[ ص: 482 ] البحث الثاني في
nindex.php?page=treesubj&link=21256تخصيص المقطوع بالمظنون
وفيه مسائل : الأول : يجوز
nindex.php?page=treesubj&link=21257تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد عند الجمهور ، وهو المنقول عن الأئمة الأربعة ، فإن الخبر يتسلط على فحواه ، وفحواه غير مقطوع به . قال
إمام الحرمين : ومن شك أن
الصديق لو روى خبرا عن
المصطفى في تخصيص عموم الكتاب لابتدره الصحابة قاطبة بالقبول ، فليس على دراية في قاعدة الأخبار .
واحتج
ابن السمعاني في باب الأخبار على الجواز بإجماع الصحابة ، فإنهم خصوا قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم الله في أولادكم } بقوله عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62476إنا معشر الأنبياء لا نورث } فإن قالوا : إن
فاطمة ( رضي الله عنها ) طلبت الميراث ؟ قلنا : إنما طلبت النحلى لا الميراث وخص الميراث بالمسلمين عملا بقوله عليه الصلاة والسلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31590لا يرث المسلم الكافر } وخصوا قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وأحل الله البيع وحرم [ ص: 483 ] الربا } [ بما ورد ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد في بيع الدرهم بالدرهمين . وخصوا قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5اقتلوا المشركين } بخبر
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف في
المجوس : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=20452سنوا بهم سنة أهل الكتاب }
والمجوس مشركون .
وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ( رضي الله عنه ) : لا ندع كتاب الله ولا سنة نبينا لقول امرأة فيحتمل أن يكون معناه لا ندع كتاب نبينا نسخا ، فإنه لا يقال لمن خص آية من القرآن . أنه ترك القرآن ، وإنما يقال ذلك لمن ادعى النسخ انتهى .
والقول الثاني : المنع مطلقا ، وبه قال بعض الحنابلة ، كما حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب ونقله
الغزالي في المنخول " عن
المعتزلة ، لأن الخبر لا يقطع بأصله بخلاف القرآن ، ونقله
ابن برهان عن طائفة من
المتكلمين والفقهاء . ونقله
أبو الحسين بن القطان عن طائفة من أهل
العراق ، وأنهم لأجله منعوا الحكم بالقرعة ، وبالشاهد واليمين . ولنا أن الله تعالى
[ ص: 484 ] أمرنا باتباع نبيه ، ولا فرق بين أن يكون مخصصا للظاهر أو مبتدئا ، ولا معنى لإمكان التخصيص مع القول بحجية خبر الواحد قال أهل
العراق " به " في الجملة وخالفونا في التفصيل ، فقالوا : وقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24وأحل لكم ما وراء ذلكم } أنه مخصوص بقوله عليه الصلاة والسلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30653لا تنكح المرأة على عمتها } وهو خبر واحد ، وكذا قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما } الآية فقالوا : بتحريم أكل كل ذي ناب من السباع .
الثالث : التفصيل بين ما دخله التخصيص ، وما لم يدخله ، فإن لم يدخله يبقى على حقيقته ، وما دخله بقي مجازا ، وضعفت دلالته ، ونقلوه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16739عيسى بن أبان . وهو مشكل بما سبق عنه من أن العام المخصوص ليس بحجة ، لأنه إذا كان حجة لم يبق للقول بتخصيصه فائدة ، إذ فائدة التخصيص بيان أن الصورة المخصوصة لا يتناولها حكم العموم ، والتقدير : لم يبق له حكم ، أو له حكم مجمل غير معلوم ، فيحتاج إلى البيان ، فكيف يجتمع القول بكونه لا يبقى حجة ، مع قوله بجواز تخصيصه بخبر الواحد ، .
وقد حكى
إمام الحرمين في التلخيص من كتاب التقريب " عنه أنه إن خص بقطعي جاز تخصيص باقيه بخبر الواحد ، وإلا فلا يجوز افتتاح تخصيصه به . ثم قال : وهذا مبني على أصل له قدمناه ، وهو أن العموم إذا خص بعضه صار مجملا في بقية المسميات لا يسوغ الاستدلال به فيها . فجعل الخبر على التحقيق مثبتا حكما ابتداء ، وليس سبيله سبيل التخصيص إذا حققته ، فإنه لا يجوز الاستدلال باللفظ المجمل في عموم ولا خصوص قبل ورود الخبر وبعده . انتهى .
[ ص: 485 ] ولم أر ذلك في التقريب "
للقاضي وإنما حكي عنه تجويز
nindex.php?page=treesubj&link=21255_21254_21257تخصيص العام الذي أجمع على تخصيصه ، أو قام الدليل على تخصيصه بكل وجه ، لأنه بالتخصيص حينئذ مجملا ومجازا ، فيجوز لذلك إعمال خبر الواحد في تخصيص أشياء أخر منه .
ونحوه قول
الشيخ أبي حامد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : إن كانت الآية العامة دخلها التخصيص جاز تخصيصها بخبر الواحد ، لأنها تصير بالتخصيص كالمجملة ، فيكون ذلك كالبيان وبيان المجمل بخبر الواحد يجوز .
وقال في المحصول " : فأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=16739عيسى بن أبان nindex.php?page=showalam&ids=15071والكرخي فيبنيان على حرف واحد ، وهو أن العام المخصوص عند
nindex.php?page=showalam&ids=16739عيسى مجاز ، والمخصوص بالدليل المنفصل عند
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي مجاز ، وإذا صار مجازا صارت دلالته مظنونة ، ومتنه مقطوعا ، وخبر الواحد متنه مظنون ودلالته مقطوعة ، فيحصل التعادل . فأما قبل ذلك فإنه حقيقة في العموم ، فيكون قاطعا في متنه ودلالته ، فلا يرجح عليه المظنون .
وهذا المأخذ الذي ذكروه تردد فيه
nindex.php?page=showalam&ids=14330أبو بكر الرازي في أصوله ، فقال : إن لم يثبت خصوصه بالاتفاق ، لم يجز تخصيصه ، وإلا فإن ثبت واحتمل اللفظ معاني واختلف
السلف فيها ، وكان اللفظ يفتقر على البيان جاز تخصيصه ، وتبيينه بخبر الواحد .
قال : وهذا عندي مذهب أصحابنا ، وعليه تدل أصولهم ومسائلهم ، واحتج بكلام
nindex.php?page=showalam&ids=16739عيسى بن أبان ، وذكره . قال : فنص
nindex.php?page=showalam&ids=16739عيسى على أن ظاهر القرآن الذي لم يثبت خصوصه بالاتفاق لا يخص بخبر الواحد ، ثم قال : ويحتمل أن يكون قال ذلك لأنه كان من مذهبه أن العام إذا خص سقط الاستدلال به فيما عدا المخصوص على ما كان يذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي ; ويحتمل
[ ص: 486 ] أن يكون مذهبه القول بعموم اللفظ فيما عدا المخصوص ، لأنه أجاز تخصيص الباقي مع ذلك بخبر الواحد ; لأن ما ثبت خصوصه بالاتفاق مما سوغ الاجتهاد في ترك حكم اللفظ لأنه صار مجازا ، أما إذا كان اللفظ محتملا لمعان فيقبل خبر الواحد في إثبات المراد به . انتهى .
ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=16392الأستاذ أبو منصور عن
nindex.php?page=showalam&ids=16739عيسى أنه لا يجوز أن يخص عموم القرآن بخبر الواحد إلا أن يكون قد خص بالإجماع فيزاد في تخصيصه بخبر الواحد . قال : وقال : وإن
nindex.php?page=treesubj&link=21257كانت الآية مجملة ، واختلف السلف في تأويلها ، قبل خبر الواحد في تفسيرها وتخصيصها .
