فصل .
وهذا أصل عظيم فيجب أن يعرف ، غلط فيه كثير من الناس ; فإن الله سبحانه أمر بما يحفظ به الحق فلا يحتاج معه إلى يمين صاحبه - وهو الكتاب والشهود - لئلا يجحد الحق أو ينسى ، ويحتاج صاحبه إلى تذكير من لم يذكر إما جحودا وإما نسيانا ، ولا يلزم من ذلك أنه إذا كان هناك ما يدل على الحق لم يقبل إلا هذه الطريق التي أمره أن يحفظ حقه بها .
فصل .
وإنما أمر الله سبحانه بالعدد في شهود الزنا لأنه مأمور فيه بالستر ، ولهذا غلظ فيه النصاب ، فإنه ليس هناك حق يضيع ، وإنما حد وعقوبة ، والعقوبات تدرأ بالشبهات ، بخلاف حقوق الله وحقوق عباده التي تضيع إذا لم يقبل فيها قول الصادقين ، ومعلوم أن
nindex.php?page=treesubj&link=16284_16055_16287شهادة العدل رجلا كان أو امرأة أقوى من استصحاب الحال ، فإن استصحاب الحال من أضعف البينات ، ولهذا يدفع بالنكول تارة وباليمين المردودة ، وبالشاهد واليمين ، ودلالة الحال ، وهو نظير رفع استصحاب الحال في الأدلة الشرعية بالعموم والمفهوم والقياس فيرفع بأضعف الأدلة ، فهكذا في الأحكام يرفع بأدنى النصاب ، ولهذا قدم خبر الواحد في أخبار الديانة على الاستصحاب مع أنه يلزم جميع المكلفين ، فكيف لا يقدم عليه فما هو دونه ؟ ولهذا كان الصحيح الذي دلت عليه السنة التي لا معارض لها أن اللقطة إذا وصفها واصف صفة تدل على صدقه دفعت إليه بمجرد الوصف ، فقام وصفه لها مقام الشاهدين ، بل وصفه لها بينة تبين صدقه وصحة دعواه ; فإن البينة اسم لما يبين الحق وقد اتفق العلماء على أن مواضع الحاجات يقبل فيها من الشهادات ما لا يقبل في غيرها من حيث الجملة ، وإن تنازعوا في بعض التفاصيل ، وقد أمر الله سبحانه بالعمل بشهادة شاهدين من غير المسلمين عند الحاجة في الوصية في السفر منبها بذلك على نظيره وما هو أولى منه كقبول
nindex.php?page=treesubj&link=16054شهادة النساء منفردات في الأعراس والحمامات والمواضع التي تنفرد النساء بالحضور فيها ، ولا ريب أن قبول شهادتين هنا أولى من قبول شهادة الكفار على الوصية في السفر ، وكذلك عمل الصحابة وفقهاء
المدينة بشهادة الصبيان على تجارح بعضهم بعضا ، فإن الرجال لا يحضرون معهم في لعبهم ، ولو لم تقبل شهادتهم وشهادة النساء منفردات لضاعت الحقوق وتعطلت وأهملت مع غلبة الظن أو القطع بصدقهم ، ولا سيما إذا جاءوا مجتمعين قبل تفرقهم ورجوعهم إلى بيوتهم وتواطؤا على خبر واحد ، وفرقوا وقت الأداء واتفقت كلمتهم ، فإن الظن الحاصل حينئذ من شهادتهم أقوى بكثير من الظن
[ ص: 77 ] الحاصل من شهادة رجلين ، وهذا مما لا يمكن دفعه وجحده ، فلا نظن بالشريعة الكاملة الفاضلة المنتظمة لمصالح العباد في المعاش والمعاد أنها تهمل مثل هذا الحق وتضيعه مع ظهور أدلته وقوتها ، وتقبله مع الدليل الذي هو دون ذلك .
