مسألة
nindex.php?page=treesubj&link=22224الإجماع لا ينسخ ولا ينسخ به أما كونه لا ينسخ ، فلأن الإجماع لا يكون إلا بعد وفاة الرسول ، والنسخ لا يكون بعد موته . هكذا قاله
ابن الصباغ ،
وسليم ،
وابن السمعاني ،
nindex.php?page=showalam&ids=12915وأبو الحسين في " المعتمد " والإمام
فخر الدين .
[ ص: 285 ] وجعلوا هذه المسألة مبنية على أن الإجماع لا ينعقد في زمانه ، لأن قولهم بدون قوله لاغ ; وأما معه فالحجة في قوله ، وقول الغير لاغ ، وإذا لم ينعقد إلا بعد زمانه فلا يمكن نسخه بالكتاب والسنة لتعذرهما بعد وفاته ، ولا بإجماع آخر ، لأن هذا الإجماع الثاني إن كان لا عن دليل فهو خطأ . وإن كان عن دليل فقد غفل عنه الإجماع الأول ، فكان خطأ ، والإجماع لا يكون خطأ ، فاستحال النسخ بالإجماع ، ولا بالقياس ، لأن من شرط العمل به أن لا يكون مخالفا للإجماع فتعذر نسخ الإجماع مطلقا ، لأنه لو انتسخ لكان انتساخه بواحد مما ذكرنا ، والكل باطل . وما ذكروه من عدم تصور انعقاد الإجماع في حياته عليه السلام هو ما ذكره أكثر الأصوليين ، وفيه نظر إذا جوزنا لهم الاجتهاد في زمانه كما هو الصحيح ، فلعلهم اجتهدوا في مسألة ، وأجمعوا عليها من غير علمه صلى الله عليه وسلم . وقد ذكر
أبو الحسين البصري في " المعتمد " بعد ذلك ما يخالف الأول ، فإنه جزم بأن الإجماع لا ينسخ ، لأنه إنما ينعقد بعد وفاته ، ثم قال : نعم ، يجوز أن ينسخ الله حكما أجمعت عليه الأمة على عهده . ثم قال : فإن قيل : يجوز أن ينسخ إجماع وقع في زمانه . قلنا : يجوز ، وإنما منعنا الإجماع بعده أن ينسخ . وأما في حياته فالمنسوخ الدليل الذي أجمعوا عليه ، لا حكمه . وقد استشكل
القرافي في " شرح التنقيح " هذا الحكم ، ونقل عن
أبي إسحاق ،
وابن برهان جواز انعقاد الإجماع في زمانه . قال : وشهادة الرسول لهم بالعصمة متناولة لما في زمانه وما بعده . وقال صاحب " المصادر " : ذهب الجماهير إلى أن الإجماع لا يكون
[ ص: 286 ] ناسخا ولا منسوخا ، لأنه إنما يستقر بعد انقطاع الوحي ، والنسخ إنما يكون بالوحي .
قال
الشريف المرتضى : وهذا غير كاف ، لأن دلالة الإجماع عندنا مستقرة في كل حال قبل انقطاع الوحي وبعده . قال : فالأقرب أن يقال : أجمعت الأمة على أن ما ثبت بالإجماع لا ينسخ ولا ينسخ به ، أي لا يقع ذلك ، لا أنه غير جائز . ولا يلتفت إلى خلاف
nindex.php?page=showalam&ids=16739عيسى بن أبان ، وقوله : إن الإجماع ناسخ لما وردت به السنة من وجوب
nindex.php?page=treesubj&link=287_22224الغسل من غسل الميت . انتهى . وأما كونه ينسخ به فكما لا يكون منسوخا لا يكون ناسخا ، لأنه لما كان ينعقد بعد زمانه لم يتصور أن ينسخ ما كان من الشرعيات في زمانه ، ولأن الأمة لا تجتمع على مثل هذا ، لأنه يكون إجماعا على خلافه ، وهم معصومون منه . فإن قيل : قد نسختم خبر الواحد بالإجماع ، وهو حديث الغسل من غسل الميت ، والوضوء من مسه ؟ قلنا : إنما استدل بمخالفة الإجماع له على تقدير نسخه فصار منسوخا بغير الإجماع ، لا بالإجماع ، فصار الإجماع في هذا الموضع دليلا على النسخ ، لا أنه وقع به النسخ . قاله
ابن السمعاني في " القواطع " .
