[ ص: 148 ] فصل . في أنواعه النوع الأول
nindex.php?page=treesubj&link=20809مفهوم اللقب
وهو تعليق الحكم بالاسم العلم ، نحو : قام زيد ، أو اسم نوع ، نحو : في الغنم زكاة ، فلا يدل على نفي الحكم عما عداه ، وقد نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، كما قاله في " البرهان " ، وقال
الأستاذ أبو إسحاق لم يختلف قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابه فيه . وخالف فيه
أبو بكر الدقاق ، وبه اشتهر ، وزعم
ابن الرفعة وغيره أنه لم يقل به من أصحابنا غيره ، وليس كذلك ، فقد قال
سليم في " التقريب " : ثار إليه
الدقاق وغيره من أصحابنا ، ورأيت في كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابن فورك حكايته عن بعض أصحابنا ، ثم قال : وهو الأصح . وقال
إلكيا الطبري في " التلويح " : إن
nindex.php?page=showalam&ids=13428أبا بكر بن فورك كان يميل إليه ، ويقول : إنه الأظهر والأقيس . وحكاه
السهيلي في " نتائج الفكر " عن
nindex.php?page=showalam&ids=14667أبي بكر الصيرفي ، ولعله تحرف عليه
بالدقاق ، ونقله
عبد العزيز في التحقيق عن
nindex.php?page=showalam&ids=11975أبي حامد المروزي ، والمعروف عن
nindex.php?page=showalam&ids=11975أبي حامد المروزي إنكار القول بالمفهوم مطلقا .
[ ص: 149 ] وقال
إمام الحرمين في أوائل المفهوم في " البرهان " : ما صار إليه
الدقاق صار إليه طوائف من أصحابنا ، ونقله
أبو الخطاب الحنبلي في " التمهيد " عن منصوص
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد . قال : وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وداود ، وبعض الشافعية . ا هـ .
وقال
المازري أشير إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك القول به لاستدلاله في " المدونة " على عدم إجزاء الأضحية إذا ذبحت ليلا بقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28ويذكروا اسم الله في أيام معلومات } قال : فذكر الأيام ولم يذكر الليالي ، ونقل القول به عن
ابن خويز منداد ،
والباجي ،
وابن القصار . وحكى
ابن برهان في " الوجيز " قولا ثالثا عن بعض علمائنا ، وهو الفرق بين أسماء الأنواع فيدل على نفيه عما عداه ، نحو : في السود من النعم الزكاة ، وبين أسماء الأشخاص ، إلا أن مدلول أسماء الأنواع أكثر ، وهما في الدلالة متساويان . وحكى
ابن حمدان ،
وأبو يعلى من الحنابلة قولا رابعا ، وهو الفرق بين أن تدل قرينة فيكون حجة ، كقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=17710جعلت لي الأرض مسجدا وتربتها طهورا } إذ قرينة الامتنان تقتضي الحصر فيه .
قال
إمام الحرمين : وقد سفه الأصوليون
الدقاق ، ومن قال بمقالته ، وقالوا : هذا خروج عن حكم اللسان ، فإن من قال : رأيت زيدا لم يقتض أنه لم ير غيره قطعا ، ولإجماع العلماء على جواز التعليل والقياس ، فهو يقتضي أن تخصيص الربا بالاسم لا يدل على نفيه عما عداه ، ولو قلنا به بطل القياس .
[ ص: 150 ]
قال : وعندي أن المبالغة في الرد عليه سرف ، لأنه لا يظن بعاقل التخصيص بالذكر من غير غرض . ثم اختار
إمام الحرمين أن التخصيص بالاسم يتضمن غرضا مبهما ، ولا يتعين انتفاء غير المذكور .
ثم قال : وأنا أقول وراء ذلك ، لا يجوز أن يكون من غرض المتكلم في التخصيص نفي ما عدا المسمى بلقبه ، فإن الإنسان لا يقول : رأيت زيدا ، وهو يريد الإشعار بأنه لم ير غيره . فإن هو أراد ذلك قال : إنما رأيت زيدا ، وما رأيت إلا زيدا ، وحاصله أن التخصيص باللقب يتضمن غرضا مبهما ، ولا يتضمن انتفاء الحكم في المسكوت .
