[ ص: 417 ] الفصل الأول
في بيان
nindex.php?page=treesubj&link=28953الكلمات المقطوعة والموصولة والمختلف فيها بين القطع والوصل والتي ورد ذكرها في المقدمة الجزرية .
وهذه الكلمات ست وعشرون كلمة . منها ما هو مقطوع بالاتفاق ومنها ما هو موصول كذلك . ومنها ما هو مختلف فيه بين القطع والوصل وسنذكر هذه الكلمات كلها حسب ترتيبها في المقدمة الجزرية ليسهل فهمها وليكون بمثابة شرح لهذا الباب فنقول وبالله التوفيق ومنه سبحانه نستمد العون والقول .
الكلمة الأولى : " أن " مفتوحة الهمزة ساكنة النون مع " لا " النافية جاءت في القرآن الكريم على ثلاثة أقسام :
أولها : مقطوع بالاتفاق .
وثانيها : موصول كذلك .
وثالثها : مختلف فيه بين القطع والوصل .
ولكل كلام خاص نوضحه فيما يلي :
أما القسم الأول : فقد اتفقت المصاحف على قطع " أن " عن " لا " ويوقف على " أن " اختبارا " بالموحدة " وتدغم النون في اللام لفظا لا خطا في عشرة مواضع :
الأول والثاني قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=105حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق وقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=169أن لا يقولوا على الله إلا الحق كلاهما بالأعراف.
الثالث: قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه بسورة التوبة.
[ ص: 418 ] الرابع والخامس : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=14وأن لا إله إلا هو وقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=26أن لا تعبدوا إلا الله الموضع الثاني بسورة سيدنا
هود عليه الصلاة والسلام.
السادس : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26أن لا تشرك بي شيئا بسورة الحج.
السابع : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=60أن لا تعبدوا الشيطان بسورة يس عليه الصلاة والسلام.
الثامن : قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=19وأن لا تعلوا على الله بسورة الدخان.
التاسع : قوله عز شأنه :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=12أن لا يشركن بالله شيئا بسورة الممتحنة.
العاشر : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=24أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين بسورة القلم.
أما القسم الثاني : وهو المختلف فيه بين القطع والوصل فوقع في موضع واحد وهو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين بسورة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فرسم في أكثر المصاحف مقطوعا وفي أقلها موصولا . والقطع أشهر وعليه العمل .
وأما القسم الثالث : وهو الموصول بالإجماع وتدغم فيه النون في اللام لفظا وخطا ففي غير مواضع القطع العشرة المتفق عليها والموضع المختلف فيه نحو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2ألا تعبدوا إلا الله الموضع الأول بسورة سيدنا
هود عليه الصلاة والسلام . وقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=31ألا تعلوا علي بسورة النمل . وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=71ألا تكون فتنة بالمائدة ، وقوله عز شأنه :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=89ألا يرجع إليهم قولا [ ص: 419 ] بسورة طه صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك .
الكلمة الثانية : (إن) مكسورة الهمزة ساكنة النون - وهي الشرطية مع " ما " المؤكدة جاءت في التنزيل على قسمين :
القسم الأول : وهو مقطوع بالاتفاق وذلك في موضع واحد فقط وهو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=40وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم بسورة الرعد فقد اتفقت المصاحف على قطع إن عن ما في هذا الموضع ويوقف على " إن " اختبارا بالموحدة أو اضطرارا وتدغم النون في الميم لفظا لا خطا .
القسم الثاني : وهو موصول باتفاق المصاحف وتدغم فيه النون خطا ولفظا وهو ما سوى موضع القطع نحو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=46وإما نرينك بعض الذي نعدهم بسورة سيدنا
يونس عليه الصلاة والسلام ، وقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=77فإما نرينك بعض الذي نعدهم بسورة غافر جل وعلا ، وقوله عز شأنه :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=57فإما تثقفنهم بالأنفال وما إلى ذلك .
الكلمة الثالثة : " أما " بفتح الهمزة مشددة الميم . والمراد بها المركبة من " أم " و " ما " الاسمية وهي في القرآن قسم واحد موصول باتفاق فقد اتفقت المصاحف على وصل " أم " بـ " ما " ووقعت في أربعة مواضع في التنزيل وهي قوله تعالى : " أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين " في موضعي الأنعام وقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59أما يشركون nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=84أماذا كنتم تعملون الموضعان في سورة النمل. وليس منها " أما " حرف الشرط والتفصيل نحو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9فأما اليتيم فلا تقهر nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10وأما السائل فلا تنهر [ ص: 420 ] بالضحى وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=6فأما من ثقلت موازينه nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=7فهو في عيشة راضية بالقارعة وهو كثير في القرآن الكريم كما أنه موصول بالاتفاق في جميع المصاحف .
الكلمة الرابعة : " عن " الجارة مع " ما " الموصولة وهي في القرآن الكريم على قسمين :
القسم الأول : مقطوع بالاتفاق وذلك في موضع واحد فقط وهو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=166فلما عتوا عن ما نهوا عنه بسورة الأعراف فقط اتفقت المصاحف على قطع " عن " عن " ما " في هذا الموضع ويوقف على " عن " اختبارا " بالموحدة " أو اضطرارا وتدغم النون في الميم لفظا لا خطا .
القسم الثاني : وهو موصول باتفاق المصاحف وتدغم فيه النون لفظا وخطا وهو ما عدا موضع القطع المتفق عليه نحو قوله تعالى بالإسراء :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=43سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا وقوله عز شأنه :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=68سبحان الله وتعالى عما يشركون
وأما " عن " الجارة مع " ما " الاستفهامية محذوفة الألف فموصولة باتفاق المصاحف وتدغم النون في الميم لفظا وخطا وذلك في موضع واحد في التنزيل وهو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=1عم يتساءلون فاتحة سورة النبأ .
الكلمة الخامسة : " من " الجارة مع " ما " الموصولة جاءت في القرآن الكريم على أقسام ثلاثة :
أولها : مقطوع باتفاق .
وثانيها : موصول كذلك .
وثالثها : مختلف فيه بين القطع والوصل .
[ ص: 421 ] أما القسم الأول : فقد اتفقت المصاحف على قطع " من " عن " ما " ويوقف على " من " اختبارا بالموحدة أو اضطرارا وتدغم النون في الميم لفظا لا خطا ذلك في موضعين اثنين فقط .
أولهما : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات بسورة النساء.
وثانيهما : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=28هل لكم من ما ملكت أيمانكم بسورة الروم.
وأما القسم الثاني : وهو المختلف فيه بين القطع والوصل فوقع في موضع واحد في التنزيل وهو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=10وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت بسورة المنافقون فرسم في جل المصاحف مقطوعا وفي أقلها موصولا والقطع أشهر وعليه العمل .
وأما القسم الثالث : وهو الموصول بالإجماع ففي غير موضعي القطع المتفق عليهما وموضع الوصل المختلف فيه . والنون فيه مدغمة لفظا وخطا نحو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=3ومما رزقناهم ينفقون وقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم بسورة النور وما إلى ذلك .
" فائدة " : إذا دخلت " من " الجارة على الاسم الظاهر فاتفقت المصاحف على قطعها عنه وتدغم النون فيه لفظا لا خطا وذلك نحو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=55من مال وبنين وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33من مال الله وقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=8من ماء مهين وقوله عز شأنه :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=15من مارج من نار [ ص: 422 ] وإذا دخلت على " من " الموصولة فاتفقت المصاحف على وصلها بها وتدغم النون في الميم لفظا وخطا نحو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=140ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=33ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وقوله عز من قائل :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=48وعلى أمم ممن معك وما إلى ذلك .
وكذلك إذا دخلت " من " الموصولة على " ما " الاستفهامية محذوفة الألف فاتفقت المصاحف على وصلها بها وتدغم فيها النون لفظا وخطا وذلك في موضع واحد في التنزيل وهو قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=5فلينظر الإنسان مم خلق بسورة الطارق .
وقد أشار إلى ما ذكرناه في هذه الفائدة إمامنا
nindex.php?page=showalam&ids=14563الشاطبي رضي الله عنه في كتابه " العقيلة " بقوله :
ولا خلف في قطع من مع ظاهر ذكروا ممن جميعا فصل ومم مؤتمرا
ا هـ
الكلمة السادسة : " أم " مع " من " الاستفهامية جاءت في التنزيل على قسمين :
أولهما : مقطوع بالاتفاق .
وثانيهما : موصول كذلك .
أما القسم الأول : فقد اتفقت المصاحف على قطع " أم " عن " من " ويوقف على " أم " اضطرارا أو اختبارا " بالموحدة " وتدغم الميم في الميم لفظا لا خطا وذلك في أربعة مواضع في التنزيل :
الأول : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=109أم من يكون عليهم وكيلا بسورة النساء.
[ ص: 423 ]
الثاني : قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109أم من أسس بسورة التوبة.
الثالث : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=11فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا بسورة الصافات.
الرابع : قوله عز شأنه :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40أم من يأتي آمنا يوم القيامة بسورة فصلت .
وأما القسم الثاني : فقد اتفقت المصاحف على وصل " أم " بـ " من " وتدغم الميم في الميم لفظا وخطا وذلك في غير مواضع القطع الأربعة السالفة الذكر نحو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=60أمن خلق السماوات والأرض وقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=61أمن جعل الأرض قرارا وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=62أمن يجيب المضطر إذا دعاه وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=20أمن هذا الذي هو جند لكم وما إلى ذلك .
الكلمة السابعة : " حيث " مع " ما " جاءت في القرآن الكريم قسما واحدا اتفقت المصاحف فيه على قطع " حيث " عن " ما " وذلك في موضعين اثنين لا ثالث لهما في التنزيل .
والموضعان هما : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب وقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون بسورة البقرة .
الكلمة الثامنة : " أن " مفتوحة الهمزة ساكنة النون وهي المخففة مع " لم " الجازمة وهذه الكلمة وردت في التنزيل قسما واحدا اتفقت فيه عموم المصاحف على قطع " أن " عن " لم " وتدغم النون في اللام لفظا لا خطا في عموم القرآن
[ ص: 424 ] الكريم نحو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=131ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون بسورة الأنعام، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=73كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يا ليتني بسورة النساء، وقوله عز شأنه :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=24كأن لم تغن بالأمس وقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=45كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم كلاهما بسورة
يونس عليه الصلاة والسلام، وقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=92كأن لم يغنوا فيها بسورة الأعراف، وقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=68كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمودا كفروا ربهم وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=95كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين والموضعان بسورة سيدنا
هود عليه الصلاة والسلام.
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=7كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا بسورة
لقمان. وقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=8كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم بسورة الجاثية. وقوله عز شأنه :
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=7أيحسب أن لم يره أحد بسورة البلد وما إلى ذلك .
إذا عرفت هذا فاعلم أن ما ادعاه فضيلة الدكتور
محمد سالم محيسن في كتابه " الرائد " أنه ليس في القرآن كله " أن " مفتوحة والهمزة مخففة النون مقطوعة عن " لم " إلا في موضعين اثنين هما :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=131ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بالأنعام، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=7أيحسب أن لم يره أحد بالبلد . كما جعل هاتين الكلمتين في جدول كتب تحته بعنوان " الشرح والتوضيح " ما يلي : (وأن : " أن " مفتوحة الهمزة مخففة النون تقطع عن " لم " في موضعين وليس في القرآن غيرهما) . انتهى
[ ص: 425 ] بلفظه فإنه تحكم بغير دليل وتخصيص بغير مخصص وكأنه تبع في ذلك جماعة من المحدثين لم يحققوا المسألة كصاحب " العقد الفريد " فإنه قال : (أن المفتوحة مع لم الجازمة فتقطع عنها في موضعين :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=131ذلك أن لم يكن ربك في الأنعام، و
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=7أيحسب أن لم يره أحد في البلد) . انتهى منه بلفظه وصاحب " العميد " فإنه قال : ( " أن " بفتح الهمزة وسكون النون مع لم في
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=131ذلك أن لم يكن ربك بالأنعام
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=7أيحسب أن لم يره أحد بالبلد ولا يوجد غيرهما في القرآن ا هـ منه بلفظه .
وهذا الذي ذكروه خطأ واضح لا يخفى . وإلا فإن جميع من تعرض لذلك ممن كتب في التجويد والقراءات في القديم والحديث من أئمة هذا الشأن ومحققيه لم يدع حصر الكلمات في هذا المقام وإنما اكتفى فيها بالمثال للاستدلال دون دعوى الاستقصاء أو إبهام الإحصاء . وإليك طائفة من أقوالهم رحمهم الله تعالى :
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12111الحافظ أبو عمرو الداني في المقنع " وكتب في جميع المصاحف " أن لم " بفتح الهمزة و " إن لم " بكسرها بالنون حيث وقع إلا الحرف الذي في
هود وقد ذكرناه " ا هـ منه بلفظه، وقوله هنا " بالنون " أي بالقطع : وقوله إلا الحرف الذي في
هود إلخ يريد " إن لم " بكسر الهمزة في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=14فإلم يستجيبوا لكم فإنه موصول أي رسم بغير نون وقد ذكر هذا الموضع في فصل سابق على هذا وسنذكره بعد ذلك إن شاء الله .
وقال
الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية عطفا على القطع المتفق عليه " وأن لم المفتوح " فأطلقه ولم يخصصه وأطلقه كذلك في النشر بدون تخصيص . كما أطلقه
الإمام الشاطبي رحمه الله في العقيلة
[ ص: 426 ] وكذلك أطلقه شيخ مشايخي العلامة
المتولي في كتابه " اللؤلؤ المنظوم " .
وكذلك أطلقه صاحب انشراح الصدور ولم يخصصه .
وكذلك أطلقه العلامة
السمنودي في " لآلئ البيان " بدون تقييد .
وكذلك الشهاب البنا في إتحاف البشر وعبارته -رحمه الله تعالى- " واتفقوا على قطع " أن " عن " لم " حيث جاء نحو
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=131أن لم يكن ربك مهلك القرى و
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=24كأن لم تغن " ا هـ منه بلفظه .
وكذلك أطلقه العلامة
المارغني ولم يقيده في كتابيه " النجوم الطوالع " و " دليل الحيران شرح مورد الظمآن " كما أطلقه العلامة
الخراز في " المورد " وأطلقه كذلك بدون تخصيص صاحب " كتاب إيقاظ الأعلام لوجوب اتباع رسم مصحف الإمام " وعبارته قريبة من عبارة الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=12111الداني في " المقنع " وقد تقدمت . كما أطلقه أيضا أستاذنا فضيلة الشيخ
عثمان سليمان مراد في كتابه "
[ ص: 427 ] السلسبيل الشافي وعبارته " أن لم " قطعت حيث وقعت نحو
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=131ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم بالأنعام و
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=7أيحسب أن لم يره أحد بالبلد و
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=24كأن لم تغن بالأمس بيونس و
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=73كأن لم تكن بينكم وبينه مودة بالنساء ا هـ منه بلفظه .
وهنا نجد أن صاحب الإتحاف مثل موضع الأنعام وترك التمثيل لموضع البلد وزاد موضع النساء . وأن صاحب السلسبيل الشافي مثل بموضعي الأنعام والبلد وزاد موضعي
يونس والنساء . وهذا دليل واضح على الإطلاق لا على التخصيص .
وفي هذا القدر كفاية من إيراد أقوال العلماء في هذه المسألة .
وقد رأيت أيها القارئ الكريم أننا ذكرنا لك توسعا في ضرب الأمثال بقصد تقرير الاستدلال عشر آيات من التنزيل في عشرة مواضع من كلمة " أن لم " ومن يبحث في التنزيل يجد غير ذلك . وفي هذا التقييد الذي ادعوه خطر جسيم يترتب عليه فساد عظيم . فإن ادعاء انحصار مواضع قطع " أن " المفتوح الهمز المخفف النون عن " لم " في الموضعين اللذين ذكروهما يفوت على القارئ إذا قرأ
لحفص nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم أو لغيره ممن يقرؤون بالغنة في اللام والراء عن طريق طيبة النشر عند إدغام النون الساكنة فيهما كما هنا لا سيما إذا كانت قراءتهم على مذهب من يرون الغنة في اللام عندما تدغم فيها النون الساكنة خاصة بالمقطوع كهذه المواضع، وهذا هو المذهب المشهور . أقول يفوت على القارئ أوجها كثيرة من أوجه التلاوة المتواترة إذ يحسب سائر المواضع غير الموضعين اللذين ذكرهما أولئك من المواضع الموصولة فلا يقرأ بالغنة فيها عند الإدغام . وقد تكون الغنة واجبة في التلاوة فيترتب على هذا الكذب في الرواية بقراءة ما لم ينزل وذهاب بعض
[ ص: 428 ] المتواتر من حروف القرآن وضياعه على الناس فيكون من وسائل تعجيل رفع بعض أوجه القرآن وذهاب العلم وانمحاق البركة من دنيا الناس، فإلى الله المشتكى . ولا يقف الأمر عند هذا الحد بل يتفاقم خطره ويتفشى ضرره إذ يوهم طلاب العلم والعامة إلى أنه لا يجوز الوقف على " أن " المفتوح الهمز المخفف النون المقطوع دون " لم " اضطرارا أو اختبارا " بالموحدة " إلا في الموضعين اللذين ذكروهما فيقع عامة من يعتمد على أي من هذه الكتب في الخطأ والمحذور وتعظم آثار ذلك إذا كان الطالب في مثل حال الامتحان الذي يكرم المرء فيه أو يهان فلا حول ولا قوة إلا بالله .
الكلمة التاسعة : " إن " مكسورة الهمزة مشددة النون مع " ما " الموصولة وهذه الكلمة وردت في التنزيل على ثلاثة أقسام :
أولها : مقطوع بالإجماع .
وثانيها : مختلف فيه بين القطع والوصل .
وثالثها : موصول بلا خلاف وإليك تفصيل الكلام على هذه الأقسام الثلاثة .
أما القسم الأول : فقد اتفقت المصاحف فيه على قطع " إن " عن " ما " في موضع واحد في القرآن الكريم وهو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=134إن ما توعدون لآت بسورة الأنعام.
وأما القسم الثاني : وهو المختلف فيه فقد رسم في بعض المصاحف مقطوعا وفي بعضها موصولا أي وصل " أن " بـ " ما " وهذا في موضع واحد في التنزيل وهو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=95إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون بسورة النحل والوصل هو الأشهر وعليه العمل .
وأما القسم الثالث : فقد اتفقت المصاحف فيه على وصله وذلك في غير موضع القطع المتفق فيه على قطعه وغير الموضع المختلف فيه نحو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=19إنما يتذكر أولو الألباب بسورة الرعد وقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171إنما الله إله واحد في
[ ص: 429 ] كل من سورة النساء والنحل وما إلى ذلك .
الكلمة العاشرة : " أن " مفتوحة الهمزة مشددة النون مع " ما " الموصولة أيضا وقد جاء ذكرها في التنزيل على ثلاثة أقسام : مقطوعة باتفاق وموصولة كذلك ومختلف فيها بين القطع والوصل .
أما القسم الأول : فقد أجمعت المصاحف فيه على قطع " أن " عن " ما " وثبت هذا في موضعين اثنين فقط .
أولهما : بسورة الحج في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=62وأن ما يدعون من دونه هو الباطل
وثانيهما : بسورة
لقمان في قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=30وأن ما يدعون من دونه الباطل
وأما القسم الثاني : فقد اختلف فيه المصاحف فرسم في بعضها مقطوعا وفي بعضها موصولا وذلك في موضع واحد في التنزيل في سورة الأنفال في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41واعلموا أنما غنمتم من شيء والأشهر هو الوصل وعليه العمل .
وأما القسم الثالث : فقد أجمعت المصاحف فيه على وصل " أن " بـ " ما " وذلك في غير موضعي القطع المتفق عليهما وغير الموضع المختلف فيه نحو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=92فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين بسورة المائدة ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو بسورة الحديد وما إلى ذلك .
وقد أشار الحافظ
ابن الجزري -رحمه الله تعالى- إلى هذه الكلمات العشر في المقدمة الجزرية بقوله :
فاقطع بعشر كلمات أن لا مع ملجأ ولا إله إلا
[ ص: 430 ] وتعبدوا ياسين ثاني هود لا يشركن تشرك يدخلن تعلوا على
أن لا يقولوا لا أقول إن ما بالرعد والمفتوح صل وعن ما
نهوا اقطعوا من ما بروم والنسا خلف المنافقين أم من أسسا
فصلت النسا وذبح حيث ما وأن لم المفتوح كسر إن ما
الأنعام والمفتوح يدعون معا وخلف الأنفال ونحل وقعا
ا هـ
الكلمة الحادية عشرة : " كل " مع " ما " وهي في القرآن الكريم ثلاثة أقسام :
القسم الأول : مقطوع بالاتفاق وجاء في موضع واحد في التنزيل في سورة سيدنا
إبراهيم عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=34وآتاكم من كل ما سألتموه فقد أجمعت المصاحف في هذا الموضع على قطع " كل " عن " ما " .
القسم الثاني : مختلف فيه بين القطع والوصل فقد رسم في بعض المصاحف مقطوعا وفي بعضها موصولا وذلك في أربعة مواضع في التنزيل :
الأول : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=91كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها بسورة النساء.
الثاني : قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=38كلما دخلت أمة لعنت أختها بسورة الأعراف.
الثالث : قوله عز شأنه :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=44كل ما جاء أمة رسولها بسورة المؤمنون .
الرابع : قوله عز من قائل :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=8كلما ألقي فيها فوج بسورة الملك .
[ ص: 431 ] هذا : ولم يتعرض
الحافظ ابن الجزري في مقدمته إلى هذه المواضع المختلف فيها إلا لموضع النساء فقط وتعرض لها في النشر كما تعرض لها شارحو المقدمة وغيرهم . وقد نظمها العلامة ملا علي القاري في شرحه على المقدمة فقال رحمه الله تعالى :
وجاء أمة وألقي دخلت في وصلها وقطعها اختلفت
ا هـ
القسم الثالث : موصول بالإجماع - أي وصل " كل " بـ " ما " وذلك في غير موضع القطع المتفق عليه وفي غير المواضع الأربعة المختلف فيها بين القطع والوصل نحو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20كلما أضاء لهم مشوا فيه بسورة البقرة ، وقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=25كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا بسورة البقرة أيضا ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله بسورة المائدة وما إلى ذلك .
تنبيهات :
الأول : بالنسبة
nindex.php?page=treesubj&link=28905للخلاف الذي في المواضع الأربعة في كلمة " كلما " قد اختلف في الأشهر فيها هل الوصل أو القطع؟ أو هما مستويان؟ أقوال :
منها : أن الوصل هو المشهور فيها ذكر ذلك
الحافظ ابن الجزري في النشر .
ومنها : أن الوصل والقطع يستويان : جاء ذلك في " العقيلة " للإمام
nindex.php?page=showalam&ids=14563الشاطبي وإتحاف فضلاء البشر للشهاب البنا . وكتاب نهاية القول المفيد
[ ص: 432 ] والعقد الفريد الكبير والسلسبيل الشافي وبعض شراح المقدمة الجزرية كشرح شيخ الإسلام الشيخ
زكريا الأنصاري وشرح
الشريف ابن يالوشة .
ومنها : أن المعمول به هو القطع في موضع النساء والمؤمنون . وأن الوصل هو المعمول به في موضع الأعراف والملك . ذكر ذلك العلامة
المارغني التونسي في كتابيه " النجوم الطوالع " و " دليل الحيران شرح موارد الظمآن " وذكر ذلك أيضا العلامة المحقق الشيخ
علي محمد الضباع في كتابه " سمير الطالبين " والذي أميل إليه من هذه الأقوال كلها ما قاله العلامة
المارغني والأستاذ
الضباع . وعليه رسم المصحف المصري المعروف بمصحف
الأزهر الشريف وغيره .
التنبيه الثاني : قال
ملا علي القاري في شرحه على المقدمة الجزرية بعد أن انتهى من شرح كلام الناظم لكلمة " كلما " : (وكذا) وقع الخلاف في
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=38كلما دخلت أمة بالأعراف و
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=44كل ما جاء أمة بالمؤمنون، و
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=8كلما ألقي فيها فوج بالملك كما نص
nindex.php?page=showalam&ids=12111أبو عمرو الداني في المقنع على الخلاف في هذه الثلاثة ففي هذا قصور من الناظم للكلام عن مقام المرام حتى قال ابن المصنف وعبارة الناظم لا تفهم الخلاف إلى هذه الثلاثة . وأما قول
الرومي ولعله سكت عنها اكتفاء بذكر واحد منها ولاشتهار ما عداه عندهم فعذر بارد وعن خطور الفهم شارد ا هـ .
أقول والجواب عن جميع ما ذكره :
أولا : أما قوله كما نص
nindex.php?page=showalam&ids=12111أبو عمرو الداني في المقنع على الخلاف في هذه
[ ص: 433 ] الثلاثة . فإن
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبا عمرو لم ينص عليها ألبتة وإنما تركها على أنها موصولة وعبارته في المقنع : (قال
محمد " كل ما " مقطوع; حرفان : في النساء
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=91كل ما ردوا إلى الفتنة وفي
إبراهيم nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=34من كل ما سألتموه قال: ومنهم من يصل التي في النساء) ا هـ منه بلفظه .
وعليه : فيؤخذ من كلام
المقنع أن " كل ما " التي في
إبراهيم مقطوعة بالاتفاق وأن " كل ما " التي في النساء فيها الخلاف . وأن المواضع الثلاثة التي نسب
ملا علي القاري فيها الخلاف إلى
nindex.php?page=showalam&ids=12111الداني هي عند
nindex.php?page=showalam&ids=12111الداني ضمن المواضع الأخرى الموصولة ويعلم هذا من السكوت عليها كما هو مقرر عند علماء الفن .
وعليه : فلا قصور عند الناظم بحال فإنه تبع في ذلك الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=12111أبا عمرو الداني الذي نص في المقنع على أن المقطوع بالاتفاق موضع
إبراهيم والمختلف فيه موضع النساء فحسب كما تقدم نقل ذلك عنه . فإن قال أحد : " قد قدمتم قريبا أن الناظم أورد في النشر الخلاف في المواضع الثلاثة التي قال عنها ملا علي مع موضع النساء أيضا فكيف نوفق بين اختلاف النص عنه في المقدمة الجزرية والنشر؟
فالجواب : أن ما ذهب إليه الناظم -رحمه الله- في المقدمة الجزرية فقد وافق فيه ما ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=12111الحافظ أبو عمرو الداني في المقنع .
وأما ما ذهب إليه في النشر فقد تبع فيه ما ذهب إليه الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=14563الشاطبي رحمه الله في " العقيلة " فإنه ذكر القطع قولا واحدا في موضع
إبراهيم والخلاف في المواضع الأربعة التي هي موضع النساء والأعراف والمؤمنون والملك حيث قال
[ ص: 434 ] رحمه الله في العقيلة :
وقل أتاكم من كل ما قطعوا والخلف في كل ما ردوا فشا خبرا
وكلما ما ألقي اسمع كل ما دخلت
وكلما جاء عن خلف يلي وقرا ا هـ
وبعد : فقد بان لك أيها القارئ الكريم أن
الحافظ ابن الجزري -رحمه الله تعالى- لا اعتراض عليه ولا قصور عنده للكلام كما قال
ملا علي القاري فقد اتبع فيما قاله في المقدمة الجزرية والنشر إمامين جليلين كل منهما له قوله واعتباره في فن الرسم والقراءات وغيرهما من العلوم عند الأمة .
ورحم الله شيخ شيوخنا شيخ الإسلام
أبا يحيى زكريا الأنصاري والعلامة
ابن يالوشة حيث ذكرا في شرحيهما على المقدمة الجزرية المواضع المختلف فيها التي لم يذكرها الناظم بدون تعليق ولا اعتراض منهما لأنهما يعرفان أن الناظم قد تبع في ذلك الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=12111الداني في المقنع، وإنما ذكرا المواضع المختلف فيها لإفادة الطالب وحسب : فلربما لا يقف على المقنع ولا على العقيلة فيفوته تحصيل مثل هذه الفائدة .
وأما العلامة الشيخ
خالد الأزهري رحمه الله فلم يتعرض إلى هذه المواضع الثلاثة المختلف فيها في شرحه لا من قريب ولا من بعيد ولا اعترض على الناظم لأنه يعرف أن الناظم في ذلك قد تبع ما جاء في المقنع وأن ما ذكره الناظم في المقدمة الجزرية فيه الكفاية بالنسبة للطالب المبتدئ فرحم الله الجميع ورحمنا معهم بفضله وكرمه آمين .
ثانيا : وأما قوله عن ابن المصنف -رحمهما الله تعالى " وعبارة الناظم لا
[ ص: 435 ] تفهم الخلاف إلى هذه الثلاثة . فهذا صحيح لأن والده ترك الكلام على هذه الثلاثة في هذا المقام متبعا في ذلك الداني كما تقدم .
ثالثا : وأما قوله - أي
ملا علي - عن
الرومي " ولعله سكت عنها - أي المواضع الثلاثة - اكتفاء بذكر واحد منها ولاشتهار ما عداه عندهم فهذا كلام محتمل متوجه أيضا - لأن الناظم رحمه الله اكتفى بذكر واحد من مواضع الخلاف وترك باقيها وقد تقدم في النشر أن المشهور في المواضع الأربعة المختلف فيها الوصل وهو مذهبه . فاعتذار
الرومي - رحمه الله - عن الناظم هو اعتذار حسن مقبول له وجه . وليس بالاعتذار البارد ولا هو عن خطور الفهم شارد كما قال
ملا علي القاري سامحه الله تعالى وتجاوز عنا جميعا وألهمنا الاشتغال بما يرضيه . ورزقنا التوفيق والهداية في البداية والنهاية ومن علينا جميعا بالقبول إنه خير مأمول .
[ ص: 417 ] الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
فِي بَيَانِ
nindex.php?page=treesubj&link=28953الْكَلِمَاتِ الْمَقْطُوعَةِ وَالْمَوْصُولَةِ وَالْمُخْتَلَفِ فِيهَا بَيْنَ الْقَطْعِ وَالْوَصْلِ وَالَّتِي وَرَدَ ذِكْرُهَا فِي الْمُقَدِّمَةِ الْجَزَرِيَّةِ .
وَهَذِهِ الْكَلِمَاتُ سِتٌّ وَعِشْرُونَ كَلِمَةً . مِنْهَا مَا هُوَ مَقْطُوعٌ بِالِاتِّفَاقِ وَمِنْهَا مَا هُوَ مَوْصُولٌ كَذَلِكَ . وَمِنْهَا مَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْقَطْعِ وَالْوَصْلِ وَسَنَذْكُرُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ كُلَّهَا حَسَبَ تَرْتِيبِهَا فِي الْمُقَدِّمَةِ الْجَزَرِيَّةِ لِيَسْهُلَ فَهْمُهَا وَلِيَكُونَ بِمَثَابَةِ شَرْحٍ لِهَذَا الْبَابِ فَنَقُولُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَمِنْهُ سُبْحَانَهُ نَسْتَمِدُّ الْعَوْنَ وَالْقَوْلَ .
الْكَلِمَةُ الْأُولَى : " أَنْ " مَفْتُوحَةُ الْهَمْزَةِ سَاكِنَةُ النُّونِ مَعَ " لَا " النَّافِيَةِ جَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ :
أَوَّلُهَا : مَقْطُوعٌ بِالِاتِّفَاقِ .
وَثَانِيهَا : مَوْصُولٌ كَذَلِكَ .
وَثَالِثُهَا : مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْقَطْعِ وَالْوَصْلِ .
وَلِكُلٍّ كَلَامٌ خَاصٌّ نُوَضِّحُهُ فِيمَا يَلِي :
أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ : فَقَدِ اتَّفَقَتِ الْمَصَاحِفُ عَلَى قَطْعِ " أَنْ " عَنْ " لَا " وَيُوقَفُ عَلَى " أَنِ " اخْتِبَارًا " بِالْمُوَحَّدَةِ " وَتُدْغَمُ النُّونُ فِي اللَّامِ لَفْظًا لَا خَطًّا فِي عَشَرَةِ مَوَاضِعَ :
الْأَوَّلُ وَالثَّانِي قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=105حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=169أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ كِلَاهُمَا بِالْأَعْرَافِ.
الثَّالِثُ: قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=118وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ بِسُورَةِ التَّوْبَةِ.
[ ص: 418 ] الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=14وَأَنْ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=26أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ الْمَوْضِعُ الثَّانِي بِسُورَةِ سَيِّدِنَا
هُودٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
السَّادِسُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=26أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا بِسُورَةِ الْحَجِّ.
السَّابِعُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=60أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ بِسُورَةِ يس عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
الثَّامِنُ : قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=19وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ بِسُورَةِ الدُّخَانِ.
التَّاسِعُ : قَوْلُهُ عَزَّ شَأْنُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=60&ayano=12أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا بِسُورَةِ الْمُمْتَحِنَةِ.
الْعَاشِرُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=24أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ بِسُورَةِ الْقَلَمِ.
أَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي : وَهُوَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ بَيْنَ الْقَطْعِ وَالْوَصْلِ فَوَقَعَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=87فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ بِسُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَرُسِمَ فِي أَكْثَرِ الْمَصَاحِفِ مَقْطُوعًا وَفِي أَقَلِّهَا مَوْصُولًا . وَالْقَطْعُ أَشْهَرُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ .
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ : وَهُوَ الْمَوْصُولُ بِالْإِجْمَاعِ وَتُدْغَمُ فِيهِ النُّونُ فِي اللَّامِ لَفْظًا وَخَطًّا فَفِي غَيْرِ مَوَاضِعِ الْقِطَعِ الْعَشْرَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا وَالْمَوْضِعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ الْمَوْضِعُ الْأَوَّلُ بِسُورَةِ سَيِّدِنَا
هُودٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ . وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=31أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ بِسُورَةِ النَّمْلِ . وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=71أَلا تَكُونَ فِتْنَةٌ بِالْمَائِدَةِ ، وَقَوْلِهِ عَزَّ شَأْنُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=89أَلا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلا [ ص: 419 ] بِسُورَةِ طه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْوِ ذَلِكَ .
الْكَلِمَةُ الثَّانِيَةُ : (إِنْ) مَكْسُورَةُ الْهَمْزَةِ سَاكِنَةُ النُّونِ - وَهِيَ الشَّرْطِيَّةُ مَعَ " مَا " الْمُؤَكِّدَةُ جَاءَتْ فِي التَّنْزِيلِ عَلَى قِسْمَيْنِ :
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ : وَهُوَ مَقْطُوعٌ بِالِاتِّفَاقِ وَذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=40وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ بِسُورَةِ الرَّعْدِ فَقَدِ اتَّفَقَتِ الْمَصَاحِفُ عَلَى قَطْعِ إِنْ عَنْ مَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَيُوقَفُ عَلَى " إِنِ " اخْتِبَارًا بِالْمُوَحَّدَةِ أَوِ اضْطِرَارًا وَتُدْغَمُ النُّونُ فِي الْمِيمِ لَفْظًا لَا خَطًّا .
الْقِسْمُ الثَّانِي : وَهُوَ مَوْصُولٌ بِاتِّفَاقِ الْمَصَاحِفِ وَتُدْغَمُ فِيهِ النُّونُ خَطًّا وَلَفْظًا وَهُوَ مَا سِوَى مَوْضِعِ الْقَطْعِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=46وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ بِسُورَةِ سَيِّدِنَا
يُونُسَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=77فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ بِسُورَةِ غَافِرٍ جَلَّ وَعَلَا ، وَقَوْلِهِ عَزَّ شَأْنُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=57فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ بِالْأَنْفَالِ وَمَا إِلَى ذَلِكَ .
الْكَلِمَةُ الثَّالِثَةُ : " أَمَّا " بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مُشَدَّدَةُ الْمِيمِ . وَالْمُرَادُ بِهَا الْمُرَكَّبَةُ مِنْ " أَمْ " وَ " مَا " الِاسْمِيَّةِ وَهِيَ فِي الْقُرْآنِ قِسْمٌ وَاحِدٌ مَوْصُولٌ بِاتِّفَاقٍ فَقَدِ اتَّفَقَتِ الْمَصَاحِفُ عَلَى وَصْلِ " أَمْ " بِـ " مَا " وَوَقَعَتْ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ فِي التَّنْزِيلِ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى : " أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ " فِي مَوْضِعَيِ الْأَنْعَامِ وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=59أَمَّا يُشْرِكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=84أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ الْمَوْضِعَانِ فِي سُورَةِ النَّمْلِ. وَلَيْسَ مِنْهَا " أَمَّا " حَرْفُ الشَّرْطِ وَالتَّفْصِيلِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=9فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=10وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ [ ص: 420 ] بِالضُّحَى وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=6فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ nindex.php?page=tafseer&surano=101&ayano=7فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ بِالْقَارِعَةِ وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ كَمَا أَنَّهُ مَوْصُولٌ بِالِاتِّفَاقِ فِي جَمِيعِ الْمَصَاحِفِ .
الْكَلِمَةُ الرَّابِعَةُ : " عَنِ " الْجَارَّةُ مَعَ " مَا " الْمَوْصُولَةِ وَهِيَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ عَلَى قِسْمَيْنِ :
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ : مَقْطُوعٌ بِالِاتِّفَاقِ وَذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=166فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ بِسُورَةِ الْأَعْرَافِ فَقَطِ اتَّفَقَتِ الْمَصَاحِفُ عَلَى قَطْعِ " عَنْ " عَنْ " مَا " فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَيُوقَفُ عَلَى " عَنِ " اخْتِبَارًا " بِالْمُوَحَّدَةِ " أَوِ اضْطِرَارًا وَتُدْغَمُ النُّونُ فِي الْمِيمِ لَفْظًا لَا خَطًّا .
الْقِسْمُ الثَّانِي : وَهُوَ مَوْصُولٌ بِاتِّفَاقِ الْمَصَاحِفِ وَتُدْغَمُ فِيهِ النُّونُ لَفْظًا وَخَطًّا وَهُوَ مَا عَدَا مَوْضِعَ الْقَطْعِ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى بِالْإِسْرَاءِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=43سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا وَقَوْلِهِ عَزَّ شَأْنُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=68سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ
وَأَمَّا " عَنِ " الْجَارَّةِ مَعَ " مَا " الِاسْتِفْهَامِيَّةِ مَحْذُوفَةِ الْأَلِفِ فَمَوْصُولَةٌ بِاتِّفَاقِ الْمَصَاحِفِ وَتُدْغَمُ النُّونُ فِي الْمِيمِ لَفْظًا وَخَطًّا وَذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فِي التَّنْزِيلِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=1عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ فَاتِحَةُ سُورَةِ النَّبَأِ .
الْكَلِمَةُ الْخَامِسَةُ : " مِنَ " الْجَارَّةُ مَعَ " مَا " الْمَوْصُولَةِ جَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ عَلَى أَقْسَامٍ ثَلَاثَةٍ :
أَوَّلُهَا : مَقْطُوعٌ بِاتِّفَاقٍ .
وَثَانِيهَا : مَوْصُولٌ كَذَلِكَ .
وَثَالِثُهَا : مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْقَطْعِ وَالْوَصْلِ .
[ ص: 421 ] أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ : فَقَدِ اتَّفَقَتِ الْمَصَاحِفُ عَلَى قَطْعِ " مِنْ " عَنْ " مَا " وَيُوقَفُ عَلَى " مِنِ " اخْتِبَارًا بِالْمُوَحَّدَةِ أَوِ اضْطِرَارًا وَتُدْغَمُ النُّونُ فِي الْمِيمِ لَفْظًا لَا خَطًّا ذَلِكَ فِي مَوْضِعَيْنِ اثْنَيْنِ فَقَطْ .
أَوَّلُهُمَا : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ بِسُورَةِ النِّسَاءِ.
وَثَانِيهِمَا : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=28هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ بِسُورَةِ الرُّومِ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي : وَهُوَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ بَيْنَ الْقَطْعِ وَالْوَصْلِ فَوَقَعَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فِي التَّنْزِيلِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=10وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ بِسُورَةِ الْمُنَافِقُونَ فَرُسِمَ فِي جُلِّ الْمَصَاحِفِ مَقْطُوعًا وَفِي أَقَلِّهَا مَوْصُولًا وَالْقَطْعُ أَشْهَرُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ .
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ : وَهُوَ الْمَوْصُولُ بِالْإِجْمَاعِ فَفِي غَيْرِ مَوْضِعَيِ الْقَطْعِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِمَا وَمَوْضِعِ الْوَصْلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ . وَالنُّونُ فِيهِ مُدْغَمَةٌ لَفْظًا وَخَطًّا نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=3وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ بِسُورَةِ النُّورِ وَمَا إِلَى ذَلِكَ .
" فَائِدَةٌ " : إِذَا دَخَلَتْ " مِنِ " الْجَارَّةُ عَلَى الِاسْمِ الظَّاهِرِ فَاتَّفَقَتِ الْمَصَاحِفُ عَلَى قَطْعِهَا عَنْهُ وَتُدْغَمُ النُّونُ فِيهِ لَفْظًا لَا خَطًّا وَذَلِكَ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=55مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33مِنْ مَالِ اللَّهِ وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=8مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ وَقَوْلِهِ عَزَّ شَأْنُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=15مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ [ ص: 422 ] وَإِذَا دَخَلَتْ عَلَى " مِنِ " الْمَوْصُولَةِ فَاتَّفَقَتِ الْمَصَاحِفُ عَلَى وَصْلِهَا بِهَا وَتُدْغَمُ النُّونُ فِي الْمِيمِ لَفْظًا وَخَطًّا نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=140وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=33وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَقَوْلِهِ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=48وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَمَا إِلَى ذَلِكَ .
وَكَذَلِكَ إِذَا دَخَلَتْ " مِنَ " الْمَوْصُولَةُ عَلَى " مَا " الِاسْتِفْهَامِيَّةِ مَحْذُوفَةِ الْأَلِفِ فَاتَّفَقَتِ الْمَصَاحِفُ عَلَى وَصْلِهَا بِهَا وَتُدْغَمُ فِيهَا النُّونُ لَفْظًا وَخَطًّا وَذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فِي التَّنْزِيلِ وَهُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=5فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ بِسُورَةِ الطَّارِقِ .
وَقَدْ أَشَارَ إِلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي هَذِهِ الْفَائِدَةِ إِمَامُنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14563الشَّاطِبِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي كِتَابِهِ " الْعَقِيلَةِ " بِقَوْلِهِ :
وَلَا خُلْفَ فِي قَطْعٍ مِنْ مَعَ ظَاهِرٍ ذَكَرُوا مِمَّنْ جَمِيعًا فَصِلْ وَمِمَّ مُؤْتَمِرَا
ا هـ
الْكَلِمَةُ السَّادِسَةُ : " أَمْ " مَعَ " مِنَ " الِاسْتِفْهَامِيَّةِ جَاءَتْ فِي التَّنْزِيلِ عَلَى قِسْمَيْنِ :
أَوَّلُهُمَا : مَقْطُوعٌ بِالِاتِّفَاقِ .
وَثَانِيهِمَا : مَوْصُولٌ كَذَلِكَ .
أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ : فَقَدِ اتَّفَقَتِ الْمَصَاحِفُ عَلَى قَطْعِ " أَمْ " عَنْ " مِنْ " وَيُوقَفُ عَلَى " أَمِ " اضْطِرَارًا أَوِ اخْتِبَارًا " بِالْمُوَحَّدَةِ " وَتُدْغَمُ الْمِيمُ فِي الْمِيمِ لَفْظًا لَا خَطًّا وَذَلِكَ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ فِي التَّنْزِيلِ :
الْأَوَّلُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=109أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلا بِسُورَةِ النِّسَاءِ.
[ ص: 423 ]
الثَّانِي : قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=109أَمْ مَنْ أَسَّسَ بِسُورَةِ التَّوْبَةِ.
الثَّالِثُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=11فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا بِسُورَةِ الصَّافَّاتِ.
الرَّابِعُ : قَوْلُهُ عَزَّ شَأْنُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِسُورَةِ فُصِّلَتْ .
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي : فَقَدِ اتَّفَقَتِ الْمَصَاحِفُ عَلَى وَصْلِ " أَمْ " بِـ " مِنْ " وَتُدْغَمُ الْمِيمُ فِي الْمِيمِ لَفْظًا وَخَطًّا وَذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوَاضِعِ الْقَطْعِ الْأَرْبَعَةِ السَّالِفَةِ الذِّكْرِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=60أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=61أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=62أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=20أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ وَمَا إِلَى ذَلِكَ .
الْكَلِمَةُ السَّابِعَةُ : " حَيْثُ " مَعَ " مَا " جَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ قِسْمًا وَاحِدًا اتَّفَقَتِ الْمَصَاحِفُ فِيهِ عَلَى قَطْعِ " حَيْثُ " عَنْ " مَا " وَذَلِكَ فِي مَوْضِعَيْنِ اثْنَيْنِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا فِي التَّنْزِيلِ .
وَالْمَوْضِعَانِ هُمَا : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=144وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=150وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلا يَكُونَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ .
الْكَلِمَةُ الثَّامِنَةُ : " أَنْ " مَفْتُوحَةُ الْهَمْزَةِ سَاكِنَةُ النُّونِ وَهِيَ الْمُخَفَّفَةُ مَعَ " لَمِ " الْجَازِمَةِ وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ وَرَدَتْ فِي التَّنْزِيلِ قِسْمًا وَاحِدًا اتَّفَقَتْ فِيهِ عُمُومُ الْمَصَاحِفِ عَلَى قَطْعِ " أَنْ " عَنْ " لَمْ " وَتُدْغَمُ النُّونُ فِي اللَّامِ لَفْظًا لَا خَطًّا فِي عُمُومِ الْقُرْآنِ
[ ص: 424 ] الْكَرِيمِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=131ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ بِسُورَةِ الْأَنْعَامِ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=73كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي بِسُورَةِ النِّسَاءِ، وَقَوْلِهِ عَزَّ شَأْنُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=24كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=45كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ كِلَاهُمَا بِسُورَةِ
يُونُسَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=92كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا بِسُورَةِ الْأَعْرَافِ، وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=68كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلا إِنَّ ثَمُودَا كَفَرُوا رَبَّهُمْ وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=95كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلا بُعْدًا لِمَدْيَنَ وَالْمَوْضِعَانِ بِسُورَةِ سَيِّدِنَا
هُودٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=7كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا بِسُورَةِ
لُقْمَانَ. وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=8كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ بِسُورَةِ الْجَاثِيَةِ. وَقَوْلِهِ عَزَّ شَأْنُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=7أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ بِسُورَةِ الْبَلَدِ وَمَا إِلَى ذَلِكَ .
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ مَا ادَّعَاهُ فَضِيلَةُ الدُّكْتُورِ
مُحَمَّد سَالِم مُحَيْسِن فِي كِتَابِهِ " الرَّائِدِ " أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ كُلِّهِ " أَنْ " مَفْتُوحَةٌ وَالْهَمْزَةُ مُخَفَّفَةُ النُّونِ مَقْطُوعَةٌ عَنْ " لَمْ " إِلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ اثْنَيْنِ هُمَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=131ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِالْأَنْعَامِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=7أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ بِالْبَلَدِ . كَمَا جَعَلَ هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ فِي جَدْوَلٍ كُتِبَ تَحْتَهُ بِعُنْوَانِ " الشَّرْحِ وَالتَّوْضِيحِ " مَا يَلِي : (وَأَنْ : " أَنْ " مَفْتُوحَةُ الْهَمْزَةِ مُخَفَّفَةُ النُّونِ تُقْطَعُ عَنْ " لَمْ " فِي مَوْضِعَيْنِ وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ غَيْرُهُمَا) . انْتَهَى
[ ص: 425 ] بِلَفْظِهِ فَإِنَّهُ تَحَكُّمٌ بِغَيْرِ دَلِيلٍ وَتَخْصِيصٌ بِغَيْرِ مُخَصِّصٍ وَكَأَنَّهُ تَبِعَ فِي ذَلِكَ جَمَاعَةً مِنَ الْمُحَدِّثِينَ لَمْ يُحَقِّقُوا الْمَسْأَلَةَ كَصَاحِبِ " الْعَقْدِ الْفَرِيدِ " فَإِنَّهُ قَالَ : (أَنِ الْمَفْتُوحَةُ مَعَ لَمِ الْجَازِمَةِ فَتُقْطَعُ عَنْهَا فِي مَوْضِعَيْنِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=131ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ فِي الْأَنْعَامِ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=7أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ فِي الْبَلَدِ) . انْتَهَى مِنْهُ بِلَفْظِهِ وَصَاحِبُ " الْعَمِيدِ " فَإِنَّهُ قَالَ : ( " أَنْ " بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ النُّونِ مَعَ لَمْ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=131ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ بِالْأَنْعَامِ
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=7أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ بِالْبَلَدِ وَلَا يُوجَدُ غَيْرُهُمَا فِي الْقُرْآنِ ا هـ مِنْهُ بِلَفْظِهِ .
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرُوهُ خَطَأٌ وَاضِحٌ لَا يَخْفَى . وَإِلَّا فَإِنَّ جَمِيعَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ مِمَّنْ كَتَبَ فِي التَّجْوِيدِ وَالْقِرَاءَاتِ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ مِنْ أَئِمَّةٍ هَذَا الشَّأْنِ وَمُحَقِّقِيهِ لَمْ يَدَّعِ حَصْرَ الْكَلِمَاتِ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَإِنَّمَا اكْتَفَى فِيهَا بِالْمِثَالِ لِلِاسْتِدْلَالِ دُونَ دَعْوَى الِاسْتِقْصَاءِ أَوْ إِبْهَامِ الْإِحْصَاءِ . وَإِلَيْكَ طَائِفَةٌ مِنْ أَقْوَالِهِمْ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى :
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12111الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي الْمُقْنِعِ " وَكُتِبَ فِي جَمِيعِ الْمَصَاحِفِ " أَنْ لَمْ " بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَ " إِنْ لَمْ " بِكَسْرِهَا بِالنُّونِ حَيْثُ وَقَعَ إِلَّا الْحَرْفُ الَّذِي فِي
هُودٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ " ا هـ مِنْهُ بِلَفْظِهِ، وَقَوْلُهُ هُنَا " بِالنُّونِ " أَيْ بِالْقَطْعِ : وَقَوْلُهُ إِلَّا الْحَرْفَ الَّذِي فِي
هُودٍ إِلَخْ يُرِيدُ " إِنْ لَمْ " بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=14فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَإِنَّهُ مَوْصُولٌ أَيْ رُسِمَ بِغَيْرِ نُونٍ وَقَدْ ذُكِرَ هَذَا الْمَوْضِعُ فِي فَصْلٍ سَابِقٍ عَلَى هَذَا وَسَنَذْكُرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ .
وَقَالَ
الْحَافِظُ ابْنُ الْجَزَرِيِّ فِي الْمُقَدِّمَةِ الْجَزَرِيَّةِ عَطْفًا عَلَى الْقَطْعِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ " وَأَنْ لَمِ الْمَفْتُوحِ " فَأَطْلَقَهُ وَلَمْ يُخَصِّصْهُ وَأَطْلَقَهُ كَذَلِكَ فِي النَّشْرِ بِدُونِ تَخْصِيصٍ . كَمَا أَطْلَقَهُ
الْإِمَامُ الشَّاطِبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْعَقِيلَةِ
[ ص: 426 ] وَكَذَلِكَ أَطْلَقَهُ شَيْخُ مَشَايِخِي الْعَلَّامَةُ
الْمُتَوَلِّي فِي كِتَابِهِ " اللُّؤْلُؤِ الْمَنْظُومِ " .
وَكَذَلِكَ أَطْلَقَهُ صَاحِبُ انْشِرَاحِ الصُّدُورِ وَلَمْ يُخَصِّصْهُ .
وَكَذَلِكَ أَطْلَقَهُ الْعَلَّامَةُ
السَّمَنُّودِيُّ فِي " لَآلِئِ الْبَيَانِ " بِدُونِ تَقْيِيدٍ .
وَكَذَلِكَ الشِّهَابُ الْبَنَّا فِي إِتْحَافِ الْبَشَرِ وَعِبَارَتُهُ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- " وَاتَّفَقُوا عَلَى قَطْعِ " أَنْ " عَنْ " لَمْ " حَيْثُ جَاءَ نَحْوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=131أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=24كَأَنْ لَمْ تَغْنَ " ا هـ مِنْهُ بِلَفْظِهِ .
وَكَذَلِكَ أَطْلَقَهُ الْعَلَّامَةُ
الْمَارِغَنِيُّ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ فِي كِتَابَيْهِ " النُّجُومِ الطَّوَالِعِ " وَ " دَلِيلِ الْحَيْرَانِ شَرْحِ مَوْرِدِ الظَّمْآنِ " كَمَا أَطْلَقَهُ الْعَلَّامَةُ
الْخَرَّازُ فِي " الْمَوْرِدِ " وَأَطْلَقَهُ كَذَلِكَ بِدُونِ تَخْصِيصِ صَاحِبِ " كِتَابِ إِيقَاظِ الْأَعْلَامِ لِوُجُوبِ اتِّبَاعِ رَسْمِ مُصْحَفِ الْإِمَامِ " وَعِبَارَتُهُ قَرِيبَةٌ مِنْ عِبَارَةِ الْحَافِظِ
nindex.php?page=showalam&ids=12111الدَّانِيِّ فِي " الْمُقْنِعِ " وَقَدْ تَقَدَّمَتْ . كَمَا أَطْلَقَهُ أَيْضًا أُسْتَاذُنَا فَضِيلَةُ الشَّيْخِ
عُثْمَان سُلَيْمَان مُرَاد فِي كِتَابِهِ "
[ ص: 427 ] السَّلْسَبِيلِ الشَّافِي وَعِبَارَتُهُ " أَنْ لَمْ " قُطِعَتْ حَيْثُ وَقَعَتْ نَحْوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=131ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ بِالْأَنْعَامِ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=90&ayano=7أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ بِالْبَلَدِ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=24كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ بِيُونُسَ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=73كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ بِالنِّسَاءِ ا هـ مِنْهُ بِلَفْظِهِ .
وَهُنَا نَجِدُ أَنَّ صَاحِبَ الْإِتْحَافِ مَثَّلَ مَوْضِعَ الْأَنْعَامِ وَتَرَكَ التَّمْثِيلَ لِمَوْضِعِ الْبَلَدِ وَزَادَ مَوْضِعَ النِّسَاءِ . وَأَنَّ صَاحِبَ السَّلْسَبِيلِ الشَّافِي مَثَّلَ بِمَوْضِعَيِ الْأَنْعَامِ وَالْبَلَدِ وَزَادَ مَوْضِعَيْ
يُونُسَ وَالنِّسَاءِ . وَهَذَا دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَا عَلَى التَّخْصِيصِ .
وَفِي هَذَا الْقَدْرِ كِفَايَةٌ مِنْ إِيرَادِ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ .
وَقَدْ رَأَيْتَ أَيُّهَا الْقَارِئُ الْكَرِيمُ أَنَّنَا ذَكَرْنَا لَكَ تَوَسُّعًا فِي ضَرْبِ الْأَمْثَالِ بِقَصْدِ تَقْرِيرِ الِاسْتِدْلَالِ عَشْرَ آيَاتٍ مِنَ التَّنْزِيلِ فِي عَشَرَةِ مَوَاضِعَ مِنْ كَلِمَةِ " أَنْ لَمْ " وَمَنْ يَبْحَثُ فِي التَّنْزِيلِ يَجِدُ غَيْرَ ذَلِكَ . وَفِي هَذَا التَّقْيِيدِ الَّذِي ادَّعَوْهُ خَطَرٌ جَسِيمٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فَسَادٌ عَظِيمٌ . فَإِنَّ ادِّعَاءَ انْحِصَارِ مَوَاضِعِ قَطْعِ " أَنِ " الْمَفْتُوحِ الْهَمْزِ الْمُخَفَّفِ النُّونِ عَنْ " لَمْ " فِي الْمَوْضِعَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرُوهُمَا يُفَوِّتُ عَلَى الْقَارِئِ إِذَا قَرَأَ
لِحَفْصِ nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٍ أَوْ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ يَقْرَؤُونَ بِالْغُنَّةِ فِي اللَّامِ وَالرَّاءِ عَنْ طَرِيقٍ طَيِّبَةِ النَّشْرِ عِنْدَ إِدْغَامِ النُّونِ السَّاكِنَةِ فِيهِمَا كَمَا هُنَا لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَتْ قِرَاءَتُهُمْ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَوْنَ الْغُنَّةَ فِي اللَّامِ عِنْدَمَا تُدْغَمُ فِيهَا النُّونُ السَّاكِنَةُ خَاصَّةً بِالْمَقْطُوعِ كَهَذِهِ الْمَوَاضِعِ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ . أَقُولُ يُفَوِّتُ عَلَى الْقَارِئِ أَوْجُهًا كَثِيرَةً مِنْ أَوْجُهِ التِّلَاوَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ إِذْ يُحْسَبُ سَائِرُ الْمَوَاضِعِ غَيْرَ الْمَوْضِعَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا أُولَئِكَ مِنَ الْمَوَاضِعِ الْمَوْصُولَةِ فَلَا يُقْرَأُ بِالْغُنَّةِ فِيهَا عِنْدَ الْإِدْغَامِ . وَقَدْ تَكُونُ الْغُنَّةُ وَاجِبَةً فِي التِّلَاوَةِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا الْكَذِبُ فِي الرِّوَايَةِ بِقِرَاءَةِ مَا لَمْ يَنْزِلْ وَذَهَابِ بَعْضِ
[ ص: 428 ] الْمُتَوَاتِرِ مِنْ حُرُوفِ الْقُرْآنِ وَضَيَاعِهِ عَلَى النَّاسِ فَيَكُونُ مِنْ وَسَائِلِ تَعْجِيلِ رَفْعِ بَعْضِ أَوْجُهِ الْقُرْآنِ وَذَهَابِ الْعِلْمِ وَانْمِحَاقِ الْبَرَكَةِ مِنْ دُنْيَا النَّاسِ، فَإِلَى اللَّهِ الْمُشْتَكَى . وَلَا يَقِفُ الْأَمْرُ عِنْدَ هَذَا الْحَدِّ بَلْ يَتَفَاقَمُ خَطَرُهُ وَيَتَفَشَّى ضَرَرُهُ إِذْ يُوهَمُ طُلَّابُ الْعِلْمِ وَالْعَامَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى " أَنِ " الْمَفْتُوحِ الْهَمْزِ الْمُخَفَّفِ النُّونِ الْمَقْطُوعِ دُونَ " لَمِ " اضْطِرَارًا أَوِ اخْتِبَارًا " بِالْمُوَحَّدَةِ " إِلَّا فِي الْمَوْضِعَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرُوهُمَا فَيَقَعُ عَامَّةُ مَنْ يَعْتَمِدُ عَلَى أَيٍّ مِنْ هَذِهِ الْكُتُبِ فِي الْخَطَأِ وَالْمَحْذُورِ وَتَعْظُمُ آثَارُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ الطَّالِبُ فِي مِثْلِ حَالِ الِامْتِحَانِ الَّذِي يُكْرَمُ الْمَرْءُ فِيهِ أَوْ يُهَانُ فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ .
الْكَلِمَةُ التَّاسِعَةُ : " إِنَّ " مَكْسُورَةُ الْهَمْزَةِ مُشَدَّدَةُ النُّونِ مَعَ " مَا " الْمَوْصُولَةِ وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ وَرَدَتْ فِي التَّنْزِيلِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ :
أَوَّلُهَا : مَقْطُوعٌ بِالْإِجْمَاعِ .
وَثَانِيهَا : مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْقَطْعِ وَالْوَصْلِ .
وَثَالِثُهَا : مَوْصُولٌ بِلَا خِلَافٍ وَإِلَيْكَ تَفْصِيلُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ .
أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ : فَقَدِ اتَّفَقَتِ الْمَصَاحِفُ فِيهِ عَلَى قَطْعِ " إِنَّ " عَنْ " مَا " فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=134إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ بِسُورَةِ الْأَنْعَامِ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي : وَهُوَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَقَدْ رُسِمَ فِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ مَقْطُوعًا وَفِي بَعْضِهَا مَوْصُولًا أَيْ وَصْلَ " أَنْ " بِـ " مَا " وَهَذَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فِي التَّنْزِيلِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=95إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ بِسُورَةِ النَّحْلِ وَالْوَصْلِ هُوَ الْأَشْهَرُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ .
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ : فَقَدِ اتَّفَقَتِ الْمَصَاحِفُ فِيهِ عَلَى وَصْلِهِ وَذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْقَطْعِ الْمُتَّفَقِ فِيهِ عَلَى قَطْعِهِ وَغَيْرِ الْمَوْضِعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=19إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ بِسُورَةِ الرَّعْدِ وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ فِي
[ ص: 429 ] كُلٍّ مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ وَالنَّحْلِ وَمَا إِلَى ذَلِكَ .
الْكَلِمَةُ الْعَاشِرَةُ : " أَنَّ " مَفْتُوحَةُ الْهَمْزَةِ مُشَدَّدَةُ النُّونِ مَعَ " مَا " الْمَوْصُولَةِ أَيْضًا وَقَدْ جَاءَ ذِكْرُهَا فِي التَّنْزِيلِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ : مَقْطُوعَةٌ بِاتِّفَاقٍ وَمَوْصُولَةٌ كَذَلِكَ وَمُخْتَلَفٌ فِيهَا بَيْنَ الْقَطْعِ وَالْوَصْلِ .
أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ : فَقَدْ أَجْمَعَتِ الْمَصَاحِفُ فِيهِ عَلَى قَطْعِ " أَنَّ " عَنْ " مَا " وَثَبَتْ هَذَا فِي مَوْضِعَيْنِ اثْنَيْنِ فَقَطْ .
أَوَّلُهُمَا : بِسُورَةِ الْحَجِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=62وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ
وَثَانِيهِمَا : بِسُورَةِ
لُقْمَانَ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=30وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي : فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَصَاحِفُ فَرُسِمَ فِي بَعْضِهَا مَقْطُوعًا وَفِي بَعْضِهَا مَوْصُولًا وَذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فِي التَّنْزِيلِ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ وَالْأَشْهَرُ هُوَ الْوَصْلُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ .
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ : فَقَدْ أَجْمَعَتِ الْمَصَاحِفُ فِيهِ عَلَى وَصْلِ " أَنَّ " بِـ " مَا " وَذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعَيِ الْقَطْعِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِمَا وَغَيْرِ الْمَوْضِعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=92فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ بِسُورَةِ الْمَائِدَةِ ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=20اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ بِسُورَةِ الْحَدِيدِ وَمَا إِلَى ذَلِكَ .
وَقَدْ أَشَارَ الْحَافِظُ
ابْنُ الْجَزَرِيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إِلَى هَذِهِ الْكَلِمَاتِ الْعَشْرِ فِي الْمُقَدِّمَةِ الْجَزَرِيَّةِ بِقَوْلِهِ :
فَاقْطَعْ بِعَشْرِ كَلِمَاتٍ أَنْ لَا مَعَ مَلْجَأٍ وَلَا إِلَهَ إِلَّا
[ ص: 430 ] وَتَعْبُدُوا يَاسِينَ ثَانِيَ هُودَ لَا يُشْرِكْنَ تُشْرِكُ يَدْخُلَنْ تَعْلُوَا عَلَى
أَنْ لَا يَقُولُوا لَا أَقُولَ إِنْ مَا بِالرَّعْدِ وَالْمَفْتُوحَ صِلْ وَعَنْ مَا
نُهُوا اقْطَعُوا مِنْ مَا بِرُومٍ وَالنِّسَا خُلْفُ الْمُنَافِقِينَ أَمْ مَنْ أَسَّسَا
فُصِّلَتِ النِّسَا وَذِبْحِ حَيْثُ مَا وَأَنْ لَمِ الْمَفْتُوحَ كَسْرُ إِنَّ مَا
الْأَنْعَامِ وَالْمَفْتُوحَ يَدْعُونَ مَعَا وَخُلْفُ الْأَنْفَالِ وَنَحْلٍ وَقَعَا
ا هـ
الْكَلِمَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : " كُلُّ " مَعَ " مَا " وَهِيَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ :
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ : مَقْطُوعٌ بِالِاتِّفَاقِ وَجَاءَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فِي التَّنْزِيلِ فِي سُورَةِ سَيِّدِنَا
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=34وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ فَقَدْ أَجْمَعَتِ الْمَصَاحِفُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى قَطْعِ " كُلِّ " عَنْ " مَا " .
الْقِسْمُ الثَّانِي : مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْقَطْعِ وَالْوَصْلِ فَقَدْ رُسِمَ فِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ مَقْطُوعًا وَفِي بَعْضِهَا مَوْصُولًا وَذَلِكَ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ فِي التَّنْزِيلِ :
الْأَوَّلُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=91كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا بِسُورَةِ النِّسَاءِ.
الثَّانِي : قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=38كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا بِسُورَةِ الْأَعْرَافِ.
الثَّالِثُ : قَوْلُهُ عَزَّ شَأْنُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=44كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا بِسُورَةِ الْمُؤْمِنُونَ .
الرَّابِعُ : قَوْلُهُ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=8كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ بِسُورَةِ الْمُلْكِ .
[ ص: 431 ] هَذَا : وَلَمْ يَتَعَرَّضِ
الْحَافِظُ ابْنُ الْجَزَرِيِّ فِي مُقَدِّمَتِهِ إِلَى هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا إِلَّا لِمَوْضِعِ النِّسَاءِ فَقَطْ وَتَعَرَّضَ لَهَا فِي النَّشْرِ كَمَا تَعَرَّضَ لَهَا شَارِحُو الْمُقَدِّمَةِ وَغَيْرُهُمْ . وَقَدْ نَظَمَهَا الْعَلَّامَةُ مُلَّا عَلِيٌّ الْقَارِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ فَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى :
وَجَاءَ أُمَّةً وَأُلْقِيَ دَخَلَتْ فِي وَصْلِهَا وَقَطْعِهَا اخْتَلَفَتْ
ا هـ
الْقِسْمُ الثَّالِثُ : مَوْصُولٌ بِالْإِجْمَاعِ - أَيْ وَصْلُ " كُلَّ " بِـ " مَا " وَذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْقَطْعِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَفِي غَيْرِ الْمَوَاضِعِ الْأَرْبَعَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا بَيْنَ الْقَطْعِ وَالْوَصْلِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ ، وَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=25كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ أَيْضًا ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=64كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ بِسُورَةِ الْمَائِدَةِ وَمَا إِلَى ذَلِكَ .
تَنْبِيهَاتٌ :
الْأَوَّلُ : بِالنِّسْبَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=28905لِلْخِلَافِ الَّذِي فِي الْمَوَاضِعِ الْأَرْبَعَةِ فِي كَلِمَةِ " كُلَّمَا " قَدِ اخْتُلِفَ فِي الْأَشْهَرِ فِيهَا هَلِ الْوَصْلُ أَوِ الْقَطْعُ؟ أَوْ هُمَا مُسْتَوَيَانِ؟ أَقْوَالٌ :
مِنْهَا : أَنَّ الْوَصْلَ هُوَ الْمَشْهُورُ فِيهَا ذَكَرَ ذَلِكَ
الْحَافِظُ ابْنُ الْجَزَرِيِّ فِي النَّشْرِ .
وَمِنْهَا : أَنَّ الْوَصْلَ وَالْقَطْعَ يَسْتَوِيَانِ : جَاءَ ذَلِكَ فِي " الْعَقِيلَةِ " لِلْإِمَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=14563الشَّاطِبِيِّ وَإِتْحَافِ فُضَلَاءِ الْبَشَرِ لِلشِّهَابِ الْبَنَّا . وَكِتَابِ نِهَايَةِ الْقَوْلِ الْمُفِيدِ
[ ص: 432 ] وَالْعَقْدِ الْفَرِيدِ الْكَبِيرِ وَالسَّلْسَبِيلِ الشَّافِي وَبَعْضِ شُرَّاحِ الْمُقَدِّمَةِ الْجَزَرِيَّةِ كَشَرْحِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الشَّيْخِ
زَكَرِيَّا الْأَنْصَارِيِّ وَشَرْحِ
الشَّرِيفِ ابْنِ يَالُوشَةَ .
وَمِنْهَا : أَنَّ الْمَعْمُولَ بِهِ هُوَ الْقِطْعُ فِي مَوْضِعِ النِّسَاءِ وَالْمُؤْمِنُونَ . وَأَنَّ الْوَصْلَ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ فِي مَوْضِعِ الْأَعْرَافِ وَالْمُلْكِ . ذَكَرَ ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ
الْمَارِغَنِيُّ التُّونِسِيُّ فِي كِتَابَيْهِ " النُّجُومِ الطَّوَالِعِ " وَ " دَلِيلِ الْحَيْرَانِ شَرْحِ مَوَارِدِ الظَّمْآنِ " وَذَكَرَ ذَلِكَ أَيْضًا الْعَلَّامَةُ الْمُحَقِّقُ الشَّيْخُ
عَلِيّ مُحَمَّد الضِّبَاعُ فِي كِتَابِهِ " سَمِيرِ الطَّالِبِينَ " وَالَّذِي أَمِيلُ إِلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ كُلِّهَا مَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ
الْمَارِغَنِيُّ وَالْأُسْتَاذُ
الضَّبَّاعُ . وَعَلَيْهِ رُسِمَ الْمُصْحَفُ الْمِصْرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِمُصْحَفِ
الْأَزْهَرِ الشَّرِيفِ وَغَيْرُهُ .
التَّنْبِيهُ الثَّانِي : قَالَ
مُلَّا عَلِيٌّ الْقَارِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُقَدِّمَةِ الْجَزَرِيَّةِ بَعْدَ أَنِ انْتَهَى مِنْ شَرْحِ كَلَامِ النَّاظِمِ لِكَلِمَةِ " كُلَّمَا " : (وَكَذَا) وَقَعَ الْخِلَافُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=38كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ بِالْأَعْرَافِ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=44كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً بِالْمُؤْمِنُونَ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=8كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ بِالْمُلْكِ كَمَا نَصَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12111أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي الْمُقْنِعِ عَلَى الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَفِي هَذَا قُصُورٌ مِنَ النَّاظِمِ لِلْكَلَامِ عَنْ مَقَامِ الْمَرَامِ حَتَّى قَالَ ابْنُ الْمُصَنِّفِ وَعِبَارَةُ النَّاظِمِ لَا تُفْهِمُ الْخِلَافَ إِلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ . وَأَمَّا قَوْلُ
الرُّومِيِّ وَلَعَلَّهُ سَكَتَ عَنْهَا اكْتِفَاءً بِذِكْرِ وَاحِدٍ مِنْهَا وَلِاشْتِهَارِ مَا عَدَاهُ عِنْدَهُمْ فَعُذْرٌ بَارِدٌ وَعَنْ خُطُورِ الْفَهْمِ شَارِدٌ ا هـ .
أَقُولُ وَالْجَوَابُ عَنْ جَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ :
أَوَّلًا : أَمَّا قَوْلُهُ كَمَا نَصَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12111أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي الْمُقْنِعِ عَلَى الْخِلَافِ فِي هَذِهِ
[ ص: 433 ] الثَّلَاثَةِ . فَإِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أَبَا عَمْرٍو لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهَا أَلْبَتَّةَ وَإِنَّمَا تَرَكَهَا عَلَى أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ وَعِبَارَتُهُ فِي الْمُقْنِعِ : (قَالَ
مُحَمَّدٌ " كُلَّ مَا " مَقْطُوعٌ; حَرْفَانِ : فِي النِّسَاءِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=91كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ وَفِي
إِبْرَاهِيمَ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=34مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَصِلُ الَّتِي فِي النِّسَاءِ) ا هـ مِنْهُ بِلَفْظِهِ .
وَعَلَيْهِ : فَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ
الْمُقْنِعِ أَنَّ " كُلَّ مَا " الَّتِي فِي
إِبْرَاهِيمَ مَقْطُوعَةٌ بِالِاتِّفَاقِ وَأَنَّ " كُلَّ مَا " الَّتِي فِي النِّسَاءِ فِيهَا الْخِلَافُ . وَأَنَّ الْمَوَاضِعَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي نَسَبَ
مُلَّا عَلِيٌّ الْقَارِيُّ فِيهَا الْخِلَافَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=12111الدَّانِيِّ هِيَ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=12111الدَّانِيِّ ضِمْنَ الْمَوَاضِعِ الْأُخْرَى الْمَوْصُولَةِ وَيُعْلَمُ هَذَا مِنَ السُّكُوتِ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْفَنِّ .
وَعَلَيْهِ : فَلَا قُصُورَ عِنْدَ النَّاظِمِ بِحَالٍ فَإِنَّهُ تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْحَافِظَ
nindex.php?page=showalam&ids=12111أَبَا عَمْرٍو الدَّانِيَّ الَّذِي نَصَّ فِي الْمُقْنِعِ عَلَى أَنَّ الْمَقْطُوعَ بِالِاتِّفَاقِ مَوْضِعُ
إِبْرَاهِيمَ وَالْمُخْتَلَفَ فِيهِ مَوْضِعُ النِّسَاءِ فَحَسْبُ كَمَا تَقَدَّمَ نَقْلُ ذَلِكَ عَنْهُ . فَإِنْ قَالَ أَحَدٌ : " قَدْ قَدَّمْتُمْ قَرِيبًا أَنَّ النَّاظِمَ أَوْرَدَ فِي النَّشْرِ الْخِلَافَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي قَالَ عَنْهَا مُلَّا عَلِيٌّ مَعَ مَوْضِعِ النِّسَاءِ أَيْضًا فَكَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ اخْتِلَافِ النَّصِّ عَنْهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ الْجَزَرِيَّةِ وَالنَّشْرِ؟
فَالْجَوَابُ : أَنَّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ النَّاظِمُ -رَحِمَهُ اللَّهُ- فِي الْمُقَدِّمَةِ الْجَزَرِيَّةِ فَقَدْ وَافَقَ فِيهِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12111الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي الْمُقْنِعِ .
وَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ فِي النَّشْرِ فَقَدْ تَبِعَ فِيهِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=14563الشَّاطِبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي " الْعَقِيلَةِ " فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْقَطْعَ قَوْلًا وَاحِدًا فِي مَوْضِعِ
إِبْرَاهِيمَ وَالْخِلَافُ فِي الْمَوَاضِعِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي هِيَ مَوْضِعُ النِّسَاءِ وَالْأَعْرَافِ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُلْكِ حَيْثُ قَالَ
[ ص: 434 ] رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْعَقِيلَةِ :
وَقُلْ أَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا قَطَعُوا وَالْخُلْفُ فِي كُلَّ مَا رُدُّوا فَشَا خَبَرَا
وَكُلَّمَا مَا أُلْقِي اسْمَعْ كُلَّ مَا دَخَلَتْ
وَكُلَّمَا جَاءَ عَنْ خُلْفٍ يَلِي وَقُرَا ا هـ
وَبَعْدُ : فَقَدْ بَانَ لَكَ أَيُّهَا الْقَارِئُ الْكَرِيمُ أَنَّ
الْحَافِظَ ابْنَ الْجَزَرِيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ وَلَا قُصُورَ عِنْدِهِ لِلْكَلَامِ كَمَا قَالَ
مُلَّا عَلِيٌّ الْقَارِيُّ فَقَدِ اتَّبَعَ فِيمَا قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ الْجَزَرِيَّةِ وَالنَّشْرِ إِمَامَيْنِ جَلِيلَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ قَوْلُهُ وَاعْتِبَارُهُ فِي فَنِّ الرَّسْمِ وَالْقِرَاءَاتِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْعُلُومِ عِنْدَ الْأُمَّةِ .
وَرَحِمَ اللَّهُ شَيْخَ شُيُوخِنَا شَيْخَ الْإِسْلَامِ
أَبَا يَحْيَى زَكَرِيَّا الْأَنْصَارِيَّ وَالْعَلَّامَةَ
ابْنَ يَالُوشَةَ حَيْثُ ذَكَرَا فِي شَرْحَيْهِمَا عَلَى الْمُقَدِّمَةِ الْجَزَرِيَّةِ الْمَوَاضِعَ الْمُخْتَلِفَ فِيهَا الَّتِي لَمْ يَذْكُرْهَا النَّاظِمُ بِدُونِ تَعْلِيقٍ وَلَا اعْتِرَاضٍ مِنْهُمَا لِأَنَّهُمَا يَعْرِفَانِ أَنَّ النَّاظِمَ قَدْ تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْحَافِظَ
nindex.php?page=showalam&ids=12111الدَّانِيَّ فِي الْمُقْنِعِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَا الْمَوَاضِعَ الْمُخْتَلَفَ فِيهَا لِإِفَادَةِ الطَّالِبِ وَحَسْبُ : فَلَرُبَّمَا لَا يَقِفُ عَلَى الْمُقْنِعِ وَلَا عَلَى الْعَقِيلَةِ فَيَفُوتُهُ تَحْصِيلُ مِثْلِ هَذِهِ الْفَائِدَةِ .
وَأَمَّا الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ
خَالِدٌ الْأَزْهَرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ إِلَى هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا فِي شَرْحِهِ لَا مِنْ قَرِيبٍ وَلَا مِنْ بَعِيدٍ وَلَا اعْتَرَضَ عَلَى النَّاظِمِ لِأَنَّهُ يَعْرِفُ أَنَّ النَّاظِمَ فِي ذَلِكَ قَدْ تَبِعَ مَا جَاءَ فِي الْمُقْنِعِ وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ فِي الْمُقَدِّمَةِ الْجَزَرِيَّةِ فِيهِ الْكِفَايَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّالِبِ الْمُبْتَدِئِ فَرَحِمَ اللَّهُ الْجَمِيعَ وَرَحِمَنَا مَعَهُمْ بِفَضْلِهِ وَكَرَمِهِ آمِينَ .
ثَانِيًا : وَأَمَّا قَوْلُهُ عَنِ ابْنِ الْمُصَنِّفِ -رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى " وَعِبَارَةُ النَّاظِمِ لَا
[ ص: 435 ] تُفْهِمُ الْخِلَافَ إِلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ . فَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ وَالِدَهُ تَرَكَ الْكَلَامَ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فِي هَذَا الْمَقَامِ مُتَّبِعًا فِي ذَلِكَ الدَّانِيَّ كَمَا تَقَدَّمَ .
ثَالِثًا : وَأَمَّا قَوْلُهُ - أَيْ
مُلَّا عَلِيٌّ - عَنِ
الرُّومِيِّ " وَلَعَلَّهُ سَكَتَ عَنْهَا - أَيِ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ - اكْتِفَاءً بِذِكْرِ وَاحِدٍ مِنْهَا وَلِاشْتِهَارٍ مَا عَدَاهُ عِنْدَهُمْ فَهَذَا كَلَامٌ مُحْتَمَلٌ مُتَوَجَّهٌ أَيْضًا - لِأَنَّ النَّاظِمَ رَحِمَهُ اللَّهُ اكْتَفَى بِذِكْرِ وَاحِدٍ مِنْ مَوَاضِعِ الْخِلَافِ وَتَرَكَ بَاقِيَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي النَّشْرِ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي الْمَوَاضِعِ الْأَرْبَعَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا الْوَصْلُ وَهُوَ مَذْهَبُهُ . فَاعْتِذَارُ
الرُّومِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنِ النَّاظِمِ هُوَ اعْتِذَارٌ حَسَنٌ مَقْبُولٌ لَهُ وَجْهٌ . وَلَيْسَ بِالِاعْتِذَارِ الْبَارِدِ وَلَا هُوَ عَنْ خُطُورِ الْفَهْمِ شَارِدٌ كَمَا قَالَ
مُلَّا عَلِيٌّ الْقَارِيُّ سَامَحَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَتَجَاوَزَ عَنَّا جَمِيعًا وَأَلْهَمَنَا الِاشْتِغَالَ بِمَا يُرْضِيهِ . وَرَزَقَنَا التَّوْفِيقَ وَالْهِدَايَةَ فِي الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ وَمَنَّ عَلَيْنَا جَمِيعًا بِالْقَبُولِ إِنَّهُ خَيْرُ مَأْمُولٍ .