وقال بعض المحققين من الحنفية : لا خلاف بين أصحابنا في أن
nindex.php?page=treesubj&link=21257العام إذا خص منه شيء بدليل مقارن جاز تخصيصه بعد ذلك متراخيا ، وأما العام الذي لم يخص منه شيء فلا يجوز تخصيصه ابتداء بدليل يتأخر عنه عند
nindex.php?page=showalam&ids=15071الشيخ أبي الحسن الكرخي ، وعامة المتأخرين من أصحابنا ، وعند بعض أصحابنا وأكثر الشافعية يجوز تخصيصه متراخيا ابتداء ، كما يجوز متصلا
قال : والمراد بعدم جواز التخصيص بالمتأخر أن المتأخر لا يكون بيانا ; فإن المراد من العام بعضه ابتداء كما هو شأن التخصيص ; بل يكون ناسخا لبعض أفراد العام بإخراجه عن حكم العام ; بل بعد ثبوت الحكم فيه مقتصرا على الحال .
الرابع : إن
nindex.php?page=treesubj&link=21239_21244_21238كان التخصيص بدليل منفصل جاز ، وإن كان بمتصل فلا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي ، لأن تخصيصه بمنفصل يصيره مجازا على مذهبه ، فتضعف دلالته ، وهذا المذهب وما قاله مبني على أن دلالة العام على أفراده قطعية ، فإن قلنا : ظنية جاز التخصيص به ، ولهذا قال
ابن السمعاني :
[ ص: 487 ] ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16739ابن أبان مبني على أصل لا نوافقه عليه
الخامس : يجوز التعبد بوروده ، ويجوز أن يرد لكنه لم يقع ، حكاه
القاضي في التقريب " وحكى قولا آخر أنه لم يرد ; بل ورد المنع منه .
السادس : الوقف . ثم قيل : بمعنى لا أدري . وقيل : بمعنى أنه يقع التعارض في ذلك القدر الذي دل العموم على إثباته والخصوص على نفيه ، ويجري اللفظ العام من الكتاب . في بقية مسمياته ، لأن الكتاب أصله قطعي ، وفحواه مظنون ، وخبر الواحد عكسه ، فيتعارضان ، فلا رجحان ، فيجب الوقف .
وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11939القاضي أبي بكر في التقريب " ، وحكاه عنه
إمام الحرمين في التلخيص "
وإلكيا الطبري : وقال هو متجه جدا ، ولكن الصحيح الجواز ، لإجماع الصحابة عليه في مسائل ، كنفي ميراث القاتل بقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31587لا يرث القاتل } ، مع قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يوصيكم الله } والنهي عن الجمع بين [ المرأة وعمتها ] مع قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24وأحل لكم ما وراء ذلكم } إلى غير ذلك . وغاية المخالف أن يقول : لعل الخبر كان متواترا عندهم ، ثم استغنى عنه فصار آحادا ، فقيل لهم : قد روى
الصديق ; {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62476إنا معشر الأنبياء لا نورث } وطرحوا به ميراث
nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة ( رضي الله عنها ) ، فقالوا : كانوا علموا ذلك ، وإنما ذكرهم
الصديق . قلنا : لو كان متواترا لم يخف على
nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة . ا هـ . تنبيهان
الأول : يجب على أصل القاضي أن يجزم بالتخصيص ، لأن القياس عنده مساو لعموم الكتاب لوقوفه في تخصيصه له كما سيأتي ، فكيف يساوي هو ما دونه ؟
[ ص: 488 ]
الثاني : ذكر
ابن السمعاني أن الخلاف في أخبار الآحاد التي [ لا ] تجمع الأمة على العمل بها ، أما ما أجمعوا عليه ، كقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62477لا ميراث لقاتل ، ولا وصية لوارث } وكنهيه عن الجمع ، فيجوز تخصيص العموم به قطعا ، ويصير ذلك كالتخصيص بالمتواتر لانعقاد الإجماع على حكمها ، ولا يضير عدم انعقاده على روايتها . وقد سبق في كلام
nindex.php?page=showalam&ids=16392الأستاذ أبي منصور ذلك أيضا ، فإنه ألحق هذا القسم بالمتواتر . وقال
ابن كج في كتابه : خبر الواحد يخص به ظاهر الكتاب عندنا ، إذا كان لم يجتمع على تخصيصه كآية الرضاع ، فإن أجمع على تخصيصه جاز أن يقضى عليه بخبر الواحد فيما عدا ما أجمعوا عليه كآية السرقة وذهب قوم إلى أنه لا يجوز .
[ ص: 482 ] الْبَحْثُ الثَّانِي فِي
nindex.php?page=treesubj&link=21256تَخْصِيصِ الْمَقْطُوعِ بِالْمَظْنُونِ
وَفِيهِ مَسَائِلُ : الْأَوَّلُ : يَجُوزُ
nindex.php?page=treesubj&link=21257تَخْصِيصُ عُمُومِ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ ، وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ ، فَإِنَّ الْخَبَرَ يَتَسَلَّطُ عَلَى فَحْوَاهُ ، وَفَحْوَاهُ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِهِ . قَالَ
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ : وَمَنْ شَكَّ أَنَّ
الصِّدِّيقَ لَوْ رَوَى خَبَرًا عَنْ
الْمُصْطَفَى فِي تَخْصِيصِ عُمُومِ الْكِتَابِ لَابْتَدَرَهُ الصَّحَابَةُ قَاطِبَةً بِالْقَبُولِ ، فَلَيْسَ عَلَى دِرَايَةٍ فِي قَاعِدَةِ الْأَخْبَارِ .
وَاحْتَجَّ
ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي بَابِ الْأَخْبَارِ عَلَى الْجَوَازِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ ، فَإِنَّهُمْ خَصُّوا قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ } بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62476إنَّا مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ } فَإِنْ قَالُوا : إنَّ
فَاطِمَةَ ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ) طَلَبَتْ الْمِيرَاثَ ؟ قُلْنَا : إنَّمَا طَلَبَتْ النُّحْلَى لَا الْمِيرَاثَ وَخُصَّ الْمِيرَاثُ بِالْمُسْلِمِينَ عَمَلًا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31590لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ } وَخَصُّوا قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=275وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ [ ص: 483 ] الرِّبَا } [ بِمَا وَرَدَ ] عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ فِي بَيْعِ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْنِ . وَخَصُّوا قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ } بِخَبَرِ
nindex.php?page=showalam&ids=38عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي
الْمَجُوسِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=20452سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ }
وَالْمَجُوسُ مُشْرِكُونَ .
وَأَمَّا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ) : لَا نَدَعُ كِتَابَ اللَّهِ وَلَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا لِقَوْلِ امْرَأَةٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ لَا نَدَعُ كِتَابَ نَبِيِّنَا نَسْخًا ، فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ لِمَنْ خَصَّ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ . أَنَّهُ تَرَكَ الْقُرْآنَ ، وَإِنَّمَا يُقَالُ ذَلِكَ لِمَنْ ادَّعَى النَّسْخَ انْتَهَى .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : الْمَنْعُ مُطْلَقًا ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ ، كَمَا حَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11851أَبُو الْخَطَّابِ وَنَقَلَهُ
الْغَزَالِيُّ فِي الْمَنْخُولِ " عَنْ
الْمُعْتَزِلَةِ ، لِأَنَّ الْخَبَرَ لَا يُقْطَعُ بِأَصْلِهِ بِخِلَافِ الْقُرْآنِ ، وَنَقَلَهُ
ابْنُ بَرْهَانٍ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ
الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْفُقَهَاءِ . وَنَقَلَهُ
أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ
الْعِرَاقِ ، وَأَنَّهُمْ لِأَجْلِهِ مَنَعُوا الْحُكْمَ بِالْقُرْعَةِ ، وَبِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ . وَلَنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى
[ ص: 484 ] أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ نَبِيِّهِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُخَصِّصًا لِلظَّاهِرِ أَوْ مُبْتَدِئًا ، وَلَا مَعْنَى لِإِمْكَانِ التَّخْصِيصِ مَعَ الْقَوْلِ بِحُجِّيَّةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ قَالَ أَهْلُ
الْعِرَاقِ " بِهِ " فِي الْجُمْلَةِ وَخَالَفُونَا فِي التَّفْصِيلِ ، فَقَالُوا : وقَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30653لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا } وَهُوَ خَبَرُ وَاحِدٍ ، وَكَذَا قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا } الْآيَةَ فَقَالُوا : بِتَحْرِيمِ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ .
الثَّالِثُ : التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا دَخَلَهُ التَّخْصِيصُ ، وَمَا لَمْ يَدْخُلْهُ ، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْهُ يَبْقَى عَلَى حَقِيقَتِهِ ، وَمَا دَخَلَهُ بَقِيَ مَجَازًا ، وَضَعُفَتْ دَلَالَتُهُ ، وَنَقَلُوهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16739عِيسَى بْنِ أَبَانَ . وَهُوَ مُشْكِلٌ بِمَا سَبَقَ عَنْهُ مِنْ أَنَّ الْعَامَّ الْمَخْصُوصَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ حُجَّةً لَمْ يَبْقَ لِلْقَوْلِ بِتَخْصِيصِهِ فَائِدَةٌ ، إذْ فَائِدَةُ التَّخْصِيصِ بَيَانُ أَنَّ الصُّورَةَ الْمَخْصُوصَةَ لَا يَتَنَاوَلُهَا حُكْمُ الْعُمُومِ ، وَالتَّقْدِيرُ : لَمْ يَبْقَ لَهُ حُكْمٌ ، أَوْ لَهُ حُكْمٌ مُجْمَلٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ ، فَيَحْتَاجُ إلَى الْبَيَانِ ، فَكَيْفَ يَجْتَمِعُ الْقَوْلُ بِكَوْنِهِ لَا يَبْقَى حُجَّةً ، مَعَ قَوْلِهِ بِجَوَازِ تَخْصِيصِهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ، .
وَقَدْ حَكَى
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي التَّلْخِيصِ مِنْ كِتَابِ التَّقْرِيبِ " عَنْهُ أَنَّهُ إنْ خُصَّ بِقَطْعِيٍّ جَازَ تَخْصِيصُ بَاقِيهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ افْتِتَاحُ تَخْصِيصِهِ بِهِ . ثُمَّ قَالَ : وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ لَهُ قَدَّمْنَاهُ ، وَهُوَ أَنَّ الْعُمُومَ إذَا خُصَّ بَعْضُهُ صَارَ مُجْمَلًا فِي بَقِيَّةِ الْمُسَمَّيَاتِ لَا يُسَوِّغُ الِاسْتِدْلَالَ بِهِ فِيهَا . فَجُعِلَ الْخَبَرُ عَلَى التَّحْقِيقِ مُثْبِتًا حُكْمًا ابْتِدَاءً ، وَلَيْسَ سَبِيلُهُ سَبِيلَ التَّخْصِيصِ إذَا حَقَّقْته ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِدْلَال بِاللَّفْظِ الْمُجْمَلِ فِي عُمُومٍ وَلَا خُصُوصٍ قَبْلَ وُرُودِ الْخَبَرِ وَبَعْدَهُ . انْتَهَى .
[ ص: 485 ] وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي التَّقْرِيبِ "
لِلْقَاضِي وَإِنَّمَا حُكِيَ عَنْهُ تَجْوِيزُ
nindex.php?page=treesubj&link=21255_21254_21257تَخْصِيصِ الْعَامِّ الَّذِي أُجْمِعَ عَلَى تَخْصِيصِهِ ، أَوْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى تَخْصِيصِهِ بِكُلِّ وَجْهٍ ، لِأَنَّهُ بِالتَّخْصِيصِ حِينَئِذٍ مُجْمَلًا وَمَجَازًا ، فَيَجُوزُ لِذَلِكَ إعْمَالُ خَبَرِ الْوَاحِدِ فِي تَخْصِيصِ أَشْيَاءَ أُخَرَ مِنْهُ .
وَنَحْوُهُ قَوْلُ
الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ : إنْ كَانَتْ الْآيَةُ الْعَامَّةُ دَخَلَهَا التَّخْصِيصُ جَازَ تَخْصِيصُهَا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ، لِأَنَّهَا تَصِيرُ بِالتَّخْصِيصِ كَالْمُجْمَلَةِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ كَالْبَيَانِ وَبَيَانُ الْمُجْمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ يَجُوزُ .
وَقَالَ فِي الْمَحْصُولِ " : فَأَمَّا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16739عِيسَى بْنِ أَبَانَ nindex.php?page=showalam&ids=15071وَالْكَرْخِيِّ فَيُبْنَيَانِ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ ، وَهُوَ أَنَّ الْعَامَّ الْمَخْصُوصَ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16739عِيسَى مَجَازٌ ، وَالْمَخْصُوصَ بِالدَّلِيلِ الْمُنْفَصِلِ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=15071الْكَرْخِيِّ مَجَازٌ ، وَإِذَا صَارَ مَجَازًا صَارَتْ دَلَالَتُهُ مَظْنُونَةً ، وَمَتْنُهُ مَقْطُوعًا ، وَخَبَرُ الْوَاحِدِ مَتْنُهُ مَظْنُونٌ وَدَلَالَتُهُ مَقْطُوعَةٌ ، فَيَحْصُلُ التَّعَادُلُ . فَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْعُمُومِ ، فَيَكُونُ قَاطِعًا فِي مَتْنِهِ وَدَلَالَتِهِ ، فَلَا يُرَجَّحُ عَلَيْهِ الْمَظْنُونُ .
وَهَذَا الْمَأْخَذُ الَّذِي ذَكَرُوهُ تَرَدَّدَ فِيهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14330أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيَّ فِي أُصُولِهِ ، فَقَالَ : إنْ لَمْ يَثْبُتْ خُصُوصُهُ بِالِاتِّفَاقِ ، لَمْ يَجُزْ تَخْصِيصُهُ ، وَإِلَّا فَإِنْ ثَبَتَ وَاحْتَمَلَ اللَّفْظُ مَعَانِيَ وَاخْتَلَفَ
السَّلَفُ فِيهَا ، وَكَانَ اللَّفْظُ يَفْتَقِرُ عَلَى الْبَيَانِ جَازَ تَخْصِيصُهُ ، وَتَبْيِينُهُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ .
قَالَ : وَهَذَا عِنْدِي مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا ، وَعَلَيْهِ تَدُلُّ أُصُولُهُمْ وَمَسَائِلُهُمْ ، وَاحْتَجَّ بِكَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=16739عِيسَى بْنِ أَبَانَ ، وَذَكَرَهُ . قَالَ : فَنَصَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16739عِيسَى عَلَى أَنَّ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ خُصُوصُهُ بِالِاتِّفَاقِ لَا يُخَصُّ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ، ثُمَّ قَالَ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْعَامَّ إذَا خُصَّ سَقَطَ الِاسْتِدْلَال بِهِ فِيمَا عَدَا الْمَخْصُوصَ عَلَى مَا كَانَ يَذْهَبُ إلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=15071الْكَرْخِيّ ; وَيُحْتَمَلُ
[ ص: 486 ] أَنْ يَكُونَ مَذْهَبُهُ الْقَوْلَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ فِيمَا عَدَا الْمَخْصُوصَ ، لِأَنَّهُ أَجَازَ تَخْصِيصَ الْبَاقِي مَعَ ذَلِكَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ; لِأَنَّ مَا ثَبَتَ خُصُوصُهُ بِالِاتِّفَاقِ مِمَّا سَوَّغَ الِاجْتِهَادَ فِي تَرْكِ حُكْمِ اللَّفْظِ لِأَنَّهُ صَارَ مَجَازًا ، أَمَّا إذَا كَانَ اللَّفْظُ مُحْتَمِلًا لِمَعَانٍ فَيُقْبَلُ خَبَرُ الْوَاحِدِ فِي إثْبَاتِ الْمُرَادِ بِهِ . انْتَهَى .
وَنَقَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16392الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16739عِيسَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ عُمُومُ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ خُصَّ بِالْإِجْمَاعِ فَيُزَادُ فِي تَخْصِيصِهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ . قَالَ : وَقَالَ : وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=21257كَانَتْ الْآيَةُ مُجْمَلَةً ، وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي تَأْوِيلِهَا ، قُبِلَ خَبَرُ الْوَاحِدِ فِي تَفْسِيرِهَا وَتَخْصِيصِهَا .
وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ : لَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=21257الْعَامَّ إذَا خُصَّ مِنْهُ شَيْءٌ بِدَلِيلٍ مُقَارِنٍ جَازَ تَخْصِيصُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَرَاخِيًا ، وَأَمَّا الْعَامُّ الَّذِي لَمْ يُخَصَّ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ ابْتِدَاءً بِدَلِيلٍ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=15071الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ ، وَعَامَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا ، وَعِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ مُتَرَاخِيًا ابْتِدَاءً ، كَمَا يَجُوزُ مُتَّصِلًا
قَالَ : وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ جَوَازِ التَّخْصِيصِ بِالْمُتَأَخِّرِ أَنَّ الْمُتَأَخِّرَ لَا يَكُونُ بَيَانًا ; فَإِنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْعَامِّ بَعْضُهُ ابْتِدَاءً كَمَا هُوَ شَأْنُ التَّخْصِيصِ ; بَلْ يَكُونُ نَاسِخًا لِبَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِإِخْرَاجِهِ عَنْ حُكْمِ الْعَامِّ ; بَلْ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِيهِ مُقْتَصِرًا عَلَى الْحَالِ .
الرَّابِعُ : إنْ
nindex.php?page=treesubj&link=21239_21244_21238كَانَ التَّخْصِيصُ بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ جَازَ ، وَإِنْ كَانَ بِمُتَّصِلٍ فَلَا ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15071الْكَرْخِيّ ، لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ بِمُنْفَصِلٍ يُصَيِّرُهُ مَجَازًا عَلَى مَذْهَبِهِ ، فَتَضْعُفُ دَلَالَتُهُ ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَمَا قَالَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ دَلَالَةَ الْعَامِّ عَلَى أَفْرَادِهِ قَطْعِيَّةٌ ، فَإِنْ قُلْنَا : ظَنِّيَّةٌ جَازَ التَّخْصِيصُ بِهِ ، وَلِهَذَا قَالَ
ابْنُ السَّمْعَانِيِّ :
[ ص: 487 ] مَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16739ابْنُ أَبَانَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ لَا نُوَافِقُهُ عَلَيْهِ
الْخَامِسُ : يَجُوزُ التَّعَبُّدُ بِوُرُودِهِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَدَّ لَكِنَّهُ لَمْ يَقَعْ ، حَكَاهُ
الْقَاضِي فِي التَّقْرِيبِ " وَحَكَى قَوْلًا آخَرَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ ; بَلْ وَرَدَ الْمَنْعُ مِنْهُ .
السَّادِسُ : الْوَقْفُ . ثُمَّ قِيلَ : بِمَعْنَى لَا أَدْرِي . وَقِيلَ : بِمَعْنَى أَنَّهُ يَقَعُ التَّعَارُضُ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ الَّذِي دَلَّ الْعُمُومُ عَلَى إثْبَاتِهِ وَالْخُصُوصُ عَلَى نَفْيِهِ ، وَيَجْرِي اللَّفْظُ الْعَامُّ مِنْ الْكِتَابِ . فِي بَقِيَّةِ مُسَمَّيَاتِهِ ، لِأَنَّ الْكِتَابَ أَصْلُهُ قَطْعِيٌّ ، وَفَحْوَاهُ مَظْنُونٌ ، وَخَبَرُ الْوَاحِدِ عَكْسُهُ ، فَيَتَعَارَضَانِ ، فَلَا رُجْحَانَ ، فَيَجِبُ الْوَقْفُ .
وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11939الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ فِي التَّقْرِيبِ " ، وَحَكَاهُ عَنْهُ
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي التَّلْخِيصِ "
وَإِلْكِيَا الطَّبَرِيِّ : وَقَالَ هُوَ مُتَّجَهٌ جِدًّا ، وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ الْجَوَازُ ، لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ فِي مَسَائِلَ ، كَنَفْيِ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ بِقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31587لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ } ، مَعَ قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=11يُوصِيكُمْ اللَّهُ } وَالنَّهْيُ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ [ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا ] مَعَ قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=24وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } إلَى غَيْرِ ذَلِكَ . وَغَايَةُ الْمُخَالِفِ أَنْ يَقُولَ : لَعَلَّ الْخَبَرَ كَانَ مُتَوَاتِرًا عِنْدَهُمْ ، ثُمَّ اسْتَغْنَى عَنْهُ فَصَارَ آحَادًا ، فَقِيلَ لَهُمْ : قَدْ رَوَى
الصِّدِّيقُ ; {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62476إنَّا مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ } وَطَرَحُوا بِهِ مِيرَاثَ
nindex.php?page=showalam&ids=129فَاطِمَةَ ( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ) ، فَقَالُوا : كَانُوا عَلِمُوا ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا ذَكَّرَهُمْ
الصِّدِّيقُ . قُلْنَا : لَوْ كَانَ مُتَوَاتِرًا لَمْ يَخْفَ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=129فَاطِمَةَ . ا هـ . تَنْبِيهَانِ
الْأَوَّلُ : يَجِبُ عَلَى أَصْلِ الْقَاضِي أَنْ يَجْزِمَ بِالتَّخْصِيصِ ، لِأَنَّ الْقِيَاسَ عِنْدَهُ مُسَاوٍ لِعُمُومِ الْكِتَابِ لِوُقُوفِهِ فِي تَخْصِيصِهِ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي ، فَكَيْفَ يُسَاوِي هُوَ مَا دُونَهُ ؟
[ ص: 488 ]
الثَّانِي : ذَكَرَ
ابْنُ السَّمْعَانِيِّ أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَخْبَارِ الْآحَادِ الَّتِي [ لَا ] تُجْمِعُ الْأُمَّةُ عَلَى الْعَمَلِ بِهَا ، أَمَّا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ ، كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62477لَا مِيرَاثَ لِقَاتِلٍ ، وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ } وَكَنَهْيِهِ عَنْ الْجَمْعِ ، فَيَجُوزُ تَخْصِيصُ الْعُمُومِ بِهِ قَطْعًا ، وَيَصِيرُ ذَلِكَ كَالتَّخْصِيصِ بِالْمُتَوَاتِرِ لِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى حُكْمِهَا ، وَلَا يَضِيرُ عَدَمُ انْعِقَادِهِ عَلَى رِوَايَتِهَا . وَقَدْ سَبَقَ فِي كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=16392الْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ ذَلِكَ أَيْضًا ، فَإِنَّهُ أَلْحَقَ هَذَا الْقِسْمَ بِالْمُتَوَاتِرِ . وَقَالَ
ابْنُ كَجٍّ فِي كِتَابِهِ : خَبَرُ الْوَاحِدِ يُخَصُّ بِهِ ظَاهِرُ الْكِتَابِ عِنْدَنَا ، إذَا كَانَ لَمْ يَجْتَمِعْ عَلَى تَخْصِيصِهِ كَآيَةِ الرَّضَاعِ ، فَإِنْ أُجْمِعَ عَلَى تَخْصِيصِهِ جَازَ أَنْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِيمَا عَدَا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ كَآيَةِ السَّرِقَةِ وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ .