[ ص: 145 ] الإعراب:
nindex.php?page=treesubj&link=28908 (ويعلم الصابرين) : النصب بإضمار (أن) ، وقيل: بالواو، والتقدير: ولما يقع العلم بالجهاد، والعلم بصبر الصابرين، والجزم على العطف على (يعلم) الأولى; لأنه لو أفرد فقيل: (ولما يعلم الله الصابرين منكم) ; جاز.
و (تلقوه) و (تلاقوه) متقاربان، وقد تقدم مثله.
(أفإن مات أو قتل) : دخلت ألف الاستفهام على حرف الشرط، ومعناها: الدخول على الجزاء; لما كان كل واحد من الشرط والجزاء معلقا بالآخر، واعتمد الاستفهام عليهما جميعا، وقد تقدم ذلك.
(وكأين) : أصلها: (أي) ، دخلت عليها كاف التشبيه، فصارت بمعنى (كم) ، وصورت في المصحف نونا; لأنها كلمة نقلت عن أصلها، فمن وقف بنون; اتبع الخط، ومن وقف بغير نون; فلأنها تنوين.
ومن قرأ: (وكآئن) مثل: (كاعن) ; فهو مقلوب، قدمت الياء الشديدة [قبل الهمزة، ثم خففت الياء الشديدة] بحذف المتحركة، كما حذفها
[ ص: 146 ] الشاعر في قوله:
(والسماكين أيهما)وقد تقدم ذكره، ثم قلبت الياء الساكنة ألفا، كما قلبت في (آية) في قول من جعل أصلها (أية) ، وساغ ذلك والكاف زائدة; لأنها اتصلت بـ(أي) حتى صارت ككلمة واحدة، كما قالوا: (لعمري) ، و (رعملي) .
وقيل: بل قدمت إحدى الياءين -وهي الساكنة المدغمة- مكان الهمزة، وفتحت كما كانت الهمزة مفتوحة، وصارت الهمزة ساكنة موضع الياء، ثم قلبت الياء التي قدمت ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وكسرت الهمزة; لالتقاء الساكنين، وبقيت الياء الأخيرة مكسورة، فحذفت كسرتها استثقالا، فسكنت، ودخل عليها التنوين، فحذفت; لالتقاء الساكنين، قاله
الخليل. يونس: (كآئن) : فاعل من الكون، وكان يجب أن يعرب على قوله.
ومن قرأ: (وكإن) مثل: (وكعن) ; فالقول فيه كالقول المتقدم عن الخليل، إلا أن الألف التي قبل الهمزة حذفت; لأن الهمزة في تقدير السكون من حيث كانت كسرتها عارضة.
[ ص: 147 ] ومن قرأ: (وكأين) ، أسكن الياء والنون; فإنه لما قلبت الكلمة من (كأين) إلى (كيئن) ، وحذفت الياء المتحركة، وصار إلى (كيئن) ; قلبه، فصار إلى (كأين) ، وجاز ذلك; لأنه مراجعة إلى الأصل.
وقوله: (قتل معه ربيون كثير) : من قرأ: (قتل) احتمل أن يكون في (قتل) ضمير يعود إلى (نبيء) ، وهو اسم ما لم يسم فاعله، ويرتفع (ربيون) بالابتداء، أو بالظرف، ويتعلق (معه) بمحذوف، كأنه قال: (مستقر معه ربيون) ، وموضع (معه ربيون) يجوز أن يكون نعتا لـ(نبيء) ، أو حالا منه، أو من الضمير في (قتل) ، و (قتل) صفة لـ(نبيء) ، ويقوي هذا التقدير قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=144 (أفإن مات أو قتل) [آل عمران: 144]; ففي (قتل) ضمير النبي عليه الصلاة والسلام، ويحتمل ألا يكون في (قتل) ضمير، ويكون (ربيون) اسم ما لم يسم فاعله.
وخبر (وكأين) إذا أسندت (قتل) إلى (نبيء) : يجوز أن يكون (معه ربيون) ، ويجوز أن يكون مضمرا، ويكون (معه ربيون) حالا من (نبيء) ، أو من المضمر في (قتل) ، أو صفة لـ(نبيء) .
[ ص: 148 ] وإن أسندت (قتل) إلى (الربيين) ; جاز أن يكون (قتل معه ربيون) الخبر، وجاز أن يكون (قتل معه ربيون) صفة لـ(نبيء) ، والخبر مضمر.
ومن قرأ: (قاتل) ; احتمل أن يكون الفاعل أيضا من ضمير (نبيء)المتقدم، واحتمل أن يكون الفاعل قوله: (ربيون) .
ويوقف على (قتل) و (قاتل) إذا قدرت فيهما ضمير (نبيء) ، ولا يوقف عليه إن قدرت (قتل) أو (قاتل) مسندا إلى قوله: (ربيون) .
ومن فتح الراء من قوله: (ربيون) ; فوجهه: أنه منسوب إلى الرب، وضم الراء وكسرها لغتان، وهو منسوب إلى الربة; وهي الجماعة، ويقال فيها: الربة والربة.
(فما وهنوا) : فتح الهاء وكسرها لغتان، حكاهما أبو زيد.
(وما كان قولهم): الرفع على أنه اسم (كان) ، و (أن قالوا) : الخبر، والنصب على أنه الخبر، و (أن قالوا) الاسم، وهما معرفتان.
(بل الله مولاكم) : ابتداء وخبر، ويجوز في الكلام: (بل الله مولاكم) على تقدير: بل أطيعوا الله مولاكم، ودل عليه ما قبله.
[ ص: 149 ] وضم العين وإسكانها من (الرعب) لغتان.
(حتى إذا فشلتم) : جواب (إذا) محذوف، كأنه قال: امتحنتم، أو نحوه.
وقيل: الجواب: (وتنازعتم) ، والواو زائدة.
أبو علي : يجوز أن تكون (ثم) زائدة، فيكون التقدير: (حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم; صرفكم عنهم.
وتقدم القول في (تصعدون) و (تصعدون) .
و (الأمنة) و (الأمنة) لغتان، معناهما: الأمن، ونصبها بأنها مفعول له، كأنه أنزل عليهم للأمنة نعاسا، أو تكون (الأمنة) مفعولة، وقوله: (نعاسا) : بدل منها.
(يغشى طائفة منكم) : التاء على معنى: (تغشى الأمنة) ، والياء على معنى: (يغشى النعاس) ، يقوي الأول: أن النعاس إن كان بدلا من (أمنة) ; فليس المبدل منه في تقدير ما يسقط ويستغنى عنه، ويقوي الثاني: أن الفعل أقرب إلى (النعاس) .
[ ص: 150 ] (قل إن الأمر كله لله) : من نصب. (كله) ; فهو تأكيد لـ(الأمر) ، وهو بمعنى: (أجمع) في الإحاطة والعموم، و (أجمع) لا يكون إلا تأكيدا، ومن رفع; فعلى أنه مبتدأ، و (لله) الخبر، يقوي ذلك: الابتداء به في قوله تعالى: (وكلهم آتيه يوم القيامة فردا) [مريم: 95]، وحسن الابتداء به; لأن قبله كلاما، فكأنه أتبع به ما قبله، فصار بمنزلة ما جرى تأكيدا.
وقوله: (أو كانوا غزى) : من خفف; جاز أن يكون تخفيفا من (غزى) ، على ما يستعملونه من تخفيف المشدد كراهة التضعيف، وجاز أن يكون أراد (غزاة) ، فحذف هاء التأنيث، كما قالوا: (ناح) في (ناحية) ، و (مألك) في (مألكة) .
وضم الميم وكسرها من (مت) وبابه لغتان، يقال: (مت تموت) ، و (مت تموت) ; مثل: (فضل يفضل) ، و (مت تمات) ; مثل: (خفت تخاف) .
وجواب الجزاء في قوله: (ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم) محذوف، استغني عنه بجواب القسم في قوله: (لمغفرة من الله) ، وكان الاستغناء بجواب القسم أولى; لأن له صدر الكلام.
وتقدم: (فبما رحمة من الله) .
[ ص: 151 ] وقوله: (فإذا عزمت) : من ضم التاء; فإن الله تعالى نسب العزم إلى نفسه; إذ هو بهدايته وتوفيقه، كما قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17 (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) [الأنفال: 17]، والمعنى: فإذا أريتك أمرا فاعمل به.
* * *
[ ص: 145 ] الْإِعْرَابُ:
nindex.php?page=treesubj&link=28908 (وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) : النَّصْبُ بِإِضْمَارِ (أَنْ) ، وَقِيلَ: بِالْوَاوِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَلَمَّا يَقَعِ الْعِلْمُ بِالْجِهَادِ، وَالْعِلْمُ بِصَبْرِ الصَّابِرِينَ، وَالْجَزْمِ عَلَى الْعَطْفِ عَلَى (يَعْلَمِ) الْأُولَى; لِأَنَّهُ لَوْ أَفْرَدَ فَقِيلَ: (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الصَّابِرِينَ مِنْكُمْ) ; جَازَ.
وَ (تَلْقَوْهُ) وَ (تُلَاقُوهُ) مُتَقَارِبَانِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُهُ.
(أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ) : دَخَلَتْ أَلِفُ الِاسْتِفْهَامِ عَلَى حَرْفِ الشَّرْطِ، وَمَعْنَاهَا: الدُّخُولُ عَلَى الْجَزَاءِ; لَمَّا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ مُعَلَّقًا بِالْآخَرِ، وَاعْتَمَدَ الِاسْتِفْهَامُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ.
(وَكَأَيِّنْ) : أَصْلُهَا: (أَيُّ) ، دَخَلَتْ عَلَيْهَا كَافُ التَّشْبِيهِ، فَصَارَتْ بِمَعْنَى (كَمْ) ، وَصُوِّرَتْ فِي الْمُصْحَفِ نُونًا; لِأَنَّهَا كَلِمَةٌ نُقِلَتْ عَنْ أَصْلِهَا، فَمَنْ وَقَفَ بِنُونٍ; اتَّبَعَ الْخَطَّ، وَمَنْ وَقَفَ بِغَيْرِ نُونٍ; فَلِأَنَّهَا تَنْوِينٌ.
وَمَنْ قَرَأَ: (وَكَآئِنْ) مِثْلَ: (كَاعِنْ) ; فَهُوَ مَقْلُوبٌ، قُدِّمَتِ الْيَاءُ الشَّدِيدَةُ [قَبْلَ الْهَمْزَةِ، ثُمَّ خُفِّفَتِ الْيَاءُ الشَّدِيدَةُ] بِحَذْفِ الْمُتَحَرِّكَةِ، كَمَا حَذَفَهَا
[ ص: 146 ] الشَّاعِرُ فِي قَوْلِهِ:
(وَالسِّمَاكَيْنِ أَيْهُمَا)وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، ثُمَّ قُلِبَتِ الْيَاءُ السَّاكِنَةُ أَلِفًا، كَمَا قُلِبَتْ فِي (آيَةٍ) فِي قَوْلِ مَنْ جَعَلَ أَصْلَهَا (أَيَّةَ) ، وَسَاغَ ذَلِكَ وَالْكَافُ زَائِدَةٌ; لِأَنَّهَا اتَّصَلَتْ بِـ(أَيِّ) حَتَّى صَارَتْ كَكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، كَمَا قَالُوا: (لَعَمْرِي) ، وَ (رَعَمْلِي) .
وَقِيلَ: بَلْ قُدِّمَتْ إِحْدَى الْيَاءَيْنِ -وَهِيَ السَّاكِنَةُ الْمُدْغَمَةُ- مَكَانَ الْهَمْزَةِ، وَفُتِحَتْ كَمَا كَانَتِ الْهَمْزَةُ مَفْتُوحَةً، وَصَارَتِ الْهَمْزَةُ سَاكِنَةً مَوْضِعَ الْيَاءِ، ثُمَّ قُلِبَتِ الْيَاءُ الَّتِي قُدِّمَتْ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا، وَكُسِرَتِ الْهَمْزَةُ; لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، وَبَقِيَتِ الْيَاءُ الْأَخِيرَةُ مَكْسُورَةً، فَحُذِفَتْ كَسْرَتُهَا اسْتِثْقَالًا، فَسَكَنَتْ، وَدَخَلَ عَلَيْهَا التَّنْوِينُ، فَحُذِفَتْ; لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، قَالَهُ
الْخَلِيلُ. يُونُسُ: (كَآئِنْ) : فَاعِلٌ مِنَ الْكَوْنِ، وَكَانَ يَجِبُ أَنْ يُعْرَبَ عَلَى قَوْلِهِ.
وَمَنْ قَرَأَ: (وَكَإِنْ) مِثْلَ: (وَكَعِنْ) ; فَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ الْمُتَقَدِّمِ عَنِ الْخَلِيلِ، إِلَّا أَنَّ الْأَلِفَ الَّتِي قَبْلَ الْهَمْزَةِ حُذِفَتْ; لِأَنَّ الْهَمْزَةَ فِي تَقْدِيرِ السُّكُونِ مِنْ حَيْثُ كَانَتْ كَسْرَتُهَا عَارِضَةً.
[ ص: 147 ] وَمَنْ قَرَأَ: (وَكَأْيِنْ) ، أَسْكَنَ الْيَاءَ وَالنُّونَ; فَإِنَّهُ لَمَّا قُلِبَتِ الْكَلِمَةُ مِنْ (كَأَيِّنْ) إِلَى (كَيَّئِنْ) ، وَحُذِفَتِ الْيَاءُ الْمُتَحَرِّكَةُ، وَصَارَ إِلَى (كَيْئِنْ) ; قَلَبَهُ، فَصَارَ إِلَى (كَأْيِنْ) ، وَجَازَ ذَلِكَ; لِأَنَّهُ مُرَاجَعَةٌ إِلَى الْأَصْلِ.
وَقَوْلُهُ: (قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) : مَنْ قَرَأَ: (قُتِلَ) احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ فِي (قُتِلَ) ضَمِيرٌ يَعُودُ إِلَى (نَبِيءٍ) ، وَهُوَ اسْمُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَيَرْتَفِعُ (رِبِّيُّونَ) بِالِابْتِدَاءِ، أَوْ بِالظَّرْفِ، وَيَتَعَلَّقُ (مَعَهُ) بِمَحْذُوفٍ، كَأَنَّهُ قَالَ: (مُسْتَقِرٌّ مَعَهُ رِبِّيُّونَ) ، وَمَوْضِعُ (مَعَهُ رِبِّيُّونَ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِـ(نَبِيءٍ) ، أَوْ حَالًا مِنْهُ، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي (قُتِلَ) ، وَ (قُتِلَ) صِفَةٌ لِـ(نَبِيءٍ) ، وَيُقَوِّي هَذَا التَّقْدِيرَ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=144 (أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ) [آلِ عِمْرَانَ: 144]; فَفِي (قُتِلَ) ضَمِيرُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَيُحْتَمَلُ أَلَّا يَكُونَ فِي (قُتِلَ) ضَمِيرٌ، وَيَكُونُ (رِبِّيُّونَ) اسْمَ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ.
وَخَبَرُ (وَكَأَيِّنْ) إِذَا أُسْنِدَتْ (قُتِلَ) إِلَى (نَبِيءٍ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ (مَعَهُ رِبِّيُّونَ) ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُضْمَرًا، وَيَكُونَ (مَعَهُ رِبِّيُّونَ) حَالًا مِنْ (نَبِيءٍ) ، أَوْ مِنَ الْمُضْمَرِ فِي (قُتِلَ) ، أَوْ صِفَةً لِـ(نَبِيءٍ) .
[ ص: 148 ] وَإِنْ أُسْنِدَتْ (قُتِلَ) إِلَى (الرِّبِّيِّينِ) ; جَازَ أَنْ يَكُونَ (قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ) الْخَبَرَ، وَجَازَ أَنْ يَكُونَ (قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ) صِفَةً لِـ(نَبِيءٍ) ، وَالْخَبَرُ مُضْمَرٌ.
وَمَنْ قَرَأَ: (قَاتَلَ) ; احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ أَيْضًا مِنْ ضَمِيرِ (نَبِيءٍ)الْمُتَقَدِّمِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ قَوْلَهُ: (رِبِّيُّونَ) .
وَيُوقَفُ عَلَى (قُتِلَ) وَ (قَاتَلَ) إِذَا قَدَّرْتَ فِيهِمَا ضَمِيرَ (نَبِيءٍ) ، وَلَا يُوقَفُ عَلَيْهِ إِنْ قَدَّرْتَ (قُتِلَ) أَوْ (قَاتَلَ) مُسْنَدًا إِلَى قَوْلِهِ: (رِبِّيُّونَ) .
وَمَنْ فَتَحَ الرَّاءَ مِنْ قَوْلِهِ: (رِبِّيُّونَ) ; فَوَجْهُهُ: أَنَّهُ مَنْسُوبٌ إِلَى الرَّبِّ، وَضَمُّ الرَّاءِ وَكَسْرُهَا لُغَتَانِ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى الرُّبَّةِ; وَهِيَ الْجَمَاعَةُ، وَيُقَالُ فِيهَا: الرُّبَّةُ وَالرِّبَّةُ.
(فَمَا وَهَنُوا) : فَتْحُ الْهَاءِ وَكَسْرُهَا لُغَتَانِ، حَكَاهُمَا أَبُو زَيْدٍ.
(وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ): الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ (كَانَ) ، وَ (أَنْ قَالُوا) : الْخَبَرُ، وَالنَّصْبُ عَلَى أَنَّهُ الْخَبَرُ، وَ (أَنْ قَالُوا) الِاسْمُ، وَهُمَا مَعْرِفَتَانِ.
(بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ) : ابْتِدَاءٌ وَخَبَرٌ، وَيَجُوزُ فِي الْكَلَامِ: (بَلِ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ) عَلَى تَقْدِيرِ: بَلْ أَطِيعُوا اللَّهَ مَوْلَاكُمْ، وَدَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْلَهُ.
[ ص: 149 ] وَضَمُّ الْعَيْنِ وَإِسْكَانُهَا مِنَ (الرُّعْبَ) لُغَتَانِ.
(حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ) : جَوَابُ (إِذَا) مَحْذُوفٌ، كَأَنَّهُ قَالَ: امْتُحِنْتُمْ، أَوْ نَحْوَهُ.
وَقِيلَ: الْجَوَابُ: (وَتَنَازَعْتُمْ) ، وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ.
أَبُو عَلِيٍّ : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ (ثُمَّ) زَائِدَةٌ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: (حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ; صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ.
وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي (تُصْعِدُونَ) وَ (تَصْعَدُونَ) .
وَ (الْأَمَنَةُ) وَ (الْأَمْنَةُ) لُغَتَانِ، مَعْنَاهُمَا: الْأَمْنُ، وَنَصْبُهَا بِأَنَّهَا مَفْعُولٌ لَهُ، كَأَنَّهُ أَنْزَلَ عَلَيْهِمْ لِلْأَمَنَةِ نُعَاسًا، أَوْ تَكُونُ (الْأَمَنَةُ) مَفْعُولَةً، وَقَوْلُهُ: (نُعَاسًا) : بَدَلٌ مِنْهَا.
(يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ) : التَّاءُ عَلَى مَعْنَى: (تَغْشَى الْأَمَنَةُ) ، وَالْيَاءُ عَلَى مَعْنَى: (يَغْشَى النُّعَاسُ) ، يُقَوِّي الْأَوَّلَ: أَنَّ النُّعَاسَ إِنْ كَانَ بَدَلًا مِنْ (أَمَنَةً) ; فَلَيْسَ الْمُبْدَلُ مِنْهُ فِي تَقْدِيرِ مَا يُسْقَطُ وَيُسْتَغْنَى عَنْهُ، وَيُقَوِّي الثَّانِي: أَنَّ الْفِعْلَ أَقْرَبُ إِلَى (النُّعَاسِ) .
[ ص: 150 ] (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) : مَنْ نَصَبَ. (كُلَّهُ) ; فَهُوَ تَأْكِيدٌ لِـ(الْأَمْرِ) ، وَهُوَ بِمَعْنَى: (أَجْمَعَ) فِي الْإِحَاطَةِ وَالْعُمُومِ، وَ (أَجْمَعُ) لَا يَكُونُ إِلَّا تَأْكِيدًا، وَمَنْ رَفَعَ; فَعَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ، وَ (لِلَّهِ) الْخَبَرُ، يُقَوِّي ذَلِكَ: الِابْتِدَاءُ بِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) [مَرْيَمَ: 95]، وَحَسُنَ الِابْتِدَاءُ بِهِ; لِأَنَّ قَبْلَهُ كَلَامًا، فَكَأَنَّهُ أَتْبَعَ بِهِ مَا قَبْلَهُ، فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا جَرَى تَأْكِيدًا.
وَقَوْلُهُ: (أَوْ كَانُوا غُزًّى) : مَنْ خَفَّفَ; جَازَ أَنْ يَكُونَ تَخْفِيفًا مِنْ (غُزًّى) ، عَلَى مَا يَسْتَعْمِلُونَهُ مِنْ تَخْفِيفِ الْمُشَدِّدِ كَرَاهَةَ التَّضْعِيفِ، وَجَازَ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ (غُزَاةً) ، فَحَذَفَ هَاءَ التَّأْنِيثِ، كَمَا قَالُوا: (نَاحٍ) فِي (نَاحِيَةٍ) ، وَ (مَأْلُكٌ) فِي (مَأْلُكَةٍ) .
وَضَمُّ الْمِيمِ وَكَسْرُهَا مِنْ (مِتُّ) وَبَابُهُ لُغَتَانِ، يُقَالُ: (مُتَّ تَمُوتُ) ، وَ (مِتَّ تَمُوتُ) ; مِثْلَ: (فَضِلَ يَفْضُلُ) ، وَ (مِتَّ تَمَاتُ) ; مِثْلَ: (خِفْتَ تَخَافُ) .
وَجَوَابُ الْجَزَاءِ فِي قَوْلِهِ: (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مِتُّمْ) مَحْذُوفٌ، اسْتُغْنِيَ عَنْهُ بِجَوَابِ الْقَسَمِ فِي قَوْلِهِ: (لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ) ، وَكَانَ الِاسْتِغْنَاءُ بِجَوَابِ الْقَسَمِ أَوْلَى; لِأَنَّ لَهُ صَدْرَ الْكَلَامِ.
وَتَقَدَّمَ: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ) .
[ ص: 151 ] وَقَوْلُهُ: (فَإِذَا عَزَمَتْ) : مَنْ ضَمَّ التَّاءَ; فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَسَبَ الْعَزْمَ إِلَى نَفْسِهِ; إِذْ هُوَ بِهِدَايَتِهِ وَتَوْفِيقِهِ، كَمَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=17 (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى) [الْأَنْفَالِ: 17]، وَالْمَعْنَى: فَإِذَا أَرَيْتُكَ أَمْرًا فَاعْمَلْ بِهِ.
* * *