( وهو ) أي
nindex.php?page=treesubj&link=21012_21013_21014_21015المجاز ، ثلاثة أقسام ، قسم ( لغوي ، كأسد لشجاع ) لعلاقة الوصف الذي هو الجرأة ، فكأن أهل اللغة باعتبارهم النقل لهذه المناسبة وضعوا الاسم ثانيا للمجاز ( و ) القسم الثاني : مجاز ( عرفي ) وهو نوعان ، نوع ( عام ، كدابة لما دب ) فإطلاقها على ذلك حقيقة في اللغة مجاز في العرف ، فإن حقيقة الدابة في العرف لذات الحافر ، فإطلاقها على كل ما دب مجاز فيه .
( و ) النوع الثاني من المجاز العرفي : مجاز خاص كإطلاق لفظ ( جوهر ) في العرف ( ل ) كل ( نفيس ) انتقالا في العرف من ذات الحافر ، ومن النفاسة للمعنى المتضمن لذات الحافر من الدب في الأرض ، وللشيء النفيس من غلو القيمة التي في الجوهر الحقيقي ( و ) القسم الثالث مجاز ( شرعي ك ) إطلاق ( صلاة ) في الشرع ( ل ) مطلق ( دعاء ) انتقالا من ذات الأركان للمعنى المتضمن لها من الخضوع والسؤال بالفعل أو القوة ، فكأن الشارع بهذا الاعتبار وضع
[ ص: 57 ] الاسم ثانيا لما كان بينه وبين اللغوي من هذه المناسبة ، فكل معنى حقيقي في وضع هو مجاز بالنسبة إلى وضع آخر ، فيكون حقيقة ومجازا باعتباره ( ويعرف ) المجاز ( بصحة نفيه ) كقولك الشجاع ليس بأسد ، والجد ليس بأب ، والبليد ليس بحمار ; لأن الحقيقة لا تنفى . فلا يصح أن يقال : إن الحمار ليس بحمار ، وإن الأب ليس بأب ، وإن البليد ليس بإنسان ( و ) يعرف أيضا ( بتبادر غيره ) .
أي تبادر غير المجاز إلى ذهن السامع ( لولا القرينة ) الحاضرة ( و ) يعرف أيضا ب ( عدم وجوب اطراده ) أي اطراد علاقته ، فالعلاقة التي في قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82واسأل القرية } ) لا تطرد ، فلا يقال : اسأل البساط ولا الحصير ( و ) يعرف أيضا ب ( التزام تقييده ) كجناح الذل ، ونار الحرب ، فإن " الجناح والنار " يستعملان في مدلوله الحقيقي من غير قيد ، وإنما قيل بالتزام تقييده ولم يقل بتقييده ، لأن المشترك قد قيد في بعض الصور ، كقولك : عين جارية ، لكنه لم يلزم التقييد فيه ( و ) يعرف أيضا ب ( توقفه ) أي توقف استعماله ( على مقابله ) أي على المسمى الآخر الحقيقي ، سواء كان ملفوظا به .
كقوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54ومكروا ومكر الله } ) أي جازاهم على مكرهم ، حيث تواطئوا على قتل
عيسى صلى الله عليه وسلم بأن ألقى ، شبهه على من وكلوا به قتله ، ورفعه إلى السماء فقتلوا الملقى عليه الشبه . ظنا أنه
عيسى . ولم يرجعوا لقوله " أنا صاحبكم " ثم شكوا فيه لما لم يروا الآخر ، فلا يقال : مكر الله ابتداء ، أو كان مقدرا ، كقوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=21قل الله أسرع مكرا } ) ولم يتقدم لمكرهم ذكر في اللفظ ، لكن تضمنه المعنى ، والعلاقة المصاحبة في الذكر ( و ) يعرف أيضا ب ( إضافته إلى غير قابل ) كاسأل القرية واسأل العير وبعضهم يعبر عنه بالإطلاق على المستحيل فإن الاستحالة تقتضي أنه غير موضوع له فيكون مجازا ( و ) يعرف أيضا ب ( كونه لا يؤكد ) أي بالمصدر ; لأن التأكيد ينفي احتمال المجاز ( وفي قول ، و ) وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12604الباقلاني والغزالي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13439والموفق ،
والطوفي ،
وابن مفلح ،
وابن قاضي الجبل : إن المجاز ( لا يشتق منه ) قال
الغزالي في قوله تعالى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=97وما أمر فرعون برشيد } ) بمعنى الشأن مجاز ، فلا يشتق منه آمر ولا مأمور ، ولا غيرها .
والقول الثاني : قول الأكثر ويدل له إجماع البيانيين على صحة الاستعارة
[ ص: 58 ] بالتبعية ، وهي مشتقة من المجاز ، لأن الاستعارة تكون في المصدر ثم يشتق منه ، واستدل على صحة الاشتقاق من المجاز أيضا بقولهم : نطقت الحال بكذا ، أي دلت ; لأن النطق مستعمل في الدلالة أولا ، ثم اشتق منه اسم الفاعل على ما هو القاعدة في الاستعارة والتبعية في المشتقات
nindex.php?page=treesubj&link=21029 ( ويثنى ) المجاز ( ويجمع ) ومنعهما بعضهم وأبطله
الآمدي . بأن لفظ الحمار للبليد يثنى ويجمع إجماعا .
( وَهُوَ ) أَيْ
nindex.php?page=treesubj&link=21012_21013_21014_21015الْمَجَازُ ، ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ ، قِسْمٌ ( لُغَوِيٌّ ، كَأَسَدٍ لِشُجَاعٍ ) لِعَلَاقَةِ الْوَصْفِ الَّذِي هُوَ الْجُرْأَةُ ، فَكَأَنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ بِاعْتِبَارِهِمْ النَّقْلِ لِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ وَضَعُوا الِاسْمَ ثَانِيًا لِلْمَجَازِ ( وَ ) الْقِسْمُ الثَّانِي : مَجَازٌ ( عُرْفِيٌّ ) وَهُوَ نَوْعَانِ ، نَوْعٌ ( عَامٌّ ، كَدَابَّةٍ لِمَا دَبَّ ) فَإِطْلَاقُهَا عَلَى ذَلِكَ حَقِيقَةٌ فِي اللُّغَةِ مَجَازٌ فِي الْعُرْفِ ، فَإِنَّ حَقِيقَةَ الدَّابَّةِ فِي الْعُرْفِ لِذَاتِ الْحَافِرِ ، فَإِطْلَاقُهَا عَلَى كُلِّ مَا دَبَّ مَجَازٌ فِيهِ .
( وَ ) النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ الْمَجَازِ الْعُرْفِيِّ : مَجَازٌ خَاصٌّ كَإِطْلَاقِ لَفْظِ ( جَوْهَرٍ ) فِي الْعُرْفِ ( لِ ) كُلِّ ( نَفِيسٍ ) انْتِقَالًا فِي الْعُرْفِ مِنْ ذَاتِ الْحَافِرِ ، وَمِنْ النَّفَاسَةِ لِلْمَعْنَى الْمُتَضَمِّنِ لِذَاتِ الْحَافِرِ مِنْ الدَّبِّ فِي الْأَرْضِ ، وَلِلشَّيْءِ النَّفِيسِ مِنْ غُلُوِّ الْقِيمَةِ الَّتِي فِي الْجَوْهَرِ الْحَقِيقِيِّ ( وَ ) الْقِسْمُ الثَّالِثُ مَجَازٌ ( شَرْعِيٌّ كَ ) إطْلَاقِ ( صَلَاةٍ ) فِي الشَّرْعِ ( لِ ) مُطْلَقِ ( دُعَاءٍ ) انْتِقَالًا مِنْ ذَاتِ الْأَرْكَانِ لِلْمَعْنَى الْمُتَضَمِّنِ لَهَا مِنْ الْخُضُوعِ وَالسُّؤَالِ بِالْفِعْلِ أَوْ الْقُوَّةِ ، فَكَأَنَّ الشَّارِعَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَضَعَ
[ ص: 57 ] الِاسْمَ ثَانِيًا لِمَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللُّغَوِيِّ مِنْ هَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ ، فَكُلُّ مَعْنًى حَقِيقِيٍّ فِي وَضْعٍ هُوَ مَجَازٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى وَضْعٍ آخَرَ ، فَيَكُونُ حَقِيقَةً وَمَجَازًا بِاعْتِبَارِهِ ( وَيُعْرَفُ ) الْمَجَازُ ( بِصِحَّةِ نَفْيِهِ ) كَقَوْلِكَ الشُّجَاعُ لَيْسَ بِأَسَدٍ ، وَالْجَدُّ لَيْسَ بِأَبٍ ، وَالْبَلِيدُ لَيْسَ بِحِمَارٍ ; لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ لَا تُنْفَى . فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ : إنَّ الْحِمَارَ لَيْسَ بِحِمَارٍ ، وَإِنَّ الْأَبَ لَيْسَ بِأَبٍ ، وَإِنَّ الْبَلِيدَ لَيْسَ بِإِنْسَانٍ ( وَ ) يُعْرَفُ أَيْضًا ( بِتَبَادُرِ غَيْرِهِ ) .
أَيْ تَبَادُرِ غَيْرِ الْمَجَازِ إلَى ذِهْنِ السَّامِعِ ( لَوْلَا الْقَرِينَةُ ) الْحَاضِرَةُ ( وَ ) يُعْرَفُ أَيْضًا بِ ( عَدَمِ وُجُوبِ اطِّرَادِهِ ) أَيْ اطِّرَادِ عَلَاقَتِهِ ، فَالْعَلَاقَةُ الَّتِي فِي قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=82وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ } ) لَا تَطَّرِدُ ، فَلَا يُقَالُ : اسْأَلْ الْبِسَاطَ وَلَا الْحَصِيرَ ( وَ ) يُعْرَفُ أَيْضًا بِ ( الْتِزَامِ تَقْيِيدِهِ ) كَجَنَاحِ الذُّلِّ ، وَنَارِ الْحَرْبِ ، فَإِنَّ " الْجَنَاحَ وَالنَّارَ " يُسْتَعْمَلَانِ فِي مَدْلُولِهِ الْحَقِيقِيِّ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ ، وَإِنَّمَا قِيلَ بِالْتِزَامِ تَقْيِيدِهِ وَلَمْ يُقَلْ بِتَقْيِيدِهِ ، لِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ قَدْ قُيِّدَ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ ، كَقَوْلِك : عَيْنٌ جَارِيَةٌ ، لَكِنَّهُ لَمْ يَلْزَمْ التَّقْيِيدُ فِيهِ ( وَ ) يُعْرَفُ أَيْضًا بِ ( تَوَقُّفِهِ ) أَيْ تَوَقُّفِ اسْتِعْمَالِهِ ( عَلَى مُقَابِلِهِ ) أَيْ عَلَى الْمُسَمَّى الْآخَرِ الْحَقِيقِيِّ ، سَوَاءٌ كَانَ مَلْفُوظًا بِهِ .
كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ } ) أَيْ جَازَاهُمْ عَلَى مَكْرِهِمْ ، حَيْثُ تَوَاطَئُوا عَلَى قَتْلِ
عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ أَلْقَى ، شَبَهَهُ عَلَى مَنْ وَكَلُوا بِهِ قَتْلَهُ ، وَرَفَعَهُ إلَى السَّمَاءِ فَقَتَلُوا الْمُلْقَى عَلَيْهِ الشَّبَهُ . ظَنًّا أَنَّهُ
عِيسَى . وَلَمْ يَرْجِعُوا لِقَوْلِهِ " أَنَا صَاحِبُكُمْ " ثُمَّ شَكُّوا فِيهِ لَمَّا لَمْ يَرَوْا الْآخَرَ ، فَلَا يُقَالُ : مَكَرَ اللَّهُ ابْتِدَاءً ، أَوْ كَانَ مُقَدَّرًا ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=21قُلْ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا } ) وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لِمَكْرِهِمْ ذِكْرٌ فِي اللَّفْظِ ، لَكِنْ تَضَمَّنَهُ الْمَعْنَى ، وَالْعَلَاقَةُ الْمُصَاحَبَةُ فِي الذِّكْرِ ( وَ ) يُعْرَفُ أَيْضًا بِ ( إضَافَتِهِ إلَى غَيْرِ قَابِلٍ ) كَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ وَاسْأَلْ الْعِيرَ وَبَعْضُهُمْ يُعَبِّرُ عَنْهُ بِالْإِطْلَاقِ عَلَى الْمُسْتَحِيلِ فَإِنَّ الِاسْتِحَالَةَ تَقْتَضِي أَنَّهُ غَيْرُ مَوْضُوعٌ لَهُ فَيَكُونُ مَجَازًا ( وَ ) يُعْرَفُ أَيْضًا بِ ( كَوْنِهِ لَا يُؤَكَّدُ ) أَيْ بِالْمَصْدَرِ ; لِأَنَّ التَّأْكِيدَ يَنْفِي احْتِمَالَ الْمَجَازِ ( وَفِي قَوْلٍ ، وَ ) وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12604الْبَاقِلَّانِيِّ وَالْغَزَالِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13439وَالْمُوَفَّقِ ،
وَالطُّوفِيِّ ،
وَابْنِ مُفْلِحٍ ،
وَابْنِ قَاضِي الْجَبَلِ : إنَّ الْمَجَازَ ( لَا يُشْتَقُّ مِنْهُ ) قَالَ
الْغَزَالِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى ( {
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=97وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } ) بِمَعْنَى الشَّأْنِ مَجَازٌ ، فَلَا يُشْتَقُّ مِنْهُ آمِرٌ وَلَا مَأْمُورٌ ، وَلَا غَيْرُهَا .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَيَدُلُّ لَهُ إجْمَاعُ الْبَيَانِيِّينَ عَلَى صِحَّةِ الِاسْتِعَارَةِ
[ ص: 58 ] بِالتَّبَعِيَّةِ ، وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْمَجَازِ ، لِأَنَّ الِاسْتِعَارَةَ تَكُونُ فِي الْمَصْدَرِ ثُمَّ يُشْتَقُّ مِنْهُ ، وَاسْتُدِلَّ عَلَى صِحَّةِ الِاشْتِقَاقِ مِنْ الْمَجَازِ أَيْضًا بِقَوْلِهِمْ : نَطَقَتْ الْحَالُ بِكَذَا ، أَيْ دَلَّتْ ; لِأَنَّ النُّطْقَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الدَّلَالَةِ أَوَّلًا ، ثُمَّ اُشْتُقَّ مِنْهُ اسْمُ الْفَاعِلِ عَلَى مَا هُوَ الْقَاعِدَةُ فِي الِاسْتِعَارَةِ وَالتَّبَعِيَّةِ فِي الْمُشْتَقَّاتِ
nindex.php?page=treesubj&link=21029 ( وَيُثَنَّى ) الْمَجَازُ ( وَيُجْمَعُ ) وَمَنَعَهُمَا بَعْضُهُمْ وَأَبْطَلَهُ
الْآمِدِيُّ . بِأَنَّ لَفْظَ الْحِمَارِ لِلْبَلِيدِ يُثَنَّى وَيُجْمَعُ إجْمَاعًا .