دلالة حديث
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر على أن
nindex.php?page=treesubj&link=28656_30444_28652المؤمن الفاسق إذا مات على كلمة التوحيد يدخل الجنة
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر - رضي [الله] عنه ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=655379أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وعليه ثوب أبيض ، وهو نائم ، ثم أتيته وقد استيقظ ، فقال : «ما من عبد قال : لا إله إلا الله ، ثم مات على ذلك» ; أي : استقام على معناه منذ قال إلى أن مات ، ولم يقل ما ينافيه ، ولم يعتقد ما يخالف
nindex.php?page=hadith&LINKID=655379«إلا دخل الجنة قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : «وإن زنى وإن سرق» ، قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : «وإن زنى وإن سرق» ، قلت : وإن زنى وإن سرق . ؟ قال : «وإن زنى وإن سرق» . تخصيصهما; لأن الذنب إما حق الله ، وهو الزنا ، أو حق العباد ، وهو أخذ مالهم خفية بغير حق ، وفي ذكرهما معنى الاستيعاب . أعاد
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبو ذر السؤال استبعادا واستغرابا لهذا الحكم; ليتحققه ويثبته على الوجه الكامل . ويمكن أن التكرار كان من جهة كمال السرور برحمة الله الغفور ، وشكرا له سبحانه على هذه النعمة ، نعمة غفران ، مثل هذا العصيان
nindex.php?page=hadith&LINKID=655379«على رغم أنف nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر» الرغم : مشتق من الرغام - بفتح الراء - ، وهو التراب ، ورغم الأنف : هو إلصاقه بالأرض . والمراد هنا : الذلة والانقياد مع الكراهة . قال السيد : يستعمل مجازا بمعنى : كره ، أو ذل .
وكان أبو ذر إذا حدث بهذا الحديث ، قال تفاخرا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=655379«وإن رغم أنف nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر» . متفق عليه .
قال في الترجمة : يقول
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبو ذر ذلك; تذكارا لتلك الحالة ، وتأكيدا وتحقيقا لها ، والتذاذا بها :
كرد وشنام من آن محبوب جاني يكشبى عمر بكذشت ومنوزم لذت آن دردل ست
قال : هذا الحديث وأمثاله يدل على أن المؤمن وإن فسق ، وارتكب الكبيرة ، فإنه يدخل الجنة - إن شاء الله تعالى - إما بعفو الله ، ومغفرته ، وكرمه ، وفضله ، وإما بشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو بعد التعذيب بولوج النار على قدر العصيان .
[ ص: 132 ] وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ يرفعه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650125«ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، صدقا من قلبه ، إلا حرمه الله على النار» .
فتأويله : أن الخلود فيها حرام له ، أو المراد بالنار : النار التي أعدت للكافرين .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب : كان هذا الحكم قبل أن تنزل الفرائض ، وتفرض الأوامر والنواهي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : المراد : قول هذه الكلمة بأداء حقها وفريضتها .
وقال بعضهم : المراد : تحريمه عليها عند الندم والتوبة ، ثم مات عليها .
انتهى ما في الترجمة .
وأقول : يأبى هذه التأويلات آخر الحديث ، وهو قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650125قال nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ : يا رسول الله! أفلا أخبر به الناس فيستبشروا ؟ قال : «إذا يتكلوا» ، فأخبر بها nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ عند موته تأثما . متفق عليه .
فهذا يفيد أن مجرد الشهادتين من صدق القلب وإخلاص النية يوجب حرمة النار على القائل بها .
ولكن هذا عسير جدا ، إلا من يسر الله عليه; لأن الصدق والإخلاص في أكثر الناس مفقودان .
وليس في هذا أن المعاصي لا تضر; لأن عدم الصدق معصية عظيمة ،
nindex.php?page=treesubj&link=28676وعدم الإخلاص يجر إلى الشرك ، فلا ينفع القول بها بمجرد اللسان ، إذا لم يكن معه تصديق القلب وإخلاص الجنان .
نعم ، من أتى بها مخلصا ، وصدرت منه الذنوب ، فإن عوقب عليها في الدنيا ، فقد صار مطهرا ، وإن لم يعاقب عليها ، وبقيت مستورة ، فهو في مشيئة الله تعالى .