[ ص: 287 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16392الأستاذ أبو منصور : إذا أجمعت الأمة على حكم واحد ، ووجدنا خبرا بخلافه استدللنا بالإجماع على سقوط الخبر ، لا نسخه أو تأويله على خلاف ظاهره ، وكذا قال
الصيرفي في كتابه : ليس للإجماع حظ في نسخ الشرع ، لأنهم لا يشرعون ، ولكن إجماعهم يدل على الغلط في الخبر أو رفع حكمه ، لا أنهم رفعوا الحكم ، وإنما هم أتباع لما أمروا به .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي من الحنابلة : يجوز النسخ بالإجماع لكن لا بنفسه ، بل بمستنده . فإذا رأينا نصا صحيحا والإجماع بخلافه ، استدللنا بذلك على نسخه ، وأن أهل الإجماع اطلعوا على ناسخ ، وإلا لما خالفوه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : جوز بعض أصحابنا أن يورد حديث صحيح والإجماع على خلافه . قال : وذلك دليل على أنه منسوخ . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : وهذا عندنا خطأ فاحش ، لأن ذلك معدوم ، لقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=9إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } وكلام الرسول وحي محفوظ . ا هـ . وممن جوز كون الإجماع ناسخا
nindex.php?page=showalam&ids=14231الحافظ البغدادي في كتاب الفقيه والمتفقه " ومثله بحديث الوادي الذي في الصحيح حين نام الرسول وأصحابه ، فما أيقظهم إلا حر الشمس . وقال في آخره : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62545فإذا سها أحدكم عن صلاة فليصلها حين يذكرها ، ومن الغد للوقت } . قال : فأعاد الصلاة المنسية بعد قضائها حال الذكر وفي الوقت منسوخ بإجماع المسلمين على أنه لا يجب ولا يستحب . ومثله أيضا بحديث أسنده إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15916زر قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62546قلت nindex.php?page=showalam&ids=21لحذيفة : أي ساعة تسحرتم مع رسول الله ؟ قال : هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع } . فقال : أجمع
[ ص: 288 ] المسلمون أن طلوع الفجر يحرم الطعام والشراب على الصائم مع بيان ذلك في قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187من الفجر } انتهى . ودعواه النسخ في الثاني بالإجماع فيه نظر ، فإن قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187من الفجر } صريح في التقييد بالفجر ، فهو الناسخ حينئذ لا الإجماع ، إلا أن يريد أن الأمة لما أجمعت على ترك ظاهره دل إجماعهم على نسخه لا أن الإجماع هو الناسخ .
وقال
إلكيا : يتصور نسخ الإجماع بأن الأولين إذا اختلفوا على قولين ثم أجمعوا على أحدهما ، فنقول : إن الخلاف نسخ وجزم القول به مع إجماع الأولين على جواز الاختلاف .
قلنا : الصحيح أن الخلاف الأول يزول به ، ومن قال : يزول به ، قال : هذا لا يعد ناسخا ، لأنهم إنما سوغوا القول الأول ، بشرط أن لا يكون هناك ما يمنع من الاجتهاد ، كالغائب عن الرسول لا يجتهد إلا بشرط فقد النص ، والإجماع كالنص في ذلك ، والاختلاف مشروط بشرط . وهذا بعيد فإن نص الرسول ذلك الحكم المخالف لم يكن حكم الله ، وهنا الإجماع بعد الخلاف لا يبين أن الخلاف لم يكن شرعيا ، وإنما اعترض على دوام حكم الخلاف نسخا ، فإن قيل بهذا المذهب ، فهو نسخ الإجماع على الخلاف لا محالة . انتهى . وقال
ابن برهان في " الأوسط " : وأما إجماع الطبقة الثانية على أحد القولين فليس بنسخ ، لأن القول المهجور بطل في نفسه ، ولهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : المذاهب لا تموت بموت أربابها ، وأيضا فلفقد شرط الإجماع ، وهو أن يكون للمذهب الأول ذاب وناصر . وقال
ابن السمعاني في " القواطع " : وأما نسخ الإجماع بالإجماع فمثل أن تجمع الصحابة في حكم على قولين ، ثم يجمع المانعون بعدهم على قول
[ ص: 289 ] واحد ، فيكون الصحابة مجمعين على جواز الاجتهاد ، والمانعون مجمعين على عدم جواز الاجتهاد . قال : وفي هذه المسألة
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي قولان ، وإن قلنا بجوازه لا يكون ناسخا ، لأن الصحابة وإن سوغوا الاجتهاد فشرطه ما لم يمنع مانع . .
