لفظ " فعل " :
nindex.php?page=treesubj&link=28910يجيء لفظ " فعل " كناية عن أفعال متعددة لا للدلالة على فعل واحد . فيفيد
[ ص: 200 ] بهذا الاختصار ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=79لبئس ما كانوا يفعلون ، فإنها تشمل كل منكر لا يتناهون عنه ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=24فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا ، أي فإن لم تأتوا بسورة من مثله ولن تأتوا بسورة من مثله .
وحيث أطلقت في كلام الله فهي محمولة على الوعيد الشديد كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=105&ayano=1ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=45وتبين لكم كيف فعلنا بهم . .
لفظ " كان "
وردت " كان " في الإخبار عن ذات الله وصفاته بالقرآن كثيرا وقد اختلف النحاة وغيرهم في أنها تدل على الانقطاع ، على مذاهب :
أحدها : أنها تفيد الانقطاع لأنها فعل يشعر بالتجديد .
والثاني : لا تفيده ، بل تقتضي الدوام والاستمرار ، وبه جزم
ابن معطي في ألفيته ، حيث قال :
وكان للماضي الذي ما انقطعا
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=27وكان الشيطان لربه كفورا ، نبه بقوله : " كان " على أنه لم يزل منذ أوجد منطويا على الكفر .
والثالث : أنه عبارة عن وجود شيء في زمان ماض على سبيل الإبهام . وليس فيه دليل على عدم سابق ، ولا على انقطاع طارئ ، ومنه قوله تعالى : " وكان الله
[ ص: 201 ] غفورا رحيما " ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=110كنتم خير أمة أخرجت للناس ، عند تفسيره للآية في " الكشاف " .
وذكر
ابن عطية في سورة الفتح أنها حيث وقعت في صفات الله فهي مسلوبة الدلالة على الزمان .
والصواب من هذه المقالات مقالة
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، وإنها تفيد اقتران معنى الجملة التي تليها بالزمن الماضي لا غير ، ولا دلالة لها نفسها على انقطاع ذلك المعنى ولا بقائه ، بل إن أفاد الكلام شيئا من ذلك كان لدليل آخر .
وعلى هذا يحمل معناها فيما وقع في القرآن من إخبار الله تعالى عن صفاته وغيرها بلفظ " كان " كثيرا . مثل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=148وكان الله سميعا عليما ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130وكان الله واسعا حكيما ، " وكان الله غفورا رحيما " ،
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=81وكنا بكل شيء عالمين ،
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=78وكنا لحكمهم شاهدين .
وحيث أخبر الله بها عن صفات الآدميين فالمراد التنبيه على أنها فيهم غريزة وطبيعة مركوزة في النفس كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=11وكان الإنسان عجولا ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=72إنه كان ظلوما جهولا .
وقد تتبع
nindex.php?page=showalam&ids=11943أبو بكر الرازي استعمال " كان " في القرآن ، واستنبط وجوه استعمالها فقال : " كان " في القرآن على خمسة أوجه :
بمعنى الأزل والأبد ، كقوله تعالى : " وكان الله عليما حكيما " .
وبمعنى المعنى المنقطع ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=48وكان في المدينة تسعة رهط ، وهو الأصل في معاني " كان " كما تقول : كان زيد صالحا أو فقيرا أو مريضا أو نحوه .
[ ص: 202 ] وبمعنى الحال ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=110كنتم خير أمة ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=103إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ، وبمعنى الاستقبال ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=7ويخافون يوما كان شره مستطيرا .
وبمعنى " صار " كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=74وكان من الكافرين .
وتأتي " كان " في النفي ويكون المراد بها نفي صحة الخبر لا نفي وقوعه ولذا تؤول بمعنى " ما صح وما استقام " كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=17ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=16ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا .
لفظ " كاد "
وللعلماء في " كاد " مذاهب :
أحدها : أنها كسائر الأفعال نفيا وإثباتا ، فإثباتها إثبات ونفيها نفي ، لأن معناها المقاربة ، فمعنى كاد يفعل : قارب الفعل ، ومعنى ما كاد يفعل : لم يقاربه ، فخبرها منفي دائما ، ولكن النفي في الإثبات مستفاد من معناها ، لأن الإخبار بقرب الشيء يقتضي عرفا عدم حصوله ، وإلا لم يتجه الإخبار بقربه ، أما إذا كانت منفية فلأنه إذا انتفت مقاربة الفعل اقتضى عقلا عدم حصوله ، ويدل له قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40إذا أخرج يده لم يكد يراها ، ولهذا كان أبلغ من قوله : " لم يرها " لأن من لم ير قد يقارب الرؤية .
والثاني : أنها تختلف عن سائر الأفعال إثباتا ونفيا ، فإثباتها نفي ، ونفيها إثبات ، ولذا قالوا : إنها إذا أثبتت نفت ، وإذا نفت أثبتت ، فإذا قيل : كاد يفعل ،
[ ص: 203 ] فمعناه أنه لم يفعله بدليل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=73وإن كادوا ليفتنونك ، لأنهم لم يفتنوه ، وإذا قيل : لم يكد يفعل ، فمعناه أنه فعله بدليل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=71فذبحوها وما كادوا يفعلون ، لأنهم فعلوا الذبح .
والثالث : أنها في النفي تدل على وقوع الفعل بعسر وشدة كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=71فذبحوها وما كادوا يفعلون .
والرابع : التفصيل في النفي بين المضارع والماضي ، فنفي المضارع نفي ، ونفي الماضي إثبات ، يدل على الأول قوله : " لم يكد يراها " مع أنه لم ير شيئا ، ويدل على الثاني قوله : " فذبحوها وما كادوا يفعلون " مع أنهم فعلوا .
والخامس : أنها في النفي تكون للإثبات إذا كان ما بعدها متصلا بما قبلها ومتعلقا به ، كقولك : ما كدت أصل إلى
مكة حتى طفت
بالبيت الحرام ، ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=71فذبحوها وما كادوا يفعلون .
لفظ " جعل "
nindex.php?page=treesubj&link=28914تأتي " جعل " في القرآن لعدة معان :
أحدها : بمعنى " سمى " كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الذين جعلوا القرآن عضين ، أي سموه كذبا ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا ، على قول ، ويشهد له قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=27إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى .
الثاني : بمعنى " أوجد " وتتعدى إلى مفعول واحد ، والفرق بينها وبين الخلق ، أن الخلق فيه معنى التقدير ، ويكون عن عدم سابق حيث لا يتقدم مادة ولا سبب محسوس ، بخلاف الجعل بمعنى الإيجاد ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الحمد لله الذي خلق [ ص: 204 ] السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور . وإنما الظلمات والنور تنشأ عن أجرام توجد بوجودها ، وتعدم بعدمها .
الثالث : بمعنى النقل من حال إلى حال والتصيير ، فتتعدى إلى مفعولين : إما حسا كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=22الذي جعل لكم الأرض فراشا ، وإما عقلا كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أجعل الآلهة إلها واحدا .
الرابع : بمعنى الاعتقاد ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وجعلوا لله شركاء الجن .
الخامس : بمعنى الحكم بالشيء على الشيء ، حقا كان أو باطلا ، فالحق ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=7إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ، والباطل ، كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=136وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا .
"
لَفْظُ " فَعَلَ " :
nindex.php?page=treesubj&link=28910يَجِيءُ لَفْظُ " فَعَلَ " كِنَايَةً عَنْ أَفْعَالٍ مُتَعَدِّدَةٍ لَا لِلدَّلَالَةِ عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ . فَيُفِيدُ
[ ص: 200 ] بِهَذَا الِاخْتِصَارَ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=79لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ، فَإِنَّهَا تَشْمَلُ كُلَّ مُنْكَرٍ لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْهُ ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=24فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا ، أَيْ فَإِنْ لَمْ تَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مُثْلِهِ وَلَنْ تَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ .
وَحَيْثُ أُطْلِقَتْ فِي كَلَامِ اللَّهِ فَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=105&ayano=1أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=45وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ . .
لَفْظُ " كَانَ "
وَرَدَتْ " كَانَ " فِي الْإِخْبَارِ عَنْ ذَاتِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ بِالْقُرْآنِ كَثِيرًا وَقَدِ اخْتَلَفَ النُّحَاةُ وَغَيْرُهُمْ فِي أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الِانْقِطَاعِ ، عَلَى مَذَاهِبَ :
أَحَدُهَا : أَنَّهَا تُفِيدُ الِانْقِطَاعَ لِأَنَّهَا فِعْلٌ يُشْعِرُ بِالتَّجْدِيدِ .
وَالثَّانِي : لَا تُفِيدُهُ ، بَلْ تَقْتَضِي الدَّوَامَ وَالِاسْتِمْرَارَ ، وَبِهِ جَزَمَ
ابْنُ مُعْطِي فِي أَلْفِيَّتِهِ ، حَيْثُ قَالَ :
وَكَانَ لِلْمَاضِي الَّذِي مَا انْقَطَعَا
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14343الرَّاغِبُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=27وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ، نَبَّهَ بِقَوْلِهِ : " كَانَ " عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُنْذُ أُوجِدَ مُنْطَوِيًا عَلَى الْكُفْرِ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ وُجُودِ شَيْءٍ فِي زَمَانٍ مَاضٍ عَلَى سَبِيلِ الْإِبْهَامِ . وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ سَابِقٍ ، وَلَا عَلَى انْقِطَاعٍ طَارِئٍ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : " وَكَانَ اللَّهُ
[ ص: 201 ] غَفُورًا رَحِيمًا " ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=110كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ، عِنْدَ تَفْسِيرِهِ لِلْآيَةِ فِي " الْكَشَّافِ " .
وَذَكَرَ
ابْنُ عَطِيَّةَ فِي سُورَةِ الْفَتْحِ أَنَّهَا حَيْثُ وَقَعَتْ فِي صِفَاتِ اللَّهِ فَهِيَ مَسْلُوبَةُ الدَّلَالَةِ عَلَى الزَّمَانِ .
وَالصَّوَابُ مِنْ هَذِهِ الْمَقَالَاتِ مَقَالَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ ، وَإِنَّهَا تُفِيدُ اقْتِرَانَ مَعْنَى الْجُمْلَةِ الَّتِي تَلِيهَا بِالزَّمَنِ الْمَاضِي لَا غَيْرَ ، وَلَا دَلَالَةَ لَهَا نَفْسِهَا عَلَى انْقِطَاعِ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَلَا بَقَائِهِ ، بَلْ إِنْ أَفَادَ الْكَلَامُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَانَ لِدَلِيلٍ آخَرَ .
وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَعْنَاهَا فِيمَا وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ إِخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ صِفَاتِهِ وَغَيْرِهَا بِلَفْظِ " كَانَ " كَثِيرًا . مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=148وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=130وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ، " وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا " ،
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=81وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=78وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ .
وَحَيْثُ أَخْبَرَ اللَّهُ بِهَا عَنْ صِفَاتِ الْآدَمِيِّينَ فَالْمُرَادُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهَا فِيهِمْ غَرِيزَةٌ وَطَبِيعَةٌ مَرْكُوزَةٌ فِي النَّفْسِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=11وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولا ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=72إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا .
وَقَدْ تَتَبَّعَ
nindex.php?page=showalam&ids=11943أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ اسْتِعْمَالَ " كَانَ " فِي الْقُرْآنِ ، وَاسْتَنْبَطَ وُجُوهُ اسْتِعْمَالِهَا فَقَالَ : " كَانَ " فِي الْقُرْآنِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ :
بِمَعْنَى الْأَزَلِ وَالْأَبَدِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا " .
وَبِمَعْنَى الْمَعْنَى الْمُنْقَطِعِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=48وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ ، وَهُوَ الْأَصْلُ فِي مَعَانِي " كَانَ " كَمَا تَقُولُ : كَانَ زَيْدٌ صَالِحًا أَوْ فَقِيرًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ نَحْوَهُ .
[ ص: 202 ] وَبِمَعْنَى الْحَالِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=110كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=103إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ، وَبِمَعْنَى الِاسْتِقْبَالِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=7وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا .
وَبِمَعْنَى " صَارَ " كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=74وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ .
وَتَأْتِي " كَانَ " فِي النَّفْيِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِهَا نَفْيَ صِحَّةِ الْخَبَرِ لَا نَفْيَ وُقُوعِهِ وَلِذَا تُؤَوَّلُ بِمَعْنَى " مَا صَحَّ وَمَا اسْتَقَامَ " كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=17مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=16وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا .
لَفْظُ " كَادَ "
وَلِلْعُلَمَاءِ فِي " كَادَ " مَذَاهِبُ :
أَحَدُهَا : أَنَّهَا كَسَائِرِ الْأَفْعَالِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا ، فَإِثْبَاتُهَا إِثْبَاتٌ وَنَفْيُهَا نَفْيٌ ، لِأَنَّ مَعْنَاهَا الْمُقَارَبَةُ ، فَمَعْنَى كَادَ يَفْعَلُ : قَارَبَ الْفِعْلَ ، وَمَعْنَى مَا كَادَ يَفْعَلُ : لَمْ يُقَارِبْهُ ، فَخَبَرُهَا مَنْفِيٌّ دَائِمًا ، وَلَكِنَّ النَّفْيَ فِي الْإِثْبَاتِ مُسْتَفَادٌ مِنْ مَعْنَاهَا ، لِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِقُرْبِ الشَّيْءِ يَقْتَضِي عُرْفًا عَدَمَ حُصُولِهِ ، وَإِلَّا لَمْ يَتَّجِهِ الْإِخْبَارُ بِقُرْبِهِ ، أَمَّا إِذَا كَانَتْ مَنْفِيَّةً فَلِأَنَّهُ إِذَا انْتَفَتْ مُقَارَبَةُ الْفِعْلِ اقْتَضَى عَقْلًا عَدَمُ حُصُولِهِ ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=40إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ، وَلِهَذَا كَانَ أَبْلَغَ مِنْ قَوْلِهِ : " لَمْ يَرَهَا " لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَرَ قَدْ يُقَارِبُ الرُّؤْيَةَ .
وَالثَّانِي : أَنَّهَا تَخْتَلِفُ عَنْ سَائِرِ الْأَفْعَالِ إِثْبَاتًا وَنَفْيًا ، فَإِثْبَاتُهَا نَفْيٌ ، وَنَفْيُهَا إِثْبَاتٌ ، وَلِذَا قَالُوا : إِنَّهَا إِذَا أُثْبِتَتْ نَفَتْ ، وَإِذَا نَفَتْ أَثْبَتَتْ ، فَإِذَا قِيلَ : كَادَ يَفْعَلُ ،
[ ص: 203 ] فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=73وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَفْتِنُوهُ ، وَإِذَا قِيلَ : لَمْ يَكَدْ يَفْعَلُ ، فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ فَعَلَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=71فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ ، لِأَنَّهُمْ فَعَلُوا الذَّبْحَ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهَا فِي النَّفْيِ تَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ الْفِعْلِ بِعُسْرٍ وَشِدَّةٍ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=71فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ .
وَالرَّابِعُ : التَّفْصِيلُ فِي النَّفْيِ بَيْنَ الْمُضَارِعِ وَالْمَاضِي ، فَنَفْيُ الْمُضَارِعِ نَفْيٌ ، وَنَفْيُ الْمَاضِي إِثْبَاتٌ ، يَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ قَوْلُهُ : " لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا " مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرَ شَيْئًا ، وَيَدُلْ عَلَى الثَّانِي قَوْلُهُ : " فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ " مَعَ أَنَّهُمْ فَعَلُوا .
وَالْخَامِسُ : أَنَّهَا فِي النَّفْيِ تَكُونُ لِلْإِثْبَاتِ إِذَا كَانَ مَا بَعْدَهَا مُتَّصِلًا بِمَا قَبْلَهَا وَمُتَعَلِّقًا بِهِ ، كَقَوْلِكَ : مَا كِدْتُ أَصِلُ إِلَى
مَكَّةَ حَتَّى طُفْتُ
بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=71فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ .
لَفْظُ " جَعَلَ "
nindex.php?page=treesubj&link=28914تَأْتِي " جَعَلَ " فِي الْقُرْآنِ لِعِدَّةِ مَعَانٍ :
أَحَدُهَا : بِمَعْنَى " سَمَّى " كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=91الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ، أَيْ سَمُّوهُ كَذِبًا ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا ، عَلَى قَوْلٍ ، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=27إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الأُنْثَى .
الثَّانِي : بِمَعْنَى " أَوْجَدَ " وَتَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْخَلْقِ ، أَنَّ الْخَلْقَ فِيهِ مَعْنَى التَّقْدِيرِ ، وَيَكُونُ عَنْ عَدَمٍ سَابِقٍ حَيْثُ لَا يَتَقَدَّمُ مَادَّةٌ وَلَا سَبَبٌ مَحْسُوسٌ ، بِخِلَافِ الْجَعْلِ بِمَعْنَى الْإِيجَادِ ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=1الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ [ ص: 204 ] السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ . وَإِنَّمَا الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ تَنْشَأُ عَنْ أَجْرَامٍ تُوجَدُ بِوُجُودِهَا ، وَتُعْدَمُ بِعَدَمِهَا .
الثَّالِثُ : بِمَعْنَى النَّقْلِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ وَالتَّصْيِيرِ ، فَتَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ : إِمَّا حِسًّا كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=22الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا ، وَإِمَّا عَقْلًا كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا .
الرَّابِعُ : بِمَعْنَى الِاعْتِقَادِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=100وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ .
الْخَامِسُ : بِمَعْنَى الْحُكْمِ بِالشَّيْءِ عَلَى الشَّيْءِ ، حَقًّا كَانَ أَوْ بَاطِلًا ، فَالْحَقُّ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=7إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ، وَالْبَاطِلُ ، كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=136وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا .
"