وقد روى
أبو داود في سننه في قضية اليهوديين اللذين زنيا فلما شهد أربعة من اليهود عليهما أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمهما ، وقد تقدم حكم النبي صلى الله عليه وسلم بشهادة الأمة الواحدة على فعل نفسها ، وهو يتضمن
nindex.php?page=treesubj&link=15967شهادة العبد ، وقد حكى الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك إجماع الصحابة على شهادته فقال : ما علمت أحدا رد شهادة العبد ، وهذا هو الصواب ، فإنه إذا قبلت شهادته على رسول الله صلى الله عليه وسلم في حكم يلزم الأمة فلأن تقبل شهادته على واحد من الأمة في حكم جزئي أولى وأحرى ، وإذا قبلت شهادته على حكم الله ورسوله في الفروج والدماء والأموال في الفتوى فلأن تقبل شهادته على واحد من الناس أولى وأحرى ، كيف وهو داخل في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2وأشهدوا ذوي عدل منكم } ؟ فإنه منا وهو عدل وقد عدله النبي صلى الله عليه وسلم لقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=43722يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله } وعدلته الأمة في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والفتوى ، وهو من رجالنا فيدخل في قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282واستشهدوا شهيدين من رجالكم } وهو مسلم فيدخل في قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب " والمسلمون عدول بعضهم على بعض " وهو صادق فيجب العمل بخبره ، وأن لا يرد ، فإن الشريعة لا ترد خبر الصادق ، بل تعمل به ، وليس بفاسق ; فلا يجب التثبت في خبره وشهادته ، وهذا كله من تمام رحمة الله وعنايته بعباده ، وإكمال دينهم لهم ، وإتمام نعمته عليهم بشريعته ; لئلا تضيع حقوق الله وحقوق عباده مع ظهور الحق بشهادة الصادق ، لكن إذا أمكن حفظ الحقوق بأعلى الطريقين فهو أولى كما أمر بالكتاب والشهود لأنه أبلغ في حفظ الحقوق .
فإن قيل : أمر الأموال أسهل ; فإنه يحكم فيها بالنكول ، وباليمين المردودة ، وبالشاهد واليمين ، بخلاف الرجعة والطلاق .
قيل : هذا فيه نزاع ، والحجة أن تكون بنص أو إجماع ، وأما الشاهد واليمين فالحديث الذي في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26662قضى بالشاهد واليمين } ليس فيه أنه في الأموال ، وإنما هو قول
عمرو بن دينار ، ولو كان مرفوعا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فليس فيه اختصاص الحكم بذلك في الأموال وحدها ، فإنه لم يخبر عن شرع عام شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأموال ، وكذلك سائر ما روي من حكمه بذلك إنما هو في قضايا معينة قضى فيها بشاهد ويمين ، وهذا كما لا يدل على اختصاص حكمه بتلك القضايا لا يقتضي اختصاصه بالأموال ، كما أنه إذا حكم بذلك في الديون لم يدل على أن الأعيان ليست
[ ص: 78 ] كذلك ، بل هذا يحتاج إلى تنقيح المناط ، فينظر ما حكم لأجله إن وجد في غير محل حكمه عدي إليه .
وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2714أن nindex.php?page=treesubj&link=11782_23888_16055المرأة إذا أقامت شاهدا واحدا على الطلاق فإن حلف الزوج أنه لم يقض عليه ، وإن لم يحلف حلفت المرأة ويقضى عليه } ، وقد احتج الأئمة الأربعة والفقهاء قاطبة تصحيفة
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، ولا يعرف في أئمة الفتوى إلا من احتاج إليها واحتج بها ، وإنما طعن فيها من لم يتحمل أعباء الفقه والفتوى
كأبي حاتم البستي nindex.php?page=showalam&ids=13064وابن حزم وغيرهما ; وفي هذه الحكومة أنه يقضي في الطلاق بشاهد وما يقوم مقام شاهد آخر من النكول ويمين المرأة ، بخلاف ما إذا
nindex.php?page=treesubj&link=11782_23888_16284_16055أقامت شاهدا واحدا وحلف الزوج أنه لم يطلق فيمين الزوج عارضت شهادة الشاهد ، وترجح جانبه بكون الأصل معه ; وأما إذا نكل الزوج فإنه يجعل نكوله مع يمين المرأة كشاهد آخر ، ولكن هنا لم يقض بالشاهد ويمين المرأة ابتداء ; لأن الرجل أعلم بنفسه هل طلق أم لا ، وهو أحفظ لما وقع منه ، فإذا نكل وقام الشاهد الواحد وحلفت المرأة كان ذلك دليلا ظاهرا جدا على صدق المرأة .
فإن قيل : ففي الأموال إذا قام شاهد وحلف المدعي حكم له ، ولا تعرض اليمين على المدعى عليه ; وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب {
إذا شهد الشاهد الواحد وحلف الزوج أنه لم يطلق لم يحكم عليه } .