مَسْأَلَةٌ
nindex.php?page=treesubj&link=22224الْإِجْمَاعُ لَا يُنْسَخُ وَلَا يُنْسَخُ بِهِ أَمَّا كَوْنُهُ لَا يَنْسَخُ ، فَلِأَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ وَفَاةِ الرَّسُولِ ، وَالنَّسْخَ لَا يَكُونُ بَعْدَ مَوْتِهِ . هَكَذَا قَالَهُ
ابْنُ الصَّبَّاغِ ،
وَسُلَيْمٌ ،
وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12915وَأَبُو الْحُسَيْنِ فِي " الْمُعْتَمَدِ " وَالْإِمَامُ
فَخْرُ الدِّينِ .
[ ص: 285 ] وَجَعَلُوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَبْنِيَّةً عَلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَنْعَقِدُ فِي زَمَانِهِ ، لِأَنَّ قَوْلَهُمْ بِدُونِ قَوْلِهِ لَاغٍ ; وَأَمَّا مَعَهُ فَالْحُجَّةُ فِي قَوْلِهِ ، وَقَوْلُ الْغَيْرِ لَاغٍ ، وَإِذَا لَمْ يَنْعَقِدْ إلَّا بَعْدَ زَمَانِهِ فَلَا يُمْكِنُ نَسْخُهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ لِتَعَذُّرِهِمَا بَعْدَ وَفَاتِهِ ، وَلَا بِإِجْمَاعٍ آخَرَ ، لِأَنَّ هَذَا الْإِجْمَاعَ الثَّانِيَ إنْ كَانَ لَا عَنْ دَلِيلٍ فَهُوَ خَطَأٌ . وَإِنْ كَانَ عَنْ دَلِيلٍ فَقَدْ غَفَلَ عَنْهُ الْإِجْمَاعُ الْأَوَّلُ ، فَكَانَ خَطَأً ، وَالْإِجْمَاعُ لَا يَكُونُ خَطَأً ، فَاسْتَحَالَ النَّسْخُ بِالْإِجْمَاعِ ، وَلَا بِالْقِيَاسِ ، لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْعَمَلِ بِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ فَتَعَذَّرَ نَسْخُ الْإِجْمَاعِ مُطْلَقًا ، لِأَنَّهُ لَوْ انْتَسَخَ لَكَانَ انْتِسَاخُهُ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرْنَا ، وَالْكُلُّ بَاطِلٌ . وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ عَدَمِ تَصَوُّرِ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ فِي حَيَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ مَا ذَكَرَهُ أَكْثَرُ الْأُصُولِيِّينَ ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذَا جَوَّزْنَا لَهُمْ الِاجْتِهَادَ فِي زَمَانِهِ كَمَا هُوَ الصَّحِيحُ ، فَلَعَلَّهُمْ اجْتَهَدُوا فِي مَسْأَلَةٍ ، وَأَجْمَعُوا عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَدْ ذَكَرَ
أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ فِي " الْمُعْتَمَدِ " بَعْدَ ذَلِكَ مَا يُخَالِفُ الْأَوَّلَ ، فَإِنَّهُ جَزَمَ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يُنْسَخُ ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْعَقِدُ بَعْدَ وَفَاتِهِ ، ثُمَّ قَالَ : نَعَمْ ، يَجُوزُ أَنْ يَنْسَخَ اللَّهُ حُكْمًا أَجْمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ عَلَى عَهْدِهِ . ثُمَّ قَالَ : فَإِنْ قِيلَ : يَجُوزُ أَنْ يُنْسَخَ إجْمَاعٌ وَقَعَ فِي زَمَانِهِ . قُلْنَا : يَجُوزُ ، وَإِنَّمَا مَنَعْنَا الْإِجْمَاعَ بَعْدَهُ أَنْ يُنْسَخَ . وَأَمَّا فِي حَيَاتِهِ فَالْمَنْسُوخُ الدَّلِيلُ الَّذِي أَجْمَعُوا عَلَيْهِ ، لَا حُكْمُهُ . وَقَدْ اسْتَشْكَلَ