والله لا يهتك - إن شاء الله تعالى - ما قد ستره في الدنيا . فرحمته أوسع من ذنوبنا ، ومغفرته أرجى عندنا من أعمالنا . والله أعلم .
[ ص: 133 ] قال في الترجمة : مذهب أهل السنة والجماعة : أن الفاسق مؤمن ، ومآل المؤمن - آخرا - الجنة .
والأحاديث الصحيحة في هذا الباب كثيرة طيبة جدا ، وعليه إجماع سلف الأمة من الصحابة والتابعين وكذلك اعتقاد الأمة قبل ظهور أهل البدعة من
المعتزلة وغيرهم .
دَلَالَةُ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=1584أَبِي ذَرٍّ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28656_30444_28652الْمُؤْمِنَ الْفَاسِقَ إِذَا مَاتَ عَلَى كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=1584أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ [اللَّهُ] عَنْهُ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=655379أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ أَبْيَضُ ، وَهُوَ نَائِمٌ ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَقَدِ اسْتَيْقَظَ ، فَقَالَ : «مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ» ; أَيِ : اسْتَقَامَ عَلَى مَعْنَاهُ مُنْذُ قَالَ إِلَى أَنْ مَاتَ ، وَلَمْ يَقُلْ مَا يُنَافِيهِ ، وَلَمْ يَعْتَقِدْ مَا يُخَالِفُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=655379«إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ قُلْتُ : وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ ؟ قَالَ : «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ» ، قُلْتُ : وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ ؟ قَالَ : «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ» ، قُلْتُ : وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ . ؟ قَالَ : «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ» . تَخْصِيصُهُمَا; لِأَنَّ الذَّنْبَ إِمَّا حَقُّ اللَّهِ ، وَهُوَ الزِّنَا ، أَوْ حَقُّ الْعِبَادِ ، وَهُوَ أَخْذُ مَالِهِمْ خُفْيَةً بِغَيْرِ حَقٍّ ، وَفِي ذِكْرِهِمَا مَعْنَى الِاسْتِيعَابِ . أَعَادَ
nindex.php?page=showalam&ids=1584أَبُو ذَرٍّ السُّؤَالَ اسْتِبْعَادًا وَاسْتِغْرَابًا لِهَذَا الْحُكْمِ; لِيَتَحَقَّقَهُ وَيُثْبِتَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْكَامِلِ . وَيُمْكِنُ أَنَّ التَّكْرَارَ كَانَ مِنْ جِهَةِ كَمَالِ السُّرُورِ بِرَحْمَةِ اللَّهِ الْغَفُورِ ، وَشُكْرًا لَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ ، نِعْمَةِ غُفْرَانٍ ، مِثْلَ هَذَا الْعِصْيَانِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=655379«عَلَى رَغْمِ أَنْفِ nindex.php?page=showalam&ids=1584أَبِي ذَرٍّ» الرَّغْمُ : مُشْتَقٌّ مِنَ الرَّغَامِ - بِفَتْحِ الرَّاءِ - ، وَهُوَ التُّرَابُ ، وَرَغْمُ الْأَنْفِ : هُوَ إِلْصَاقُهُ بِالْأَرْضِ . وَالْمُرَادُ هُنَا : الذِّلَّةُ وَالِانْقِيَادُ مَعَ الْكَرَاهَةِ . قَالَ السَّيِّدُ : يُسْتَعْمَلُ مَجَازًا بِمَعْنَى : كُرْهٍ ، أَوْ ذُلٍّ .
وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ ، قَالَ تَفَاخُرًا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=655379«وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ nindex.php?page=showalam&ids=1584أَبِي ذَرٍّ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
قَالَ فِي التَّرْجَمَةِ : يَقُولُ
nindex.php?page=showalam&ids=1584أَبُو ذَرٍّ ذَلِكَ; تِذْكَارًا لِتِلْكَ الْحَالَةِ ، وَتَأْكِيدًا وَتَحْقِيقًا لَهَا ، وَالْتِذَاذًا بِهَا :
كرد وشنام من آنِ محبوب جاني يكشبى عمر بكذشت ومنوزم لذت آن دردل ست
قَالَ : هَذَا الْحَدِيثُ وَأَمْثَالُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ وَإِنْ فَسَقَ ، وَارْتَكَبَ الْكَبِيرَةَ ، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - إِمَّا بِعَفْوِ اللَّهِ ، وَمَغْفِرَتِهِ ، وَكَرَمِهِ ، وَفَضْلِهِ ، وَإِمَّا بِشَفَاعَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَوْ بَعْدَ التَّعْذِيبِ بِوُلُوجِ النَّارِ عَلَى قَدْرِ الْعِصْيَانِ .
[ ص: 132 ] وَأَمَّا حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذٍ يَرْفَعُهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650125«مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» .
فَتَأْوِيلُهُ : أَنَّ الْخُلُودَ فِيهَا حَرَامٌ لَهُ ، أَوِ الْمُرَادُ بِالنَّارِ : النَّارُ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابْنُ الْمُسَيَّبِ : كَانَ هَذَا الْحُكْمُ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْفَرَائِضُ ، وَتُفْرَضَ الْأَوَامِرُ وَالنَّوَاهِي .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ : الْمُرَادُ : قَوْلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ بِأَدَاءِ حَقِّهَا وَفَرِيضَتِهَا .
وَقَالَ بَعْضُهُمُ : الْمُرَادُ : تَحْرِيمُهُ عَلَيْهَا عِنْدَ النَّدَمِ وَالتَّوْبَةِ ، ثُمَّ مَاتَ عَلَيْهَا .
انْتَهَى مَا فِي التَّرْجَمَةِ .
وَأَقُولُ : يَأْبَى هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ آخِرُ الْحَدِيثِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650125قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَفَلَا أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا ؟ قَالَ : «إِذًا يَتَّكِلُوا» ، فَأَخْبَرَ بِهَا nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
فَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ مُجَرَّدَ الشَّهَادَتَيْنِ مِنْ صِدْقِ الْقَلْبِ وَإِخْلَاصِ النِّيَّةِ يُوجِبُ حُرْمَةَ النَّارِ عَلَى الْقَائِلِ بِهَا .
وَلَكِنَّ هَذَا عَسِيرٌ جِدًّا ، إِلَّا مَنْ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ; لِأَنَّ الصِّدْقَ وَالْإِخْلَاصَ فِي أَكْثَرِ النَّاسِ مَفْقُودَانِ .
وَلَيْسَ فِي هَذَا أَنَّ الْمَعَاصِيَ لَا تَضُرُّ; لِأَنَّ عَدَمَ الصِّدْقِ مَعْصِيَةٌ عَظِيمَةٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28676وَعَدَمَ الْإِخْلَاصِ يَجُرُّ إِلَى الشِّرْكِ ، فَلَا يَنْفَعُ الْقَوْلُ بِهَا بِمُجَرَّدِ اللِّسَانِ ، إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ تَصْدِيقُ الْقَلْبِ وَإِخْلَاصُ الْجَنَانِ .
نَعَمْ ، مَنْ أَتَى بِهَا مُخْلِصًا ، وَصَدَرَتْ مِنْهُ الذُّنُوبُ ، فَإِنْ عُوقِبَ عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا ، فَقَدْ صَارَ مُطَهَّرًا ، وَإِنْ لَمْ يُعَاقَبْ عَلَيْهَا ، وَبَقِيَتْ مَسْتُورَةً ، فَهُوَ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى .
وَاللَّهُ لَا يَهْتِكُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - مَا قَدْ سَتَرَهُ فِي الدُّنْيَا . فَرَحْمَتُهُ أَوْسَعُ مِنْ ذُنُوبِنَا ، وَمَغْفِرَتُهُ أَرْجَى عِنْدَنَا مِنْ أَعْمَالِنَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
[ ص: 133 ] قَالَ فِي التَّرْجَمَةِ : مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ : أَنَّ الْفَاسِقَ مُؤْمِنٌ ، وَمَآلُ الْمُؤْمِنِ - آخِرًا - الْجَنَّةُ .
وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي هَذَا الْبَابِ كَثِيرَةٌ طَيِّبَةٌ جِدًّا ، وَعَلَيْهِ إِجْمَاعُ سَلَفِ الْأُمَّةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَكَذَلِكَ اعْتِقَادُ الْأُمَّةِ قَبْلَ ظُهُورِ أَهْلِ الْبِدْعَةِ مِنَ
الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ .