nindex.php?page=treesubj&link=20761 ( وليس [ ص: 206 ] فيه ) أي في القرآن ( ما لا معنى له ) في الصحيح على القول بأن المسألة ذات خلاف . قال
القرافي في شرح جمع الجوامع : والظاهر أن خلافهم فيما له معنى ولا نفهمه ، أما ما لا معنى له أصلا فمنعه محل وفاق . انتهى . وما قاله ظاهر ; لأنه لا يخالف فيه إلا جاهل أو معاند لأن ما لا معنى له هذيان لا يليق أن يتكلم به عاقل . فكيف بالباري سبحانه وتعالى ؟ لكن حكي عن
الحشوية وقوعه في الحروف المقطعة في أوائل السور . وفي قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=65كأنه رءوس الشياطين } ) وقوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196تلك عشرة كاملة } ) وقوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=13نفخة واحدة } ) وقوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=51لا تتخذوا إلهين اثنين } ) ونحوه .
وأجاب الجمهور : بأن الحروف المقطعة : إما أسماء السور ، أو أسماء الله تبارك وتعالى ، أو سر الله تعالى في كتابه مما استأثر بعلمه أو غيرها مما هو مذكور في التفاسير ، وبأن رءوس الشياطين مثل في الاستقباح ، على عادة
العرب في ضرب الأمثال مما يتخيلونه قبيحا . قال
ابن قاضي الجبل : ورءوس الشياطين : استقر قبحها في الأنفس فشبه بها . كقول
امرئ القيس :
أيقتلني والمشرفي مضاجعي ومسنونة زرق كأنياب أغوال
فشبهها بأنياب الأغوال لقبحها المستقر وإن لم يكن لها حقيقة . كذلك ذكره
المازري . وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196عشرة كاملة } فيه شيئان : الجمع والتأكيد بالكمال . وجواب الجمع : رفع المجاز المتوهم في الواو العاطفة ; إذ يجوز استعمالها بمعنى أو مجازا .
كقوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع } ) والتأكيد أفاد عدم النقص في الذات ، كما قال تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233حولين كاملين } ) أو عدم النقص في الأجر ، دفعا لتوهم النقص بسبب التأخير ، ووصف النفخة بالواحدة إبعاد للمجاز وتقرير لوحدتها بسبب المفرد ; لأن الواحد قد يكون بالجنس . وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=51إلهين اثنين } قال صاحب المثل السائر : التكرير في المعنى يدل على معنيين مختلفين .
كدلالته على الجنس والعدد ، وهو باب من التكرير مشكل ; لأنه يسبق إلى الذهن أنه تكرير محض يدل على معنى واحد . وليس كذلك . فالفائدة إذا في قوله " {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=51إلهين اثنين } وإله واحد : هي أن الاسم الحامل لمعنى الإفراد والتثنية دال
[ ص: 207 ] على الجنسية والعدد المخصوص . فإذا أريدت الدلالة على أن المعنى به واحد منهما ، وكان الذي يساق إليه هو العدد شفع بما يؤكده . وهذا دقيق المسلك . وألحق
الرازي في المحصول كلام الرسول صلى الله عليه وسلم بكلام الله تعالى . فقال : لا يجوز أن يتكلم الله ورسوله بشيء ولا يعني به شيئا ، خلافا
للحشوية . وسموا حشوية ; لأنهم كانوا يجلسون في حلقة
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري أمامه . فلما أنكر كلامهم قال : ردوهم إلى حشو الحلقة ، أي جانبها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : بفتح الشين غلط ، وإنما هو بالإسكان . وكذا قال
البرماوي : بالسكون . لأنه إما من الحشو ، لأنهم يقولون بوجود الحشو الذي لا معنى له في كلام المعصوم ، أو لقولهم بالتجسيم ونحو ذلك
nindex.php?page=treesubj&link=20761 ( وَلَيْسَ [ ص: 206 ] فِيهِ ) أَيْ فِي الْقُرْآنِ ( مَا لَا مَعْنَى لَهُ ) فِي الصَّحِيحِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ . قَالَ
الْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ : وَالظَّاهِرُ أَنَّ خِلَافَهُمْ فِيمَا لَهُ مَعْنًى وَلَا نَفْهَمُهُ ، أَمَّا مَا لَا مَعْنَى لَهُ أَصْلًا فَمَنْعُهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ . انْتَهَى . وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ ; لِأَنَّهُ لَا يُخَالِفُ فِيهِ إلَّا جَاهِلٌ أَوْ مُعَانِدٌ لِأَنَّ مَا لَا مَعْنَى لَهُ هَذَيَانٌ لَا يَلِيقُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ عَاقِلٌ . فَكَيْفَ بِالْبَارِي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ؟ لَكِنْ حُكِيَ عَنْ
الْحَشْوِيَّةِ وُقُوعُهُ فِي الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ . وَفِي قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=65كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ } ) وقَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ } ) وقَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=13نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ } ) وقَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=51لَا تَتَّخِذُوا إلَهَيْنِ اثْنَيْنِ } ) وَنَحْوِهِ .
وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ : بِأَنَّ الْحُرُوفَ الْمُقَطَّعَةَ : إمَّا أَسْمَاءُ السُّوَرِ ، أَوْ أَسْمَاءُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، أَوْ سِرُّ اللَّهِ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مِمَّا اسْتَأْثَرَ بِعِلْمِهِ أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا هُوَ مَذْكُورٌ فِي التَّفَاسِيرِ ، وَبِأَنَّ رُءُوسَ الشَّيَاطِينِ مَثَلٌ فِي الِاسْتِقْبَاحِ ، عَلَى عَادَةِ
الْعَرَبِ فِي ضَرْبِ الْأَمْثَالِ مِمَّا يَتَخَيَّلُونَهُ قَبِيحًا . قَالَ
ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ : وَرُءُوسُ الشَّيَاطِينِ : اسْتَقَرَّ قُبْحُهَا فِي الْأَنْفُسِ فَشُبِّهَ بِهَا . كَقَوْلِ
امْرِئِ الْقِيسِ :
أَيَقْتُلُنِي وَالْمَشْرَفِيُّ مُضَاجِعِي وَمَسْنُونَةٌ زُرْقٌ كَأَنْيَابِ أَغْوَالِ
فَشَبَّهَهَا بِأَنْيَابِ الْأَغْوَالِ لِقُبْحِهَا الْمُسْتَقِرِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حَقِيقَةٌ . كَذَلِكَ ذَكَرَهُ
الْمَازِرِيُّ . وَقَوْلُهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ } فِيهِ شَيْئَانِ : الْجَمْعُ وَالتَّأْكِيدُ بِالْكَمَالِ . وَجَوَابُ الْجَمْعِ : رَفْعُ الْمَجَازِ الْمُتَوَهَّمِ فِي الْوَاوِ الْعَاطِفَةِ ; إذْ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا بِمَعْنًى أَوْ مَجَازًا .
كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ } ) وَالتَّأْكِيدُ أَفَادَ عَدَمَ النَّقْصِ فِي الذَّاتِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ } ) أَوْ عَدَمَ النَّقْصِ فِي الْأَجْرِ ، دَفْعًا لِتَوَهُّمِ النَّقْصِ بِسَبَبِ التَّأْخِيرِ ، وَوَصْفُ النَّفْخَةِ بِالْوَاحِدَةِ إبْعَادٌ لِلْمَجَازِ وَتَقْرِيرٌ لِوَحْدَتِهَا بِسَبَبِ الْمُفْرَدِ ; لِأَنَّ الْوَاحِدَ قَدْ يَكُونُ بِالْجِنْسِ . وَقَوْلُهُ {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=51إلَهَيْنِ اثْنَيْنِ } قَالَ صَاحِبُ الْمَثَلِ السَّائِرِ : التَّكْرِيرُ فِي الْمَعْنَى يَدُلُّ عَلَى مَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ .
كَدَلَالَتِهِ عَلَى الْجِنْسِ وَالْعَدَدِ ، وَهُوَ بَابٌ مِنْ التَّكْرِيرِ مُشْكِلٌ ; لِأَنَّهُ يَسْبِقُ إلَى الذِّهْنِ أَنَّهُ تَكْرِيرٌ مَحْضٌ يَدُلُّ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ . وَلَيْسَ كَذَلِكَ . فَالْفَائِدَةُ إذًا فِي قَوْلِهِ " {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=51إلَهَيْنِ اثْنَيْنِ } وَإِلَهٌ وَاحِدٌ : هِيَ أَنَّ الِاسْمَ الْحَامِلَ لِمَعْنَى الْإِفْرَادِ وَالتَّثْنِيَةِ دَالٌّ
[ ص: 207 ] عَلَى الْجِنْسِيَّةِ وَالْعَدَدِ الْمَخْصُوصِ . فَإِذَا أُرِيدَتْ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى بِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ، وَكَانَ الَّذِي يُسَاقُ إلَيْهِ هُوَ الْعَدَدُ شُفِعَ بِمَا يُؤَكِّدُهُ . وَهَذَا دَقِيقُ الْمَسْلَكِ . وَأَلْحَقَ
الرَّازِيّ فِي الْمَحْصُولِ كَلَامَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى . فَقَالَ : لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِشَيْءٍ وَلَا يَعْنِي بِهِ شَيْئًا ، خِلَافًا
لِلْحَشْوِيَّةِ . وَسُمُّوا حَشْوِيَّةً ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَجْلِسُونَ فِي حَلْقَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَمَامَهُ . فَلَمَّا أَنْكَرَ كَلَامَهُمْ قَالَ : رُدُّوهُمْ إلَى حَشْوِ الْحَلْقَةِ ، أَيْ جَانِبِهَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنُ الصَّلَاحِ : بِفَتْحِ الشِّينِ غَلَطٌ ، وَإِنَّمَا هُوَ بِالْإِسْكَانِ . وَكَذَا قَالَ
الْبِرْمَاوِيُّ : بِالسُّكُونِ . لِأَنَّهُ إمَّا مِنْ الْحَشْوِ ، لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِوُجُودِ الْحَشْوِ الَّذِي لَا مَعْنَى لَهُ فِي كَلَامِ الْمَعْصُومِ ، أَوْ لِقَوْلِهِمْ بِالتَّجْسِيمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