الْقَرَافِيُّ فِي " شَرْحِ التَّنْقِيحِ " هَذَا الْحُكْمَ ، وَنَقَلَ عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ ،
وَابْنِ بَرْهَانٍ جَوَازَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ فِي زَمَانِهِ . قَالَ : وَشَهَادَةُ الرَّسُولِ لَهُمْ بِالْعِصْمَةِ مُتَنَاوِلَةٌ لِمَا فِي زَمَانِهِ وَمَا بَعْدَهُ . وَقَالَ صَاحِبُ " الْمَصَادِرِ " : ذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ إلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَكُونُ
[ ص: 286 ] نَاسِخًا وَلَا مَنْسُوخًا ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَقِرُّ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْوَحْيِ ، وَالنَّسْخُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْوَحْيِ .
قَالَ
الشَّرِيفُ الْمُرْتَضَى : وَهَذَا غَيْرُ كَافٍ ، لِأَنَّ دَلَالَةَ الْإِجْمَاعِ عِنْدَنَا مُسْتَقِرَّةٌ فِي كُلِّ حَالٍ قَبْلَ انْقِطَاعِ الْوَحْيِ وَبَعْدَهُ . قَالَ : فَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ : أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ مَا ثَبَتَ بِالْإِجْمَاعِ لَا يُنْسَخُ وَلَا يُنْسَخُ بِهِ ، أَيْ لَا يَقَعُ ذَلِكَ ، لَا أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ . وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى خِلَافِ
nindex.php?page=showalam&ids=16739عِيسَى بْنِ أَبَانَ ، وَقَوْلُهُ : إنَّ الْإِجْمَاعَ نَاسِخٌ لِمَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ وُجُوبِ
nindex.php?page=treesubj&link=287_22224الْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ . انْتَهَى . وَأَمَّا كَوْنُهُ يُنْسَخُ بِهِ فَكَمَا لَا يَكُونُ مَنْسُوخًا لَا يَكُونُ نَاسِخًا ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَنْعَقِدُ بَعْدَ زَمَانِهِ لَمْ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَنْسَخَ مَا كَانَ مِنْ الشَّرْعِيَّاتِ فِي زَمَانِهِ ، وَلِأَنَّ الْأُمَّةَ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى مِثْلِ هَذَا ، لِأَنَّهُ يَكُونُ إجْمَاعًا عَلَى خِلَافِهِ ، وَهُمْ مَعْصُومُونَ مِنْهُ . فَإِنْ قِيلَ : قَدْ نَسَخْتُمْ خَبَرَ الْوَاحِدِ بِالْإِجْمَاعِ ، وَهُوَ حَدِيثُ الْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ ، وَالْوُضُوءُ مِنْ مَسِّهِ ؟ قُلْنَا : إنَّمَا اسْتَدَلَّ بِمُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ لَهُ عَلَى تَقْدِيرِ نَسْخِهِ فَصَارَ مَنْسُوخًا بِغَيْرِ الْإِجْمَاعِ ، لَا بِالْإِجْمَاعِ ، فَصَارَ الْإِجْمَاعُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ دَلِيلًا عَلَى النَّسْخِ ، لَا أَنَّهُ وَقَعَ بِهِ النَّسْخُ . قَالَهُ
ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ " .
[ ص: 287 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16392الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ : إذَا أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى حُكْمٍ وَاحِدٍ ، وَوَجَدْنَا خَبَرًا بِخِلَافِهِ اسْتَدْلَلْنَا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى سُقُوطِ الْخَبَرِ ، لَا نَسْخِهِ أَوْ تَأْوِيلِهِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ ، وَكَذَا قَالَ
الصَّيْرَفِيُّ فِي كِتَابِهِ : لَيْسَ لِلْإِجْمَاعِ حَظٌّ فِي نَسْخِ الشَّرْعِ ، لِأَنَّهُمْ لَا يُشَرِّعُونَ ، وَلَكِنَّ إجْمَاعَهُمْ يَدُلُّ عَلَى الْغَلَطِ فِي الْخَبَرِ أَوْ رَفْعِ حُكْمِهِ ، لَا أَنَّهُمْ رَفَعُوا الْحُكْمَ ، وَإِنَّمَا هُمْ أَتْبَاعٌ لِمَا أُمِرُوا بِهِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي مِنْ الْحَنَابِلَةِ : يَجُوزُ النَّسْخُ بِالْإِجْمَاعِ لَكِنْ لَا بِنَفْسِهِ ، بَلْ بِمُسْتَنَدِهِ . فَإِذَا رَأَيْنَا نَصًّا صَحِيحًا وَالْإِجْمَاعُ بِخِلَافِهِ ، اسْتَدْلَلْنَا بِذَلِكَ عَلَى نَسْخِهِ ، وَأَنَّ أَهْلَ الْإِجْمَاعِ اطَّلَعُوا عَلَى نَاسِخٍ ، وَإِلَّا لَمَا خَالَفُوهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابْنُ حَزْمٍ : جَوَّزَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنْ يُورَدَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِهِ . قَالَ : وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابْنُ حَزْمٍ : وَهَذَا عِنْدَنَا خَطَأٌ فَاحِشٌ ، لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْدُومٌ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=9إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } وَكَلَامُ الرَّسُولِ وَحْيٌ مَحْفُوظٌ . ا هـ . وَمِمَّنْ جَوَّزَ كَوْنَ الْإِجْمَاعِ نَاسِخًا
nindex.php?page=showalam&ids=14231الْحَافِظُ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِ الْفَقِيهِ وَالْمُتَفَقِّهِ " وَمَثَّلَهُ بِحَدِيثِ الْوَادِي الَّذِي فِي الصَّحِيحِ حِينَ نَامَ الرَّسُولُ وَأَصْحَابُهُ ، فَمَا أَيْقَظَهُمْ إلَّا حَرُّ الشَّمْسِ . وَقَالَ فِي آخِرِهِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62545فَإِذَا سَهَا أَحَدُكُمْ عَنْ صَلَاةٍ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَذْكُرُهَا ، وَمِنْ الْغَدِ لِلْوَقْتِ } . قَالَ : فَأَعَادَ الصَّلَاةَ الْمَنْسِيَّةَ بَعْدَ قَضَائِهَا حَالَ الذِّكْرِ وَفِي الْوَقْتِ مَنْسُوخٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَلَا يُسْتَحَبُّ . وَمَثَّلَهُ أَيْضًا بِحَدِيثٍ أَسْنَدَهُ إلَى
nindex.php?page=showalam&ids=15916زِرٍّ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=62546قُلْت nindex.php?page=showalam&ids=21لِحُذَيْفَةَ : أَيَّ سَاعَةٍ تَسَحَّرْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ؟ قَالَ : هُوَ النَّهَارُ إلَّا أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَطْلُعْ } . فَقَالَ : أَجْمَعَ
[ ص: 288 ] الْمُسْلِمُونَ أَنَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ يُحَرِّمُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ عَلَى الصَّائِمِ مَعَ بَيَانِ ذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187مِنْ الْفَجْرِ } انْتَهَى . وَدَعْوَاهُ النَّسْخَ فِي الثَّانِي بِالْإِجْمَاعِ فِيهِ نَظَرٌ ، فَإِنَّ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187مِنْ الْفَجْرِ } صَرِيحٌ فِي التَّقْيِيدِ بِالْفَجْرِ ، فَهُوَ النَّاسِخُ حِينَئِذٍ لَا الْإِجْمَاعُ ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ الْأُمَّةَ لَمَّا أَجْمَعَتْ عَلَى تَرْكِ ظَاهِرِهِ دَلَّ إجْمَاعُهُمْ عَلَى نَسْخِهِ لَا أَنَّ الْإِجْمَاعَ هُوَ النَّاسِخُ .
وَقَالَ
إلْكِيَا : يُتَصَوَّرُ نَسْخُ الْإِجْمَاعِ بِأَنَّ الْأَوَّلِينَ إذَا اخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلَيْنِ ثُمَّ أَجْمَعُوا عَلَى أَحَدِهِمَا ، فَنَقُولُ : إنَّ الْخِلَافَ نُسِخَ وَجُزِمَ الْقَوْلُ بِهِ مَعَ إجْمَاعِ الْأَوَّلِينَ عَلَى جَوَازِ الِاخْتِلَافِ .
قُلْنَا : الصَّحِيحُ أَنَّ الْخِلَافَ الْأَوَّلَ يَزُولُ بِهِ ، وَمَنْ قَالَ : يَزُولُ بِهِ ، قَالَ : هَذَا لَا يُعَدُّ نَاسِخًا ، لِأَنَّهُمْ إنَّمَا سَوَّغُوا الْقَوْلَ الْأَوَّلَ ، بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مَا يَمْنَعُ مِنْ الِاجْتِهَادِ ، كَالْغَائِبِ عَنْ الرَّسُولِ لَا يَجْتَهِدُ إلَّا بِشَرْطِ فَقْدِ النَّصِّ ، وَالْإِجْمَاعُ كَالنَّصِّ فِي ذَلِكَ ، وَالِاخْتِلَافُ مَشْرُوطٌ بِشَرْطٍ . وَهَذَا بَعِيدٌ فَإِنْ نَصَّ الرَّسُولُ ذَلِكَ الْحُكْمَ الْمُخَالِفَ لَمْ يَكُنْ حُكْمَ اللَّهِ ، وَهُنَا الْإِجْمَاعُ بَعْدَ الْخِلَافِ لَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْخِلَافَ لَمْ يَكُنْ شَرْعِيًّا ، وَإِنَّمَا اُعْتُرِضَ عَلَى دَوَامِ حُكْمِ الْخِلَافِ نَسْخًا ، فَإِنْ قِيلَ بِهَذَا الْمَذْهَبِ ، فَهُوَ نَسْخُ الْإِجْمَاعِ عَلَى الْخِلَافِ لَا مَحَالَةَ . انْتَهَى . وَقَالَ
ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْأَوْسَطِ " : وَأَمَّا إجْمَاعُ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَلَيْسَ بِنَسْخٍ ، لِأَنَّ الْقَوْلَ الْمَهْجُورَ بَطَلَ فِي نَفْسِهِ ، وَلِهَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : الْمَذَاهِبُ لَا تَمُوتُ بِمَوْتِ أَرْبَابِهَا ، وَأَيْضًا فَلِفَقْدِ شَرْطِ الْإِجْمَاعِ ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِلْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ ذَابٌّ وَنَاصِرٌ . وَقَالَ
ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ " : وَأَمَّا نَسْخُ الْإِجْمَاعِ بِالْإِجْمَاعِ فَمِثْلُ أَنْ تُجْمِعَ الصَّحَابَةُ فِي حُكْمٍ عَلَى قَوْلَيْنِ ، ثُمَّ يُجْمِعُ الْمَانِعُونَ بَعْدَهُمْ عَلَى قَوْلٍ
[ ص: 289 ] وَاحِدٍ ، فَيَكُونُ الصَّحَابَةُ مُجْمِعِينَ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ ، وَالْمَانِعُونَ مُجْمِعِينَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ . قَالَ : وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790لِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ ، وَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازِهِ لَا يَكُونُ نَاسِخًا ، لِأَنَّ الصَّحَابَةَ وَإِنْ سَوَّغُوا الِاجْتِهَادَ فَشَرْطُهُ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ . .