله سبحانه وتعالى أنه مراقب العباد،
[ ص: 3763 ] ومجازيهم فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112إنه بما تعملون بصير الضمير يعود على الله تعالى أي: أنه تعالى عليم بما يعملون علم من يبصر ويرى، وقدم الجار والمجرور (بما تعملون) على (بصير) للاهتمام بالعمل، وأنه مناظر الجزاء، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، وإن الاستقامة هي أقصى درجات الإحسان، ولقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعريف الإحسان:
nindex.php?page=hadith&LINKID=650048 " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك " .
كان في هذه الآية
nindex.php?page=treesubj&link=25986النهي عن الظلم، ثم أردفها بالنهي عن الارتكان إلى ظالم، فقال:
nindex.php?page=treesubj&link=19893_28723_30614_34091_28982nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112فَاسْتَقِمْ السِّينُ وَالتَّاءُ لِلطَّلَبِ، أَيِ: اُطْلُبْ إِقَامَةَ الدِّينِ، وَحِفْظَ جَوَارِحِكَ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ فِي دَائِرَةِ الْقِيَامِ بِهِ، وَإِدْرَاكَ غَايَاتِهِ وَمَرَامِيهِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112كَمَا أُمِرْتَ الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ وَالْمَعْنَى اِجْعَلْ أَعْمَالَكَ وَمَرَامِي نَفْسِكَ وَقَلْبِكَ كَمَا أُمِرَتْ، أَيْ: كَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى، وَبُنِيَ لِلْمَفْعُولِ لِأَنَّ الْفَاعِلَ مَعْلُومٌ حَاضِرٌ فِي الذِّهْنِ دَائِمًا، وَلِأَنَّ الِاسْتِقَامَةَ تُوجِبُ اِتِّبَاعَ الْأَوَامِرِ فِي ذَاتِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112وَمَنْ تَابَ مَعَكَ فَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112وَمَنْ تَابَ مَعَكَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي اِسْتَقِمْ، وَإِنَّمَا جَازَ النُّطْقُ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي الْخِطَابِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤَكَّدَ بِالضَّمِيرِ الْبَارِزِ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَهُوَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112كَمَا أُمِرْتَ فَيَكُونُ عَدَمُ إِبْرَازِ ضَمِيرِ الْخِطَابِ مُنَاسِبًا لِلنَّسَقِ.
وَإِنَّ الِاسْتِقَامَةَ هِيَ غَايَةُ الْكَمَالِ الدِّينِيِّ; لِأَنَّهَا الْقَصْدُ إِلَى الْهَدَفِ الْأَسْمَى، وَلِأَنَّهَا رُوحُ الْإِسْلَامِ وَغَايَتُهُ، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ
الصُّوفِيَّةِ: إِنَّ الِاسْتِقَامَةَ هِيَ مَطْلَبُ
[ ص: 3762 ] الصُّوفِيِّ الْأَمِينِ عَلَى حُقُوقِ الْإِيمَانِ، وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ
سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ، قَالَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=695714قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ قَالَ " قُلْ آمَنْتُ بِاَللَّهِ ثُمَّ اِسْتَقِمْ " ، وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لِمَنِ اِسْتَوْصَاهُ: " عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالِاسْتِقَامَةِ ".
وَلَقَدْ قَالَ تَعَالَى: فِي بَيَانِ الِاسْتِقَامَةِ إِنَّ أَعْلَى دَرَجَاتِ الْإِيمَانِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=30إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَـزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ.
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112وَمَنْ تَابَ مَعَكَ أَيِ: الَّذِينَ مَعَكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَعَبَّرَ عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ تَابُوا لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ إِسْلَامَهُمْ لَا يَكُونُ كَامِلًا إِلَّا إِذَا كَانُوا مَعَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلَى أَنَّ الْإِسْلَامَ تَوْبَةٌ عَنِ الشِّرْكِ، وَأَنَّ الشِّرْكَ اِنْحِرَافٌ فِي النَّفْسِ، وَتَرْكُهُ رُجُوعٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.
وَإِنَّ الِاسْتِقَامَةَ تَهْذِيبٌ رُوحِيٌّ، وَاتِّجَاهٌ نَفْسِيٌّ، وَقَدْ نَهَى عَمَّا يُؤَدِّي إِلَى الِانْحِرَافِ عَنِ الِاتِّجَاهِ الْمُسْتَقِيمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112وَلا تَطْغَوْا فِيهِ، إِنَّ النَّفْسَ تَنْحَرِفُ عَنِ الْجَادَّةِ وَالطَّرِيقِ الْأَقْوَمِ بِالطُّغْيَانِ، وَهُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، وَمُجَاوَزَةُ الْحَدِّ قِسْمَانِ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: التَّشَدُّدُ فِي الدِّينِ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى إِرْهَاقِ النَّفْسِ، وَإِنَّ إِرْهَاقَهَا يُؤَدِّي إِلَى التَّقْصِيرِ، وَلِذَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالِاعْتِدَالِ، فَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=671209 " لَنْ يُشَادَّ أَحَدٌ هَذَا الدِّينَ إِلَّا غَلَبَهُ، وَلَكِنْ سَدِّدُوا وَقَارِبُوا "، وَقَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=655983أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ .
وَالْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الطُّغْيَانِ: الظُّلْمُ وَمُجَاوَزَةُ الْحَدِّ مَعَ غَيْرِهِ، وَإِنَّ هَذَا الْمَعْنَى مُنَاسِبٌ لِلْآيَةِ بَعْدَ ذَلِكَ. وَلَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ مُرَاقِبٌ الْعِبَادَ،
[ ص: 3763 ] وَمُجَازِيهِمْ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=112إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى أَيْ: أَنَّهُ تَعَالَى عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ عِلْمَ مَنْ يُبْصُرُ وَيَرَى، وَقُدِّمَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ (بِمَا تَعْمَلُونَ) عَلَى (بَصِيرٌ) لِلِاهْتِمَامِ بِالْعَمَلِ، وَأَنَّهُ مَنَاظِرُ الْجَزَاءِ، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ، وَإِنَّ الِاسْتِقَامَةَ هِيَ أَقْصَى دَرَجَاتِ الْإِحْسَانِ، وَلَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَعْرِيفِ الْإِحْسَانِ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=650048 " الْإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ، فَإِنَّهُ يَرَاكَ " .
كَانَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=25986النَّهْيُ عَنِ الظُّلْمِ، ثُمَّ أَرْدَفَهَا بِالنَّهْيِ عَنِ الِارْتِكَانِ إِلَى ظَالِمٍ، فَقَالَ: