الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
126 67 - حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11813أبي إسحاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود قال : قال لي nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير : كانت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة تسر إليك كثيرا ، فما حدثتك في الكعبة ؟ قلت : قالت لي : nindex.php?page=hadith&LINKID=650123قال النبي صلى الله عليه وسلم : يا nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، nindex.php?page=treesubj&link=32106_32997_32999لولا قومك حديث عهدهم - قال nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير : بكفر - لنقضت الكعبة ، فجعلت لها بابين : باب يدخل الناس وباب يخرجون . ففعله nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير .
مطابقة الحديث للترجمة من جهة المعنى وهو أنه صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=treesubj&link=29450ترك نقض الكعبة الذي هو الاختيار مخافة أن تتغير عليه قريش ; لأنهم كانوا يعظمونها جدا ، فيقعون بسبب ذلك في أمر أشد من ذلك الاختيار .
( بيان رجاله ) وهم ستة تقدم ذكرهم ما خلا nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل والأسود .
أما nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل فهو ابن يونس بن أبي اسحاق السبيعي الهمداني الكوفي أبو يوسف قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : كان شيخا ثقة وجعل يتعجب من حفظه ، سمع جده nindex.php?page=showalam&ids=11813أبا إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي بفتح السين المهملة وكسر الباء الموحدة نسبة إلى سبيع ابن سبع بن صعب بن معاوية بن كثير بن مالك بن جشم بن حاشد ، ولد nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل في سنة مائة ، ومات في سنة ستين ومائة .
وأما الأسود فهو ابن يزيد بن قيس النخعي خال إبراهيم أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره ، مات سنة خمس وسبعين بالكوفة ، سافر ثمانين حجة وعمرة ، ولم يجمع بينهما ، وكذا ابنه nindex.php?page=showalam&ids=16333عبد الرحمن بن الأسود سافر ثمانين حجة وعمرة ولم يجمع بينهما .
قال ابن قتيبة : كان يقول في تلبيته : لبيك أنا الحاج ابن الحاج ، وكان يصلي كل يوم سبعمائة ركعة ، وصار عظما وجلدا ، وكانوا يسمون آل الأسود أهل الجنة ، مات سنة خمس وتسعين ، روى له الجماعة ، وفي الصحيحين الأسود جماعة غير هذا منهم الأسود بن عامر شاذان .
[ ص: 203 ] ( بيان لطائف إسناده ) ومنها أن فيه التحديث والعنعنة ، ومنها أن رواته إلى الأسود كوفيون ، ومنها أن فيه صحابيين والحديث دائر بينهما .
( بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره ) أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا في الحج ، وفي التمني عن nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11820أبي الأحوص ، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم في الحج عن nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11820أبي الأحوص ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12508أبي بكر بن أبي شيبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16130شيبان ، كلاهما عن أشعث بن أبي الشعثاء ، عن الأسود ، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة . وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه في الحج عن nindex.php?page=showalam&ids=12508أبي بكر بن أبي شيبة به . وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة وحديث nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير ، وفيه سمعت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها . وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا فيما انفرد به أن nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان بينما هو يطوف بالبيت قال : قاتل الله nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير حيث يكذب على nindex.php?page=showalam&ids=25أم المؤمنين يقول : سمعتها تقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، لولا حدثان قومك بالكفر لنقضت البيت حتى أزيد فيه من الحجر ، فإن قومك اقتصروا في البناء ، فقال الحارث بن عبد الله ابن أبي ربيعة : لا تقل هذا يا أمير المؤمنين إني سمعتها تحدث بهذا ، قال : لو كنت سمعته قبل أن أهدمه لتركته على بناء nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير .
( بيان اللغات والإعراب ) قوله : " تسر " من الإسرار خلاف الإعلان .
فإن قلت : قوله : " كانت " للماضي " وتسر " للمضارع ، فكيف اجتمعا ؟
قلت : تسر بمعنى أسررت ، وذكر بلفظ المضارع استحضارا لصورة الإسرار وهو جملة في محل النصب لأنها خبر كانت .
قوله : " كثيرا " نصب على أنه صفة لمصدر محذوف أي إسرارا كثيرا .
قوله : " ما حدثتك " كلمة ما استفهامية في محل الرفع على الابتداء " وحدثتك " جملة من الفعل والفاعل وهو الضمير الذي فيه الراجع إلى عائشة ، والمفعول وهو الكاف وهي أيضا في محل الرفع لأنها خبر المبتدأ .
قوله : " في الكعبة " أي : في شأن الكعبة واشتقاقها من الكعوب وهو النشوز ، وهي أيضا ناشرة من الأرض ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=14038الجوهري : سميت بذلك لتربيعها يقال : برد مكعب أي : فيه وشي مربع .
قوله : " قلت " قائله الأسود ، وقوله : " قالت لي " مقول القول .
قوله : " لولا قومك " كلمة لولا ها هنا لربط امتناع الثانية بوجود الأولى ، نحو لولا زيد لأكرمتك أي : لولا زيد موجود لأكرمتك ، وقوله " قومك " كلام إضافي مبتدأ ، وقوله : " حديث عهدهم " خبر المبتدأ .
فإن قلت : قالت النحاة : يجب كون خبر لولا كونا مطلقا محذوفا ، فما باله ها هنا لم يحذف ؟
قلت : إنما يجب الحذف إذا كان الخبر عاما ، وأما إذا كان خاصا فلا يجب حذفه ، قال الشاعر :
ولولا الشعر بالعلماء يزري لكنت اليوم أشعر من لبيد
وقوله : " حديث " بالتنوين " وعهدهم " كلام إضافي مرفوع بإسناد حديث إليه ; لأن حديثا صفة مشبهة وهو أيضا يعمل عمل فعله ، وفي بعض النسخ " لولا أن قومك " بزيادة أن وليس بمشهور .
قوله : " قال nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير " جملة من الفعل والفاعل .
قوله : " بكفر " يتعلق بقوله : " حديث عهدهم " ولكنه من كلام nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير .
قوله : " لنقضت الكعبة " جواب لولا .
قوله : " فجعلت " عطف على " نقضت " .
قوله : " باب " يجوز فيه الوجهان أحدهما النصب على أنه بدل أو بيان لبابين ، وهو رواية nindex.php?page=showalam&ids=12002أبي ذر في الموضعين والآخر رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره أحدهما باب .
قوله : " يدخل الناس " جملة وقعت صفة لباب ، وضمير المفعول محذوف تقديره يدخله الناس ، وفي بعض النسخ يدخل الناس منه ، فعلى هذا لا يقدر شيء وكذا يخرجون منه في بعض النسخ .
( بيان المعاني ) قوله : " قال nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير " وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=13722الأصيلي " فقال nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير بكفر " أراد أنه أذكره ابن الزبير بقولها : بكفر ، كأن الأسود نسي ذلك ، وأما ما بعدها وهو قوله : " لنقضت " إلى آخره ، فيحتمل أن يكون مما نسي أيضا أو مما ذكر وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن أبي إسحاق عن الأسود بتمامه إلا قوله : " بكفر " فقال بدلها " بجاهلية " وكذا nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الحج من طريق أخرى عن الأسود ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من طريق nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير بن معاوية عن أبي إسحاق ولفظه : قلت : " حدثتني حديثا حفظت أوله ونسيت آخره " ورجحها nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي على رواية nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل وعلى قوله يكون في رواية nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة أدراج ، وقال الكرماني : في قوله : " قال nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير " .
فإن قلت : هذا الكلام لا دخل له في البيان لصحة أن يقال : لولا قومك حديث عهدهم بكفر لنقضت ، بل ذكره مخل لعدم انضباط الكلام معه .
قلت : ليس مخلا إذ غرض الأسود أني كما وصلت إلى لفظ عهدهم ، فسر nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير الحداثة بالحداثة إلى الكفر ، فيكون لفظ بكفر فقط من كلام nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير ، والباقي [ ص: 204 ] من تتمة الحديث أو غرضه أني لما رويت أول الحديث بادر nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير إلى رواية آخره ; إشعارا بأن الحديث معلوم له أيضا أو أن الأسود أشار إلى أول الحديث كما يقال : قرأت nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=1الم nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2ذلك الكتاب وأراد به السورة بتمامها ، فبين nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير أن آخره ذلك .
قلت : هذه ثلاثة أجوبة ، وليس الصواب منها إلا الجواب الثاني ; لأن nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير روى الحديث أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها ، ثم قال أيضا : فإن قلت : فالقدر الذي ذكره nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير هل هو موقوف عليه ؟
قلت : اللفظ يقتضي الوقوف إذ لم يسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن السياق يدل على أنه مرفوع والروايات الأخر أيضا دالة على رفعه .
قلت : من علم أن nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير أيضا روى هذا الحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها لا يحتاج إلى هذا السؤال ولا إلى جوابه .
قوله : " ففعله nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير أي : فعل المذكور من النقض وجعل البابين .
قال الشيخ قطب الدين : قالوا nindex.php?page=treesubj&link=32997بني البيت خمس مرات; بنته الملائكة ، ثم إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، ثم قريش في الجاهلية ، وحضر النبي صلى الله عليه وسلم هذا البناء وهو ابن خمس وثلاثين ، وقيل : خمس وعشرين ، وفيه سقط على الأرض حين رفع إزاره ، ثم بناه nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير ، ثم بناه حجاج بن يوسف واستمر . ويروى أن هارون سأل nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا عن هدمها وردها إلى بناء nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير للأحاديث المذكورة ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : نشدتك الله يا أمير المؤمنين أن لا تجعل هذا البيت لعبة للملوك ، لا يشاء أحد إلا نقضه وبناه ، فتذهب هيبته من صدور الناس . انتهى .
قلت : بنته الملائكة أولا ، ثم إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، ثم العمالقة ، ثم جرهم ، ثم قريش ورسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يومئذ رجل شاب ، ثم nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير ، ثم حجاج .
( بيان استنباط الأحكام ) :
الأول : قال nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : فيه أنه nindex.php?page=treesubj&link=29450قد يترك يسير من الأمر بالمعروف إذا خشي منه أن يكون سببا لفتنة قوم ينكرونه .
الثاني : فيه أن النفوس تحب أن تساس كلها لما تأنس إليه في دين الله من غير الفرائض .
الثالث : قال النووي : فيه أنه nindex.php?page=treesubj&link=29450إذا تعارضت مصلحة ومفسدة ، وتعذر الجمع بين فعل المصلحة وترك المفسدة بدأ بالأهم ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن رد الكعبة إلى قواعد إبراهيم عليه السلام مصلحة ، ولكن يعارضه مفسدة أعظم منه وهي خوف فتنة بعض من أسلم قريبا ، لما كانوا يرون تغييرها عظيما فتركها النبي صلى الله عليه وسلم .
الرابع : فيه nindex.php?page=treesubj&link=7686فكر ولي الأمر في مصالح رعيته واجتناب ما يخاف منه تولد ضرر عليهم في دين أو دنيا إلا الأمور الشرعية ، كأخذ الزكاة وإقامة الحد .
الخامس : فيه nindex.php?page=treesubj&link=20077تأليف قلوبهم وحسن حياطتهم وأن لا ينفروا ولا يتعرض لما يخاف تنفيرهم بسببه ما لم يكن فيه ترك أمر شرعي .
السادس : استدل به أبو محمد الأصيلي منه في مسائل من النكاح في جارية يتيمة غنية كان لها ابن عم ، وكان فيه ميل إلى الصباء ، فخطب ابنة عمه ، وخطبها رجل غني ، فمال إليه الوصي وكانت اليتيمة تحب ابن عمها ويحبها ، فأبى وصيها أن يزوجها منه ، ورفع ذلك إلى القاضي ، وشاور فقهاء بلده ، فكلهم أفتى أن لا يزوج ابن عمها وأفتى nindex.php?page=showalam&ids=13722الأصيلي أن تزوج منه خشية أن يقعا في المكروه استدلالا بهذا الحديث ، فزوجت منه .