والدقاق يقول : يتضمن غرضا معينا . واختار
الغزالي في " المنخول " أنه حجة مع قرائن الأحوال . قال : ولهذا رددنا على
ابن الماجشون في تعليله تخصيص الأربعة في الربا بالذكر ، حيث علل الربا بالمالية العامة ، إن قلنا : لم تكن الأشياء الأربعة غالب ما يعامل به ، وكان [
الحجاز مصب التجار ] في الأعصار الخالية ، فلو ارتبط الحكم بالمالية لكان التنصيص عليها أسهل من التخصيص ، كما في العارية {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21691على اليد ما أخذت حتى تؤديه } فكان هذا مأخوذا من قرائن الأحوال مع التخصيص باللقب . وهاهنا أمور مهمة : أحدها : أن
الأستاذ أبا إسحاق الإسفراييني قال في كتابه " شرح الترتيب " : إن
أبا عبد الله البصري ألزم
الدقاق ذلك في مجلس النظر فالتزمه .
قال : وكنا نكلمه في هذا في الدرس ، فألزمناه أنه إذا قال له : صم ، يجب
[ ص: 151 ] أن يدل على منع الصلاة . وإذا قال : صل ، يجب أن يمتنع من الصوم والزكاة والحج وغيرها من العبادات . فقال كذلك أقول . فقلنا : إذا قال لواحد من جملة القوم : يا زيد تعال ، ينبغي أن لا يجوز للباقين أن يأتوه . قال : كذلك أقول : فقلنا : إذا وصلنا إلى هذا سقط الكلام . قال
الأستاذ : وهذا الذي ركبه خلاف الإجماع ، وليس مما يتخالج لقبوله في القلوب وجه عند العقلاء ألبتة . قال : ولو تصور دليل الخطاب لم يصر إلى ذلك ، ثم ذكر أن صورته أن يذكر الشيء بلفظه العام مقيدا بأحد أوصافه ، نحو : اقتل
أهل الكتاب اليهود منهم .
قال : وكان
الدقاق إذا جرى له كلام في مثله يذكره في مجلس الدرس ، ويعيده ، ويتحجج له ، وينصره ، ورأيناه كأنه استحى من هذا القول الذي ركبه في دليل الخطاب ، فلم نره عاد إليه أو تكلم به في كتاب . ا هـ . وهذا يدل على رجوع
الدقاق عن هذا الرأي أو توقفه فيه . وليس ما ألزم به
الدقاق بعجيب ، لأنه يقول : أقول بذلك ما لم يقم دليل النطق بخلافه .
الأمر الثاني : إطلاق أن مفهوم اللقب ليس بحجة مطلقا قد استشكل ، فإن أصحابنا قد قالوا به في مواضع واحتجوا به كاحتجاجهم في تعيين الماء في إزالة النجاسة بحديث : ( حتيه ثم اقرصيه بالماء ) . وعلى تعيين التراب بالتيمم بقوله : ( وتربتها طهورا ) . والحق أن ذلك ليس من اللقب ، بل من قاعدة أخرى ، وهي أنه متى انتقل من الاسم العام إلى الخاص أفاد المخالفة ، فلما ترك الاسم العام وهو الأرض إلى الخاص وهو التراب ، جعل دليلا . وأما في الاسم فلأن امتثال المأمور لا يحصل إلا بالمعين . وقال في " شرح الإلمام " : الأمر إذا تعلق بشيء بعينه لا يقع الامتثال إلا بذلك الشيء ، لأنه قبل فعله لم يأت بما أمر به ، فلا يخرج عن العهدة ، وسواء كان الذي تناوله الأمر صفة أو لقبا عندنا لما ذكرناه من توقف الامتثال عليه
[ ص: 152 ] وكان بعض أصحابنا قد اعترض في مسألة تعيين الماء في النجاسة بقوله عليه السلام : ( اغسليه بالماء ) بأنه حكم علق بلقب ، ومفهوم اللقب ليس بحجة . فيقال عليه : متعلق الأمر لا بد له منه لضرورة الامتثال ، ولا نظر هنا لكونه لقبا أو صفة ، وإنما يفرق بينهما في محل الحكم ، وهو الدم مثلا . فلا يقال : إنه يدل على أن غير الدم يجوز غسله بغير الماء ، عملا بالمفهوم ، لأن الدم لقب لا يدل على انتفاء الحكم عما عداه . ا هـ .
وقال
الشريف المرتضى في " الذريعة " : احتجوا على أن غير الماء لا يطهر بقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=48وأنزلنا من السماء ماء طهورا } . فنقول : الحكم غير الماء ، وهو متعلق بالاسم لا بالصفة ، ويمكن أن يكون من استدل بهذا إنما عول على أن الاسم يجري فيها مجرى الصفة ، لأن مطلق الاسم الماء ، يخالف اتصافه ، فأجري مجرى كون الإبل سائمة أو عاملة . والتحقيق أن يقال : إنه ليس بحجة ، إذا لم يوجد فيه رائحة التعليل ، فإن وجد كان حجة ، وقد أشار إلى ذلك
ابن دقيق العيد ، فقال في قوله : ( إذا
nindex.php?page=treesubj&link=11373_20809استأذنت أحدكم امرأته إلى المسجد فلا يمنعها ) يحتج به على أن الزوج يمنع امرأته من الخروج إلا بإذنه ، لأجل تخصيص النهي بالخروج للمساجد ، فيقتضي بمفهومه جواز المنع في غير المساجد ، ولا يقال : إنه مفهوم لقب ، لأن التعليل هنا موجود ; وهو أن المسجد فيه معنى مناسب وهو محل العبادة ، فلا يمنع من التعبد ، فلا يكون ذلك من مفهوم اللقب .
[ ص: 153 ] قلت : ولهذا ينفصل الجواب عن استدلالهم بالحديثين السابقين ، فإن في اختصاص إزالة النجاسة بالماء والتيمم بالتراب معنى لا يوجد في غيرهما .
وقال
الإبياري : ظن قوم أن المنفي مأخوذ من المفهوم وهو غلط . فإذا قال لوكيله : بع غانما ، لا يتمكن من بيع سالم ، لا لأجل النص على بيع غانم ، ولكنه لا يبيع إلا بإذن ، والحجر سابق ، والإذن قاصر ، فيبقى الحجر على ما كان عليه في غير محل الإذن .
قلت : قال الأصحاب : لو قال لوكيله : بع هذا من زيد ، تعين عليه بيعه منه . فلا يبيعه من غيره ، لأنه قد يكون للموكل غرض في تخصيصه ، لكون ماله أقرب إلى الحل ونحوه . ففيه رائحة التعليل ، فلهذا قلنا به . ولهذا قال
الماوردي : لو مات ذلك الشخص المعين بطلت الوكالة ، بخلاف ما لو امتنع من الشراء فإنه يجوز أن يرغب بعد ذلك . ولو
nindex.php?page=treesubj&link=14292_20809أوصى بأن تباع العين الفلانية من زيد ، فإن كانت محاباة صح ، وتعينت لأنه قربة ، وإن لم تكن محاباة فوجهان : أصحهما المنع ، لأنه لا قربة حينئذ . ولو
nindex.php?page=treesubj&link=11064_20809قالت المرأة للأولياء غير المجبرين : رضيت بأن أزوج من فلان ، فالصحيح أنه يكتفى به ، ولكل منهم تزويجها منه ، فلو عينت بعد ذلك واحدا ، فهل ينعزل الآخرون ؟ وجهان ، الصحيح عدم الانعزال . قال
الرافعي : وبناه بعضهم على أن
nindex.php?page=treesubj&link=20807المفهوم هل هو حجة أم لا ؟ ولو قال اليهودي :
عيسى رسول الله حكم بإسلامه ، ذكره
الرافعي في كتاب الردة .
قال : لأن المسلم لو جحد نبوته كفر . وحكاه
الإمام في كتاب الكفارات عن المحققين . قال
الرافعي ثم : والمشهور عند الجمهور خلافه ، وفي هذا نفي القول بمفهوم اللقب .
[ ص: 154 ]
الثالث : قال
ابن الحاج في تعليقه على " المستصفى " : ينبغي تحقق المراد باللقب . وليس المراد به المرتجل فقط ، بل المرتجل والمنقول من الصفات . وقد جعل
الغزالي منه : لا تبيعوا الطعام بالطعام ، لأن الطعام لقب لجنسه ، وإن كان مشتقا مما يطعم إذ لا يدرك فرق بين قوله : في الغنم زكاة ، وفي الماشية زكاة ، وإن كانت " الماشية " مشتقة . ا هـ . وما ذكره
الغزالي من إلحاق الاسم المشتق الدال على الجنس باللقب تبعه عليه
الآمدي ، لأن الصفة فيه ليست متخيلة ، إذ الطعام لا يناسب حكم الربا . لكن قال
nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب : يلحق بالصفة الصريحة وجها واحدا ، لأن المشتق يتضمن صفة . وجزم به
سليم في " التقريب " ، وجعل
الآمدي اسم الجنس والعلم من باب مفهوم اللقب . قال : لتخصيص الربويات الستة بتحريم التفاضل ، وقولنا : زيد عالم . وقال
القرافي : قال
التبريزي : اللقب كالأعلام ، وألحق بها أسماء الأجناس . قال : وغيره أطلق في الجميع ، كأنه يشير
للآمدي .
[ ص: 148 ] فَصْلٌ . فِي أَنْوَاعِهِ النَّوْعُ الْأَوَّلُ
nindex.php?page=treesubj&link=20809مَفْهُومُ اللَّقَبِ
وَهُوَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالِاسْمِ الْعَلَمِ ، نَحْوُ : قَامَ زَيْدٌ ، أَوْ اسْمِ نَوْعٍ ، نَحْوُ : فِي الْغَنَمِ زَكَاةٌ ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ، كَمَا قَالَهُ فِي " الْبُرْهَانِ " ، وَقَالَ
الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابُهُ فِيهِ . وَخَالَفَ فِيهِ
أَبُو بَكْرٍ الدَّقَّاقُ ، وَبِهِ اُشْتُهِرَ ، وَزَعَمَ
ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا غَيْرُهُ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، فَقَدْ قَالَ
سُلَيْمٌ فِي " التَّقْرِيبِ " : ثَارَ إلَيْهِ
الدَّقَّاقُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا ، وَرَأَيْت فِي كِتَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابْنِ فُورَكٍ حِكَايَتَهُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا ، ثُمَّ قَالَ : وَهُوَ الْأَصَحُّ . وَقَالَ
إلْكِيَا الطَّبَرِيِّ فِي " التَّلْوِيحِ " : إنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13428أَبَا بَكْرِ بْنَ فُورَكٍ كَانَ يَمِيلُ إلَيْهِ ، وَيَقُولُ : إنَّهُ الْأَظْهَرُ وَالْأَقْيَسُ . وَحَكَاهُ
السُّهَيْلِيُّ فِي " نَتَائِجِ الْفِكْرِ " عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14667أَبِي بَكْرٍ الصَّيْرَفِيِّ ، وَلَعَلَّهُ تَحَرَّفَ عَلَيْهِ
بِالدَّقَّاقِ ، وَنَقَلَهُ
عَبْدُ الْعَزِيزِ فِي التَّحْقِيقِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11975أَبِي حَامِدٍ الْمَرْوَزِيِّ ، وَالْمَعْرُوفُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11975أَبِي حَامِدٍ الْمَرْوَزِيِّ إنْكَارُ الْقَوْلِ بِالْمَفْهُومِ مُطْلَقًا .
[ ص: 149 ] وَقَالَ
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي أَوَائِلِ الْمَفْهُومِ فِي " الْبُرْهَانِ " : مَا صَارَ إلَيْهِ
الدَّقَّاقُ صَارَ إلَيْهِ طَوَائِفُ مِنْ أَصْحَابِنَا ، وَنَقَلَهُ
أَبُو الْخَطَّابِ الْحَنْبَلِيُّ فِي " التَّمْهِيدِ " عَنْ مَنْصُوصِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ . قَالَ : وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وَدَاوُد ، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ . ا هـ .
وَقَالَ
الْمَازِرِيُّ أُشِيرَ إلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ الْقَوْلُ بِهِ لِاسْتِدْلَالِهِ فِي " الْمُدَوَّنَةِ " عَلَى عَدَمِ إجْزَاءِ الْأُضْحِيَّةِ إذَا ذُبِحَتْ لَيْلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=28وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ } قَالَ : فَذَكَرَ الْأَيَّامَ وَلَمْ يَذْكُرْ اللَّيَالِي ، وَنُقِلَ الْقَوْلُ بِهِ عَنْ
ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ ،
وَالْبَاجِيِّ ،
وَابْنِ الْقَصَّارِ . وَحَكَى
ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْوَجِيزِ " قَوْلًا ثَالِثًا عَنْ بَعْضِ عُلَمَائِنَا ، وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ أَسْمَاءِ الْأَنْوَاعِ فَيَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ ، نَحْوُ : فِي السُّودِ مِنْ النَّعَمِ الزَّكَاةُ ، وَبَيْنَ أَسْمَاءِ الْأَشْخَاصِ ، إلَّا أَنَّ مَدْلُولَ أَسْمَاءِ الْأَنْوَاعِ أَكْثَرُ ، وَهُمَا فِي الدَّلَالَةِ مُتَسَاوِيَانِ . وَحَكَى
ابْنُ حَمْدَانَ ،
وَأَبُو يَعْلَى مِنْ الْحَنَابِلَةِ قَوْلًا رَابِعًا ، وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ فَيَكُونَ حُجَّةً ، كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=17710جُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا } إذْ قَرِينَةُ الِامْتِنَانِ تَقْتَضِي الْحَصْرَ فِيهِ .
قَالَ
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ : وَقَدْ سَفَّهُ الْأُصُولِيُّونَ
الدَّقَّاقَ ، وَمَنْ قَالَ بِمَقَالَتِهِ ، وَقَالُوا : هَذَا خُرُوجٌ عَنْ حُكْمِ اللِّسَانِ ، فَإِنَّ مَنْ قَالَ : رَأَيْت زَيْدًا لَمْ يَقْتَضِ أَنَّهُ لَمْ يَرَ غَيْرَهُ قَطْعًا ، وَلِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى جَوَازِ التَّعْلِيلِ وَالْقِيَاسِ ، فَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ تَخْصِيصَ الرِّبَا بِالِاسْمِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا عَدَاهُ ، وَلَوْ قُلْنَا بِهِ بَطَلَ الْقِيَاسُ .
[ ص: 150 ]
قَالَ : وَعِنْدِي أَنَّ الْمُبَالَغَةَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ سَرَفٌ ، لِأَنَّهُ لَا يُظَنُّ بِعَاقِلٍ التَّخْصِيصُ بِالذِّكْرِ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ . ثُمَّ اخْتَارَ
إمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَنَّ التَّخْصِيصَ بِالِاسْمِ يَتَضَمَّنُ غَرَضًا مُبْهَمًا ، وَلَا يَتَعَيَّنُ انْتِفَاءُ غَيْرِ الْمَذْكُورِ .
ثُمَّ قَالَ : وَأَنَا أَقُولُ وَرَاءَ ذَلِكَ ، لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُون مِنْ غَرَضِ الْمُتَكَلِّمِ فِي التَّخْصِيصِ نَفْيُ مَا عَدَا الْمُسَمَّى بِلَقَبِهِ ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَقُولُ : رَأَيْت زَيْدًا ، وَهُوَ يُرِيدُ الْإِشْعَارَ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَ غَيْرَهُ . فَإِنْ هُوَ أَرَادَ ذَلِكَ قَالَ : إنَّمَا رَأَيْت زَيْدًا ، وَمَا رَأَيْت إلَّا زَيْدًا ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّخْصِيصَ بِاللَّقَبِ يَتَضَمَّنُ غَرَضًا مُبْهَمًا ، وَلَا يَتَضَمَّنُ انْتِفَاءَ الْحُكْمِ فِي الْمَسْكُوتِ .
وَالدَّقَّاقُ يَقُولُ : يَتَضَمَّنُ غَرَضًا مُعَيَّنًا . وَاخْتَارَ
الْغَزَالِيُّ فِي " الْمَنْخُولِ " أَنَّهُ حُجَّةٌ مَعَ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ . قَالَ : وَلِهَذَا رَدَدْنَا عَلَى
ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي تَعْلِيلِهِ تَخْصِيصَ الْأَرْبَعَةِ فِي الرِّبَا بِالذِّكْرِ ، حَيْثُ عَلَّلَ الرِّبَا بِالْمَالِيَّةِ الْعَامَّةِ ، إنْ قُلْنَا : لَمْ تَكُنْ الْأَشْيَاءُ الْأَرْبَعَةُ غَالِبَ مَا يُعَامَلُ بِهِ ، وَكَانَ [
الْحِجَازُ مَصَبَّ التُّجَّارِ ] فِي الْأَعْصَارِ الْخَالِيَةِ ، فَلَوْ ارْتَبَطَ الْحُكْمُ بِالْمَالِيَّةِ لَكَانَ التَّنْصِيصُ عَلَيْهَا أَسْهَلَ مِنْ التَّخْصِيصِ ، كَمَا فِي الْعَارِيَّةِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21691عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ } فَكَانَ هَذَا مَأْخُوذًا مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ مَعَ التَّخْصِيصِ بِاللَّقَبِ . وَهَاهُنَا أُمُورٌ مُهِمَّةٌ : أَحَدُهَا : أَنَّ
الْأُسْتَاذَ أَبَا إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ قَالَ فِي كِتَابِهِ " شَرْحِ التَّرْتِيبِ " : إنَّ
أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيَّ أَلْزَمَ
الدَّقَّاقَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسِ النَّظَرِ فَالْتَزَمَهُ .
قَالَ : وَكُنَّا نُكَلِّمُهُ فِي هَذَا فِي الدَّرْسِ ، فَأَلْزَمْنَاهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ : صُمْ ، يَجِبُ
[ ص: 151 ] أَنْ يَدُلَّ عَلَى مَنْعِ الصَّلَاةِ . وَإِذَا قَالَ : صَلِّ ، يَجِبُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ . فَقَالَ كَذَلِكَ أَقُولُ . فَقُلْنَا : إذَا قَالَ لِوَاحِدٍ مِنْ جُمْلَةِ الْقَوْمِ : يَا زَيْدُ تَعَالَ ، يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لِلْبَاقِينَ أَنْ يَأْتُوهُ . قَالَ : كَذَلِكَ أَقُولُ : فَقُلْنَا : إذَا وَصَلْنَا إلَى هَذَا سَقَطَ الْكَلَامُ . قَالَ
الْأُسْتَاذُ : وَهَذَا الَّذِي رَكَّبَهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ ، وَلَيْسَ مِمَّا يَتَخَالَجُ لِقَبُولِهِ فِي الْقُلُوبِ وَجْهٌ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ أَلْبَتَّةَ . قَالَ : وَلَوْ تَصَوَّرَ دَلِيلَ الْخِطَابِ لَمْ يَصِرْ إلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ صُورَتَهُ أَنْ يَذْكُرَ الشَّيْءَ بِلَفْظِهِ الْعَامِّ مُقَيَّدًا بِأَحَدِ أَوْصَافِهِ ، نَحْوُ : اُقْتُلْ
أَهْلَ الْكِتَابِ الْيَهُودَ مِنْهُمْ .
قَالَ : وَكَانَ
الدَّقَّاقُ إذَا جَرَى لَهُ كَلَامٌ فِي مِثْلِهِ يَذْكُرُهُ فِي مَجْلِسِ الدَّرْسِ ، وَيُعِيدُهُ ، وَيَتَحَجَّجُ لَهُ ، وَيَنْصُرُهُ ، وَرَأَيْنَاهُ كَأَنَّهُ اسْتَحَى مِنْ هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي رَكَّبَهُ فِي دَلِيلِ الْخِطَابِ ، فَلَمْ نَرَهُ عَادَ إلَيْهِ أَوْ تَكَلَّمَ بِهِ فِي كِتَابٍ . ا هـ . وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِ
الدَّقَّاقِ عَنْ هَذَا الرَّأْيِ أَوْ تَوَقُّفِهِ فِيهِ . وَلَيْسَ مَا أُلْزِمَ بِهِ
الدَّقَّاقُ بِعَجِيبٍ ، لِأَنَّهُ يَقُولُ : أَقُولُ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلُ النُّطْقِ بِخِلَافِهِ .
الْأَمْرُ الثَّانِي : إطْلَاقُ أَنَّ مَفْهُومَ اللَّقَبِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ مُطْلَقًا قَدْ اسْتَشْكَلَ ، فَإِنَّ أَصْحَابَنَا قَدْ قَالُوا بِهِ فِي مَوَاضِعَ وَاحْتَجُّوا بِهِ كَاحْتِجَاجِهِمْ فِي تَعْيِينِ الْمَاءِ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِحَدِيثِ : ( حُتِّيهِ ثُمَّ اُقْرُصِيهِ بِالْمَاءِ ) . وَعَلَى تَعْيِينِ التُّرَابِ بِالتَّيَمُّمِ بِقَوْلِهِ : ( وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا ) . وَالْحَقُّ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ اللَّقَبِ ، بَلْ مِنْ قَاعِدَةٍ أُخْرَى ، وَهِيَ أَنَّهُ مَتَى انْتَقَلَ مِنْ الِاسْمِ الْعَامِّ إلَى الْخَاصِّ أَفَادَ الْمُخَالَفَةَ ، فَلَمَّا تَرَكَ الِاسْمَ الْعَامَّ وَهُوَ الْأَرْضُ إلَى الْخَاصِّ وَهُوَ التُّرَابُ ، جُعِلَ دَلِيلًا . وَأَمَّا فِي الِاسْمِ فَلِأَنَّ امْتِثَالَ الْمَأْمُورِ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْمُعَيَّنِ . وَقَالَ فِي " شَرْحِ الْإِلْمَامِ " : الْأَمْرُ إذَا تَعَلَّقَ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ لَا يَقَعُ الِامْتِثَالُ إلَّا بِذَلِكَ الشَّيْءِ ، لِأَنَّهُ قَبْلَ فِعْلِهِ لَمْ يَأْتِ بِمَا أُمِرَ بِهِ ، فَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ ، وَسَوَاءٌ كَانَ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الْأَمْرُ صِفَةً أَوْ لَقَبًا عِنْدَنَا لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَوَقُّفِ الِامْتِثَالِ عَلَيْهِ
[ ص: 152 ] وَكَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا قَدْ اعْتَرَضَ فِي مَسْأَلَةِ تَعْيِينِ الْمَاءِ فِي النَّجَاسَةِ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : ( اغْسِلِيهِ بِالْمَاءِ ) بِأَنَّهُ حُكْمٌ عُلِّقَ بِلَقَبٍ ، وَمَفْهُومُ اللَّقَبِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ . فَيُقَالُ عَلَيْهِ : مُتَعَلِّقُ الْأَمْرِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ لِضَرُورَةِ الِامْتِثَالِ ، وَلَا نَظَرَ هُنَا لِكَوْنِهِ لَقَبًا أَوْ صِفَةً ، وَإِنَّمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فِي مَحَلِّ الْحُكْمِ ، وَهُوَ الدَّمُ مَثَلًا . فَلَا يُقَالُ : إنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَ الدَّمِ يَجُوزُ غَسْلُهُ بِغَيْرِ الْمَاءِ ، عَمَلًا بِالْمَفْهُومِ ، لِأَنَّ الدَّمَ لَقَبٌ لَا يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ . ا هـ .
وَقَالَ
الشَّرِيفُ الْمُرْتَضَى فِي " الذَّرِيعَةِ " : احْتَجُّوا عَلَى أَنَّ غَيْرَ الْمَاءِ لَا يُطَهِّرُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=48وَأَنْزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا } . فَنَقُولُ : الْحُكْمُ غَيْرُ الْمَاءِ ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالِاسْمِ لَا بِالصِّفَةِ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَنْ اسْتَدَلَّ بِهَذَا إنَّمَا عُوِّلَ عَلَى أَنَّ الِاسْمَ يَجْرِي فِيهَا مَجْرَى الصِّفَةِ ، لِأَنَّ مُطْلَقَ الِاسْمِ الْمَاءُ ، يُخَالِفُ اتِّصَافَهُ ، فَأُجْرِيَ مَجْرَى كَوْنِ الْإِبِلِ سَائِمَةً أَوْ عَامِلَةً . وَالتَّحْقِيقُ أَنْ يُقَالَ : إنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ ، إذَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ رَائِحَةُ التَّعْلِيلِ ، فَإِنْ وُجِدَ كَانَ حُجَّةً ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ
ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ ، فَقَالَ فِي قَوْلِهِ : ( إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=11373_20809اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمْ امْرَأَتُهُ إلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يَمْنَعْهَا ) يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يَمْنَعُ امْرَأَتَهُ مِنْ الْخُرُوجِ إلَّا بِإِذْنِهِ ، لِأَجْلِ تَخْصِيصِ النَّهْيِ بِالْخُرُوجِ لِلْمَسَاجِدِ ، فَيَقْتَضِي بِمَفْهُومِهِ جَوَازُ الْمَنْعِ فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ ، وَلَا يُقَالُ : إنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ ، لِأَنَّ التَّعْلِيلَ هُنَا مَوْجُودٌ ; وَهُوَ أَنَّ الْمَسْجِدَ فِيهِ مَعْنًى مُنَاسِبٌ وَهُوَ مَحَلُّ الْعِبَادَةِ ، فَلَا يُمْنَعُ مِنْ التَّعَبُّدِ ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ مَفْهُومِ اللَّقَبِ .
[ ص: 153 ] قُلْت : وَلِهَذَا يَنْفَصِلُ الْجَوَابُ عَنْ اسْتِدْلَالِهِمْ بِالْحَدِيثَيْنِ السَّابِقَيْنِ ، فَإِنَّ فِي اخْتِصَاصِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِالْمَاءِ وَالتَّيَمُّمِ بِالتُّرَابِ مَعْنًى لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِمَا .
وَقَالَ
الْإِبْيَارِيُّ : ظَنَّ قَوْمٌ أَنَّ الْمَنْفِيَّ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمَفْهُومِ وَهُوَ غَلَطٌ . فَإِذَا قَالَ لِوَكِيلِهِ : بِعْ غَانِمًا ، لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ بَيْعِ سَالِمٍ ، لَا لِأَجْلِ النَّصِّ عَلَى بَيْعِ غَانِمٍ ، وَلَكِنَّهُ لَا يَبِيعُ إلَّا بِإِذْنٍ ، وَالْحَجْرُ سَابِقٌ ، وَالْإِذْنُ قَاصِرٌ ، فَيَبْقَى الْحَجْرُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْإِذْنِ .
قُلْت : قَالَ الْأَصْحَابُ : لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ : بِعْ هَذَا مِنْ زَيْدٍ ، تَعَيَّنَ عَلَيْهِ بَيْعُهُ مِنْهُ . فَلَا يَبِيعُهُ مِنْ غَيْرِهِ ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ غَرَضٌ فِي تَخْصِيصِهِ ، لِكَوْنِ مَالِهِ أَقْرَبَ إلَى الْحِلِّ وَنَحْوِهِ . فَفِيهِ رَائِحَةُ التَّعْلِيلِ ، فَلِهَذَا قُلْنَا بِهِ . وَلِهَذَا قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : لَوْ مَاتَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُعَيَّنُ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَرْغَبَ بَعْدَ ذَلِكَ . وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=14292_20809أَوْصَى بِأَنْ تُبَاعَ الْعَيْنُ الْفُلَانِيَّةُ مِنْ زَيْدٍ ، فَإِنْ كَانَتْ مُحَابَاةً صَحَّ ، وَتَعَيَّنَتْ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُحَابَاةً فَوَجْهَانِ : أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ ، لِأَنَّهُ لَا قُرْبَةَ حِينَئِذٍ . وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=11064_20809قَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلْأَوْلِيَاءِ غَيْرِ الْمُجْبِرِينَ : رَضِيت بِأَنْ أُزَوَّجَ مِنْ فُلَانٍ ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِهِ ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ تَزْوِيجُهَا مِنْهُ ، فَلَوْ عَيَّنَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَاحِدًا ، فَهَلْ يَنْعَزِلُ الْآخَرُونَ ؟ وَجْهَانِ ، الصَّحِيحُ عَدَمُ الِانْعِزَالِ . قَالَ
الرَّافِعِيُّ : وَبَنَاهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=20807الْمَفْهُومَ هَلْ هُوَ حُجَّةٌ أَمْ لَا ؟ وَلَوْ قَالَ الْيَهُودِيُّ :
عِيسَى رَسُولُ اللَّهِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ ، ذَكَرَهُ
الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الرِّدَّةِ .
قَالَ : لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَوْ جَحَدَ نُبُوَّتَهُ كَفَرَ . وَحَكَاهُ
الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الْكَفَّارَاتِ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ . قَالَ
الرَّافِعِيُّ ثَمَّ : وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ خِلَافُهُ ، وَفِي هَذَا نَفْيُ الْقَوْلِ بِمَفْهُومِ اللَّقَبِ .
[ ص: 154 ]
الثَّالِثُ : قَالَ
ابْنُ الْحَاجِّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى " الْمُسْتَصْفَى " : يَنْبَغِي تَحَقُّقُ الْمُرَادِ بِاللَّقَبِ . وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْمُرْتَجَلَ فَقَطْ ، بَلْ الْمُرْتَجَلُ وَالْمَنْقُولُ مِنْ الصِّفَاتِ . وَقَدْ جَعَلَ
الْغَزَالِيُّ مِنْهُ : لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ ، لِأَنَّ الطَّعَامَ لَقَبٌ لِجِنْسِهِ ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَقًّا مِمَّا يُطْعَمُ إذْ لَا يُدْرَكُ فَرْقٌ بَيْنَ قَوْلِهِ : فِي الْغَنَمِ زَكَاةٌ ، وَفِي الْمَاشِيَةِ زَكَاةٌ ، وَإِنْ كَانَتْ " الْمَاشِيَةُ " مُشْتَقَّةً . ا هـ . وَمَا ذَكَرَهُ
الْغَزَالِيُّ مِنْ إلْحَاقِ الِاسْمِ الْمُشْتَقِّ الدَّالِّ عَلَى الْجِنْسِ بِاللَّقَبِ تَبِعَهُ عَلَيْهِ
الْآمِدِيُّ ، لِأَنَّ الصِّفَةَ فِيهِ لَيْسَتْ مُتَخَيَّلَةً ، إذْ الطَّعَامُ لَا يُنَاسِبُ حُكْمَ الرِّبَا . لَكِنْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11872الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ : يَلْحَقُ بِالصِّفَةِ الصَّرِيحَةِ وَجْهًا وَاحِدًا ، لِأَنَّ الْمُشْتَقَّ يَتَضَمَّنُ صِفَةً . وَجَزَمَ بِهِ
سُلَيْمٌ فِي " التَّقْرِيبِ " ، وَجَعَلَ
الْآمِدِيُّ اسْمَ الْجِنْسِ وَالْعَلَمَ مِنْ بَابِ مَفْهُومِ اللَّقَبِ . قَالَ : لِتَخْصِيصِ الرِّبَوِيَّاتِ السِّتَّةِ بِتَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ ، وَقَوْلُنَا : زَيْدٌ عَالِمٌ . وَقَالَ
الْقَرَافِيُّ : قَالَ
التَّبْرِيزِيُّ : اللَّقَبُ كَالْأَعْلَامِ ، وَأَلْحَقَ بِهَا أَسْمَاءَ الْأَجْنَاسِ . قَالَ : وَغَيْرُهُ أَطْلَقَ فِي الْجَمِيعِ ، كَأَنَّهُ يُشِيرُ
لِلْآمِدِيِّ .