قيل : هذا من تمام حكمة هذه الشريعة وجلالتها ، أن الزوج لما كان أعلم بنفسه هل طلق أم لا ، وكان أحفظ لما وقع منه وأعقل له وأعلم بنيته ، وقد يكون قد تكلم بلفظ مجمل أو بلفظ يظنه الشاهد طلاقا وليس بطلاق ، والشاهد يشهد بما سمع ، والزوج أعلم بقصده ومراده ، جعل الشارع يمين الزوج معارضة لشهادة الشاهد الواحد ، ويقوي جانبه الأصل واستصحاب النكاح ، فكان الظن المستفاد من ذلك أقوى من الظن المستفاد من مجرد الشاهد الواحد ، فإذا نكل قوي الأصل في صدق الشاهد ، فقاوم ما في جانب الزوج ، فقواه الشارع بيمين المرأة ، فإذا حلفت مع شاهدها ونكول الزوج قوي جانبها جدا ، فلا شيء أحسن ولا أبين ولا أعدل من هذه الحكومة ، وأما المال المشهود به فإن المدعي إذا قال : أقرضته أو بعته أو أعرته ، أو قال : غصبني أو نحو ذلك ، فهذا الأمر لا يختص بمعرفته المطلوب ، ولا يتعلق بنيته وقصده ، وليس مع المدعى عليه من شواهد صدقه ما مع الزوج من بقاء عصمة النكاح ، وإنما معه مجرد براءة الذمة ، وقد عهد كثرة اشتغالها بالمعاملات ،
[ ص: 79 ] فقوي الشاهد الواحد والنكول أو يمين الطالب على رفعها ، فحكم له ، فهذا كله مما يبين حكمة الشارع ، وأنه يقضي بالبينة التي تبين الحق وهي الدليل الذي يدل عليه ، والشاهد الذي يشهد به ، بحسب الإمكان ، بل الحق أن الشاهد الواحد إذا ظهر صدقه حكم بشهادته وحده ، وقد أجاز النبي صلى الله عليه وسلم شهادة الشاهد الواحد
nindex.php?page=showalam&ids=60لأبي قتادة بقتل المشرك ودفع إليه سلبه بشهادته وحده ، ولم يحلف
nindex.php?page=showalam&ids=60أبا قتادة ، فجعله بينة تامة ، وأجاز شهادة
nindex.php?page=showalam&ids=2546خزيمة بن ثابت وحده بمبايعته للأعرابي ، وجعل شهادته بشهادتين لما استندت إلى تصديقه صلى الله عليه وسلم بالرسالة المتضمنة تصديقه في كل ما يخبر به ، فإذا شهد المسلمون ، بأنه صادق في خبره عن الله فبطريق الأولى يشهدون أنه صادق عن رجل من أمته ، ولهذا كان من تراجم بعض الأئمة على حديثه "
nindex.php?page=treesubj&link=16055_16284الحكم بشهادة الشاهد الواحد إذا عرف صدقه .
فَصْلٌ .
وَهَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ فَيَجِبُ أَنْ يُعْرَفَ ، غَلَطَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ ; فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ بِمَا يُحْفَظُ بِهِ الْحَقُّ فَلَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى يَمِينِ صَاحِبِهِ - وَهُوَ الْكِتَابُ وَالشُّهُودُ - لِئَلَّا يَجْحَدَ الْحَقَّ أَوْ يَنْسَى ، وَيَحْتَاجُ صَاحِبُهُ إلَى تَذْكِيرِ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ إمَّا جُحُودًا وَإِمَّا نِسْيَانًا ، وَلَا يَلْزَمْ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْحَقِّ لَمْ يُقْبَلْ إلَّا هَذِهِ الطَّرِيقُ الَّتِي أَمَرَهُ أَنْ يَحْفَظَ حَقَّهُ بِهَا .
فَصْلٌ .
وَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالْعَدَدِ فِي شُهُودِ الزِّنَا لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ فِيهِ بِالسَّتْرِ ، وَلِهَذَا غَلَّظَ فِيهِ النِّصَابَ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ حَقٌّ يَضِيعُ ، وَإِنَّمَا حَدٌّ وَعُقُوبَةٌ ، وَالْعُقُوبَاتُ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ ، بِخِلَافِ حُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ عِبَادِهِ الَّتِي تَضِيعُ إذَا لَمْ يُقْبَلْ فِيهَا قَوْلُ الصَّادِقِينَ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=16284_16055_16287شَهَادَةَ الْعَدْلِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً أَقْوَى مِنْ اسْتِصْحَابِ الْحَالِ ، فَإِنَّ اسْتِصْحَابَ الْحَالِ مِنْ أَضْعَفِ الْبَيِّنَاتِ ، وَلِهَذَا يَدْفَعُ بِالنُّكُولِ تَارَةً وَبِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ ، وَبِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ ، وَدَلَالَةِ الْحَالِ ، وَهُوَ نَظِيرُ رَفْعِ اسْتِصْحَابِ الْحَالِ فِي الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ بِالْعُمُومِ وَالْمَفْهُومِ وَالْقِيَاسِ فَيُرْفَعُ بِأَضْعَفِ الْأَدِلَّةِ ، فَهَكَذَا فِي الْأَحْكَامِ يُرْفَعُ بِأَدْنَى النِّصَابِ ، وَلِهَذَا قَدَّمَ خَبَرَ الْوَاحِدِ فِي أَخْبَارِ الدِّيَانَةِ عَلَى الِاسْتِصْحَابِ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ جَمِيعَ الْمُكَلَّفِينَ ، فَكَيْفَ لَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ فَمَا هُوَ دُونَهُ ؟ وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ الَّتِي لَا مُعَارِضَ لَهَا أَنَّ اللُّقَطَةَ إذَا وَصَفَهَا وَاصِفٌ صِفَةً تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ دُفِعَتْ إلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْوَصْفِ ، فَقَامَ وَصْفُهُ لَهَا مَقَامَ الشَّاهِدَيْنِ ، بَلْ وَصْفُهُ لَهَا بَيِّنَةٌ تُبَيِّنُ صِدْقَهُ وَصِحَّةَ دَعْوَاهُ ; فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ اسْمٌ لِمَا يُبَيِّنُ الْحَقَّ وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مَوَاضِعَ الْحَاجَاتِ يُقْبَلُ فِيهَا مِنْ الشَّهَادَاتِ مَا لَا يُقْبَلُ فِي غَيْرِهَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ ، وَإِنْ تَنَازَعُوا فِي بَعْضِ التَّفَاصِيلِ ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالْعَمَلِ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ الْحَاجَةِ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ مُنَبِّهًا بِذَلِكَ عَلَى نَظِيرِهِ وَمَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ كَقَبُولِ
nindex.php?page=treesubj&link=16054شَهَادَةِ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ فِي الْأَعْرَاسِ وَالْحَمَّامَاتِ وَالْمَوَاضِعِ الَّتِي تَنْفَرِدُ النِّسَاءُ بِالْحُضُورِ فِيهَا ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ قَبُولَ شَهَادَتَيْنِ هُنَا أَوْلَى مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الْكُفَّارِ عَلَى الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ ، وَكَذَلِكَ عَمَلُ الصَّحَابَةِ وَفُقَهَاءِ
الْمَدِينَةِ بِشَهَادَةِ الصَّبِيَّانِ عَلَى تَجَارُحِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا ، فَإِنَّ الرِّجَالَ لَا يَحْضُرُونَ مَعَهُمْ فِي لَعِبِهِمْ ، وَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ لَضَاعَتْ الْحُقُوقُ وَتَعَطَّلَتْ وَأُهْمِلَتْ مَعَ غَلَبَةِ الظَّنِّ أَوْ الْقَطْعِ بِصِدْقِهِمْ ، وَلَا سِيَّمَا إذَا جَاءُوا مُجْتَمِعِينَ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمْ وَرُجُوعِهِمْ إلَى بُيُوتِهِمْ وَتَوَاطُؤَا عَلَى خَبَرٍ وَاحِدٍ ، وَفَرَّقُوا وَقْتَ الْأَدَاءِ وَاتَّفَقَتْ كَلِمَتُهُمْ ، فَإِنَّ الظَّنَّ الْحَاصِلَ حِينَئِذٍ مِنْ شَهَادَتِهِمْ أَقْوَى بِكَثِيرٍ مِنْ الظَّنِّ
[ ص: 77 ] الْحَاصِلِ مِنْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ ، وَهَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ وَجَحْدُهُ ، فَلَا نَظُنُّ بِالشَّرِيعَةِ الْكَامِلَةِ الْفَاضِلَةِ الْمُنْتَظِمَةِ لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ أَنَّهَا تُهْمِلُ مِثْلَ هَذَا الْحَقَّ وَتُضَيِّعُهُ مَعَ ظُهُورِ أَدِلَّتِهِ وَقُوَّتِهَا ، وَتَقْبَلُهُ مَعَ الدَّلِيلِ الَّذِي هُوَ دُونَ ذَلِكَ .
وَقَدْ رَوَى
أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ فِي قَضِيَّةِ الْيَهُودِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ زَنَيَا فَلَمَّا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَيْهِمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِهِمَا ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَهَادَةِ الْأَمَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهَا ، وَهُوَ يَتَضَمَّنُ
nindex.php?page=treesubj&link=15967شَهَادَةَ الْعَبْدِ ، وَقَدْ حَكَى الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى شَهَادَتِهِ فَقَالَ : مَا عَلِمْت أَحَدًا رَدَّ شَهَادَةَ الْعَبْدِ ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ ، فَإِنَّهُ إذَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُكْمٍ يَلْزَمُ الْأُمَّةَ فَلَأَنْ تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْأُمَّةِ فِي حُكْمٍ جُزْئِيٍّ أَوْلَى وَأَحْرَى ، وَإِذَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِي الْفُرُوجِ وَالدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ فِي الْفَتْوَى فَلَأَنْ تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ أَوْلَى وَأَحْرَى ، كَيْفَ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ } ؟ فَإِنَّهُ مِنَّا وَهُوَ عَدْلٌ وَقَدْ عَدَّلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=43722يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلْفٍ عُدُولُهُ } وَعَدَّلَتْهُ الْأُمَّةُ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْفَتْوَى ، وَهُوَ مِنْ رِجَالِنَا فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ } وَهُوَ مُسْلِمٌ فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ " وَالْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ " وَهُوَ صَادِقٌ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِخَبَرِهِ ، وَأَنْ لَا يُرَدَّ ، فَإِنَّ الشَّرِيعَةَ لَا تَرُدُّ خَبَرَ الصَّادِقِ ، بَلْ تَعْمَلُ بِهِ ، وَلَيْسَ بِفَاسِقٍ ; فَلَا يَجِبُ التَّثَبُّتُ فِي خَبَرِهِ وَشَهَادَتِهِ ، وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ تَمَامِ رَحْمَةِ اللَّهِ وَعِنَايَتِهِ بِعِبَادِهِ ، وَإِكْمَالِ دِينِهِمْ لَهُمْ ، وَإِتْمَامِ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِمْ بِشَرِيعَتِهِ ; لِئَلَّا تَضِيعَ حُقُوقُ اللَّهِ وَحُقُوقُ عِبَادِهِ مَعَ ظُهُورِ الْحَقِّ بِشَهَادَةِ الصَّادِقِ ، لَكِنْ إذَا أَمْكَنَ حِفْظُ الْحُقُوقِ بِأَعْلَى الطَّرِيقَيْنِ فَهُوَ أَوْلَى كَمَا أَمَرَ بِالْكِتَابِ وَالشُّهُودِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي حِفْظِ الْحُقُوقِ .
فَإِنْ قِيلَ : أَمْرُ الْأَمْوَالِ أَسْهَلُ ; فَإِنَّهُ يُحْكَمُ فِيهَا بِالنُّكُولِ ، وَبِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ ، وَبِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ ، بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ وَالطَّلَاقِ .
قِيلَ : هَذَا فِيهِ نِزَاعٌ ، وَالْحُجَّةُ أَنْ تَكُونَ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ ، وَأَمَّا الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ فَالْحَدِيثُ الَّذِي فِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26662قَضَى بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ } لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ فِي الْأَمْوَالِ ، وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ
عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، وَلَوْ كَانَ مَرْفُوعًا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فَلَيْسَ فِيهِ اخْتِصَاصُ الْحُكْمِ بِذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ وَحْدَهَا ، فَإِنَّهُ لَمْ يُخْبِرْ عَنْ شَرْعٍ عَامٍّ شَرَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَمْوَالِ ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا رُوِيَ مِنْ حُكْمِهِ بِذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي قَضَايَا مُعَيَّنَةٍ قَضَى فِيهَا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ، وَهَذَا كَمَا لَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِصَاصِ حُكْمِهِ بِتِلْكَ الْقَضَايَا لَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصُهُ بِالْأَمْوَالِ ، كَمَا أَنَّهُ إذَا حَكَمَ بِذَلِكَ فِي الدُّيُونِ لَمْ يَدُلَّ عَلَى أَنَّ الْأَعْيَانَ لَيْسَتْ
[ ص: 78 ] كَذَلِكَ ، بَلْ هَذَا يَحْتَاجُ إلَى تَنْقِيحِ الْمَنَاطِ ، فَيَنْظُرُ مَا حُكِمَ لِأَجْلِهِ إنْ وُجِدَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ حُكْمِهِ عُدِّيَ إلَيْهِ .
وَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2714أَنَّ nindex.php?page=treesubj&link=11782_23888_16055الْمَرْأَةَ إذَا أَقَامَتْ شَاهِدًا وَاحِدًا عَلَى الطَّلَاقِ فَإِنْ حَلَفَ الزَّوْجُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ حَلَفَتْ الْمَرْأَةُ وَيُقْضَى عَلَيْهِ } ، وَقَدْ احْتَجَّ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَالْفُقَهَاءُ قَاطِبَةً تَصْحِيفَةَ
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ، وَلَا يُعْرَفُ فِي أَئِمَّةِ الْفَتْوَى إلَّا مَنْ احْتَاجَ إلَيْهَا وَاحْتَجَّ بِهَا ، وَإِنَّمَا طَعَنَ فِيهَا مَنْ لَمْ يَتَحَمَّلْ أَعْبَاءَ الْفِقْهِ وَالْفَتْوَى
كَأَبِي حَاتِمٍ الْبُسْتِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=13064وَابْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِمَا ; وَفِي هَذِهِ الْحُكُومَةِ أَنَّهُ يَقْضِي فِي الطَّلَاقِ بِشَاهِدٍ وَمَا يَقُومُ مَقَامَ شَاهِدٍ آخَرَ مِنْ النُّكُولِ وَيَمِينِ الْمَرْأَةِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=11782_23888_16284_16055أَقَامَتْ شَاهِدًا وَاحِدًا وَحَلَفَ الزَّوْجُ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ فَيَمِينُ الزَّوْجِ عَارَضَتْ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ ، وَتَرَجَّحَ جَانِبُهُ بِكَوْنِ الْأَصْلِ مَعَهُ ; وَأَمَّا إذَا نَكَلَ الزَّوْجُ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ نُكُولُهُ مَعَ يَمِينِ الْمَرْأَةِ كَشَاهِدٍ آخَرَ ، وَلَكِنْ هُنَا لَمْ يَقْضِ بِالشَّاهِدِ وَيَمِينِ الْمَرْأَةِ ابْتِدَاءً ; لِأَنَّ الرَّجُلَ أَعْلَمُ بِنَفْسِهِ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا ، وَهُوَ أَحْفَظُ لِمَا وَقَعَ مِنْهُ ، فَإِذَا نَكَلَ وَقَامَ الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ وَحَلَفَتْ الْمَرْأَةُ كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا ظَاهِرًا جِدًّا عَلَى صِدْقِ الْمَرْأَةِ .
فَإِنْ قِيلَ : فَفِي الْأَمْوَالِ إذَا قَامَ شَاهِدٌ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي حُكِمَ لَهُ ، وَلَا تُعْرَضُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ; وَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ {
إذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ وَحَلَفَ الزَّوْجُ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ } .
قِيلَ : هَذَا مِنْ تَمَامِ حِكْمَةِ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ وَجَلَالَتِهَا ، أَنَّ الزَّوْجَ لَمَّا كَانَ أَعْلَمَ بِنَفْسِهِ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا ، وَكَانَ أَحْفَظَ لِمَا وَقَعَ مِنْهُ وَأَعْقَلَ لَهُ وَأَعْلَمَ بِنِيَّتِهِ ، وَقَدْ يَكُونُ قَدْ تَكَلَّمَ بِلَفْظٍ مُجْمَلٍ أَوْ بِلَفْظٍ يَظُنُّهُ الشَّاهِدُ طَلَاقًا وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ ، وَالشَّاهِدُ يَشْهَدُ بِمَا سَمِعَ ، وَالزَّوْجُ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ وَمُرَادِهِ ، جَعَلَ الشَّارِعُ يَمِينَ الزَّوْجِ مُعَارَضَةً لِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ ، وَيُقَوِّي جَانِبَهُ الْأَصْلُ وَاسْتِصْحَابُ النِّكَاحِ ، فَكَانَ الظَّنُّ الْمُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَقْوَى مِنْ الظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْ مُجَرَّدِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ ، فَإِذَا نَكَلَ قَوِيَ الْأَصْلُ فِي صِدْقِ الشَّاهِدِ ، فَقَاوَمَ مَا فِي جَانِبِ الزَّوْجِ ، فَقَوَّاهُ الشَّارِعُ بِيَمِينِ الْمَرْأَةِ ، فَإِذَا حَلَفَتْ مَعَ شَاهِدِهَا وَنُكُولِ الزَّوْجِ قَوِيَ جَانِبُهَا جِدًّا ، فَلَا شَيْءَ أَحْسَنُ وَلَا أَبْيَنُ وَلَا أَعْدَلُ مِنْ هَذِهِ الْحُكُومَةِ ، وَأَمَّا الْمَالُ الْمَشْهُودُ بِهِ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا قَالَ : أَقْرَضْتُهُ أَوْ بِعْتُهُ أَوْ أَعَرْتُهُ ، أَوْ قَالَ : غَصَبَنِي أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ ، فَهَذَا الْأَمْرُ لَا يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ الْمَطْلُوبَ ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِنِيَّتِهِ وَقَصْدِهِ ، وَلَيْسَ مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ شَوَاهِدِ صِدْقِهِ مَا مَعَ الزَّوْجِ مِنْ بَقَاءِ عِصْمَةِ النِّكَاحِ ، وَإِنَّمَا مَعَهُ مُجَرَّدُ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ ، وَقَدْ عُهِدَ كَثْرَةُ اشْتِغَالِهَا بِالْمُعَامَلَاتِ ،
[ ص: 79 ] فَقَوِيَ الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ وَالنُّكُولُ أَوْ يَمِينُ الطَّالِبِ عَلَى رَفْعِهَا ، فَحُكِمَ لَهُ ، فَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يُبَيِّنُ حِكْمَةَ الشَّارِعِ ، وَأَنَّهُ يَقْضِي بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي تُبَيِّنُ الْحَقَّ وَهِيَ الدَّلِيلُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ ، وَالشَّاهِدُ الَّذِي يَشْهَدُ بِهِ ، بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ ، بَلْ الْحَقُّ أَنَّ الشَّاهِدَ الْوَاحِدَ إذَا ظَهَرَ صِدْقُهُ حُكِمَ بِشَهَادَتِهِ وَحْدَهُ ، وَقَدْ أَجَازَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ
nindex.php?page=showalam&ids=60لِأَبِي قَتَادَةَ بِقَتْلِ الْمُشْرِكِ وَدَفَعَ إلَيْهِ سَلَبَهُ بِشَهَادَتِهِ وَحْدَهُ ، وَلَمْ يَحْلِفْ
nindex.php?page=showalam&ids=60أَبَا قَتَادَةَ ، فَجَعَلَهُ بَيِّنَةً تَامَّةً ، وَأَجَازَ شَهَادَةَ
nindex.php?page=showalam&ids=2546خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ وَحْدَهُ بِمُبَايَعَتِهِ لِلْأَعْرَابِيِّ ، وَجَعَلَ شَهَادَتَهُ بِشَهَادَتَيْنِ لِمَا اسْتَنَدَتْ إلَى تَصْدِيقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرِّسَالَةِ الْمُتَضَمَّنَةِ تَصْدِيقَهُ فِي كُلِّ مَا يُخْبِرُ بِهِ ، فَإِذَا شَهِدَ الْمُسْلِمُونَ ، بِأَنَّهُ صَادِقٌ فِي خَبَرِهِ عَنْ اللَّهِ فَبِطَرِيقِ الْأَوْلَى يَشْهَدُونَ أَنَّهُ صَادِقٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِهِ ، وَلِهَذَا كَانَ مِنْ تَرَاجُمِ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ عَلَى حَدِيثِهِ "
nindex.php?page=treesubj&link=16055_16284الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ إذَا عُرِفَ صِدْقُهُ .